عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,331
- مستوى التفاعل
- 138
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
صدرت عن مكتبة مدبولي بالقاهرة عام 2002م الطبعة الأولى من كتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم ) الذي كتبه سعد بن عبدالمطلب العدل .
[align=center]
[/align]
وقد أثار هذا الكتاب استياء عدد كبير من الباحثين المتخصصين في الدراسات القرآنية واللغة المصرية القديمة على حد سواء ؛ لجناية مؤلفه على التخصصين ، وتطفله عليهما ، فلا هو من أهل التخصص في الدراسات القرآنية المجيدين لأصول التعامل معها ، ولا هو من أهل التخصص في اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) التي يزعم أنها تفسر القرآن الكريم . وإِنَّما حَمَله على تأليف هذا الكتاب - كما يَحملُ غيَرَهُ من المشككين في القرآن ، والمتنقصين للغة القرآن ، ولسان العرب – الرغبةُ في الطعن في القرآن تحت ستار التجديد ، ومحاولة إعادة قراءة القرآن قراءة جديدة ، أو العبث بالعلم ، وقلة المبالاة به ولا بأهله ، وليس أضر على العلوم من الواغلين والمتطفلين على موائدها وهم من غير أهلها.
ولا ينقضي عجبي من تطاول أمثال مؤلف هذا الكتاب ، وكثرة مراوغته لمن يناقشه من العلماء والباحثين ، مع ضعف حجته ، وقلة علمه ، وضعف لغته العربية كما ظهر من كتابه وفهمه للنصوص ، وما يدعيه من اللغات الأخرى بشهادة أهل الاختصاص . ولا أراه إلا كغيره من الأدعياء الذين أفسدوا العلوم ، وأثاروا حولها الجدل والمراء ، وأطلقوا دعوات عريضة للتجديد لا يقومون بحقها ، مع بعدهم عن التخصص في هذا العلم الشريف وهو التفسير ، وعدم قيامهم بأدواته حق القيام ، وتذرعهم بحرية البحث العلمي ، والتعبير عن الرأي ، التي أصبحت عصاً غليظة يرفعها أهل الجهل في وجوه حماة العلم ، وأهل التخصص في كل الفنون ، وهم ليسوا إلا أهل ثَرْثرةٍ وتَرْترةٍ وبَرْبَرةٍ ، ولكنها ثرثرة مزعجة ، وجعجعة وصياح ينذران إن سكت أهل العلم عنها بفساد وبيل في ثقافتنا الإسلامية ، ولوثة خطيرة في لغتنا العربية ، وما أُشبِّهُ هذه الدعواتِ المشبوهةِ ، والدراسات العابثة إلا بأفعي أبي محمد الفقعسي :
[align=center]كشيشُ أَفعى أَجمعتْ لِعَضِّ * فهي تحكُّ بعضَها ببعضِّ[/align]
وقد عرض المؤلف كتابه هذا على عدد من أهل العلم والتخصص ، فأما أهل الثقة والعدالة منهم فقد ردوه ، وانتقدوه ، وبينوا للمؤلف خطأه ، ولكنه كابر وعاند ، ورد عليهم بردود تدل على مبلغه من العلم. وأما من لم يفهم الفكرة- إن أحسنَّا الظن - ، أو لم يقرأ الكتاب ، فقد قرظ الكتاب ومدح صاحبه .
وقد أرفق الناشر مع الكتاب صورة خطاب موجه من شيخ الجامع الأزهر الأستاذ الدكتور سيد طنطاوي عفا الله عنه ، يثني فيه على جهد الكاتب في كتابه ، وأنا أشكك في هذا الخطاب ، أو أن الشيخ لم يقرأ الكتاب وإنما كلف به بعض الباحثين فلم يتنبه لخطره. وقد أنصفت مكتبة مدبولي عندما نشرت الكتاب ، ونشرت معه الملاحق التي تختلف مع الكتاب فيما ذهب إليه .
