الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه يقول تعالى : {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }[الحج:28] جاء في المفردات للراغب الأصفهاني (ت:502) تعريفا لمصطلح (بهيمة) : " " والبَهيمةُ : ما لا نطق له ، وذلك لما في صوته من الإبهام ، لكن خصّ في التعارف بما عدا السباع والطير. فقال تعالى : {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ}[المائدة:1]" من خلال هذا المصطلح المعرف ، يتبين أن البهيمة تشمل الأصناف الثمانية للأنعام من الإبل والبقر والغنم ، ويزيد عليها كل الحيوانات المجترة غير السباع والطير " ويقول الزمخشري (ت:538) في تفسيره : " والأنعام: الأزواج الثمانية. وقيل: (بهيمة الأنعام) الظباء وبقر الوحش ونحوها كأنهم أرادوا ما يماثل الأنعام ويدانيها من جنس البهائم في الاجترار وعدم الأنياب، فأضيفت إلى الأنعام لملابسة الشبه " فالسؤال هو : لماذا ذكرت (بهيمة الأنعام) في مناسك الحج ولم تذكر (الأنعام) فقط .
مقاربة نقدية : من خلال النص السابق ، نحن أمام ثلاثة مصطلحات : البهيمة ـ الأنعام ـ بهيمة الأنعام . مصطلح (البهيمة) : مصطلح معرف من طرف الراغب الأصفهاني ، وهذا المصطلح ليس مصطلحا قرآنيا . يقول الراغب : " والبَهيمةُ : ما لا نطق له ، وذلك لما في صوته من الإبهام ، لكن خصّ في التعارف بما عدا السباع والطير." مصطلح (الأنعام) : مصطلح معرف من طرف الزمخشري ، وهو مصطلح قرآني . يقول الزمخشري : " والأنعام: الأزواج الثمانية " والأزواج الثمانية كما هو معروف هي : الإبل والبقر والغنم والماعز . أما (بهيمة الأنعام) الذي هو مصطلح قرآني ، فتعريفه مختلف فيه بين المفسرين . فكان تعريفها بين كونها : ـ أجنة الأنعام ـ الأنعام كلها ـ " الظباء وبقر الوحش ونحوها كأنهم أرادوا ما يماثل الأنعام ويدانيها من جنس البهائم في الاجترار وعدم الأنياب، فأضيفت إلى الأنعام لملابسة الشبه " وللخروج من هذا الإشكال في تعريف مصطلح (بهيمة الأنعام) ، سنحاول استقراء المعجم القرآني لنتعرف على الاستعمالات القرآنية لهذا المصطلح . ورد مصطلح (بهيمة الأنعام) في القرآن الكريم ثلاث مرات ، على الشكل الأتي : 1 ـ [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ{1} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{2}][سورةالمائدة] 2 ـ {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }[الحج:28] 3 ـ {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }[الحج:34] فالخيط الرابط لهذا المصطلح في الآيات الثلاثة هو كون (بهيمة الأنعام) لها علاقة بمناسك الحج . فهي هدي مقدم إلى البيت الحرام لغرض الذبح . فهي الإبل والبقر والغنم التي تنحر في يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا . بخلاف المواضع الأخرى التي وردت فيها مفردة (الأنعام) مجردة في القرآن الكريم ، فهي جاءت في سياق يتحدث عن الأنعام بصفة عامة. وهناك دليل آخر على هذا الطرح هو : سورة الحج التي اجتمع فيها المصطلحان كلاهما : (الأنعام) و (بهيمة الأنعام) : يقول تعالى في سورة الحج : [وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ{27} لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ{28} ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ{29} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ{30}] (بهيمة الأنعام) جاء في سياق الأكل والإطعام ، أما (الأنعام) دون إضافة فجاءت في سياقها مما أحله الله دون المحرمات . خلاصة : من خلال ما تقدم وبالاحتفاظ بالمصطلح المعرف (بهيمة) ، يمكن تعريف المصطلح القرآني (بهيمة الأنعام) بأنها : كل أصناف الأنعام ، من الإبل والبقر والغنم التي تنحر في يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا . والله أعلم وأحكم
قال العلامة ابن عاشور – رحمه الله – في ( التحرير والتنوير ) : والبهيمة : الحيوان البرِّي من ذوي الأربع إنسيِّها ووحشيِّها ، عدا السباعَ ، فتشمل بقر الوحش والظباء . وإضافة بهيمة إلى الأنعام من إضافة العامِّ للخاصِّ ، وهي بيانية كقولهم : ذبابُ النحل ومدينة بغداد ؛ فالمراد الأنعام خاصَّة ، لأنَّها غالب طعام الناس ، وأمَّا الوحش فداخل في قوله : ] غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [ ، وهي هنا لدفع توهُّم أن يراد من الأنعام خصوص الإبل لغلبة إطلاق اسم الأنعام عليها ، فذكرت ( بهيمة ) لشمول أصناف الأنعام الأربعة : الإبل ، والبقر ، والغنم ، والمعز . والإضافة البيانيَّة على معنى ( مِن ) التي للبيان ، كقوله تعالى : ] فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ [ [ الحج : 30 ] .
