لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة

إنضم
28/02/2009
المشاركات
767
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
لفت انتباهي وأنا أقرأ سورة النمل قصة بلقيس رضي الله عنها وكيف استطاعت برأيها الرشيد أن تنجي قومها وتسلك بهم سبيل النجاة.
ثم تذكرت حديث : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.
فتحيرت في الجمع بينهما ، إلا إذا حمل الحديث على الغالب .
للمدارسة.
 
لفت انتباهي وأنا أقرأ سورة النمل قصة بلقيس رضي الله عنها وكيف استطاعت برأيها الرشيد أن تنجي قومها وتسلك بهم سبيل النجاة.
ثم تذكرت حديث : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.
فتحيرت في الجمع بينهما ، إلا إذا حمل الحديث على الغالب .
للمدارسة.

لقد وردت لهذا الحديث روايات متعددة ، منها: [ لن يفلح قوم تملكهم امرأة ].. [ لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ].. [ ولن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة ] رواها: البخارى والترمذى والنسائى والإمام أحمد..
وإذا كانت صحة الحديث من حيث " الرواية " هى حقيقة لا شبهة فيها.. فإن إغفال مناسبة ورود هذا الحديث يجعل " الدراية " بمعناه الحقيقى مخالفة للاستدلال به على تحريم ولاية المرأة للعمل العام..
ذلك أن ملابسات قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، لهذا الحديث تقول: إن نفراً قد قدموا من بلاد فارس إلى المدينة المنورة ، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- " من يلى أمر فارس " ؟ - " قال [ أحدهم ]: امرأة.
- فقال صلى الله عليه وسلم " ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ".
فملابسات ورود الحديث تجعله نبوءة سياسية بزوال ملك فارس وهى نبوءة نبوية قد تحققت بعد ذلك بسنوات– أكثر منه تشريعاً عاما يحرم ولاية المرأة للعمل السياسى العام..
ثم إن هذه الملابسات تجعل معنى هذا الحديث خاصاً " بالولاية العامة " أى رئاسة الدولة وقيادة الأمة..
فالمقام كان مقام الحديث عن امرأة تولت عرش الكسروية الفارسية ، التى كانت تمثل إحدى القوتين الأعظم فى النظام العالمى لذلك التاريخ.. ولا خلاف بين جمهور الفقهاء باستثناء طائفة من الخوارج على اشتراط " الذكورة " فيمن يلى " الإمامة العظمى " والخلافة العامة لدار الإسلام وأمة الإسلام.. أما ماعدا هذا المنصب بما فى ذلك ولايات الأقاليم والأقطار والدول القومية والقطرية والوطنية فإنها لا تدخل فى ولاية الإمامة العظمى لدار الإسلام وأمته.. لأنها ولايات خاصة وجزئية ، يفرض واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر المشاركة فى حمل أماناتها على الرجال والنساء دون تفريق..
فالشبهة إنما جاءت من خلط مثل هذه الولايات الجزئية والخاصة بالإمامة العظمى والولاية العامة لدار الإسلام وأمته وهى الولاية التى اشترط جمهور الفقهاء " الذكورة " فيمن يليها.. ولا حديث للفقه المعاصر عن ولاية المرأة لهذه الإمامة العظمى ، لأن هذه الولاية قد غابت عن متناول الرجال ، فضلاً عن النساء ، منذ سقوط الخلافة العثمانية [ 1342 هجرية 1924م ] وحتى الآن !..
