(ليس كمثله شيء)…… ومخالفة الله للحوادث

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
(ليس كمثله شيء)

دَرَسْتُ وأنا تلميذ في المدرسة الإعدادية ثم الثانوية في مصر ، درستُ صفات الله عز وجل ، وكنت أدرسها من كتاب التربية الإسلامية المقرر.

وهو كتاب مختزل في مئة صفحة تقريبا ، يُدَرَّس في ٩٠ دقيقة على حصتين أسبوعيا ، وعلى يد معلم ليس معه من الثقافة الإسلامية من عقيدة وفقه وغيرهما إلا - بالكاد - المعلوم من الدين بالضرورة.

وكان الكتاب يذكر الصفة وتحتها دليل عقلي ودليل نقلي، أما الدليل العقلي فكان شيئا عجبا ؛ إذ يكاد يكون هو نفسه ، بل بلفظه في كل الصفات ، والدليل النقلي يسوق لنا فيه آية أو حديثا نَبَوِيا.

وكنا - نحن الطلاب - نحفظ ذلك ، ونَتَقَيأه في ورقة الإجابة يوم الامتحان.

أما صفات الله من السمع والبصر وغيرها - على قصور الكتاب وعجز المعلم - فكنتُ أدركها بشيء من الفِطرة ، فكان قلبي وعقلي يخاطباني:
إنَّ الذي وَهَبَنا السمع والبصر لابد أن يكون سميعا بصيرا ، والذي غَرَسَ فينا الإرادة لابد أن يكون مريدا ،
والذي وهبنا العلم وحُسْنَ التدبير لابد أن يكون عليما حكيما ؛
إذ أنَّ فاقد الشيء لا يعطيه.

أما صفة :
(مخالفة الله للحوادث)
فلم أُدرك كُنْهَها ، ولم أعِ معناها ،
ولم يكن في المعلم رجاء.
فقد ساق الكتاب الدليل النقلي آية "ليس كمثله شيء"
والدليل العقلي:
إن الله لو لم يكن مخالفا للحوادث ، لكان موافقا لها ، ولَجَرَى عليه ما يَجْري على خلقه ، وهذا نقص في حق الله ، والنقص مُحَال على الله.
وكفى.

وما كنتُ أقرأ - وأنا في هذه السن - إلا الصحف وشيئا من القصص ، وشيئا من كتب السير والتاريخ.

ولعل أسوأ وأخبث ما قرأتُ في تلك الفترة (الصحف) وكنتُ أتابعها دائما ؛ فقد غَرَسَت فيَّ تَوَجُّهات وأفكارا مُضَلِّلة احْتَجْتُ بعدها لزمن طويل لتصحيحها.

وظَلَلْتُ في حيرة من هذه الصفة (مخالفة الله للحوادث) حتى بدأتُ المطالعة في بعض كتب العقيدة،
فَعَلِمْتُ أنها أَخَصُّ صِفَة لله عز وجل ، بل هي أعظم صفاته ، بل لعلها هي أصل صفات ألوهيته عز وجل ،
وهي أصل صفات ربوبيته.
إذ أن أساس هذه الصفة :
مخالفة الخالق للمخلوق في كينونته وفي صفاته.

فإننا نسمع ونرى بآلات ، والله يسمع ويرى بكيفية فوق إدراكنا لا يعلمها إلا هو.
وليس لنا أن نتفكر فيها ؛
فإن الله عز وجل :
كشف لنا عن صفاته وأسمائه
وشيئا من أفعاله ،
ولم يكشف لنا عن ذاته.

وقد كشف لنا عن بعض آيات قدرته في خلقه وفي الكون ، ودعانا إلى تأملها وتدبرها ، فهي السبيل لمعرفة الله ، والإيمان به ، والتسليم له.

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
إنه عز وجل:
ليس يشبهه شيء في ذاته
ليس يشبهه شيء في أسمائه
ليس يشبهه شيء في صفاته
ليس يشبهه شيء في أفعاله

إن الله عز وجل :
لا يحيط به مكان ، ولا يحويه زمان ،
ونحن يمضي علينا الزمان ونفنى ، ويحوينا المكان ونبلى.

وصدق القائل:
" لا تتفكروا في ذات الله ، وتفكروا في خلقه وآلائه"

إن التفكير في ذات الله يحملك على الشطط ، ويزيع بك عن سُبُل الهُدى والرَّشد.

