محمد الجبالي
New member
[FONT="]لقد ذُكِرَ عيسى عليه السلام في القرآن ثلاثا وعشرين مرة،
[/FONT]
[FONT="]ذكر اسمه مقترنا بنسبه إلى أمه [عيسى بن مريم] في أربع عشرة مرة،
[/FONT]
[FONT="]وذكر اسمه مجردا من نسبه لأمه في تسع آيات.[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]أما الآيات التي ورد فيها ذكر عيسى عليه السلام مقترنا نسبه بأمه [عيسى بن مريم] فهي: البقرة 87، 253، آل عمران 45، والنساء 157، 171، والمائدة 78 110، 112، 114، 116، والأحزاب 7، ومريم 34، والصف 6، 14.[/FONT]
[FONT="]والآيات التي ذكر فيها باسمه فقط دون أمه فهي: البقرة 136، آل عمران 52، 55، 59، 84، والنساء 163، والأنعام 85، والشورى 13، والزخرف 63.[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]وفي هذا مسألتان:[/FONT]
[FONT="]الأولى: لماذا اقتران اسم عيسى عليه السلام بنسبه لأمه حين اقترن في أربع عشرة آية؟[/FONT]
[FONT="]الثانية: لماذا جرد اسم عيسى عليه السلام من نسبه لأمه حين جرد في تسع آيات؟[/FONT]
[FONT="]المسألة الأولى: لماذا اقتران اسم عيسى عليه السلام بنسبه لأمه حين اقترن؟[/FONT]
[FONT="]لقد وقعت هذه المسألة كخاطرة في قلبي ، إذ كنتُ حين أسمع بعض قراء القرآن يقرءون القرآن ، ويمرون على اسم عيسى ، وأجده يقترن باسم أمه دائما ، فما تلبث معجزة مولده عليه السلام أن تقع في قلبي وخاطري ، ومن هنا علمتُ أن تلك هي الحكمة من ذكر عيسى عليه السلام ، أو هي بعض الحكمة من ترديد اسم عيسى منسوبا لأمه مريم، وهناك حكمة أخرى وهي التي أشار إليها بعض العلماء وهي الرد على زعم النصارى الذين زعموا بألوهية عيسى عليه السلام. [/FONT]
[FONT="]أضف إلى ذلك أننا لو تأملنا سياق الآيات الأربعة عشرة السابقة سنجد أنها جميعا وردت في سياق قصص اليهود وأهل الكتاب عامة، وقصة عيسى ومريم وهذا يناسبه أن يذكر عيسى بنسبه لأمه إذ أن اليهود – لعنهم الله - يقولون في عيسى أنه ابن زنا، والنصارى قالوا فيه أقاويل عظيمة، بعضهم قال هو الله ، وبعضهم قال ابن الله ، وبعضهم قال: ثالث ثلاثة، فكان ذكر بنسبه الحقيقي دفعا لأباطيل هؤلاء وأولئك.[/FONT]
[FONT="]المسألة الثانية: لماذا جرد اسم عيسى عليه السلام من نسبه لأمه حين جرد؟[/FONT]
[FONT="]هذه المسألة تقتضي منا النظر في سياق الآيات التي ذكر فيها اسم عيسى عليه السلام مجردا من نسبه لأمه :[/FONT]
[FONT="]1- [/FONT][FONT="]أما الآية الأولى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 52] فلو نظرنا في السياق قبلها سنجد أن الآيات التي سبقتها قد فصلت في قصة امرأة عمران وقصة مريم وقصة مولد عيسى عليه السلام وورد بيان إعجاز مولده وخلقه عليه السلام اسمع إلى قول الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [آل عمران: 45- 47] سنجد أن قصة مولد وإعجازه عيسى عليه السلام مفصلة كما أنه ذكر باسمه كاملا منسوبا لأمه { اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} فلم يعد هناك حاجة لتكرار ذلك في الآية التي بين يدينا.[/FONT]
[FONT="]2- [/FONT][FONT="]أما الآيتان الثانية والثالثة: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [آل عمران: 55] فما زلنا في سياق القصة ذاتها والأسباب ذاتها فلم يعد هناك حاجة للتكرار خاصة أن قصة موله مفصلة وما زلنا نعيش قصة مولده في السياق . وما قيل في هذه الآية والآية السابقة هو ذاته ما يقال في الآية التالية : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59][/FONT]
[FONT="]3- [/FONT][FONT="]أما الآية الرابعة: {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ } [الزخرف: 63][/FONT]
