لقطات من رحلتي إلى بيروت

إنضم
11/04/2006
المشاركات
157
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
مؤسسة أديان: قسم دراسات التبادل الثقافي​
وكلية الإنسانيات بجامعة سيدة اللويزة
مؤتمر
"التربية والتعليم في سياق التبادل الثقافي"
يومي 2 و3 حزيران (يونيه) 2011م
بالتعاون مع
مؤسسة آنا لند الأورو-متوسطية ،
وتحالف الحضارات بالأمم المتحدة،
ومؤسسة كونراد إديناور للدراسات.



تعد مؤسسة أديان مشروعاً للتبادل الثقافي يشترك فيه شركاء من لبنان والأردن وبولندا وإيطاليا وفرنسا وهدفه الأساس تطوير تفاهم متبادل أفضل في البعد الثقافي من القضايا الدينية بين الدول العربية وفيما بين العرب والمجتمعات الأوروبية وتقوم بذلك من خلال التعليم التبادلي الثقافي حول القضايا الدينية في تعليم الشباب.
وكان من ضمن نشاطاتها عقد هذا المؤتمر الذي ضم إحدى عشرة جلسة علمية تناولت جوانب كثيرة حول التبادل الثقافي المعرفي وحول الأوضاع العربية المعاصرة أو ما سُمّي "الربيع العربي" من خلال المحاور الخمسة الآتية
1- التعليم والتنوع الثقافي والتحديات المتبادلة
2- التعليم ما بين الثقافات وعولمة التعليم الأكاديمي
3- التعليم التبادلي للمحترفين (الدبلوماسيين ورجال الأعمال والصحافيين ورجال الإعلام وغيرهم)
4- التعليم الثقافي التبادلي حول الأديان
5- المجتمع المدني وعلاقته بالتعليم التبادلي الثقافي
وقد حضرت المؤتمر مشاركاً بورقة حول ضرورة إنشاء الدراسات الأوروبية والأمريكية في الجامعات العربية لدعم التبادل والتفاهم الثقافي بين الشعوب.
وقد كانت التوصية الأولى لهذا المؤتمر نابعة من ورقتي بالتوصية لوزير التعليم العالي لدعم إنشاء الدراسات الإقليمية وليس الأوربية والأمريكية فقط لتحقيق فهم أفضل لكافة الشعوب.
هذا وقد قمت بالتعريف بكرسي الأمير سلطان للدراسات الإسلامية المعاصرة ومركز الملك فيصل للبحوث الإسلامية ومؤسسة غيناء ومشروعات مركز المدينة المنورة لإنشاء الدراسات الإقليمية في الجامعات السعودية.
وقد اهتم المشاركون بالتعرف الكرسي ونشاطاته حتى إن جميع المطويات التعريفية بالكرسي قد تم توزيعها خلال اليومين وأهديت الكتب إلى مكتبة الجامعة.
 
موجز لورقتي في بيروت

موجز لورقتي في بيروت

ذكر المستشرق الألماني رودي بارت في كتابه (الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية) الذي نشر عام 1964 أنه حدث في أحد مؤتمرات المستشرقين أن التفت مستشرق إلى عالم مسلم فقال له: ها نحن ندرسكم ونبحث في قضاياكم وموضوعاتكم، فمتى تبدؤون أنتم بدراستنا"
وحينما حضر جون اسبوزيتو المتخصص في الدراسات الإسلامية بجامعة جورج تاون بواشنطن العاصمة إلى مهرجان الجنادرية قال في محاضرته: لقد ألفت عشرات الكتب عن الإسلام والمسلمين، فكم عدد العلماء أو الباحثين المسلمين الذين كتبوا في العصر الحاضر عن النصرانية أو اليهودية؟
وأما حسن حنفي فنشر كتابين أولهما (مقدمة في علم الاستغراب) أكد فيه على ضرورة أن يدرس العرب والمسلمين الغرب وذلك ليقضوا على مركب الاستعلاء والتفوق لدى الغربيين، وثانياً ليتخلصوا من مركب النقص والضعف الذي نعيشه، وقال علينا أن نتحول من ذات موضع الدرس إلى ذات دارسة.
وكان السيد محمد الشاهد أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قد قدّم اقتراحاً مفصلاً لإنشاء كلية للدراسات الأوروبية والأمريكية، ولكن تلك الجامعة لم تستوعب الاقتراح ولم تفهمه، فخرج الشاهد من الجامعة دون أن يتحقق مخططه.
وكان لي محاولة للدعوة إلى دراسة الغرب في مقالة بعنوان (متى ينشأ علم الاستغراب؟) نشرت في كل من مجلتي أهلاً وسهلاً ومجلة الفيصل. كما أنني ألقيت محاضرة في النادي الأدبي بأبها عام 1419هـ بعنوان (المعرفة بالآخر دراسة للظواهر الاجتماعية) وقد صدرت الطبعة الأولى عن النادي نفسه، ونشرت طبعة ثانية مزيدة أضفت فيها فصلاً عن بعض الجوانب الإيجابية التي يمكن أن نتعلمها من الغرب.
الأمة الإسلامية رائدة في معرفة الأمم والشعوب الأخرى.
عندما كانت الأمة الإسلامية أمة راقية متحضرة وكان الإبداع يلقى الدعم والتشجيع عرفنا الأمم والشعوب الأخرى ولعل أول إشارة إلى هذه المعرفة قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن النجاشي حاكم الحبشة "إن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد" ولما دخل رسول الجيش الإسلامي على القائد الفارسي وقال له "كانت تبلغنا عنكم الأحلام أنكم تتساوون فيما بينكم فإذ بكم يستعبد بعضكم بعضاً، إن قوماً هذا حالهم فمصيرهم إلى زوال"
وعرف المسلمون الملل والنحل والأديان فكتب الشهرستاني والبغدادي وابن حزم وابن تيمية، أما أبو الحسن البيروني فسبق المستشرقين والرحالة العرب والأوروبيين حيث ذهب إلى الهند وعاش فيها عشر سنوات تعلم لغات الهند وتاريخها وعقائدها ومجتمعاتها وثقافاتها. لله دره كيف أدرك أهمية الانتقال لدراسة الهند لو لم نكن أمة مستيقظة حقاً.
وكتب أسامة بن منقذ كتابه الرائع (الاعتبار) الذي وصف فيه الصليبيين من النواحي الأخلاقية والخلقية والثقافية وطباعهم وعاداتهم وغير ذلك.
وعرف العالم الإسلامي الرحّالة الذين جابوا أقطار الدنيا حتى أضحت كتاباتهم مرجعاً للأوروبيين أنفسهم مثل ابن فضلان وابن حوقل وغيرهما، كما عرف العالم الجغرافيين المسلمين الذين درسوا الكرة الأرضية شمالها وجنوبها وشرقها وغربها.
النهضة العربية الحديثة
إن النهضة العربية التي بدأت منذ بداية القرن التاسع عشر قد أخرجت لنا المئات من العلماء الذين عرفوا الغرب وكتبوا عنه من الداخل، ومن أبرز هؤلاء خير الدين التونسي ورفعت رفاعة الطهطاوي وغيرهما، كما عرفت العشرات أو حتى المئات من الدبلوماسيين الذين عملوا سنوات في أوروبا وكتب بعضهم عنها بالتفصيل. ولكن هذه المعرفة لم تتحول إلى عمل مؤسسي على الرغم من أن هؤلاء عرفوا الاستشراق والمعاهد الاستشراقية وإنتاج المستشرقين بل إن علماء من الأمة الإسلامية شاركوا مع المستشرقين في مؤتمراتهم. لقد تأخرنا ومازلنا متأخرين.
تجارب الأمم الأخرى في دراسة بعضها البعض
بريطانيا:
أدركت الحكومة البريطانية حاجتها إلى المتخصصين في الدراسات الأوربية الشرقية والسلافية والشرقية والإفريقية فكلفت العديد من اللجان على مدى قرن كامل وكان أولها عام 1903 ثم في عام 1947وفي عام 1961 و1985 و1993 وقد عُدّ الإسلام موضوعاً استراتيجياً عام 2007 وخصصت أموال طائلة لدراسة الإسلام والشعوب الإسلامية. ومن الملفت للانتباه أن مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية أسست في لندن بناء على قرار من مجلس النواب البريطاني عام 1916م.وكان هذا الدعم في شكل منح وأموال لتستمر هذه الدراسات وتقوى وتشتد. وقد عانت هذه الدراسات من شح الإمكانيات في عهد رئيس الوزراء توني بلير فاتصل به أعضاء من الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط لتزيد الحكومة في دعمها لهذه الدراسات.
أما أمريكا فقد ورثت الإمبراطورية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس فكان من أول اهتمامات أمريكا أن تسد النقص الكبير لديها في المتخصصين في الدراسات العربية والإسلامية والدراسات الإقليمية فصدر المرسوم الدفاعي الجمهوري عام 1957 لدعم عدد كبير من مراكز دراسات الشرق الأوسط في عدد من كبريات الجامعات الأمريكية لدراسة العالم العربي والإسلامي. وكان من وسائل سد النقص في هذه المرحلة أن استقدمت الولايات المتحدة الأمريكية عدداً من كبار المستشرقين الأوروبيين من أمثال هاملتون جيب وفون جرونباوم وفيليب حتي وغيرهم. واستمر الاستقدام عن طريق برامج الأساتذة الزائرين الذين كانوا يعملون في الجامعات الأمريكية فترات معينة ومن هؤلاء على سبيل المثال برنارد لويس الذي انتقل إلى أمريكا نهائياً عام 1974م. واستمر هذا الدعم حتى ظهرت الحاجة الماسة إلى مزيد من التعرف على العالم العربي والإسلامي بعد عام 1990 فزاد الدعم لهذه المؤسسات والهيئات، وظهرت الحاجة ماسة أيضا عام 2001 بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر فظهر أن أمريكا بحاجة إلى متخصصين في عدد كبير من لغات العالم وصلت إلى أكثر من مائة لغة، كما أن بعض الجامعات قدمت برامج لتخريج متخصصين في اللغات الأجنبية يتقنونها كأهلها وهذا أمر يكلف الكثير.
وأبدع الأمريكيون في هذا المجال حتى إنهم أسسوا ما سمي الدراسات الإقليمية أو دراسات المناطق التي كانت ملفتة لانتباه اللجنة البريطانية التي كوّنت عام 1961 برئاسة سير وليام هايتر الذي زار عشر جامعات أمريكية للتعرف على هذه التجربة والتعلم منها والإفادة منها في الجامعات البريطانية
وينطبق الأمر نفسه على برامج الدراسات الشرقية والعربية والإسلامية في فرنسا وألمانيا وروسيا وغيرها. وعدوتنا إسرائيل لها جهود كبيرة في دراستنا فهناك العديد من مراكز دراسات الشرق الأوسط في عدد من الجامعات الإسرائيلية التي تطلع على كل ما يُنتج في بلادنا العربية والإسلامية من إنتاج فكري، كما يشارك باحثون من إسرائيل في كثير من المؤتمرات حول الشرق الأوسط في جميع أنحاء العالم.
الدراسات المتبادلة: الغرب يدرس الغرب والشرق يدرس الغرب
بدأت اليابان في الدراسات الأمريكية بسلسلة محاضرات بدأت عام 1949 بجامعة دوشيشا بمدينة كيوتو، ثم تطورت هذه المحاضرات إلى قسم علمي ثم توسعت اليابان في هذه الدراسات حتى كانت هذه الدراسات موجودة في جامعات طوكيو وكيوتو ودوشيشا وغيرها. بل إن اليابان أسست جامعة في أوزاكا للدراسات الخارجية لتخدم وزارة الشؤون الخارجية. واقتضى التطور في الدراسات الأمريكية أن أنشأت اليابان الرابطة اليابانية للدراسات الأمريكية، كما أنشأت رابطة أخرى لدراسات الشرق الأوسط ورابطة ثالثة للدراسات الأوروبية ولديهم دراسات لدول المحيط الهادي وجنوب شرق آسيا.
ولم تتأخر الصين عن الدراسات الإقليمية فالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية كانت تحتل مبنى لا يزيد عدد طوابقه عن الخمسة عام 1947 وفي عام 2000 أصبح المبنى أكثر من عشرين طابقاً وعقدت الأكاديمية ومعهد دراسات غرب آسيا وشمال أفريقيا مؤتمراً حول العولمة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ونشأت فيها الدراسات الأمريكية حتى إن هناك الآن أكثر من خمسة عشر مركزاً،
ووجدت هذه الدراسات في ماليزيا والهند وغيرها من الدول.
الغرب يدرس الغرب.
قرأت إعلاناً عن معهد الدراسات الأمريكية بجامعة لندن فلما راسلتهم وجدت أن لديهم برنامج ماجستير ودكتوراه في الدراسات الأمريكية من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد تحول هذا المعهد من الاقتصار على أمريكا الشمالية حيث أصبح المعهد لدراسة الأمريكيتين، وقام البريطانيون بتأسيس الرابطة البريطانية للدراسات الأمريكية.
وفي ألمانيا وجدت أن هناك مركز الدراسات البريطانية الذي يمنح درجة الماجستير في الدراسات البريطانية وفي برلين نفسها يوجد أكبر مركز خارج أمريكا للدراسات الأمريكية وفيه مكتبة ضخمة وهو مركز كنيدي للدراسات الأمريكية. وتوجد هذه الدراسات في معظم الدول الأوروبية حتى إن هذه المؤسسات أسست مؤسستين مهمتين هما: الرابطة الأوروبية للدراسات الأمريكية، كما أن هناك شبكة الدراسات الأمريكية وهي مؤسسة تضم أكثر من تسعة عشر مركزاً مختصاً بهذه الدراسات.
وتشارك روسياً أيضاً بالدراسات الأمريكية.
لماذا لا تقوم جامعاتنا بالدراسات الأوروبية والأمريكية؟
لقد تأكد لي من خلال تجربة طويلة في عالم الاستشراق أن مثل هذه الدراسات تحتاج إلى قرار من أعلى مستوى من ملك أو رئيس جمهورية أو رئيس وزراء. فهذه الدراسات لا يمكن أن تعتمد على الجهود الفردية من الجامعات أو من الأفراد أو منظمات المجتمع المدني، وإنما الأصل أن تنطلق الدعوة من قمة السلطة السياسية، فلماذا لا يتحرك الزعماء العرب والمسلمون (عدا ماليزيا) في اتجاه إنشاء هذه الدراسات حتى إن الدراسات الأمريكية في بلادنا في معظمها في جامعات أمريكية أو يقودها أمريكيون.
فدعوتي هنا أن تنطلق الدراسات الأوروبية والأمريكية في أسرع وقت بل علينا أن نفكر بجد في الانتقال من الدراسات الأمريكية إلى الدراسات الإقليمية لتضم دراسات الصين واليابان والهند وباكستان وتدرس القارة الإفريقية ودراسات أمريكا الجنوبية.
 
