ماذا قال الزركشي عن البلاغة؟

إنضم
05/07/2004
المشاركات
103
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
[align=justify]ذكر الزركشي أنواعًا عديدة من أساليب البلاغة في كتابه (البرهان في علوم القرآن) ولما جاء إلى النوع (السادس والأربعين) جعله في أساليب القرآن وفنونه البليغة، وقال: ((وهو المقصود الأعظم من هذا الكتاب، وهو بيت القصيدة، وأول الجريدة، وغرة الكتيبة، وواسطة القلادة، ودرة التاج، وإنسان الحدقة، على أنه قد تقدمت الإشارة للكثير من ذلك.
اعلم أن هذا علم شريف المحل، عظيم المكان، قليل الطلاب، ضعيف الأصحاب، ليست له عشيرة تحميه!، ولا ذوو بصيرة تستقصيه!. وهو أرق من الشِّعر، وأهول من البحر، وأعجب من السِّحر، وكيف لا يكون وهو المطلع على أسرار القرآن العظيم، الكافل بإبراز إعجاز النظم المبين ما أودع من حسن التأليف وبراعة التركيب، وما تضمنه في الحلاوة، وجلله في رونق الطلاوة، مع سهولة كلمه وجزالتها وعذوبتها وسلاستها)).[/align]
 
لا شك أن لعلم البلاغة من المكانة ما ذكر الزركشي وزيادة ، فالمتضلع منه على أصوله العربية وعلى ذوق العرب - كما يقول السيوطي - يصلُ لكثير من الأسرار والدقائق التي لا يتفطن لها غيره من أهل العناية بالقرآن . وأحسب يا أبا عبدالله أن ثمة تقصيراً من جانبين :
الأول : من جانب المتخصصين في القرآن وعلومه في عنايتهم بالبلاغة القرآنية والتوسع فيها وفي أصولها ومناهجها ، ولذلك يقع في علمهم وتدريسهم من القصور بقدر تقصيرهم في العناية بعلم البلاغة .

الثاني : من جانب المتخصصين في البلاغة في عنايتهم بدراسة علوم القرآن وأصول التفسير وما ينبغي التحرز منه أثناء الكلام في كلام الله تعالى .
فما هو الحل العملي الأمثل لسد هذه الفجوة بين الفريقين ؟
من جانبي رأيتُ ضرورة تدريس طلاب الدراسات القرآنية مقرراً مركزاً في (دراسات بيانية في القرآن) تدرس لطلاب الماجسيتر ويتولى تدريسها متخصص في البلاغة القرآنية ، وقد تم طرح هذا المقرر في الخطة الجديدة للدراسات العليا في جامعة الملك سعود ، وأرجو أن تكون مثالاً يحتذى في هذا الباب .
ولكن ماذا صنعتم يا أهل البلاغة للتقارب مع علوم القرآن وأصول التفسير ؟
وفقكم الله وزادكم علماً بكتابه .
 
بعد السلام وكرم التحية
بارك الله لكم جهودكم الطيبة, ونفع بكم الأمة ,ولكم مني جزيل الشكر بعد شكر الله -عزوجل -لاهتمامكم بالبلاغة كعلم يستعان به لفهم كتاب الله .
وفي الحقيقة لقد اخترت موضوعاً لرسالة الماجستير في تفسير أبي السعود وتوظيفه للبلاغة ؛ فكانت مشكلتي التخصص الدقيق الجامع بين البلاغة القرآنية , وأصول التفسير وقواعده ؛ ولكن الله أعانني على استكمال الرسالة بعد جهد وعناء كبيرين ؛ فأسأل الله لنا ولكم الفائدة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
لشيخنا الدكتور محمد الصامل حفظه الله عناية بهذا الجانب وله عدة مؤلفات أصل فيها لبلاغة أهل السنة وما ينبغي أن يتحرز منه عند تناول المسائل البلاغية في القرآن الكريم

