لا تقولوا راعنا . .

إنضم
24/11/2010
المشاركات
23
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
النداء الأول


[لاَتَقُولُواْ راعنا. . .]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ]البقرة104[.​
إن الكلمة إذا أصبح لها مدلول اصطلاحي أي حقيقة عرفية خاصة، وصار لاستعمالها واقع فحينها يسَلَّط الحكم الشرعي على المعنى الاصطلاحي وليس على المعنى اللغوي، فإن كلمة (راعنا) كلمة عربية بمعنى انتظرنا وأمهلنا وهي نفس معنى كلمة (انظرنا)، ولكن اليهود يستعملون (راعنا) في معنى السبّ والشتم ويستغلون استعمال المسلمين لها في نداء الرسول صلى الله عليه وسلم فسيتعلمونها هم في نداء الرسول كذلك بقصد السبّ والشتم، فنزلت الآية بأن لا يستعمل المسلمون هذه الكلمة لأنها أصبحت اصطلاحاَ – حقيقة عرفية خاصة- بمدلول جديد، وأصبح الحكم الشرعي لمثل هذه الكلمات يسلط على المعنى الاصطلاحي وليس على المعنى اللغوي.
فمثلا لو سُئلنا الحكم الشرعي في الاشتراكية، فلا نبحث معنى الاشتراكية اللغوي من اشترك أو شركاء أو شركة حسب معانيها اللغوية ونسلط الحكم عليها، بل نسلط الحكم الشرعي على المعنى الاصطلاحي لكلمة (اشتراكية) فنجد أن أهلها سموها بهذا الاسم للدلالة على مبدأ معين ينكر أن هناك خالقاً للمادة ويعتبرها أزلية، ثم يطبق أحكاماً منبثقة من عقيدته هذه، فيقول بتطور المادة وإلغاء الملكيات وأنواع المساواة المبنية في ذلك النظام، وبهذا المعنى نقول إن الاشتراكية نظام كفر للنصوص الواردة حول مدلولها الاصطلاحي.[1] ومثلها

الديمقراطية والرأسمالية والعلمانية.. إلخ.

المعاني المفردة

رَاعِنَا: فِعْلُ أَمْرٍ. أمر من المراعاة، أي راعنا سمعك أي اسمع لنا ما نريد أن نسألك عنه أو انظر في مصالحنا وتدبير أمورنا..
انْظُرْنا: انظر إلينا، أو انتظرنا وتأنّ علينا وأمهلنا.

الإعـراب[2]

«لا تَقُولُوا» لا ناهية جازمة تقولوا مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعل. والجملة لا محل لها ابتدائية. «راعِنا» فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وهو الياء والكسرة دليل عليه والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت ونا مفعول به والجملة مقول القول. «وَقُولُوا» الواو عاطفة قولوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل. والجملة معطوفة. «انْظُرْنا» فعل أمر وفاعله أنت ونا مفعول به والجملة مفعول به مقول القول. «وَاسْمَعُوا» أمر وفاعله ومفعوله محذوف تقديره واسمعوا كلام رسولكم، والجملة معطوفة. «وَلِلْكافِرِينَ» الواو استئنافية للكافرين متعلقان بمحذوف خبر مقدم. «عَذابٌ» مبتدأ مؤخر. «أَلِيمٌ» صفة مرفوعة، والجملة استئنافية.
سبب النزول[3]

قالَ ابنُ عباسٍ في روايةِ عطاءٍ: وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِهَا، فَلَمَّا سَمِعَتْهُمُ الْيَهُودُ يَقُولُونَهَا لِلنَّبِيِّ صل1أَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ وَكَانَ ﴿رَاعِنَا﴾ فِي كلام اليهود سبًّا قبيحًا فَقَالُوا:إِنَّا كُنَّا نَسُبُّ مُحَمَّدًا سِرًّا فَالآنَ أَعْلَنُوا السَّبَّ لِمُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِهِمْ، فَكَانُوا يَأْتُونَ نَبِيَّ اللَّهِ صل1 فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ ﴿رَاعِنَا﴾ وَيَضْحَكُونَ فَفَطِنَ بِهَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَكَانَ عَارِفًا بلغة اليهود، وقال: يا أَعْدَاءَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَئِنْ سَمِعْتُهَا مِنْ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ فَقَالُوا: أَلَسْتُمْ تَقُولُونَهَا لَهُ؟ فَأَنْزَلَ الله تعالى: ﴿يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ الآيَةَ.

