ابن الشجري
New member
- إنضم
- 18/12/2003
- المشاركات
- 101
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
[align=center]لكنها أم العذاب[/align]
[align=center](هذا يوم لاينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سؤ الدار)[/align]
في خضم هذه الحياة الصعبة المليئة بالهموم والأحزان ، من تسلط الظلمة والكفرة على كثير من بلاد الإسلام ، تأتينا الأخبار سراعا عن نازلة نزلت بساحة الأمريكان ، وكنت أحسب الأمر هينا لكنه كان فوق الحسبان ، فهو أمر مقدر من الواحد الديان .
قالوا لنا ريح عقيم تدمر كل شئ بأمر ربها ، فاستعذنا بالله من أم العذاب ، وقلنا اللهم جنبها ديار المسلمين واجعلها دائرة مديرة مؤذنة لمهلك المشركين الظالمين ، تهلك بها نسلهم وزرعهم حتى يمش ضرعهم ، وتكسربها شوكتهم حتى تخرج بها من أرض المسلمين عدتهم .
وكان عجبي من هذا الذل والهوان الذي أصاب بعض الوجوه الساجدة ، التي طالما دعت وابتهلت بأن يهلك الله عدوها ويستأصل شافته ، حتى استجاب الله لها ، فكان أن استغفرت ونكلت من دعائها ، وأخذت ترجوه أن يخفف عذابه على القوم الظالمين كأنها مادعت وتضرعت أن يأخذهم أخذ قوي متين ، فليت شعري ماعدا مما بدا ومن أين أتيت ؟
إنما أتيت من شدة ما أصابها من ذل وهوان ، واستعباد عرابدة الكفر والطغيان ، من عساكر وجيوش الأمريكان ، حتى استيأست وظنت أن النصر بعيد ، وأنها كذبت وأسلمت لشوكة الكافر العنيد ، فسري إليها أن الدماء هي الدماء والديار الديار ، لافرق بين بلد تقام عليه شعائر الدين المتين ، وبلد عليه اللعنة إلى يوم الدين ، وأخذت تحدث نفسها عن رحمة تفطر كبدها ، على صليبي دنس مصحفها واحتل أرضها ، وخرب مسجدها وسرق خيرها ، رقت قلوبهم حتى لم تعد تفرق بين الرحمة والذل والهوان ، واختلطت عيلهم أذهانهم فلم تعد تفرق بين من تبكي له أومنه أوعليه .
ولو كانت علمت بأن النصر قريب ، وأن الأيام دول والعهد ببعض الظلمة ليس بالبعيد ، لخرت ساجدة لله الواحد الصمد ، شاكرة خراب ماحل بذاك البلد ، لكنه الهوان :
[align=center]من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام[/align]
وهو كذلك الامتحان:
(مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ )
إن المرء لمعذور أيما عذر في عمى بصره ، لكنه معاتب كل عتاب في عمى بصيرته :
فيا من أعمى الله بصيرته أنسيت : تلك الدماء الطاهرة المسلمة في بلاد الأفغان والسودان وفلسطين و الرافدين ، أنسيت محمد الدرة وهو يقتل بين يدي والده برصاصه من صنع الأمريكان ، أنسيت من هدد بتقسيم بلدك الطاهر وأربد وأزبد بوعيده ، أنسيت من عرا أبدانا مؤمنة طاهرة زكية وأظهرها للعيان ، أنسيت من انتهك عرض مؤمنة عفيفة وماخشي سطوة الديان .
إن كنت قد نسيت فتلك مصيبة وإن لم تنس فالمصيبة أعظم ...، إن كنت قد نسيت فو جلال الله ما نسيت ثكلى في العراق لم يجف الدمع من مآقيها ، إن كنت قد نسيت فما نسيت أرملة فقدت زوجها بقذيفة مزقت كل أمانيها ، إن كنت قد نسيت فما نسي طفل صغير يتمته يد صليبية ملعونة من عطف راعيها .
أنسيت من يحمل راية الفيتوـ فتت الله قلوبهم وديارهم ـ في كل محفل ترفع فيه راية للمسلمين . أنسيت إخوة لنا في السلاسل والأغلال وكيف هم مقيدين .
الم تحدثك نفسك بأنها قد تكون دعوة أحدهم ، سرت بليل نامت عنها أعين الطغاة وعين الله عنها لم تنم .