وقد قرأت عليه دروس البلاغة الكبرى كاملة وسجلت شرحه في نحو ثلاثين حلقة وفرغت كاملة ولله الحمد والمنة
وكنا قد تحدثنا قبل بدء الشرح عن أهمية مراعاة هذا الجانب ورغبت إليه أن يكون هذا الشرح وافياً بحاجة الطلاب معيناً لهم على دراسة البلاغة القرآنية مبيناً المآخذ على من نحى بالتفسير البلاغي لخدمة عقائد مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة
فاستجاب مشكوراً وكان شرحه حافلاً نافعاً
ولعلي أنشره قريباً بإذن الله تعالى.
 
[align=justify]قال الشيخ د. محمد أبو موسى في كتابه (مراجعات في أصول الدرس البلاغي: 269) وهو يتحدث عن كتاب البرهان للزركشي: ((لم أجد وجهًا واحدًا يقبله العقل في إبعاد علوم القرآن والحديث والتفسير عن الدراسة الأدبية. ولكل معرفة جذورها، ولكل أدب أصوله الفكرية والعقائدية، ومسألة انبثاق الآداب والفنون كلها من معدنها الأول وهو اللغة والعقيدة أمر لا يجهله من له فهم في الأدب والفكر...
ومقدمة الكتاب تحدثنا عن الهم الذي أهم الكاتب فحمل قلمه ليكتب كتابه فيه. ومقدمة (البرهان) حديث محض في اسلوب القرآن وبلاغته، وهذا لا معنى له البتة إلا أن الزركشي كان يعتقد أن علوم القرآن دراسة في البلاغة والأسلوب. وكان الزركشي بعيد الغور في حسه ببلاغة القرآن وسر إعجازه، وكان مُعانَى وهو يكتب هذا الكتاب. وقد ظلمنا العلم بإغفال هذا الكتاب، وأضعنا جانبًا من علم البلاغة والأدب بهذا الإغفال الذي لا مبرر له)).[/align]
 
والله ما زالت أعجب منذ زمن بعيد من التفريق في جامعاتنا بين التفسير وعلوم القرآن عموما وبين علوم العربية خاصة البلاغة ، والأمر عند علمائنا الأقدمين بخلاف ذلك ، ومازلت أذكر قول أبي هلال العسكريّ في وصفه لعلم البلاغة بأنه : ( أحقّ العلوم بالتعلّم وأولاها بالتحفّظ بعد المعرفة بالله جلّ ثناؤه ؛ إذ به يعرف إعجاز كتاب الله الناطق بالحقّ والهادي إلى سبيل الرشاد المدلول به على صدق الرسالة وصحة النبوة ، والإنسان إذا أغفل علم البلاغة وأخلّ بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه بإعجاز القرآن من جهة ما خصّه الله به)
ومازلت أذكر قول العلامة الزمخشري (فالفقيه وإن برز على الأقران في علم الفتاوي والأحكام والمتكلم وإن بز أهل الدنيا في صناعة الكلام وحافظ القصص والأخبار وإن كان من ابن القرية أحفظ والواعظ وإن كان من الحسن البصري أوعظ والنحوي وإن كان أنحى من سيبويه واللغوي وإن علك اللغات بقوة لحييه لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق الا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن وهما "علم المعاني وعلم البيان " وتمهل في ارتيادهما آونة وتعب في التنقير عنها أزمنة وبعثته على تتبع مظانهما همة في معرفة لطائف حجة الله وحرص على استيضاح معجزة رسول الله بعد أن يكون آخذا من سائر العلوم بحظ)
ومازلت أذكر قول الجرجاني: (هذا باب من العلم إذا أنت فتحته اطلعت به على فوائد جليلة ومعان شريفة ورأيت له أثراً في الدين عظيماً وفائدة جسيمة؛ ووجدته سبباً في حسم كثير من الفساد فيما يعود إلى التنزيل وإصلاح أنواع الخلل فيما يتعلّق بالتأويل ؛ وإنه ليؤمّنك من أن تغالط في دعواك وتدافع عن مغزاك)
وما زلت أذكر قول الإمام الشاطبي : ( كل معنى مستنبط من القرآن والسنة غير جار على طريقة العرب فليس من علوم القرآن في شيء لا مما يستفاد منه ولا مما يستفاد به ومن ادعى فيه ذلك فهو في دعواه مبطل )
وما زلت أذكر قول الإمام مالك ( لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر القرآن إلا جعلته نكالاً)
فعلماؤنا الأجلاء لم ينبهوا إلى هذه الصلة فحسب بل أكدوها تأكيدا وتشددوا في أمرها ، ويبدوا ذلك واضحا جدا في أقوالهم
وأخيرا : جزاكم الله خيرا على هذا التوضيح المهم وينبغي أن يراعى ذلك في كافة الجامعات العربية والإسلامية
 