وقال ابن عطية في ( المحرر الوجيز ) : فـ ( بهيمة الأنعام ) هي الراعي من ذوات الأربع ، وهذه على ما قيل : إضافة الشيء إلى نفسه ، كدار الآخرة ، ومسجد الجامع ؛ وما هي عندي إلا إضافة الشيء إلى جنسه .
ضبط المصطلح : خلصنا سابقا إلى القول بالمصطلح القرآني . (بهيمة الأنعام) مصطلح خاص بالقرآن الكريم تعريفه : بهيمة الأنعام : كل حيوان من الأنعام : الإبل والبقر والغنم (ضأن ومعز) مقدم للنحر في يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا . سننطلق من هذا المصطلح بطريقة التراجع الخاص بالمنطق الرياضي ، ونقول في تعريف (البهيمة) : البهيمة : كل حيوان مقدم للذبح قصد الأكل من ذوات الأربع إنسيها ووحشيها عدا السباع . وبهذا لا تكون إضافة (بهيمة) إلى (الأنعام) من باب إضافة الشيء إلى نفسه كما قال بعض المفسرين . بل إن هذه الإضافة هي إضافة تخصيص أي أن المقدم للنحر يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا لا يكون إلا من الأنعام فقط . السلف أقرب الناس فهما للقرآن : فقد اختلفوا في (بهيمة الأنعام) ، أهي الأنعام كلها أم أجنتها . يقول ابن جرير مرجحاً : " وأولى القولين بالصواب في ذلك قول من قال: عَنَى بقوله: { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنْعامِ }: الأنعام كلها، أجِنَتّها وسِخالها وكبارها، لأن العرب لا تمتنع من تسمية جميع ذلك بهيمة وبهائم " ونلاحظ أن كل ذلك في إطار نحر البهيمة . يقول ابن كثير : " وقوله تعالى: { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ } هي الإبل والبقر والغنم، قاله أبو الحسن وقتادة وغير واحد، قال ابن جرير: وكذلك هو عند العرب، وقد استدل ابن عمر وابن عباس وغير واحد بهذه الآية على إباحة الجنين إذا وجد ميتاً في بطن أمه إذا ذبحت " فنجد عن السلف هاجس النحر، الذي هو عنصر أساسي في المصطلح القرآني (بهيمة الأنعام).
ويتابع ابن كثير : " وقد ورد في ذلك حديث في السنن رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق مجالد عن أبي الوداك جبير بن نوفل، عن أبي سعيد قال: قلنا: يا رسول الله، ننحر الناقة، ونذبح البقرة، أو الشاة في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ فقال: " كلوه إن شئتم؛ فإن ذكاته ذكاة أمه " وقال الترمذي: حديث حسن ." والله أعلم وأحكم
الأخ الكريم عبد الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فتعريفك للبهيمة أنها ( كل حيوان مقدم للذبح قصد الأكل من ذوات الأربع إنسيها ووحشيها عدا السباع ) بقيد : ( مقدم للذبح قصد الأكل ) ، لا أعلم أحد سبقك إليه ، وأنت على هذا التعريف بنيت حكمك . وقولك : ( السلف أقرب الناس فهما للقرآن ) كلام مسلَّم ، ولكن لم يقل أحد منهم بهذا القيد ، وتعبيرك : ( فنجد عن السلف هاجس النحر ، الذي هو عنصر أساسي في المصطلح القرآني : بهيمة الأنعام ) لا يسلم لك ؛ فهل الهاجس يجعلك تجزم بهذا القيد ؟ ثم إن المصطلح القرآني لا يخالف ما تعارفت عليه لغة العرب غالبًا ، إذ القرآن أعلى مراتب الفصاحة العربية ، وما كان له معنى خاص في اصطلاح القرآن عرفناه من استعمال القرآن والسنة وفهم السلف . وأرى التحليلات اللفظية بطريقة التراجع الخاص بالمنطق الرياضي فيها تكلف غير مرغوب . وأما قولك : ( بل إن هذه الإضافة هي إضافة تخصيص ، أي أن المقدم للنحر يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا لا يكون إلا من الأنعام فقط ) يشكل عليه الآية الأولى في سورة المائدة ، إذ هي آية عامة في الامتنان ، ولا تختص بذبح الهدي والأضاحي . وعليه فما ذكره ابن عطية وابن عاشور هو الذي يترجح في هذا المقام ، والعلم عند الله تعالى .
