لماذا توسطت هذه الآية أحكام الطلاق والعدة وما الجامع بينها وبين هذه الأحكام ؟؟!!

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع ضيف
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
ض

ضيف

Guest
( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ، فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً )
رجالاً أي راجلين، أي وهو يمشي على رجليه .
ركباناً : من الركوب سواء دابة أو غيرها.

لماذا توسطت هذه الآية أحكام الطلاق والعدة وما الجامع بينها وبين هذه الأحكام ؟؟!!

يأمر الله تعالى بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها ، وحفظ حدودها وأدائها في أوقاتها ، كما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​ : أي العمل أفضل ؟ قال : " الصلاة على وقتها " . قلت : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " . قلت : ثم أي ؟ قال : " بر الوالدين " . قال : حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​ ، ولو استزدته لزادني.
وخص تعالى من بينها بمزيد التأكيد الصلاة الوسطى.

جاءت آية الصلاة مُقحمةً بين سلسلة آياتٍ تتحدث عن أحكام الطلاق ، وبين سلسلة آياتٍ تتحدث عن أحكام الجهاد. لعل الحكمة من أن تكون هذه الآية بين آيات الطلاق وآيات الجهاد ؛ أن الإنسان لا يستطيع أن يقيم أمر الله ، وأنْ ينفِّذه ، ولا أن يضحي بنفسه في سبيل الله إلا أن يكون متَّصلاً بالله ، بالتمسك بأمره ونهيه ، وبذل الغالي والرخيص والنفس والنفيس ، وهذا يحتاج إلى طاقةٍ عاليةٍ جداً ، هذه الطاقة تأتينا من الصلاة ، ليس هناك طاقةٌ من دون اتصالٍ بالله ، ومن دونها ليس هناك إمكانٌ أن تلتزم بما أمر الله ، وأن تنتهي عما نهى الله ، والمنافق تضعف همَّته أن ينفذ أمر الله ، وأنْ ينتهيَ عما نهى الله عنه ، وأن يفعل شيئاً أراده الله ، فهو ضعيف .
قال تعالى :
( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً )

وإذا كانت همّةُ المنافق تضعف عن أن ينفِّذ أمر الله ، وأن ينتهي عما نهى عنه أيضاً ، فلأَنْ يَعْجَزَ عن أن يبذل الغالي والرخيص ، والنفس والنفيس في سبيل الله من باب أولى ، لا يستطيع ، فكأن الله عزَّ وجل يرشدنا إلى: أنكم يا عبادي؛ إن لم تتصلوا بي ، وإن لم تقتبسوا هذه الطاقة من خلال إقبالكم عليّ فلن تستطيعوا أن تنفذوا أمراً ، ولا أن تبذلوا نفساً .

والإنسان المقطوع عن الله لا يستطيع أن يفعل شيئاً ، وهمَّته ضعيفة ، ويميل إلى الراحة والاسترخاء واختصار الأمور ، ولا يستطيع أن يقيم أمر الله ، ولا أن يبذل في سبيل الله شيئاً ، ولذلك جاءت آيات الصلاة مقحمةً بين آيات الطلاق وآيات الجهاد، أي في الطلاق التزام ، وامتناع ، وانضباط ، وسيطرة على الذات ، وفي الجهاد بذل؛ بذل ماذا ؟ بذل أثمن شيء يملكه الإنسان ؛ إنه حياته ، فلا تستطيع أن تلتزم ولا أن تضحي إذا لم تكن موصولاً بالله عزَّ وجل، وهذا معنى إقحام آية الصلاة بين آيات الطلاق وآيات الجهاد .

فالمحافظة على الصلاة بالمعنى الفقهي سهل جداً ، أن تصليها في وقتها، وأن يكون وضوؤك سابغاً، وأن يدخل الوقت ، وأن تتجه نحو القبلة ، أن يكون البدن طاهراً ، والثوب طاهراً ، والمكان طاهراً ، وأن تقف ، وتركع ، وتسجد ، هذا عند الفقهاء ، أما عند علماء القلوب فلا بد أن تسبق الصلاة طاعةٌ لله ، ولا بد أن تدخل إلى الصلاة وأنت مستقيمٌ على أمر الله ، وضابطٌ لسانك ، وعينك ، ويدك ، وأذنك ، ورجلك .
فإنسانٌ ضبط لسانه ، نفذ الأمر، وضبط عينه ، وغض بصره ، وضبط سمعه ، و ضبط يده فما بطش بها ، وضبط رجله ، فما سار بها إلى معصية ، فالضبط يحتاج إلى اتصال بالله.

هناك كثير من المصلين يصلون الصلوات الخمس ولكن لا يقيمون حدود الله و أحكام الله ( طلاق ، عدة او غيره ) وهذا لأن صلاتهم عبارة عن ركعات وسجدات وأقوال لا يعي منها شيء ، وربما لم يضبط منها شيء لا ركوع ولا سجود ولا خشوع ، فهو لم يؤد ما أمرت به الآية من إقامة و قنوت لله .

حافِظُوا من الحفظ بمعنى ضبط الشيء، وصيانته عن كل تضييع، وهو خلاف النسيان. والخطاب لجميع المكلفين من أفراد الأمة .
والمعنى: حافظوا يا معشر المسلمين والمسلمات على أداء الصلوات في أوقاتها بخشوع وخضوع وإخلاص لله رب العالمين.
وأفرد الصلاة الوسطى بالذكر تفخيما لشأنها، وإعلاء لقدرها من بين أفراد جنسها. والمسلّم يكون محافظا على الصلاة إذا أداها في وقتها مستوفية لآدابها وسننها وشرائعها وخشوعها وكل ما يتعلق بها، أما إذا قصر في شيء من ذلك فإنه لا يكون محافظا عليها تلك المحافظة التامة التي أمر الله بها .

وفي قوله تعالى : حافِظُوا تنبيه إلى أن الصلاة في ذاتها شيء نفيس ثمين تجب المحافظة عليه، لأن هذه الكلمة تدل على الصيانة والضبط بجانب دلالتها على الأداء والإقامة والمداومة .

قال الإمام الرازي: وقوله: حافِظُوا بصيغة المفاعلة التي تكون بين اثنين. للدلالة على أن هذه المحافظة تكون بين العبد والرب. فكأنه قيل: احفظ الصلاة ليحفظك الإله الذي أمرك بها. وهذا كقوله: «فاذكروني أذكركم» وفي الحديث «احفظ الله يحفظك» . أو أن تكون المحافظة بين المصلّى والصلاة. فكأنه قيل: احفظ الصلاة حتى تحفظك الصلاة بمعنى أنها تحفظك من ارتكاب المعاصي، وتشفع لمصليها يوم القيامة .

فكأن الله سبحانه وتعالى يشير إلى أن من حافظ على الصلاة كما أُمِرْ ، وأداها في وقتها مستوفية لآدابها وسننها وشرائعها وخشوعها وكل ما يتعلق بها فهو لما سواها ( كأحكام الطلاق والعدة والجهاد و الصيام وغيره ) أضبط وأحفظ ، و أجدر أن يصون ما سواها من أحكام .

وفي الآيات اشارة الى البحث عن الزوج الصالح الذي يصلي ويحافظ على صلاته لأنه سيحافظ على بنات المسلمين ويحافظ على حقوقهن سواء في الطلاق أو الزواج أو غيره .
 
عودة
أعلى