مناسبة الآية في السياق[4]

"اعلم أن الله تعالى لما شرح قبائح أفعالهم قبل مبعث محمد عليه الصلاة والسلام أراد من ههنا أن يشرح قبائح أفعالهم عند مبعث محمدصل1 وجدهم واجتهادهم في القدح فيه والطعن في دينه"
[ ومناسبة نزول هاته الآية عقب الآيات المتقدمة في السحر وما نشأ عن ذمه، أن السحر كما قدمنا راجع إلى التمويه، وأن من ضروب السحر ما هو تمويه ألفاظ وما مبناه على اعتقاد تأثير الألفاظ في المسحور بحسب نية الساحر وتوجهه النفسي إلى المسحور، وقد تأصل هذا عند اليهود واقتنعوا به في مقاومة أعدائهم.[. من فوائد ابن عاشور فى الآية.

في ظلال النداء

يتجه الخطاب في مطلع هذا الدرس إلى ﴿ الذين آمنوا ﴾ يناديهم بالصفة التي تميزهم، والتي تربطهم بربهم ونبيهم، والتي تستجيش في نفوسهم الاستجابة والتلبية.
وبهذه الصفة ينهاهم أن يقولوا للنبي صل1: ﴿ راعنا ﴾ - من الرعاية والنظر – وأن يقولوا بدلاً منها مرادفها في اللغة العربية: ﴿ أنظرنا ﴾.. ويأمرهم بالسمع بمعنى الطاعة،
ويحذرهم من مصير الكافرين وهو العذاب الأليم:
﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا: راعنا وقولوا انظرنا. واسمعوا. وللكافرين عذاب أليم ﴾.
وتذكر الروايات أن السبب في ذلك النهي عن كلمة ﴿ راعنا ﴾.. أن سفهاء اليهود كانوا يميلون
ألسنتهم في نطق هذا اللفظ، وهم يوجهونه للنبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤدي معنى آخر مشتقاً من الرعونة.فقد كانوا يخشون أن يشتموا النبي صلى الله عليه وسلم مواجهة، فيحتالون على سبه - صلوات الله وسلامه عليه - عن هذا الطريق الملتوي، الذي لا يسلكه إلا صغار السفهاء! ومن ثم جاء النهي للمؤمنين عن اللفظ الذي يتخذه اليهود ذريعة، وأمروا أن يستبدلوا به مرادفه في المعنى، الذي لا يملك السفهاء تحريفه وإمالته. كي يفوتوا على اليهود غرضهم الصغير السفيه!
واستخدام مثل هذه الوسيلة من اليهود يشي بمدى غيظهم وحقدهم، كما يشي بسوء الأدب، وخسة الوسيلة، وانحطاط السلوك. والنهي الوارد بهذه المناسبة يوحي برعاية الله لنبيه وللجماعة المسلمة، ودفاعه - سبحانه - عن أوليائه، بإزاء كل كيد وكل قصد شرير من أعدائهم الماكرين.

هدايـة وتدبـر[5]