[align=center]لاتظـلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم يأ تيك آخره بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم[/align]
أما تستحي أن تبكي بعد ذلك صليبي لازالت يداه مضرجتان بدماء آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا في العراق .
مه يارجل ، أما تستحي أما ترعوي عن مثل هذا السؤال ؟، حين تحدث نفسك سائلا هل هذا يوم ترح أم يوم فرح ؟ فانزع عنك أخي جلباب الخور الذي أصابك ، وانظر إلى المدية التي بيد جزارك وجزار إخوانك ، وأيم الله لوكانت نعاجا لما وسعتها الأرض من فرحها بما حل بجزارها ، فماذا أصابك ، وماذا دهاك ؟.
فأفق من نومتك قبل أن يطمس الله على قلبك حتى يوم سكرتك ، واستعذ بالله من رحمة في غير محلها ، فإنماهي سكرة خور تعود بالحسرة على خلها ، واعلم بأنهم والله لاتأخذهم في مثلي ومثلك رأفة ولا رحمة ، ولايغرنك صونهم للقطط والكلاب ، وتحدثني حديث رفقهم بالقردة والخنازير ، فإنما هي دماء تبكي شجو بعضها .
( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ(
وتذكر معي خبر المصطفي صلى الله عليه وسلم عند استعاذته بوجه الله تعالى ، من أن يسلط على أمته عذابا من فوقها أو من تحت أرجلها ، واعلم بأن تلك البلاد بلاد كافرة محادة لله ورسوله لم تأل جهدا بقضها وقضيضها في محاربته ومحاربة دينه وأوليائه ، فسلط الله عليها أم العذاب ، وجعلهم أثرا بعد عين ، ففقئت حدقة من قطرت له عليهم عين ، وصلبت نياط قلب رق لهم طرفة عين .
فنحن والله بما حل بديار الكفرة لفرحين ، ونسأل الله أن يزيدهم من مثله حتى حين ، ونحن ننتزع ذلك من منزع عظيم عن كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)
ألم تكن هذه دعوة نبوية من نبي كريم استجابها الله رب العالمين فأهلك عدوه ، وجعل من يوم مهلكه شكر لنا حتى يوم يبعثون ، أم أنك نسيت أنا نصوم يوم عاشورا شكرا لله بأن نجى الله فيه موسى ومن معه من المؤمنين ، وأهلك فيه فرعون وأتباعه من الطغاة الملحدين .
ولو تصفحت كتاب ربك لرأيت هذه دعوة أكثر الأنبياء بعد أن يشتد جرم قومهم معهم ، بأن يسلط الله عليهم عذابا من عنده يسومهم به سوم العذاب ، وهذا نوح عليه السلام قد دعا بأن يستأصل الله شافة الكفار حتى لايدع على الأرض منهم ديار ، فهل تظن بأن الحزن يعقب هذه الدعوات ، أم أنه استشعار النصر من رب الأرض والسماوات .
فإن كنت يا أخي ستحجر علي أمر وسعه الله ، وأردت مني مخالفة هدي رسول الله ، فإني أحمل سمعك على سماع هذه الآيات الكريمات ، لعل فيها مايشفي منك نجي البلابل
( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )
فلن تمنعني عندها رعاك الله من هذه الضحكات ، وهم يتقلبون في تلك الصرخات في عذاب الله ولعنته .
وأنا لا أقول لك بان الفرح في مثل هذا الحالة ركن من أركان الإسلام ، لكنه أقرب مايكون إلى أمر فطري منبعه الدين والولاء والبراء ، فإن فرح قلبك بما أصاب عدو الله فليكن ، وإن كان مشغولا بالأسهم أو العقار وليس فيه متسع للفرح أو الحزن إلا بالدرهم والدينار فالأمر قريب ، أما أن تأتي وتثرب علي في سرور قلبي وانشراح صدري فلا وألف لا ، بل أخشى والله عليك البلاء .
وكي يطمئن قلبك بما أخبرتك به ، وتعلم أن هذه الحال هي سبيل المؤمنين في كل وقت وحين ، فإني أزيد سمعك من كلام الحق جل في علاه ، حتى تعلم أني لك من الناصحين .
( ألم ، غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ، لله الأمر من قبل ومن بعد ، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله )
لقد كان فرحا ببشارة صادقة بنصرة الروم وهم أهل كتاب على عدوهم من الفرس المجوس ، فهذه جادة مطروقة من زمن بعيد بنص الكتاب العزيز ، وهي الفرح بمصائب الظلمة من الكافرين ، أو النصرة عليهم من طرف عباده المؤمنين .