وقد تناول الكتابَ عددٌ من العلماء والباحثين ، في الصحف والمجلات والإذاعة ، تناولوه بالنقد ، والرد ، ولم أطلع على كاتبٍ متخصص يثني على الكتاب ، ولعل في طرح الموضوع للحوار في ملتقى أهل التفسير ما يثري هذا الجانب.
وممن تعرض للكتاب بالنقد والرد الأستاذ الدكتور عبدالعظيم المطعني وفقه الله ، حيث تناوله في عدد من المقالات ، وفي حلقات إذاعية في إذاعة القرآن الكريم المصرية.
وإني لأعجب من الأستاذ الجليل الدكتور محمد رجب البيومي وفقه الله ، وهو العالم والناقد ، كيف قدَّم لهذا الكتاب ؟ مع أنه تحفظ في عبارات التقديم ، ودعا إلى نقد الكتاب ، وأكاد أجزم أنه لم يستوف قراءة الكتاب ، ولو فعل لما كتب ذلك التقديم على ذلك الوجه ، لدقته في النقد ، ودراساته المعروفة الواسعة التي تتبع فيها كثيراً من الأدباء والكتاب ، وهو مجتهد في تقديمه على كل حال.
وقد عُرِضَ هذا الكتابُ على مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة ، وكلفوا أحد أعضاء المجمع بكتابة تقرير عنه ، فكتبه الأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد وفقه الله ، وخلص فيه إلى رد هذا الكتاب جملة وتفصيلاً ، وقال في خاتمة تقريره الذي نشرته مجلة المجمع الفقهي الإسلامي في عددها العشرين الصادر 1426هـ (327-394):
(والخلاصة في شأن الكتاب وصاحبه :
أولاً : أن الكتاب يقوم على فكرةٍ باطلةٍ ، ومنهاجٍ فاسدٍ ، وتطبيقٍ يُلحدُ في آيات الله إلحاداً مبيناً.
ثانياً : أَنَّ المؤلف ينبغي أن يُدعى إلى التوبةِ النصوحِ ، والبراءةِ مِمَّا كتبهُ ، وجادلَ به ، إنْ كان يريد الخيرَ والنجاة لنفسه.
ثالثاً : أَنَّ المؤلفَ والكتابَ بِمعزلٍ تامٍّ عن الوفاء بشروطِ الاجتهاد الصحيح ، والمُجتهدِ الملتزمِ بالأصولِ والقواعدِ العلميَّةِ والدينية التي أجمعَ عليها المُحققونَ من علماءِ الأمةِ والمفسرين خاصة طوال التاريخ.
رابعاً : ندعو المفكرين والأدباء والباحثين إلى الاجتهاد النافع الذي يجمع أمة الإسلام ، ولا يفرقها ، وتحاشى الطعن في دينها وتاريخها المجيد ، وهذه مهمتهم الجليلة ، التي يسألون عنها عند الله يوم القيامة.
خامساً : لا ينبغي للمؤسسات الإسلامية تبني مثل هذه الكتب لا بالنشر ، ولا بالتقريظ ، ولا بالتساهل ولا المجامىت بحجة حرية الفكر والاجتهاد ونحوهما ؛ فإن في ذلك فساداً عظيماً ، يخدع جمهور الأمة ، ويوقع الفتنة بين الناس.
ولذلك أقترح على رابطة العالم الإسلامي – بما لها من ثقة في مجال الدعوة الصحيحة – أن تكاتب الأزهر الشريف في شأن هذا الكتاب حتى لا يستغل المؤلف موقفهم منه في نشر أفكاره الضالة. وينبغي أيضاً نشر كتاب في الرد عليه تفصيلاً ، فإن هذا التقرير – مع طوله – لم يتسع لذلك ، وإلا جاء أضعافاً مضاعفة) أ.هـ.