الفاضل : محمد محمود إبراهيم عطية أشكرك على تفاعلك مع هذا الموضوع ، جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم قولك : إن المصطلح القرآني لا يخالف ما تعارفت عليه لغة العرب غالبًا ، إذ القرآن أعلى مراتب الفصاحة العربية ، وما كان له معنى خاص في اصطلاح القرآن عرفناه من استعمال القرآن والسنة وفهم السلف . 1 ـ ما هو المصطلح القرآني ؟ يجيبنا الدكتور مساعد الطيار ـ حفظه الله ـ في كتابه : المفردة القرآنية : " المراد بالمصطلح القرآني أن يكون له تخيُّرٌ دلالي للفظة تتعدَّد فيها الدلالة اللغوية، أو أن يكون للفظة مدلول واسع فيستخدمها القرآن في مدلول خاصٍّ بعينه دون ما سواه. وإذا كان استعمال اللفظة القرآنية على وجه واحد، ولها في اللغة معنى واسع أو أن لها أكثر من مدلول، فإنه يمكن إطلاق (المصطلح القرآني) أو (عادة القرآن)، أو (طريقة القرآن) على استعمال هذه اللفظة. ومن هنا يمكن أن يقسم الموضوع إلى قسمين: القسم الأول: أن يكون للفظة في اللغة مدلول واسع، فيخصُّ القرآن من هذا المدلول استعمالاً خاصًّا لهذه اللفظة، كلفظ (وصف) فهو لفظ يشمل كل موصوف، وإنما يدرك كون المادة في الصدق أو الكذب من السياق، فلا يُخصُّ إلا به...وإذا نظرت في موارد هذه اللفظة في القرآن، فإنك تجدتها تجيء فيما يكون من باب الكذب، وليس لمطلق الوصف أو لصادقه. ... الثاني: أن يكون للفظة أكثر من مدلول على سبيل الاشتراك اللفظي اللغوي، لكن الوارد من هذا الاشتراك أحد المعاني. ومن ذلك لفظة (شَطْرَ)، فلها في اللغة ثلاثة أصول: الأول: يدل على نصف الشيءِ. الثاني: يدل على المواجهة، أو الاتجاه للشيء. الثالث: يدل على البعد (ينظر: مقاييس اللغة، مادة شطر، وقد جعلها على أصلين، حيث جعل الثاني والثالث أصلاً واحدًا). والذي ورد في القرآن من هذه المعاني الثلاثة المعنى الثاني، وهو الاتجاه" 2 ـ قولك : وأما قولك : ( بل إن هذه الإضافة هي إضافة تخصيص ، أي أن المقدم للنحر يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا لا يكون إلا من الأنعام فقط ) يشكل عليه الآية الأولى في سورة المائدة ، إذ هي آية عامة في الامتنان ، ولا تختص بذبح الهدي والأضاحي . من الآيتين : الأولى والثانية من سورة المائدة قوله تعالى :[ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ{1} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً] . جملة : (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) لها علاقة بجملة : (لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً) يقول الشعراوي في تفسيره : "...{ وَلاَ ٱلْهَدْيَ } والهدي هو ما يهدى إلى الحرم؛ وهو جمع هدية، وهناك من يقدم للكعبة هدية، ومجموع الهدايا تسمى هدياً. وهدي الحرم إنما جعله الله للحرم؛ فالحرم قديماً كان بوادٍ غير ذي زرع، ولم تكن به حيوانات كثيرة وكانوا يأتون بالهدي معهم عندما يحجون، لذلك حرم الله الاقتراب من الهدي لأنها هدايا إلى الحرم. والحجيج أفواج كثيرة، وعندما يأتي أناس كثيرون في واد غير ذي زرع يحتاجون إلى الطعام، ولا يصح أن يجعل المؤمن الهدي لغير ما أهدي إليه، فقد يشتاق إنسان صحب معه الهدي إلى أكل اللحم وهو في الطريق إلى الكعبة فيذبحه ليأكل منه؛ وهذا الفعل حرام؛ لأن الهدي إنما جاء إلى الحرم ويجب أن يُهدى ويقدم إلى الحرم. وعلى الإنسان أن يصون هدي غيره أيضاً " فبهيمة الأنعام المذكورة في الآية الأولى لها علاقة وطيدة بمناسك الحج، ولم تأت على أطلاقها . لأن كل المواضع التي ذكرت فيها الأنعام على إطلاقها جاءت بصيغة (الأنعام) . 3 ـ أما قول من قال من المفسرين بأن (بهيمة الأنعام) إضافة الشيء إلى نفسه ففيه نظر . والله أعلم وأحكم
الأخ الكريم عبد الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد : فما ذهبت إليه غير مسلَّم ، فمن يقول أن المعنى هاهنا في قوله تعالى : ] أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [ أي : أحلت لكم ما تقدمونه من الهدي والأضاحي ..... لم يقل بهذا أحد ، ولا أحسب أن يقول به أحد ، فمعنى ] أُحِلَّتْ [ هنا لا يستوعبه ، إذ ليس الهدي والأضاحي هي الحلال فقط ؛ وما أشرتَ إليه من العلاقة بين الذبح في الحج وبهيمة الأنعام مسلَّم ، إذ بهيمة الأنعام منها ما يذبح هديا ، ولكن التكلف كل التكلف أن يحمل هذا على اختصاص بهيمة الأنعام بالهدي والأضاحي . وحتى في الموضعين الآخرين في سورة الحج ، ] لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [ [ الحج : 28 ]، ] وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [ [ الحج : 34 ] ؛ لم يقل أحد من أهل العلم بما ذهبتَ إليه . الأخ الكريم عبد الكريم جميل أن يُعمل الإنسان فكره في تدبر كلام الله تعالى ، ولكن اسمح لي أن أقول : ولكن ليس بجميل أن يخرج علينا بقول يخالف فيه من سبقه من المفسرين ، ويظن أنه لابد أن يُسلَّم له . وأما قولك : ( أما قول من قال من المفسرين بأن (بهيمة الأنعام) إضافة الشيء إلى نفسه ففيه نظر ) ؛ فهلا ذكرت النظر الذي فيه حتى يستبين لنا .... جزاك الله خيرا . وفقنا الله وإياك إلى حسن تدبر كلامه ، وألهمنا الصواب في القول والعمل ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ... آمين .
