لطائف الكتاب العزيز:

إنضم
17/08/2016
المشاركات
680
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المملكة العربية
*لطائف الكتاب العزيز:*

*كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
*للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

قوله تعالى
﴿وَإِن تَجهَر بِالقَولِ فَإِنَّهُ يَعلَمُ السِّرَّ وَأَخفَى﴾ [طه: 7].

*قوله {وَإِن تَجهَر بِالقَولِ}:* يعني تعلي، وترفع صوتك.

ومنه قوله تعالى - على لسان نوح عليه السلام - {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا}: قال الجلال المحلي في الجلالين: أي بأعلى صوتي.

فقوله تعالى {وَإِن تَجهَر بِالقَولِ}: ترفع صوتك.
قاله أبو بكر السجستاني في غريب القرآن، والنسفي في مدارك التنزيل، وابن الجوزي في زاد المسير، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن، ومجير الدين العليمي في تفسيره.

إلا أن أبا بكر، والعليمي قالا: ترفع صوتك به.

قال البغوي في تفسيره: (وإن تجهر بالقول)، أي تعلن به.

*قوله {فَإِنَّهُ}:* تعالى.

*قوله {يَعلَمُ السِّرَّ}:* ما أسررته.
قاله الفراء في معاني القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن.

إلا أن ابن قتيبة قال: ما أسررته لغيرك، ولم تظهره.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: والمعنى: لا تجهد نفسك برفع الصوت. فإن الله يعلم السر.

قال الطبري في تفسيره: (فإنه يعلم السر) يقول: فإنه لايخفى عليه ما استسررته في نفسك، فلم تبده بجوارحك ولم تتكلم بلسانك.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: السر: الذي يكتم، والجمعالأسرار. والسريرة مثله، والجمعالسرائر.

*قوله {وَأَخفَى}:* ويعلم ما هو أخفى من السر.

قال السمعاني في تفسيره: وفي الآية تقدير، ومعناه: وأخفى منه، أي: من السر.

قال الطبري في تفسيره: يعلم السر وأخفى من السر، لأن ذلك هو الظاهر من الكلام.

قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ: {يعلم السر وأخفي}: أي وأخفى من السر.

قلت (عبدالرحيم): فإن قلت: ما أخفى مما أسررته لغيرك، ولم تظهره، وما أخفى من حديثٍ تحدثُ به صاحبَك؟.

فالجواب: حديث نفسك لنفسك، وخطراتها، ووسوستها، وما تضمره في صدرك أخفى من تلفظك بلسانك لتسمع نفسك، أو غيرك.

أي: أنه - تعالى - يعلم السر الذي تسره لصاحبك، ويعلم ما هو أخفى منه، مما في داخلة نفسك.

فذلك قوله تعالى وقوله {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}: قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما تحدِّث به نفسه، فلا يخفى علينا سرائره وضمائر قلبه.

قال القرطبي في تفسيره: ونعلم ما توسوس به نفسه أي : ما يختلج في سره وقلبه وضميره ، وفي هذا زجر عن المعاصي التي يستخفي بها.

وقوله {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}: قال الطبري في تفسيره: (إلا هو رابعهم) ، يسمع سرهم ونجواهم، لا يخفى عليه شيء من أسرارهم.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} ما يكون من خلوة ثلاثة يسرون شيئا ويتناجون به، إلا هو رابعهم، أي: عالم به.

قال البغوي في تفسيره: {من نجوى ثلاثة} أي من سرار ثلاثة، يعني من المسارة، أي: ما من شيء يناجي به الرجل صاحبيه {إلا هو رابعهم} بالعلم.

انتهى

فمعنى قوله تعالى: {وَأَخْفى}: ما حَدَّثت بِهِ نفسك.
قاله الفراء في معاني القرآن.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: والخفىّ الذي حدّثت به نفسك ولم تسرّه إلى أحد.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {وَأَخْفَى} ما حدَّثتَ به نفسك.

