ماالفرق بين الاستفهام الانكاري والاستفهام التقريري؟؟

إنضم
28/07/2004
المشاركات
15
مستوى التفاعل
0
النقاط
1

أريد من الأخوة الأفاضل بيان الفرق بين الاستفهام الانكاري وبين الاستفهام التقريري

وأرجو التمثيل ، كي يتضح الفرق بجلاء.

وكذا أود ايضاح مرجع في هذا الموضوع.

وجزاكم الله خيرا.
 
أخي الكريم أحمد بن فارس وفقه الله
لا شك أن لاختيارك هذا الاسم للكتابة به في الملتقى سراً لا أعلمه ، لعله حب هذا العالم الجليل أحمد بن فارس بن زكريا الرازي (ت395هـ) رحمه الله ، وقد صحبتُ هذا العالم الجليل مدة من الزمن أدرس آثاره ، وأتأملها ، وما ندمت على تلك الصحبة ، وعلى حد قول المتنبي :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إن كان يجمعنا حب لغرته = فليت أنا بقدر الحب نقتسمُ ![/poem]
وأما سؤالكم عن الفرق بين الاستفهام الإنكاري والتقريري . فإن للاستفهام أنواعاً أخرى تعرف من خلال سياق الاستفهام . وقد أفاض علماء المعاني في دراستها رحمهم الله.
وعلم المعاني - كما تعلمون - هو جزء من علوم البلاغة الثلاثة (المعاني – البيان – البديع). ولا يخلو كتاب من كتب البلاغة من الكلام عن الاستفهام وأدواته. وهم يعدون الاستفهام نوعاً من أنواع الإنشاء الطلبي . ويعرِّفون الاستفهام بأنه طلب العلم بشيء لم يكن معلوماً من قبل بأداة خاصة من أدوات الاستفهام.
وأدوات الاستفهام –أخي أحمد – كثيرة ، منها : الهمزة ، وهل ، وما ، وكم ، ومَنْ ، ومتى ، وكيف ، وأين ، وغيرها.
ولكل أداة من أدوات الاستفهام وظيفة أو وظائف خاصة . فمثلاً الهمزة يطلب بها أحد أمرين : التصور ، والتصديق. فالتصور هو إدراك المفرد وتعيينه. والتصديق هو إدراك النسبة . وهل يطلب بها التصديق فقط. وهكذا بقية الأدوات لكل أداة وظيفتها الخاصة.
ولكن هذا الاستفهام قد يخرج عن الاستفهام المجرد إلى معانٍ أخرى ، تعرف بالقرائن ، ودلالة سياق الكلام ، وهذه المعاني كثيرة ، منها :
- النفي . مثل قوله تعالى :(فمن يهدي من أضل الله). وقوله تعالى :(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
- التعجب . مثل قوله تعالى :(ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق).
- الإنكار . مثل قوله تعالى :(أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً ؟).
- التمني . ولا يحضرني مثال من القرآن ، ولكن يحضرني قول صاحب اليتيمة :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
هَلْ بالطلولِ لِسائلٍ رَدُّ ؟ = أم هل لها بتكلمٍ عهدُ ؟[/poem]- التقرير . مثل قوله تعالى :( ألم نشرح لك صدرك ) وقوله :(ألم نربك فينا وليداً).
- التحقير . مثل قوله تعالى :( أهذا الذي بعث الله رسولاً؟)
- الاستبطاء. مثل قوله تعالى :( متى نصر الله ؟)
- الاستبعاد. مثل قوله تعالى :(أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه)
- التهكم والاستهزاء. مثل قوله تعالى :(قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ؟)
- الوعيد والتهديد. مثل قوله تعالى :(ألم تر كيف فعل ربك بعاد ؟)
- التحضيض. مثل قوله تعالى :(قال ألا تأكلون ؟).
- وغيرها .
وبما أن سؤالك عن الاستفهام الإنكاري والتقريري أقول :

