ماهو الهدف من هذه الخانة في مشروع Corpus Coranicum؟

إنضم
23/02/2015
المشاركات
564
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
غير معروف
أولاً لا أدّعي فهماً للألمانية ، لكن من خلال متابعتي لشرح المشرف على المشروع في اليوتيوب، فهمت طريقة استخدام موقع المشروع - والذي لا أخفي انجذابي له- إلاّ أنه كما قلت في موطن آخر أني أشك من سلامة النوايا !

وعلى كل سؤالي يتعلق عن خانة
( النصوص المحيطة بالقرآن )
حسب شرح الدكتور مايكل ، ما هدفها ؟
وعلى سبيل المثال هذا :
Corpus Coranicum

 
اخي عبدالله،
مشاركتي ليست اجابة مباشرة على سؤالك،
الدراسات الاستشراقية الحديثة تركز على البيئة المحيطة بالقران من جميع النواحي.
ارجو الاطلاع على موقع coranica ، و ابحاث او محاضرات استشراقية حديثة حتى تتضح لك الفكرة.
Coranica - Context for the Text — Coranica
[h=1][/h]
 
عرض النصوص ( إن كانت) من البيئة المحيطة بالقرآن يشرح نفسه ، إلا أنّ الشرح بالألمانية وترجمة تلك النصوص إلى الألمانية أيضا . والهدف ، كما يتبين ذلك من خلال عرض النصوص ، هو مقارنة النص القرآني ، أو عبارات معينة فيه ، بما ورد في النصوص خارج القرآن وحتى قبل القرآن .
 
القرآن ـ جزء من أوروبا؟
دكتورة : أنجليكا نويفرت
القرآن ـ جزء من أوروبا؟

[نشر المقال في صحيفة فرانكفورتا الجماينة Frankfurter Allgemeine بتاريخ 16 ابريل 2012 وهي من أهم الصحف الألمانية وأكثرها توزيعا وتأثيرا. ترجم المقال كل من حامد فضل الله وعصام حداد.]