وفقكم الله يادكتور مازن لكل خير ، وجعل عطاءكم العلمي منواصلاً ، ولا أزال أستفيد من ذكرياتكم العلمية ، فأرجو أن لا تنقطع عن الكتابة فيها.
 
د. مساعد بارك الله فيك وليتني أتتلمذ عليك فيما هو أعظم نفعا في كتاب الله العزيز ولكن ألا تأتي الرياض؟ لدي مادة جاهزة عن الذكريات القديمة وأما الذكريات المتجددة فهي مستمرة وبارك الله فيك فتشجيع مثلك ينير الدرب ويشحذ الهمة.
 
بيروت وبيروت

بيروت وبيروت

وصلت مطار الرياض باكراً ووقفت أمام شباك صرف العملة وكان الموظف يتحدث بالجوال وبين كل عملية وعملية يتحدث بالجوال ولفت انتباهي حفظه لأسعار العملات فإن قلت خمسة مائة دولار أعطاك الرقم دون العودة إلى الآلة وكذلك 800 دولار وألف دولار. وأنجزت ما أردت وما أن سرت قليلاً في المطار حتى وجدت قطعة صغيرة من الأرض لا تكفي للعدد الصغير من الأكشاك أو الدكاكين مسورة بالأخشاب وعليها لوحات تزعم أنه سيكون خلف تلك الأسوار سوق تجاري، ولما قرأت اللوحات قلت إن لفظة حر وحرية غير معتادة في عالمنا العربي الذي ألف الاستبداد والطغيان ولكن اللوحة تقول (السوق الحرّة السعودية) وعادة تكون الأسواق الحرة دولية ولكن لماذا هي سعودية فقط هنا لا أدري. وما معنى حرة، فكل شيء في المطارات باهض الثمن لأن استئجار المحلات يكون بالمزايدة فمن يدفع أكثر يحصل على المكان حتى يبيعك قارورة الماء بثمانية ريالات ليستطيع أن يسدد الأجرة ويكسب كسباً فاحشاً فلا رقيب ولا حسيب. ففي مطار القاهرة فنجان القهوة بعشرين ريالاً فكم أسرة يُطعِمُ هذا المبلغ؟
وكان موعد الرحلة عصراً فقد كان الحضور إلى المطار في وقت القيلولة، فجلست في أحد الكراسي وأخذتني سِنة من النوم حتى فتحت عيناي فوجدت الركاب قد بدؤوا الصعود إلى الطائرة وهو في الحقيقة ليس صعوداً ولكن السير في الأنابيب التي غطيت جدرانها بدعاية لأحد البنوك نصف الأجنبية. فتعجبت من الرأسمالية القذرة التي تزعج الناس في كل مكان فلا تقع عيونهم إلاّ على قبيح وكذب الإعلانات. ومع الإعلانات فلم تكن هذه الأنابيب مكيفة، حتى إني قلت للمضيف لماذا لا تكيف الأنابيب هل هذه طائرة تحمل الأغنام أو البشر؟ فقال ليست مسؤوليتنا فرددت عليه منذ أن أشتري التذكرة وأسدد قيمتها فأنا مسؤوليتكم. ولكن كما كانت أمي رحمها الله تقول (لا حياة لمن تنادي) وجلست في مقعدي ونظرت من النافذة فوجدت أن نوافذ الطائرة الخارجية والداخلية قذرة جداً وتذكرت أن أحد المسؤولين في الخطوط قبل أكثر من عشرين سنة كان يتفقد الطائرات فإن وجدها قذرة نبه المسؤولين إلى تقصيرهم وربما عاقبهم.
لماذا هذه الرحلة إلى بيروت؟والجواب أنني جئت لحضور مؤتمر في جامعة سيدة اللويزة، أو جامعة نوتردام وتساءلت عن سيدة اللويزة فلم أجد جواباً فمن هي هذه السيدة، فهل المقصود بها مريم العذراء عليها السلام؟ قد يكون ولكن لماذا نوتردام؟ معروف ارتباط النصارى بالثقافة الغربية عموماً على الرغم من عروبتهم ووجود كتّاب باللغة العربية يعدون من الطراز الأول. ونوتردام مشهورة برواية أحدب نوتردام التي ألفها الروائي الفرنسي فيكتور هيغو وتقع أحداثها في كاتدرائية نوتردام. كما أن في أمريكا جامعة باسم نوتردام وهي جامعة كاثوليكية في ولاية إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية. ووجدت جامعة أخرى بالاسم نفسه في أستراليا وهي كاثوليكية أيضاً تأسست عام 1989م بالإضافة إلى عدد من الكليات بهذا الاسم.
هذه الجامعة تتبع الكنيسة الكاثوليكية ورؤساؤها بين مطران وأب أو مسمى آخر أباتي فيما أذكر وفيها عدد من الكليات العلمية والأدبية وتهتم بحوار الأديان ففيها مؤسسة أديان التي تعنى بالحوار بين الأديان والتبادل الثقافي المعرفي (سيأتي الحديث عنها فيما بعد إن شاء الله) ومسألة الحوار بين الأديان والثقافات ما أدري هل هي تقليعة جديدة أو موضة بعد صيحة صموئيل هتنفتون بأن ثمة صدام بين الحضارات مع أن الذي قال بذلك كما يقول ريتشارد بوليت رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة كولومبيا أن تلك الصيحة أصدرها منصّر حاقد على الإسلام في العشرينيات من القرن الماضي فتلقفها برنارد لويس وأخذها منه صموئيل.
المهم انتشرت دعوات حوار الأديان أو الحوار بين أهل الأديان وحوار الثقافات في كل مكان فكان من أعمال مؤسسة أديان إيجاد برامج وفعاليات (وما أدراك ما الفعاليات كما يقول النفيسي) للتقريب بين الأمم والشعوب ونسينا أن الحق سبحانه وتعالى قد أنزل قرآنا يتلى قبل ألف وأربعمائة سنة ويزيد (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) وتعارف البشر ولم يكن ثمة حاجة لكل تلك التقليعات والصرعات.
والدعوة إلى الحوار قائمة ومستمرة حتى افتُعِلَت حادثةُ احتلال العراق للكويت فجاءت أمريكا بقضها وقضيضها وجلبت علينا بخيلها ورجلها لتخرج العراق من الكويت (ليس حباً في سواد عيون الكويتيين ولا نصرة للمظلومين ، فكم ظلم وقع في العالم وسكتت أمريكا سكوت الأموات) وكما قال جيمس إكنز James Akins السفير الأمريكي السابق في السعودية (الآن وقد أمسكنا بالأرض هل نتخلى عنها. ولم تمض سنوات على هذا الأمر حتى كانت مسرحية الحادي عشر من سبتمبر التي لم تعلن حقيقتها حتى الآن فبدأت قنابل أمريكا والناتو تقصف المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وعربدت إسرائيل تحت سمع الدنيا وبصرها في غزة والضفة الغربية ولبنان ولم تقل أمريكا كلمة مفيدة منصفة. والآن وبأسلحتهم وبأيدي بعض حكامنا الأشاوس كما في سوريا واليمن وليبيا وكما فعل حسني وبن علي وغيرهم ممن لا تذكرهم الأخبار.
وفي الوقت الذي يتحدثون عن الحوار والتبادل الثقافي والمعرفي وحوار الأديان وحوار أتباع الأديان تغزونا الجامعات الغربية وتنتشر في بلادنا وبخاصة في دول منطقة الخليج العربي والجزيرة انتشار النار في الهشيم حتى إني أسميتها الدكاكين الجامعات أو جامعات الدكاكين، وهذه الجامعات الأجنبية تصر على أن تكون اللغة الأجنبية هي لغة الدراسة والخطاب والحديث داخل الجامعة فيُمسخُ التلاميذ مسخاً ويخرجون مشوهين كالجنين المشوه ولكنهم يحتلون المناصب والوظائف الكبرى لأنهم درسوا بلغة الأسياد.
وفي جامعة نوتردام اللبنانية بسيدة اللويزة أوجدوا مؤسسة اسمها مؤسسة أديان تأسست عام 2008 والشريك الرئيس مؤسسة آنا لند Anna Lindh السويدية. يرأس أديان الأب فادي ضو وهي متخصصة في دراسات الأديان والتضامن الروحي وأعضاؤها المؤسسون نصارى ومسلمون (هل يمكن أن يترأسها مسلم؟) والعاملون فيها في أغلبهم من المتطوعين (أعتقد الأغلبية سيكونون نصارى، أربعون متطوعاً)وهناك أصدقاء ومستشارون. وتعرف المؤسسة نفسها بأنها نشطة في التعليم وبناء الجسور ومنع النزاعات والحوار ما بين الأديان والحوار الفكري. وتسعى إلى نشر التفاهم المتبادل بين الشعوب من أتباع الديانات المختلفة وتشجع على بناء وتقوية التضامن (ليس في محيط الجامعة أو المنطقة كلها مسجد واحد ولا بد من وجود المئات أو الآلاف من المسلمين) حتى إني سألت نادل مطعم الفندق هل يوجد مسلمون في المنطقة فلم يرد علي وربما قال نعم ثم هرب.
وبالمناسبة بيروت هي أول مدينة أزورها عندما ابتعثت للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث كانت الرحلة من جدة إلى بيروت ثم جنيف فلندن فنيويورك، وكان الفرق بين رحلة بيروت والرحلة إلى جنيف ولندن عدة أيام قضيتها في بيروت في ساحة البرج في فندق متواضع ربما كان السرير فيه من الحديد وإن كان الفراش نظيفاً ولكن المبنى قديم ولا أعتقد أنه يمكن أن يكون له أي نجمة وهذا قبل سنوات من عملي بالخطوط السعودية التي علمتني الفنادق ذات النجوم الخمسة وغيرها أو التصنيفات المعروفة. وكان الفندق في ساحة البرج عام 1986 قبل سنوات من اشتعال الحرب الأهلية وكانت ساحة جميلة لم أر مثلها في المملكة سوى ساحة المسجد النبوي الشريف قبل بدء التوسعات الأخيرة التي تسببت في تدمير كثير من التراث العمراني الجميل للمدينة القديمة وبعض الهدم ربما كان له مبرر والبعض الآخر ليس له تبرير سوى الجهل بقيمة الآثار الحقيقية.
 
