الوقفة الثانية : لا أتفق مع فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن حفظه الله فيما ذكره من أن ابن قتيبة يرى أن الأحرف السبعة هي وجوه الاختلاف السبعة بين القراءات ، وذلك أن الأوجه السبعة التي ذكرها ابن قتيبة لا تعد قولاً في معنى الأحرف السبعة ، فإن ابن قتيبة عنون لها فقال : " وجوه الخلاف في القراءات " ولم يقل الأحرف ، وهناك فرق بين القراءات والأحرف ، ومن الخطأ تفسير الأحرف بالقراءات .
والإمام ابن قتيبة أراد بهذا بيان أوجه اختلاف القراءات ‘ ثم أوضح بعد ذلك أنواع اختلاف القراءات ، يريد بذلك الرد على الزنادقة والملاحدة الذين طعنوا في القرآن الكريم من جهة اختلاف القراءات فيه .
أما رأي ابن قتيبة في معنى الأحرف السبعة ؛ فقد أفصح عنه بقوله :
" وقد غلط في تأويل هذا الحديث - حديث الأحرف السبعة - قوم ‘ فقالو : السبعة الأحرف : وعد ووعيد وحلال وحرام ومواعظ وأمثال واحتجاج . وقال آخرون : هي سبع لغات في الكلمة ، وقال قوم : حلال وحرام وأمر ونهي وخبر ما كان قبل وخبر ما هو كائن بعد وأمثال .
وليس شيء من هذه المذاهب لهذا الحديث بتأويل .
وإنما تأويله : نزل على سبعة أوجه من اللغات متفرقة في القرآن ، يدلك على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فاقرءوا كيف شئتم " .
ثم احتج بحادثة عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم رضي الله عنهما .
وهذا يجلي حقيقة اختياره في معنى الأحرف السبعة . أما عَدّ كثير من الباحثين ما ذكره ابن قتيبة من وجوه الاختلاف السبعة في القراءات قولأً له في معنى الأحرف السبعة فله أسباب - لعلي آتي عليها إن شاء الله تعالى في مشاركة قادمة ، فقد أثقلت كثيرأ في مشاركتي الأولى - وجيهة .