الفاضل : محمد محمود إبراهيم عطية إن المسألة ليست كما تصورتها ، لأنني لا أدعي ما أشرت إليه بقولك : " فما ذهبت إليه غيرمسلَّم ، فمن يقول أن المعنى هاهنا في قوله تعالى : ]أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَايُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ[أي : أحلت لكم ما تقدمونه من الهدي والأضاحي ..... لم يقل بهذا أحد ، ولا أحسب أن يقول به أحد " فلم أقل بذلك ، وربما لم تتابع معي الفكرة التي أريد أن أوضحها . وبهذا أكون سعيدا في إعادة طرح الإشكالية من جديد : أول الأمور التي يجب توضيحها هو أنني أتبع منهجا قائما على أساسين مهمين : هما : الأول : لا ترادف في القرآن الكريم . لأن الكلام لله وهو الذي أنزل القرآن ، فكل مفردة في القرآن تدل على معنى خاص . الثاني : لا توجد مفردة قرآنية زائدة ، لأن ذلك يعتبر عبثاً ، لا يجوز في كلام الله . لأن القرآن بنيان متماسك كتماسك الكون : {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ }[الملك:3]. إذا اتفقنا على ذلك ، نرجع إلى صلب الموضوع . في القرآن الكريم وجدت أن هناك مفردتين : (الأنعام) و (بهيمة الأنعام) ، وردتا في مكان واحد في سورة واحدة هي سورة الحج : [وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ{27} لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ{28} ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ{29} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ{30}] (بهيمة الأنعام) و (الأنعام) : الأولى غير الثانية ، وذلك تبعا للقاعدة المشهورة (الزيادة في المبنى تؤدي إلى الزيادة في المعنى) . فبهيمة الأنعام ليست هي الأنعام مجردة . ولا أعتبر قولا لقائل : إن هذا إضافة الشيء إلى نفسه . إن تركيب (بهيمة الأنعام) يؤدي معنى جديدا ، يجب البحث عنه . ولا أقول إنني اكتشفته . من خلال البحث تبين أن هناك علاقة بين هذا المصطلح ومناسك الحج ، ووجدت كذلك أن هذا الأمر يوجد عند السلف لأنهم ربطوا بهيمة الأنعام بما يقدم للذبح من هدي وأضاحي . كما وجدت أن هذا المصطلح شائع عند الفقهاء وهم يدرسون قضايا تتعلق بكل ما له علاقة بالهدي والأضاحي . ولنضرب مثالا على ذلك : يقول ابن عثيمين :" الثاني: الجنس فلا بد أن تكون العبادة موافقة للشرع في جنسها فلو تعبد إنسان لله بعبادة لم يشرع جنسها فهي غير مقبولة. مثال ذلك: أن يضحي رجل بفرس، فلا يصح أضحية لأنه خالف الشريعة في الجنس، فالأضاحي لا تكون إلا من بهيمة الأنعام، الإبل، البقر، الغنم." ويقول الفوزان : " وكذلك الهدي والأضاحي والعقيقة عن المولود؛ لابد في هذه العبادات أن يذبح فيها من بهيمة الأنعام النوع الذي يجزئ منها " ويقول ابن تيمية : " وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْحَجِّ { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ }...فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ( مَا مَوْصُولَةٌ لَا مَصْدَرِيَّةٌ بِمَعْنَى عَلَى الَّذِي رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } وَعَلَى قَوْلِنَا يَكُونُ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهَا وَقْتَ الذَّبْحِ وَوَقْتَ السَّوْقِ بِالتَّلْبِيَةِ عِنْدَهَا وَبِالتَّكْبِيرِ . يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مُجَرَّدَ التَّسْمِيَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْأُضْحِيَّةِ بِذَلِكَ اخْتِصَاصٌ فَإِنَّ اسْمَهُ مَذْكُورٌ عِنْدَ كُلِّ ذَبْحٍ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَمَا وَجَبَ فِيهَا وَجَبَ فِي غَيْرِهَا وَمَا لَمْ يَجِبْ لَمْ يَجِبْ ." وأنت ترى أن علماءنا لم يذكروا مفردة (الأنعام) في الحديث عن موضوع الهدي والأضحية وكل ما يذبح لأجل العبادة ، بل يذكرون المصطلح القرآني (بهيمة الأنعام) الذي ورد في القرآن الكريم لهذا الغرض . والله أعلم وأحكم