بيروت قديماً وحديثاً

بيروت قديماً وحديثاً

وصلت بيروت في شهر أكتوبر (تشرين أول) 1968م ويعني هذا الخريف حيث الجو معتدل نهاراً يميل إلى البرودة ليلاً، فكانت فسحتنا أنا ورفيق الرحلة حسين عبد الله أبو الطاهر التجول في ساحة البرج فكانت كما قلت أول رحلة لي خارج المملكة وربما كذلك لزميلي وصناعة السياحة لم تكن قد تطورت ولم يخطر في بالنا أن نسأل أين نذهب في بيروت. وكنّا إذا تجولنا في الساحة هجم علينا المصورون بكاميراتهم نصوركم، وغداً نأتي لكم بالصور ولكن الدفع مقدماً، ونحن غرباء يصعب علينا أن نصدق أي شخص، وربما قبلنا أحد العروض وربما لم نقبل أي عرض. ولكني أذكر من تلك الأيام صحن الفول صباحاً حتى إني ما زلت أتذكر أن صحن الفول بما يرافقه من خضروات كالبقدونس والبصل الأخضر والفجل والنعناع والفليفلة ولطعمه الرائع قلت إن صحن الفول ذاك ألذ من الكوزي في المدينة المنورة.
وذكرتني ساحة الشهداء في بيروت بالساحات في المدينة المنورة مدينتي الحبيبة تاج المدن في العالم ودرتها تلك الساحات التي ضاعت بالهدم والتدمير المبَرّر وغير المبرر، والتي يصعب الكلام فيها الآن، ففي فمي يا عراق ماء كثير *** كيف يشكو من في فيه ماء؟ فقد كان في المدينة المنورة ساحة باب المصري وساحات المناخة وأسواق جميلة بديعة مثل شارع العينية وسويقة وغيرها من الأسواق التي اندثرت ليحل محلها غابات الإسمنت المسلح.
والساحة فيها التماثيل من يقف على أرجله ومن يركب حصاناً ومن لا يبدو منه إلاّ جمجمته أو حتى صدره وقرأت على تماثيل جامعة نوتردام أنها نحتت بإزميل فلان أو فلان. والتماثيل تريد إقناعنا بعظمة تلك الزعامات والأشخاص وقد يصدق الاحتفاء وقد لا يصدق ففي إحدى ساحات بيروت أو شوارعه تمثال ضخم استغرق كمية كبيرة من النحاس (هل هو نحاس صاف أو مخلوط أو مغشوش كما هو الحال في كثير من مشروعاتنا في العالم العربي) لرفيق الحريري لأنه كان رجلاً ضخم الجثة.
وعدت إلى بيروت عام 1970أو 1971 ولم تكن الحرب الأهلية قد وقعت وكانت مروراً إلى عمّان ولكني نزلت في فندق تُفتح نوافذه على البحر فشممت رائحة البحر الذي أعرف رائحته من جدة وشعرت بجميل نسائم البحر.
وشاء الله أن أنتقل من العمل الإداري في الخطوط السعودية عام 1406هـ(1986م) بعد حصولي على درجة الماجستير في التاريخ من جامعة الملك عبد العزيز عن بحثي حول جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. ومضيت في رحلتي العلمية في المدينة المنورة للحصول على الدكتوراه التي لم أحصل عليها حتى عام 1414هـ (1994م) بعد معاناة شديدة وآلام ومخاض (سأتحدث عنها يوماً ما إن شاء الله) واستمرت المعاناة ولكني كنت أحفر في الصخر حتى كان عام 1410هـ (2000م) فزار المدينة الأستاذ جاسم المطوع ليسجل حلقات من برنامجه (علماء مبدعون) فأخبروه أني من المبدعين، فاتصل بي وقال سوف نسجل معك حلقتين عن مسيرتك العلمية وإبداعك وعندما حضرت إلى الفندق إذ به يقول لي: سأبدأ التسجيل فإن لم يكن الحديث يستحق التسجيل فسوف نوقف التصوير. فقلت هذا والله تهديد، فإما أن تكون مقتنعاً وإما أن لا تكون. وقبلت التحدي أو هي الرغبة في أن يقال عني مبدع، فالمبدعون مساكين في عالمنا العربي ينتظرون أية التفاتة لأن إبداعهم يقتل ويموتون كمداً. وسجلت حلقتين استغرقت كل حلقة ما يزيد على الساعة. وخرجت بكيس فيه بعض العطور (عنبر وليس عوداً) ولا أدري هل بُثّ البرنامج حتى الآن أو لا، ولكني أنظر إلى الوراء فأقول إن زعموا أنني كنت مبدعاً عام 2000فأحمد الله أنني ربما ازددت إبداعاً خلال العشر سنوات الماضية. وأعطاني الأستاذ جاسم عنوانه ووعد أن يتصل بي فيما بعد للمشاركة في بعض برامجه.
وشاء الله أن تبدأ رحلاتي إلى بيروت برفقة زوجي خديجة محمد رفوح نعم الرفيق، فلم تكن رحلات سياحية وإن شاهدنا كثيراً من المعالم السياحية ولكنها رحلات علمية في المقام الأول فسبحان من أعادني إلى بيروت بعد أن كنت طالباً لا يعرف كتابة جملة واحدة سليمة إلى محاضر ومحاور ومناظر.
وفي يوم من الأيام دلفت إلى مكتبتي فوجدت رقم الأستاذ جاسم فاتصلت به وقلت له أين وعودك للمشاركة في برامجك. فقال نعم لدينا حلقتين من برنامج حوار بلا أسوار نسجلها في بيروت لتوفر الضيوف المجانيين ولو كان من خارج بيروت فلا نستضيفهم لأن ميزانية البرنامج محدودة. والحلقتان هما أمركة الإسلام، والحوار الإسلامي المسيحي بين الحقيقة والادعاء، فقلت له أما الموضوع الأول فأستطيع أن أتحدث فيه وبخاصة أن سيد قطب منذ الستينيات كتب حول الموضوع في كتابه (الإسلام والسلام العالمي) وتطورت الفكرة، أما حوار الأديان فلا علاقة لي به غير أنني مقتنع أن المشاركين من المسلمين ليسوا على قدر المهمة فيخرج ضعيفاً من جانبنا، ولذلك أرجو أن تعذرني، فقال دعني أتشاور مع فريق البرنامج فإذ به يتصل بي بعد فترة ليقول ستشارك في الحلقتين. وسألته ومن أين تكاليف الرحلة، قال نعطيك مائة دولار للفندق لمدة يومين. فوافقت على الفور، ويسر الله لي الحصول على التذاكر والإقامة في فندق بحدود المائة دولار. وسافرت ولقيت الأستاذ جاسم وسجلت الحلقتين اللتين بثتا من خلال قناة اقرأ وقناة راديو وتلفزيون العرب ART. ولما كان بعض الشباب المشارك في فريق الإعداد من أبناء طرابلس ولأبيهم مكانة علمية بارزة فزرت وخديجة طرابلس وكان في مدخلها لوحة كبيرة مكتوب عليها آخر معاقل السنة، وعلمت أن اللوحة قد غُيِّرت حديثاً. ومررنا ببعض الجبال التي فيها ثلوج ولعبنا كرات الثلج.
وكان يحضر التسجيل بعض الجمهور الذين لم يسمعوا بمازن مطبقاني ولا يدرون من أي بلاد الدنيا هو. وبعد البرنامج تم التعارف بيني وبين الأستاذ محمد العربي وبعض طالبات إحدى الجامعات الإسلامية، وطالبات كلية الدعوة. فدعيت لزيارة هذه الأماكن كما تعرفت إلى المنتدى للتعريف بالإسلام وجمعية الاتحاد الإسلامي. ولما كانت مدة الزيارة قصيرة فقد وعدتهم بالمشاركة في نشاطاتهم الثقافية إن تيسر لي العودة إلى بيروت.
وجاءت الفرصة حينما تقدمت إلى المؤتمر الإعلامي الثاني لمعهد بيروت لفنون الاتصال بالجامعة اللبنانية الأمريكية في الفترة من 20-24شعبان 1422هـ (5-9 نوفمبر 2001م) ببحث عنوانه "مواجهة الصور النمطية للعرب والمسلمين من خلال شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)".فأخبرت الإخوة في المنتدى والجمعية بقدومي إلى بيروت فرتبوا لي أن أقوم ببعض النشاط على هامش المؤتمر وكانت المحاضرتان :
· بدعوة من جمعية الاتحاد الإسلامي ببيروت دعيت لإلقاء محاضرة في مركز طبارة ببيروت بعنوان (المرأة المسلمة في كتابات المستشرقين) في 27شوال 1422هـ.(8 نوفمبر 2001م)
· بدعوة من المنتدى الإسلامي للتعريف بالإسلام وحوار الثقافات ببيروت دعيت لإلقاء محاضرة بعنوان "جولة في الاستشراق المعاصر" في 25شوال 1422هـ (10نوفمبر 2001م).
ثم أتيحت لي الفرصة لحضور المؤتمر الثاني لمؤسسة الفكر العربي الذي عقد في بيروت أيام 11-12 شوال 1424هـ (4-6ديسمبر2003م) وكان المؤتمر بعنوان استشراف مستقبل العالم العربي. وأذكر أنني كتبت تقريراً موجزاً عن ذلك المؤتمر فيما يلي نصّه:
أولاً : كان محاور المؤتمر مهمة جداً وتعبر عن تطلعات المؤسسة إلى دور فاعل في صياغة مستقبل الأمة العربية حيث تناولت الجوانب الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلاقات الأمة العربية مع الشعوب والأمم الأخرى.
ثانياً: تميز المؤتمر باختيار عدد من المتخصصين البارزين في شتى المجالات حيث قدموا أوراقاً متميزة في الموضوعات التي تناولوها.
ثالثاً: إن إشراك الشباب في تقديم آرائهم وأفكارهم وطموحاتهم وهمومهم ميزة انفرد بها المؤتمر عن كثير من المناشط الفكرية المختلفة في العالم العربي.
وبالرغم من هذه الإيجابيات وغيرها فإن العمل الإنساني لا بد أن يعتريه بعض التقصير ومن السلبيات في هذا المؤتمر ما يأتي:
1- ضخامة المحاور التي تناولها المؤتمر حيث إن كل محور من هذه المحاور يستحق أن ينفرد بمؤتمر أو أكثر فعلى سبيل المثال الحديث عن أوضاع العالم العربي الراهنة فقد تضمن تناول الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وهذه موضوعات كبيرة بالفعل.
2- اقتصار أوراق العمل أو البحوث على بحث أو بحثين وتعدد المعقبين على الورقة حيث من المعتاد في المؤتمرات العلمية الأكاديمية أن يكون المتحدثون ثلاثة أو أكثر في كل جلسة ويكون هناك معقب أو معقبان فقط أو يترك الأمر للحضور.
3- تقديم الأوراق كلها في جلسة واحدة عامة أضاع الفرصة على الباحثين المتخصصين فلو كانت هناك عدة قاعات في وقت واحد وتوزعت الأوراق على أكثر من جلسة لكانت الإفادة أكبر وكانت الفرصة للنقاش أوسع.
4- لم يتوفر للحضور المشاركة في النقاش حيث كان يتقدم لطلب التعقيب عشرون شخصاً ولا يسمح لأكثر من خمسة أو ستة في الجلسة الواحدة.
5- حبذا لو تم اختيار الشباب المشاركين من طلبة الدراسات العليا أو من الذين حققوا قدراً من الإنجاز الفكري فليس المهم فقط مشاركة الشباب ولكن نحن بحاجة إلى نوع معين من الشباب نتطلع إلى مشاركته في حمل الهم الفكري للأمة العربية.
6- حبذا لو كان اختيار المتحدثين والمعقبين من الأشخاص الأكثر تخصصاً والأبعد عن المناصب السياسية والذين يمكن أن توجه إليهم أصابع الاتهام بأنهم ممن ساهم في صنع الواقع العربي المتخلف أو المزري بل معظم هؤلاء من أسباب التخلف والأزمات في عالم العربي وبعضهم ممن يمكن أن يقال عنهم إنهم انتهت صلاحيتهم فكيف يؤتى بالرميم، فالله وحده يحيي العظام وهي رميم لا المؤتمرات.



 
ندوة الدين والإعلام والشرق الأوسط في بيروت.

ندوة الدين والإعلام والشرق الأوسط في بيروت.

