لماذا عطف بالواو في {ولا تكن للخائنين خصيما} ولم يعطف بالفاء؟

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
حيرني العطف بالواو في {ولا تكن للخائنين خصيما} في قول الله الله تعالى:
{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} (105 النساء)
فإن ظاهر السياق يقتضي أن يكون العطف بالفاء، فيكون التقدير: [أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس .. فلا تكن ...]
فلماذا عَدِلَ النظم القرآني عن العطف بالفاء إلى العطف بالواو؟!
لقد بحثت فيما يقرب من خمسين تفسيرا عن ذلك فوجدت الجميع لم يلتفت ولم يتطرق إلى تلك المسألة إلا أبو السعود رحمه الله وتبعه في الإشارة إليها الألوسي، وحقي، ثم سيد طنطاوي رحم الله الجميع.
قال الألوسي:"{ وَلاَ تَكُنْ لّلْخَائِنِينَ } ... والنهي معطوف على مقدر ينسحب عليه النظم الكريم كأنه قيل : إنا أنزلنا إليك الكتاب فاحكم به ولا تكن الخ"
وقال بذلك أبو السعود: "والنهيُ معطوفٌ على أمر ينسحب عليه النظمُ الكريمُ كأنه قيل : فاحكم به ولا تكن الخ"
وقال حقي: "{ولا تكن} أي فاحكم به ولا تكن {للخائنين} أي لأجلهم"
ثم سيد طنطاوي في وسيطه قال: "وقوله {وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً} معطوف على كلام مقدر يفهم من المقام".
ونعود إلى سؤالنا: لماذا عَدِلَ عن العطف بالفاء إلى العطف بالواو؟!
لعل فيما ذهب إليه الألوسي ومن تبعوه وجها للتأويل، لكن هذا الوجه باعتبار محذوف اقتضى سؤالا آخر وهو:
لماذا الحذف؟!
ولماذا لم تلحق الفاء بالنهي مباشرة فيقول: [فلا تكن] ومن السياق سوف يفهم المحذوف المقدر أيضا؟!
وأقول سائلا الله عز وجل السداد:
إن جواب ما تقدم من أسئلة يتوجه ويستبين في أمرين:
الأمر الأول: سبب نزول الآية وهو: إن الآية نزلت لتنصف رجلاً يهودياً ، اتهم ظلماً بسرقة؛ ولتدين الذين تآمروا على اتهامه، والقصة متواترة في كتب التفسير مع اختلاف في الروايات وجاء في الخازن: "قال ابن عباس نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يقال له طعمة بن إبيرق من بني ظفر بن الحارث سرق درعاً من جار له يقال له قتادة بن النعمان وكانت الدرع في جراب فيه دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى داره ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين فالتمست الدرع عند طعمة فحلف بالله ما له بها من علم فقال أصحاب الدرع: لقد رأينا أثر الدقيق حتى دخل داره فلما حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق إلى منزل اليهودي فأخذوه فقال اليهودي: دفعها إلي طعمة بن أبيرق زاد في الكشاف وشهد له جماعة من اليهود . قال البغوي: وجاء بنو ظفر قوم طعمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يجادل عن صاحبهم طعمة فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاقب اليهودي وأن يقطع يده فأنزل الله هذه الآية"

والأمر الثاني: فائدة العطف بالواو والتي لا توجد في العطف بالفاء وهي أن العطف بالواو يفيد المعية والاشتراك؛ فعدل النظم القرآني عن العطف بالفاء إلى العطف بالواو لتتحق معية الحكم {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} واشتراكه مع عدم الدفاع عن الظالمين{وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}.

هذا والله أعلم
د. محمد الجبالي
 
قصة بني ابيرق لا تصح

قصة بني ابيرق لا تصح

لكن يا مولانا قصة بني ابيرق لا تصح من حيث اسنادها
فما رايكم دام فضلكم؟
 
السلام عليكم
بغض النظرعن أن قصة ابن ابيرق تصح أو لا تصح ... فإن الآيات بعد هذه تدل على وقوع خيانة من البعض ، وأن مذنبا قد رمي بريئا بذنبه
قال تعالي " وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)
 
عودة
أعلى