الأخ الكريم عبد الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فإني أشكر لك أدبك في الحوار ، وألمس منك طلب الحق ، جعلني الله وإياك من طالبيه ، وثبتنا عليه ؛ وهاهنا أمور : الأول : أما قولك – رعاك الله : ( إن المسألة ليست كما تصورتها ، لأنني لا أدعي ما أشرت إليه بقولك : " فما ذهبت إليه غير مسلَّم ، فمن يقول أن المعنى هاهنا في قوله تعالى : ] أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَايُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [أي : أحلت لكم ما تقدمونه من الهدي والأضاحي ..... لم يقل بهذا أحد ، ولا أحسب أن يقول به أحد " ؛ فلم أقل بذلك ) . أخي ؛ لا يخفاك أن هذا لازم كلامك ، فضع التعريف الذي ذكرته مكان ] بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ [ ، فيكون ما ذكرتُه ؛ وهذا هو أصل الإشكال . أما مسألة الترادف في القرآن بالمعنى اللغوي للترادف ، فأتفق معك أنها ليست موجودة ، إذ الترادف في العربية قليل جدًا ، وإنما التقارب في المعنى ، كما بيَّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله في مقدمته . وأما مسألة ( لا زائد في القرآن ) فهي مسألة قديمة ليست وليدة اليوم ، ولعل الراجح فيها ما ذَكَرتَه . ولكن ( الأنعام ) مفردة ، و( بهيمة الأنعام ) مركبة ليست مفردة ، فالبحث في إضافة بهيمة إلى الأنعام : فنجد في سورة المائدة : ] أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ [ [ المائدة : 1 ] ، وفي سورة الحج : ] وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ [ [ الحج : 30 ] . فما الذي اختلف في الآيتين مع أن المعنى واحد ؛ لم يختلف في ذلك أحد من أهل العلم ؟ في الآية الأولى أضيفت بهيمة إلى الأنعام ، وفي الآية الثانية أضيفت الواو العاطفة إلى ] أُحِلَّتْ [ ؛ فالسؤال الذي يطرح نفسه هاهنا : لماذا أضيفت بهيمة إلى الآية الأولى ؟ وليس اعتبار ( بهيمة الأنعام ) مفردة تختلف عن الأنعام ، فتأمله . أعيد هاهنا قول ابن عاشور – رحمه الله : وإضافة بهيمة إلى الأنعام من إضافة العامِّ للخاصِّ ، وهي بيانية ، كقولهم : ذبابُ النحل ومدينة بغداد ؛ فالمراد الأنعامخاصَّة،لأنَّها غالب طعام الناس ، وأمَّا الوحش فداخل في قوله : ] غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [ ، وهي هنا لدفع توهُّم أن يراد من الأنعام خصوص الإبل لغلبة إطلاق اسم الأنعام عليها ؛ فذُكِرت ( بهيمة ) لشمول أصناف الأنعام الأربعة : الإبل ، والبقر ، والغنم ، والمعز ؛ والإضافة البيانيَّة على معنى ( مِن ) التي للبيان ، كقوله تعالى : ] فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ [ [ الحج : 30 ] . ا.هـ . والعلم عند الله تعالى . أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياك لما يحبه ويرضاه ، وأن يجعل هذه المساجلة في ميزان حسناتنا يوم نلقاه ؛ إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه .
الفاضل : محمد محمود إبراهيم عطية أشكرك جزيل الشكر على ملاحظاتك القيمة ، معلناً أني سأحط الرحال في هذه المحطة : خلاصة :
المصطلح المعرف : (البهيمة) : الحيوان البرّي من ذوي الأربع إنسِيّها ووحشيّها، عدا السباعَ، فتشمل بقر الوحش والظباء. المصطلح القرآني : (الأنعام) : الأزواج الثمانية : من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن البقر اثنين ومن الإبل اثنين : {...وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ...}[الزمر:6] المصطلح القرآني : (بهيمة الأنعام) : أصناف الأنعام ، من الإبل والبقر والغنم التي تنحر في يوم العيد ومابعده من الهدايا والضحايا . فهي قرابين تساق إلى بيت الله الحرام . ملاحظة : وإضافة بهيمة إلى الأنعام من إضافة العامّ للخاصّ . والله أعلم وأحكم مع فائق التقدير والاحترام
الأخ الكريم عبد الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد :
فجزاك الله خيرا ؛ ولكن - أخي - لا يزال التحفظ على القيد في تعريف ( بهيمة الأنعام ) موجودًا ، فلا يخفاك أن التعريف لابد أن يكون جامعا مانعا ، فلا يخرج منه شيء ولا يدخل فيه شيء ؛ وهذا القيد يخرج منه ما لا يُعد للذبح من الأنعام ، وهذا لا يمكن قبوله ، لا في آية سورة المائدة ، ولا في الآيتين في سورة الحج .
فلا يقول أحد أن الله تعالى أحلَّ ما يقدم للذبح هدايا وضحايا في يوم العيد وبعده فقط ؛ وأيضا لا يقول أحد أن الله يُذكر على هذه فقط ، وما لا يقرب هديا أو أضحية لا يذكر عليه .
فرجاء أخي إعادة النظر في هذا التعريف ، خاصة وأنه لم يسبقك به أحد ؛ وإذا كان هذا الكلام سيضمن بحثا يمكن أن يطبع فلابد من إنعام النظر ، فما يكون في المناقشة يختلف عما يخرج للناس جميعا ؛ وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه .
الفاضل : محمد محمود إبراهيم عطية يقول الله تعالى : {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }[الحج:34] يقول ابن فارس : " النون والسين والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على عِبادةٍ وتقرُّب إلى الله تعالى.
ورجلٌ ناسك.
والذَّبيحة التي تَتقرَّب بها إلى الله نَسِيكة.
