لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ

إنضم
09/09/2009
المشاركات
80
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
هل قوله تعالى: ( لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) يندرج ضمن آيات الصفات أم لا؟
وعلى القول الأول فلماذا تأول كبار المفسرين كالطبري وابن كثير اليمين بالقوة؟
وعلى القول الثاني أي أنها ليست من آيات الصفات فما يؤمننا أن باقي ألفاظ اليمين في الآيات والأحاديث من الصفات أو ليست من الصفات؟
هل من ضابط أو قاعدة في التعامل مع مثل هذا اللبس؟
 
الضابط لغة العرب
فلا نصرف اللفظ عن ظاهره المتبادر إلى ذهن السامع فإذا كان استعمال العرب للفظ يدل على معنى الصفة حملناه عليها
وإن كان يدل على معنى آخر غير معنى الصفة لم نحمله عليها
فالقرآن نزل بلغة العرب
حتى إن منكري الصفات لم ينكروا أنهم في تأويلهم حملوا اللفظ على غير ظاهره، وادعوا أن ماحملهم لمخالفته للقواعد التي زعموها عقلية تخالف هذا الظاهر.
وهناك أمثلة أخرى
كقوله تعلى : يوم يكشف عن ساق
اختلف المفسرون في معناها المتبادر وما هو الظاهر منها؟
فالخلاف بين أهل السنة هل الظاهر منها أنه تدل على الصفة أو الظاهر أنها لا تدل على الصفة، كخلافهم في تفسير سائر آيات القرآن
وأما المعطلة فهم ينكرونها أصلا سواء كان ظاهرها يدل على الصفة أو لا
فيقولون بموجبها إن كانت لا تدل على الصفة في ظاهرها
ويقولون بتأويلها إن كانت تدل عليها في ظاهرها
والصفات التي يثبتها أهل السنة لها أدلة أخرى صريحة كالوجه واليمين والساق
وليس في ذكر اختلاف الصحابة أو التابعين أو أئمة السنة في هل الآية من آيات الصفات أو لا حجة -بحمد الله- للمعطلة على أهل الإثبات والله أعلم
 
كيف ننزل الضابط المذكور في قوله تعالى: ( لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ )
وما حكم تفسير الطبري وابن كثير لها؟
 
بارك الله فيك، وجزاك خيرا
وقد شرح صدري استفسارك في المشاركتين، وعلمت أنني أطارح طالب علم ذا قريحة،
فشجعني على المضي قدما في الحوار، مع المشقة وذهاب الوقت، لأنني أحرص أن أكتب ما يعين القارئ ويسهل تصوره، ولا أحب القص واللزق.
وقد أسعدني أنك تقف عند محل الإشكال مما يوفر الوقت بارك الله فيك وهداني وإياك للحق.
قوله تعالى : لأخذنا منه باليمين
في لغة العرب تنقسم الألفاظ الكلية إلى أقسام منها ما يسمى بالمتواطئ
وهو اللفظ الدال على أشياء متفقة في المعنى الذي دل عليه اللفظ مع اختلاف أعدادها
كالرجل يطلق على زيد وعمرو لاتفاقهما وتساويهما في معنى الرجولة
وهناك ما يسمى بالمشترك وهو اللفظ الموضوع لحقيقتين مختلفتين في المعنى كالمشتري على الكوكب والمبتاع
وسواء قلنا إن اليمين من الأول: وهو أن لفظ اليمين كما تدلت عليه المعاجم يعني اليمن والبركة والقوة واليد اليمني، ويكون اللفظ العام اليمن وهو ضد الشؤم فيكون معنى مشتركا بالتواطئ المشكك بين هذه الأشياء
أو من الثاني
وهو أن اليمين يطلق على كل من اليد، ويطلق بالاشتراك على القوة، والبركة
وعلى كلا القولين فتفسير الآية باليد اليمنى، أو بالقوة كله سائغ جار على لغة العرب، ولعلك تراجع تهذيب اللغة واللسان وغيرها
فهو بالوضع موضوع للحقيقتين إما بالاشتراك أو بالتواطؤ، وليست مجازا
وآيات الصفات هي من آيات القرآن التي جاءت بلغة العرب وليس لآيات الصفات خصوصية تخرج بها عن قواعد لغة العرب ومن فعل ذلك فقد تحكم وتعسف
فالذين فسروا اليمين بالقوة لم يتأولوا وإنما اختاروا معنى من المعاني المتواطئة أو المشتركة
والذين فسروه بالصفة فعلوا ذات الأمر فلم يتأولوا
والتأويل الذي هو التحريف ليس مذموما في باب الصفات فحسب
بل هو مذموم في كل شيء لأنه تحريف عن المعنى المراد بحجج واهية.
ولذا فكما هي مسوغات الاختلاف سواء كان اختلاف تنوع أو تضاد في بقية معاني القرآن فهي هي مسوغات الاختلاف في آيات الصفات، فمنها ما هو مقبول وهو الجاري على لغة العرب ومنها ما هو مردود وهو الذهاب بالمراد إلى معنى لم تدل عليه لغة العرب ، كما قالوا عن استوى استولى ونحوها، والله أعلم
كما أحب أن تعذرني إن جهلت منزلتك لأنني منقطع عن الملتقى ولا أزوره إلا لماما
 
