بشير عبدالعال
Member
قوله تعالى في سورة الأنبياء :{ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17)}
قال الطبري رحمه الله :
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : { لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاَتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ }.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ زَوْجَةً وَوَلَدًا لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ مِنْ عِنْدَنَا ، وَلَكِنَّا لاَ نَفْعَلُ ذَلِكَ ، وَلاَ يَصْلُحُ لَنَا فِعْلُهُ , وَلاَ يَنْبَغِي , لِأَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ وَلَدٌ , وَلاَ صَاحِبَةٌ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
- حَدَّثَنِي سُلَيْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَيْلاَنِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي جسرةَ ، قَالَ : شَهِدْتُ الْحَسَنَ بِمَكَّةَ قَالَ : وَجَاءَهُ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ ، فَسَأَلُوهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاَتَّخَذْنَاهُ } قَالَ الْحَسَنُ : اللَّهْوُ : الْمَرْأَةُ.
- حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : { لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا } قَالَ : زَوْجَةً.
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : { لاَتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا } مِنْ عِنْدَنَا ، وَمَا خَلَقْنَا جَنَّةً , وَلاَ نَارًا , وَلاَ مَوْتًا , وَلاَ بَعْثًا , ولا حسابا.
وَقَوْلُهُ : { إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ }.
- حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : { إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ } يَقُولُ : مَا كُنَّا فَاعِلِينَ.
قال ابن كثير رحمه الله :
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} يَعْنِي: مِنْ عِنْدِنَا، يَقُولُ: وَمَا خَلَقْنَا جَنَّةً وَلَا نَارًا، وَلَا مَوْتًا، وَلَا بَعْثًا، وَلَا حِسَابًا.
وَقَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمَا: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا} اللهو: المرأة بلسان أهل اليمن.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخعِي: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ} مِنْ الْحُورِ الْعِينِ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ: الْمُرَادُ بِاللَّهْوِ هَاهُنَا: الْوَلَدُ.
وَهَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ مُتَلَازِمَانِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ} [الزُّمَرِ:4] ، فَنَزَّهَ نَفْسَهُ عَنِ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ مُطْلَقًا، لَا سِيَّمَا عَمَّا يَقُولُونَ مِنَ الْإِفْكِ وَالْبَاطِلِ، مِنَ اتِّخَاذِ عِيسَى، أَوِ الْعُزَيْرِ أَوْ الْمَلَائِكَةِ، {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الْإِسْرَاءِ:43]
وَقَوْلُهُ: {إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} قَالَ قَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَم، أَيْ: مَا كُنَّا فَاعِلِينَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ "إِنْ" فَهُوَ إِنْكَارٌ.
قال في التحرير والتنوير :
وَجُمْلَةُ لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً مُقَرِّرَةٌ لِمَعْنَى جُمْلَةِ وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ تَقْرِيرًا بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ، وَتَعْلِيلًا لِنَفْيِ أَنْ يَكُونَ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَعِبًا، أَيْ عَبَثًا بِأَنَّ اللَّعِبَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِنَا أَوْ عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّنَازُلِ لَوْ أَرَدْنَا اللَّهْوَ لَكَانَ مَا يَلْهُو بِهِ حَاصِلًا فِي أَشْرَفِ الْأَمَاكِنِ مِنَ السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهَا أَشَدُّ اخْتِصَاصًا بِاللَّهِ تَعَالَى إِذْ جَعَلَ سُكَّانَهَا عِبَادًا لَهُ مُخْلِصِينَ، فَلِذَلِكَ عُبِّرَ عَنْهَا بَاسِمِ الظَّرْفِ الْمُخْتَصِّ وَهُوَ لَدُنْ مُضَافًا إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ لَدُنَّا، أَيْ غَيْرَ الْعَوَالِمِ الْمُخْتَصَّةِ بِكُمْ بَلْ لَكَانَ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ اخْتِصَاصًا بِنَا إِذْ هُوَ عَالَمُ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ.