وأمر آخر لابد من الإشارة إليه ، ونحن نزيل هذه الشبهة عن ولاية المرأة للعمل العام ، وهو تغير مفهوم الولاية العامة فى عصرنا الحديث ، وذلك بانتقاله من:" سلطان الفرد " إلى " سلطان المؤسسة " ، والتى يشترك فيها جمع من ذوى السلطان والاختصاص..
لقد تحوّل " القضاء " من قضاء القاضى الفرد إلى قضاء مؤسسى ، يشترك فى الحكم فيه عدد من القضاة..
فإذا شاركت المرأة فى " هيئة المحكمة " فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة للقضاء ، بالمعنى الذى كان وارداً فى فقه القدماء ، لأن الولاية هنا الآن لمؤسسة وجمع ، وليست لفرد من الأفراد ، رجلاً كان أو امرأة.. بل لقد أصبحت مؤسسة التشريع والتقنين مشاركة فى ولاية القضاء ، بتشريعها القوانين التى ينفذها القضاة.. فلم يعد قاضى اليوم ذلك الذى يجتهد فى استنباط الحكم واستخلاص القانون ، وإنما أصبح " المنفذ " للقانون الذى صاغته وقننته مؤسسة ، تمثل الاجتهاد الجماعى والمؤسسى لا الفردى فى صياغة القانون..
وكذلك الحال مع تحول التشريع والتقنين من اجتهاد الفرد إلى اجتهاد مؤسسات الصياغة والتشريع والتقنين..
فإذا شاركت المرأة فى هذه المؤسسات ، فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة لسلطة التشريع بالمعنى التاريخى والقديم لولاية التشريع..
وتحولت سلطات صنع " القرارات التنفيذية " فى النظم الشورية والديمقراطية عن سلطة الفرد إلى سلطان المؤسسات المشاركة فى الإعداد لصناعة القرار.. فإذا شاركت المرأة فى هذه المؤسسات ، فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة لهذه السلطات والولايات ، بالمعنى الذى كان فى ذهن الفقهاء الذين عرضوا لهذه القضية فى ظل " فردية " الولايات ، وقبل تعقد النظم الحديثة والمعاصرة ، وتميزها بالمؤسسية والمؤسسات..
لقد تحدث القرآن الكريم عن ملكة سبأ - وهى امرأة - فأثنى عليها وعلى ولايتها للولاية العامة ، لأنها كانت تحكم بالمؤسسة الشورية لا بالولاية الفردية (قالت يا أيها الملأ أفتونى فى أمرى ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون) (9).. وذم القرآن الكريم فرعون مصر - وهو رجل لأنه قد انفرد بسلطان الولاية العامة وسلطة صنع القرار(قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) (10).. فلم تكن العبرة بالذكورة أو الأنوثة فى الولاية العامة حتى الولاية العامة وإنما كانت العبرة بكون هذه الولاية " مؤسسة شورية " ؟ أم " سلطانا فردياً مطلقاً " ؟ أما ولاية المرأة للقضاء.. والتى يثيرها البعض كشبهة على اكتمال أهلية المرأة فى الرؤية الإسلامية..
فإن إزالة هذه الشبهة يمكن أن تتحقق بالتنبيه على عدد من النقاط:
أولها: أن ما لدينا فى تراثنا حول قضية ولاية المرأة لمنصب القضاء هو " فكر إسلامى " و " اجتهادات فقهية " أثمرت " أحكاماً فقهية ".. وليس "دينا " وضعه الله سبحانه وتعالى وأوحى به إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالقرآن الكريم لم يعرض لهذه القضية ، كما لم تعرض لها السنة النبوية ، لأن القضية لم تكن مطروحة على الحياة الاجتماعية والواقع العملى لمجتمع صدر الإسلام ، فليس لدينا فيها نصوص دينية أصلاً ، ومن ثم فإنها من مواطن ومسائل الاجتهاد..