أحسن الله إلينا وإليك بحسن التفهيم
المشتركان في اللفظ الواحد بحسب تعريف العلماء: هما الحقيقتان المختلفتان وإن اشتركتا في لفظ واحد.
فالسؤال الوارد حينئذ: أي حقيقة أراد الله تعالى من لفظ اليمين في الآية المذكورة: هل هي اليد، أو القدرة والقوة؟
أما إذا كانت حقيقة اليد هي حقيقة القدرة والقوة فلماذا يوصف من فسر اليد واليمين بالقدرة والقوة بأنه جهمي معطل؟؟
وإذا كان المراد باليمين هي اليد ولا شيء غير اليد فلماذا يفسرها الطبري وابن كثير بالقوة والقدرة؟؟
 
أخي الكريم
1- من فسر اليمين بالقوة في الآية ليس جهميا ، الجهمي المعطل هو من عطل صفة اليد اليمنى لله عز وجل لثبوتها بنصوص أخرى دالة على حقيقة اليد.
2- ابن كثير فسر اليمين بالصفة كما هو ظاهر تفسيره
3- أما اختلاف تفسير الطبري عن تفسير ابن كثير فهو السؤال الوارد في أسباب اختلاف المفسرين في المعاني وهو باب واسع، وأما ما هو مراد الله بالآية فالله أعلم به ويمكن النظر في آي القولين أرجح من خلال أسباب الترجيح بين الأقوال. وليس هذا محل البحث، محل البحث أننا نقول إن القولين سائغان على منهج أهل السنة والحمد لله. روبما كانا مرادين كليهما لأن اليد تتضمن القوة والقدرة.
وأحب أن تعيد تأمل الجواب السابق إن شئت بارك الله فيك وغفر لك
 
شكر الله لك:
هلا فسرت لي قولك بأن اليد تتضمن القوة والقدرة؟
أقصد ما فائدة اليد إذا كانت القدرة أو القوة تكفي في تحقيق ما تتحقق به اليد، وما فائدة القدرة أو القوة إذا كانت اليد كافية في تحقيق ما يتحقق بهما؟؟
إذا كان معناها واحدا والألفاظ متواطأة فمن قال بأن اليد ـ سواء ذكرت باليمين أو لا ـ هي القدرة لا تثريب عليه، وهو بذلك يسميها صفة، كما فعل الإمام الطبري.
وإذا كان المعنى مختلفا وهي حقائق مختلفة فلا يسوغ في المسألة إلا قول واحد والباقي خطأ لأن ظاهره تعطيل الصفة أو نفيها بإرجاعها إلى صفة أخرى.
ملاحظة: نقل البغوي عن ابن عباس قوله في تفسير اليمين: لأخذناه بالقوة والقدرة. اهـ
وإذا ساغ هنا تفسير اليمين بالقدرة والقوة وهو قول ابن عباس فيسوغ على ذلك تفسير اليمين واليد أينما وردت ولو مقترنة باليمين أو ذكر الأصابع محلها بالقدرة والقوة.
والمقصود أنه لا يقين ولا قطع في مثل هذه المسائل ومثيلاتها، بينما نجد قوما يقطعون ويجزمون.
 
وما كل دار أقفرت دارة الحمى
ولا كل بيضاء الترائب زينب

سبحانك الله وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
 
والذئب أخبث ما يكون إذا اكتسى
من جلد أولاد النعاج ثيابا

سبحانك الله وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
 
الأخوة الكرام،

بعيداً عن مبحث الصفات أحب أن أنبه إلى أن المعنى الذي نرجحه هنا هو الآتي:
"لأخذنا منه باليمين": أي لأخذناه بيمينه. فاليمين هنا هي يمين المأخوذ وليس يمين الآخذ. ولو كان المقصود يمين الآخذ لكان الأبين فيما يظهر لي:"لأخذناه باليمين". وتعبير (لأخذنا منه) يرجح هذا.
 
عودة
أعلى