عبدالكريم عزيز
New member
يقول تعالى : ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ . وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾[البقرة:243-244] .
يقول سيد قطب (ت:1387هـ) في الظلال : " تجربة لا يذكر القرآن أصحابها ؛ ويعرضها في اختصار كامل ، ولكنه واف . فهي تجربة جماعة {خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت} . . فلم ينفعهم الخروج والفرار والحذر ؛ وأدركهم قدر الله الذي خرجوا حذرا منه . . فقال لهم الله : { موتوا} . . {ثم أحياهم} . . لم ينفعهم الجهد في اتقاء الموت ، ولم يبذلوا جهدا في استرجاع الحياة . وإنما هو قدر الله في الحالين .
وفي ظل هذه التجربة يتجه إلى الذين آمنوا يحرضهم على القتال ، وعلى الإنفاق في سبيل الله ، واهب الحياة . وواهب المال . والقادر على قبض الحياة وقبض المال " .
لا أحب أن نذهب في تيه التأويلات ، عن هؤلاء الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت . . من هم ؟ وفي أي أرض كانوا ؟ وفي أي زمان خرجوا ؟ . . . . فلو كان الله يريد بيانا عنهم لبين ، كما يجيء القصص المحدد في القرآن . إنما هذه عبرة وعظة يراد مغزاها ، ولا تراد أحداثها وأماكنها وأزمانها . وتحديد الأماكن والأزمان لا يزيد هنا شيئا على عبرة القصة ومغزاها . . إنما يراد هنا تصحيح التصور عن الموت والحياة ، وأسبابهما الظاهرة ، وحقيقتهما المضمرة ؛ ورد الأمر فيهما إلى القدرة المدبرة . والاطمئنان إلى قدر الله فيهما . والمضي في حمل التكاليف والواجبات دون هلع ولا جزع ، فالمقدر كائن ، والموت والحياة بيد الله في نهاية المطاف . . يراد أن يقال : إن الحذر من الموت لا يجدي ؛ وإن الفزع والهلع لا يزيدان حياة ، ولا يمدان أجلا ، ولا يردان قضاء ؛ وإن الله هو واهب الحياة ، وهو آخذ الحياة ؛ وإنه متفضل في الحالتين : حين يهب ، وحين يسترد ؛ والحكمة الإلهية الكبرى كامنة خلف الهبة وخلف الاسترداد . وإن مصلحة الناس متحققة في هذا وذاك ؛ وإن فضل الله عليهم متحقق في الأخذ والمنح سواء : {إن الله لذو فضل على الناس . ولكن أكثر الناس لا يشكرون} . إن تجمع هؤلاء القوم {وهم ألوف} وخروجهم من ديارهم {حذر الموت} . . لا يكون إلا في حالة هلع وجزع ، سواء كان هذا الخروج خوفا من عدو مهاجم ، أو من وباء حائم . . إن هذا كله لم يغن عنهم من الموت شيئا : {فقال لهم الله موتوا } . . كيف قال لهم ؟ كيف ماتوا ؟ هل ماتوا بسبب مما هربوا منه وفزعوا ؟ هل ماتوا بسبب آخر من حيث لم يحتسبوا ؟ كل ذلك لم يرد عنه تفصيل ، لأنه ليس موضع العبرة . إنما موضع العبرة أن الفزع والجزع والخروج والحذر ، لم تغير مصيرهم ، ولم تدفع عنهم الموت ، ولم ترد عنهم قضاء الله . وكان الثبات والصبر والتجمل أولى لو رجعوا لله . . {ثم أحياهم} . . كيف ؟ هل بعثهم من موت ورد عليهم الحياة ؛ هل خلف من ذريتهم خلف تتمثل فيه الحياة القوية فلا يجزع ولا يهلع هلع الآباء ؟ . . ذلك كذلك لم يرد عنه تفصيل . فلا ضرورة لأن نذهب وراءه في التأويل ، لئلا نتيه في أساطير لا سند لها كما جاء في بعض التفاسير . . إنما الإيحاء الذي يتلقاه القلب من هذا النص أن الله وهبهم الحياة من غير منهم . في حين أن جهدهم لم يرد الموت عنهم . إن الهلع لا يرد قضاء ؛ وإن الفزع لا يحفظ حياة ؛ وإن الحياة بيد الله هبة منه بلا جهد من الأحياء . . إذن فلا نامت أعين الجبناء ! " .
