ماذا تفيد هذه الآية ( .. الذين يقاتلونكم .. ) هل تعليق الحكم ؟ أم الشرط ؟

إنضم
06/07/2011
المشاركات
21
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل قول الله تعالى
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [البقرة: 190]

يفيد تعليق الحكم بكونهم يقاتلوننا
بحيث يكون المقاتل مقاتلاً علة في القتال
أم أن كون المقاتل مقاتلاً هو شرطاً فيه ؟ .
مع العلم أن الشرط لايكون علة الحكم ولا جزء من علته​
 
لا يخفى شريف علمكم كون هذه الآية نازلة في حال مخصوصة من أحوال القتال وهي القتال في الشهر الحرام والبلد الحرام، وأنها متصلة بما قبلها وما بعدها من الآيات وليست عامة، فالإذن بالقتال فيها متعلق بالعلة المذكورة فيها وهي بدء المشركين المعبر عنه بقوله تعالى (الذين يقاتلونكم)، وكونهم البادئين في القتال هو علة الحكم هنا.. والله أعلم.
 
قال ابن العربي في أخكام القرآن: لقد أَمَرَ سبحانه أَوَّلًا بِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَ وَهُمْ الرِّجَالُ الْبَالِغُونَ ؛ فَأَمَّا النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ وَالرُّهْبَانُ فَلَا يُقْتَلُونَ .
فالآية تفيد حصر الفئة التي ينبغي قتالها حسب ما يريد أبن العربي . .
، ثُمَّ بَيَّنَ ابن العربي أَنَّ سَبَبَ قِتَالِهِ وَقَتْلِهِ هو كُفْرُهُ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى الْقِتَالِ ، وَأَمَرَ بِقِتَالِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِابْتِدَاءِ قِتَالٍ مِنْهُ .
فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَ الْمُبِيحُ لِلْقَتْلِ هُوَ الْكُفْرُ لَقُتِلَ كُلُّ كَافِرٍ وَأَنْتَ تَتْرُكُ مِنْهُمْ النِّسَاءَ وَالرُّهْبَانَ .فَالْجَوَابُ : أَنَّا إنَّمَا تَرَكْنَاهُمْ مَعَ قِيَامِ الْمُبِيحِ بِهِمْ لِأَجْلِ مَا عَارَضَ الْأَمْرَ مِنْ مَنْفَعَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ : أَمَّا الْمَنْفَعَةُ فَالِاسْتِرْقَاقُ فِيمَنْ يُسْتَرَقُّ ؛ فَيَكُونُ مَالًا وَخَدَمًا ، وَهِيَ الْغَنِيمَةُ الَّتِي أَحَلَّهَا اللَّهُ تَعَالَى لَنَا مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ .
وَأَمَّا الْمَصْلَحَةُ فَإِنَّ فِي اسْتِبْقَاءِ الرُّهْبَانِ بَاعِثًا عَلَى تَخَلِّي رِجَالِهِمْ عَنْ الْقِتَالِ فَيُضْعِفُ حَرْبَهُمْ وَيُقِلُّ حِزْبَهُمْ فَيَنْتَشِرُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِمْ .​
 
بسم الله الرحمن الرحيم
شرفني مرور المشايخ الكرام
الشيخ : محمد العبادي
الذي ذكرت تقرير جميل
لكن هل ذكر هذا الكلام أحد من علماء التفسير؟
ثم هل يصح أن أقول أن هذه الآية شرط وليست علة جمعاً
للآيات العامة كمثل الوارد ذكرها في سورة التوبة ؟

أما ماذكره الشيخ : تيسير الغول
فالمفهوم من كلام ابن العربي
أنه يرى العلة في القتل والعلة في القتال
هي الكفر .
لكن ترك النساء والصبيان للمصلحة والمنفعة .
مع العلم أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم صريح في ذلك
(( أقصد النهي عن قتل النساء والصبيان ))

ملاحظة
هدف هذا الموضوع هو ماتوصلت إليه من أن كثير من الباحثين المعاصرين
خلط بين علة القتل وعلة القتال
وسحب خلاف العلماء في علة القتل
وجعله في علة القتال .
فطرحت هذا الموضوع لكي تزول بعض الإشكالات عندي
ولكي أعلم هل ما توصلت إليه صح أم خطأ.
وفق الله الجميع