إنها لمجازفة المطالبة بجعل القرآن الكريم مقبولا وواضحا كجزء من الثقافة الغربية إذ لا يوجد موضوع آخر يلهب العلاقة التي تربط بين العالم الإسلامي والغرب الأوروبي. وقد يبدو للوهلة الأولى أن هذا الجدل خاضع لحسابات سياسية مما يجعل التوصل إلى خلاصة مقنعة أمراً متعسراً. ولكن لا بد من الإقرار بادئ ذي بدء بأن هناك نواة تاريخية لهذا النقاش من الممكن توصيفها واتخاذ قرار بشأنها: فالأمر يتعلق بالقرآن الكريم وعلاقته بالكتب المقدسة للمسيحية واليهودية. ويفصح كافة الكتاب تقريبا مِن منْ قدموا مراجعة عامة للقرآن الكريم عن نظرة استعلائية بصدد شكل القرآن وعن تهميش لمدلول تطوره إلى درجة التلميح لاحتمال الاقتباس والتزوير الأمر الذي مما يؤكد استمرار تأثير التصور القديم بأن القرآن "نسخة هزيلة للتوراة" لا يقدم جوهريا أي شيء جديد.
ويتغذى التحفظ الراهن على النص أيضا من جذور أخرى. فنظرا لمثوله كمرجعية جدية لجزء من عالمنا اليومي فإن القرآن ينعكس على شكل أفكار وصور دينية ما بات إرثا تجاوزه التفكير العلماني: فمن خطاب قرآني يُقدم على أنه جزء من تعبير عن عقد قائم بين الله والإنسان يبدو للناظر الحداثي عبأ دينياً بات خلفه على ما يظن ومنذ زمن بعيد.
إلا أن مثل هذا التراجع إلى موقع متحفظ يُعرض عن القرآن جرى تعطيله بحكم أمر واقع من خلال إنشاء وافتتاح معاهد في خمس جامعات ألمانية لتدريس علم الكلام وهو الأمر الذي فرض القرآن وهو المصدر الرئيسي للإسلام كأحد فروع العلوم المقررة في تلك الجامعات. إن ما حصل هنا من إعادة الإعتبار للقرآن لم يثر فقط اهتمام هيئة التدريس الإسلامي وطلبة المعاهد بل أثار أيضاً اهتمام الرأي العام غير المسلم.
يتمحور هذا الاهتمام في الأساس حول تحديد منزلة القرآن من الثقافة الأوروبية التي باتت تؤاطر وبشكل مغلق على إنها يهودية ـ مسيحية. وأؤسس منذ خمس سنوات خلت مشروع بحثي في خدمة هذا الغرض.
وفي حين انطلقت عدة مبادرات لدراسات إسلامية في أماكن متعددة من العالم وتحت تأثير من كارثة 11 سبتمبر (أيلول) 2001، كانت إحدى هذه الدراسات هي المشروع البحثي، والذي تأسس عام 2007 في أكاديمية العلوم برلين / براندنبورغ بعنوان: Corpus Coranicum "مدونة قرآنية ـ توثيق للنص وتعليق أدبي – تاريخي".
وتحددت مهمة المشروع بمراجعة النص الموروث مقرونا بمراجعة المناخ الذي كان سائدا بمحتواه اللاهوتي والثقافي وكذلك مراجعة الصياغة الأدبية للقرآن أي التزام ما يشكل بمجموعه المنهج الذي اعتمد في دراسة التوراة في حين لم يخضع القرآن إلى دراسة مماثلة تعتمد هذا المنهج حتى يومنا هذا.
إن تأطير القرآن كنص أساسْ معتمد وتظهير وشائج العلاقة التي تربطه بالثقافات الدينية السابقة عليه فرضا إعادة ربط ما انقطع نتيجة فعل ارادوى قصري من تقليد في البحث التاريخي ـ النقدي الذي ساد خلال القرن التاسع عشر. إن نظرة استرجاعية لتاريخ البحث الغربي في القرآن تبرز ما فقده ذلك البحث من نتائج حاسمة وذات دلالة في ما يتعلق بتأويل مرحلة البدايات. وتعود المسؤولية عن ذلك إلى القطيعة مع هذا التقليد العلمي الكبير تلك القطيعة التي فرضها الإرهاب النازي الذي ساد في القرن العشرين.
لم يبدأ البحث الألماني في القرآن بخطوات متواضعة. فقد نشر أبراهام غايغر Abraham Geiger في عام 1833 دراسة بعنوان "ماذا أخذ محمد عن اليهودية؟" أحدثت صدىً كبيراً. واعتبرت الدراسة تحليلاً للقرآن على ضو التراث اليهودي. وتوصل غايغر في حينها عبر دراسته هذه إلى قناعة بأن القرآن ومنذ البدء هو تعبير عن الأفق الواسع لتطور ظاهرة التدين في أواخر العصر القديم للشرق الأوسط. وهذا ما توصلنا إليه أيضا بفضل توسع وتقدم البحوث بصدد ما ميز نهاية العصر القديم.
إن نزول القرآن في هذه المنطقة كان له الأثر الكبير على تحديد وجهة البحث التاريخي في القرآن الذي استمر على مدى مائة عام. إن المدرسة التي أسسها غايغر أخرجت العديد من العلماء الذين أنجزوا ما بين عام 1833 و1933 دراسات قيمة عن القرآن والتي بقيت من المراجع التي لا غنى عنها حتى يومنا هذا. ومما زاد من حماس هؤلاء العلماء وعيهم لكون بحوثهم في المخطوطات الإسلامية إنما تعنى في الوقت عينه التعاطي مع جزء من تراثهم الثقافي.
كان لهذا الإنجاز العلمي الباهر بلا شك ثمناً باهظاً. فقد كان العلماء اليهود يُصنفون في محيطهم الأكاديمي بـ"الشرقيين" وبالتالي يفرض عليهم أن يتابعوا البحوث ذات الصلة بتراثهم اليهودي خارج المعاهد الحكومية لأن هذه كانت موصدة تماما أمام البحوث اليهودية.
إن "استشراق" العلماء اليهود في القرن التاسع عشر الذين كانوا يتميزون عن باحثين آخرين ليس فحسب بسعة معارفهم في اللغات القديمة مثل العبرانية والآرامية السورية بل أيضا من تمكنهم من التعاطي مع المخطوطات الدينية اليهودية كان له أيضا علاقة بتصنيفهم كـ"شرقيين" خارجيين.
وعندما أبعد الباحثون اليهود عام 1933 من الجامعات الألمانية ابتعد بذلك تراث النقد التاريخي عن مجال البحث في القرآن. ومما يثير الدهشة في تلك الحقبة من ثلاثينيات القرن الماضي هي السرعة في تعزية النفس عن خسارة الزملاء ومنجزاتهم عبر الترويج لنهج جديد في البحث لمواجهة "الاتهام بالتلفيق وعدم دقة" الفيلولوجيا (فقه اللغة) التاريخية التي مارسها العلماء اليهود. فقدموا مشروعاً بديلا لبحث علمي إسلامي يهتدي النمط الذي مورس في اللاهوت المسيحي في البحث في حياة السيد المسيح أي في البحث المتوجه لدراسة التطور النفسي والديني والسياسي للنبي محمد.