1. الرعي حفظ الغير لمصلحته، وكان المسلمون يقولون للرسول عليه الصلاة والسلام راعنا أي راقبنا وتأن بنا فيما تلقننا حتى نفهمه، وسمع اليهود فافترصوه وخاطبوه به مريدين نسبته إلى الرعن، أو سبه بالكلمة العبرانية التي كانوا يتسابون بها وهي راعينا، فنهي المؤمنون عنها وأمروا بما يفيد تلك الفائدة ولا يقبل التلبيس، وهو انظرنا بمعنى انظر إلينا. أو انتظرنا من نظره إذا انتظره. وقرئ أنظرنا من الإنظار أي أمهلنا لنحفظ. وقرىء راعونا على لفظ الجمع للتوقير، وراعنا بالتنوين أي قولاً ذا رعن نسبة إلى الرعن وهو الهوج ، لما شابه قولهم راعينا وتسبب للسب. ((( واسمعوا ))) وأحسنوا الاستماع حتى لا تفتقروا إلى طلب المراعاة، أو واسمعوا سماع قبول لا كسماع اليهود، أو واسمعوا ما أمرتم به بجد حتى لا تعودوا إلى ما نهيتم عنه. (((وللكافرين عَذَابٌ أَلِيمٌ ))) يعني الذين تهاونوا بالرسول عليه الصلاة والسلام وسبوه.
2. نهي الجماعة المسلمة عن التشبه بهؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب في قول أو فعل بما يتوافق مع معاني ومدلولات غير المسلمين فما بالكُم بالإيمان والاعتقاد والعمل بما عندهم من أفكار ومناهج حياة وسلوك.
3. التمسّك بسدّ الذرائع وحمايتها.. وقد دلّ على هذاالأصل الكتابُ والسُّنة. والذَّرِيعة عبارةٌ عن أمر غير ممنوع لنفسه يُخاف من ارتكابه الوقوع في ممنوع. – وَهِيَ الْوَسَائِلُ الَّتِي يُتَوَسَّلُ بِهَا إِلَى أَمْرٍ مَحْظُورٍ –.
4. استخدام مثل هذه الوسيلة من اليهود يشي بمدى عظيم غيظهم وحقدهم، كما يشي بسوء الأدب، وخسة الوسيلة، وانحطاط السلوك.
5. النهي الوارد بهذه المناسبة يوحي برعاية الله لنبيه وللجماعة المسلمة، ودفاعه سبحانه عن أوليائه، بإزاء كل كي دوكل قصد شرير من أعدائهم الماكرين.
6.كشف دسائس اليهود وكيدهم للإسلام والمسلمين؛ وتحذير الجماعة المسلمة من ألاعيبهم وحيلهم، وما تكنه نفوسهم للمسلمين من الحقد والشر، وما يبيتون لهم من الكيد والضر. ويكشف للمسلمين عن الأسباب الحقيقية الدفينة التي تكمن وراء أقوال اليهود وأفعالهم، وكيدهم ودسهم، وألاعيبهم وفتنهم، التي يطلقونها في الصف الإسلامي.
7. فرِّغوا أيها المؤمنون أسماعكم لما يقول النبي عليه السلام حتى لا تحتاجوا إلى الاستعادة. واسمعوا سماع قبول وطاعة ولا يكن سماعكم سماع اليهود حيث قالوا: سمعنا وعصينا. واسمعوا ما أمرتم به حتى لا ترجعوا إلى ما نهيتم عنه تأكيدا ًعليهم.
8. تجنّب الألفاظ المحتمِلة التي فيها التعريض للتنقيص والغَضّ.
9. قوله تعالى: ﴿ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا ﴾ نهي ٌيقتضي التحريم.

[1]. التيسير في اصول التفسير: عطا ابو الرشتة ص134-135. ط 1418هـ 1998م
[2] . الحَاوِى فى تَفْسِيرِ القُرْآنِ الْكَرِيمِ.
[3] . انظر: التفسير المنير ج1 ص235.
[4] . الحَاوِى فى تَفْسِيرِ القُرْآنِ الْكَرِيمِ ج6 ص 27. وفي ظلال القرآن.
[5]. انظر: أسباب نزول القرآن. الواحدي. مفاتيح الغيب. التحرير والتنوير. في ظلال القرآن. التفسير المنير. الجامع لاحكام القرآن.تفسير البيضاوى حـ 1 صـ 375.
في ظلال النداء : من في ظلال القرآن.
 
بارك الله فيك شيخنا رضوان
جلّيت الموضوع وأمطت عن بعض الجوانب اللثام
وما فهمته من السياق ان هذا يأتي ضمن سلسلة دروس ام انا واهم؟
أفدنا جزاك الله خيرا
 
سؤال

سؤال

لفت نظري المرجع الاول في الموضوع وهو
[1]. التيسير في اصول التفسير: عطا ابو الرشتة ص134-135. ط 1418هـ 1998م
وكما اعرف ان الاستاذ عطا ابو الرشته المهندس المدني رئيس حزب التحرير في الاردن ويستند في افكاره الى فلسفات علم لكلام
وله آراء غريبة،والسؤال:هل هذا المرجع من المراجع الموثوقة علميا والمقرة من اهل الاختصاص؟
 
الأستاد محمد عقل

الأستاد محمد عقل

الأستاذ العزيز محمد عقل
نعم هو يأتي ضمن سلسلة دروس إن شاء الله تعالى
راجيا سماع الآراء والتقييم
جزاك الله خيرا
 
شيخنا رضوان
الحمد لله انني لم اكن واهما
والحقيقة ان اسلوبك في تناول الموضوع وترتيبه هو ما لفت نظري
وانتبهت اكثر الى انها سلسلة نداءات قرآنية لا تطويل فيها ولا حشو
جزاك الله عنا كل خير
 