قال الهروي في الغريبين في القرآن والحديث: السر: ما تكلم به في خفاء. وأخفى منه ما أضمر مأخوذ من سرار حرة الوادي وهي بطنانه وسر الشيء خياره.

قال الطاهر بن عاشور في التحير والتنوير: والمراد بأخفى منه : ما يتكلم اللسان من حديث النفس ونحوه من الأصوات التي هي أخفى من كلام السر .

المعنى الإجمالي، من كتاب (المختصر في التفسير):

﴿وَإِن تَجهَر بِالقَولِ فَإِنَّهُ يَعلَمُ السِّرَّ وَأَخفَى﴾ [طه: 7].

وإن تعلن - أيها الرسول - القول، أو تخفه فإنه سبحانه يعلم ذلك كله، فهو يعلم السر وما هو أخفى من السر مثل خواطر النفس، لا يخفى عليه شيء من ذلك.
.......................

*كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
*للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*
 
*تفسير غريب القرآن:*

*كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
*للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

قوله تعالى
{قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} يوسف: (66).

*قوله {تُؤْتُونِ}:* تعطوني.
قاله البغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، وبه قال مقاتل بن سليمان في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، والحوفي في البرهان في علوم القرآن، ومكي بن حموش في الهداية إلى بلوغ النهاية، وغيرهم جمع.

قلت (عبدالرحيم): ونظير ذلك في كتاب كثير، من ذلك قوله تعالى {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ}: وَآَتَتْ: أعطت.
قاله الحوفي في البرهان في علوم القرآن، والبغوي في تفسيره، والجلال المحلي في الجلالين، والخطيب الشربيني في السراج المنير، وغيرهم.

إلا أن الحوفي قال: وآتتبمعنىأعطت.

ومنه {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ}: أيأعطيت مهورهن.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم.

ومنه {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءٌ}: تُؤْتِي الْمُلْك: تعطي الملك.

قال الطبري في تفسيره: فإنه يعني:تعطيالملك من تشاء فتملكه وتسلطه على من تشاء.

قال النسفي في مدارك التنزيل: تعطيمن تشاء النصيب الذي قسمت له من الملك.

ومنه {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}: تُؤْتِي أُكُلَهَا: تعطيثمرها.
قاله البغوي في تفسيره، وأبو السعود في تفسيره، والسيوطي في الجلالين.

قال الواحدي في الوسيط: تعطيهذه الشجرة،أكلهاثمرها وما يؤكل منها.

قال مجير الدين العليمي في تفسيره: {تؤتيأكلها}تعطيجناها.

*قوله {مَوْثِقًا}:* عهدا مؤكدا بالقسم. وكأنه قال لهم: عاهدوني، واحلفوا لي.

قال السعدي في تفسيره: أي عهدا ثقيلا، وتحلفون بالله.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: والمِيثاقُ: عقد مؤكّد بيمين وعهد.

قال البغوي في تفسيره: والعهد الموثق: المؤكد بالقسم.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمَوثْق: أصله مصدر ميمي للتوثّق، أطلق هنا على المفعول وهو ما به التوثق، يعني اليمين.

*قوله {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}:* إلا أن تهلكوا جميعا.
قاله الواحدي في البسيط، وبيان الحق الغزنوي في باهر البرهان فى معانى مشكلات القرآن.

قال ابن قتيبة في غريب القران: أي تشرفوا على الهلكة وتغلبوا.

قال النحاس في معاني القرآن: أي إلا أن تهلكوا وتغلبوا.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله: إلاأنيحاطبكملفظ عام لجميع وجوه الغلبة والقسر والمعنى تعمكم الغلبة من جميع الجهات حتى لا تكون لكم حيلة ولا وجه تخلص.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى - على لسان شعيب عليه السلام - {ٍوَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ}: أحاط بهم العذاب فلم ينج منهم أحد.
قاله مقاتل بن سليمان في تفسيره.

قال الواحدي في الوجيز: يُوعدهم بعذابٍ يُحيط بهم فلا يفلت منهم أحدٌ.