وهكذا انتقل القرآن من مصاف الوثيقة التي تتجاوز حدود الجدل اللغوي والثقافي إلى مرتبة وثيقة لكاتب أسمه محمد وعن معايشته لمجتمع شبه الجزيرة العربية. إن التقليل من شأن القرآن وخفض منزلته من حيث أنه وثيقة كونية إلى مستوى محلي ما زال قائما في مجال البحث التقليدي حتى يومنا هذا. وبالتأكيد لم تبق هذه النظرة بدون ردود فعل.
ففي نهاية السبعينيات من القرن الماضي تبلور اتجاه متحفظ يشكك في صدقية الروايات التقليدية حول نشوء القرآن ولم يغب في المؤلفات المعاصرة غير العربية أي ذكر لما رافق حياة محمد فحسب بل لم يرد ذكر لاسمه فيها على الإطلاق وأعيد كل ما نعتقد بأننا نعرفه عنه للأخبار العربية التي كتبت لاحقاً على الفتوحات الإسلامية وهكذا يتضح تأثير العلاقات السياسية "الجديدة" في صياغة "التراث" الإسلامي الأمر الذي أفقده مصداقيته في نظر المتشككين وعندما يفقد الموروث موضوعيته تتلاشى الحقيقة التاريخية لمكانتي مكة والمدينة وكذلك الدور التاريخي للنبي محمد. وبذلك يتحول القرآن إلى نص وصفي بما يفسر على أنه اختلاق لاحق لا يمكن الجزم بصحته تاريخيا. ومما لا ريب فيه إن هذه النظرة ليست غير معقولة فحسب بل مخالفة للمنطق فقد أثبتت وبشكل ملموس مخطوطات يدوية اكتشفت مؤخراً ظهور القرآن في القرن السابع.
وكلا اتجاهى البحث التقليدي والمتشكك يشتركان في تركة ثقيلة العبء تعود إلى تاريخانية القرن التاسع عشر: البعض لا يرى في القرآن تعبيراً عن تطور الدعوة بل إنه كتاب صادر عن تصميم مسبق كما أنه بالنسبة لآخرين من تأليف محمد أو اختلاق مجهول المرجع. وفي حين يحصر التقليديون القرآن في أنه تعبير عن حياة النبي محمد في شبه الجزيرة العربية ويرفضون في ذات الوقت سمته الكونية من حيث أنها مرآة لتاريخ العصور القديمة، ويتطرق بالمقابل المتشككون في بحثهم التاريخي باتجاه فصم القرآن وبشكل قاطع عن الإسلام. وهذا الاعتداء لا يصدم القارئ المسلم فحسب بل كذلك كل مراقب يتمتع بنظرة ثاقبة أو حس سليم. لا يشكل هذا الوعي القصير النظر عبئا على المسلمين فقط بل أيضاً على قارئ القرآن من الأوروبيين غير المسلمين.
إن كلا الاتجاهين (التقليدي والمتشكك) في البحث المعاصر ينكران على الإسلام جذره في تلك الجدالات التي كانت تدور في نهاية العصر القديم والتي انبثقت عنها أيضاً مخطوطاتنا الأساسية لليهودية والمسيحية: التوراة والعهد الجديد وشروحات إباء الكنيسة وتفسيرات حاخامات اليهود. إن هذه المداخل التقليدية قد فقدت مصداقيتها بحكم ما أصبح معروفا في وقتنا الراهن من الترابط الوثيق بين اليهودية والمسيحية والإسلام. إن الأديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام تدين في تطورها إلى صيرورة التفاعل المستجد للموروث التوراتي. وعلى ضوء ذلك بات مطلوبا إجراء "قراءة حوارية" للقرآن واستيعاب النص على النحو الذي ينجز جواباً جديداً على الأسئلة المركزية التي كانت مطروحة آنذاك في عالمه الثقافي المتنوع.
يهدف مشروع المدونة القرآنية اللحاق بركاب وسائل البحث المتقدمة: فالبحث في القرآن ينبغي أن يتبع ذات المناهج رغم تعددها التي استخدمت في البحث في التوراة وعلى وجه الخصوص الخطوات الثلاث توثيق النصوص وجمع ما عرف عن عادات وتقاليد سادت آنذاك ومن ثم التعليق عليهما. وهذه الوسائل نفسها هي التي اعتمدت في البحث في التوراة في حين لم تستخدم حتى الآن في أساليب البحث في القرآن. وخلافا لما هو معروف عن التوراة لا توجد إصدارات نقدية للنص القرآني.
ولا بد من التقدير لما تميز به التراث الإسلامي من حفظ وتصنيف للنصوص المتباينة. إلا أن تنوع هذه النصوص لم يخضع للتمحيص من حيث مدلولاتها التاريخية بل حصر النقاش ضمن إطار أدبي موسع وخاصة من وجهات نظر نحوية لغوية. إن المهمة الأكثر إلحاحاً لهذا المشروع تعود إلى مقاربة هذه البدائل وخاصة الأكثر أهمية تاريخياً مع النص القرآني ذاته. ويمكن أن يتم ذلك من خلال تقييم المخطوطات التي لم تشهد أي اهتمام من قبل في العلم الإسلامي في حين أنها تحتل مدلولاً مركزياً فهي تساعد في نهاية المطاف في توثيق عمر ما وصلنا من نصوص. وتعود أقدم نماذج هذه المخطوطات إلى القرن السابع الميلادي مما يعني أنها كتبت بعد عقود قليلة من وفاة النبي محمد.
وتتم في الوقت الراهن معالجة النص في المدونة القرآنية بعد الانتهاء من إنتاجه بسرعة مذهلة مقارنة بما عرف في شأن التوراة التي لم ينته العمل بها إلا بعد مضي عدة قرون من إنتاج النص وكذلك في حال العهد الجديد الذي جمع على امتداد قرن من الزمن. ولتسهيل البحث في القرآن لا بد من تجميع ما عرف عن أهم التقاليد السائدة آنذاك من ما يعني معالجة نصوص ما بعد التوراة وباللغات المختلفة والنقوش التاريخية ونتائج الحفريات الأركيولوجية. ونظرا لاعتبار التراث الإسلامي بأن كل ما سبق الإسلام هو عصر الجاهلية والبربرية فقد حال ذلك دون وصول شهادات عن الثقافة اليهودية والمسيحية والوثنية التي كانت سائدة آنذاك إلا بطرق ملتوية. وتمثل هذه الحالة الوجه الآخر لصورة الوعي الغربي بالقرآن حيث لا ينظر إليه حتى الآن في نفس المقام الذي تعتليه مرجعيات كل من الديانتين الأخيرتين بالإضافة إلى القصور الذي رافق البحث في القرآن.