ثم إن هذه القضية هى من " مسائل المعاملات " وليست من " شعائر العبادات ".. وإذا كانت " العبادات توقيفية " تُلْتَمس من النص وتقف عند الوارد فيه ، فإن " المعاملات " تحكمها المقاصد الشرعية وتحقيق المصالح الشرعية المعتبرة..والموازنة بين المصالح والمفاسد فيها.. ويكفى فى " المعاملات " أن لا تخالف ما ورد فى النص ، لا أن يكون قد ورد فيها نص..
ومعلوم أن " الأحكام الفقهية " التى هى اجتهادات الفقهاء ، مثلها كمثل الفتاوى ، تتغير بتغير الزمان والمكان والمصالح الشرعية المعتبرة..
فتولى المرأة للقضاء قضية فقهية ، لم ولن يُغْلَق فيها باب الاجتهاد الفقهى الإسلامى..
وثانيها: أن اجتهادات الفقهاء القدماء حول تولى المرأة لمنصب القضاء هى اجتهادات متعددة ومختلفة باختلاف وتعدد مذاهبهم واجتهاداتهم فى هذه المسألة ، ولقد امتد زمن اختلافهم فيها جيلاً بعد جيل..
ومن ثم فليس هناك " إجماع فقهى " فى هذه المسألة حتى يكون هناك إلزام للخلف بإجماع السلف ، وذلك فضلاً عن أن إلزام الخلف بإجماع السلف هو أمر ليس محل إجماع.. ناهيكم عن أن قضية إمكانية تحقق الإجماع أى اجتماع سائر فقهاء عصر ما على مسألة من مسائل فقه الفروع كهذه المسألة هو مما لا يُتَصَوَّر حدوثه حتى لقد أنكر كثير من الفقهاء إمكانية حدوث الإجماع فى مثل هذه الفروع أصلاً.
ومن هؤلاء الإمام أحمد بن حنبل [ 164 241 هجرية 780 855 م ] الذى قال: " من ادعى الإجماع فقد كذب ! ".
فباب الاجتهاد الجديد والمعاصر والمستقبلى فى هذه المسألة وغيرها من فقه الفروع مفتوح.. لأنها ليست من المعلوم من الدين بالضرورة أى المسائل التى لم ولن تختلف فيها مذاهب الأمة ولا الفِطر السليمة لعلماء وعقلاء الإسلام..
وثالثها: أن جريان " العادة " فى الأعصر الإسلامية السابقة ، على عدم ولاية المرأة لمنصب القضاء لا يعنى " تحريم " الدين لولايتها هذا المنصب ، فدعوة المرأة للقتال ، وانخراطها فى معاركه هو مما لم تجربه " العادة " فى الأعصر الإسلامية السابقة ، ولم يعن ذلك " تحريم " اشتراك المرأة فى الحرب والجهاد القتالى عند الحاجة والاستطاعة وتعيُّن فريضة الجهاد القتالى على كل مسلم ومسلمة.. فهى قد مارست هذا القتال وشاركت فى معاركه على عصر النبوة والخلافة الراشدة.. من غزوة أُحد [ 3 هجرية 625م ] إلى موقعة اليمامة [ 12 هجرية 633 م ] ضد ردة مسيلمة الكذاب [ 12 هجرية 633 م ].. وفى " العادة " مرتبطة " بالحاجات " المتغيرة بتغير المصالح والظروف والملابسات ، وليست هى مصدر الحلال والحرام..
رابعها: أن علة اختلاف الفقهاء حول جواز تولى المرأة لمنصب القضاء ، فى غيبة النصوص الدينية – القرآنية والنبوية – التى تتناول هذه القضية ، كانت اختلاف هؤلاء الفقهاء فى الحكم الذى " قاسوا " عليه توليها للقضاء. فالذين " قاسوا " القضاء على: "الإمامة العظمى " التى هى الخلافة العامة على أمة الإسلام ودار الإسلام مثل فقهاء المذهب الشافعى قد منعوا توليها للقضاء ، لاتفاق جمهور الفقهاء باستثناء بعض الخوارج على جعل " الذكورة " شرطا من شروط الخليفة والإمام ، فاشترطوا هذا الشرط " الذكورة " – فى القاضى ، قياساً على الخلافة والإمامة العظمى.
ويظل هذا " القياس " قياساً على " حكم فقهى " – ليس عليه إجماع وليس " قياساً " على نص قطعى الدلالة والثبوت..
