مؤمن آل فرعون يقول :"ولقد جاءكم يوسف من قبل ..." لماذا ذكر يوسف عليه السلام بالخصوص..؟؟
دعوة الله ياأحبة ليست مرتبطة بنبي من الأنبياء..فهاهو مؤمن آل فرعون يبين بيانا في قضايا مهمة ووجه خطابه الدعوي باتجاهات واسعة وتحدث عن الصدق والكذب :" وإن يك صادقا ..."ووجد الفرصة للموعظة والترهيب والتخويف ، ثم انتقل فجأة بخطابه ليذكر اسماً من أسماء الأنبياء عليهم السلام وهو يوسف عليه السلام :" ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات ..."
فلماذا ذكر اسم يوسف بالخصوص ..؟؟ وماعلاقة دعوة يوسف عليه السلام بدعوة موسى عليه السلام ..؟؟
أسئلة حاضرة في الذهن عند قراءة سورة مؤمن كل آن وكل حين ..!!!
السلام عليكم :
"وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ "
لقد ذكر مؤمن آل فرعون يوسف لأن يوسف قد أُرسل رسولا الى هؤلاء القوم
ولذلك قال لهم " حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً"
وهذا يبين أن من أرسل يوسف فيهم هم أجداد فرعون وليسوا عرب كما قال بعض المفسرين
إلا إذا قلنا أن أجداد فرعون هم عرب أيضا
ويكون الملك الذى رأى الرؤيا -ملك مصر- هو جد فرعون موسى
ولقد آمن هذا الملك برسالة يوسف
ويستفاد أيضا من آية غاقر:
أن يوسف رسولا نبيا وليس نبيا فقط
والله أعلم
شكر الله لك طرحك هذا السؤال أخي صالح ، وما ذكره الأخ مصطفى جوابا عليه صحيح بنظري ، فهذة الآية تثبت تهافت القول بإحالة زمن نبي الله يوسف عليه السلام إلى فترة احتلال الهكسوس لمصر ، ومن ثم تهافت القول بالإعجاز التاريخي الذي يقول به بعض المعاصرين من أن تحديد الفترة التاريخية التي كان يوسف عليه السلام فيها في مصر هي الحقبة التاريخية لتقلد الملوك الرعاة مقاليد الحكم في مصر . فلقد تسرع هؤلاء في محاولتهم إماطة اللثام عن سر ذكر وصف " الملك " في قصة يوسف عليه السلام دون " فرعون " الذي تكرر ذكره في قصة موسى عليه السلام . وعليه ، ما زال السؤال مفتوحا بهذا الخصوص .
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
وبعد ، يقول الله تعالى : {وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ }[غافر:34] هذه ثمرة مباركة لدعوة يوسف عليه السلام ، فهذا الرجل المؤمن نموذج لامتداد الدعوة إلى الله التي قام بها يوسف عليه السلام في مصر . وهذا يؤكد أن المجتمع المصري الذي كان تحت سيطرة "الملوك الأرباب " : {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }[يوسف:39] والذي استطاع يوسف عليه السلام أن ينشر دعوة الحق بينهم ، فلما مات انتكس المجتمع مرة أخرى في براثين الشرك ، وخصوصا الملوك الذين ساروا على نهج أسلافهم ، بل زاد فرعون موسى حتى بلغ قمة العلو والاعتداء : {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }[القصص:4] ، ممثلا "للملك الرب" الذي له السيطرة على كل الأرباب المتواجدين في المجتمع آنذاك : {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى }[النازعات:24] والله أعلم وأحكم
هناك نوع من التماهي بين قصة يوسف وقصة موسىعليهما السلام
فكلاهما عاش في قصر حاكم مصر بعيدا عن أهله
وكلاهما كان تعويضا عن فقدان الأبناء في القصرين
أما يوسف فقال العزيز عنه:قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } (يوسف : 21 )
وأما موسى فقالت عنه زوجة فرعون: قال تعالى{وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} (القصص : 9 )
وقد كانت نجاة الملك على يد يوسف بينما سقطت زوجة العزيز في الغواية
والعكس بالنسبة لموسى حيث نجت زوجة فرعون وسقط فرعون في كبريائه
وهما النبيان الوحيدان اللذان ذكرا في القرآن في أرض مصر وكلاهما عاش في القصر
أما الأول فقد لجأ إليها مكرها بسبب ظلم إخوانه
والثاني خرج منها هاربا من ظلم فرعون
----
وهناك خلاف حول المدة الزمنية التي تفصل بين سيدنا يوسف وسيدنا موسىعليهما السلام
فثمة رأي يذهب إلى أنها زهاء 800 سنة ولو صح هذا الرأي لكانت بنو إسرائيل وقتذاك أمةً عظيمةً ولا ينطبق عليهم قول فرعون {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} (الشعراء : 54 )
الأخ فيصل:
احتل الهكسوس شمال مصر لما يقارب الـقرنين من الزمن. أما الجنوب فاستمر فيه حكم الملوك الفراعنة.
رعايا الهكسوس في الشمال المصري هم رعايا الفراعنة مع الهكسوس الذين وفدوا فاتحين للشمال.
إذن لم يحل الهكسوس محل الفراعنة، بل محل سلطة ملوك الفراعنة. وهكذا كان الأمر في كل الشعوب القديمة يتغير رأس السلطة ويكون الولاء للحاكم. ونمثل لذلك للتوضيح باحتلال فرنسا للجزائر لمدة 132 سنة.
خلال هذه الفترة الطويلة كانت الناس تختلط في تجارتها وتعاملها، فلا حواجز كما هو اليوم. بمعنى أننا يجب أن لا نسحب واقعنا المعاصر على الأمم قديماً.
من هنا كانت دعوة يوسف عليه السلام للهكسوس وللفراعنة في مصر، بل إن مجيء أهله من البدو في فلسطين إلى مصر لأخذ الميرة يشعرك بوحدة الحال، حيث كان الهكسوس قبائل بدوية قادمة من بلاد الشام.
الأخ بحيي:
وصف فرعون كان لمن تبع موسى عليه السلام، وهم الأقل من بني إسرائيل:"فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه..". ثم إن من عادة الطغاة أن يقللوا من شأن خصومهم.
الناس يميلون إلى الاقتداء بنظرائهم في المكانة الاجتماعية، وكأن مؤمن آل فرعون - رحمه الله - أراد أن يستميلهم نحو الإسلام ببيان أنه ليس دين العامة وحسب، ولن يقدح دخولهم الإسلام في مكانتهم الاجتماعية؛ كما لم يقدح إسلام يوسف عليه السلام بمكانته، ويغض من مقامه.. فحين تدخلون دين الإسلام فأنتم لستم - بالضرورة - تتبعون شريعة موسى عليه السلام نبي العوام (بنظركم)، بل أنتم أيضاً تتبعون الشريعة ذاتها التي جاء بها يوسف عليه السلام (من قبل).