[FONT="]فتعالوا معي نرجع قليلا إلى الخلف في سياق الآية سنجد قول الله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [الزخرف: 57 - 59] ، سنج أن نسبه قد { ابْنُ مَرْيَمَ} قد ذكر ، وليس هذا فقط بل تصريح بأنه عبد لله { إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}، فأغنى ما تقدم عن تكرار نسب عيسى عليه السلام في الاية المتأخرة التي بين أيدينا.[/FONT]
[FONT="]4- [/FONT][FONT="]الآية الخامسة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136] [/FONT]
[FONT="]لو تأملنا لوجدنا أن الله تعالى يأمر المؤمنين بأن يقولوا إنهم آمنوا بما أنزل إلى الأنبياء وما أتوا به والإيمان بهم جميعا دون الانتقاص من الإيمان بأحدهم، فالأمر هنا لمؤمنين أصلا الذين يعلمون أن عيسى عبد الله ورسوله ، ويؤمنون بذلك ، وقد أمروا بالإيمان بالأنبياء جميعا على السواء دون انتقاص وبالطبع دون اعتقاد باطل ، ومن هنا فلا حاجة لأن يُذَكِّر المؤمنين بأنه ابن مريم.[/FONT]
[FONT="]5- [/FONT][FONT="]الآية السادسة: وما قيل في الآية السابقة قريب منه يقال في الآية التالية: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 84] فالأمر لمحمد صلى الله عليه وسلم بأن يقول لأهل الكتاب ، قل يا محمد أنا ومن اتبعني من المؤمنين نؤمن بنبوة هؤلاء الأنبياء والكتب التي أنزلت عليهم ولا نفرق بينهم في الإيمان بل هم جميع سواء في عقيدتنا الإيمانية بهم، بمن فيهم عيسى عليه السلام، وإذ يعتقد المؤمنون عبد الله ورسوله، فلا حاجة هنا للتذكير بنسبه لأمه.[/FONT]
[FONT="]6- [/FONT][FONT="]الآية السابعة: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163] أما في هذه الآية فإني أرى أنه لم يذكر نسب عيسى إلى أمه لسببين : [/FONT]
[FONT="]الأول: أنه قد تقدم ذكر مريم عليها السلام وعيسى عليه السلام بنسبه لأمه في نفس السورة في الآيتين 156 157، {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 156، 157][/FONT] فلا حاجة للتكرار.
[FONT="]والثاني: أن الآية خبر ، يخبر الله فيه محمدا أنه أوحى غليه وإلى الأنبياء من قبله والكلام والخطاب وإن شمل المؤمنين لكن الظاهر في الآية واللفظ يخاطب محمدا صلى الله عليه وسلم ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ليس في حاجة لأن يذكره الله أن عيسى خلق بغير أب وأنه ابن مريم، فلا حاجة لذكره نسبه لأمه.[/FONT]
[FONT="]7- [/FONT][FONT="]الآية الثامنة: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ } [الأنعام: 85][/FONT]
[FONT="]أما في هذه الآية فقد سبقها في الآية السابقة له نجد أن الله تعالى يعدد فضل الله تعالى على سيدنا إبراهيم عليه السلام ويذكر أن الأنبياء من بعده كانوا من ذريته قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الأنعام: 84] ، إن الله تعالى يذكر هنا أبناء إبراهيم عليه السلام من الأنبياء ، ومن الطبيعي ألا يذكر نسب عيسى لأمه هنا، لأنه ذكره بنسب أعلى، نسبه لأبيه الأعلى إبراهيم عليه السلام.[/FONT]
[FONT="]8- [/FONT][FONT="]الآية التاسعة: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13] أما هذه الآية فتعالوا نتأمل الخطاب فيها لمن ، إنه لمحمد صلى الله عليه وسلم قائلا: شرع الله لكم يا أصحاب محمد من الدين ما وصى به نوحا ومحمدا وإبراهيم وموسى وعيسى، فالخطاب للمؤمنين وهم يؤمنون ويعتقدون بكون عيسى عليه السلام بشرا ولد من غير أب، ويعلمون ذلك، فلا حاجة لذكره والله أعلم.[/FONT]
[FONT="]علاوة على ما تقدم من الآيات فإن هناك آيتين أخريين قد ذكر عيسى عليه السلام باسم {المسيح} مجردا أيضا من النسب إلى مريم عليها السلام وهاتان الآياتان هما:[/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء: 172][/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30][/FONT]