فَالظَّرْفِيَّةُ الْمُفَادَةُ مِنْ لَدُنْ ظَرْفِيَّةٌ مَجَازِيَّةٌ. وَإِضَافَةُ لَدُنْ إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ دَلَالَةُ عَلَى الرِّفْعَةِ وَالتَّفْضِيلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا فِي سُورَةِ [الْقَصَصِ: 57] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً فِي سُورَة [آلِ عِمْرَانَ: 8] ، أَيْ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نتَّخذ لهوا لما كَانَ اتِّخَاذُهُ فِي عَالَمِ شَهَادَتِكُمْ. وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ بِاللُّزُومِ الْعُرْفِيِّ لِأَنَّ شَأْنَ مَنْ يَتَّخِذُ شَيْئًا لِلتَّفَكُّهِ بِهِ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِهِ وَلَا يُبِيحَهُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مُتَعَارَفِ عُقُولِ الْمُخَاطَبِينَ مِنْ ظَنِّهِمْ أَنَّ الْعَوَالِمَ الْعُلْيَا أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَجُمْلَةُ إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ إِنْ جَعَلْتَ (إِنْ) شَرْطِيَّةً فَارْتِبَاطُهَا بِالَّتِي قَبْلَهَا ارْتِبَاطُ الشَّرْطِ بِجَزَائِهِ الْمَحْذُوفِ الدَّالِّ عَلَيْهِ جَوَابُ (لَوْ) وَهُوَ جُمْلَةُ لَاتَّخَذْناهُ فَيَكُونُ تَكْرِيرًا لِلتَّلَازُمِ وَإِنْ جَعَلْتَ (إِنْ) حَرْفَ نَفْيٍ كَانَتِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً لِتَقْرِيرِ الِامْتِنَاعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ (لَوْ) ، أَيْ مَا كُنَّا فاعلين لهوا.
قلت : وفي طي هذه التفاسير ما يدعو للتأمل والحذر- لمن أراد الله له سلامة الوصول.
قال الطبري رحمه الله :
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : { لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاَتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ }.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ زَوْجَةً وَوَلَدًا لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ مِنْ عِنْدَنَا ، وَلَكِنَّا لاَ نَفْعَلُ ذَلِكَ ، وَلاَ يَصْلُحُ لَنَا فِعْلُهُ , وَلاَ يَنْبَغِي , لِأَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ وَلَدٌ , وَلاَ صَاحِبَةٌ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ
- حَدَّثَنِي سُلَيْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَيْلاَنِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي جسرةَ ، قَالَ : شَهِدْتُ الْحَسَنَ بِمَكَّةَ قَالَ : وَجَاءَهُ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ ، فَسَأَلُوهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاَتَّخَذْنَاهُ } قَالَ الْحَسَنُ : اللَّهْوُ : الْمَرْأَةُ.
- حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : { لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا } قَالَ : زَوْجَةً.
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : { لاَتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا } مِنْ عِنْدَنَا ، وَمَا خَلَقْنَا جَنَّةً , وَلاَ نَارًا , وَلاَ مَوْتًا , وَلاَ بَعْثًا , ولا حسابا.
وَقَوْلُهُ : { إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ }.
- حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : { إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ } يَقُولُ : مَا كُنَّا فَاعِلِينَ.
قال ابن كثير رحمه الله :
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} يَعْنِي: مِنْ عِنْدِنَا، يَقُولُ: وَمَا خَلَقْنَا جَنَّةً وَلَا نَارًا، وَلَا مَوْتًا، وَلَا بَعْثًا، وَلَا حِسَابًا.
وَقَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمَا: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا} اللهو: المرأة بلسان أهل اليمن.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخعِي: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ} مِنْ الْحُورِ الْعِينِ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ: الْمُرَادُ بِاللَّهْوِ هَاهُنَا: الْوَلَدُ.
وَهَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ مُتَلَازِمَانِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ} [الزُّمَرِ:4] ، فَنَزَّهَ نَفْسَهُ عَنِ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ مُطْلَقًا، لَا سِيَّمَا عَمَّا يَقُولُونَ مِنَ الْإِفْكِ وَالْبَاطِلِ، مِنَ اتِّخَاذِ عِيسَى، أَوِ الْعُزَيْرِ أَوْ الْمَلَائِكَةِ، {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الْإِسْرَاءِ:43]
وَقَوْلُهُ: {إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} قَالَ قَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَم، أَيْ: مَا كُنَّا فَاعِلِينَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ "إِنْ" فَهُوَ إِنْكَارٌ.
قال في التحرير والتنوير :
وَجُمْلَةُ لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً مُقَرِّرَةٌ لِمَعْنَى جُمْلَةِ وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ تَقْرِيرًا بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ، وَتَعْلِيلًا لِنَفْيِ أَنْ يَكُونَ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَعِبًا، أَيْ عَبَثًا بِأَنَّ اللَّعِبَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِنَا أَوْ عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّنَازُلِ لَوْ أَرَدْنَا اللَّهْوَ لَكَانَ مَا يَلْهُو بِهِ حَاصِلًا فِي أَشْرَفِ الْأَمَاكِنِ مِنَ السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهَا أَشَدُّ اخْتِصَاصًا بِاللَّهِ تَعَالَى إِذْ جَعَلَ سُكَّانَهَا عِبَادًا لَهُ مُخْلِصِينَ، فَلِذَلِكَ عُبِّرَ عَنْهَا بَاسِمِ الظَّرْفِ الْمُخْتَصِّ وَهُوَ لَدُنْ مُضَافًا إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ لَدُنَّا، أَيْ غَيْرَ الْعَوَالِمِ الْمُخْتَصَّةِ بِكُمْ بَلْ لَكَانَ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ اخْتِصَاصًا بِنَا إِذْ هُوَ عَالَمُ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ.
فَالظَّرْفِيَّةُ الْمُفَادَةُ مِنْ لَدُنْ ظَرْفِيَّةٌ مَجَازِيَّةٌ. وَإِضَافَةُ لَدُنْ إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ دَلَالَةُ عَلَى الرِّفْعَةِ وَالتَّفْضِيلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا فِي سُورَةِ [الْقَصَصِ: 57] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً فِي سُورَة [آلِ عِمْرَانَ: 8] ، أَيْ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نتَّخذ لهوا لما كَانَ اتِّخَاذُهُ فِي عَالَمِ شَهَادَتِكُمْ. وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ بِاللُّزُومِ الْعُرْفِيِّ لِأَنَّ شَأْنَ مَنْ يَتَّخِذُ شَيْئًا لِلتَّفَكُّهِ بِهِ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِهِ وَلَا يُبِيحَهُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مُتَعَارَفِ عُقُولِ الْمُخَاطَبِينَ مِنْ ظَنِّهِمْ أَنَّ الْعَوَالِمَ الْعُلْيَا أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَجُمْلَةُ إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ إِنْ جَعَلْتَ (إِنْ) شَرْطِيَّةً فَارْتِبَاطُهَا بِالَّتِي قَبْلَهَا ارْتِبَاطُ الشَّرْطِ بِجَزَائِهِ الْمَحْذُوفِ الدَّالِّ عَلَيْهِ جَوَابُ (لَوْ) وَهُوَ جُمْلَةُ لَاتَّخَذْناهُ فَيَكُونُ تَكْرِيرًا لِلتَّلَازُمِ وَإِنْ جَعَلْتَ (إِنْ) حَرْفَ نَفْيٍ كَانَتِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً لِتَقْرِيرِ الِامْتِنَاعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ (لَوْ) ، أَيْ مَا كُنَّا فاعلين لهوا.
قلت : وفي طي هذه التفاسير ما يدعو للتأمل والحذر- لمن أراد الله له سلامة الوصول.