د محمد الجبالي
Well-known member
أرسل أحد الدعاة الماليزيين يسأل:
مالفرق بين: [قولا معروفا، وقولا كريما ، وقولا سديدا] في القرآن الكريم؟
لكي نجيب عن هذا السؤال يجب أن نبدأ بالوقوف على معاني الأوصاف الثلاثة في المعاجم:
أما [معروف]
المعنى اللفظي لمعروف هو: معلوم، أو مشهور، ومن معانيه: الإحسان، والفضل، والخير، والجميل.
وفي الشرع: المَعْرُوفُ هو اسمٌ لكلِّ فِعْلٍ يُعْرَفَ حُسْنُه بالعَقْل أَو الشَّرْع ، وهو خِلافُ المنكَر.
أما [كريم]
الكَريمُ : صفةٌ لكلِّ ما يُرْضَى ويُحْمَدُ في بابه، واسم جامع لكل ما يُحْمَدُ.
وهو من صَفات الله تعالى وأَسمائه، وهو الكثيرُ الخير الجوادُ المُعطِي الذي لا ينفَذُ عطاؤه.
ونقول رجل كريم: أي سَخِيٌّ جَوَّاد، ورَجُلٌ كَرِيمُ النَّفْسِ: صَفُوح ، رَحِيمٌ، مُتَسَامِحٌ، وقول كريم: مُرضٍ في معانيه وجزالة ألفاظه.
أما [سديد]
نقول: رأي سديد، وقول سديد: أي صَائِبٌ، صَحِيحٌ، سَلِيمٌ.
أولا: {قولا معروفا}، وقد ورد في القرآن أربع مرات هي:
فإن كان اللفظ تشابه في الآيات الأربع السابقة وتكرر، فاعلم أن اللفظ المتكرر إنما هو ثوب يحمل معنى جديدا في كل مرة يطلع علينا فيها اللفظ، فالثوب اللفظي واحد طل علينا أربع مرات بأربعة معان مختلفة، فلا تكرار في القرآن، فإن كان، ففي اللفظ فقط، حيث إن اللفظ يكتسب معناه من السياق الذي نزل فيه.
وإليكم بيان {قَوْلًا مَعْرُوفًا} في الآيات الأربع:
ثانيا: {قولا كريما}، وقد ورد في القرآن مرة واحدة:
إن القول المأمور به في الآية مُوَجَّهٌ من الابن لوالديه فكان وصف [كريما] أنسب وأولى، والمقصود بـ { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} قال الشوكاني: "لَيِّناً لطيفاً أحسن ما يمكن التعبير عنه من لُطْفِ القول وكرامته مع التأدب والحياء" وقال: أبو حيان " أي جامعاً للمحاسن من البر وجودة اللفظ" وقال الزمخشري: " قولا جميلاً ، كما يقتضيه حسن الأدب والنزول على المروءة".
ثالثا: {قولا سديدا} وقد ورد في القرآن مرتين:
فردت الآية على كل هذه الدعاوى والمزاعم، قولوا قولا صوابا، عدلا، حقا، قال النسفي: "والمعنى راقبوا الله في حفظ ألسنتكم وتسديد قولكم"، وقال الشوكاني: "والظاهر من الآية أنه أمرهم بأن يقولوا قولاً سديداً في جميع ما يأتونه، وما يذرونه، فلا يخص ذلك نوعاً دون نوع، وإن لم يكن في اللفظ ما يقتضي العموم فالمقام يفيد هذا المعنى ...وقولوا قولاً سديداً في شأن زيد وزينب ، ولا تنسبوا النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى ما لا يحلّ"
وإلى هنا انتهينا من جواب سؤال أخينا الداعية الماليزي، لكن البحث لم ينته بعد؛ إذ مازال هناك بعض الأوصاف لـ [قولا] وردت في القرآن في حاجة إلى بحث وتأويل وبيان سبب اختلاف الأوصاف لموصوف واحد، من ذلك مثلا:
والله أعلم
د. محمد الجبالي
[1] قِنَان و قَنَان جمع قِنِّينَة أي زجاجة .
مالفرق بين: [قولا معروفا، وقولا كريما ، وقولا سديدا] في القرآن الكريم؟
لكي نجيب عن هذا السؤال يجب أن نبدأ بالوقوف على معاني الأوصاف الثلاثة في المعاجم:
أما [معروف]
المعنى اللفظي لمعروف هو: معلوم، أو مشهور، ومن معانيه: الإحسان، والفضل، والخير، والجميل.
وفي الشرع: المَعْرُوفُ هو اسمٌ لكلِّ فِعْلٍ يُعْرَفَ حُسْنُه بالعَقْل أَو الشَّرْع ، وهو خِلافُ المنكَر.