وقد عُرِضَ الكتابُ على الأستاذ الدكتور عبدالحليم نور الدين – أستاذ اللغة المصرية القديمة ، ورئيس قسم الآثار المصرية بجامعة القاهرة ، فبين استنكاره لما جاء في هذا الكتاب ، وأبان عن علمٍ جمٍ في مجال تخصصه ، ومنهج علمي دقيق في تناول المسائل ، وعقل منصف في الوقوف عند حدود التخصص ، ومما قاله :
(أرى أنه لا بد من وجود لجان متخصصة تطرح عليها مثل هذه الكتب قبل التصريح بطبعها وتداولها ، وبالنسبة لهذا الكتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم) فإنني أرى أن الأزهر الشريف أخطأ في حق القرآن الكريم قبل أن يخطئ في حق اللغة المصرية القديمة ، فمع كل التقدير والإجلال لعلماء الدين فقد كان من الضروري أن يطلب الأزهر من المؤلف أن يعرض كتابه أولاً على أساتذة اللغة المصرية القديمة لمناقشتها ، والتحقق مما جاء في الكتاب ؛ لأنه يتعرض لسر من أسرار الله تعالى ، أراد الباحث أن يخوض في تفسيره دون دراية كافية بالأدوات التي استخدمها ، وهي مفردات اللغة المصرية التي عاشت أكثر من أربعة الآف عام ، ومرت بمراحل مختلفة ، اعتمد الكاتب على مرحلة واحدة منها في تفسيره ، وهي العصر الوسيط ، مما جعله يخوض فيما لا نستطيع – بعلمنا المتواضع – أن نخوض فيه). انظر الرد في ملاحق الكتاب ص 187-196.
ولا غرابة في تواضع هذا العالم الجليل المتخصص في اللغة المصرية القديمة ، فهذا دأبُ العلماءِ ، وأَدبُ الباحثين ، والشيء من معدنه لا يُستَغربُ ، بل إنه يقول في أثناء حديثه (إنني على الرغم من تخصصي في الآثار لا أجرؤ على الحديث في الآثار الإسلامية أو المسيحية ، لأنني متخصص في الآثار المصرية).
وهذا كلام عالم عرفَ حَدَّهُ ، ووقفَ عندَهُ ، فاستحقَّ التقدير مِنّا جَميعاً ، وفقه الله ونفع به. وهذا أدب يجب علينا جميعاً احتذائه ، واحترام تخصصات الآخرين ، وعدم التقدم بين يدي أهل التخصص ، فهذا أدعى للثقة بما نحمله من العلم ، وأدل على عقل الباحث ، وحسن تربيته وذوقه العلمي والأدبي. بخلاف من يخوض في كل علم ، ويكتب في كل فن ، بغير علم ولا هدى ، فإنه لا يحظى بالتقدير والثقة. وحتى تعرف مدى علم مؤلف الكتاب ، تأمل رده على عبارات الدكتور عبدالحليم نور الدين المتواضعة التي تدل على عقله وأدبه.[انظر: ص197-206]
والذي دفعني إلى كتابة هذه المشاركة هو اطلاعي على الكتاب نفسه قديماً ، ثم اطلاعي على التقرير الذي كتبه الأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة أم القرى ، وعضو مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة الذي نشرته مجلة المجمع الفقهي مؤخراً ، ثم أخيراً ملاحظة كثرة الطاعنين في القرآن من كل جهة ، بغير علم ، ولا أدب ، ولا مراعاة لتخصص ، ولا لقداسة القرآن ، ولا لحرمة التفسير والتقول على الله بغير علم.
وقد رغبت من وراء طرحه في الملتقى إطلاع الإخوة على فكرة هذا الكتاب ، وبيان الردود التي صدرت حوله.