والمَنْسَِك الموضع يذبَح فيه النَّسائِك، ولا يكون ذلك إلاَّ في القُرْبان." ويقول الطبري في تفسيره : " يقول تعالى ذكره: { وَلِكُلّ أُمَّةٍ } ولكلّ جماعة سَلَف فيكم من أهل الإيمان بالله أيها الناس، جعلنا ذبحاً يُهَرِيقون دمه { لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلـى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيـمَةِ الأنْعامِ } بذلك لأن من البهائم ما ليس من الأنعام، كالخيل والبغال والـحمير. وقيل: إنما قيل للبهائم بهائم لأنها لا تتكلم." ويقول الألوسي : " والمنسك موضع النسك إذا كان اسم مكان أو النسك إذا كان مصدراً، وفسره مجاهد هنا بالذبح وإراقة الدماء على وجه التقرب إليه تعالى فجعله مصدراً وحمل النسك على عبادة خاصة وهو أحد استعمالاته وإن كان في الأصل بمعنى العبادة مطلقاً وشاع في أعمال الحج." خلاصة الخلاصات : فالمنسك الخاص بالمسلمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها هو بيت الله الحرام . والنسك كما هو معلوم عبادة . وهذه العبادة هي إراقة الدماء على وجه التقرب إلى الله تعالى . وهذه العبادة هي الأصل في كيفية التقرب إلى الله بواسطة القرابين في كل بقاع الأرض . كالأضحية والعقيقة . و(بهيمة الأنعام) هي النموذج الوحيد للتقرب به إلى الله في كل القرابين عند المسلمين . أما ما يأكله الناس عامة : فقوله تعالى : {...وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ...}[الحج:30] . والله أعلم وأحكم
الأخ الكريم عبد الكريم
لمَ لم تدخل الآية الأولى من سورة المائدة في خلاصتك ؟
ثم إن ما ذكرته من النسك والنسيكة وإن كان مسلما ، فلا يجعل من إدخال القيد الذي تقدم ذكره مساغا ؛ إذ جَعْلِ الله تعالى هذا المنسك ليذكر العباد ربهم على ما رزقهم من بهيمة الأنعام جملة ، وليس تخصيصا للهدي والأضاحي فقط ، وهذا - أخي - من جنس شكر النعم ، إذ شكر النعمة من جنسها .
ومع شكري لجهدك ، أرجو أن تعيد النظر في إثبات القيد في تعريف بهيمة الأنعام ، كما أرجو أن يشاركنا الفضلاء في الفصل في هذه المسألة ، وللجميع وافر شكري ، والله المستعان .
الفاضل محمد عطية : لنتابع مع الطبري في تأويل الآية الأولى من سورة المائدة : " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب على ما تظاهر به تأويل أهل التأويل في قوله: { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيـمَةُ الأنْعامِ } من أنها الأنعام وأجنتها وسخالها، وعلـى دلالة ظاهر التنزيل قول من قال: معنى ذلك: أوفوا بالعقود غير محلي الصيد وأنتم حرم، فقد أحلت لكم بهيمة الأنعام فـي حال إحرامكم أو غيرها من أحوالكم، إلا ما يتلى عليكم تحريمه من الميتة منها والدم وما أهلّ لغير الله به. وذلك أن قوله: { إلاَّ ما يُتْلَى عَلَيْكُمْ } لو كان معناه: إلا الصيد، لقيل: إلا ما يتلى عليكم من الصيد غير محليه، وفـي ترك الله وصْل قوله: { إلاَّ ما يُتْلَى عَلَيْكُمْ } بما ذكرت، وإظهار ذكر الصيد فـي قوله: { غيرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ } أوضح الدليل على أن قوله: { إلاَّ ما يُتْلَى عَلَيْكُمْ } خبر متناهيةٌ قصته، وأن معنى قوله: { غيرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ } منفصل منه. وكذلك لو كان قوله: { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنْعامِ } مقصوداً به قصد الوحش، لـم يكن أيضاً لإعادة ذكر الصيد فـي قوله: { غيرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ } وجه وقد مضى ذكره قبل، ولقيل: أحلت لكم بهيمة الأنعام، إلا ما يتلى عليكم، غير محليه وأنتم حرم. وفي أظهاره ذكر الصيد فـي قوله: { غيرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ } أبين الدلالة على صحة ما قلنا فـي معنى ذلك. فإن قال قائل: فإن العرب ربما أظهرت ذكر الشيء باسمه وقد جرى ذكره باسمه؟ قيل: ذلك من فعلها ضرورة شعر، وليس ذلك بالفصيح المستعمل من كلامهم، وتوجيه كلام الله إلى الأفصح من لغات من نزل كلامه بلغته أولى ما وجد إلى ذلك سبيل من صرفه إلـى غير ذلك. فمعنى الكلام إذن: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بعقود الله التي عقد عليكم، مما حرّم وأحلّ، لا محلين الصيد في حَرمكم، ففيما أحلّ لكم من بهيـمة الأنعام المذكَّاة دون ميتتها متسع لكم ومستغنى عن الصيد فـي حال إحرامكم."
