لطائف من تفسير التحرير والتنوير

إنضم
05/05/2003
المشاركات
70
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الموقع الالكتروني
www.toislam.net
الحمد لله، وبعد:
فقد يسَّر الله لي الشروع في استخراج لطائف من كتاب (التحرير والتنوير) للعلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، ولم أنتهِ بعدُ من هذا العمل، وإليكم معاشر الأحبة مقدمة هذا الكتاب المقترح، آمل منكم تزويدي بما ترونه من اقتراحات وملحوظات على التفسير المذكور، وعلى طريقة استخراج اللطائف، والله يحفظكم.

[align=center]مقدمة الكتاب[/align]

[align=justify]الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد
فإن القرآن الكريم كلام الله - عز وجل - أنزله على قلب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ليكون من المنذرين.
وما زال العلماء - منذ نزوله - يتعاقبون على دراسته، ويعكفون على النهل من معينه، والتزود من هدايته.
هذا وإن لعلماء التفسير من ذلك أوفرَ الحظ والنصيب؛ حيث صرفوا همهم لتدبر كتاب الله، وفهم مراده - عز وجل - فكان من ذلك المؤلفاتُ العظيمة في التفسير على اختلاف مناهج أصحابها.
ومن أعظم ما أُلِّف في هذا الشأن في العصور المتأخرة ما رقمته يراعةُ العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور -رحمه الله- وذلك في تفسيره المعروف بـ: التحرير والتنوير.
فهو تفسير عظيم حافل بما لذ وطاب من العلوم، ولا غرو في ذلك؛ فصاحبه عالم كبير، وجهبذ نحرير، له يد طولى، وقِدْح مُعَلَّى في علوم شتى.
والذي يطَّلع على مؤلفاته الكثيرة المتنوعة يراها تحمل طابعاً مميزاً، وطرزاً فريداً لا تجده إلى عند الندرة من العلماء، وفي القليل من المؤلفات.
ومع ذلك فإن هذا العالم لم يأخذ حظَّه من الذيوع والشهرة.
ونظراً لعظم شأن تفسيره، ولأنه مليء بكنوز من العلم والمعارف، والثقافة، ولكونه مطولاً يقع في ثلاثين جزءاً، وفي صفحات يصل عددها إلى أحد عشر ألفاً ومائة وسبع وتسعين صفحة، وهذا مما يصرف عن قراءته - فقد رأيت أن أستخرج بعض اللطائف الرائعة، واللفتات البارعة التي احتوى عليها ذلك التفسير العظيم؛ رغبةً في عموم النفع، وإسهاماً في التعريف بذلك العمل الجليل الذي لا يخطر لكثير من طلبة العلم - فضلاً عن غيرهم - ما يشتمل عليه من نفائس العلم وغواليه.
وقد خطر لي في بداية الأمر أن أرتب تلك النقول المنتقاة، وذلك بتصنيف الفوائد، وترتيبها، على حسب الفنون؛ فيفرد فصل للمسائل الأصولية، وفصل للمسائل النحوية، وفصل للنكت البلاغية، وفصل للنظرات في الطب، وفصل لآرائه في النقد والأدب وهلم جرا.
فرأيت أن ذلك سيطول، وأنه يحتاج إلى عدد من الرسائل العلمية خصوصاً وأن المقطع الواحد من كلامه يشتمل على عدد كبير من العلوم.
فليس لي - إذاً - إلا مجرد الانتقاء، ولم أشأ إثقال الكتاب بالحواشي؛ فما وجد من ذلك فهو من صنيع المؤلف، وإذا كان مني فإني أرمز إليه بـ(م).
وقبل الشروع في إيراد تلك اللطائف المنتقاة هذا تعريف عام بالكتاب:
أولاً: اسم الكتاب: يقول مؤلفه ابن عاشور في مقدمة كتابه 1/8-9: "وسميته (تحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد) واختصرت هذا الاسم باسم: (التحرير والتنوير من التفسير)" فهذه تسمية مؤلفه له.
ثم اشتهر هذا التفسير باسم: (التحرير والتنوير) و (تفسير التحرير والتنوير) كما هو على ظهر غلاف الكتاب المطبوع.
ثانياً: قصة تأليفه للكتاب وبدايته ونهايته: لقد كان تفسير الكتاب المجيد أكبر أمنية كان يتمناها الشيخ ابن عاشور - كما يقول في مقدمته -.
ولكنه كان يتردد كثيراً، فتارة يقدم، وتارة يحجم؛ إذ كانت الصوارف تعوقه، والتهيب من الإقدام على هذا الأمر العظيم يقف دونه.
وبعد تردد، واستخارة، واستعانة بالله - عز وجل - عقد العزم على الشروع في التفسير، وأقدم عليه - كما يقول -: إقدام الشجاع على وادي السباع.
وكانت بداية تأليفه للتفسير عام 1341هـ، وفرغ منه عام 1380هـ.
وبعد فراغه منه ختمه بكلمة عظيمة مؤثرة قال فيها: "وإن كلام رب الناس حقيق بأن يُخدم سعياً على الرأس, وما أدّى هذا الحق إلا قلم مفسر يسعى على القرطاس, وإنَّ قلمي استنَّ بشوط فسيح, وكم زُجِرَ عند الكَلالِ والإعياء زجر المنيح, وإذ قد أتى على التمام فقد حقَّ له أنْ يستريح.