[color=0000FF]الاستفهام التقريري [/color]هو أن تطلب من المخاطب أن يقر بِما يُسأَلُ عنه نفياً أو إثباتاً ، لأي غرض من الأغراض التي يراد لها التقرير. كالإدانة واللوم ونحو ذلك. ومن أمثلته في القرآن الكريم ما تقدم من قوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم :( أَلَم نشرح لك صدرك). يعني قد شرحنا لك صدرك يا محمد ، وتقريره بذلك لكي يشكر هذه النعمة ويقدرها حق قدرها.
وقوله تعالى على لسان فرعون يخاطب موسى عليه السلام :(ألم نربك فينا وليداً ؟). وفرعون يريد أن يقر موسى بذلك ليدينه بهذا ، أي : كيف نربيك ثم تنقلب علينا ؟!
وقوله تعالى على لسان قوم إبراهيم عليه السلام عندما حطم أصنامهم :(أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ؟) وغرضهم من إقراره بهذا إدانته ، والانتقام منه ، ولكنه أجاب بطريقة أخرى .
وقوله تعالى ممتناً على نبينا صلى الله عليه وسلم :(ألم يجدك يتيماً فآوى ؟ الآيات ) فهو استفهام تقريري ، للامتنان على النبي صلى الله عليه وسلم. وغير ذلك من الأمثلة من كلام العرب شعراً ونثراً. ومن أجمل أمثلته قول جرير رحمه الله:
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أَلستمْ خير من ركب المطايا؟ = وأندى العالمين بطون راحِ ؟[/poem]
[line]
وأما [color=0000FF]الاستفهام الإنكاري [/color]: فهو يدل على أن الأمر المستفهم عنه أمر منكر ، وقد يكون هذا الذي ينكره العقل أو الشرع أو العرف أو القانون أو غير ذلك.
وللاستفهام الإنكاري أنواع بحسب المراد بالإنكار ، فقد يكون إنكاراً يراد به التوبيخ على أمر قد مضى ، أو أمر قائم ، أو إنكاراً للتكذيب وغير ذلك.
ومن أمثلته قوله تعالى على لسان موسى يخاطب أخاه هارون :(أفعصيت أمري ؟).
وقوله تعالى :(أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً ؟). ينكر عليهم إنكاراً فيه تكذيب لهم.
وقوله تعالى على لسان نوح عليه السلام عندما دعا قومه فكذبوه:(قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟)
ويجب في الاستفهام الإنكاري أن يقع الأمر المُنْكَر بعد همزة الاستفهام كما في الأمثلة.
وقد يكون الأمر المنكر - بفتح الكاف - هو الفعل كما في قوله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام يخاطب أباه:(أتتخذ أصناماً آلهة ؟) ينكر عليه ذلك.
وقول إبراهيم عليه السلام لقومه :(قال أتعبدون ما تنحتون ؟) ينكر عليهم فعلهم.
وقد يكون المنكر هو الفاعل ، كقوله تعالى :(أهم يقسمون رحمة ربك ؟) وقوله تعالى :(أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟)
وقد يكون المنكر هو المفعول ، كقوله تعالى :(أغير الله أتخذ ولياً ؟). وقوله تعالى :(أغير الله تدعون؟)
وقد يكون المنكر هو المفعول لأجله ، كقوله تعالى :(أإفكاً آلهة دون الله تريدون؟) وغير ذلك.
وموضوع الاستفهام موضوع شيق ، وقد بحثه كما أسلفت علماء المعاني ، فلو رجعت إلى أي كتاب من كتب البلاغة لوجدت دراسة حول موضوع الاستفهام ، مدعمة بالأمثلة الكافية إن شاء الله. وما ذكرته لك هو ما علق بالذاكرة من أنواع هذا الفن ، وأمثلته من القرآن الكريم .
وقد بحثه الدكتور محمد عبدالخالق عضيمة رحمه الله ، في كتابه النفيس (دراسات لأسلوب القرآن الكريم) وستجده في الأجزاء الثلاثة الأولى من كتابه وهو القسم الأول من الكتاب ، وقد استقصى رحمه الله الأمثلة للاستفهام بأنواعه في القرآن الكريم.
كما تعرض لبعضه أحمد بن فارس في كتابه الصاحبي عند حديثه عن بعض أدوات الاستفهام.
أسأل الله لك التوفيق ، ومرحباً بك مرة أخرى في ملتقى أهل التفسير.
 