فأشكر لك هذا النقل لشيخ المفسرين رحمه الله ، فهو شاهد لي .. جزاك الله خيرا ؛ فقوله : ( وأولى الأقوال في ذلك بالصواب على ما تظاهر به تأويل أهل التأويل في قوله : ] أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيـمَةُ الأنْعامِ [ من أنها الأنعام وأجنتها وسخالها ) فلم يقيد ذلك بما قيدته أنت بقولك : ( التي تنحر في يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا ) . وقوله – رحمه الله : ( ففيما أحلَّ لكم من بهيمة الأنعام المذكَّاة دون ميتتها متسع لكم ومستغنى عن الصيد فـي حال إحرامكم ) . فلم يقيد هنا إلا بالمذكاة ، ليخرج الميتة والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب، وهي ما حرم من الأنعام . وأما قوله في حال إحرامكم ، فلا ارتباط له بالقيد الذي ذكرتَه ، إنما ارتباطه ببيان ما حل وحرم على الْمُحرم ... فتأمله . والعلم عند الله تعالى .
أخي الفاضل محمد عطية : أراك مصرّاً على قولك ، فأنا لا أجد خلافا بيننا أصلا ، فالمسألة كما قلت سابقا تتركز على الفرق بين : (الأنعام) و (بهيمة الأنعام) أثناء ورودهما في القرآن الكريم . فبعد الاستقراء وجدت أن صيغة (بهيمة الأنعام) كلما ذكرت إلَّا وتُذكر النسيكة من الأضحية والهدايا . فذكر (الأنعام) هو ذكر عام . وذكر (بهيمة الأنعام) ذكر خاص ، وعندما نقول ذكراً خاصاً فهذا لا يعني أنه لا ينطبق على كل الحالات المتاحة في الذبح في الحل والحرم . بل هو يتناول كل الحالات الممكنة . وهو ما يعنيه الطبري بقوله : " فمعنى الكلام إذن: يا أيهاالذين آمنوا أوفوا بعقود الله التي عقد عليكم ، مما حرّم وأحلّ، لا محلين الصيد في حَرمكم ، ففيما أحلّ لكم من بهيمة الأنعام المذكَّاة دون ميتتها متسع لكم ومستغنى عن الصيد في حال إحرامكم " فبهيمة الأنعام المذكاة : هي أصناف الأنعام ، من الإبل والبقر والغنم التي تنحر [ابتداء ] في يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا لأنها قرابين تساق إلى بيت الله الحرام ، [وانتهاء] في كل ما هو عام من حالات القرابين الممكنة في حياة المسلم .
الأخ الكريم / عبد الكريم
المسألة كما ذكرتُ آنفا ، ليست في أن ( بهيمة الأنعام ) تختص بما يقدم من هدايا وضحايا يوم العيد وبعده ، وإنما في : ( لماذا أُضيفت البهيمة إلى الأنعام ) ، فإن أهل التفسير قاطبة لم يذكروا هذا التخصيص ، وقدمت قول ابن عاشور - رحمه الله : وإضافة بهيمة إلى الأنعام من إضافة العامِّ للخاصِّ ، وهي بيانية ، كقولهم : ذبابُ النحل ومدينة بغداد ؛ فالمراد الأنعام خاصَّة ،لأنَّها غالب طعام الناس ؛ وكنت وافقتني على هذا في مقال سابق ، لكنك تمسكت - أيضا - بالتخصيص في التعريف . وكلام الإمام الطبري رحمه الله لا يدل على ما ذهبت إليه ، وإنما كلامه فيما يحل ويحرم على المحرم . فلذا - أخي - أعيد رجائي في النظر في القيد الذي ذكرته . وأما دعاؤك : ] رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ [
فأقول : آمين .
الفاضل محمد عطية أظن أنه ما زال بيننا خيط للتواصل مقطوع ، وحتماً علينا أن نجده ، وأظن والله أعلم أن الأمر مازال ينحصر في العام والخاص . ولكي يتضح الأمر نقوم بجرد لكل أنواع الحيوانات المشروعة للمسلم ، حتى نصنفها حسب الترتيب من العام إلى الخاص : يقول تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }[فاطر:28] . فالحيوانات المشروعة للإنسان في التغذية ، حسب الترتيب من العام إلى الخاص : 1 ـ الدواب : وهي الحيوان من ذوات الأربع إنسيها ووحشيها عدا السباع . 2 ـ الأنعام : الأصناف الثمانية من الإبل والبقر والغنم (ضأن وماعز) . 3 ـ البهيمة : كل حيوان من ذوات الأربع إنسيها ووحشيها عدا السباع قُصِد به الذكاة . 4 ـ بهيمة الأنعام : أصناف الأنعام ، من الإبل والبقر والغنم التي تنحر في يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا . فهي قرابين تساق إلى بيت الله الحرام . فباعتبار (الأنعام) و (بهيمة الأنعام) : (الأنعام) عام و (بهيمة الأنعام) خاص . وباعتبار (البهيمة) و (الأنعام) في المركب الإضافي (بهيمة الأنعام) فهو إضافة العام للخاص والله أعلم وأحكم
الأخ الكريم عبد الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد
فمراد ابن عاشور - رحمه الله - ( إضافة العام للخاص ) ليس ما ذهبتَ إليه ، ولكن ( البهيمة ) عام ، و( الأنعام ) خاص ، فأضيف الخاص إلى العام لرفع اللبس الذي ذكره من اشتهار استعمال الأنعام في الإبل ... والعلم عند الله تعالى .
