ميراث السنة
New member
- إنضم
- 15/02/2021
- المشاركات
- 1
- مستوى التفاعل
- 1
- النقاط
- 3
- العمر
- 40
- الإقامة
- بلاد الشام
- الموقع الالكتروني
- www.facebook.com
بسم الله الذي تبارك اسمُه، وتعالى في عُلا العلياء جَدُّه، وانهال مع نَبْع السماء فضلُه، له العظمة والحَمْد، والكبرياء والمَجْد.
اللهم صلّ على سيّدنا النبيّ الأمّيّ وآله وأزواجه وأصحابه..، أمّا بعد:
لقد بحثتُ في كتب الفقهاء، وسألتُ عددًا مِن الأشياخ: هل ورد أنّ النبيّ ﷺ قرأ في صلاةِ جماعةٍ مفتتِحًا قراءته مِن وسط سورةٍ أو آخرها، لا مِن أوّلها؟ فلم أجد جوابًا في الكتب، وكلّ الأشياخ يقولون: لا نعلم أنه قد ورد.
والوارد عنه ﷺ أنه كان يَفتتِح القراءةَ في الصلاة مِن أوّل السورة، وقد يقرأ في كلّ ركعةٍ سورة، وربّما قرأ السورةَ في ركعتين، وربّما خفّف فلم يتمّها.
أما افتتاحُ القراءة في الصلاة مِن أواسط السور، أو أواخرها؛ فلا أعلم مِن أين جاء الناس بهذا؟ يفعله الخواصّ منهم والعوامّ، بلا نكير بينهم أو غرابة منهم.
والذي أراه أن هذا الأمر لم يدخل على الناس إلا بسبب العجمة المستحكمة التي لم تدع أحدًا إلا أصابته بنارها أو دخانها، إذ كيف يفتتح القراءةَ عاقلٌ عربيٌّ يعرف ما ينطق به لسانه بآية: {
إن الذين سبقت لهم مِنّا الحسنى أولئك عنها مبعدون}
عن أي شيء يُبعدون؟ والضمير يعود إلى أقرب مذكور! أَعَنِ الحسنى؟!
أو يفتتح بآية: {
كذلك نقصّ عليك من أنباء ما قد سبق}
.
والأمثلة كثيرة جدًّا على أنواعٍ مِن الافتتاحات، لا ينقضي عجبُ من تنبّه لها، ولا أقول: مَن تأمّلها، وقد يسلم ظاهر بعضها من الانتقاد، لكن الذي يقرّره العلماء أنّ مطالعَ السور ومقاطعها وخواتمها مترابطةٌ متناسبة لا انفكاك بينها البتة.
وقد صحّ أنّ النبيّ -ﷺ- قرأ في سنّة الفجر بخواتيم البقرة، وهذا محمول على خصوصيّتها، وأنها آيات دعاء، وصحّ عنه أنه ﷺ قام ليلةً بآيةٍ من سورة المائدة يردّدها حتى أصبح، والجواب: أنّ سورة المائدة أول سورة في وِرْده الثاني -ﷺ- الذي هي أوّل سورة فيه، فيحتمل أنه قد ابتدأ قيامه في تلك الليلة بهذا الوِرد؛ ولمّا وصل إلى آخر سورة المائدة أكمل ليلته يردّد تلك الآية حتّى أصبح.
والحُجّة فيما صحّ أنّه -ﷺ- قرأ في نفلٍ مِن أواسط السور وأواخرها، مقيّدةٌ عندي بشرط عهد الذّهن بسياق السورة، ولا يتحقّق الشرط إلا بكون المصلّي منفردًا؛ وله عهدٌ بها، أو إمامًا لمَن يعلم أنّ لذهنهم عهدٌ، فإنّ عهد الذهن معتبرٌ في ترابط سياق السورة، وتعذّر وجوده عند المأمومين في الفروض بيّن.
وليس بخافٍ أنّ حُكمَ القراءة في الصلاة مِن أواسط السور وأواخرها، في النفل والفرض، وفي صلاة الجماعة والفذّ؛ الإباحةُ، وبلا مرية، وإنّما المكروه الاعتياد، كما نصّ عليه ابن تيميّة، لأنّه اعتياد ما لم يعتد عليه النبيّ ﷺ، ولمخالفته بتغييب الفهم المقصدَ العامّ لإسماع الناس القرآن في الصلاة.