[align=justify]

لقد أصبحت عضواً دائماً في نادي الجامعة اللبنانية الأمريكية وبخاصة معهد بيروت لفنون الاتصال فلا أتأخر عن الحضور وأجدني منسجماً في كتابة البحث وتقديمه حتى إن بعض المشاركين يحضرون مثلي في كل عام، وكان مؤتمر هذا العام في الفترة من2-5 أكتوبر 2005م،28 شعبان - 2 رمضان 1426هـ ونظراً لما للموضوع من حساسية في حديثه عن عدد من الشخصيات الإسلامية ومواقعها في الإنترنت وموقع إسلام أون لاين المشهور (قبل أن يُحارب ويلغى تقريباً) وكذلك ظاهرة المذيعات المحجبات وغيرها من القضايا مما جعل موظفتين من وزارة الخارجية الأمريكية تطلبان الحضور كما حضر اثنان يعملان مترجمين في السفارة الأمريكية في عمّان. وإليكم وقائع الجلسة الأولى:
[/align]​
تحدث مدير المعهد الدكتور رامز معلوف في بداية الجلسة مرحباً بالمشاركين في المؤتمر الذين جاؤوا من عدة دول مؤكداً أهمية دراسة مكانة الدين في الإعلام، وهل الإعلام يقدم صــورة جيدة للدين وغـير ذلك مـن الأسئلة، ثم أشار إلى دراسة حديثة نشـــرت فـي مجلة الدين والمجتمع Journal of Religion and Society حـول دور الدين في استقرار المجتمعات، وإن جــاءت الدراسة سلبية مشيرة إلى أنه كلما زاد التدين زادت المشكلات الاجتماعية. كما أشارت الدراسات واستطلاعات الرأي إلى تراجع التدين في صالح العلمنة في المجتمعات الديمقراطية في الدول المتقدمة(1).
وكان المتحدثون في الجلسة الافتتاحية التي أدارها غسّان بن جدّو المذيع بقناة الجزيرة ومدير مكتبها في بيروت هم: المطران جريجوري حدّاد، وعبد الله قصير رئيس مجلس إدارة قناة المنار، والدكتور مجدي قانصو من الجامعة اللبنانية الأمريكية. ولم يمثل الإسلام السنيّ أحد وعندما أخبرت جمعية الاتحاد الإسلامي عن المؤتمر أخبروني بعدم علمهم به، فتعجبت أن أحضر من الرياض وهم لا يدرون ما يدور قريباً منهم. ولكن حدث تطور كبير في هذه الزيارة أي بعد ست سنوات أنهم يفكرون بجد في تهيئة شباب لحضور المؤتمرات والمشاركة بفعالية ووعدتهم بتقديم أفكار لدورات لمثل هذا الإعداد.
تحدث المطران عن مكانة الدين وأشار إلى أنه ليس رجل دين وإنما هو رجل إيمان، فالدين هو ممارسة الإيمان في الحياة العادية وفي الحياة الشخصية وفي الحياة الاجتماعية. وهناك اتفاق بين النصرانية والإسلام؛ فالإسلام يقول في القرآن الكريم: {وَإلَهُنَا وَإلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46]، وقال تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6]. والإسلام إسلامات كما المسيحية أطياف مختلفة، ويرى المطران أن الدين مطلق بينما الإعلام نسبي إذ يتحدث عن المتطور والمتغير، وصعب أن يتلاقى النسبي مع المطلق. وقد ذكر عدداً من عيوب الإعلام، منها أنه يسمح لأشخاص بالحديث عن أديان غيرهم، والأصل أن يترك الأمر لكل صاحب دين أن يتحدث عن دينه. وأضاف المطران أن على الذين يتحدثون عن الدين أن يتأهلوا لذلك، وقال: إن الرئيس بوش ليس مسيحياً؛ لأنه يخلط المسيحية بالصهيونية.
وتحدث الدكتور مجدي قانصو عن ضرورة الدين للمجتمع، ولكن الحضور الديني في نظره في الإعلام يتخذ صيغة خلفها أجندة سياسية أو برامج سياسية لتبرير الواقع القائم، فهم يدافعون عن هذا الواقع أو الأجندة السياسية أو الحزبية أو التنظيمات السياسية.كما يُقدّم الدين في الإعلام بوصفه منظومة متكاملة مليئة بالإجابات ولكن حلقة السؤال مفقودة أو ملغاة، ومن هنا جاءت الحركة التبشيرية التي تقدم الدين للآخر ولا تحاوره. والدين أيضاً عنصر مهم في الهوية، ولـمّا كانت الهوية الإسلامية تتعرض في الإعلام الغربي لضغوطات كثيرة فكان لا بد من وجود ممانعة، ولكن هذه الممانعة أدت إلى تكوين حصانة تعزل نفسها عن الآخر.
وكان المتحدث الثالث عبد الله قصير رئيس مجلس إدارة قناة المنار الذي بدأ بالحديث عن فهمه للدين بأنه جاء لإسعاد الإنسان في هذه الدنيا وفي الآخرة، وأكد أن الإعلام عموماً يقدم صورة مشوهة للدين، وقد طغى على الإعلام في العصر الحاضر التسلية والترفيه. وأضاف أنه ثمة تجارب دينية أساءت للدين مثل تجربة طالبان في أفغانستان، وتجربة الرئيس الأمريكي بوش الذي جعل الدين ملهماً له في شن ما يسمى بالحروب «الاستباقية» وارتكب الكثير من الجرائم باسم الدين.
وتحدث عن قناة المنار بأنها قناة عامة وليست قناة دينية، وإنما هي ذات توجه ديني. وأضاف أنه ليس هناك إعلام ديني ناجح وإنما هناك تجارب، قال: إن المنار ليست خاصة بــــ «حزب الله» وليس لديها عقدة مع الآخر، فرجل الدين المسيحي والآخر المختلف موجود (لم يذكر أنه السنّي)، وقال: قلّ أن تجد مثل هذا الانفتاح في قناة أخرى. وأكد قصير أن وسائل الإعلام ينبغي أن تكون وسائل معرفة تقدم الدين بشكل جذاب، ولكنها تركز في التسلية والترفيه، كما أنها تخاطب اللاوعي أكثر من مخاطبتها الوعي.
وبعد ذلك كانت هناك مداخلات عدة، منها ما ذكره المطران جريجوري من أنه لا يوافق على تسمية «حزب الله»، وسأل الجمهور: هل منكم أحد من حزب الشيطان؟! كلّنا حزب الله.ودار حوار حول جدوى الحوار بين الأديان وهل يكون من خلال وسائل الإعلام أو في اجتماعات مغلقة بين أتباع الديانات المختلفة، فأجاب المطران بأنه يفضل أن يكون الحوار مغلقاً؛ لأن وسائل الإعلام لا تسمح بالحديث بحرية، فهناك قيود عدّة في أثناء الحوار، وأضاف أن الدين يتكون من عقائد وشرائع ومعاملات، أما الحوار العقائدي فلم يبدأ بعد وربما لن يبدأ مطلقاً ذلك أن المسلمين يؤمنون بإله واحد {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 1 - 4]، بينما النصارى يؤمنون بإله له ثلاثة أقانيم. ولذلك يدعو المطران إلى أن يكون الحوار اجتماعياً، وذكر أن العلمانية ليست ضد المسيحية أو الإسلام.
أما الدكتور مجدي قانصو فدعا إلى أن يقوم الإعلام بتوليد خطاب وصورة مستقلة للدين، وألاَّ يكون تكريساً للإسلام الرسمي، ولا بد من توليد خطاب مستقل عن الأحداث بعيد عن المزاج الشعبي الذي يخاف من ضياع الهوية، وأن يتواصل الخطاب مع الآخرين دون إدانة أو إلغاء.
وتساءل مدير الحوار غسّان بن جدو عن حقيقة الانفتاح على الآخر في القنوات الفضائية ووجَّه نقده لقناة المنار بأن النسبة التي يظهر فيها الإسلام السنّي أو المسيحية إنما هي نسبة محدودة المقصود بها رفع العتب أو ذر للرماد في العيون كما يقولون.
وقدمت بحثاً بعنوان: «محاربة الإسلام تحت مظلة محاربة الإرهاب»، وقد تناولت الورقة الربط بين محاربة الإرهاب في الحملة التي يقودها الرئيس الأمريكي جورج بوش ومحاربة الإسلام، وأن الذين يزعمون محاربة «الإرهاب» يمكن تصنيفهم إلى أربعة أصناف:
أ- صنف صادق في محاربته للإرهاب الذي يستهدف المدنيين وليس دفاعاً عن أرض أو عرض أو شرف أو عقيدة.
ب- كتَّاب عرب ومسلمين ركبوا الموجة واستغلوها لتحقيق مكاسب شخصية.
ج- صنف كان متطرفاً إلى درجة العنف والتكفير ثم سجن وخرج ليشارك في الحملة على ما يسمى «الإرهاب» فيطعن الدين من خلال هذه المعركة.
د- الإعلام الغربي عموماً.
وتناولت الورقة الأسباب التي أدت إلى محاربة الإسلام تحت مظلة محاربة الإرهاب فأعادت جذورها إلى عهد الاحتلال الأجنبي وقيام الحركات الإسلامية بمحاربة الاحتلال فوصمها الإعلام الغربي بالحركات الأصولية المتطرفة، ولمّا سقطت الشيوعية وبدأ الغرب، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، البحث عن عدو جديد اختارت الإسلام، وكان لذلك عدة مراحل: أولها ما كتبه صموئيل هتنجتون من نظرية صدام الحضارات، ثم ما كتبه فوكوياما عن نهاية التاريخ، ثم انطلاق برنارد لويس ودانيال بايبس وجوديث ميللر لتضخيم العدو الإسلامي.
أما محاربة الإسلام تحت مظلة محاربة التطرف والإرهاب فقد أخذت الأشكال الآتية:
1- حرب النعوت والألقاب كما سمّاها سعيد بن سلمان، فأطلق هــــؤلاء على كل من دعا إلى الإسلام أو ما يسمى الحركة الإسلامية «الإسلاموية» أو «التقليديين»، ووصفوا بالجمود والآحادية وغير ذلك من أوصاف.
2- الرفع من شأن الحضارة الغربية وأنها الحضارة الوحيدة التي أفادت العالم.
3- الطعن في التاريخ الإسلامي وأنه تاريخ دموي وأن الفتوحات الإسلامية كانت حركات استعمارية.
4- الطعن في شرائع الإسلام وعقائده.
وما أن عدت من بيروت حتى أخبرت طلابي في مرحلة الدكتوراه عن الموضوع فأعجبت الفكرة أحد طلابي حين ذاك وزميلي الآن الدكتور فهد السنيدي مقدم برنامج ساعة حوار فقال هل يمكن أن تكون ضيفاً للحديث عن الموضوع. وفي المحطة (قناة المجد) قال دكتور: اسمح لي أنا هنا مقدم وأنت ضيف وليس طالب وأستاذ، فقد لا أكون لطيفاً دائماً، قلت له افعل ما بدا لك فسأجيبك بما أعرف. وما أن خرجت من الأستوديو حتى اتصل بي الشيخ عبد القادر شيبة الحمد يثني على الموضوع ويقول لقد قلت ما لم يقله المشايخ، وطلب مني زيارته وأهداني معظم مؤلفاته.
 