[FONT="]وبالنظر في هاتين الآيتين سنجد ما يلي:[/FONT][FONT="]
[/FONT]
[FONT="]الآية الأولى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء: 172] ، تعالوا معي نرجع إلى الآية السابقة لها مباشرة ، سنجد ما يلي: قول الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: 171] ، وكما نرى في الآية فقد ذكر عيسى عليه السلام باسمه كاملا { الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} منسوبا لأمه ، اضف إلى ذلك الإنكار الشديد على أهل الكتاب في ادعاءاتهم من أنه إله أو ابن الله أو أنه ثالث ثلاثة ، ومن هنا فلم يعد هناك حاجة لذكر لتكرار نسب عيسى في الآية التالية موضع بحثنا.[/FONT][FONT="]
[/FONT]
[FONT="]الآية الثانية: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] ، وبالنظر نرى واضحا وجليا أن المتحدث يدعي كذبا أن { الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} وبالتالي لن يقول هؤلاء الكاذبون الحق والصدق، وقد أنكر الله عليهم قولهم واشتد عليهم اشتدادا قال عز وجل: { ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} ، وليس هذا وفقط بل اسمعوا للآية التالية لهذه الآية مباشرة : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] ، تأملوا لقد ذكر المسيح بنسبه لأمه كاملا : { وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} ، فقد ذكر نسبه الحق إلى أمه إذ ولد عليه السلام بغير أب.
[/FONT]
[FONT="] هذا والله أعلم[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]هذه إحدى مواطن المتشابه اللفظي في كتاب جديد تحت يدي محل الإعداد اسمه إن شاء الله [/FONT]
[FONT="][أزاهير البيان في الكشف عن مغلق أسرار المتشابه اللفظي في القرآن][/FONT]
[FONT="] أسأل الله تعالى أن يتمه بفضله ومَنِّه[/FONT]
[FONT="]أخوكم: د. محمد رجائي أحمد الجبالي[/FONT]
[/FONT]
[FONT="]ذكر اسمه مقترنا بنسبه إلى أمه [عيسى بن مريم] في أربع عشرة مرة،
[/FONT]
[FONT="]وذكر اسمه مجردا من نسبه لأمه في تسع آيات.[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]أما الآيات التي ورد فيها ذكر عيسى عليه السلام مقترنا نسبه بأمه [عيسى بن مريم] فهي: البقرة 87، 253، آل عمران 45، والنساء 157، 171، والمائدة 78 110، 112، 114، 116، والأحزاب 7، ومريم 34، والصف 6، 14.[/FONT]
[FONT="]والآيات التي ذكر فيها باسمه فقط دون أمه فهي: البقرة 136، آل عمران 52، 55، 59، 84، والنساء 163، والأنعام 85، والشورى 13، والزخرف 63.[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]وفي هذا مسألتان:[/FONT]
[FONT="]الأولى: لماذا اقتران اسم عيسى عليه السلام بنسبه لأمه حين اقترن في أربع عشرة آية؟[/FONT]
[FONT="]الثانية: لماذا جرد اسم عيسى عليه السلام من نسبه لأمه حين جرد في تسع آيات؟[/FONT]
[FONT="]المسألة الأولى: لماذا اقتران اسم عيسى عليه السلام بنسبه لأمه حين اقترن؟[/FONT]
[FONT="]لقد وقعت هذه المسألة كخاطرة في قلبي ، إذ كنتُ حين أسمع بعض قراء القرآن يقرءون القرآن ، ويمرون على اسم عيسى ، وأجده يقترن باسم أمه دائما ، فما تلبث معجزة مولده عليه السلام أن تقع في قلبي وخاطري ، ومن هنا علمتُ أن تلك هي الحكمة من ذكر عيسى عليه السلام ، أو هي بعض الحكمة من ترديد اسم عيسى منسوبا لأمه مريم، وهناك حكمة أخرى وهي التي أشار إليها بعض العلماء وهي الرد على زعم النصارى الذين زعموا بألوهية عيسى عليه السلام. [/FONT]
[FONT="]أضف إلى ذلك أننا لو تأملنا سياق الآيات الأربعة عشرة السابقة سنجد أنها جميعا وردت في سياق قصص اليهود وأهل الكتاب عامة، وقصة عيسى ومريم وهذا يناسبه أن يذكر عيسى بنسبه لأمه إذ أن اليهود – لعنهم الله - يقولون في عيسى أنه ابن زنا، والنصارى قالوا فيه أقاويل عظيمة، بعضهم قال هو الله ، وبعضهم قال ابن الله ، وبعضهم قال: ثالث ثلاثة، فكان ذكر بنسبه الحقيقي دفعا لأباطيل هؤلاء وأولئك.[/FONT]
