لا يستويان: حافظ القرآن .. وعالم بالقرآن.

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
لا يستويان:
حافظ القرآن .. وعالم بالقرآن.

أتى رجل إلى الشيخ الغزالي رحمه الله وقال له: لقد حفظتُ القرآن.
فقال الشيخ: قد زادت المصاحف مصحفا.

وقال أحد العلماء: مَثَلُ حافظ القرآن من غير علم بتأويله، كمَثَل رجل جاءته رسالة من حبيب له، فعطرها، ووضعها في حافظة دون أن يفتحها.

لا شك أن القارئ لكتاب الله عن تدبر وفهم - وإن لم يكن يحفظ - خير من حافظ القرآن الذي يتلوه ويقرؤه من ذاكرته دون تدبر وفهم.
ذلك لأن الأول قد حقق الغاية التي من أجلها نزل كتاب الله، النظر والتدبر والفهم ومِن ثَمَّ العمل عن علم.

أما الحافظ للقرآن بلا علم بتأويله، ولا تدبر لآياته، إنما هو يستظهر الحروف والألفاظ ليس أكثر.

ولو نظرنا في آيات القرآن سنجد أنها تدعونا لتدبر القرآن وتأمله، والنظر فيه وفي أسراره ومكنونه، وليس إلى حفظه.

ولو نظرنا في المجتمع حولنا، سنجد الكثير مِمَّن يستظهرون حروف القرآن وكلماته وآياته ويحفظونها عن ظهر قلب، سنجدهم لا يدرون بما يقرءون، ولا يفقهون ما يتلون، هذا فضلا عن سوء خلق، وتضييع لما أمر به هذا الكتاب، ولما نهى عنه.

نسأل الله العفو والعافية.
د.محمد رجائي الجبالي
 
جزاكم الله خيرا

لعلي أضيف هذه الفائدة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى"(23/54) لما سئل :"
أيهما طلب القرآن أو العلم أفضل
فأجاب : أما العلم الذي يجب على الإنسان عينا كعلم ما أمر الله به وما نهى الله عنه فهو مقدَّم على حفظ ما لا يجب من القرآن فإن طلب العلم الأول واجب وطلب الثاني مستحب والواجب مقدم على المستحب، وأما طلب حفظ القرآن فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علما وهو إما باطل أو قليل النفع وهو أيضا مقدم في التعلم في حق من يريد أن يتعلم علم الدين من الأصول والفروع فإن المشروع في حق مثل هذا في هذه الأوقات أن يبدأ بحفظ القرآن فإنه أصل علوم الدين بخلاف ما يفعله كثير من أهل البدع من الأعاجم وغيرهم حيث يشتغل أحدهم بشيء من فضول العلم من الكلام أو الجدال والخلاف أو الفروع النادرة أو التقليد الذي لا يحتاج إليه أو غرائب الحديث التي لا تثبت ولا ينتفع بها وكثير من الرياضيات التي لا تقوم عليها حجة ويترك حفظ القرآن الذى هو أهم من ذلك كله فلابد فى مثل هذه المسألة من التفصيل، والمطلوب من القرآن هو فهم معانيه والعمل به فان لم تكن هذه همة حافظه لم يكن من أهل العلم والدين والله سبحانه أعلم.

وسئل عن تكرار القرآن والفقه أيهما أفضل وأكثر أجرا فأجاب الحمد لله خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد وكلام الله لا يقاس به كلام الخلق فان فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه وأما الأفضل فى حق الشخص فهو بحسب حاجته ومنفعته فان كان يحفظ القرآن وهو محتاج الى تعلم غيره فتعلمه ما يحتاج اليه أفضل من تكرار التلاوة التى لا يحتاج الى تكرارها وكذلك ان كان حفظ من القرآن ما يكفيه وهو محتاج الى علم آخر وكذلك ان كان قد حفظ القرآن أو بعضه وهو لا يفهم معانيه فتعلمه لما لم يفهمه من معانى القرآن أفضل من تلاوة ما لا يفهم معانيه وأما من تعبد بتلاوة الفقه فتعبده بتلاوة القرآن أفضل وتدبره لمعانى القرآن أفضل من تدبره لكلام لا يحتاج لتدبره والله أعلم".
 
عودة
أعلى