أختي الفاضلة انظري لمعرفة دلالات هذه الكلمات
كتاب أدب البحث والمناظرة للعلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله ورفع مقامه ففيه ما ترومين والله أعلم
وإليك مقطعا من مقدمة بحث للدكتور أحمد إدريس الطعان عن الحوار بعنوان :(( الحوار الجدلي في القرآن والسنة) بين فيه بعض دلالات هذه الكلمات وأوجه الخلاف بينها
....................
(( تعريفات ونماذج في الحوار الجدلي
أولاً : تعريف الحوار والجدل والعلاقة بينهما :
الحوار في اللغة من الحوَر : وهو الرجوع والتردد بين شيئين ، والتحاور من التجاوب والمحاورة ، وحاورته : راجعته في الكلام ، وكلمته فما رد علي محورة ، وما أحار جواباً : أي ما رجع . والمحاورة : مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة .
وأما الجدل فله معاني لغوية كثيرة منها : اللدد في الخصومة والقدرة عليها ، وهذا المعنى مشتق من معاني أخرى منها : الفتل أو شدة الفتل ، ومنه زمـام مجدول أي مفتول .
ومنها : القوة والاشتداد ولذلك قيل للصقر الأجدل لقوته .
ومنها : الصرع ، ولذا قيل جدله فانجدل وتجدل : أي صرعه على الجدالة وهي الأرض ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " أنا خاتم النبيين في أم الكتاب ، وإن آدم لمنجدل في طينتـه " ([4]) ومن معاني الجـدل الإحكام والانتظام ، ولذا قيـل للقصر المشرف " المجدل " وجدلاء ومجدولة : محكمة النسج ودرع جدلاء قال الحطيئة :
فيه الجياد وفيه كل سابغةٍ جدلاء محكمة من نسج سلام
ويدخل في هذا حسب ظني الجدول أي جدول الماء ، لانتظام جريانه وتناسقه . والجدل الناحية والطريقة والقبيلة ([5]).
اصطلاحاً : يعرف الباجي الجدل بأنه : " تردد الكلام بين اثنين قصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول صاحبه " .([6])
ويسرد الجويني تعريفات متعددة للجدل ، ثم يعترض عليها ويختار هو التعريف التالي : الجدل " إظهار المتنازعين مقتضى نظرتهما على التدافع والتنافي بالعبارة ، أو ما يقوم مقامها من الإشارة والدلالة " ([7])
ويلاحظ أن تعريف الجويني هذا يرتبط بالمعنى اللغوي ، ويعتصم به لأنه قائم على التدافع بين الخصمين لأن أحد معانيه اللغوية الصرع من المصارعة .
كما يلاحظ عليه أنه يدخل في الجدل المناظرات الشفوية والكتابية لأنه قال بالعبارة أو ما يقوم مقامها من الدلالة والإشارة .
وعلى هذا يبدو أن الجدل لا يكون إلا بين اثنين متنازعين فأكثر وهو ما نلاحظه في تعريف الباجي السابق ، والجويني ، كما نلاحظه في تعـريف العكبري " ت : 616 هـ " التالي : الجدل هو : " عبارة عن دفع المرء خصمه عن فساد قوله بحجة أو شبهة ، وهو لا يكون إلا بمنازعة غيره " ([8])
أما الجرجاني فيعرف الجدال بأنه : " عبارة عن مراء يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها " . ويعرف الجدل بأنه : " القياس المؤلف من المشهورات والمسلمات والغرض منه إلزام الخصم وإفحام من هو قاصر عن إدراك مقدمات البرهان أو هو دفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجة أو شبهة . ([9])
ويبين لنا إمام الحرمين الجويني المناسبة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي الذي عرفه به العلماء فيقول : " إن قلنا إنه في اللغة للإحكام فكأن كل واحد من الخصمين إذ كان يكشف لصاحبه صحة كلامه بإحكامه وإسقاط كلام صاحبه ، سميا متجادلين " .
وإن قلنا : إنه مأخوذ من الفتل ، فلأن كل واحدٍ من الخصمين يفتل صاحبه عما يعتقده إلى ما هو صائر إليه " . ([10]) وإن قلنا من الصرع فكأن الخصمين يتصارعان وكل واحدٍ منهما يقصد إسقاط كلام صاحبه بغلبته وقوته .([11])
ومن مرادفات الجدل والمجادلة نجد المناظرة وهي " النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين شيئين إظهاراً للصواب " وقد يكون مع نفسه ، ومنها المكابرة وذلك إذا علم المجادل بفساد كلامه وصحة كلام خصمه وأصر على المنازعة ، ومنها المعاندة وهي المجادلة مع الجهل بالقضية التي يجادل فيها ([12]) .
ومنها المحاورة وهي المراجعة في الكلام ومنه التحاور أي التجاوب ، وهي ضرب من الأدب الرفيع ، وأسلوب من أساليبه ، وقد ورد في موضعٍ واحد في القـرآن الكريم " والله يسمع تحاوركما " وقريب من ذلك المناقشة ([13]) .
وقد وردت لفظة " الجدل " وما تصرف منها في القرآن الكريم في تسعة وعشرين موضعاً منها خمسة وعشرون موضعاً كان الجدل فيها مذموماً ، ومنها أربعة مواضع([14]) كان الجدل فيها محموداً ([15])، وهذا يعني أن أغلب الجدل والجدال مذموم يؤدي إلى المنازعة ، وليس فيه فائدة كما يعني هذا أن من الجدل ما هو مفيد ومستحسن وذلك إذا تجرد من الأهواء، وحب التصدر ، والأنانية ، والقصد إلى الحق ، وإلى هذا قصد القرآن الكريم في الآيات المشار إليها في الهامش .
لقد كانت كلمة الحوار في القرآن الكريم أقل استعمالاً من كلمة الجدل فقد جاءت لفظة الحوار في ثلاثة مواضع اثنان منها في سورة الكهف في معرض الحديث عن قصة صاحب الجنة وحواره مع صاحبه الذي كان أقل مالاً ونفراً وقد كان من حوارهما : ([16])
// فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً // 34 الكهف
// قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً // الكهف 37 .
والموضع الثاني الذي ذكر فيه الحوار في سورة المجادلة // قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها // ...
والجدل كما يرى بعض الباحثين يحتوي على معاني الصراع والإغراق في الكلام في معظم أحواله ولذلك اتجه الفكر المعاصر إلى استبداله بالحوار واهم ذلك دعوة الفاتيكان في الوثيقة التي صدرت عام 1965 م ([17]).
والحقيقة أنه لا فرق بين مصطلحي الحوار والجدل فكلاهما يمكن استخدامه بشكل سلبي أو إيجابي وإذا كان الجدل يوحي بمعنى الصراع فإن الأصل فيه هو الدعوة إلى الجدل بالحسنى // وجادلهم بالتي هي أحسن // والاتجاه إلى الصراع واللدد والخصومة جاءت بسبب تمسك كل إنسان بهواه وإعجاب كل ذي رأي برأيه .
وهذا يمكن أن يكون في الحوار أيضاً بل إن الحوار اليوم يتخذ أشكالاً مراوغة ويسعى إلى إقناع الآخرين بأن يستسلموا أو يتخاذلوا تحت مسميات مختلفة ودعوات متسترة . فالمشكلة الحقيقية هي في الإنسان نفسه وليس في الوسائل .))
.....................................................................................................
وللبحث تتمة إن أردته فهذا رابطه
http://acscia.totalh.com/vb/showthread.php?t=34