وقبل نشري للمشاركة بحثت في الانترنت (عن طريق جوجل) عن هذا الكتاب ، فأسعدني وجود بحث قيم للأستاذ الكريم علي بن عبد الرحمن القضيب العويشز بعنوان (الرد على كتاب الهيروغليفية تفسّر القرآن الكريم) ، لعله أحد بحوث الدراسة التمهيدية لمرحلة الماجستير أو الدكتوراه بكلية التربية بجامعة الملك سعود ، وقد نقلت البحث إلى مكتبة شبكة التفسير لفائدته ، وحتى ينتفع به القراء في هذا الموقع إن شاء الله.
فكرة كتاب الهيروغليفية الأساسية :
ردُّ القول بأَنَّ الحروف المقطعة التي في أوائل السور هي حروفٌ هجائيَّةٌ ، والذهاب إلى أَنَّها كلماتٌ وجُمَلٌ لها معانٍ في اللغة المصرية القديمة المعروفة باللغة الهيروغليفية.
أما المنهج الذي استخدمه الكاتب :
يقول المؤلف : (المنهج الذي سنستخدمه في كتابنا هو : تحديد الرموز القرآنية المعجمة التي في أول السور الـ - 29 ، وإعادة كتابتها بلغتها الأصلية ، ثم البحث في معانيها في قاموس اللغة المصرية القديمة ، ثم التأكد من صحة معناها في السياق ، سواء بالحس اللغوي التفسيري أو بما نستطيع الحصول عليه من كتب السيرة والسنة من إشارات في هذا الاتجاه.
وهدف هذا الكتاب :
1. تعيين اللغات المقدسة (- اللغة المصرية القديمة ، اللغة البابلية وعلى وجه التحديد في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد ، واللغة العبرية ن اللغة العربية -) وإعلاء شأنها على سائر اللغات ، حتى نتفادى أن يفسر مجتهد كلمات معجمة في القرآن الكريم بلغات أخرى غير المقدسة لمجرد تشابه كلمة معها ؛ كأن يقول قائل في معنى (فرت من قسورة) : الأسد ، ويشرح كلمة قسورة بلغة اخرى (الحبشية) غير مقدسة مثلا (وكلمة قسورة أيضا كلمة مصرية وتعني : (رامي الحربة) . فإن هو فسر بها كلمة فلن تسمو تلك اللغة لتفسر كلمات أخرى ، وربما كانت تلك اللغة قد انتقلت إليها الكلمات من المصرية لانها ليست بأقدم من اللغة المصرية .
2. لا بد وأن يأتي المنهج بثمرة ويضيف إلى تفسير الآيات ما يستأهل الأخذ بهذا المنهج .
3. لا بد وأن يعاون المنهج على الكشف عن أسرار جديدة في القرآن- ذَكَّرني هذا الكلام بصاحب موقع أسرار القرآن ! - ، من أسرار الله وعلوم وتاريخ . . . إلخ .
4. واخيراً ليتضح معنى الآيات التي ورد بها الرمز في محاولة للوصول إلى مراد الله عز وجل .
5. لتأكيد بلاغة القرآن حتى وإن احتوى بعض الكلمات المعجمة حيث غن وضعها في سياقها وتوظيفها في مكانها في الآيات يشير إلى بلاغة عالية رفيعة مما سنشير إليه في موضعه .
فاستخدام المنهج المذكور ليس مجرد شرح مفردات أو أن كلمة ما تساوي كلمة أخرى من لغة أخرى وحسب ، بل لا بد وأن تضيف هذه المعلومة الجديدة كشوفا جديدة إلى تفسير النص ، وشرحها يساعد في توضيح المراد الحقيقي الذي أراده الله عز وجل ، وإلا كانت هذه العملية برمتها لا فائدة منها ولا طائل )[ص 31-32]
وأدعو في ختام هذا المقال الإخوةَ القراء الفضلاء إلى الاطلاع على :
- مجلة المجمع الفقهي الإسلامي ، العدد العشرون 1426 ، تقرير علمي عن كتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم) للأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد 327-394
- بحث (الرد على كتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم)) للباحث علي بن عبد الرحمن القضيب العويشز ، وهو في المرفقات .
- قراءة الكتاب نفسه والملاحق التي ذيل بها الكتاب .