ينحو مشروع المدونة القرآنية إلى التصدي لمهمة ربما تكون هي الأكثر إلحاحاً في العمل المشترك مع العلماء المسلمين بصدد مسألة التأويل. وهذا يعود إلى الاختلاف في النظرة إلى الإسلام من جهة وفي البحث الغربي في القرآن ذي الطابع التنويري من جهة أخرى. هذا ما سوف نتعرض له في القسم الثالث من المشروع الذي سيكون مرتعاً لنقد تاريخي أدبي. في حين تتجه نسخة من هذا النقد عبر الانترنت للإلمام بكافة ما هو بحاجة للتوضيح لغويا وتاريخيا من أوجه النص تتوجه النسخة المطبوعة أولا إلى تقديم القرآن كعملية تواصل تعبر كل سورة منه عن تقدم ضمن هذه العملية. وسوف نناقش مع كل سورة آخر ما توصل إليه الجدل اللاهوتي في تفسيرها أو ما يمكن تسجيله من تغير في اتجاه التفسير قياسا لما ورد في نصوص سابقة. ومن أجل ذلك لن يختصر اهتمامنا على تسجيل أصداء في القرآن لتقاليد دينية أقدم يهودية كانت أم مسيحية بل لا بد من الأخذ بالاعتبار أيضا موضع القرآن وسط العالم العربي آنذاك حيث يساعد الالتفات إلى الشعر العربي القديم وما يميزه من نزعة بطولية ومذهبية وما تشكله هذه من تحدّ أيدلوجي وسط طائفة دينية هي في حالة تطور. هذا الالتفات يساعد في توسيع أفق المعرفة لما كان يواجهه التبشير لكل من يتوجه للبحث في القرآن.
فكيف يمكن للمسلمين أن يفكروا بصدد قرآن وهو في المحصلة النهائية نتيجة لعملية تبشير وتواصل استمرت على امتداد عشرين عاما لم تمض بشكل مستقيم بل شهدت تعرجات الخطاء والصواب؟ هذا السؤال يواجه بشكل متكرر العاملين في مشروع المدونة القرآنية. لا يجري التمحيص في القرآن فقط عن آثار للمعتقدات الحقه لليهود والمسيحيين بل عن ما يعكسه الجدل اللاهوتي وهو الذي يتبدى للمسلمين تفكيكا لكلمة الله ذات الكمال وهي خاتمة النصوص المنزلة.
يقر القرآن نفسه بالتطابق مع نصوص إنجيلية لكن التراث الإسلامي لم يتقبل فكرة احتواء القرآن على نتائج الجدل اللاحق على التوراة والإنجيل. من المعروف أن التراث الإسلامي يعامل النص على أنه مقدس وبالتالي وجب الحفاظ على قدسيته بكل ثمن ويفترض أيضا أن تكون معالجته العلمية منحصرة فقط في توضيح خصائصه اللغوية والجمالية والقانونية واللاهوتية والروحانية مع الأخذ بعين الاعتبار خضوع سياق كل تفسير لمستلزمات الطائفة المعنية.
بناء على ما تقدم لا يمكنا التقليل من إشكالية نظرتنا البحثية الجديدة: لأنها تخرق عمليا ما يسود من محرمات (تابو). فالبحث التاريخي بات يطال أيضا لغة القرآن التي وصفت تقليدياً بأنها الأرقى صياغة وبالتالي الضامنة لقداسة النص. ففي كل هذا التجلي اللغوي الأكثر رقياً في جماليته وغير المسبوق في نجاحه كتواصل لغوي تبرز تعددية الجذور العميقة لتلك التعبيرات والمصطلحات المتعددة لغوياً وثقافياً والتي صُهرت في القرآن كتوليف لا مثيل له تاريخيا مما غيب امكانية الوعي التاريخي بها. أن هذا الانصهار في القرآن بات مطروحا على بساط البحث والنقاش وتسليط الأضواء على المصادر التي غيبت ويمكن استيعاب هذه الاشكالية بشكل أفضل من خلال العودة إلى بداية تاريخ المسيحية. فالثقافة المسيحية تجيز بسهولة ترجمة ونقل المخطوطات المقدسة كما تجلى من خلال ترجمتها للتراث اليهودي أما الإسلام فيقتدى بالعرف اليهودي الذي لا يجيز تداول النصوص الأساسية إلا باللغة التي كتبت بها. وهكذا باتت لغة مقدسة غير قابلة للتقليد ـ وهذا مفهوم تحول في القرن التاسع إلى العقيدة "Dogma" الاسلامية القائلة باستحالة تقليد القرآن.
إن القناعة بإمكانية ترجمة المخطوطات المقدسة كانت جزءاً أساسياً منذ بدء اللاهوت المسيحي فالبشارة التي قدمت أصلاً لإسرائيل بلغتها الخاصة بها بات ممكناً تقديمها لعموم البشرية. أما القرآن فيؤسس للقداسة بلغته الخاصة به فاللغة العربية التي تحولت عبره إلى لغة مقدسة جعلت إمكانية الترجمات غير ذات معنى لأن الدول الإسلامية المتعددة الشعوب تجاوزت تعدد الثقافات واللهجات المحلية لصالح اللغة العربية لغة للقرآن. يتضمن القرآن بذاته من العلوم الهيلينية والإنجيلية مما يجعله بشكل أو بآخر عبارة عن إنجيل جديد ولكن بلغته الخاصة. هذا التكوين للقرآن وما يوحي به من كمال هو موضوع البحث في حوارنا مع المسلمين. وفي هذا الإطار ندعوا إلى الحيطة من التمادي في اعتبار هذا الإنجاز الذاتي التاريخي ينزع قدسية اللغة المسلم بها. إذ أننا سنصبح أمام عائق ضخم لا يستهان به نتيجة الاختلاف في وعينا لهذه اللغة. إن تعاطي الباحثين التاريخيين مع قدسية النص وخاصة أولئك من قلت سريرتهم بشكل متمادي يجب مواجهته بإبراز الميزات البناءة: فهنا يشكل الحوار العالمي الدائر حالياً حول تاريخية القرآن حجة مهمة لتبرير المدخل التاريخي. إذ تروج العديد من دور النشر ذات التأثير وبكثافة على أن القرآن مجهول ولا صلة له بالنبي محمد ولا بطائفته. ولن يستقيم التصدي لهم إلا على قاعدة تعتمد على نتائج البحث التاريخي. إن المسلمين المؤمنين بأن نزول القرآن على النبي محمد في مكة والمدينة عقيدة لا يمكن نقضها لم يحاولوا حتى الآن