للتأمل والاعتبار: نوادر غير معروفة من تاريخ المصحف الشريف بالغرب

إنضم
05/01/2013
المشاركات
579
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
العمر
63
الإقامة
تارودانت المغرب
كنت أقلب النظر في بعض الوثائق الفريدة التي أنزلتها جامعة برلين الحرة في نسخةرقمية،فظفرت بدراسة نشرها غوتهلف برغشترسر عام 1932م في العدد 20 من مجلة Der Islam وذلك قبل وفاته بشهور معدودة،عنوانها:"قراءة القرآن في القاهرة"Koranlesung in Kairo انظرها في الرابط أدناه:https://archive.org/details/KoranlesungInKairoTeil1سياق هذه الدراسة يكشف جانبا مهما من التاريخ الحديث للدراسات القرآنية بأوربا...،اذ في عام 1930م عين طه حسين للمرة الثانية عميدا للجامعة المصرية التي أصبحت تابعة للدولة منذ 1925م،وكان أول ما حرص عليه ادخال اللغات السامية الى مواد التدريس،لكن لما تعذر عليه ايجاد الأساتذة في القاهرة حرص على استعارتهم من أوربا،خاصة ألمانيا...كان من أوائل الوافدين د.برغشتراسر تـ1933م الذي نزل ميناء الاسكندرية في نونبر 1929م حاملا ضمن متاعه نسخة من طبعة المستشرق فلوجل للقرآن ـ التي كانت متداولة في أوربا ـ ولما اكتشفها موظفو الجمارك صادروها لعدم حمله تصريحا بادخالها {كانت مصر قد طبعت عام 1924م مصحفا باشراف الأزهر لتلافي الأخطاء التي تتضمنها نسخ المصاحف الوافدة من خارجها}.لما وصل د. برغشراسر القاهرة حرص على ربط الاتصال برجال العلم فيها ومن ضمنهم شيخ المقارىء محمد بن علي بن خلف الحسيني المالكي تـ1357هـ 1939م، الذي استضافه في مكتبه الرسمي حيث فوجىء بنسخة طبعة فلوجل المصادرة منه فوق المكتب ورفقتها تقرير من مراجع المصاحف آنذاك الشيخ علي بن محمد بن الحسن الضباع.علم برغشراسر أن جمارك الاسكندرية أحال النسخة على مشيخة الأزهر آخر نونبر 1929م ومنه الى مشيخة المقارىء ومنها الى مراجع المصاحف الذي خلص في تقريره المؤرخ في 11ـ12ـ 1929م الى أن الطبعة:1ـ مكتوبة خلاف الرسم.2ـ فيها أغلاط املائية كثيرة.3ـ تضمنت أخطاء في العد.4 ـ احتوت على تقييدات بالعربية والألمانية يفهم منها أنها "مذكرة تفسيرية" يقترح ارجاعها الى صاحبها شريطة التعهد بأن تظل لاستعماله الشخصي فقط.{انظر نسخة تقرير الشيخ الضباع مع ترجمته الى الألمانية في ص 21 ـ 24 من الوثيقة أعلاه}كان هذا اللقاء بين شيخ المقارىء والمستشرق بداية لقاءات أخرى في مكتب الشيخ الحسيني وفي بيته،وكان هم د.برغشراسر الذي نشر من قبل عن قراءة الحسن البصري {1926} أن يأخذ من الشيخ ما يعينه على تتبع و تصوير ما يصل اليه من مخطوطات المصاحف والقراءات الصحيحة والشاذة التي توجد بخزائن القاهرة.وحين غادر برغشراسر مصر في يناير 1930م انتهى الى نتيجتين:الأولى:عدم صلاحية طبعة المصحف التي قام بها المستشرق فلوجل {انظر الدراسة أعلاه}الثانية: اعداد "مشروع" اخراج نسخة {نقدية} للمصحف تتضمن ادراج القراءات الشاذة ضمنه من أجل {استرجاع النسخة الأم للقرآن} تبعا لهذا التصور الاستشراقي.ويهمني هنا الوقوف على ما يلي:1ـ كيف كان الأزهر الشريف بمؤسساته سلطة علمية حقيقية تحرص على ممارسة اختصاصاتها الأكاديمية...2 ـ كيف كانت مشيخة عموم المقارىء المصرية نشيطة حتى حين يتعلق الأمر بأحد الغربيين من المستشرقين،مع العلم بأن مصحف فلوجل لم يكن ليلتفت اليه أحد بمصر في ذلك الوقت،وكان نادرا...3 ـ كيف أن الشيخ الضباع رحمه الله اعتكف لأجل بيان أخطاء فلوجل،ثم اقترح ارجاع المصحف الى صاحبه مع الزامه بتعهد يخص الاستعمال...الشيء الذي أوقف برجشراسر على ما لم يكن يتخيله،بل ربما حمل معه هذا المصحف المحرف لاستعماله في دروسه بالجامعة المصرية...
 
عودة
أعلى