بيروت والكسلك وجونية والجبل والنصارى

بيروت والكسلك وجونية والجبل والنصارى

عدت من كراكوف يوم الثاني والعشرين من مايو 2011 وجاء مؤتمر بعد ثمانية أيام فقط وكنت أنوى التهرب منه لولا أن جاءني التأكيد مرة أخرى من المنظمين للمؤتمر ويسألون عن موعد وصولي فتيسر لي شراء التذكرة بأقل من ألفي ريال فعزمت على السفر يوم 1يونيو فوصلت بيروت على السادسة والنصف قبيل الغروب فوجدت من ينقلني إلى الفندق ذي الاسم الغريب بورتميليوPortmillio فهل هو اسم إيطالي وهل له علاقة بالميناء؟ المهم لقد انتقلت من وسط بيروت إلى جونية والكسلك ونظراً لأننا في بداية شهر يونيو فإن السياحة لم تبدأ بعد فقد كانت المقاهي والكازينوهات خاوية على عروشها والشاطئ مظلم، وهو في الصيف ينقلب ليله نهاراً ونهاره ليلاً..[align=justify][/align]
خرجت من الفندق فكان أمامي صعود الجبل وما فيه من معاناة مع نقص الأكسجين إلى الشارع العام أو النزول إلى البحر ، وكان الوقت قد أصبح ليلاً فسرت باتجاه البحر ولكن وجدت الدنيا خاوية عدا مطعم أو مطعمين فيهما بقايا زبائن يتعشون أو يدخنون الأرجيلة. فعدت إلى الغرفة وقررت أن أرى التلفزيون فوجدت أن هناك العديد من القنوات اللبنانية وبعضها تقدم باللهجة أو اللغة العامية كما لاحظت أن أزياء بعض المذيعات في المحطات اللبنانية غير محتشمة أو حتى قليلة الأدب ولا تليق وبخاصة في بعض البرامج التي تعد جادة مثل نشرات الأخبار، ولا أدري هل أخذوا هذا عن الفرنسيين، ولكن قيل منذ زمن أن الموضة تظهر في باريس فيبالغ اللبنانيون في التقليد. كما لاحظت وفرة المحطات النصرانية بما فيها من طقوس عجيبة وأزياء أعجب فهل جاء المسيح عليه السلام بهذه التقليعات العجيبة فما من نبي أبداً يدعو إلى البذخ والبهارج وبخاصة أن النصرانية من المعروف أنها دين الرهبنة والتقشف ولكن عندما ترى رجال الدين النصارى بأوزانهم فوق المتوسط والوجوه المتوردة والأزياء المكلفة والكنائس الباهظة التكاليف. أما الطقوس والأزياء فبحاجة إلى دراسة عميقة ومدى صلتها بعيسى عليه السلام.
ومن خلال الأخبار عرفت أن في لبنان عدة رؤساء وهم كالآتي:
- رئيس الجمهورية
- رئيس الوزراء
- رئيس مجلس النواب ،
- ورؤساء الوزراء السابقين وأحياناً رئيس وزراء تصريف الأعمال ورئيس الوزراء المكلف.
فكيف تسير بلاد بكل هؤلاء الرؤساء، ويمكننا أن نضيف رئيساً آخر وهو رئيس "حزب الله" وهو أخطرهم لأنه يملك مليشيات ودعماً من نظامين أحدهما يترنح ويكاد يسقط والثاني لديه من المشكلات الداخلية ما لديه ولكن يخطط استراتيجياً للهيمنة على المنطقة بأسرها. وقد كان من المناظر التي رأيتها في التلفاز هذا المدعو حسن نصر الله وهو على قول الشيخ كشك رحمه الله (لا حَسَن ولا نصر الله) رأيته يرغي ويزبد في دعم النظام السوري والتهديدات الخارجية ويظن أننا نجهل علاقتهما بالقوى التي يزعم أنها تهدد النظام، النظام الذي يفتخر بأن يحفظ أمن إسرائيل ويطلب العالم كله بمساعدته ضد الإرهابيين وهو يقتل شعبه ويبيده بآلة عسكرية كان ينبغي أن تكون موجهة ضد من احتل أراضي سوريا ولكنه موجه الآن إلى الصدور العارية وقتل النساء والأطفال والشيوخ والشباب والرجال. وقديما قال العرب في المثل: "إن البغاث بأرضنا يستنسر" ويقول قوقل في تفسيره ما يأتي:" يُضربُ مثلاً للَّئيم يرتفع أَمره؛ وقيل: معناه أَي من جاوَرَنا عَزَّ بِنا. قال الأَزهري: سمعناه بكسر الباء، قال: ويقال بَغاث، بفتح الباء؛ قال: والبَغاثُ الطير الذي يُصاد ويَسْتَنْسِرُ أَي يصير كالنَّسْر الذي يَصيدُ ولا يُصاد."
وفي صبيحة يوم المؤتمر خرجت أتمشى على البحر ثم رجعت إلى الغرفة لأتناول فنجاناً من القهوة وأنتظر الإشارة إلى أن حافلة الجامعة قد وصلت ونزلت على الثامنة وخمس وعشرين دقيقة، فأخبروني أن الحافلة قد انطلقت فتعجبت أنهم لم يخبروني، فركبت سيارة أجرة ومعي حقيقة مليئة بالمواد الدعائية والمطبوعات ووجدت طاولة مخصصة لي فكان مما عرضته:
· مطبوعات من مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية منها تعريف بالمركز وببرنامج الباحث الزائر ونشرة المركز وأخبار المركز.
· مطويات من كرسي الأمير سلطان للدراسات الإسلامية المعاصرة ورسالتي دكتوراه إحداهما حول حوار الحضارات والثانية عن حقوق الإنسان في التوراة والإنجيل والقرآن الكريم.
· كتابين من دار غيناء (خطاب إلى الغرب) و(الإصلاح المجتمعي في السعودية)
· منشوراتي من الرحلات ومنها كتاب (رحلاتي إلى مشرق الشمس) و(رحلاتي إلى بلاد الإنجليز ) و مسودات كتبي (رحلاتي إلى أوروبا) و(رحلاتي إلى أمريكا) و(رحلاتي إلى المغرب العربي: المغرب والجزائر وتونس) ومشروع إنشاء الدراسات الإقليمية في الجامعات السعودية.
ودخل الناس القاعة ينتظرون الرئيس ميشال سليمان فلم يأت ولكن جاء ممثل له وممثل لرئيس الوزراء (حكومة تصريف الأعمال)، وممثل رئيس الحكومة المكلف وممثل رئيس مجلس النواب. وأتساءل لماذا كل هذه العجقة كما يقول اللبنانيون أي الزحمة، ولكن يحتاج الإنسان إلى فهم عميق لتفاصيل السياسة اللبنانية، فهم يخافون بعضهم من بعض أو يحرصون على التوازنات. وفي الجلسة الافتتاحية كان هناك رجال دين نصارى كثيرون، وممثل الدروز وممثل للشيعة ولكن لم أر ممثلاً لدار الإفتاء السنّية.
وبدأت الكلمات الافتتاحية ولن أقدمها بالترتيب الذي حدثت فيه وإنما سأقدم لقطات من هذه الجلسة.
· تحدث ممثل مؤسسة آنا لند السويدية وقال عن الأوروبيين أنهم جاؤوا في الماضي بروح الاستعلاء وأنهم أفضل وأنهم يستطيعون أن يملوا على العرب والمسلمين ما يريدون وأنهم المثال الذي يجب أن يحتذى. وهذا مؤلم ومزعج فنحن في أوروبا لدينا مشكلات والغرب ليس في الحقيقة النموذج فهناك نماذج كثيرة ولدينا مشكلات لم نحلها.
· أشار المتحدث إلى مؤسسة آنا لند Anna Lindh ودورها في المشاركة في هذا المؤتمر وأن برنامجه برنامج رائع، وأشاد بالنشاطات التي تقوم بها المؤسسة.
· ما يحدث في العالم العربي يعد تجربة تاريخية وتغيرات كبيرة حيث تنادي هذه الثورات بالمشاركة السياسية والحرية والكرامة، وهذه الأوضاع الجديدة ستمثل تحديات للحوار ما بين الثقافات.
· تحدث مدير الجامعة وقال كنت مقتنعاً ببرنامج مؤسسة أديان ولكني كنت متخوفاً من النتائج وتأكد له بعد مدة نجاح مؤسسة أديان ونشاطاتها في الحوار بين الأديان والتبادل الثقافي.
· محاضرة الدكتور الأب فادي ضو عن الأوضاع السياسية أو الثورات العربية فتناول الإعلام المصري وكيف كان يكذب في أثناء الثورة وقبلها، وأورد بعض العبارات التي كانت تؤكد إصرار الشعب المصري على خروج مبارك مثل : مش ح امشي من الميدان حتى لو طلقت سوزان. وذكر ضو أن الإعلام المصري أورد تصريحاً لحسني مبارك (سأبقى لأعالج الأزمة، والصحيح أنه هو نفسه الأزمة. وقيل إن هذا الخطاب يعد أغبى خطاب
· تحدث آخرون عن البرامج التي تحاول التقريب بين أتباع الأديان وذلك من خلال برامج دراسية ودورات ولقاءات ويقول أحدهم إن الأدبيات ليست كافية لا بد من التعايش ومشاهدة الدين الآخر عملياً.



 
بارك الله فيكم على هذا النقل والعرض النافع المفيد..والله نسأل أن يصلح حال المسلمين في كل مكان..
نفع الله بكم وبارك بالجهود..
تحياتي لكم..
 
شكر الله لكم أستاذي الفاضل على ما أوردت وحز في نفسي أن تُرى بلادي بهذه الطريقة مع أني لا أنكر الواقع الحزين لكن اسمح لي ببعض الملاحظات من بنت البلد نفسه
أولاً لو علمت بمقدمك لكنا في استقبالك على المطار زوجي وأنا واستضفناك في بيتنا المتواضع
ثانياً ساءني أن يكون الفندق الذي نزلت فيه في منطقة الكسليك المارونية المسيحية بامتياز حيث الملاهي الليلية والخمارات وكل ما خالف الشرع والأعراف ولو سألت قبل ذهابك لأرشدتك إلى أحد فنادق بيروت الهادئة بجوار مساجد بيروت القديمة أو الحديثة في عقر دار السُنة المساكين لكن قدر الله وما شاء فعل
ثالثاً: موضوع الرؤوساء عندنا موضوع شائك وذلك لأن في لبنان أكثر من 14 طائفة بين مسيحيين ومسلمين وأقليات ونظامنا الدستوري الذي يسعى (حزب الشيطان وإبليسه المدعو حسن نصر اللات) نظام يضمن تمثيل جميع هذه الطوائف ويقضي بأن يكون رئيس الجمهورية ماروني مسيحي ورئيس مجلس النواب شيعي ورئيس مجلس الوزراء سني ثم المجلس النيابي الذي يتم انتخابه من قبل الشبع مرة كل أربع سنوات يحوي 128 وزيراً موزعين بالتساوي بين مسيحيين ومسلمين. أما رئيس حكومة تصريف الأعمال فهو نفسه رئيس الحكومة لكن يطلق عليه هذا الاسم في المرحلة الانتقالية بين استقالة أو إقالة الحكومة القديمة وتشكيل حكومة جديدة فلا تسن قوانين في هذه الفترة ولا مشاريع تحتاج لموافقة مجلس الوزراء عليها وإنما كل وزير يصرف أعمال وزارته بما يقضي به الدستور. ورئيس الوزراء المكلف هو الذي يجمع عليه أكبر عدد من نواب المجلس النيابي بعد استشارات ملزمة مع رئيس الجمهورية حيث تختار كل كتلة نيابية مرشحها للمنصب وبعد الاستشارات يكلف رئيس الجمهورية الشخص الذي أخذ غالبية الأصوات في الاستشارات ثم تبدأ عملية المفاوضات كل حزي أو كتلة نيابية تحاول أخذ أكبر حصة في الوزارة الجديدة وتحدد أسماء وتختار وزارات كما يحصل الآن منذ أربعة أشهر لم تشكل حكومة جديدة لأن حزب اللات وأعوانه يحاولون تدمير نظام البلد برمته بعدما أسقطوا الحكومة السابقة باستقالة وزرائهم منها وما زالوا يعرقلون بانتظار أن تتضح الأمور في سوريا وإيران محركا سفينة التدمير الشيعي في لبنان والله المستعان!
أما نصر اللات الذي فضحه الله تعالى في الدنيا بعدما خُدع به كثيرون من أهل السنة في لبنان وغيره فبات لا يملك إلا وصاريخه ومخبأه تحت الأرض وكلمات يبيعها لمناصريه لمتعد تنطلي على أحد وما زال الولد المطيع لأسياده الفرس وعملائهم في النظام السوري فأنصحك بألا تؤذي أذنيك بسماعه ولا عينيك برؤيته تسلم وتغنم بإذن الله
وما ذكرته من حال المذيعين والمذيعات على القنوات الفضائية بل والنساء والفتيات في الشوارع فهذا مما يدمي القلب ويفيض الدمع ولا نملك إلا الدعاء بالهداية وأن يسترنا الله تعالى فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض وهذه الحال نشكو منها في الداخل قبل الخارج وللأسف البعض من السائحين في بلادنا لا يأتون إلا لرؤية مثل هؤلاء هنا وهناك. والمشكلة في مجتمعنا اختلاط النصارى بالمسلمين فأصبحنا لا نميزهم إلا من خلال إسم العائلة والله المستعان!
وأزيدك أن قنواتنا الفضائية مملوكة من قبل زعماء البلاد فمحطات للمعارضة تشتم وتلعن طول النهار وتلفق الأخبار وتتهم نصف اللبنانيين بالعمالة ونصف للموالاة ترد مزاعم الأولين الأفاكين ولا حول ولا قوة إلا بالله وحتى يخرج المواطن من الضغط السياسي الذي يتجرعه ليل نهار من المسؤولين لا بد أن يرفهوا عن المشاهد ببرامج سخيفة ورقص وغناء وتمايل هنا وهناك فيُشلّ عقل هذا المشاهد المثقل بالهموم فتصبح هذه المناظر روتينية بالنسبة له ولا شيء يخدش حياء عينيه ولا قلبه ولا ضميره وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولكن اسمح لي أن أذكرك أن في لبنان مناطق في غاية الهدوء والسكينة وأهلها مسلمون مؤمنون يجتمعون في حلق الذكر في البيوت وفي المساجد وتعقد الندوات العلمية ويستضاف العلماء ولدينا من الشباب الملتزم الكثير بحيث تضيق بهم المساجد في الصلوات ولدينا من المحجبات والمنقبات الكثير بفضل الله تعالى لكن في مناطقهم المحافظة فأدعوك لزيارة بيروت ثانية لأريك هذه المعالم حتى لا تبقى في الذاكرة صورة سيئة الذكر عن بلدي الذي كانت نساؤه من عهد قريب لا تخرجن إلا منتقبات وعاصرتهن في بداية عمري.
أعتذر عن الإطالة ولكني أحببت أن أشرح ما بدا غريباً في مشاركتك أسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً وأن يُظهر هذا الدين وأن يجمع شتات قلوبنا ويوحد كلمة المسلمين في كل مكان.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
 