دحض المعطيات المشككة في ذلك، فلا طائل إذا من أي محاولة مجددا نظراً للتناقص الكامل بين المنظورين. في حين يأمل الباحثون المستندون إلى المنظور التاريخي في أن يجدوا آذاناً صاغية لدى زملائهم المسلمين وهم يقدمون نتائج البحث في الغرب بالرغم ما تحتويه من شطط. ومما يشكل مبررا أكثر وزنا لقراءة القرآن كنص كوني نابع من نهاية العصر القديم إنما يعود لاكتشاف أهميته في التطور التاريخي للاهوت. فقد كان واضحا في الألفية الأولى للعديد من المجادلين المتشككين من مسيحي الشرق والبيزنطيين أن القرآن أتى بصوت جديد في جوقة اليهودية والمسيحية والفلسفة الوثنية إلا أنهم ولوا أنظارهم نحو مدى ابتعاد القرآن عن المسيحية وهكذا لم يروا في استقلالية القرآن مكسباً جديدا بل قصوراً.
إن ما يطرح اليوم ليس قياس القرآن على مقدار مصداقيته بل على ما يمثله من واقع جديد. إن وضع القرآن في مصاف الإنجيل لا يعود لمدى تطابقه معه بل إنما يعود لمشروعيته الخاصة الفضل في اصطفافه على مستوى واحد مع الكتابين المقدسين الآخرين. وهذا بلا شك يشكل مجالاً للباحثين المتخصصين في آخر ما توصلت إليه المعارف حول ما كان سائداً في نهاية العصر القديم.
إن ضرورة تسهيل استيعاب البعد اللاهوتي للقرآن في السياق الغربي العلماني تبرز أهمية المنظور التاريخي الغربي وهو الأمر الذي ترحب به أوساط إسلامية على الرغم مما يثيره من إشكالات بسبب العقائد الإسلامية الأساسية وبذلك يصبح لا مفر من الترجمة الثقافية للقرآن للرأي العام غير الإسلامي. وهذا ما يقر به مسلمون وباحثون علمانيون ولذلك يجري حاليا حوار بين الطرفين وينتظر تعميقه لاهوتيا. هذا التأطير للقرآن يتلاقى مع اتجاه يسود في الشرق الأوسط يعيد النظر في تاريخ ظهور الإسلام. فالنظرة التي سادت حتى فترة قريبة من أن التاريخ العربي يبدأ مع نزول الوحي بدأت تفقد وهجها.
ويتفق العديد من مثقفي الشرق الأوسط في هذه الأثناء على ضرورة إعادة النظر في الصور التاريخية التي تقول بأن الإسلام كان بداية لعصر جديد بالمطلق. إن مراجعة تاريخية للقرآن تشكل مساهمة هامة بل وأساسية من أجل إنجاز تفكير أكثر شمولية للتاريخ. وانطلقت من أجل ذلك عدة مبادرات في الشرق الأوسط. فقدمت مدرسة أنقرة وهي مجموعة من علماء القرآن مجموعة من الأبحاث حول علاقة القرآن بالتقاليد القديمة. وفي تونس مشروع يخدم تجميع ما يعرف بـ"أسباب النزول" أي سرد للظروف التاريخية والاجتماعية التي سادت في فجر الإسلام وأحاطت بالعديد من النصوص القرآنية وهكذا يمضي في اتجاه التقارب كل من علم القرآن الغربي والإسلامي بالرغم من اختلاف مدخل كل منهما.
إن المدونة القرآنية لا تعير اهتماما بشكل مركزي لواقع استيعاب القرآن للتقاليد التي سبقت نزوله ولا لموضعة نشؤ القرآن في الظروف التاريخية لكل من مكة والمدينة بل تركز على الفهم اللاهوتي في القرآن للتقاليد القديمة وبالتالي تحتسب زاوية التباعد الواعي (المقصود) عما كان موروثاً.
أن يقرأ القرآن على خلفية الثقافة السائدة في نهاية العصر القديم يشكل بالطبع جزءا من هذا العمل: وبحق يصر علماء في الشرق الأوسط على ضرورة أن يحيط الغرب علما بحجم المعرفة التي أوجدها علم القرآن الإسلامي. أن التراث الإسلامي يحتوي على أرشيف من المعرفة اللسانية والثقافية وبدون الإلمام بها يتحول كل بحث نقدي عن القرآن إلى تركيبة شكلية لا غير ويصبح بذلك لا مناص من إيجاد لغة مشتركة تساعد على التقارب بين منطلقي التأويل الغربي والشرق أوسطي المختلفين.
وكما يصبح ضروريا التفاهم مؤقتاً على توجه مزدوج في البحث القرآني. فالقرآن هو من جهة النص المقدس للمسلمين وبالتالي هو النص الأساس لتفسير التراث الإسلامي الذي يناهز ألف وثلاثمائة عاماً. إن لغته التأويلية والجمالية بدقة معانيها وصعوبة أسلوبها وما تحفظه كوعاء متكامل لكلمة الله العليا لا يثير اهتمام المراقب الغربي كموضوع للبحث والدراسة. والقرآن من جهة أخرى ليس بالمطلق نصاً إسلامياً موجهاً إلى مستمعين من نهاية العصر ـ القديم ما قبل الإسلام والذين ينتظرون أجوبة على أسئلة لاهوتية غير إسلامية هذه النظرة للقرآن تمثل بشكل ما صورة أشعة. فهي تكشف ما حجبه التاريخ اللاحق من أعضاء داخلية للقرآن التي كانت في عصر نزوله تعبر عن مسار العلاقات الجارية وتكشف ما لا يمكن التعامي عن الانتماء للثقافة اليهودية ـ المسيحية التي يدعى بأنها ثقافة أوروبية.
أن ما يترب على مشروع المدونة القرآنية من تأثير متبادل هو مكسب لا يقدر بثمن لكل الطرفين: فسوف يكتشف الشباب المسلم المثقف في الشرق الأوسط كما في أوروبا ممن يمعنون التفكير في تاريخ دينهم وثقافتهم بأن نهاية العصر ـ القديم تشكل حقبة تكوينية (حاضنة تاريخية) صقلت تاريخهم الروحي وباتت بذلك وديعة (عهدة) ثقافية للإسلام وبذلك يعون مدى تغلغل نسيجهم في التاريخ الثقافي لأوروبا. وبالنسبة للأوروبيين غير المسلمين سوف تتضح نهاية العصر القديم على أنها أيضا وديعة مشتركة:
إن في إعادة استيعاب القرآن وفجر الإسلام في نهاية العصر القديم للشرق الأوسط تصحيح لمفهوم كانت تحتكره أوروبا تقليديا بأنها تنتمى للثقافة اليهودية ـ المسيحية فقط ما سيوضح من جديد مدى أسهام القرآن في تاريخنا الفيلولوجي والثقافي المشترك.
 