فليفرح قلبك بهذا البلاء الذي أصابهم ، فلعل فيه مايشغلهم عنا ولو لحين ، أنسيت كم قمنا في بيوت الله داعين قانتين بأن يشغلهم الله في أنفسهم عن ديار المسلمين ، وأن يخرب عليهم ديارهم كما خربوا ديار المؤمنين ؟، هاهو رب العالمين قد أرسل عليهم أم العذاب ، فلله الحمد والمنة بما استجاب ، ونسأله المزيد من نصرة عباده المؤمنين فهو رب الأرباب .
ولتعلم بأنهم في صدمة شديدة من هول ما أصابهم ، ولا يغرنك ما ترى من نعرة أخذت برؤوسهم على المسلمين في تلعفر ، فإن في هذا فأل حسن ـ إن شاء الله ـ فما هو إلا أذان بأن تعفر وجوههم ويخرجوا أذلة صاغرين ، فأنت ترى أكثر حركة شاتك المذبوحة عند ذبحها وطول ذمائها ، فما هم إلا كتلك الشاة التي لم يبق لها من أمرها شيئا ، فتراها عند خروج الروح تشتد وتتوالى منها حركة يديها ورجليها ، وما ذاك إلا من ألم الموت ومفارقة الحياة الدنيا ، فما حالهم إلا كهذه الشاة التي طال ذماؤها...، وكان حتفها من ظلفها... , رفع الله قدر شاتنا عن مقارنتها بأعداء الله ورسوله وعباده المؤمنين ، ونزع الله ما في صدورهم وأحشائهم وجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين .
وليكن من هذا كله لك عبرة أيه المؤمن ، وليس ثم كلام أبلغ وأعظم وأجل من كلام الله رب العالمين ، أختم به كما بدأت وثنيت ، حتى تستيقن الأمر وتستشعر النصر.
فلو آمنت كاترينا لهان الأمر وعظم العزاء وجل الخطب وانتفت البغضاء ، لكنها جحدت وتجبرت واستكبرت فكانت كمن استه في الطين وأنفه في السماء ، فلا وألف لاء ولا كرامة للسفهاء ، ولا نامت أعين الجبناء ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون .
(ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون * فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) .
.
[align=center](هذا يوم لاينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سؤ الدار)[/align]
في خضم هذه الحياة الصعبة المليئة بالهموم والأحزان ، من تسلط الظلمة والكفرة على كثير من بلاد الإسلام ، تأتينا الأخبار سراعا عن نازلة نزلت بساحة الأمريكان ، وكنت أحسب الأمر هينا لكنه كان فوق الحسبان ، فهو أمر مقدر من الواحد الديان .
قالوا لنا ريح عقيم تدمر كل شئ بأمر ربها ، فاستعذنا بالله من أم العذاب ، وقلنا اللهم جنبها ديار المسلمين واجعلها دائرة مديرة مؤذنة لمهلك المشركين الظالمين ، تهلك بها نسلهم وزرعهم حتى يمش ضرعهم ، وتكسربها شوكتهم حتى تخرج بها من أرض المسلمين عدتهم .
وكان عجبي من هذا الذل والهوان الذي أصاب بعض الوجوه الساجدة ، التي طالما دعت وابتهلت بأن يهلك الله عدوها ويستأصل شافته ، حتى استجاب الله لها ، فكان أن استغفرت ونكلت من دعائها ، وأخذت ترجوه أن يخفف عذابه على القوم الظالمين كأنها مادعت وتضرعت أن يأخذهم أخذ قوي متين ، فليت شعري ماعدا مما بدا ومن أين أتيت ؟
إنما أتيت من شدة ما أصابها من ذل وهوان ، واستعباد عرابدة الكفر والطغيان ، من عساكر وجيوش الأمريكان ، حتى استيأست وظنت أن النصر بعيد ، وأنها كذبت وأسلمت لشوكة الكافر العنيد ، فسري إليها أن الدماء هي الدماء والديار الديار ، لافرق بين بلد تقام عليه شعائر الدين المتين ، وبلد عليه اللعنة إلى يوم الدين ، وأخذت تحدث نفسها عن رحمة تفطر كبدها ، على صليبي دنس مصحفها واحتل أرضها ، وخرب مسجدها وسرق خيرها ، رقت قلوبهم حتى لم تعد تفرق بين الرحمة والذل والهوان ، واختلطت عيلهم أذهانهم فلم تعد تفرق بين من تبكي له أومنه أوعليه .