أما التعريف الذي لا زلت مصرًّا عليه ، فلم أجده لأحد من أهل العلم ، فإن كنت تعلم أحدا من أهل العلم قاله فاذكره ، فغير مقبول في هذا التخصيص الذي ذكرته في التعريف أن لا يذكره أحد من أهل العلم طوال القرون الماضية ثم يظهر في القرن الخامس عشر .
وفقنا الله تعالى وإياك للصواب والحق وثبتنا عليه ..... آمين
يهتم المسلمون في جميع بقاع الأرض ببهيمة الأنعام لأداء ذكاة عيد الأضحى المبارك ، هذا النسك الذي كان رمزا له ذلك الذبح العظيم الذي فدى الله به اسماعيل عليه السلام .
وكلمة (بهيمة الأنعام) تدل على الطهر والبراءة والتسخير والرزق الحلال ، لأنها قربان لله وتعبد ونسك .
نجد في القرآن الكريم تصويرا للكافرين بالأنعام : {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }[الفرقان:44] . ولم يصورهم الحق سبحانه بالبهائم لطهرها وبراءتها واستسلامها.
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }[الحج:34]
الأخ الكريم / عبد الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فعود على بدء : ما دليل قولك : ( ولم يصورهم الحق سبحانه بالبهائم لطهرها وبراءتها واستسلامها ) ؟ فإنه عجيب منك ، فالأنعام طاهرة وبريئة ومستسلمة لله تعالى ، لا تحيد عما خلقت له ، ] أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [ (الحج:18)، فالدواب يدخل فيها كل ما يدب من المخلوقات .
أخي الفاضل محمد ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد، سعيد بلقياك مرة أخرى على صفحات هذا المنتدى المبارك ، وكل عام وأنتم بخير
فيما يخص الموضوع : المصطلح القرآني (بهيمة الأنعام) ، أردت أن أؤكد أنه خاص بما يقدم نسكا لوجه الله . وبذلك فالقرآن أضفى على هذه الكلمة نوعا من السمو بهذه المخلوقات التي أعدت للذبح : فهو براءة وطهر واستسلام لخالقها الذي جعلها تكون قربانا طاهرا في سبيل وجهه الكريم . إن تسميتها (بهيمة الأنعام) هو لسان القرآن ، الذي علينا أن نتعامل معه من داخل المعجم القرآني الذي تناول المفردات القرآنية بطريقة خاصة ، لا يمكن التعرف عليها إلا من داخل القرآن الكريم .
أخي الكريم / عبد الكريم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وكل عام وأنتم أقرب إلى الله تعالى طاعة وقبولا .. وبعد :
فلا أريد أن أعيد سجالنا من جديد ... ولكن العجيب في قولك أنك سحبت هذه الصفات على ظن عندك ، وكأنك تقول أن الأنعام ليست كلها بهذه الصفات ، وإنما خصت بها بهيمة الأنعام ، ثم لم تأت بدليل على ذلك .. فقولك : ( أردت أن أؤكد أنه خاص بما يقدم نسكا لوجه الله ) .
أخي ليس هذا صوابا ، فالتخصيص يحتاج إلى دليل ... ولا دليل .
جعل الله بهيمة الأنعام قربانا يتعبد به المسلمون في مناسك الحج ، يتقرب به العبد إلى ربه . وما قصة إبراهيم مع ابنه إسماعيل إلا لتكون دلالة الاستسلام الكلي لله حاضرة في كل نُسُك : {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } [الصافات:103] ، فكان الجزاء : {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } [الصافات:107]. هذا الموقف من الإيمان والإسلام ، بقي حاضرا في ذاكرة الأمة الإسلامية بكل تفاصيله مرتبطا بقوة التسليم والإسلام لله رب العالمين ، وهو يتجسد في كل قربان لله . هذا القربان الذي اختاره الله أن يكون (بهيمة الأنعام) . هذه المخلوقات التي جعلها الله بريئة وطاهرة ومستسلمة لخالقها ، استسلام الكون كله . يقول الله تعالى : {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }[الحج:34]
والله أعلم وأحكم
الأخ الكريم / عبد الكريم أراني مضطرًا لأن أعيد كلامي في المقالة رقم ( 18 ) : ( المسألة كما ذكرتُ آنفًا ، ليست في أن ( بهيمة الأنعام ) تختص بما يقدم من هدايا وضحايا يوم العيد وبعده ، وإنما في : ( لماذا أُضيفت البهيمة إلى الأنعام ) ، فإن أهل التفسير قاطبة لم يذكروا هذا التخصيص ، وقدمت قول ابن عاشور - : وإضافة بهيمة إلى الأنعام من إضافة العامِّ للخاصِّ ، وهي بيانية ، كقولهم : ذبابُ النحل ومدينة بغداد ؛ فالمراد الأنعام خاصَّة ،لأنَّها غالب طعام الناس ؛ وكنت وافقتني على هذا في مقال سابق ، لكنك تمسكت - أيضًا - بالتخصيص في التعريف . ثم رأيتك عدت لنفس كلامك على أنه مسلَّم ، وأضفت إلى ذلك تخصيص ( بهيمة الأنعام ) بصفات ولم تأت على ذلك بدليل ، وكلامك هنا أخي يذكرني بقول القائل :