بارك الله فيك الأخت زمزم

=========
دكتور موراني :
هل يُفهم من هذا أنكم تقولون أن القرآن تطور من خلال تلك النصوص ؟

كذلك :
هنا
glossarium coranicum — Coranica

هل من الممكن شرح كيف أخذ القرآن من العبرية والآرامية وحتى الإغريقية ؟
 
يمكن الاطلاع على مقدمة كتاب :


THE QUR’AN IN ITS HISTORICAL CONTEXT


INTRODUCTION
Qur’anic studies and its controversies1
Gabriel Said Reynolds
للاطلاع اكثر على بدايات مشروع المدونة القرانية ( Corpus Quranicum)، و الفكرة وراء المشروع.
يمكن تحميل الكتاب من موقع أكاديميا.
 
يستحق النظر في كتاب Arthur Jeffery
The Foreign Vocabulary of the Coran
وهو مصدر من المصادر الأساسية في المشروع
وبعد التعمق في قراءته سيُستغنى عن السؤال : القرآن تطور من خلال تلك النصوص ؟
 
مع الاطلاع على كتاب ارثر جفري، الاطلاع على هذا المقال مفيد:
الدراسات الغربية المعاصرة عن القران: الأفكار و المناهج و النتائج
http://vb.tafsir.net/tafsir8247/#.VRJpDPmsVmo
كتبها / د. رضوان السيد
أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية

أصدر المعهد الألماني للأبحاث الشرقية ببيروت عام 2007 أعمالاً ودراسات حول القرآن الكريم أُلقيت في مؤتمر عقد عام 2002 بعنوان: «نتائج البحث المعاصر في القرآن»، وهذا عنوان مُحايد لا غبار عليه، ولو اكتفى الناشرون به لما استدعى ذلك أي ملاحظة، وما كنت لأنتبه إليه، فأنا أعرف ما أُلقي في ذاك المؤتمر العتيد، وهو لا يستحق التعليق.
لكن الناشر أضاف إلى العنوان الرئيس عنواناً آخر فرعياً معناه: «مسألة النص التاريخي – النقدي للقرآن». ولي على العنوان الفرعي ثلاث ملاحظات:
أُولاها أن المناهج التي اتبعها المستشرقون سابقاً في دراسة القرآن، وخلال حوالي المئة والخمسين عاماً، تدّعي في أكثرها أنها تاريخية أو تاريخانية ونقدية، وما توصلت لأكثر مما توصل إليه تيودور نولدكه الذي يقع كتابه «تاريخ القرآن» في أولها (إذ صدرت صيغته الأولى عام 1859).

والملاحظة الثانية أن ما انتهى إليه برتزل وجفري أولاً، ثم بلاشير وبارت ثانياً أن الطريقة التاريخانية النقدية غير مثمرة، لأنها تتعامل مع القرآن كما تعاملت مع النصوص المخطوطة، والتي لها مخطوطات عدة تختلف نصاً وقِدماً ودقة، وأنها إنما تريد باستعمال اختلافات النسخ الوصول إلى نص محقق أقرب إلى ما كتبه «المؤلف» أو تركه. فهناك بالنسبة إلى هذه المدرسة نص أول للقرآن غطته أو حرّفته أو حررته نصوص ثوان وألْسنة، وهي تطمح لإعادته للطبعة الأولى أو للمخطوطة الأولى. وقد حكم نولدكه على هذه المحاولة بالخطل منذ البداية عندما قال إن النص القرآني يعود إلى القرن السابع الميلادي، وليس فيه أَوْ لَهُ أصولٌ وفروع، بل هو نص واحد «على غرابة ترتيبه وتركيبه». وما منع ذلك كلاً من أوتو برتزل – تلميذ نولدكه، والبريطاني آرثر جفري من جمع اختلافات القراءات ومخطوطات القرآن الأقدم، وطوال عقود، إلى أن تخليا عن المشروع «التحقيقي» و «النقدي» بعد الحرب الثانية.

والملاحظة الثالثة أن الدراسات القرآنية في الغرب في الثلاثين سنة الماضية غادرت المناهج التاريخانية / النقدية التي سادت في الدراسات القرآنية في عوالم ذاك العالم، إلى أربع أو خمس مدارس أو قراءات:
- القراءة المؤامراتية لما اعتبرته تطورات في تكون النص القرآني.
- والقراءة البنيوية.
- والقراءة التفكيكية.
- والقراءة الأنثروبولوجية.
- والقراءة الأدبية والأسلوبية.
وفي ما عدا القراءة التحويرية أو المؤامراتية لا تهدف أي من القراءات المستجدة والمستمرة لاستكشاف أصول النص أو مصادر تكونه وتطوره.
والدراسات التي تعرضها أعمال مؤتمر العام 2002 – باستثناء واحدة أو اثنتين منها سنعود إليهما – تُخضع القرآن لإحدى مدراس القراءة تلك. ولذلك ما كان هناك مسوِّغ للعنوان الفرعي للكتاب، إلا لأن الناشر لا تزال تفتنه المقاربات التاريخانية والفيلولوجية القديمة، والتي تبدو حلوة ومعقولة في حدود معينة، إذا قورنت بالقراءة التحويرية والمؤامراتية التي تسود معظم دراسات الشبان الغربيين المعاصرين للقرآن.