شيخنا رضوان


الحمد لله انني لم اكن واهما
والحقيقة ان اسلوبك في تناول الموضوع وترتيبه هو ما لفت نظري
وانتبهت اكثر الى انها سلسلة نداءات قرآنية لا تطويل فيها ولا حشو

جزاك الله عنا كل خير
أشكر لك جميل تعليقاتك
 
من بيده سلطة الحجر؟

من بيده سلطة الحجر؟

لفت نظري المرجع الاول في الموضوع وهو
[1]. التيسير في اصول التفسير: عطا ابو الرشتة ص134-135. ط 1418هـ 1998م
وكما اعرف ان الاستاذ عطا ابو الرشته المهندس المدني رئيس حزب التحرير في الاردن ويستند في افكاره الى فلسفات علم لكلام
وله آراء غريبة،والسؤال:هل هذا المرجع من المراجع الموثوقة علميا والمقرة من اهل الاختصاص؟
وهل هناك أخي محمد هيئة أو لجنة أو مجمع من أهل الاختصاص يقرون ويوثقون مثل هذه الأعمال والدراسات المتعلقة بالقرآن الكريم
وليس لأحد أن يحجر على أحد إلا أن يكون نقاشا علميا
ألا يجوز للمهندس أو الطبيب أو المؤرخ أو... إذا ملك أدوات علم آخر أن يدلو بدلوه فيه وهناك أمثلة كثيرة على ذلك ومن بعضها:
الشيخ الفاضل محمد صالح المنجّد فإنّ تخصّصه في الأصل إدارة صناعية.
العلامة صالح آل الشيخ / كان طالبا في كلية الهندسة مدة 4 سنوات قبل انتقاله لكلية الشريعة.
الشيخ عز الدين رمضاني الجزائري عنده أنجينيورة في علوم الفلاحة . كما يقال عند المصريين مهندس دولة .
الشيخ عبد الغني عويسات متحصل على شهادة في الكهرباء و هو يعمل عند الشركة الأم في الجزائر في هذا المجال .
الشيخ ابو اسحاق الحوينى امتياز فى كلية الالسن الاربع سنين وقد عين معيدا فى الكليه ومع ذلك كان يدرس بقوة فى علوم الحديث
الألباني - ساعاتي!
عطاء عبد اللطيف - قصاب (جزار).
مصطفى العدوي - مهندس!
محمد عبد المقصود - كيميائي!
سليمان العلوان - متوسط!
عمر عبد الكافي - زراعة!
محمد حسان - إعلام!
الدكتور راغب السرجاني أستاذ دكتور في جامعة القاهرة كلية الطب.
وأخيراً هنا وهنالك أخي محمد ممن يحملون شهادات الدكتوراه في الشريعة ولا يتقنون قراءة الفاتحة ؟!
 
اخي ابا الوليد سلام عليك
انت ذهبت بعيدا جدا في الرد
فالمقصود ليس اختصاص الرجل بقدر الفلسفات الكلامية التي يحملها
واثرها على العقيدة
وتاثر كتاباته بها
وانت تعرف ان حزب التحرير قد حرر الكثير من المسائل الاعتقادية
وغيرها بطريقة انفردوا بها عن غيرهم
وعليه فالتوجه الذي يحمله زعيم الحزب لا بد ان يكون تاثر بها ايضا
وبما ان له كتابا في قضايا التفسير ومنشور فلا شك ان هذا الكتاب له وعليه
وبما انك مطلع عليه فيا حبذا لو تفضلت بطرح بعض مما ورد فيه من رؤى وافكار للمدارسة في هذا الملتقى
علما انني التقيت الرجل في مقابلة صحفية لاهبة وكانت تغطي ابعادا سياسية اكثر من المسائل الاعتقادية التي لها ناسها
والرجل من اهل الاخلاق الرفيعة والعقل الراجح ولا نزكيه على الله
والايام التي قضايا حبيسا اكثر بكثير من التي قضاها محررا
وهو من القلائل الذين يؤمنون بالفكرة ويقبضون عليها الى آخر نفس من حياتهم

 
الاستاذ رضوان
السلام عليكم
جهدكم مشكور ومأجور ان شاء الله
اولا:هل كتاب التيسير في اصول التفسير: عطا ابو الرشتة/ متوفر في الاسواق ؟؟
وان لم يكن متوفرا هل يمكنكم اضافته الى الموسوعة الشاملة للاطلاع عليه؟؟!!
ثانيا:هل سننتظر طويلا بقية النداءات؟
 
