لماذا أوجز القرآن في قصة امرأة نوح وامرأة لوط وفصل في قصتي آسيا ومريم

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
سؤال شغلني:
في أواخر سورة التحريم:
لماذا أوجز القرآن في التمثيل للكافرين بقصة امرأة نوح وامرأة لوط، وفصَّلّ في التمثيل للمؤمنين بقصة امرأة فرعون وقصة مريم؟

وبعد تأمل وتدبر وفقني الله للجواب وهاهو:

لقد جمع الله امرأة نوح وامرأة لوط كلتيهما في مثال واحد موجز قصير في آية واحدة من غير تفصيل،
قال الله تعالى:
(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ).
لقد أوجز القرآن في قصتيهما بغضا للإطالة في ذكرهما، وبغضا في تفصيل سيرتهما، وتحقيرا لشأنهما، وليعلم الكافرين هوانهم على الله.

أما مع آسيا زوجة فرعون ومع مريم فقد جعل لقصة كل منهما مثالا قائماً ، وفصل وأطال في ذكر تفاصيل حياة كل منهما وسيرة كل منهما تكريما لهما، وتشريفا وتعظيما، وحبا ورغبة في ذكرهما، ولتكون كل منهما أسوة ومثالا ليقتدى بهما.

قال الله عز وجل:
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ).

والله أعلم
هذا اجتهاد مني، وأستغفر الله إن كنت زللت، وأحمده وأشكر فضله إن كنت أصبت.

د. محمد الجبالي.
 
بارك الله فيك ونفع بعلمك،

يمكن ملاحظة أن سياق الآيات عن الولاية للرسل، فبدأت السورة عتاب للرسول صلى الله عليه وسلم لأنه حرم على نفسه الحلال من الطعام بسبب زوجاته، ثم بين الله تعالى لنا أولياء الرسول صلى الله عليه وسلم وهم: أولا الله ذو الجلال والإكرام، ثم جبريل عليه السلام، ثم صالحوا المؤمنين ثم الملائكة بعد ذلك، ينصرونه ويؤيدونه ويظاهرونه،

ثم بينت الآيات مقياس الصلاح وهي أن تقي نفسك وأهل بيتك من النار، والتوبة النصوح،

ثم ختمت السورة بثلاثة آيات ونماذج كلها نسائية، وسبب تخصيص النساء هو أن النساء هم الأولى بالولاية فأول من ينتصر للرجل هن زوجاته،

فالآية الأولى عن زوجتين لرسولين كريمين لكنهما كانتا من الهالكين وتخليتا عن نصرة الرسل،

والآية الثانية عن امرأة فرعون نصرت الرسل وصبرت في الله فضرب بها المثل لمن لها زوج غير صالح فعليها أن تصبر في الله كما صبرت امرأة عمران،

وفي الآية الثالثة نموذج آخر للصبر ونصرة الرسل إنها سيدة نساء الجنة مريم ابنت عمران.

ويبقى السؤال لماذا أفرد مريم بآية مستقلة، ولماذا قدم آسيا على مريم عليهما السلام.
 
ومن مناسبة الترتيب أن الله ضرب مثلا لكل امرآة غير صالحة وزوجها صالح بزوجة نوح وزوجة لوط، وبدأ بهما لأن أكثر أهل النار من النساء،

ثم ضرب مثلا لكل امرأة صالحة وزوجها غير صالح بامرأة فرعون فعليها أن تصبر وتطيع الرسل كمرأة فرعون،

وأخيرا ضرب مثلا لكل امرأة صالحة ليس لها زوج بمريم سيدة نساء العالمين، وتأخير مريم لأن النساء في الغالب يتزوجن.

وأما الرجل الصالح الذي عنده زوجة صالحة فمثلهما كمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجاته المسلمات المؤمنات القانتات التائبات العابدات السائحات ثيبات كن أو أبكارا... الذي جاء ذكرهم في أول السورة.

هذا والله أعلى وأعلم وأحكم،،،
 
عودة
أعلى