ولو كانت علمت بأن النصر قريب ، وأن الأيام دول والعهد ببعض الظلمة ليس بالبعيد ، لخرت ساجدة لله الواحد الصمد ، شاكرة خراب ماحل بذاك البلد ، لكنه الهوان :
[align=center]من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام[/align]
وهو كذلك الامتحان:
(مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ )
إن المرء لمعذور أيما عذر في عمى بصره ، لكنه معاتب كل عتاب في عمى بصيرته :
فيا من أعمى الله بصيرته أنسيت : تلك الدماء الطاهرة المسلمة في بلاد الأفغان والسودان وفلسطين و الرافدين ، أنسيت محمد الدرة وهو يقتل بين يدي والده برصاصه من صنع الأمريكان ، أنسيت من هدد بتقسيم بلدك الطاهر وأربد وأزبد بوعيده ، أنسيت من عرا أبدانا مؤمنة طاهرة زكية وأظهرها للعيان ، أنسيت من انتهك عرض مؤمنة عفيفة وماخشي سطوة الديان .
إن كنت قد نسيت فتلك مصيبة وإن لم تنس فالمصيبة أعظم ...، إن كنت قد نسيت فو جلال الله ما نسيت ثكلى في العراق لم يجف الدمع من مآقيها ، إن كنت قد نسيت فما نسيت أرملة فقدت زوجها بقذيفة مزقت كل أمانيها ، إن كنت قد نسيت فما نسي طفل صغير يتمته يد صليبية ملعونة من عطف راعيها .
أنسيت من يحمل راية الفيتوـ فتت الله قلوبهم وديارهم ـ في كل محفل ترفع فيه راية للمسلمين . أنسيت إخوة لنا في السلاسل والأغلال وكيف هم مقيدين .
الم تحدثك نفسك بأنها قد تكون دعوة أحدهم ، سرت بليل نامت عنها أعين الطغاة وعين الله عنها لم تنم .
[align=center]لاتظـلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم يأ تيك آخره بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم[/align]
أما تستحي أن تبكي بعد ذلك صليبي لازالت يداه مضرجتان بدماء آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا في العراق .
مه يارجل ، أما تستحي أما ترعوي عن مثل هذا السؤال ؟، حين تحدث نفسك سائلا هل هذا يوم ترح أم يوم فرح ؟ فانزع عنك أخي جلباب الخور الذي أصابك ، وانظر إلى المدية التي بيد جزارك وجزار إخوانك ، وأيم الله لوكانت نعاجا لما وسعتها الأرض من فرحها بما حل بجزارها ، فماذا أصابك ، وماذا دهاك ؟.
فأفق من نومتك قبل أن يطمس الله على قلبك حتى يوم سكرتك ، واستعذ بالله من رحمة في غير محلها ، فإنماهي سكرة خور تعود بالحسرة على خلها ، واعلم بأنهم والله لاتأخذهم في مثلي ومثلك رأفة ولا رحمة ، ولايغرنك صونهم للقطط والكلاب ، وتحدثني حديث رفقهم بالقردة والخنازير ، فإنما هي دماء تبكي شجو بعضها .
( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ(
وتذكر معي خبر المصطفي صلى الله عليه وسلم عند استعاذته بوجه الله تعالى ، من أن يسلط على أمته عذابا من فوقها أو من تحت أرجلها ، واعلم بأن تلك البلاد بلاد كافرة محادة لله ورسوله لم تأل جهدا بقضها وقضيضها في محاربته ومحاربة دينه وأوليائه ، فسلط الله عليها أم العذاب ، وجعلهم أثرا بعد عين ، ففقئت حدقة من قطرت له عليهم عين ، وصلبت نياط قلب رق لهم طرفة عين .
فنحن والله بما حل بديار الكفرة لفرحين ، ونسأل الله أن يزيدهم من مثله حتى حين ، ونحن ننتزع ذلك من منزع عظيم عن كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)
ألم تكن هذه دعوة نبوية من نبي كريم استجابها الله رب العالمين فأهلك عدوه ، وجعل من يوم مهلكه شكر لنا حتى يوم يبعثون ، أم أنك نسيت أنا نصوم يوم عاشورا شكرا لله بأن نجى الله فيه موسى ومن معه من المؤمنين ، وأهلك فيه فرعون وأتباعه من الطغاة الملحدين .