الشيخ عبدالرحمن جزيت خيرا ولكن عندي سؤال :
هل يوجد استفهام إنكاري من غير توبيخي والعكس توبيخي من غير إنكاري أم أن الإنكار يشم منه رائحة التوبيخ غالباً ؟
 
بورك فيك يا شيخ عبد الرحمن وفي الإخوة المشاركين ، وأضيف استفسارًا ، وهو ألا يصلح لاستفهام التمني قوله تعالى : ( وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل ) .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
 
أخي محمد : كلامك صحيح في التداخل بين الإنكار والتوبيخ ، والتفريق تعليمي فقط ، وربما توجد أمثلة للتفريق لكنها لا تحضرني والأمر يسير.

أخي أبا عبدالملك : نعم يصلح مثالاً لا ستفهام التمني ونصف ! وفقك الله .
 
شكر على المشاركة

شكر على المشاركة




الشيخ عبد الرحمن الشهري..جزاكم الله خيرا على هذا التوضيح الشافي..والجواب الوافي

والحقيقة أن الأمر كما ذكرتم عن ابن فارس رحمة الله عليه..وبودي معرفة مشروعكم العلمي عنه

وشكرا للأخوة المشاركين في الموضوع..وبارك الله في الجميع
 
[color=0000FF]السلام عليكم أيها الأخوة ....

و جزاك الله خيراً أيها الشيخ الشهري على توضيحك ...

ولكن هل لي أن أسأل عن هذا السؤال الوارد في أول القرآن ، بأي قسم من الأقسام التي ذكرت تُدرجه ؟

ألا وهو ( [color=FF0000]قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك و نقدس لك [/color])
[/color]
 
أخي الكريم خالد عبدالرحمن وفقه الله
الذي يبدو لي أن السياق الذي ورد فيه الاستفهام في قوله تعالى على لسان الملائكة الكرام :( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك و نقدس لك ). يجعلنا نحمل الاستفهام هنا على التعجب فقط دون التجاوز إلى تحميله معنى الإنكار ؛ لمعرفتنا بالسائل وأدبه وهم الملائكة ، والمسئول وعظمته سبحانه وتعالى. ومراعاة السياق في الكلام العربي أمر معروف ، وقد تتخلف قواعد البلاغيين في كثير من المواطن من أجل هذا الغرض. ولعل الإخوة الكرام يزيدون هذا الأمر إيضاحاً.
 
فات علي أن أنبه إلى أن هناك كتاباً ثميناً جداً تناول موضوع الاستفهام في القرآن الكريم كله بالدراسة ، ولا سيما من الناحية البلاغية . وهو كتاب (التفسير البلاغي للاستفهام في القرآن الحكيم) للأستاذ الدكتور عبدالعظيم بن إبراهيم المطعني حفظه الله. ويقع في أربع مجلدات . طبعته مكتبة وهبة بالقاهرة.
وقد تناول فيه بالدراسة والتحليل كل الآيات المشتملة على استفهام مرتباً لها بحسب ترتيبها في سور القرآن الكريم. وهو كتاب بديع ، ومؤلفه ممن له قدم صدق في الدراسات البلاغية المتميزة للقرآن الكريم ، وهو جدير بأن يفرد لجهوده في الدراسات القرآنية مقال مستقل. ولعلني أفعل ذلك إن شاء الله.
 
عودة
أعلى