 
لكن هل ذكر هذا الكلام أحد من علماء التفسير؟

سبب نزول هذه الآية وسياقها يدلان بوضوح على ما ذكرتُ أخي الفاضل، وإنما كان تعليقا أردت به استبانة مقصدك حفظك الله.
وللاستئناس أنقل ما جاء في تفسير المنار عند هذا الموضع:
" وَرَدَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي الْإِذْنِ بِالْقِتَالِ لِلْمُحْرِمِينَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ إِذَا فُوجِئُوا بِالْقِتَالِ بَغْيًا وَعُدْوَانًا ، فَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِمَا قَبْلَهَا أَتَمَّ الِاتِّصَالِ ; لِأَنَّ الْآيَةَ السَّابِقَةَ بَيَّنَتْ أَنَّ الْأَهِلَّةَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ فِي عِبَادَاتِهِمْ وَمُعَامَلَاتِهِمْ عَامَّةً وَفِي الْحَجِّ خَاصَّةً . وَهُوَ فِي أَشْهُرٍ هِلَالِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ كَانَ الْقِتَالُ فِيهَا مُحَرَّمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ . وَأَخْرَجَ الْوَاحِدِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ ثُمَّ صَالَحَهُ الْمُشْرِكُونَ ، فَرَضِيَ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَامَهُ الْقَابِلَ وَيُخْلُوا لَهُ مَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَطُوفُ وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْقَابِلُ ، تَجَهَّزَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ لِعُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَخَافُوا أَلَّا تَفِيَ لَهُمْ قُرَيْشٌ وَأَنْ يَصُدُّوهُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالْقُوَّةِ وَيُقَاتِلُوهُمْ ، وَكَرِهَ أَصْحَابُهُ قِتَالَهُمْ فِي الْحَرَمِ وَالشَّهْرِ الْحَرَامِ ; فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ) يَقُولُ : أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ تَخَافُونَ أَنْ يَمْنَعَكُمْ مُشْرِكُو مَكَّةَ عَنْ زِيَارَةِ بَيْتِ اللهِ وَالِاعْتِمَارِ فِيهِ نَكَثًا مِنْهُمْ لِلْعَهْدِ وَفِتْنَةً لَكُمْ فِي الدِّينِ ، وَتَكْرَهُونَ أَنْ تُدَافِعُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ بِقِتَالِهِمْ فِي الْإِحْرَامِ وَالشَّهْرِ الْحَرَامِ ، إِنَّنِي أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الْقِتَالِ عَلَى أَنَّهُ دِفَاعٌ فِي سَبِيلِ اللهِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ عِبَادَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَتَرْبِيَةً لِمَنْ يَفْتِنُكُمْ عَنْ دِينِكُمْ وَيَنْكُثُ عَهْدَكُمْ ، لَا لِحُظُوظِ النَّفْسِ وَأَهْوَائِهَا ، وَالضَّرَاوَةِ بِحُبِّ التَّسَافُكِ ، فَقَاتِلُوا فِي هَذِهِ السَّبِيلِ الشَّرِيفَةِ مَنْ يُقَاتِلُكُمْ (وَلَا تَعْتَدُوا) بِالْقِتَالِ فَتَبْدَءُوهُمْ ، وَلَا فِي الْقِتَالِ فَتَقْتُلُوا مَنْ لَا يُقَاتِلُ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالشُّيُوخِ وَالْمَرْضَى ، أَوْ مَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَكَفَّ عَنْ حَرْبِكُمْ ، وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الِاعْتِدَاءِ كَالتَّخْرِيبِ وَقَطْعِ الْأَشْجَارِ ، وَقَدْ قَالُوا : إِنَّ الْفِعْلَ الْمَنْفِيَّ يُفِيدُ الْعُمُومَ .
عَلَّلَ الْإِذْنَ بِأَنَّهُ مُدَافَعَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْآيَةِ التَّالِيَةِ ، وَعَلَّلَ النَّهْيَ بِقَوْلِهِ : (إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) أَيْ : إِنَّ الِاعْتِدَاءَ مِنَ السَّيِّئَاتِ الْمَكْرُوهَةِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى لِذَاتِهَا فَكَيْفَ إِذَا كَانَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ ، وَفِي أَرْضِ الْحَرَمِ وَالشَّهْرِ الْحَرَامِ ؟"

ثم هل يصح أن أقول أن هذه الآية شرط وليست علة جمعاً
للآيات العامة كمثل الوارد ذكرها في سورة التوبة ؟

الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى أن القيد في قوله تعالى: (الذين يقاتلونكم) إنما جاء للإغراء لأن الإنسان إذا قيل له: "قاتل من يقاتلك" اشتدت عزيمته، وقويت شكيمته؛ وعلى هذا فلا مفهوم لهذا القيد، ولا ينبني عليه حكم ولا علة.
وإن قلنا إنه قيد معتبر فنحن بين ثلاث خيارات:
- إما القول بأن الآية عامة دلت على قتال من بدأ بالقتال دون من سواه، فتكون على هذا منسوخة بآية براءة ونحوها.
- أو أنها عامة محكمة غير منسوخة دلت على عدم جواز قتال من لا يقاتل كالنساء والصبيان.
- أو القول بأنها خاصة بالحرم دلت على الإذن بقتال المشركين إن هم اعتدوا وبدؤا القتال فيه..
فعلى الأول تكون المقاتلة شرطا، وعلى الثاني وصفا كاشفا، وعلى الثالث علة متعلق بها الحكم، والله أعلم.

أما تفريقك الأخير بين القتل والقتال فلم أفهم وجهه، وفقك الله ونفع بك.
 
عودة
أعلى