صدرت عن مكتبة مدبولي بالقاهرة عام 2002م الطبعة الأولى من كتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم ) الذي كتبه سعد بن عبدالمطلب العدل .
[align=center]
وقد أثار هذا الكتاب استياء عدد كبير من الباحثين المتخصصين في الدراسات القرآنية واللغة المصرية القديمة على حد سواء ؛ لجناية مؤلفه على التخصصين ، وتطفله عليهما ، فلا هو من أهل التخصص في الدراسات القرآنية المجيدين لأصول التعامل معها ، ولا هو من أهل التخصص في اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) التي يزعم أنها تفسر القرآن الكريم . وإِنَّما حَمَله على تأليف هذا الكتاب - كما يَحملُ غيَرَهُ من المشككين في القرآن ، والمتنقصين للغة القرآن ، ولسان العرب – الرغبةُ في الطعن في القرآن تحت ستار التجديد ، ومحاولة إعادة قراءة القرآن قراءة جديدة ، أو العبث بالعلم ، وقلة المبالاة به ولا بأهله ، وليس أضر على العلوم من الواغلين والمتطفلين على موائدها وهم من غير أهلها.
ولا ينقضي عجبي من تطاول أمثال مؤلف هذا الكتاب ، وكثرة مراوغته لمن يناقشه من العلماء والباحثين ، مع ضعف حجته ، وقلة علمه ، وضعف لغته العربية كما ظهر من كتابه وفهمه للنصوص ، وما يدعيه من اللغات الأخرى بشهادة أهل الاختصاص . ولا أراه إلا كغيره من الأدعياء الذين أفسدوا العلوم ، وأثاروا حولها الجدل والمراء ، وأطلقوا دعوات عريضة للتجديد لا يقومون بحقها ، مع بعدهم عن التخصص في هذا العلم الشريف وهو التفسير ، وعدم قيامهم بأدواته حق القيام ، وتذرعهم بحرية البحث العلمي ، والتعبير عن الرأي ، التي أصبحت عصاً غليظة يرفعها أهل الجهل في وجوه حماة العلم ، وأهل التخصص في كل الفنون ، وهم ليسوا إلا أهل ثَرْثرةٍ وتَرْترةٍ وبَرْبَرةٍ ، ولكنها ثرثرة مزعجة ، وجعجعة وصياح ينذران إن سكت أهل العلم عنها بفساد وبيل في ثقافتنا الإسلامية ، ولوثة خطيرة في لغتنا العربية ، وما أُشبِّهُ هذه الدعواتِ المشبوهةِ ، والدراسات العابثة إلا بأفعي أبي محمد الفقعسي :
[align=center]كشيشُ أَفعى أَجمعتْ لِعَضِّ * فهي تحكُّ بعضَها ببعضِّ[/align]
وقد عرض المؤلف كتابه هذا على عدد من أهل العلم والتخصص ، فأما أهل الثقة والعدالة منهم فقد ردوه ، وانتقدوه ، وبينوا للمؤلف خطأه ، ولكنه كابر وعاند ، ورد عليهم بردود تدل على مبلغه من العلم. وأما من لم يفهم الفكرة- إن أحسنَّا الظن - ، أو لم يقرأ الكتاب ، فقد قرظ الكتاب ومدح صاحبه .
وقد أرفق الناشر مع الكتاب صورة خطاب موجه من شيخ الجامع الأزهر الأستاذ الدكتور سيد طنطاوي عفا الله عنه ، يثني فيه على جهد الكاتب في كتابه ، وأنا أشكك في هذا الخطاب ، أو أن الشيخ لم يقرأ الكتاب وإنما كلف به بعض الباحثين فلم يتنبه لخطره. وقد أنصفت مكتبة مدبولي عندما نشرت الكتاب ، ونشرت معه الملاحق التي تختلف مع الكتاب فيما ذهب إليه .