قال السمعاني في تفسيره: أي: محيط بكم فيهلككم.

قال البغوي في تفسيره: يحيط بكم فيهلككم.

ومنه {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا}: أي: فأهلك جميع ماله.
قاله السمرقندي في بحر العلوم.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن ذ، وابن أبي زمنين في تفسيره: {وَأُحِيطَ}: أهلك.

قال الواحدي في الوجيز: {وأحيط بثمره} وأهلكت أشجاره المثمرة.

قال البغوي في تفسيره: {وأحيط بثمره}، أي: أحاط العذاب بثمر جنته، وذلك أن الله تعالى أرسل عليها نارا فأهلكتها وغار ماؤها.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} هو عبارة عن إهلاكه وأصله من أحاط به العدو لأنه إذا أحاط به فقد ملكه واستولى عليه ثم استعمل في كل أهلاك.

ومنه {يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}: أي تجمعهم فتحرقهم، وتهلكهم جميعا.

قال البغوي في تفسيره: وإن جهنم لمحيطة بالكافرين، جامعة لهم لا يبقى أحد منهم إلا دخلها.

ومنه {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}: وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ: أي أيقنوا الهلكة.

قال الطبري في تفسيره: يقول: وظنوا أن الهلاك قد أحاط بهم وأحدق.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب بما في القرآن من الغريب: {وظنوا أنهم أحيط بهم} أي: دنوا للهلكة.

زاد ابن قتيبة: وأصل هذا أن العدو إذا أحاط ببلد، فقد دنا أهله من الهلكة.

*قوله {فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ}:* أعطوه عهودهم.
قاله البغوي في تفسيره.
......................

*كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
*للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*
 
*كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
*للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

قوله تعالى
{وَما يُغني عَنهُ مالُهُ إِذا تَرَدّى} [الليل: 11].

*قوله {تَرَدَّى}:* أي: سقط في النار.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، ومجير الدين العليمي في فتح الرحمن في تفسر القرآن.

إلا أن ابن قتيبة قال:{تردى}: في النار، أي سقط.

قال النحاس في إعراب القرآن: {وما يغني عنه ماله إذاتردى}: "ما" في موضع نصب بيُغني، أي: وأي شيء يدفع عنه ماله إذاسقطفي النار.

قال الزبيدي في تاج العروس: وقوله تعالى: {وما يغني عنه ماله إذا {تردى}، أي سقط في هوة النار.

قلت (عبدالرحيم): فيه مسائل:

المسألة الأولى:

قوله تعالى {إِذا تَرَدّى}: تَرَدّى: أي سقط. وإنما نبه على سقوطه، لشناعة عذابه، والمبالغة في اهانته.

وهو من التردي: الذي هو السقوط، والوقوع. من قولهم: تردى فلان من رأس الجبل إذا سقط. وليس معناه: من الردى، الذي هو الهلاك. وإن كان قال به جماعة من أهل العلم.

قال الطبري في تفسيره - بعد أن ذكر أقوالا -: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: إذا تردى في جهنم، لأن ذلك هو المعروف من التردي؛ فأما إذا أريد معنى الموت، فإنه يقال: ردي فلان، وقلما يقال: تردى.

قال السمعاني في تفسيره: قوله تعالى: {وما يغني عنه ماله إذا تردى} معناه: إذا هلك، يقال: تردى أي: سقط في النار، وهو الأصح؛ لأن التردي في اللغة هو السقوط، يقال: تردى من مكان كذا أي: سقط.

انتهى

فمعنى قوله تعالى {إِذا تَرَدّى}: إذا سقط، ووقع، وألقي، وطرح في الجحيم.

ومنه ما رواه الشيخان من حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيها أَبَدًا،...»: يعني: ألقى ورمى بنفسه من الجبل متعمدا فسقط ميتا.

قال ابن الجوزي في تفسير غريب ما في الصحيحين: "مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ": أَيسقطبِقصد مِنْهُ والترديالسُّقُوط وتردى فِي النَّارسقطفِيهَا.

