عيسى السعدي
New member
يذكر أهل المعرفة بالأدب أن شعر العرب ونثرهم في صدر الإسلام أرفع طبقة في البلاغة من منثور أهل الجاهلية ونظمهم ؛ فشعر حسان بن ثابت وعمر بن أبي ربيعة والحطيئة وجرير والفرزدق ونصيب وذي الرمة والأحوص وغيرهم أعلى طبقة في البلاغة من شعر النابغة وعنترة وعمرو بن كلثوم وزهير وعلقمة وطرفة وأضرابهم !! والسببب في ذلك أن الذين أدركوا الإسلام سمعوا الطبقة العالية من الكلام قرآنا وسنة فنهضت طباعهم وارتقت ملكاتهم في البلاغة على ملكات من قبلهم من أهل الجاهلية فكان كلامهم نظما ونثرا أحسن ديباجة , وأصفى رونقا وأرصف معنى من كلام أهل الجاهلية ! يقول ابن خلدون : سألت يوما أبالقاسم قاضي قرطبة وكان مستبحرا في اللغة فقلت : مابال العرب الإسلاميين أعلى طبقة في البلاغة من الجاهليين ؟! فسكت طويلا ثم قال : والله ما أدري ! فقلت أعرض لك شيئا ظهر لي في ذلك ولعله السبب . وذكرت له أن الذين أدركوا الإسلام سمعوا الطبقة العالية من الكلام في القرآن والحديث ونشأت على أساليبها نفوسهم فارتقت ملكاتهم على ملكات أهل الجاهلية ! فسكت معجبا ثم قال : هذا كلام من حقه أن يكتب بماء الذهب وكان من بعدها يؤثر محلي ويصيخ لقولي ويشهد لي بالنباهة في العلوم . مقدمة ابن خلدون ص 580 .