وقد تناول الكتابَ عددٌ من العلماء والباحثين ، في الصحف والمجلات والإذاعة ، تناولوه بالنقد ، والرد ، ولم أطلع على كاتبٍ متخصص يثني على الكتاب ، ولعل في طرح الموضوع للحوار في ملتقى أهل التفسير ما يثري هذا الجانب.
وممن تعرض للكتاب بالنقد والرد الأستاذ الدكتور عبدالعظيم المطعني وفقه الله ، حيث تناوله في عدد من المقالات ، وفي حلقات إذاعية في إذاعة القرآن الكريم المصرية.
وإني لأعجب من الأستاذ الجليل الدكتور محمد رجب البيومي وفقه الله ، وهو العالم والناقد ، كيف قدَّم لهذا الكتاب ؟ مع أنه تحفظ في عبارات التقديم ، ودعا إلى نقد الكتاب ، وأكاد أجزم أنه لم يستوف قراءة الكتاب ، ولو فعل لما كتب ذلك التقديم على ذلك الوجه ، لدقته في النقد ، ودراساته المعروفة الواسعة التي تتبع فيها كثيراً من الأدباء والكتاب ، وهو مجتهد في تقديمه على كل حال.
وقد عُرِضَ هذا الكتابُ على مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة ، وكلفوا أحد أعضاء المجمع بكتابة تقرير عنه ، فكتبه الأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد وفقه الله ، وخلص فيه إلى رد هذا الكتاب جملة وتفصيلاً ، وقال في خاتمة تقريره الذي نشرته مجلة المجمع الفقهي الإسلامي في عددها العشرين الصادر 1426هـ (327-394):
(والخلاصة في شأن الكتاب وصاحبه :
أولاً : أن الكتاب يقوم على فكرةٍ باطلةٍ ، ومنهاجٍ فاسدٍ ، وتطبيقٍ يُلحدُ في آيات الله إلحاداً مبيناً.
ثانياً : أَنَّ المؤلف ينبغي أن يُدعى إلى التوبةِ النصوحِ ، والبراءةِ مِمَّا كتبهُ ، وجادلَ به ، إنْ كان يريد الخيرَ والنجاة لنفسه.
ثالثاً : أَنَّ المؤلفَ والكتابَ بِمعزلٍ تامٍّ عن الوفاء بشروطِ الاجتهاد الصحيح ، والمُجتهدِ الملتزمِ بالأصولِ والقواعدِ العلميَّةِ والدينية التي أجمعَ عليها المُحققونَ من علماءِ الأمةِ والمفسرين خاصة طوال التاريخ.
رابعاً : ندعو المفكرين والأدباء والباحثين إلى الاجتهاد النافع الذي يجمع أمة الإسلام ، ولا يفرقها ، وتحاشى الطعن في دينها وتاريخها المجيد ، وهذه مهمتهم الجليلة ، التي يسألون عنها عند الله يوم القيامة.
خامساً : لا ينبغي للمؤسسات الإسلامية تبني مثل هذه الكتب لا بالنشر ، ولا بالتقريظ ، ولا بالتساهل ولا المجامىت بحجة حرية الفكر والاجتهاد ونحوهما ؛ فإن في ذلك فساداً عظيماً ، يخدع جمهور الأمة ، ويوقع الفتنة بين الناس.
ولذلك أقترح على رابطة العالم الإسلامي – بما لها من ثقة في مجال الدعوة الصحيحة – أن تكاتب الأزهر الشريف في شأن هذا الكتاب حتى لا يستغل المؤلف موقفهم منه في نشر أفكاره الضالة. وينبغي أيضاً نشر كتاب في الرد عليه تفصيلاً ، فإن هذا التقرير – مع طوله – لم يتسع لذلك ، وإلا جاء أضعافاً مضاعفة) أ.هـ.