والذين أجازوا توليها القضاء ، فيما عدا قضاء " القصاص والحدود " مثل أبى حنفية " [ 80 150 هجرية / 699 767 م ] وفقهاء مذهبه قالوا بذلك " لقياسهم " القضاء على " الشهادة " ، فأجازوا قضاءها فيما أجازوا شهادتها فيه ، أى فيما عدا " القصاص والحدود ".
فالقياس هنا أيضاً على " حكم فقهى " وليس على نص قطعى الدلالة والثبوت..وهذا الحكم الفقهى المقيس عليه وهو شهادة المرأة فى القصاص والحدود.. أى فى الدماء ليس موضع إجماع.. فلقد سبق وذكرنا فى رد شبهة أن شهادة المرأة هى على النصف من شهادة الرجل إجازة بعض الفقهاء لشهادتها فى الدماء ، وخاصة إذا كانت شهادتها فيها هى مصدر البينة الحافظة لحدود الله وحقوق الأولياء..
أما الفقهاء الذين أجازوا قضاء المرأة فى كل القضايا مثل الإمام محمد بن جرير الطبرى [ 224310 هجرية / 839 923م ] فقد حكموا بذلك " لقياسهم " القضاء على " الفتيا ".. فالمسلمون قد أجمعوا على جواز تولى المرأة منصب الإفتاء الدينى أى التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من أخطر المناصب الدينية وفى توليها للإفتاء سنة عملية مارستها نساء كثيرات على عهد النبوة من أمهات المؤمنين وغيرهن فقاس هؤلاء الفقهاء قضاء المرأة على فتياها ، وحكموا بجواز توليها كل أنواع القضاء ، لممارستها الإفتاء فى مختلف الأحكام.
وهم قد عللوا ذلك بتقريرهم أن الجوهرى والثابت فى شروط القاضى إنما يحكمه ويحدده الهدف والقصد من القضاء ، وهو: ضمان وقوع الحكم بالعدل بين المتقاضين.. وبعبارة أبى الوليد بن رشد الحفيد [ 520595 هجرية / 1126 1198م ]: فإن " من رأى حكم المرأة نافذا فى كل شئ قال: إن الأصل هو أن كل من يأتى منه الفصل بين الناس فحكمه جائز ، إلا ما خصصه الإجماع من الإمامة الكبرى " (11).
وخامسها: أن " الذكورة " لم تكن الشرط الوحيد الذى اختلف حوله الفقهاء من بين شروط من يتولى القضاء..
فهم مثلا اختلفوا فى شرط " الاجتهاد " فأوجب الشافعى [ 150204 هجرية / 767820م ] وبعض المالكية أن يكون القاضى مجتهداً.. على حين أسقط أبو حنيفة هذا الشرط ، بل وأجاز قضاء " العامى " أى الأمى فى القراءة والكتابة وهو غير الجاهل ووافقه بعض الفقهاء المالكية قياسا على أمية النبى صلى الله عليه وسلم (12).
واختلفوا كذلك فى شرط كون القاضى " عاملا " وليس مجرد " عالم " بأصول الشرع الأربعة: الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والقياس.. فاشترطه الشافعى ، وتجاوز عنه غيره من الفقهاء (13).
كما اشترط أبو حنيفة ، دون سواه أن يكون القاضى عربيا من قريش (14).
فشرط " الذكورة " فى القاضى ، هو واحد من الشروط التى اختلف فيها الفقهاء ، حيث اشترطه البعض فى بعض القضايا دون البعض الآخر ، وليس فيه إجماع.. كما أنه ليس فيه نصوص دينية تمنع أو تقيد اجتهادات المجتهدين..
وسادسها: أن منصب القضاء وولايته قد أصابها هى الأخرى ما أصاب الولايات السياسية والتشريعية والتنفيذية من تطور انتقل بها من " الولاية الفردية " إلى ولاية " المؤسسة " فلم تعد " ولاية رجل " أو " ولاية امرأة " ، وإنما أصبح " الرجل " جزءاً من المؤسسة والمجموع ، وأصبحت " المرأة " جزءاً من المؤسسة والمجموع.. ومن ثم أصبحت القضية فى " كيف جديد " يحتاج إلى " تكييف جديد " يقدمه الاجتهاد الجديد لهذا الطور المؤسسى الجديد الذى انتقلت إليه كل هذه الولايات.. ومنها ولاية المرأة للقضاء