لقد منّ الله عليّ بيوم كامل سأحدثك عنه إن شاء الله مع جمعية الاتحاد الإسلامي التي يرأسها الشيخ حسن قاطرجي ولها علاقات وطيدة مع علماء الأمة، ولهم مجلة اسمها منبر الداعيات، كما أن لديهم المنتدى للتعريف بالإسلام خلف الجامعة الأمريكية ولهم نشاطات داخل الجامعة. وقد قلت لرئيس المنتدى كنت مسافراً فلما قابلته شعرت أنني عدت إلى أهلي، أعرف أن في لبنان خير كثير ولكن هذه فقرة من الزيارة ولا أستطيع أن أكتب كل التفاصيل دفعة واحدة فيثقل على قراء المنتديات يا أخي العزيز.
 
وأنا بانتظار مواقف ذلك اليوم حتى يهدأ البال قليلاً أن في بلدي شيء من الخير بإذن الله تعالى علّ الصورة تتبدل بتبدل الأحوال إن شاء الله إن نحن صدقنا النية والعزم على المضي في درب الحق والخير في الدنيا والآخرة.
 
طرائف من بيروت ومن المؤتمر

طرائف من بيروت ومن المؤتمر

قرأت ذات مرة أن الشعوب تسعى إلى معرفة بعضها بعضاً من خلال وسائل كثيرة وقد قيل إن اليابانيين أو الصينيين يترجمون الإعلانات ويترجمون القصص الكرتونية الموجودة في الصحف وهو فن لم ندخله حتى الآن فالقصص الكرتونية ليست للتسلية فحسب ولكنها تحمل رسائل واضحة ومبطنة. ومن هذا الباب فإني ألتفت إلى الإعلانات وإلى اللوحات على المتاجر فكيف تقرؤون هذه اللوحة في مدينة من مدن الجزيرة العربية (مجزرة التاريخ) والتاريخ إنما هو دوار في جدة وتقع هذه المجزرة قريباً من الدوار. فما أطرف الاسم!
أما في بيروت فهناك إعلان في الشارع في لوحة ضخمة لمصنع للباطون (قيل إنها كلمة مأخوذة من الإنجليزية أو الفرنسية)وفي اللوحة يقول نحن بلطنا البحر، ومن اللوحات (صيدلية يسوع الملك)
أخذت الخريطة لأنظر في أسماء الأماكن فوجدت عدة أماكن تبدأ بكلمة رأس وأخرى تبدأ بعين، فمن الأولى: رأس النبع، رأس بيروت وأما عين :عين التين ويقولون عين التينة، وعين المريسة، وعين الرمانة ، وهناك مار إلياس، ومار تقلا ومار ميخائيل. وربما تتكرر عبارة باب كذا وباب كذا، فالمدينة المنورة حينما كان لها أسوار فقد كنا نعرف باب قباء وباب الشامي، وباب العنبرية وباب العوالي وغيرها.
نصّابون محترفون
أدرت التلفاز فإذ امرأة تتحدث في قناة الجديد عن عملية نصب كبرى تعرضت لها هي وعدد من المواطنين، وهي أنهم اتفقوا مع شركة من الشركات أن يبنوا لهم بيوتاً على أرض معينة في مكان من بيروت، ومر وقت طويل دون أن يروا أي تطور في الأرض الموعودة، وكلما سألوا الشركة قيل لهم إنهم واجهوا مشكلة في الأرض حيث وجدت شركة أخرى أو مالك آخر يدعي ملكية الأرض. وهنا استضافت القناة أحد المحامين ليتحدث عن هذه الشركة التي يتخذ صاحبها مكتباً له في أحد مباني سوليدير وهي الأغلى في بيروت وربما في مناطق كثيرة من العالم. ويعمل لديه عدد كبير من الموظفين عدد منهم من حملة الدكتوراه حتى إن هذا المحامي يقول ويعمل دكاترة عنده. ويضيف المحامي أن مكاتب الشركة فاتورة هاتفها وكهربائنا عالية، كما أن صاحب الشركة يعيش في قصر مستأجر (لزوم النصب).
وتعجبت هنا أن النصب موجود في كل مكان فقبل مدة كانت المملكة تتابع أحد الأثرياء الذي جمع أموالاً طائلة من الناس وهرب من البلاد ولعل البعض يذكر قصة الأجهوري ولكن لا بد أن هناك قصصاً كثيرة عن نصابين آخرين.
وما دمنا في الحديث عن النصب فأود أن أذكر أنني حين عرفت عن الفندق الذي اقترح المنظمون للمؤتمر النزول فيه مع سعر خاص للمشاركين قررت أن أحجز فكتبت إليهم وأخبرتهم أني لا أملك الآن بطاقة ائتمانية فأخبروني أن السعر مائة وخمسة وعشرين دولار ولكن بعد أن وصلت بيومين طلبت مني إحدى العاملات في الجامعة أن أسدد 125 يورو فأخبرتها أنني اتصلت بالفندق فعرفت السعر وأن موسم السياحة لم يبدأ بعد. فأصرت أنني وقعت على الاستمارة التي أرسلتها الوكالة والسعر الموجود في الاستمارة هو باليورو فقلت لها حتى لو كان فقد أكون كريماً ولكن لست مغفلاً. فتعجبت من هذا الأسلوب في الابتزاز من الوكالة وتواطؤ الجامعة مع الوكالة. واضطررت في النهاية أن أدفع 143 دولاراً ، والسؤال هنا هل الاستغلال والنصب والاحتلال جزء من صناعة السياحة؟ وقد حدث معي قبل سنوات أن أعطيت البائع مبلغاً فأعاد لي الباقي ناقصاً خمسين دولاراً وعددت المبلغ فوجدت النقص فاعتذر وهو يقول في نفسه ستقع مرة أخرى أو سأوقع زبوناً غيرك. وقد أوحى ذلك لي لتحريف بيت الشعر والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم لأقول (والنصب من شيم النفوس) والبيت الآخر(والنصب في الأرض بعض من طبائعنا لو لم نجده عليها لاخترعناه) والحل هو أن يتربى البشر على العدل حتى إن أشمل آية في القرآن الكريم هي التي يقول الله عز وجل فيها (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)(سورة النحل آية 90) والعدل والإحسان أمر أساسي في الأمة المسلمة، والحل ولا حل غيره أن توجد حكومات نزيهة عفيفة قوية، أليس ما قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه لعمر عندما تعجب إحضار الجنود المسلمين لكنوز كسرى وإيصالها بأمانة. (عففت فعفت الرعية ولو رتعت لرتعوا) فهل يعني أن حكامنا في العالم العربي راتعون راتعون.
ومن طرائف الرحلة أن الإعلام اللبناني وغير اللبناني أعلن أن لبنان لن تستورد الخضروات من أوروبا الموبوءة، فتعجبت عندما مررت بالسوق ورأيت الخضار اللبنانية المشرقة الجميلة الغضة الطرية اللذيذة فهل تستورد لبنان الخضروات أو إن القصة أن لبنان أراد أن يصرف الأنظار عن قضايا أخرى أكثر أهمية، عن تأخر رئيس الوزراء المكلف في إنهاء مهمته، أو لإلهاء الشعب عن التفكير في قضايا أكثر أهمية. والعجيب أن الخبر نفسه ظل يكرر في كل نشرة.
الاكتئاب في رؤية الصور الكالحة
في الطريق إلى المطار كنت مع الأستاذ أحمد زعيتر مدير المنتدى للتعريف بالإسلام فمررنا بغبيرة أو الغبيرية وهي من مناطق الشيعة أو ما يسمى حزب الله، فقرأت أن الشارع اسمه شارع الخميني وعليه صورة ضخمة لذلك الزعيم الشيعي، ثم توالت صور هؤلاء بطريقة منفرة. ولم يكن غبيرية هي الوحيدة التابعة لهم ولكن برج البراجنة كذلك. وعلمت أن بلدية طهران دخلت في توأمة مع تلك البلدية وهو أمر عجيب بدلاً من أن تكون طهران توأماً لبيروت كلها إذ بهم يقبلون التوأمة مع جزء صغير من بيروت، وقد تبرعت بلدية طهران ببناء بعض الجسور في تلك المنطقة وعرفت أن شيئاً حدث لتلك الجسور ولم أستوعب وهو أن إسرائيل لم تضربها في حين ضربت جسوراً أخرى.
وإني أنتظر أن تتغير المعادلات السياسية في المنطقة لينحسر نفوذ هؤلاء أو يتواروا عن الساحة كلياً بإذن الله. وقد علمت كذلك أن هذا الحزب يسعى لبناء إمبراطورية تعليمية وهو أمر من أخطر الأمور.
عميد في كلية كاثوليكية والنساء
عندما بدأ القس أو الأب جمال خضر يتحدث عن جامعته وعدد الطلاب المسلمين والطلاب النصارى من كاثوليك وغيرهم ونسبة البنات للأولاد وأن نسبة البنات أكثر ثم قال وأنا أحب جامعتي ليس لنسبة البنات فيها. طيب ما دام القساوسة لا يتزوجون فلماذا يثير موضوع البنات؟ كما أتساءل إلى متى تصر الكنيسة الكاثوليكية على منع القساوسة من الزواج وهي ترى الفضائح التي لا أول لها ولا آخر التي اتهم بها رجال الكنيسة من تحرش بالأطفال والبنات. والغريب أنه لا توجد أخبار عن فساد الراهبات، فهل هنّ بمنأى عن الغريزة والفاحشة؟ ما أعظم الإسلام الذي عرف أن للإنسان غرائز لا بد له أن يلبيها فوضع لها التنظيم الجميل الذي يكفل للمجتمع مناخاً من الطهر والصفاء والنقاء.
 