للقراءة التحويرية والمؤامراتية للنص القرآني فرعان رئيسيان:
- الفرع الذي يرى أنه بقيت من عصر النبي وصحابته والعصر الأموي قطع ونثائر اختلط فيها الشفوي بالمكتوب والمدوَّن، ثم جُمعت تدريجياً، وصارت بعد الإضافة والحذف والتحوير نصاً قانونياً حوالي القرن الثالث الهجري.

- والفرع الآخر الذي يرى أن القرآن إنما هو ترجمة عن نص سرياني لإنجيل فرقة مسيحية في الجزيرة العربية هي الفرقة الأبيونية. وقد أُضيف إليه وحُذف منه، وجرى ترتيبه عبر مئة سنة أو أكثر بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلّم). وتُمثل الفرع الأول كتابات وانسبورو آخر السبعينات من القرن الماضي، بينما تمثل الفرع الثاني أعمال شبان كثيرين منهم ليلنغ الألماني، ولوكسنبرغ (اللبناني المتألمن) وغيرهما وغيرهما.
وطبعاً لكل فرع من الفرعين فروع وتفاصيل تختلف كل منهما عن الأخرى. بيد أن خطها العام التأكيد على أن القرآن الكريم ليس نصاً كتبه شخص معين، بل هو «كشكول» تكون بوعي عبر قرنين أو أكثر.
باتريشيا كرون مثلاً ما تخلت عن نظرية الأصول اليهودية ليس للقرآن فقط، بل وللإسلام الأول كله. وهناك آخرون يتحدثون عن الأصول المانوية أو الزرادشتية أو حتى... البوذية!
والأمر الآخر الذي يجمع هذه النثائر غير «لا نصية» القرآن – وهو ما ذكرناه سابقاً – «المؤامرة»، بمعنى أن كل هذه التطورات والتطويرات تمت بوعي، ولإخفاء «حقائق» نشوء القرآن والإسلام باعتبارهما جزءاً موروثاً أو مترجماً عن السريان واليهود، ولمصلحة فكرة الدين المستقل والدولة الامبراطورية التي ظهرت في قرن «الإسلام» الأول!

أطول بحوث الكتاب بحث كلود جيليو، الذي أثنى عليه مانفريد كروب في المقدمة التحريرية. كلود جيليو المعروف من قبل بأعماله عن سريانية القرآن، ما عاد للنغمة ذاتها في هذه الدراسة، بل انصرف لـ «جمع» المادة التي يمكن استعمالها في دراسة تاريخ النص القرآني وتطوراته ومنحنياته خلال القرون الأربعة الأولى. وهي مصادر ومراجع عربية، وسريانية وعبرية، وحدثية. لكن المصادر العربية هي الغالبة من كتب الناسخ والمنسوخ وإلى كتب القراءات وكتب التفسير، والنقط والإعجام... وحتى كتب فضائل القرآن. وهذا العمل لا يستحق هذا الثناء، وقد قام به من قبل كثيرون أشهرهم آرثر جفري وأوتو برتزل وبرغشتراسر، عندما كانت الطريقة الفيلولوجية لا تزال سائدة في دراسة التراث الإسلامي كله. والأمر نفسه يمكن قوله جزئياً عن دراسة فرانسواز كوينزا التي كتبت عن «القرآن والمعجمية التاريخية عند العرب». فقد تتبعت تطورات تعامل المعاجم منذ كتابي العين والجيم مع المفردات القرآنية. لكنها ما اقتصرت على ذلك، بل ألمحت إلى الإمكانات الأخرى في فهم المفردات القرآنية غير ذات الأصول العربية، واحتمال أن تكون آيات كثيرة قد تكونت من حول تلك المفردات بغرض تأويلها وتفسيرها أو فهمها بطريقة مختلفة.

أما البحوث الأخرى فتُعنى عناية خاصة بوجود دلالات الاختلافات في المخطوطات القرآنية المبكرة (سرجيو نوسيدا)، أو علائق القرآن بالشعر الجاهلي (فرانس – كريستوف موت)، والذي اتخذ الباحث فيه من «الطير الأبابيل» في سورة الفيل نموذجاً لذلك، أو علائـق تـطور الكتابـة العربيـة بتضاؤل التقليد الشفوي العربي في الإنشاد والتلاوة (جاك غودي)، أو التحولات في الكتابة بالعربية وتأثيراتها في النص القرآني (فرانسوا دروش)، أو مقترحـات وأفكار في شأن المنهج الذي ينبغي مقاربة النص القرآني به (منذر صفار).

البحوث المنشودة في الكتاب لا تُمثل كل ما أُلقي في المؤتمر عام 2002. إذ كنت قد قرأت ملاحظات مانفريد كروب عن «المرحلة الشفوية» في تلقي النص القرآني، وهل يمكن استعادتها استناداً للنثائر الموجودة في كتب قراءات القرآن، والدراسة المشتركة لياسين ديتون وغارد بوين عن «الآثار» الأولى للقرآن المكتوب، وما بقي منها، في المصادر الأصلية والفرعية، وكيف يمكن الإفادة منها في قراءة تطورات النص القرآني، وتأملات غابرييل رينولدز لكتاب كريستوف لوكسنبرغ في شأن الأصول السريانية للقرآن. وأذكر أخيراً محاضرة لوتس أدزارد غير المنشورة أيضاً عن اختلافات القراءات القرآنية، وكيف يمكن الإفادة منها في فهم تكون النص القرآني، وتقرير جين ماكولف عن عملها في موسوعة القرآن (التي صدرت في خمسة مجلدات).