وكان تمام هذا التفسير عصر يوم الجمعة الثاني عشر من شهر رجب عام ثمانين وثلاثمائة وألف, فكانت مدة تأليفه تسعاً وثلاثين سنة وستة أشهر, وهي حقبة لم تَخْلُ من أشغال صارفة, ومؤلفات أخرى أفنانها وارفة, ومنازع بقريحةٍ شاربةٍ طوراً, وطوراً غارفة, وما خلال ذلك من تشتت بال, وتطور أحوال, مما لم تَخْلُ عن الشكاية منه الأجيال, ولا كُفران لله فإن نعمه أوفى, ومكاييل فضله عَلَيَّ لا تُطَفَّفُ ولا تُكْفا.
وأرجو منه - تعالى - لهذا التفسير أن يُنجد ويغور, وأن ينفع به الخاصة والجمهور, ويجعلني به من الذين يرجون تجارةً لن تبور.
وكان تمامه بمنزلي ببلد المرسى شرقيّ مدينة تونس, وكَتَبَ محمد الطاهر ابن عاشور".
وقد طبع هذا التفسير في دار سحنون للنشر والتوزيع بتونس.
وقد جاء في ثلاثين جزءاً، في خمسة عشر مجلداً، وعدد صفحات التفسير كلها أحد عشر ألف ومائة وسبع وتسعون صفحة (11197 صفحة).
ثالثاً: منهجه في كتابة التفسير: لقد بين الشيخ ابن عاشور في مقدمته الرائعة منهجه في كتابة هذا التفسير، وسيأتي بيان ذلك عند إيراد مقدمته كاملة، ويمكن إجمال ذلك فيما يلي:
1- بدأ تفسير ه بمقدمات عشر؛ لتكون - كما يقول - عوناً للباحث في التفسير، وتغنيه عن مُعاد كثير.
2- اهتم ببيان وجوه الإعجاز، ونكت البلاغة العربية، وأساليب الاستعمال.
3- اهتم ببيان تناسب اتصال الآي بعضها ببعض.
4- لم يغادر سورة إلا وبين أغراضها، وما تشتمل عليها بإجمال.
5- اهتم بتحليل الألفاظ، وتبيين معاني المفردات بضبط وتحقيق مما خلت عن ضبط كثير منه قواميسُ اللغة.
6- عُنِيَ باستنباط الفوائد، وربطها بحياة المسلمين.
7- حَرِصَ على استلهام العبر من القرآن؛ لتكون سبباً في النهوض بالأمة.
هذا مجمل منهجه، وسيأتي مزيد بيان لذلك في الفقرة التالية عند الحديث عن مزايا هذا التفسير العظيم.
رابعاً: مجمل ما اشتمل عليه التفسير من المزايا: لقد اشتمل تفسير التحرير والتنوير على مزايا عظيمة، وحوى علوماً كثيرة، وتضمن فوائد غزيرة.
وقد مر في الترجمة الماضية شيء مما اتصف به ذلك العالم النحرير، ولعل ما مضى يغني عن الإطالة، والتفصيل.
وممل يمكن أن يقال في هذا الصدد أن الشيخ ابن عاشور قد استجمع في هذا الكتاب قواه الذهنية والعلمية، فتجلت فيه مواهبه، وتبين فيه علو كعبه، ومنهجه التربوي، ونظراته الإصلاحية.
ويمكن إجمال ما اشتمل عليه ذلك التفسير من مزايا فيما يلي:
1- العدل، والإنصاف، والأمانة العلمية.
2- الموازنة، والترجيح، وهدوء النبرة، وطول النفس.
3- سعة الاطلاع، وتوظيف الثقافة والمعارف لخدمة الغرض الذي يرمي إليه.
4- الإفادة مما شاده الأوائل، والزيادة على ذلك.
5- اشتماله على الفوائد التربوية، والنظرات الإصلاحية التي تحتاجها الأمة خصوصاً وأنه قد كتب تفسيره في وقت اشتدت بها الوطأة على الأمة إبان وقت الاستعمار، وسقوط الخلافة.
6- احتوى على نظرت في الطب، وحفظ الصحة.
7- الكتاب مليء بالقواعد الأصولية والمسائل النحوية، والنكت البلاغية.
8- الكتاب مشتمل على نظرات في الأدب والنقد.
9- الكتاب مليء بالشواهد الشعرية، والتاريخية.
10- أسلوب الكتاب جزل قوي، شديد الأسر، محكم النسج.
وسيرى القارئ لهذا التفسير شواهد ما ذكر، والمقام لا يسمح بالإطالة، وإيراد الأمثلة؛ فليس هذا مقام دراسة، وتقويم للكتاب.
ومع ذلك فإن الكمال لله - عز وجل -.
فقد وقع المؤلف -رحمه الله- فيما وقع فيه كثير من المفسرين، وذلك بتأويل آيات الصفات، والعدول بها عن منهج السلف الصالح من إمرارها كما جاءت.
ويعتذر للمؤلف ببيئته العلمية التي نشأ فيها؛ حيث ينتشر فيها مذهب الأشاعرة.
ومع ذلك فإنه يناقش الأشاعرة في هذا التفسير، ويقترب أحياناً من منهج السلف في باب الصفات.
وأخيراً أسأل الله - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - أن ينفع بهذا العمل، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يغفر للشيخ ابن عاشور، وأن يسكنه فسيح جناته؛ إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.[/align]