يوم مبارك وأناس مباركون في بيروت

يوم مبارك وأناس مباركون في بيروت

[align=justify]

كتبت إحدى القارئات الكرام في منتدى أهل التفسير مبدية انزعاجها من حديثي عن جوانب من لبنان وبيروت على الخصوص، وتمنت لو أخبرتها قبل سفري لأرشدنتني إلى الأماكن الطيبة في بيروت وإلى المناطق التي تكثر فيها المساجد والمصلون والأماكن الصالحة.و كان مما كتبته الأستاذة سمر الأرناؤوط: "أولاً لو علمت بمقدمك لكنا في استقبالك على المطار زوجي وأنا واستضفناك في بيتنا المتواضع، ثانياً ساءني أن يكون الفندق الذي نزلت فيه في منطقة الكسليك المارونية المسيحية بامتياز حيث الملاهي الليلية والخمارات وكل ما خالف الشرع والأعراف ولوسألت قبل ذهابك لأرشدتك إلى أحد فنادق بيروت الهادئة بجوار مساجد بيروت القديمة أوالحديثة في عقر دار السُنة المساكين لكن قدر الله وما شاء فعل" وأضافت في موضع آخر قولها: "ولكن اسمح لي أن أذكرك أن في لبنان مناطق في غاية الهدوء والسكينة وأهلها مسلمون مؤمنون يجتمعون في حلق الذكر في البيوت وفي المساجد وتعقد الندوات العلمية ويستضاف العلماء ولدينا من الشباب الملتزم الكثير بحيث تضيق بهم المساجد في الصلوات ولدينا من المحجبات والمنقبات الكثير بفضل الله تعالى لكن في مناطقهم المحافظة فأدعوك لزيارة بيروت ثانية لأريك هذه المعالم حتى لا تبقى في الذاكرة صورة سيئة الذكر عن بلدي الذي كانت نساؤه من عهد قريب لا تخرجن إلا منتقبات وعاصرتهن في بداية عمري

هي على حق فقد كانت تلك الصورة قاتمة وهي يعترف بوجودها ولكن ليست هي بيروت كلها. ففي البداية أقول له إنني لم أختر الفندق وإنما كان اختيار المنظمين للمؤتمر لأنه الأقرب إلى مقر المؤتمر ولأن الوكالة التي يتعاملون معها هي التي حددته. وثانياً لقد جئت إلى بيروت من أجل حضور المؤتمر فأنا ضيف إلى حد ما (على حسابي) والضيف كما تقول العرب في حكم المضيف أو أسير للمضيف.
وكنت مسافراً حتى لقيت من أحب من أهل بيروت وكما ينسب إلى الإمام الشافعي رحمه الله قوله: أحـب الصالحيـن ولسـتمنهـم***لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكـره مـن تجارتـه المعاصـي*** ولـو كنـا سـواء فـي البضاعـة
وإن كان أجمل من هذا سؤال الرجل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال له عليه الصلاة والسلام(وماذا أعددت لها) فقال: لم أعد لها كثير صلاة ولا صيام ولكني أحب الله ورسوله، فقال صلى الله عليه وسلم (المرء مع من أحب) فقال راوي الحديث رضي الله عنه "ما فرحنا بشيء بعد إسلامنا بفرحنا بهذا الحديث" فقد وجدت من أحب ومن لست منهم وإليكم تفاصيل ما حدث.
ذكرت أنني قبل سنوات كنت أشارك في برنامج (حوار بلا أسوار) مع الأستاذ جاسم المطوع (الذي نسيني حين أصبح مدير قناة (اقرأ) ) فلقيت بعض الشباب والشابات ممن يعمل في مجال الدعوة فعرفوني بالمنتدى الإسلامي وجمعية الاتحاد الإسلامي. فكانت معرفة مباركة لأناس فيهم الخير والبركة نحسبهم كذلك والله حسيبنا وحسيبهم. فتوطدت العلاقات بيننا وبخاصة الشاب محمد العربي الذي قدمني في محاضرة عن الاستشراق في المنتدى.
وفي هذه الرحلة قبل أن أسافر إلى بيروت دخلت الشبكة العنكبوتية ووضعت اسم المنتدى فوجدت عنوانهم وهواتفهم فأرسلت رسالة عن طريق المنتدى أنني سأكون في بيروت في الفترة من 1-4 يونيو (حزيران) وأرغب في زيارة المنتدى وربما تقديم محاضرة. فما أن وصلت بيروت وفي الليلة الأولى وصلني اتصال من الأستاذ أحمد زعيتر الذي يشرف على المنتدى بالإضافة إلى عمله في حقل التربية والتعليم مما يتطلب منه العمل من الثامنة صباحاً حتى السابعة مساءً، وهي طاقة وهمة عالية. وهذا أمر معروف عن اللبنانيين التفاني في العمل والإخلاص. وكذلك فاللبناني يحب أن يعيش عيشاً رغيداً فيعمل بطاقة عالية لا يقدر عليها كثير من الناس في بلاد أخرى. والدليل على محبة اللبنانيين لرغد العيش أنك ترى الرجل يرتدي من الملابس ما تظن أنه من الأثرياء ولكنه قد يقتر على نفسه في المأكل والمشرب وغير ذلك ليكون في أبهى منظر (دون إسراف عند البعض) وكأنهم يعملون بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (فأصلحوا رحالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كالشامة في الناس فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش) وفسر ذلك المناوي بقوله: (أحسنوا ) ندبا (لباسكم) بالكسر أي ما تلبسونه من نحو إزار ورداء أو قميص وعمامة أي نظفوه واجتنبوا البالغ في الخشونة (وأصلحوا رحالكم) أي أثاثكم أو سروجكم التي تركبون عليها أو الكل (حتى تكونوا كأنكم شامة) بفتح فسكون وقد تهمز وتخفف وهي أثر يغاير لونه لون البدن يسمى خالا وأثرا والمراد كونوا في أصلح زي وأحسن هيئة حتى تظهروا (في الناس) فيرونكم بالتوقير والإكرام والاحترام كما تستملحون الشامة لئلا تحتقروا في أعين العوام والكفار فيزدريكم أهل الجهل والضلال فيندب تنظيف نحو الثوب والعمامة والبدن وتحسينها لكن بلا مبالغة ولا مباهاة ولا إعجاب (فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي)
ولما جاءني الاتصال من الأستاذ زعيتر اتفقنا أن نلتقي في صبيحة اليوم التالي لانتهاء المؤتمر وهو يوم عودتي. فتواعدنا على العاشرة صباحاً وقبل العاشرة بربع ساعة كان الأستاذ أحمد في صالة الفندق وكنت مستعداً والحمد لله فبدأنا يوماً مباركاً أحدثكم فيما يأتي عن تفاصيله.
بعد الترحيب والكلام الزين اللطيف الذي يتقنه إخواننا في لبنان وهم كما كانت أمي رحمها الله تقول (ياخذوا العقل) أي يأسروا العقل واللب، بحسن كلامهم ولطفهم بل إنهم يقولون من الألفاظ اللطيفة ما لا تسمعه على لسان غيرهم وأتعجب أن اللبنانيين احتكوا ببعض الناس الذين غلب عليهم الجلافة والجفاء فلم يؤثروا فيهم ولا أدري ما السبب. فاللبناني يقول (حبيبي ، عيوني، تؤبرني، يا روحي وغير ذلك) انطلقنا فشرح لي أن النصارى في القديم لجأوا إلى هذه المنطقة من لبنان حين أفتى الأوزاعي رحمه الله بتركهم بعد صراعات مع أهل السنّة، فامتلكوها وحرّموا على مسلم أن يكون معهم أو بينهم.
وصلنا المنتدى الذي يقع خلف أسوار الجامعة الأمريكية الذي يحتل موقعين أحدهما مكتبة وقاعة محاضرات والثانية المكاتب الإدارية وكتب التعريف بالإسلام حيث تحتوي المكتبة على كتب بست وأربعين لغة تقريباً ويرسلون هذه الكتب إلى شتى أرجاء العالم. والمنتدى يعمل داخل الجامعة الأمريكية من خلال الطلاب المسلمين الذين ينشطون ثقافياً واجتماعياً في الجامعة. كما علمت أن المنتدى يدخل في حوارات مع علماء من الغربيين حول الإسلام حتى أسلم على يديهم عدد من العلماء الكبار وفي موقعهم تفصيل لذلك وعنوان الموقع على الشبكة هو http://www.islam-forum.net/ كما أود التنبيه إلى موقع مجلة منبر الداعيات وهو http://www.itihad.org/minbar
أصحاب هذا المنتدى أصحاب همة عالية وطموح كبير فقد استضافوا في منتداهم كبار العلماء من أنحاء العالم الإسلامي، ولأن عملهم واضح وسليم فإن هؤلاء العلماء ما كانوا ليتشجموا عناء الزيارة وإلقاء المحاضرات وإعطاء المقابلات لمجلة منبر الداعيات وأذكر منهم العالم الفقيه الدكتور محمد موسى الشريف والشيخ غازي التوبة والشيخ الدكتور حاكم المطيري وغيرهم كثير.
وبعد أن تجولت في المنطقة حيث مررنا بمقر الشيخ فيصل مولوي وهو العلم البارز في العمل الإسلامي الدعوي الذي كتب في موقعه بعد وفاته رحمه الله ما يأتي: ومولوي من مواليد (1941م طرابلس- لبنان)، وهو داعية ومفكّر إسلامي، معروفٌ في لبنان والعالم العربي والإسلامي والأوروبي.وكان مولوي رئيسًا لجمعية التربية الإسلامية في لبنان وشغل منصب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان، ورئيس بيت الدعوة والدعاة منذ تأسيسه سنة 1990 وعضو اللجنة الإدارية للمؤتمر القومي الإسلامي.
وبعد العصر مباشرة كان اللقاء مع مجلس إدارة جمعية الاتحاد الإسلامي ورئيسه الشيخ حسن قاطرجي. ودار حديث عن نشاطات الاتحاد وبخاصة عزم الاتحاد أن يشترك الشباب اللبناني في المحافل الأكاديمية والمؤتمرات وطريقة إعداد هؤلاء الشباب فعلمت أنهم انتدبوا شابين لحضور دورة في إسبانيا في مركز إسلامي هنا حول التفكير النقدي (وهو ما نفتقده كثيراً في عالمنا العربي الإسلامي) للخروج على الحفظ والتلقين والاستسلام مع أن القرآن الكريم نبه إلى أهمية التعقل والتدبر والنظر والتفقه.
وأمطروني أسئلة حول نشاطاتي العام الماضي وتفاهمنا على بعض الأمور لتدريب بعض الشباب والشابات على حضور المؤتمرات والندوات والمناظرة وغيرها من الأمور.
ورأيت لوحة عند الباب فيها إعلان عن التهجد يوماً في الأسبوع مع تحديد الساعات. وهو أمر كم أغفلناه وجميل أن يحرص المسلمون عليه عملاً بقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (وصلوا بالليل والناس نيام) وقد شاهدت شيئاً من هذا في عزبة طلاب جامعة الملك عبد العزيز قبل أكثر من ثلاثين سنة، فكنا في فصل الشتاء ننام في باحة المنزل فلو تحركت قليلاً لوجدت بعض الشباب راكعاً ساجداً تالياً لكلام الله عز وجل فما أروعه وأجمله من منظر.
كم أود أن أطيل في الحديث عن هؤلاء الناس وجهودهم ونشاطاتهم ولكن يكفي من العقد ما أحاط بالجيد ولكن أسأل الله أن يحسن لي ولهم النية والعمل، وأن يبارك في جهودهم وأن يخذل دعاة الانحراف والفساد في كل مكان.





[/align]​
 
بارك الله فيك أستاذي الفاضل على هذه الذكريات الطيبة وهذا الوصف الدقيق وقد سعدت بإضاءتكم على الجوانب الإيجابية والنماذج المشرّفة في بلدي والتي طمسها الإعلام والإعلان عن لبنان سياحة الملاهي والمراقص واللهو.
أشكرك ثانية ومع زالت دعوتي قائمة لكم
 
شكراً لك أخت سمر على الدعوة وأتشرف بتلبيتها وأؤكد لك أنني ما كنت لأظلم أهل بيروت ولبنان أبداً فقد عرفت هذا الخير في لبنان منذ زيارتي للمشاركة مع الأستاذ جاسم المطوع، وقد أحاطني الإخوة بكل رعاية واهتمام أكثر مما أستحق. ولولا خوف الإطالة لتحدثت عن أشياء أخرى ولكن هي مذكرات مسافر فقط.
 
يشهد الله أستاذي الفاضل أني ما علّقت على الموضوع الآخر إلا لأني أعلم تصور الناس للبنان وأهله ومما أذكره عندما كنت في السعودية عملت في مدرسة خاصة وفي أول يوم ذهبت للصلاة في غرفة الصلاة فرأتني إحدى المدرسات السعوديات وكانت تعرف أني لبنانية فاستوقفتني وسألتني أنت متأكدة أنك من لبنان؟ فاستغربت وسألتها لما تسألين؟ قالت أنت ستصلين قلت ولله الحمد أصلي منذ صغري، قالت ظننتكم في لبنان مثل مذيعات قنواتكم الفضائية، فعذرتها وشرحت لها شيئاً عن حال مجتمعنا. ومنذ ذلك الوقت أسعى لأظهر بلدي بصورة طيبة مشرّفة لعلها تطغى على الصورة المشوهة للإعلام الذي يصف حالة مجتزأة من واقعنا لغايات معروفة ويغفل ويطمس الأخرى أيضًا لغايات معروفة. قد لا أصل إلى ما أتمناه بالكلية لكنها محاولة بسيطة أبتغي بها وجه الله تعالى.
 
زدنا من روائعك يا دكتور مازن زادك الله علماً وعملاً .
 
