لطائفُ من القرآن المجيد وطرائفُ بمناسبة العيد

محمد يزيد

Active member
إنضم
24/01/2012
المشاركات
534
مستوى التفاعل
26
النقاط
28
العمر
44
الإقامة
الجزائر
بسم1​
أهنّْئ إخواني الأكارمَ الطيبين بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وأسأل الله تعالى أن يمنَّ علينا في أيامه المعدودات المباركاتِ بخيره وفضلهِ، ويديم علينا عفوهُ وعافيته وعلى الأمةِ كلها.
وبعد؛
فهذه بعض اللطائف اليسيرة من القرآن الكريمِ؛ أكثرها مرتبط بأحداثٍ عمرها يزيد على عشرين سنةً حدثت معي، ولعلَّ من الإخوة الفضلاء من كان له مثيلاتها فينفعنا.

مع الأئمة:

1- {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ}
بكَّرتُ يوم جمعة لأتقربَ إلى الله بأفضل القرابينِ؛ وبلغ مني التعب مبلغه حتى نعست وغفوتُ وأفقتُ على الإمام على المنبر يقول: {وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا} (17) فأكملتُ: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ} (18)، ثم ابتسمت وكدت أضحك.

2- اختبارٌ سريعٌ {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
في أوائل أيام بحثي عن عملٍ مررتُ مرةً مع أخٍ فاضلٍ بالسوقِ في إحدى ولايات الوطن الشمالية؛ والتقينا صديقه مدير الشؤون الدينية بها، أخبرهُ أني أبحث عن وظيفةٍ ثمَّ استطرد: وظِّفوهُ إمامًا عندكم. فأجابه: يبدأ من الغدِ إن شاء الله إن أجابَني، في سورةِ النحل: {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} (النحل 78) لَعَلَّكُمْ أمْ قَلِيلًا؟ فخشيت أن أخطئ وإن أصبتُ لعدم تيقني، وافترقنا.

3- {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (المؤمنون 9)
في رحلة دعويةٍ أثناء أيام زلزالٍ أصاب بعض ولايات الوطن؛ بادرَ مرافقي رجلا في الشارعِ -وكانَ حِلِّيقَ اللحية- بالتذكير بالله ووجوب تقواه، فقاطعه الرجلُ: أعملُ إمامًا، فمضى صاحبي يقول: إي نعم، جميل، وأتمَّ حديثه يعظه أن يحافظ على الصلاة وأنا أغمزهُ أنْ توَقَّفْ وهو "على نِيَّته".

4- {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (المؤمنون 5)
وهذه تنبئ عن الحال المؤلمة للأمة.
إمامٌ يفتي الناس في مدينة كبيرة، ويأتيه الناسُ يوم الجمعة يصلون مزدحمين في الطرقات، يحدثهم وهم يتصببون عرقًا من شدة حرِّ الصيفِ؛ وتذرفُ أعينهمْ، وأنا والله بين الضحك والبكاء لأن الرجل كلما تكلم عن الفَرَج قالَ الفَرْج!!، وأَعْجِبْ بقوله بحنوٍّ مستعطفًا السامعَ: ما أحلى الفرج بعد الشدة. والأعجبُ أنْ لا أحدَ استغربَ منه!!

5- {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} (الماعون 4-5)
سألتُ الشيخ الإمامَ الذي منذ فتحتُ عيني وهو الإمام بمسجدنا آنذاك، سألته بعد صلاة المغربِ بمَ قرَأَ في الركعتَيْن الأُولَيَيْن؟ قال: يا بني والله ما أدري، قلتُ: أوليسَ قد قرأتَ في الأولى بقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)}، قالَ: أَيْوَهْ، هي هي. ثم انتبهَ واعتذرَ؛ وكانَ حييًّا ذا خُلُقٍ شفاه الله.

مع الحفظ والتحفيظ والتدبر:
6- {قَلْبِي قَالَ}
حفظت القرآن وبلغ الخبرُ أحدَ أصدقائي من صحرائنا الجزائرية آنذاك فهنأني وأحب أن يختبرني؛ واستعرضني في كذا موضعٍ فلمْ أخطئ، فقال: أراكَ جذلًا معتدًّا بحفظك، أكمِلْ: {قَلْبِي قَالَ}، قُلتُ: أوَيَكون مثلُ هذا في كتاب الله؟، قال: {وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ}.

7- حفظ التوائم
كنت أدَرِّس القرآن، وكان لدي عدة حالات من التوائم، وكنتُ أرى عجيب خلق الله في حفظهم المتشابه؛ في قدراتهم وزمن الحفظ وحتى في الأخطاءِ التي يخطئونها.
فقلتُ لعلَّ جلوس التوأم مع أخيه أو أخته هو السبب، فجربت مرارًا مع سور جديدةٍ وباعدتُ بينهما فكانت النتيجة ذاتها، ولله في خلقه شؤون.

8- تدبُّرُ الطفولة البرئ {وَالرُّوحُ فِيهَا}
سألني طفلٌ أثناء حفظه سورة القدر: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}؛ لماذا نْرُوحُوا فيها؟ ("نْرُوحُوا فيها" تقالُ مجازًا في الدارجة الجزائرية بمعنى نَهْلِكُ)، فقلت له مبتسمًا: نحن بسلامٍ يا بنيَّ والحمد لله، الرُّوح جبريل عليه السلام، واقرأ السورة حتى آخرها وتدبرها واحفظها.

9- {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ}
فكرت ذات مرَّةٍ في اشتباه صرف الجمع الغائب للذكور والإناث في حال معتل الآخر (الفعل الناقص) نحو: هم يعلُونَ وهنَّ يعلونَ، وأنا المُغرم بإيجادِ الأمثلة والأدلة في كتاب الله، واتفق أني كنتُ أقرأ ظهيرةَ ذلك اليومِ سورة يوسف متدبرًا فمررتُ بقوله سبحانه: {مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}؛ فقلت الحمد لله هذه هيَ، ثمَّ تلوتُ تتمَّة الآية: {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ}؛ فقلت ضاحكًا: الحمد لله الذي صرفَ لي كيدهنَّ.

وصل اللهمَّ وسلم على محمد صلى الله عليه وسلم.
 
عودة
أعلى