الاستاذ رضوان
السلام عليكم
جهدكم مشكور ومأجور ان شاء الله
اولا:هل كتاب التيسير في اصول التفسير: عطا ابو الرشتة/ متوفر في الاسواق ؟؟
وان لم يكن متوفرا هل يمكنكم اضافته الى الموسوعة الشاملة للاطلاع عليه؟؟!!
ثانيا:هل سننتظر طويلا بقية النداءات؟
أخي محمد أشكرك
1. الكتاب فهو غير متوفر لأن صاحبه رئيس حزب التحرير الإسلامي وأنا حصلت عليه بطريقة شخصية.
ولكن ممكن الدخول على موقع عطا أبو الرشتة فتحصل عليه إن شاء الله.
2. بقية النداءات ستنزل هنا تباعاً بإذن الله نعالى.
 
وصلني عن طريق الإيميل واستأذنت صاحبه المحترم بإضافته فأذن لي
..........................................
راعنا" تعني: سيئنا

قال الله تعالى في نهيِ المؤمنينَ عن محاكاةِ وتقليد اليهودِ في مخاطبتِهم خاتمَ المرسلينَ:

"لا تقولوا : راعِنا، وقولوا: انظُرْنا واسمعوا".

اختلف المفسرون في كلمة " راعنا"، وجاء في أمرِها آراءٌ عجيبة. ولمّا كانتِ الآية ُ"منَ الذينَ هادوا يحرّفون الكلمَ عن مواضعِهِ ويقولونَ سمعْنا وعصيْنا واسمعْ غيرَ مُسمَعٍ وراعِنا ليّاً بألسنتِهم" تبين بصراحةٍ أنها من أقوالِ اليهودِ ليّاً بألسنتِهم، فهذا يعني أنّ اليهودَ كانوا يقولونَها ليّاً بألسنتِهم إيهاماً بأنَّها عربيّةٌ، مع أنَّ القصد منها هو معناها في العبريّةِ، وهذا يعني أنَّ كلمة "راع" موجودةٌ في لغتِهم. ومن هنا كان حريّاً بالمفسرينَ أنْ يمسكوا بكلمة "راع" في العبريّةِ، لينطلقوا منها إلى فهمِ المسألة على حقيقتِها.

إنْ كلمة "رَعْ "רע - نقرؤها راعْ - العبرية معناها: سيّء، أي هي وصفٌ للشيءِ بالسوء أو القذارة وما إلى ذلك.

فإذا قلتَ في العبريةِ : "شارونْ راعْ" فتقصد : "شارون سيئ" أو إذا قلتَ : "شارونْ هوْ إيشْ راعْ" فتقصدُ أنَّ شارونَ هو رجلٌ سيّءٌ.

طبعاً (دخولاً في السياسة)، لا ريْبَ في ذلك.

ولوْ كنتَ بينَ قومٍ عبرانيّينَ وأرادوا أن يشيروا لك إلى شخصٍ بعينِهِ بأنه السيءُ فيهم، أو بأنهُ سيّئهم، فإنهم يقولون عنهُ: "راعينو" רענו ra'aino, ra3aino ـ أيْ: هوَ سيئُنا.

ولتوضيحِ المقصودِ باللَّيِّ:

كلمةُ "سِْفر" التي معناها: كتاب، هي في العبريّةِ أيضاً "سِفِرْ" ספר، وتلفظُ بمدِّ الكسرةِ الأولى التي تحتَ السين فنقول: "سيِفِرsefer ،saifer فنلفظُ المقطع الأول كما في كلمة: say . وإذا أردنا في العربيّةِ أن نبينَ عن سفرٍ بأنهُ خاصتُنا ولنا فإننا نقول: سِفْرُنا. وأمّا في العبريّةِ فنقول: سِفْرينو ספרנו (sifraino).. أي عند لفظِها نلوي بلساننِنا ونُميلُه.

فماذا كان يفعل اليهودُ في المدينةِ من أجل الإساءة إلى الرسول، عليهِ السلامُ؟
انتهز هؤلاء كلمةَ "راعنا" العربيةَ، والتي يقصد العربُ بقولِها أن ينظرَ المخاطَبُ بها إليهم، أي كان العربُ يستعملونها في طلبِ نظرةِ الرعايةِ والاعتناء بهم من قِبَلَ الذي يخاطبونه. ولا نزال إلى اليومِ نستعملُها، وبخاصةٍ في مجال البيعِ والشراء، فنقول للبائعِ الذي نشعرُ أنه يطلبُ سعراً غالياً، ونريد أن يكرمَنا بخفضِهِ – نقول له: راعِنا يا ابن الحلال!.. أو نستنكرُ منه طلب سعرٍ غالٍ فنقول له: ما لكَ لا تراعينا يا رجلُ!