[FONT="]المسألة الثانية: لماذا جرد اسم عيسى عليه السلام من نسبه لأمه حين جرد؟[/FONT]
[FONT="]هذه المسألة تقتضي منا النظر في سياق الآيات التي ذكر فيها اسم عيسى عليه السلام مجردا من نسبه لأمه :[/FONT]
[FONT="]1- [/FONT][FONT="]أما الآية الأولى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 52] فلو نظرنا في السياق قبلها سنجد أن الآيات التي سبقتها قد فصلت في قصة امرأة عمران وقصة مريم وقصة مولد عيسى عليه السلام وورد بيان إعجاز مولده وخلقه عليه السلام اسمع إلى قول الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [آل عمران: 45- 47] سنجد أن قصة مولد وإعجازه عيسى عليه السلام مفصلة كما أنه ذكر باسمه كاملا منسوبا لأمه { اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} فلم يعد هناك حاجة لتكرار ذلك في الآية التي بين يدينا.[/FONT]
[FONT="]2- [/FONT][FONT="]أما الآيتان الثانية والثالثة: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [آل عمران: 55] فما زلنا في سياق القصة ذاتها والأسباب ذاتها فلم يعد هناك حاجة للتكرار خاصة أن قصة موله مفصلة وما زلنا نعيش قصة مولده في السياق . وما قيل في هذه الآية والآية السابقة هو ذاته ما يقال في الآية التالية : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59][/FONT]
[FONT="]3- [/FONT][FONT="]أما الآية الرابعة: {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ } [الزخرف: 63][/FONT]
[FONT="]فتعالوا معي نرجع قليلا إلى الخلف في سياق الآية سنجد قول الله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [الزخرف: 57 - 59] ، سنج أن نسبه قد { ابْنُ مَرْيَمَ} قد ذكر ، وليس هذا فقط بل تصريح بأنه عبد لله { إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}، فأغنى ما تقدم عن تكرار نسب عيسى عليه السلام في الاية المتأخرة التي بين أيدينا.[/FONT]
[FONT="]4- [/FONT][FONT="]الآية الخامسة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136] [/FONT]
[FONT="]لو تأملنا لوجدنا أن الله تعالى يأمر المؤمنين بأن يقولوا إنهم آمنوا بما أنزل إلى الأنبياء وما أتوا به والإيمان بهم جميعا دون الانتقاص من الإيمان بأحدهم، فالأمر هنا لمؤمنين أصلا الذين يعلمون أن عيسى عبد الله ورسوله ، ويؤمنون بذلك ، وقد أمروا بالإيمان بالأنبياء جميعا على السواء دون انتقاص وبالطبع دون اعتقاد باطل ، ومن هنا فلا حاجة لأن يُذَكِّر المؤمنين بأنه ابن مريم.[/FONT]
[FONT="]5- [/FONT][FONT="]الآية السادسة: وما قيل في الآية السابقة قريب منه يقال في الآية التالية: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 84] فالأمر لمحمد صلى الله عليه وسلم بأن يقول لأهل الكتاب ، قل يا محمد أنا ومن اتبعني من المؤمنين نؤمن بنبوة هؤلاء الأنبياء والكتب التي أنزلت عليهم ولا نفرق بينهم في الإيمان بل هم جميع سواء في عقيدتنا الإيمانية بهم، بمن فيهم عيسى عليه السلام، وإذ يعتقد المؤمنون عبد الله ورسوله، فلا حاجة هنا للتذكير بنسبه لأمه.[/FONT]
[FONT="]6- [/FONT][FONT="]الآية السابعة: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163] أما في هذه الآية فإني أرى أنه لم يذكر نسب عيسى إلى أمه لسببين : [/FONT]
[FONT="]الأول: أنه قد تقدم ذكر مريم عليها السلام وعيسى عليه السلام بنسبه لأمه في نفس السورة في الآيتين 156 157، {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 156، 157][/FONT] فلا حاجة للتكرار.