لقطات من رحلتي إلى بيروت

[align=justify]يقولون سُمِّي الإنسان إنسانا لنسيانه أو كثرة نسيانه، وأحمد الله أن لي ذاكرة طيبة (قولوا ما شاء الله) ولكني أساعد هذه الذاكرة بدفتر أقيد فيه ما يمكن أن يكون طريفاً ومفيداً ومضحكاً أحياناً. وكان مما دونت في دفتري بعض اللقطات من المؤتمر والجولة في بيروت[/align].
· ثلاثة على المنصّة يسبق اسمهم (الأب) وبالإنجليزي الحرفين Fr. فهل كان بالإمكان حضور أربعة أو خمسة من المسلمين الذين يحملون لقب شيخ باستحقاق ويعتزون بالإسلام ويقدمون ورقات علمية متميزة بلغة عربية سليمة أو باللغة الإنجليزية؟
· دخل القاعة عدد من رجال الدين النصارى وأجلسوهم في الصف الأول وبدا على ظاهرهم الوجاهة فأسرع أحدهم بعد دخولهم وصعد إلى المنصة وأخذ اللاقط وأراد أن يرحب بهم دون أن يستشير رئيس الجلسة فقال له الرئيس دعني أشكر المتحدثين ثم قل ما شئت، وكان يريد أن يرحب بالمطران سين والمطران صاد، وأحدهم مطران عُيّن حديثاً رئيساً للكنيسة الأرمينية في نيويورك وسوف يسافر بعد يومين لتولي مهام منصبه، ورحب بأحد القساوسة من الكنيسة التي أسست الجامعة. وهنا ظهر لي أن المجاملات أو النفاق أو الاحترام موجود عندهم للتراتبية الكنسية. فهم وشأنهم ونحن اخترعنا سمو ومعالي وسعادة وعطوفة ونيافة وبطيخ. وأعجبني أن لبنان قبل أعوام قرروا أن يلغوا كل تلك الألقاب، ويقولون رئيس الجمهورية حاف أو ربما رتبته العسكرية وليس فخامة أو صاحب كذا وكذا، ولا أدري هل التزم بها اللبنانيون أو لا.
· في مطعم الكلية كنت أقف لأطلب كأس شاي فسمعت المحاسب يتحدث مع صديق له ويقول أرأيت تلك الفتاة في آخر القاعة (قاعة الطعام) الفتاة التي تقف مع الفتاة التي ترتدي كذا، أنت تعرفها وكأنهما يتآمران على أمر ، فقال الشاب صديق المحاسب ولكنها منظرها كذا وكذا أو خلقتها ووجد فيها عيباً معيناً. وهنا تساءلت عن الدعاة إلى الاختلاط مع الأزياء الفاضحة أو حتى والله بدونها فإن الشباب في هذه المرحلة إن لم يكونوا يملكون الوازع الديني الذي يمنعهم من زنا النظر واليد واللسان والرجل والفرج ولم يعرفوا غض البصر وهو أمر صعب في ثقافة لا تعترف بكل هذا فستكون الغريزة هي التي تقود التعامل بين الشاب والفتاة في الغالب. وهل كان هؤلاء الرجال الذين تمر من أمامهم نساء لم يأتين إلاّ لإظهار مفاتنهن بلبس الضيق أو العري شبه الكامل.
· نصراني من فلسطين يهدد أننا في المملكة سنواجه متاعب جمة بعد قليل تفوق كثيراً من القضايا التي نعاني منها الآن، وهي قضية عدم وجود كنائس في بلادنا، وقد أمسكت عن مناقشته في أمور كثيرة لحرصي على استمرار العلاقة لشيء في نفسي، ولتحقيق مكاسب أكبر من الاعتراض ولكن في هذه المسألة قلت له : إن صاحب الشريعة صلى الله عليه قال (لا يجتمع في جزيرة العرب دينان) وكان من آخر وصاياه صلى الله عليه وسلم أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب وطبق ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وسألته هل يرضى الفاتيكان أن يقام مسجد داخله؟ والأمر الآخر لما ذكرت الأمر في موقع تويتر أجابني الأخ عصام مدير أنه في كتبهم المقدسة أن بلاد الحرمين محرم دخولهما على غير المؤمنين. وقد وجدت نقاشاً في أحد المواقع في الإنترنت تحدث في أنور عشقي والدكتور حامد الرفاعي ولكل واحد منهما منصب ضخم فخم ولكنهما كأنهما لم يقرءا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إن أستاذاً في جامعة البترول يتعجب لماذا لا يسمح للعمال النصارى أن يكون لهم مكان للتعبد. وأحب أن أضيف إن المسألة أخطر من ذلك وأحب أن أستشهد هنا بكلام جميل للشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله الذي يقول فيه:" وعدم اجتماع دينين وإخراج اليهود والنصارى من هذه الجزيرة الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم يحمل أبعاداً ومعاني أوسع مما يبدو ظاهراً من اللفظ، فهو يشمل إبعاد أثرهم وتغلغل حضارتهم وقيمهم في هذه الجزيرة وخطر نشوء جيل ليس بينه وبين الحرم ومسج الرسول ورسالتهما تجاوب وانسجام وتفاهم واتفاق، بل بينهما بالعكس تباعد وتجاف خطر لا يوجد له نظير في التاريخ الماضي.." (كيف ينظر المسلمون إلى الحجاز وجزيرة العرب: مشاعر وأحاسيس ودراسات وملاحظات) (القاهرة دار الاعتصام1399هـ/1979م) ط2 ص 58 ويقول في موع آخر:"ونهى أن يجتمع دينان فيها (جزيرة العرب) ولاشك أن وصيته النبوية الحكيمة لا تقتصر على إخراج غير المسلمين أجساماً ظاهرة، بل إنها تشمل نفوذهم وتوجيههم وحضارتهم ودعوتهم كما يفهم كل عاقل"(ص 81)
· حاول أحد المتحدثين أن يمتدح التعايش بين المسلمين في ألمانيا وغيرهم فقال إن الأتراك يحتفلون بأعياد الميلاد مع النصارى ويضعون شجرة عيد الميلاد أما تعاطف النصارى مع الأتراك فهو أنهم يأكلون الطعام التركي. قد يصدق الأمر الأول على نسبة قليلة من الأتراك وبخاصة ممن فقد صلته بهُوُيته وانتمائه أو اعتقد أن شجرة الميلاد مجرد عادة اجتماعية وليس قضية عقدية. ولكن هل تناول الطعام التركي يدل على قبول الأتراك. إن الطعام التركي لذيذ كما أن المطاعم التركية التي تفتح إلى ساعات متأخرة لا يوجد غيرها في كثير من الأحيان- وقد رأيت هذا في أكسفورد، ففي منطقة وسط أكسفورد يبقى مطعمان مسلمان يعملان حتى أوقات متأخرة بينما يذهب الإنجليز للراحة والنوم أو للسكر والاستمتاع. فهل هذا تعايش؟
· من أوجه التبادل المعرفي تبادل الطلاب والأساتذة بين الجامعات في البلاد الإسلامية وجامعات غربية حيث تشترك خمس جامعات تركية وجامعات من إيران والهند في هذا البرنامج.
· أشار أحد المتحدثين أن الذي يدرّس الإسلام يجب أن يكون مسلماً ولا مانع أن يدرِّس مسلم بعض الموضوعات النصرانية، ولكن في واقع الأمر معظم إن لم يكن الغالبية العظمى ممن يدرّس الإسلام في الجامعات الغربية غير مسلم وأحياناً أشخاص حاقدون على الإسلام والمسلمين. أما أن يسمح لمسلم أن يدرس بعض الموضوعات عن النصرانية فلماذا إذا وجد مسلم متخصص في النصرانية أن يدرسها أسوة بما يفعلون في تدريس الإسلام؟
· أزياء رجال الدين النصارى من وضعها لقد وجدت عدداً كبيراً من الأزياء المختلفة بعضها يبدو على التأنق والترفيه والبعض الآخر يشبه ملابس رعاة الأغنام وتختلف نوعية الأقمشة المستخدمة فمنها الغالي ومنها فيما يبدو الرخيص، وأتساءل هل فكّر النصارى في هذه المسألة وهل المسيح عليه الصلاة والسلام وعلى نبينا الكريم جاء بهذه الأزياء والتقليعات؟ ألم يكن نبياً يدعو إلى الزهد والتقشف والبعد عن زخارف الدنيا حتى ذكرهم القرآن الكريم (ورهبانية ابتدعوها ما فرضناها عليهم) فوجوه رجال الدين النصارى متوردة ويبدو عليهم النعيم.
· صانع القهوة أمام مقر الشيخ فيصل المولوي رحمه الله. وقفت أمام عربة لصانع قهوة وتأملته وهو يصنعها فلديه أنبوب غاز داخل العربة التي يخرج منها الأنبوب إلى الموقد ولكن الموقع صناعة محلية فهو عبارة عن صاج وفوقه رفوف وعلى الصاج رمل ولديه إبريق فيه ماء يغلي فما أن تطلب القهوة حتى يسكب قليلاً من الماء المغلي في الدلة أو الجزوة ويبدأ في صنع القهوة ولكن رأيت على الصاج شيئاً غريباً وهو كمية من الرمل الناعم، والسبب أن القهوة يجب أن تغلي على نار هادئة فيحرك الدلة في الرمل الحار ويحرك القهوة بالملعقة فتصبح القهوة جاهزة في لحظات وينتظر قليلاً حتى تهدأ القهوة ثم يصبها في كأس من الورق. واللبنانيون يتقنون القهوة التركية بامتياز فلم أشرب فنجان قهوة واحد شعرت أن مستواه أقل من الممتاز. ربما دخلتهم القهوة المضغوطة ولكن يبقى مزاج الشوام عموماً في القهوة التركية قوياً.
· الجامعة وأحد البنوك بيبلوس، لقد أزعجني أنني حيثما ذهبت في الجامعة رأيت إعلانات ولوحات البنك حتى الأوراق التي أعطونا إياها في المؤتمر هي دفاتر موضوع عليها شعار البنك واسمه. فإذا كان البنك يتبرع للجامعة فعيب أن يجعل الجامعة صفحة إعلانات له. لا أدري لماذا لا ينزعج الطلاب والأساتذة من هذه الحضور الطاغي للبنك، أما أنا فقد كرهت البنك ولو لم يكن لغيره لما تعاملت معه، هل يصبح المال فوق العلم، هذا ما يظن أصحاب المال أنهم فوق أهل العلم. وقال أحدهم لماذا يذهب أهل العلم إلى أهل المال، فكان الجواب لأن العلماء يدركون قيمة المال بينما لا يدرك أصحاب المال قيمة العلم.
· معرض الأبجديات وهي مؤسسة عالمية كان لها طاولة خاصة لعرض بعض مطبوعاتها ويزعمون أن الأبجديات ولدت في أرض الرافدين ومصر أو ربما قالوا إن الفينيقيين هم أول من اخترع الأبجدية حيث كانت الكتابة في بلاد الرافدين ومصر بالخط المسماري والهيروغليفي اللذان لم يتقنهما إلاّ نخبة محدودة أما عندما تطورت الأبجدية أصبح التواصل أسهل بين الناس. ولم أتوقف طويلاً عند هذه القضية فلعل هناك من يهتم بها لأسباب مختلفة.
 
أخي المستشار أحمد البريدي حفظه الله، لولا هذه الكلمات الرقيقة منك ومن إخوة كرام وأخوات كريمات لما كتبت، والأمر الآخر لا تنسوني من دعواتكم أن يكتب الله لنا الإخلاص فيما نقول ونفعل وندع، فيا ولينا إن كان هدفنا غير رضى الله عز وجل
 
مقالة لطيفة وممتعة ، كعادتكم في إتحافتكم يادكتور مازن.
 
لقطات حلوة يادكتور مازن، ويعجبني أنك تضع رأيك فيما ترى بطريقة تذكرني بما قيل عن الزمخشري ـ مع الفارق طبعًا ـ: (ولبراعته في الكلام، وتمكنه من فنون القول، وبعد غوره يدس بعض آرائه في أثناء تفسيره) ، فقد أتتك البراعة في دسِّ أرائك في بعض ما تنقله من هذه المواقف، وإن لم تصرِّح بها، فهنيئًا لك.
 
بوركت يا دكتور مساعد على ثنائك على كتاباتي المتواضعة، وأما قولك إني أدرس رأيي ولكني أرى أنني واضح ومباشر في تقديم ما أرى لرسالة أرغب إيصالها ولولا هذا الرأي فما للكتابة من معنى. ولكن من حقك أن تقرأني كما تشاء. والحمد لله الذي جعل لي قارئا بمكانة الدكتور مساعد فأنا المحظوظ والفائز.
 
عودة
أعلى