وقد استحبّ جمهور الفقهاء القراءة في المغرب بقِصار المفصّل، وفي العشاء بأواسطه، وفي الفجر بطِواله؛ رغبةً -والله أعلم- في التخفيف عليهم، وفي تكرارها عليهم ليحفظوها.
ومَن وقف على عِلمٍ فلْيُفِد به، والحمد لله أوّلًا وآخرًا.
اللهم صلّ على سيّدنا النبيّ الأمّيّ وآله وأزواجه وأصحابه..، أمّا بعد:
لقد بحثتُ في كتب الفقهاء، وسألتُ عددًا مِن الأشياخ: هل ورد أنّ النبيّ ﷺ قرأ في صلاةِ جماعةٍ مفتتِحًا قراءته مِن وسط سورةٍ أو آخرها، لا مِن أوّلها؟ فلم أجد جوابًا في الكتب، وكلّ الأشياخ يقولون: لا نعلم أنه قد ورد.
والوارد عنه ﷺ أنه كان يَفتتِح القراءةَ في الصلاة مِن أوّل السورة، وقد يقرأ في كلّ ركعةٍ سورة، وربّما قرأ السورةَ في ركعتين، وربّما خفّف فلم يتمّها.
أما افتتاحُ القراءة في الصلاة مِن أواسط السور، أو أواخرها؛ فلا أعلم مِن أين جاء الناس بهذا؟ يفعله الخواصّ منهم والعوامّ، بلا نكير بينهم أو غرابة منهم.
والذي أراه أن هذا الأمر لم يدخل على الناس إلا بسبب العجمة المستحكمة التي لم تدع أحدًا إلا أصابته بنارها أو دخانها، إذ كيف يفتتح القراءةَ عاقلٌ عربيٌّ يعرف ما ينطق به لسانه بآية: {
أو يفتتح بآية: {
والأمثلة كثيرة جدًّا على أنواعٍ مِن الافتتاحات، لا ينقضي عجبُ من تنبّه لها، ولا أقول: مَن تأمّلها، وقد يسلم ظاهر بعضها من الانتقاد، لكن الذي يقرّره العلماء أنّ مطالعَ السور ومقاطعها وخواتمها مترابطةٌ متناسبة لا انفكاك بينها البتة.
وقد صحّ أنّ النبيّ -ﷺ- قرأ في سنّة الفجر بخواتيم البقرة، وهذا محمول على خصوصيّتها، وأنها آيات دعاء، وصحّ عنه أنه ﷺ قام ليلةً بآيةٍ من سورة المائدة يردّدها حتى أصبح، والجواب: أنّ سورة المائدة أول سورة في وِرْده الثاني -ﷺ- الذي هي أوّل سورة فيه، فيحتمل أنه قد ابتدأ قيامه في تلك الليلة بهذا الوِرد؛ ولمّا وصل إلى آخر سورة المائدة أكمل ليلته يردّد تلك الآية حتّى أصبح.
والحُجّة فيما صحّ أنّه -ﷺ- قرأ في نفلٍ مِن أواسط السور وأواخرها، مقيّدةٌ عندي بشرط عهد الذّهن بسياق السورة، ولا يتحقّق الشرط إلا بكون المصلّي منفردًا؛ وله عهدٌ بها، أو إمامًا لمَن يعلم أنّ لذهنهم عهدٌ، فإنّ عهد الذهن معتبرٌ في ترابط سياق السورة، وتعذّر وجوده عند المأمومين في الفروض بيّن.
وليس بخافٍ أنّ حُكمَ القراءة في الصلاة مِن أواسط السور وأواخرها، في النفل والفرض، وفي صلاة الجماعة والفذّ؛ الإباحةُ، وبلا مرية، وإنّما المكروه الاعتياد، كما نصّ عليه ابن تيميّة، لأنّه اعتياد ما لم يعتد عليه النبيّ ﷺ، ولمخالفته بتغييب الفهم المقصدَ العامّ لإسماع الناس القرآن في الصلاة.
وقد استحبّ جمهور الفقهاء القراءة في المغرب بقِصار المفصّل، وفي العشاء بأواسطه، وفي الفجر بطِواله؛ رغبةً -والله أعلم- في التخفيف عليهم، وفي تكرارها عليهم ليحفظوها.
ومَن وقف على عِلمٍ فلْيُفِد به، والحمد لله أوّلًا وآخرًا.