ولست أزعم أن ليس من حق أحد التشكيك في قِدم النص القرآني وأصالته، وأن المصحف الذي بين أيدينا هو كما تركه النبي (صلى الله عليه وسلّم). إذ هذا أمر يتعلق بنا نحن المؤمنين بأن النص القرآني بكامله موحى. بل الذي أراه أن من حق العلم والدراسة العلمية اعتبار القرآن نصاً قائماً ودراسته على هذا الأساس، وليس قصر التفكير على الأطروحة الذاهبة بداية إلى أن ليس هناك نص في الحقيقة، بل تكوُّن تدريجي وصراعي وعبر قرنين أو ثلاثة. إذ مع هذه المقولة لا تستقيم حتى الدراسة الأدبية أو الأسلوبية. وهذا الأمر لا ينطبق على القرآن فقط، بل وعلى نص مثل كليلة ودمنة أو الأدب الكبير لابن المقفع. بل ان المقالات المنشودة في كتاب المؤتمر، والتي تُعنى كثيراً بتطور الكتابة العربية في الخط والإعجام والرسم، تُظهر بعضها (مقالة نوسيدا) أن الخط الحجازي (السابق على الخط الكوفي) في القرن الأول الهجري، لا تُظهر مخطوطاته اختلافات من أي نوع، تُبرر مقولة وانسبورو في تكوّن وتركيب النص القرآني عبر قرنين!

المصدر
 
من وسائل طلب العلم السؤال كما قال ابن عباس رضي الله عنه !

أريد زبدة القول ،
١- كيف أخذ القرآن من العبرية والآرامية بل حتى الإغريقية !؟ هل لي بأمثلة ؟

٢- هل يُفهم من نظركم أن القرآن تطور ( تشكل ) من خلال تلك النصوص المحيطة به ؟
 
أنظر كل من الرقم ٨ والرقم ٩
الاستقراء والدراسة أولا وقبل أي شيء آخر .
 
أنظر كل من الرقم ٨ والرقم ٩
الاستقراء والدراسة أولا وقبل أي شيء آخر .

وهل أسئلتي تعارض ماقررته أعلاه؟!!!

===============
أرجو ممن لديه علم أن يجيبني (مباشرة) فما زالت الأسئلة قائمة
 
كما توقعت لن يُجاب بشكل مباشر، ولعل ذلك لما قد يحمله الجواب في ثناياه، وأن هؤلاء (حقيقة) لا يختلفون كثيراً عن الكفار الأوائل في طعنهم بكتاب الله، وإن كانت أقوالهم محلّاة بلبوس العلم والبحث عن الحقيقة.
هذا على أن القرآن قد ناقش هذه المسألة وعرّج عليها، إذ كيف لشخص واحد أن يتكلم " بخمس لغات" وأن يقتبس من الشعر الجاهلي زعموا؟، أو أن يأخذ من أهل الكتاب ماحُرِّف من كتبهم؛ ليخرج بهذا النظم المعجز، والبيان المبهر والذي أعجز فصحاء العرب؟! وماقول الوليد بن المغيرة ببعي، وهو الذي خبر الشعر ونظمه، إضافة أن كثيراً من عامة أهل الكتاب لا يحلمون بقراءة كتبهم والتي في الغالب هي مستأثرة عند الأحبار والرهبان فكيف بغيرهم !!

فالقرآن ومن اللحظة الأولى فرض نفسه بلغة التحدي! وكان يخاطب العقول في ذلك!
لأن هذه التهمة كانت تدار في أندية كفار قريش.
يقول ربنا تبارك وتعالى
{وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}

ويقول
{
ولَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ}

ويقول
{
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}

فهو يخاطبهم أن الأمر ليس بالسهولة التي يظنون!
إذ لو كان هذا القرآن ليس وحياً وكان أمراً مفتراً فأتوا بمثله!
والأمر الآخر في التحدي ـ والذي يغفل عنه كثير من الناس - هو :
ادعوا من استطعتم من دون الله
ادعو الشعراء ... ادعوا النصارى على " تخوم الجزيرة "
إن كان هذا ظنكم بالوحي، وافعلوا مثله !!
قريش أهل الفصاحة واللغة عجزوا!
والذين لم يعجزوا عن تأليب العرب! وجمع قضهم وقضيضهم
لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم! مع أن هذا الأمر يتطلب الكثير! على عكس التحدي
والذي طلب منهم ( كلاماً )!
ما السر في عجزهم عن الأمر الأول ؟ وهو لايكلف الكثير من عدهم وعتادهم ؟ بل هو صنعتهم التي أتقنوها !
ما السر ؟ ماهو الجواب ؟

باختصار
هذا الأمر معجز !
{
فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ}
فالقرآن ليس شعراً ولا نثراً بل هو كلام الله الموحى إلى آخر رسله للناس أجمع.
====================
كذلك فالقرآن يخاطب أهل الكتاب خاصة بلغة التحدي.
يقول الله عزوجل
{
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}

ويقول
{
كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}

فمن الصعب جداً جداً! لا من منطلق العقل، ولا من منطلق الإيمان من باب أولى أن يصدر هذا الكلام من بشر!
==================
بالنسبة للشعر الجاهلي
بالرغم أن هذه الحجة لم يتمسك بها كفار قريش وهم أهل الفصاحة والشعر إلا أن العجب أن يتمسك
بها ( نصارى اليوم من العجم)!
و لعل هذا الموضوع قد سلط الضوء عليه قليلاً، لأني أرى الموضوع قد يؤخذ من أكثر من زواية
http://vb.tafsir.net/tafsir3363/#.VRiuQpOG8bN
 
عودة
أعلى