[FONT="]والثاني: أن الآية خبر ، يخبر الله فيه محمدا أنه أوحى غليه وإلى الأنبياء من قبله والكلام والخطاب وإن شمل المؤمنين لكن الظاهر في الآية واللفظ يخاطب محمدا صلى الله عليه وسلم ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ليس في حاجة لأن يذكره الله أن عيسى خلق بغير أب وأنه ابن مريم، فلا حاجة لذكره نسبه لأمه.[/FONT]
[FONT="]7- [/FONT][FONT="]الآية الثامنة: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ } [الأنعام: 85][/FONT]
[FONT="]أما في هذه الآية فقد سبقها في الآية السابقة له نجد أن الله تعالى يعدد فضل الله تعالى على سيدنا إبراهيم عليه السلام ويذكر أن الأنبياء من بعده كانوا من ذريته قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الأنعام: 84] ، إن الله تعالى يذكر هنا أبناء إبراهيم عليه السلام من الأنبياء ، ومن الطبيعي ألا يذكر نسب عيسى لأمه هنا، لأنه ذكره بنسب أعلى، نسبه لأبيه الأعلى إبراهيم عليه السلام.[/FONT]
[FONT="]8- [/FONT][FONT="]الآية التاسعة: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13] أما هذه الآية فتعالوا نتأمل الخطاب فيها لمن ، إنه لمحمد صلى الله عليه وسلم قائلا: شرع الله لكم يا أصحاب محمد من الدين ما وصى به نوحا ومحمدا وإبراهيم وموسى وعيسى، فالخطاب للمؤمنين وهم يؤمنون ويعتقدون بكون عيسى عليه السلام بشرا ولد من غير أب، ويعلمون ذلك، فلا حاجة لذكره والله أعلم.[/FONT]
[FONT="]علاوة على ما تقدم من الآيات فإن هناك آيتين أخريين قد ذكر عيسى عليه السلام باسم {المسيح} مجردا أيضا من النسب إلى مريم عليها السلام وهاتان الآياتان هما:[/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء: 172][/FONT]
[FONT="]- [/FONT][FONT="]{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30][/FONT]
[FONT="]وبالنظر في هاتين الآيتين سنجد ما يلي:[/FONT][FONT="]
[/FONT]
[FONT="]الآية الأولى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء: 172] ، تعالوا معي نرجع إلى الآية السابقة لها مباشرة ، سنجد ما يلي: قول الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: 171] ، وكما نرى في الآية فقد ذكر عيسى عليه السلام باسمه كاملا { الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} منسوبا لأمه ، اضف إلى ذلك الإنكار الشديد على أهل الكتاب في ادعاءاتهم من أنه إله أو ابن الله أو أنه ثالث ثلاثة ، ومن هنا فلم يعد هناك حاجة لذكر لتكرار نسب عيسى في الآية التالية موضع بحثنا.[/FONT][FONT="]
[/FONT]
[FONT="]الآية الثانية: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] ، وبالنظر نرى واضحا وجليا أن المتحدث يدعي كذبا أن { الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} وبالتالي لن يقول هؤلاء الكاذبون الحق والصدق، وقد أنكر الله عليهم قولهم واشتد عليهم اشتدادا قال عز وجل: { ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} ، وليس هذا وفقط بل اسمعوا للآية التالية لهذه الآية مباشرة : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] ، تأملوا لقد ذكر المسيح بنسبه لأمه كاملا : { وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} ، فقد ذكر نسبه الحق إلى أمه إذ ولد عليه السلام بغير أب.
[/FONT]
[FONT="] هذا والله أعلم[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]هذه إحدى مواطن المتشابه اللفظي في كتاب جديد تحت يدي محل الإعداد اسمه إن شاء الله [/FONT]
[FONT="][أزاهير البيان في الكشف عن مغلق أسرار المتشابه اللفظي في القرآن][/FONT]
[FONT="] أسأل الله تعالى أن يتمه بفضله ومَنِّه[/FONT]
[FONT="]أخوكم: د. محمد رجائي أحمد الجبالي[/FONT]