وقد عُرِضَ الكتابُ على الأستاذ الدكتور عبدالحليم نور الدين – أستاذ اللغة المصرية القديمة ، ورئيس قسم الآثار المصرية بجامعة القاهرة ، فبين استنكاره لما جاء في هذا الكتاب ، وأبان عن علمٍ جمٍ في مجال تخصصه ، ومنهج علمي دقيق في تناول المسائل ، وعقل منصف في الوقوف عند حدود التخصص ، ومما قاله :
(أرى أنه لا بد من وجود لجان متخصصة تطرح عليها مثل هذه الكتب قبل التصريح بطبعها وتداولها ، وبالنسبة لهذا الكتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم) فإنني أرى أن الأزهر الشريف أخطأ في حق القرآن الكريم قبل أن يخطئ في حق اللغة المصرية القديمة ، فمع كل التقدير والإجلال لعلماء الدين فقد كان من الضروري أن يطلب الأزهر من المؤلف أن يعرض كتابه أولاً على أساتذة اللغة المصرية القديمة لمناقشتها ، والتحقق مما جاء في الكتاب ؛ لأنه يتعرض لسر من أسرار الله تعالى ، أراد الباحث أن يخوض في تفسيره دون دراية كافية بالأدوات التي استخدمها ، وهي مفردات اللغة المصرية التي عاشت أكثر من أربعة الآف عام ، ومرت بمراحل مختلفة ، اعتمد الكاتب على مرحلة واحدة منها في تفسيره ، وهي العصر الوسيط ، مما جعله يخوض فيما لا نستطيع – بعلمنا المتواضع – أن نخوض فيه). انظر الرد في ملاحق الكتاب ص 187-196.
ولا غرابة في تواضع هذا العالم الجليل المتخصص في اللغة المصرية القديمة ، فهذا دأبُ العلماءِ ، وأَدبُ الباحثين ، والشيء من معدنه لا يُستَغربُ ، بل إنه يقول في أثناء حديثه (إنني على الرغم من تخصصي في الآثار لا أجرؤ على الحديث في الآثار الإسلامية أو المسيحية ، لأنني متخصص في الآثار المصرية).
وهذا كلام عالم عرفَ حَدَّهُ ، ووقفَ عندَهُ ، فاستحقَّ التقدير مِنّا جَميعاً ، وفقه الله ونفع به. وهذا أدب يجب علينا جميعاً احتذائه ، واحترام تخصصات الآخرين ، وعدم التقدم بين يدي أهل التخصص ، فهذا أدعى للثقة بما نحمله من العلم ، وأدل على عقل الباحث ، وحسن تربيته وذوقه العلمي والأدبي. بخلاف من يخوض في كل علم ، ويكتب في كل فن ، بغير علم ولا هدى ، فإنه لا يحظى بالتقدير والثقة. وحتى تعرف مدى علم مؤلف الكتاب ، تأمل رده على عبارات الدكتور عبدالحليم نور الدين المتواضعة التي تدل على عقله وأدبه.[انظر: ص197-206]
والذي دفعني إلى كتابة هذه المشاركة هو اطلاعي على الكتاب نفسه قديماً ، ثم اطلاعي على التقرير الذي كتبه الأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة أم القرى ، وعضو مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة الذي نشرته مجلة المجمع الفقهي مؤخراً ، ثم أخيراً ملاحظة كثرة الطاعنين في القرآن من كل جهة ، بغير علم ، ولا أدب ، ولا مراعاة لتخصص ، ولا لقداسة القرآن ، ولا لحرمة التفسير والتقول على الله بغير علم.
وقد رغبت من وراء طرحه في الملتقى إطلاع الإخوة على فكرة هذا الكتاب ، وبيان الردود التي صدرت حوله.
وقبل نشري للمشاركة بحثت في الانترنت (عن طريق جوجل) عن هذا الكتاب ، فأسعدني وجود بحث قيم للأستاذ الكريم علي بن عبد الرحمن القضيب العويشز بعنوان (الرد على كتاب الهيروغليفية تفسّر القرآن الكريم) ، لعله أحد بحوث الدراسة التمهيدية لمرحلة الماجستير أو الدكتوراه بكلية التربية بجامعة الملك سعود ، وقد نقلت البحث إلى مكتبة شبكة التفسير لفائدته ، وحتى ينتفع به القراء في هذا الموقع إن شاء الله.