أما التأمل في آيات خلقه ، والتدبر في عظيم قدرته ، والتدقيق في إحكام صنعته، فإنه يحملك على:
ترسيخ الإيمان في قلبك ،
وتثبيت يقينك بربك ،
وتقوية محبتك له ،
وتعلق روحك به.

التقيتُ يوما أحد الأخوة
فقال : رُبَّ صُدفة خير من ألف ميعاد.
فقلت : بل هو قَدَرٌ قَدَّرَه الله ؛
أنا وأنت لم نرتب للقاء ،
فهو علي وعليك صدفة ،
لكنه قَدَرٌ قد قَدَّرَه الله قبل أن يخلق الخَلق.

وهذا أحد الجوانب لصفة الله (مخالفته للحوادث) ،
إنما تجري الحوادث على الخلق ولا تجري على الله ؛
فهو - عز وجل - قد قَدَّرَها سلفا وكتبها ، ووقعت كما قَدَّر وكتب.

وقد نرتب أنا وأنت ونُقَدِّر الأمور ونخطط لها ، ويتم الأمر على ما خططنا وقَدَّرنا ،
لكن هذا أيضا تقدير قَدَّرَه الله على يدينا ،
وهو عز وجل إن شاء أَمْضَى ما قَدَّرنا ، وإن شاء قَدَّرَ غيره.

فإننا حين قَدَّرنا ، قد قَدَّرنا أمرا مُقَدَّرا ، قَدَّرَه الله سَلَفا ، وعَلِمَه ، وسَجََّله عنده سلفا.

هذا ليس قولا بالجبرية
أو قولا بالقدرية ،
وإنما هو تسليم بقضاء الله وقدره.
فكل مُيَسَّر لما خُلِق له
وإنا نعمل ونأخذ بالأسباب ونسلم الأمر لله ونرضى بما قضى فينا وقدر.

قال مُقَدِّرُ المقادير:
"إنا كل شيء خلقناه بِقَدَر"

وقال سبحانه:
"وخلق كل شيء فَقَدَّره تقديرا"

ومن أركان الإيمان:
الإيمان بالقضاء خيره وشره

فمَن رضي فله الرضا ،
وله الفضل من الله عاجلا ،
وله الأجر والثواب آجلا.

ومَن سخط فله السخط ،
ولن يكون إلا ما قَدَّرَ الله.

وإن الإيمان بالقضاء والقدر من أَجَلِّ نِعَم الله على المؤمن ؛
لأنه إذا رضي بقضاء ربه ، ذهب رَوْعه ، واطمأن قلبه ، وطابت نفسه ، فأصاب الأجر ، ونَعِمَ بالفضل في الدنيا والآخرة

والله أعلم
أخوكم د. محمد الجبالي.
 
السلام عليكم

اخي الكريم في هذا مقال الكثير من الاجمال وشيء من التناقض

قلت اولا

( أما صفات الله من السمع والبصر وغيرها - على قصور الكتاب وعجز المعلم - فكنتُ أدركها بشيء من الفِطرة ، فكان قلبي وعقلي يخاطباني:
إنَّ الذي وَهَبَنا السمع والبصر لابد أن يكون سميعا بصيرا ، والذي غَرَسَ فينا الإرادة لابد أن يكون مريدا ،
والذي وهبنا العلم وحُسْنَ التدبير لابد أن يكون عليما حكيما ؛
إذ أنَّ فاقد الشيء لا يعطيه. )

وهذا حق

ثم قلت كلام مجمل فيه حق وفيه باطل ويعارض ما قلته اولا

(و هو إن الله لو لم يكن مخالفا للحوادث ، لكان موافقا لها ، ولَجَرَى عليه ما يَجْري على خلقه ، وهذا نقص في حق الله ، والنقص مُحَال على الله. )

كيف يكون هذا وقد اثبت لله الصفات السابقة

اما قولك

(فَعَلِمْتُ أنها أَخَصُّ صِفَة لله

بل هي أعظم صفاته ،

بل لعلها هي أصل صفات ألوهيته

وهي أصل صفات ربوبيته.

إذ أن أساس هذه الصفة : مخالفة الخالق للمخلوق في كينونته وفي صفاته.)