ولو تصفحت كتاب ربك لرأيت هذه دعوة أكثر الأنبياء بعد أن يشتد جرم قومهم معهم ، بأن يسلط الله عليهم عذابا من عنده يسومهم به سوم العذاب ، وهذا نوح عليه السلام قد دعا بأن يستأصل الله شافة الكفار حتى لايدع على الأرض منهم ديار ، فهل تظن بأن الحزن يعقب هذه الدعوات ، أم أنه استشعار النصر من رب الأرض والسماوات .
فإن كنت يا أخي ستحجر علي أمر وسعه الله ، وأردت مني مخالفة هدي رسول الله ، فإني أحمل سمعك على سماع هذه الآيات الكريمات ، لعل فيها مايشفي منك نجي البلابل
( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )
فلن تمنعني عندها رعاك الله من هذه الضحكات ، وهم يتقلبون في تلك الصرخات في عذاب الله ولعنته .
وأنا لا أقول لك بان الفرح في مثل هذا الحالة ركن من أركان الإسلام ، لكنه أقرب مايكون إلى أمر فطري منبعه الدين والولاء والبراء ، فإن فرح قلبك بما أصاب عدو الله فليكن ، وإن كان مشغولا بالأسهم أو العقار وليس فيه متسع للفرح أو الحزن إلا بالدرهم والدينار فالأمر قريب ، أما أن تأتي وتثرب علي في سرور قلبي وانشراح صدري فلا وألف لا ، بل أخشى والله عليك البلاء .
وكي يطمئن قلبك بما أخبرتك به ، وتعلم أن هذه الحال هي سبيل المؤمنين في كل وقت وحين ، فإني أزيد سمعك من كلام الحق جل في علاه ، حتى تعلم أني لك من الناصحين .
( ألم ، غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ، لله الأمر من قبل ومن بعد ، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله )
لقد كان فرحا ببشارة صادقة بنصرة الروم وهم أهل كتاب على عدوهم من الفرس المجوس ، فهذه جادة مطروقة من زمن بعيد بنص الكتاب العزيز ، وهي الفرح بمصائب الظلمة من الكافرين ، أو النصرة عليهم من طرف عباده المؤمنين .
فليفرح قلبك بهذا البلاء الذي أصابهم ، فلعل فيه مايشغلهم عنا ولو لحين ، أنسيت كم قمنا في بيوت الله داعين قانتين بأن يشغلهم الله في أنفسهم عن ديار المسلمين ، وأن يخرب عليهم ديارهم كما خربوا ديار المؤمنين ؟، هاهو رب العالمين قد أرسل عليهم أم العذاب ، فلله الحمد والمنة بما استجاب ، ونسأله المزيد من نصرة عباده المؤمنين فهو رب الأرباب .
ولتعلم بأنهم في صدمة شديدة من هول ما أصابهم ، ولا يغرنك ما ترى من نعرة أخذت برؤوسهم على المسلمين في تلعفر ، فإن في هذا فأل حسن ـ إن شاء الله ـ فما هو إلا أذان بأن تعفر وجوههم ويخرجوا أذلة صاغرين ، فأنت ترى أكثر حركة شاتك المذبوحة عند ذبحها وطول ذمائها ، فما هم إلا كتلك الشاة التي لم يبق لها من أمرها شيئا ، فتراها عند خروج الروح تشتد وتتوالى منها حركة يديها ورجليها ، وما ذاك إلا من ألم الموت ومفارقة الحياة الدنيا ، فما حالهم إلا كهذه الشاة التي طال ذماؤها...، وكان حتفها من ظلفها... , رفع الله قدر شاتنا عن مقارنتها بأعداء الله ورسوله وعباده المؤمنين ، ونزع الله ما في صدورهم وأحشائهم وجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين .
وليكن من هذا كله لك عبرة أيه المؤمن ، وليس ثم كلام أبلغ وأعظم وأجل من كلام الله رب العالمين ، أختم به كما بدأت وثنيت ، حتى تستيقن الأمر وتستشعر النصر.
فلو آمنت كاترينا لهان الأمر وعظم العزاء وجل الخطب وانتفت البغضاء ، لكنها جحدت وتجبرت واستكبرت فكانت كمن استه في الطين وأنفه في السماء ، فلا وألف لاء ولا كرامة للسفهاء ، ولا نامت أعين الجبناء ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون .
(ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون * فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) .
.