والحق أن من يطالع تاريخ العلوم العربية يدرك أنها ما نشأت إلا لأجل القرآن وفهمه ؛ فالنحو معروفة قصته ؛ إذ قرأ رجل : (إن الله برئ من المشركين ورسوله) بجر "ورسوله " فأفسد المعنى وأمر الخليفة – عمر أو على على اختلاف بين الرواة - بوضع هذا العلم الجليل ، ومعاني المفردات "المعاجم" قد وضعت لما خيف أن يلتبس المعنى على الناس في فهم القرآن والسنة كما ذكر ابن خلدون ، وعلم البلاغة أسسه الجاحظ لما ذهب أستاذه إبراهيم بن سيار النظام إلى أن بلاغة القرآن ليست بمعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم ولا بدلالة له في دعواه النبوة
. ورغم أن الهدف الأول من علوم العربية هو خدمة القرآن - إلا أهل العربية أحيانا كانوا يغرقون في تفاصيل علومهم وجزئياتها متناسين ذلك الهدف السامي ، ويبدو أنها آفة قديمة ؛ إذ نجد الباقلاني في كتابه "إعجاز القرآن" يعيب علي النحويين واللغويين عدم اهتمامهم بدراسة الإعجاز وانشغالهم بالجزء ودقيق الكلام وبديع الإعراب وغامض النحو ، مع أن الحاجة إلى علم الإعجاز أمسّ والاشتغال به أوجب
ولكني لا أظن إطلاقا أن المشكلة في عهد الباقلاني قد وصلت الحد الذي وصلته الآن
 
من الأمور المسْتغربة المؤلمة:
إلغاءُ تدريس البلاغة في قسم القرآن في أحد الجامعات العريقة !!
أو نسوا أن هذا العلم أحدُ أسباب القوة والتضلُّع في تناول كتاب الله سبحانه بالتفسير والتدبر.
 
إنها بحق تذكرة مهمة من شيوخنا الأفاضل أردت أن تراجعوها
وأبشر شيوخنا أننا في جامعة الأزهر عند الترقية نقدم بحثا في بيان الصور البلاغية في القرآن الكريم مما يجعل الأستاذ مشتغلا بهذا العلم مدة معقولة ثم يعجب به ثم يكتب فيه والله الموفق
 
شكر الله لك..
كنت ذكرت أولاً أن الزركشي قال ذلك الكلام، ثم تبين لي حال قراءتي في كتاب "إعجاز القرآن" للباقلاني أن الزركشي أفاد منه في كثير مما قاله ونقله بنصه، وينظر إعجاز القرآن: 279-280 (طبعة دار المعارف، بتحقيق السيد أحمد صقر).
 
جزاك الله خير على التصحيح يا د/يوسف ونفعنا الله بعلمك
ونطلب من فضيلتكم دائما تزويدنا بموضوعات تخص البلاغة القرآنية
وجزاك الله كل خير
 
عودة
أعلى