حسناً، انتهز يهودُ المدينةِ كلمةَ : "راعنا" العربيّةَ ليقولوها قاصدينَ منها معناها، لا العربيَّ، بل معناها في لسانِهم العبريِّ: "ليّاً بألسنتِهم". ومن البدهيِّ أن كثيراً منهم كانوا يلحنون في تحدُّثِهم بالعربيّةِ، ومن ذلكَ تغييرُ بعض الحركاتِ في الكلماتِ العربيّةِ بما يناسبُ ما في لسانِهم، فانتهزوا هذا أيضاً للتغطية وتمشيةِ الخداعِ.

أجل، انتهزَ اليهودُ كلمة "راعِنا" العربيّةَ معَ الليِّ لها بألسنتِهم، وصاروا يخاطبونَ بها الرسولَ، عليهِ السلامُ، قاصدينَ منها أن يصفوهُ بأنهُ سيئهم (أي السيء في القوم الموجودين حين الخطاب). وهنا يوجد احتمالان في ليِّ تلك الكلمةِ:

الاحتمال الأول (وأراه الأقوى): هو أنهم كانوا يقولونَها: راعينو רענו (ra'aino, ra3aino) ، أي: يا سيّئَنا، أو : يا أيّها السيءُ فينا ومن بيننا.

الاحتمال الثاني: هو أنهم كانوا يقولونَها : "راعْنا"، بتسكين العين على أصلِ كلمة "راعْ" في لسانِهم. وهي أيضاً بمعنى: يا سيّئنا، أو : أيها السيءُ فينا ومن بيننا.

وهكذا كان اليهودُ يفعلونَ بكلمة "راعِنا"، عندما يخاطبون الرسولَ ،عليْهِ السلامُ، يلوونَ ألسنتَهم بها، أو يلحنونَ في لفظِها، من أجل أن يقصدوا أن يصفوهُ بأنّه سيّءٌ، أيْ كانوا يتظاهروَن كأنهم مهتمون أن يوجهَ إليهم نظرَهُ وسمعَهُ؛ إيهاماً بانهم يجعلون لاهتمامه بهم اعتباراً ووزناً .

ومن أجل أن يقطعَ الله تعالى عليهم هذا الخبثَ، وتلك المخادعةَ، وذلك التمويهَ، فقد طلب منهم أن يقولوا :"اسمعْ وانظُرْنا".

"منَ الذينَ هادوا يحرّفون الكلمَ عن مواضعِهِ ويقولونَ سمعْنا وعصيْنا واسمعْ غيرَ مُسمَعٍ وراعِنا ليّاً بألسنتِهم وطعناً في الدين، ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمعْ وانظُرْنا لكانَ خيراً لهم وأقومَ، ولكنْ لعنَهم اللهُ بكفرِهم فلا يؤمنون إلّا قليلاً" (النساء: 46(

"يا أيُّها الذين آمنوا لا تقولوا راعِنا وقولوا انظُرْنا واسمعوا وللكافرينَ عذابٌ أليمٌ" (البقرة: 104).

*******
من كتاب: "التفسير الغائب"
تأليف: عطية زاهدة
[email protected]
 
كلمة ( راعنا ) كلمة كان المسلمون يقولونها للنبي صلى الله عليه وسلّم طلباً لرعايته لهم ولطفه بهم وتوجيهه إياهم ، واستغلها اليهود لأنها في لغتهم توحي بمعنى الرعونة ، بمعنى التنقيص من قدر الذي تقال فيه ، فكانوا يقولونها للنبي صلى الله عليه وسلّم بقصد تنقيصه ، فمُنع المسلمون من أن يقولوها لئلا يفتحوا المجال لليهود ليعبثوا بمقام قدره صلى الله عليه وسلّم ، وفي هذا ما يدل على أن الإسلام جاء بسد ذرائع الفساد ، فالشيء وإن كان في ذاته حقاً إلا أنه يمنع أحياناً بسبب ما يؤدي إليه من مفسدة.
 
أرجو من الإخوة الأكارم والعلماء الفضلاء أن يبدوا ملاحظاتهم على هذه السلسلة من نداءات الإيمان
جزاكم الله خيرا​
 
عودة
أعلى