ومنه قوله تعالى - في ذكر أصناف من المحرمات من المطعومات - {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ}: وَالْمُتَرَدِّيَةُ: أي وحرم عليكم أكل الساقطة من علو، أو الواقعة في بئر؛ ما لم تدركون ذكاتها.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ} الواقعة من جبل أو حائط أو في بئر.

قال الحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم: هي التي تردت: أي سقطت فماتت ولم تلحق ذكاتها.

قال البغوي في تفسيره: والمتردية، هي التي تتردى من مكان عال، أو في بئر فتموت.

ومنه ما رواه أبو داوود (1552)، والنسائي (5531)، من حديث أبي اليسر مرفوعا: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَالْهَدْمِ، وَالْغَرَقِ، وَالْحَرِيقِ ..." (1).

قال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير: (اللهم إني أعوذ بك من التردي) أي السقوط، من تردى في البئر إذا سقط فيها.

قال التوربشتي في النيسر شرح مصابيح السنة: ترديالرجل: إذاسقطفي بئر، أو تهور من جبل.

المسألة الثانية:

قوله تعالى {وَما يُغني عَنهُ مالُهُ إِذا تَرَدّى}: إِذا تَرَدّى: أي إذا سقط، وهذا غاية في العذاب، والإهانة والإذلال، والخزي، فمن عظم مقت الله لهم، وهوانهم عليه تساقطوا في النار، ونظيرتها قوله تعالى {وَأَمّا مَن خَفَّت مَوازينُهُ * فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ}: يعني: يسقط على أم رأسه في قعر الجحيم.

قال الطبري في تفسيره: يقول: وأما من خف وزن حسناته، فمأواه ومسكنه الهاوية التي يهوي فيها على رأسه في جهنم.

قلت (عبدالرحيم): وقد ورد في غير ما آية أن أهل النار يُلْقَوْنَ، ويدفعون، ويطرحون، في جهنم، ويكبكبوا فيها - عياذا بالله -. كما قال تعالى {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ}: قال أبو حيان في البحر المحيط: إذاألقوافيها: أيطرحوا، كما يطرح الحطب في النار العظيمة ويرمى به،

وكما قال {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ}: قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، وأبو حيان الاندلسي في تحفة الاريب بما في القران من الغريب، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن، والكفوي في الكليات: أي أُلقُوا على رءوسهم.

إلا أن ابن الهائم قال: {فَكُبْكِبُوا}: أصله كبّبوا، أي ألقوا على رؤوسهم في جهنم، من قولك: كببت الإناء إذا قلبته.

وزاد الكفوي: في جهنم.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: والكَبْكَبَةُ: تدهور الشيء في هوّة.

المسألة الثالثة:

قوله تعالى {وَما يُغني عَنهُ مالُهُ إِذا تَرَدّى}: أي وما يغني عنه ماله وإن كثر من عذاب الله من شيء إذا أُلقِي، وسقط في جهنم، كما قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: قال الأخفش الأوسط في معاني القرآن: يقول: "لَوْ أَنَّ هذا مَعَهُم لِلفداء ما تُقُبِّلَ مِنْهُم".

قال الطبري في تفسيره: لو أن لهم ملك ما في الأرض كلها وضعفه معه، ليفتدوا به من عقاب الله إياهم على تركهم أمره، وعبادتهم غيره يوم القيامة، فافتدوا بذلك كله، ما تقبل الله منهم ذلك فداء وعوضا من عذابهم وعقابهم، بل هو معذبهم في حميم يوم القيامة عذابا موجعا لهم.

ونحوه قوله تعالى {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ}: قال ابن كثير في أي: لا يقي المرء من عذاب الله ماله، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا: {ولا بنون} ولو افتدى بمن في الأرض جميعا، ولا ينفع يومئذ إلا الإيمان بالله، وإخلاص الدين له، والتبري من الشرك.
....................
(1): صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، بررقم (1282 ).
....................

*كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
*للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*
 
عودة
أعلى