هوامش :

(9) النمل: 32.
(10) غافر: 29.
(11) [ بداية المجتهد ونهاية المقتصد ] ج2 ص 494. طبعة القاهرة سنة 1974م. والماوردى [ أدب القاضى ] ج1 ص 625-628 طبعة بغداد سنة 1971م. والأحكام السلطانية ص65 طبعة القاهرة سنة 1973م.
(12) [ بداية المجتهد ونهاية المقتصد ] ج2 ص 493،494.
(13)[ أدب القاضى ] ج 1 ص 643.
(14) محمد محمد سعيد [ كتاب دليل السالك لمذهب الإمام مالك ] ص 190 طبعة القاهرة سنة 1923 م.

الكاتب: أ.د محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف المصرى
 
لفت انتباهي وأنا أقرأ سورة النمل قصة بلقيس رضي الله عنها وكيف استطاعت برأيها الرشيد أن تنجي قومها وتسلك بهم سبيل النجاة.
ثم تذكرت حديث : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.
فتحيرت في الجمع بينهما ، إلا إذا حمل الحديث على الغالب .
للمدارسة.

الفلاح أمر نسبي هذا أولاً

ثانياً:هل سلكت ملكت سبأ بقومها سبيل النجاة؟

الذي يظهر من الآيات أنها خرجت إلى سليمان ذليلة صاغرة بعد ما سمعت تهديد سليمان على لسان رسولها الذي أرسلته بالهدية :
(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ)سورة النمل (37)
لقد خرجت خائفة مستسلمة وليست مسلمة خرجت من ملكها وأرضها وسبقها إلى سليمان عرشها.
ولا أدري هل خرج جميع رعيتها معها أم لا؟
فإن كانوا خرجوا جميعا فأين الفلاح في ترك ديارهم وما ألفوه من حياتهم ورحلو ما يزيد على ألفي كيلومتر وخاصة أن الخروج لم يكن عن قناعة بدين سليمان فيعد هجرة في سبيل الله وإنما عن خوف واستسلام؟

أما إسلام الملكة فيما بعد فلم يكن نتيجة لتفكير سديد مسبق تمدح عليه وإنما هكذا ساقها القدر لتسلم مع سليمان لله رب العالمين.

هل أسلم قومها معها ؟
إذا كانوا فعلوا فالحكم في حقهم كما هو في حقها لم يكن إسلامهم عن قناعة مسبقة وإنما بعد ما قادهم القدر مع ملكتهم في الصورة التي بينها القرآن.

وإذا لم يقدم قومها معها ولم يسلموا فهنا لن نستطيع الحكم هل أفلحوا أم لا؟

وعليه فالموضوع المطروح ومحاولة إظهار أن هناك تعارض بين الحديث وقصة ملكة سبأ يحتاج إلى إعادة نظر.
 
أما ماعدا هذا المنصب بما فى ذلك ولايات الأقاليم والأقطار والدول القومية والقطرية والوطنية فإنها لا تدخل فى ولاية الإمامة العظمى لدار الإسلام وأمته.. لأنها ولايات خاصة وجزئية ، يفرض واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر المشاركة فى حمل أماناتها على الرجال والنساء دون تفريق..
هل يعني هذا أن الدول القطرية ولايتها ليست ولاية عامة ؟
وهل هناك مستند لهذا القول أعني أنها ولايات جزئية من أهل العلم المعاصرين على الأقل ؟
وإذا نظرنا إلى أقوال أهل العلم نجدهم يستدلون بهذا الحديث على عدم جواز تولية المرأة الإمامة العظمى ..
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى معددا ما فضل به الرجال على النساء : ( وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" رواه البخاري)
يقول الشنقيطي رحمه الله تعالى : ( الثالث - أي من شروط الإمام الأعظم - الذكورة ، ولا خلاف في هذا بين أهل العلم ، ويدل له ما ثبت في "صحيح البخاري" وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"
وغيرهما كثير ؛ فكونهم يتواطؤون على الاستدلال بهذا الحديث على عدم جواز تولية المرأة الولاية العظمى دليل على أنه إما نص في الموضوع أو على الأقل ظاهر فيه .
أما بالنسبة لتوليتها القضاء فأكتفي بما قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى ولعل فيه غنية لغيري : ( قوله وشروطه الذكورة .
أقول قد وصف رسول الله صلى الله عليه و سلم النساء بأنهن ناقصات عقل ودين ومن كان بهذه المنزلة لا يصلح لتولي الحكم بين عباد الله وفصل خصوماتهم بما تقتضيه الشريعة المطهرة ويوجبه العدل فليس بعد نقصان العقل والدين شيء ولا يقاس القضاء على الرواية فإنها تروي ما بلغها وتحكي ما قيل لها وأما القضاء فهو يحتاج إلى اجتهاد أصحاب الرأي وكمال الإدراك والتبصر في الأمور والتفهم لحقائقها وليست المرأة في ورد ولا صدر من ذلك
ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه و سلم لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة فليس بعد نفي الفلاح شيء من الوعيد الشديد ورأس الأمور هو القضاء بحكم الله عز و جل فدخوله فيها دخولا أوليا )
وأما بالنسبة لما تفضل به الأخ حجازي الهوى فأظنه يكفي في رجاحة عقل امرأة ناقصة العقل والدين أن تفعل ما فعلت بلقيس رحمها الله تعالى ورضي عنها ؛ فمع توفر القوة العسكرية الشديدة ، آثرت عدم المواجهة ورغبت في المصالحة والمهادنة ولا شك أن هذا من الفلاح الظاهر ، وحتى تركها هي وقومها ديارهم ودخولهم في دين سليمان واستسلامهم له هو أيضا من الفلاح الظاهر المبين ، وغيره من الخسران والضلال البعيد.
وإلى الآن لم يتضح لي وجه الجمع بين القصة والحديث ، وإن كان القول بأن الحديث من باب النبوة أو حتى من باب القسم على الله تعالى له وجه من النظر لولا تصريح أهل العلم بالاستدلال به في كثير من المسائل الفقهية وإعراضهم عن هذا المعنى .
والله تعالى أعلم .
 