من اين لك بهذا كله و المعدوم ايضا مخالف للحوادث

وهل قوله تعالى ليس كمثله شيء و هو السميع البصير تفسيرها مخالفته للحوادث

فالله المستعان



شرح ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) الشيخ العثيمين

https://www.youtube.com/watch?v=4nlEAYRCUMQ

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=296735
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخانا الكريم : بدر الدين

أولا: لقد نسبت إليَّ كلاما لم أقله ورميتني بالتناقض ، فقلتَ :
[ ثم قلت كلام مجمل فيه حق وفيه باطل ويعارض ما قلته اولا
(و هو إن الله لو لم يكن مخالفا للحوادث ، لكان موافقا لها ، ولَجَرَى عليه ما يَجْري على خلقه ، وهذا نقص في حق الله ، والنقص مُحَال على الله. )
كيف يكون هذا وقد اثبت لله الصفات السابقة ]


وراجع المنشور واقرأ بتأني وتأمل تعلم أنه ليس من كلامي.

ثانيا: إنك قلتَ تعليقا على بعض كلامي:
[من اين لك بهذا كله و المعدوم ايضا مخالف للحوادث ]

[المعدوم مخالف للحوادث؟ !!!]
يا أخانا : هل المعدوم شيء حتى يكون مخالفا للحوادث؟!!!

إن الذي يقول أن المعدوم شيء هم : ابن عربي ، والمعتزلة ، والرافضة ، فأي هؤلاء أنت؟!

وإني أعيذك بالله أن تكون أحدهم.

ثالثا: إنك قلتَ : [وهل قوله تعالى ليس كمثله شيء و هو السميع البصير تفسيرها مخالفته للحوادث]

يا أخانا لقد سقت الآية دليلا على الصفة ، وليس تفسيرا،
وما الذي يمنع أن تكون تفسيرا لها وقد قال بذلك مفسرون أجلاء ومنهم:

قال القرطبي رحمه الله: (16/ 9)
وَزَادَ الْوَاسِطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيَانًا فَقَالَ: لَيْسَ كَذَاتِهِ ذَاتٌ، وَلَا كَاسْمِهِ اسْمٌ، وَلَا كَفِعْلِهِ فِعْلٌ، وَلَا كَصِفَتِهِ صِفَةٌ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مُوَافَقَةِ اللَّفْظِ، وَجَلَّتِ الذَّاتُ الْقَدِيمَةُ أَنْ يَكُونَ لَهَا صِفَةٌ حَدِيثَةٌ، كَمَا اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ لِلذَّاتِ الْمُحْدَثَةِ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ. وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ والسنة والجماعة. رضي الله عنهم!

وجاء في التفسير الميسر لنخبة معلومة من علماء التفسير:(1/ 484)
ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته، لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله؛ لأن أسماءه كلَّها حسنى، وصفاتِه صفات كمال وعظمة، وأفعالَه تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك.

وقال الصابوني رحمه الله: صفوة التفاسير (3/ 124)
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي ليس له تعالى مثيلٌ ولا نظير، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فهوالواحد الأحد، الفردُ الصمد والغرضُ: تنزيهُ الله تعالى عن مشابهة المخلوقين.

وما ذكره ابن عثيمين رحمه الله وغيره في الآية فلا تعارض بل تكامل وتعاضد.

وجزاكم الله خيرا.
 
جزاك الله خيرا يادكتور يكفي ان الانسان وان كان جعله الله سميعا بصيرا الا انه لا يرى الجن ولا الملائكة والله الذي اختص بذلك قال تعالى
فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) الله يرى الدم يجري في اوصال البعوض وموجات الراديو من فوق عرشه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ان تك مثقال حبة من خردل في صخرة او في ظلمات البر والبحر ياتي بها ويسمع الندا الخفي وما تحت الموجات السمعية ويرى النواياء وماتضمره النفوس وان لم تقل او تفعل اننا كائنات مجهرية بالنسبة لابعاد هذا الكون ومع ذلك لايخفى منا على الله خافية
 
السلام عليكم

بارك الله فيكم اخوتي الكرام

اما انت اخي الكريم د. محمد الجبالي ان كان ما تقول فالكلام موجه له بارك الله فيك والمعذرة على الازعاج

والسلام عليكم
 
عودة
أعلى