فكرة كتاب الهيروغليفية الأساسية :
ردُّ القول بأَنَّ الحروف المقطعة التي في أوائل السور هي حروفٌ هجائيَّةٌ ، والذهاب إلى أَنَّها كلماتٌ وجُمَلٌ لها معانٍ في اللغة المصرية القديمة المعروفة باللغة الهيروغليفية.
أما المنهج الذي استخدمه الكاتب :
يقول المؤلف : (المنهج الذي سنستخدمه في كتابنا هو : تحديد الرموز القرآنية المعجمة التي في أول السور الـ - 29 ، وإعادة كتابتها بلغتها الأصلية ، ثم البحث في معانيها في قاموس اللغة المصرية القديمة ، ثم التأكد من صحة معناها في السياق ، سواء بالحس اللغوي التفسيري أو بما نستطيع الحصول عليه من كتب السيرة والسنة من إشارات في هذا الاتجاه.
وهدف هذا الكتاب :
1. تعيين اللغات المقدسة (- اللغة المصرية القديمة ، اللغة البابلية وعلى وجه التحديد في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد ، واللغة العبرية ن اللغة العربية -) وإعلاء شأنها على سائر اللغات ، حتى نتفادى أن يفسر مجتهد كلمات معجمة في القرآن الكريم بلغات أخرى غير المقدسة لمجرد تشابه كلمة معها ؛ كأن يقول قائل في معنى (فرت من قسورة) : الأسد ، ويشرح كلمة قسورة بلغة اخرى (الحبشية) غير مقدسة مثلا (وكلمة قسورة أيضا كلمة مصرية وتعني : (رامي الحربة) . فإن هو فسر بها كلمة فلن تسمو تلك اللغة لتفسر كلمات أخرى ، وربما كانت تلك اللغة قد انتقلت إليها الكلمات من المصرية لانها ليست بأقدم من اللغة المصرية .
2. لا بد وأن يأتي المنهج بثمرة ويضيف إلى تفسير الآيات ما يستأهل الأخذ بهذا المنهج .
3. لا بد وأن يعاون المنهج على الكشف عن أسرار جديدة في القرآن- ذَكَّرني هذا الكلام بصاحب موقع أسرار القرآن ! - ، من أسرار الله وعلوم وتاريخ . . . إلخ .
4. واخيراً ليتضح معنى الآيات التي ورد بها الرمز في محاولة للوصول إلى مراد الله عز وجل .
5. لتأكيد بلاغة القرآن حتى وإن احتوى بعض الكلمات المعجمة حيث غن وضعها في سياقها وتوظيفها في مكانها في الآيات يشير إلى بلاغة عالية رفيعة مما سنشير إليه في موضعه .
فاستخدام المنهج المذكور ليس مجرد شرح مفردات أو أن كلمة ما تساوي كلمة أخرى من لغة أخرى وحسب ، بل لا بد وأن تضيف هذه المعلومة الجديدة كشوفا جديدة إلى تفسير النص ، وشرحها يساعد في توضيح المراد الحقيقي الذي أراده الله عز وجل ، وإلا كانت هذه العملية برمتها لا فائدة منها ولا طائل )[ص 31-32]
وأدعو في ختام هذا المقال الإخوةَ القراء الفضلاء إلى الاطلاع على :
- مجلة المجمع الفقهي الإسلامي ، العدد العشرون 1426 ، تقرير علمي عن كتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم) للأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد 327-394
- بحث (الرد على كتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم)) للباحث علي بن عبد الرحمن القضيب العويشز ، وهو في المرفقات .
- قراءة الكتاب نفسه والملاحق التي ذيل بها الكتاب .