وأما بالنسبة لما تفضل به الأخ حجازي الهوى فأظنه يكفي في رجاحة عقل امرأة ناقصة العقل والدين أن تفعل ما فعلت بلقيس رحمها الله تعالى ورضي عنها ؛ فمع توفر القوة العسكرية الشديدة ، آثرت عدم المواجهة ورغبت في المصالحة والمهادنة ولا شك أن هذا من الفلاح الظاهر ، وحتى تركها هي وقومها ديارهم ودخولهم في دين سليمان واستسلامهم له هو أيضا من الفلاح الظاهر المبين ، وغيره من الخسران والضلال البعيد.
وإلى الآن لم يتضح لي وجه الجمع بين القصة والحديث ، وإن كان القول بأن الحديث من باب النبوة أو حتى من باب القسم على الله تعالى له وجه من النظر لولا تصريح أهل العلم بالاستدلال به في كثير من المسائل الفقهية وإعراضهم عن هذا المعنى .
والله تعالى أعلم .


أخانا الكريم رجاحة عقل ملكة سبأ وحسن تصرفها في مشاورة المقربين منها ومعرفتها بأحوال الملوك وقرارها بعدم المواجهة مع سليمان وإسلامها مع سليمان فيما بعد كل هذا ليس فيه دليل على فلاح قومها إطلاقاً لأننا لا ندري هل تابعها قومها على ما فعلت أم لا. وما دام أن الأمر محتمل فليس لأحد أن يعارض الحديث الصريح بأمر محتمل.

ثم إن القرآن قد أخبر أن سبأ لم تفلح والآيات واضحة في سورة سبأ ، فأخبر تعالى أنهم أعرضوا فأهلكهم بسيل العرم ومزقهم كل ممزق وجعلهم آحاديث .

ثم إني أسألك هل سبقك أحد من أهل العلم إلى هذا الاستشكال؟
 
أخي الكريم : حجازي الهوى بارك الله فيك ..
أولا : قضية إسلام قوم بلقيس هو أمر محتمل كما قلت .
لكن بعض الروايات - وإن كان بعضها مدخولا - مصرحة بأن سليمان ثبتها على ملكها في سبأ ، وتزوجها ، وكان يزورها من حين لأخر ، وأنها قدمت عليه بأشراف قومها وهذا مع ظاهر القصة يوحي بأنهم أسلموا وإلا لما سلموا مما توعدهم به سليمان لأن العلة التي من أجلها أراد غزوهم هي عبادتهم الشمس من دون الله تعالى ..
وهذا كله يوضح أنهم أسلموا وذلك منتهى الفلاح .
ثانيا : أما قضية سورة سبأ ، فيبدو أن الأمر قد اختلط عليك ، فبين سبأ سليمان وسبأ اليمن ما يقارب ألفا وثلاثمائة سنة تقريبا .
ثالثا : قضية استشكالي لوجه الجمع وهل سبقني إليه أحد ، هو الآخر مما استعجلت فيه أخي الكريم ؛ فليس الاستشكال منوطا بقول السابقين ، ولأي طالب علم أن يستشكل ما يظن أنه تعارض بين نصين ويطلب وجه الجمع بينها وهل هما فعلا متعارضين أم لا ، وما على أهل العلم إلا توضيح ما التبس عليه بالأدلة الشرعية وأقوال سلف الأمة حتى يزول عنه الإشكال والالتباس ..
والله تعالى أعلم.
 
أخي الكريم : حجازي الهوى بارك الله فيك ..

وفيك بارك


أولا : قضية إسلام قوم بلقيس هو أمر محتمل كما قلت .
لكن بعض الروايات - وإن كان بعضها مدخولا - مصرحة بأن سليمان ثبتها على ملكها في سبأ ، وتزوجها ، وكان يزورها من حين لأخر ، وأنها قدمت عليه بأشراف قومها وهذا مع ظاهر القصة يوحي بأنهم أسلموا وإلا لما سلموا مما توعدهم به سليمان لأن العلة التي من أجلها أراد غزوهم هي عبادتهم الشمس من دون الله تعالى ..
وهذا كله يوضح أنهم أسلموا وذلك منتهى الفلاح ...