أما [كريم]
الكَريمُ : صفةٌ لكلِّ ما يُرْضَى ويُحْمَدُ في بابه، واسم جامع لكل ما يُحْمَدُ.
وهو من صَفات الله تعالى وأَسمائه، وهو الكثيرُ الخير الجوادُ المُعطِي الذي لا ينفَذُ عطاؤه.
ونقول رجل كريم: أي سَخِيٌّ جَوَّاد، ورَجُلٌ كَرِيمُ النَّفْسِ: صَفُوح ، رَحِيمٌ، مُتَسَامِحٌ، وقول كريم: مُرضٍ في معانيه وجزالة ألفاظه.
أما [سديد]
نقول: رأي سديد، وقول سديد: أي صَائِبٌ، صَحِيحٌ، سَلِيمٌ.
أولا: {قولا معروفا}، وقد ورد في القرآن أربع مرات هي:
- {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235]
- {وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء: 5]
- {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء: 8]
- {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32]
فإن كان اللفظ تشابه في الآيات الأربع السابقة وتكرر، فاعلم أن اللفظ المتكرر إنما هو ثوب يحمل معنى جديدا في كل مرة يطلع علينا فيها اللفظ، فالثوب اللفظي واحد طل علينا أربع مرات بأربعة معان مختلفة، فلا تكرار في القرآن، فإن كان، ففي اللفظ فقط، حيث إن اللفظ يكتسب معناه من السياق الذي نزل فيه.
وإليكم بيان {قَوْلًا مَعْرُوفًا} في الآيات الأربع:
- أما الآية الأولى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (البقرة 235)
- أما الآية الثانية: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (النساء 5)
- أما الآية الثالثة: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (النساء 8)
- أما الآية الرابعة: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}(الأحزاب 32).
ثانيا: {قولا كريما}، وقد ورد في القرآن مرة واحدة:
- {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء 23)
إن القول المأمور به في الآية مُوَجَّهٌ من الابن لوالديه فكان وصف [كريما] أنسب وأولى، والمقصود بـ { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} قال الشوكاني: "لَيِّناً لطيفاً أحسن ما يمكن التعبير عنه من لُطْفِ القول وكرامته مع التأدب والحياء" وقال: أبو حيان " أي جامعاً للمحاسن من البر وجودة اللفظ" وقال الزمخشري: " قولا جميلاً ، كما يقتضيه حسن الأدب والنزول على المروءة".
ثالثا: {قولا سديدا} وقد ورد في القرآن مرتين:
- أما الآية الأولى:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]
- أما الآية الثانية:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70]
- فالآية ترد ما كانتِ العربُ تزعمُ من أنَّ اللَّبيبَ الأريبَ له قلبانِ.
- وترد الظهار، الذي هو دعوى باطلة، وذلك حين يظاهر الرجل من زوجه، فيحرمها على نفسه من غير طلاق؛ فيقول لها: أنت عليَّ كظهر أمي.
- وترد دعوَى التبني، وقد كان منتشرا قبل الإسلام، فيخرج الرجل على الناس يأخذ بيد فتى غريب عنه ويعلن: هذا فلان ابني يرثني وأرثه.
- وترد على "الذين غَمزوا في مسألة زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من زينبَ بنت جحش بعد أن طلّقها زيد بن حارثة فقالوا: تزوج حليلة ابنه وقد نهَى عن تزوج حلائل الأبناء.
فردت الآية على كل هذه الدعاوى والمزاعم، قولوا قولا صوابا، عدلا، حقا، قال النسفي: "والمعنى راقبوا الله في حفظ ألسنتكم وتسديد قولكم"، وقال الشوكاني: "والظاهر من الآية أنه أمرهم بأن يقولوا قولاً سديداً في جميع ما يأتونه، وما يذرونه، فلا يخص ذلك نوعاً دون نوع، وإن لم يكن في اللفظ ما يقتضي العموم فالمقام يفيد هذا المعنى ...وقولوا قولاً سديداً في شأن زيد وزينب ، ولا تنسبوا النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى ما لا يحلّ"
وإلى هنا انتهينا من جواب سؤال أخينا الداعية الماليزي، لكن البحث لم ينته بعد؛ إذ مازال هناك بعض الأوصاف لـ [قولا] وردت في القرآن في حاجة إلى بحث وتأويل وبيان سبب اختلاف الأوصاف لموصوف واحد، من ذلك مثلا:
- { قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء: 63]
- { قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء: 28]
- { قَوْلًا عَظِيمًا} [الإسراء: 40]
- {قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: 44]
- { قَوْلًا ثَقِيلًا } [المزمل: 5]
والله أعلم
د. محمد الجبالي
[1] قِنَان و قَنَان جمع قِنِّينَة أي زجاجة .