يقول سيد قطب (ت:1387هـ) في الظلال : " تجربة لا يذكر القرآن أصحابها ؛ ويعرضها في اختصار كامل ، ولكنه واف . فهي تجربة جماعة {خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت} . . فلم ينفعهم الخروج والفرار والحذر ؛ وأدركهم قدر الله الذي خرجوا حذرا منه . . فقال لهم الله : { موتوا} . . {ثم أحياهم} . . لم ينفعهم الجهد في اتقاء الموت ، ولم يبذلوا جهدا في استرجاع الحياة . وإنما هو قدر الله في الحالين .
وفي ظل هذه التجربة يتجه إلى الذين آمنوا يحرضهم على القتال ، وعلى الإنفاق في سبيل الله ، واهب الحياة . وواهب المال . والقادر على قبض الحياة وقبض المال " .
لا أحب أن نذهب في تيه التأويلات ، عن هؤلاء الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت . . من هم ؟ وفي أي أرض كانوا ؟ وفي أي زمان خرجوا ؟ . . . . فلو كان الله يريد بيانا عنهم لبين ، كما يجيء القصص المحدد في القرآن . إنما هذه عبرة وعظة يراد مغزاها ، ولا تراد أحداثها وأماكنها وأزمانها . وتحديد الأماكن والأزمان لا يزيد هنا شيئا على عبرة القصة ومغزاها . . إنما يراد هنا تصحيح التصور عن الموت والحياة ، وأسبابهما الظاهرة ، وحقيقتهما المضمرة ؛ ورد الأمر فيهما إلى القدرة المدبرة . والاطمئنان إلى قدر الله فيهما . والمضي في حمل التكاليف والواجبات دون هلع ولا جزع ، فالمقدر كائن ، والموت والحياة بيد الله في نهاية المطاف . . يراد أن يقال : إن الحذر من الموت لا يجدي ؛ وإن الفزع والهلع لا يزيدان حياة ، ولا يمدان أجلا ، ولا يردان قضاء ؛ وإن الله هو واهب الحياة ، وهو آخذ الحياة ؛ وإنه متفضل في الحالتين : حين يهب ، وحين يسترد ؛ والحكمة الإلهية الكبرى كامنة خلف الهبة وخلف الاسترداد . وإن مصلحة الناس متحققة في هذا وذاك ؛ وإن فضل الله عليهم متحقق في الأخذ والمنح سواء : {إن الله لذو فضل على الناس . ولكن أكثر الناس لا يشكرون} . إن تجمع هؤلاء القوم {وهم ألوف} وخروجهم من ديارهم {حذر الموت} . . لا يكون إلا في حالة هلع وجزع ، سواء كان هذا الخروج خوفا من عدو مهاجم ، أو من وباء حائم . . إن هذا كله لم يغن عنهم من الموت شيئا : {فقال لهم الله موتوا } . . كيف قال لهم ؟ كيف ماتوا ؟ هل ماتوا بسبب مما هربوا منه وفزعوا ؟ هل ماتوا بسبب آخر من حيث لم يحتسبوا ؟ كل ذلك لم يرد عنه تفصيل ، لأنه ليس موضع العبرة . إنما موضع العبرة أن الفزع والجزع والخروج والحذر ، لم تغير مصيرهم ، ولم تدفع عنهم الموت ، ولم ترد عنهم قضاء الله . وكان الثبات والصبر والتجمل أولى لو رجعوا لله . . {ثم أحياهم} . . كيف ؟ هل بعثهم من موت ورد عليهم الحياة ؛ هل خلف من ذريتهم خلف تتمثل فيه الحياة القوية فلا يجزع ولا يهلع هلع الآباء ؟ . . ذلك كذلك لم يرد عنه تفصيل . فلا ضرورة لأن نذهب وراءه في التأويل ، لئلا نتيه في أساطير لا سند لها كما جاء في بعض التفاسير . . إنما الإيحاء الذي يتلقاه القلب من هذا النص أن الله وهبهم الحياة من غير منهم . في حين أن جهدهم لم يرد الموت عنهم . إن الهلع لا يرد قضاء ؛ وإن الفزع لا يحفظ حياة ؛ وإن الحياة بيد الله هبة منه بلا جهد من الأحياء . . إذن فلا نامت أعين الجبناء ! " .