أنت قلت إنه أمر محتمل ثم رجحت بروايات ضعيفة و باجتهاد في فهم القصة قد يقابل بمثله.
وكون العلة من إرادة الغزو هي عبادة الشمس من دون الله أمر فيه نظر ومن تأمل قول سليمان في كتابه:

(إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)) سورة النمل
قد يظهر له علة أخرى والدليل أنه لم يثبت أن سليمان أخضع الأمم المجاورة لدين التوحيد وإنما كان محصورا في بني إسرائيل.

ثانيا : أما قضية سورة سبأ ، فيبدو أن الأمر قد اختلط عليك ، فبين سبأ سليمان وسبأ اليمن ما يقارب ألفا وثلاثمائة سنة تقريبا ..

هذه تحتاج منك إلى دليل



ثالثا : قضية استشكالي لوجه الجمع وهل سبقني إليه أحد ، هو الآخر مما استعجلت فيه أخي الكريم ؛ فليس الاستشكال منوطا بقول السابقين ، ولأي طالب علم أن يستشكل ما يظن أنه تعارض بين نصين ويطلب وجه الجمع بينها وهل هما فعلا متعارضين أم لا ، وما على أهل العلم إلا توضيح ما التبس عليه بالأدلة الشرعية وأقوال سلف الأمة حتى يزول عنه الإشكال والالتباس ..
والله تعالى أعلم.

لا حرج عليك أخي الكريم
ولكن طالب العلم إذا نظر في تراث المسلمين العلمي ثم وجد أنهم لم يستشكلوا ما استشكله هو فهذه إشارة قد تختصر عليه الطريق.......وقد يكون مصيبا.
 
الإخوة الكرام
سلام الله عليكم

هناك بحثٌ منشور للشيخ عبد الرحمن السحيم فيه ردٌّ لبعض الشبهات المثارة في حديث " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة "

و هذا عنوانه و رابطه : تولية المرأة للمناصب ( شُبهات وردّها )
 
حديث "لن يفلح قوم ولوا امرهم أمره" تكلم عنه الشيخ المحدث عبد المحسن بن عباد البدر باسهاب في رسالته (الدفاع عن الصحابي أبي بكرة ومروياته، والاستدلال لمنع ولاية النساء على الرجال)

وهذا رابط تحميل الكتاب:
http://www.4shared.com/file/67093360/198b613c/ebubekre.html

وقد قال الشيخ عبد المحسن في عرض كلامه:
وأما استشهادة بقصة المرأة التي ملكت اليمن, وجاءت قصتها في سورة النمل, فالجواب أنه لا يستدل بها على ولاية المرأة على الرجال, لانه حكاية عمن كان قبلنا, وليس فيه ذكر أنها شريعة من الشرائع, بل كانت وقومها كفاراً يسجدون للشمس, ومع ذلك فقد جاء في شريعتنا ما يدل على خلاف ذلك, ومنها الأدلة التي اردتها, وقد نقل ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين) [النمل:33] قول الحسن البصري رحمه الله ذاماً الذين فوضوا الأمر إليها: "فوضوا أمرهم إلى علجة تضطرب ثدياها" أ هـ
 
[align=center]ولاية المرأة أمر رئاسة الدولة مخالف لأدلة الشرع و أصول الفقه [/align]
________________________________________
(( نفى د. محمد سليم العوا أن تكون الإمامة بمعناها المعروف في التاريخ الإسلامي لها وجود في الواقع المعاصر..

وأوضح أننا" خرجنا من إطار الإمامة التي عرفناها في تاريخنا إلى إطار الدولة المدنية التي نعيش فيها الآن، ويجوز أن يتولاها أي إنسان مسلم أو مسيحي، أو أي شخص مواطن في الدولة لأنه جزء من المؤسسة وليس هو المؤسسة كلها ، وجزء من الحكومة وليس هو الحكومة كلها ".

كان ذلك تعقيبا على الدكتور عاصم عبد الماجد ـ أحد قيادات الجماعة الإسلامية_ والذي اعترض على القول بجواز إمامة المرأة وغير المسلم لبلد المسلمين..

وقال :"هذا أمر يخالف الإجماع، وكذلك النصوص الشرعية حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، فمهام الإمامة صعبة والمرأة لا تستطيع النهوض بها.. حسب تعبيره.

