عبدالعزيز الضامر
New member
(للمدارسة): نقد ابن طاووس الرافضي لمنهج الجبائي في تفسيره
ابن طاووس: علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني: أبو القاسم, من علماء الشيعة الاثنى عشرية ولد سنة (589هـ), من مؤلفاته: "الأمان من أخطار الأسفار والأزمان" وهو عبارة عن أربعة عشر باباً في آداب السفر، و "سعد السعود" و " زوائد الفوائد " و "فرج المهموم" و "الطرائف" و "جمال الأسبوع" و "الملهوف على قتلى الطفوف", قال عنه السيد مصطفى في كتابه نقد الرجال (ص:244): "من أجلاء هذه الطائفة وثقاتها, جليل القدر عظيم المنزلة, كثير الحفظ, نقي الكلام, حاله في العبادة والزهد أظهر من أن يظهر", توفي سنة (664هـ). تنظر ترجمته: أمل الآمل للحر العاملي (2/205), الأعلام للزركلي (5/26)وقد نقل ابن طاووس في كتابه سعد السعود (ص:142) بعض آراء ونقولات أبي علي الجبائي المعتزلي (ت:303هـ) في تفسيره, ونقدها, وقبل ذلك نقد منهجه في التفسير, فأحببت أن أجعله بين يديكم:
"فصل فيما نذكره من تفسير أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي, وهو عندنا عشرة مجلدات, في كل مجلد جزوات, واعلم أنَّ أبا علي الجبائي من عبد لعثمان بن عفان واسمه العبد المذكور (أبان) فهو يتعصب على بني هاشم تعصباً لا يخفى على من أنصف من أهل البصائر, وكأنه حيث فاته مساعدة بني أمية بنفسه وسيفه وسنانه قد صار يُحارب بني هاشم بقلمه ولسانه.
أقول: وأما نسبته إلى أبان عبد عثمان بن عفان فذكر محمد بن معية في كتاب المولى عن الخطيب مصنف تاريخ بغداد, ووقفت عليه في تاريخه فقال عند ذكر أبي هاشم ولد أبي علي الجبائي عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن حالة بن حمران بن أبان جد الجبائي حاجباً لعثمان بن عفان.
واتفق تعلق الجبائي على عثمان بأن جده أبان عبد عثمان, وجده حمران حاجبه فتوكدت عداوته لبني هاشم, ولد أبو علي الجبائي سنة خمس وثلاثين ومائتين, ومات في شعبان ثلاث وثلاثمائة.
أقول: وأما بغضه على بني هاشم فإنَّ أظهر التفاسير بين الناس تفسير عبد الله بن عباس ومن روى عنه, وهذا كتاب تفسيره كأنه ما سمع في الدنيا مفسراً للقرآن اسمه عبد الله بن عباس.
أقول: ويبلغ تعصبه الفاضح أنه يأتي إلى آيات ما ادعاه المتقدمون على بني هاشم في الخلافة أنها نزلت فيهم أيا خلافتهم ولا قبلها ولا احتجوا بها ولا ادعى لهم مدع أيام حياتهم أنها نزلت فيهم, فيدعي هو بعد مأتي سنة ونحو خمسين سنة من زومان الصحابة أنَّ هذه الآيات أُنزلت فيهم, ويستحسن المكابرة والبهت والفساد الذي لا يليق بالعقل ولا بالنقل.
أقول: واعلم أن تفسيره يدل على أنه ما كان عارفاً بتفسير القرآن ولا علومه فإنه يذكر ما يدعيه من التأويل إلا شاذاً غير مستند إلى حجة من خبر أو كلام العرب أو وصف اختلاف المفسرين والاحتجاج لقوله الذي يُخالف أقوالهم.
أقول: ثم يذكر الآية ويقول في أكبر ما يُفسره إنما يعني الله كذا وكذا في آيات محتملات عقلاً أو شرعاً لعدة تأويلات, وما كان جبرئيل ولا رسول الله يقولون في مثل ذلك يعني الله كذا وكذا إلا بوحي من الله تعالى, وهو قد عرف أنَّ الشريف تضمن من أعظم الخلائق محمد (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين لقطعنا منه الوتين), وقال جل جلاله: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة).
ثم يقول في أواخر تفسير آيات قد قال أولها يعني الله تعالى كذا وكذا, فيغفل عن قوله إن الله عنى ذلك, ويعود يقول وجه أو وجوهاً أخر يذكر أن الله عنها كيف كان يحسن في حكم العربية والاستعمال أن يقول: إنما يعني الله كذا وكذا بلفظ إنما المحققة لما اشتملت عليه النافية لما عداه لم يذكر بعد ذلك وجهاً أو وجوهاً أخر, ويقول إن الله جل جلاله لعناها.
أقول: ثم لا يذكر قصص الأنبياء ولا الحوادث التي تضمن القرآن الشريف ذكرها كما جرت عادة المفسرين العارفين بها.
أقول: ثم لا يذكر أسباب النزول على عادة المفسرين ولا وجوه الإعراب ولا التصريف والاحتمال, ولا ما جرت به العادة من تعظيم فصاحة آيات القرآن ومواضع الإعجاز بها على صواب من كمال المقال.