[align=center]محمد بن إبراهيم الحمد
الزلفي: ص.ب: 460
www.toislam.net
[email protected][/align]
 
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم

وفقك الله أيها الشيخ الكريم ، وأعانك على هذا المشروع العظيم.

ثم إني أقترح أن يكون لك أثناء انتقائك للفوائد واستخراجك للكنوز والتقاطك للدرر من هذا البحر الكبير أن تقوم بمشروع آخر لا يقل أهمية من وجهة نظري عن مشروعك ؛ وهو تقريب هذا التفسير لعموم المسلمين باختصاره وتهذيبه.
والمقصود من هذا الاختصار هو الاقتصار على التفسير ، وترك الاستطرادات اللغوية وغيرها من المسائل التي يتوسع فيها ابن عاشور في مواضع كثيرة .
ولو أضفت إلى ذلك مشروعاً ثالثاً ، وهو جمع استنباطات ابن عاشور للفوائد من الآيات ؛ فله نظرات فريدة واستباطات لطيفة تستحق الجمع والدراسة.

وفقك الله ، وبلغك ما تصبو إليه ، وأعانك على تحقيق ما ترجو ، ورزقني وإياك الإخلاص في القول والعمل.[/align]
 
مشروع عظيم يا شيخ محمد ، أسأل الله أن ييسر لك ما بدأت ، وهنيئًا لك ما ستكسب من فوائد في جرد هذا التفسير العظيم الذي لا نظير له في كتب المعاصرين .
 
وفقك الله ويسر لك ما تصبو إليه ،ولو سمحت لي التنبيه هنا إلى مسألة مهمة في هذا التفسير القيم وهي بيانه للتحريف الواقع في كتب اليهود والنصارى وبيان ما ذكرته تلك الكتب مما لم تذكره ،ورجوعه إلى "مخطوطات " قديمة عنده من الكتب المذكورة المسماة كذباً وزوراً "الكتاب المقدس" 0
 
عودة
أعلى