- جاء ذلك خلال الجلسة الثالثة لمؤتمر الجمعية المصرية للثقافة والحوار الذي أقيم تحت عنوان " الشريعة والهوية والدستور" ، والذي اختتم أعماله الأحد 13 مايو 2007بنقابة الصحفيين المصرية . ))
[ نقلا عن موقع : إسلام أون لاين . نت - الثلاثاء 15/5/2007م – تحت العنوان : (العوا: للمرأة والمسيحي حق رئاسة الدولة ]
http://www.islamonline.net/servlet/S...ah/SRALayout

[align=center]* * *[/align]

و تعقيبا على ما تقدم نذكرالآتي :

الرأي الذي أبداه د . عاصم عبد الماجد بعدم جواز ولاية المرأة رئاسة الدولة رأي صحيح ، و قول سديد من جهة موافقته أدلة الشرع ، و أصول الفقه ؛ الذي هو أصل و أساس الفقه .
و القول بعدم دخول ولاية المرأة في النهي – المستفاد من نفي الفلاح – الثابت بقول الرسول صلى الله عليه و سلم " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " : قول باطل و غير صحيح من جهة علم أصول الفقه من أربعة وجوه :

الوجه الأول : إنكار و نفي عموم القول النبوي الشريف لكل أفراد ( أنواع ) الولايات العامة . و هذا باطل و غير صحيح في علم الأصول ؛ لمجيئ الحديث بصيغة من صيغ العموم ، و هي : ( النكرة في سياق النفي ) – فـ " قوم " نكرة ، جاءت في سياق النفي " لن يفلح " : فيعمّ - عدم الفلاح -كل قوم ولوا أمرهم امرأة .
و لا شك في دخول ولاية رئاسة الدولة في معنى الولايات العامة ؛ بل هي رأس الولايات العامة في الدول المعاصرة ؛ فتدخل ولاية المرأة رئاسة الدولة في عموم النهي الوارد بالحديث المذكور .

الوجه الثاني : إخراج ولاية المرأة رئاسة الدولة من ذلك النهي الثابت بالحديث : باطل أيضا و غير صحيح في علم الأصول ؛ لأنه تخصيص من عموم النهي بغير مخصّص ( بغير دليل ) .

الوجه الثالث : الادعاء بكون ذلك الحديث خاصا بالفرس قديما لورود الحديث بسبب توليتهم ابنة كسرى عليهم : ادعاء باطل كذلك من جهة أصول الفقه ؛ لما تقرر فيه من أن " العبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب " الذي جاء فيه اللفظ .
و هذا معروف لمن له أدنى معرفة بعلم الأصول ، بل يكاد يكون من البدهيات المسلّمة حتى لا تكون كل آيات القرآن و كذا الأحاديث التي جاءت بسبب واقعة من الوقائع خاصة بأولئك القوم و بتلك الوقائع و الحوادث . و هذا باطل بلا ريب .

الوجه الرابع : أمر الولايات العامة – المنهي عن توليتها للمرأة - هو على سبيل العموم ؛ لمجيئه في الحديث بلفظ عام : ( ولوا " أمرهم " ) ، فهو عام ؛ لأن من صيغ العموم : اللفظ المعرّف بالإضافة – فيشمل كل أمر من أمور القوم .
مثله في عمومه مثل عموم قوله تعالى في الميراث : " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " ، و قوله تعالى في المؤمنين : " و أمرهم شورى بينهم " .

* و ما تقدم ذكره و بيانه تأكيد للدعوة التي طرحت في ذلك المؤتمر للاهتمام بدراسة علم أصول الفقه ، و الالتزام بقواعده في الفتاوى و القوانين .
و الله الهادي إلى سواء السبيل .
 
الأخوان : محمد مسفر العتيبي ود.أبو بكر حفظكما الله تعالى .
ومما دعاني إلى طرح هذا الموضوع كثرة دعاة تولية المرأة المناصب العامة كالقضاء ونحوه مستدلين بقصة بلقيس رحمها الله تعالى ورضي عنها .
ومن أولئك الداعين بعض الكتاب في هذا الملتقى المبارك وهم لا يخفون عليكم ، وجل اعتماد أؤلئك على بعض الاجتهادات في الفقه الحنفي وغيره ، وهي لا تقوم على ساق ..
وما ذكر الأخ د.أبو بكر يشفي الغليل في هذه المسألة من حيث الصناعة الأصولية أعني التي تشمل ( أصول التفسير والفقه والحديث )
جزى الله الجميع خير الجزاء.
 
عودة
أعلى