لا تجريحا في النبي- حاشا لله- ولكن دفاعا عما نطق به (إن أبي وأباك في النار)

إنضم
18/06/2005
المشاركات
113
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
لا تجريحا في النبي(ص) كما يدعي الضالون- حاشا لله- ولكن دفاعا عما نطق به (إن أبي وأباك في النار)

سوف ادخل في الموضوع بدون مقدمات:

عن أنس أن رجلا قال : يا رسول الله! أين أبي؟ قال "في النار" فلما قفى دعاه فقال "إن أبي وأباك في النار".
رواه مسلم(1: 132-133) وأبو داود(4718) وأحمد(3: 268) زأبو يعلى(3516) وابن حبان(578- الإحسان) وابن أبي شيبة وأبو عوانة(1: 99) والبيهقي(7: 190) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت بن أسلم البناني به.
وهو حديث صحيح جدا, وإسناده في غاية الصحة, صححه مسلم والجوزجاني في الأباطيل والمناكير(1: 233) وابن حبان والبيهقي وابن كثير(باعتمادهما الحديث في كتبيهما وتعليقاتهما كما سيأتي) والألباني في الصحيحة(2592) والحويني في مجلة التوحيد.
وندين لله تعالى بما نطق به هذا الحديث, كما دان به وبمعناه كبار أئمة المسلمين بلا خلاف بينهم, ومنهم :
1- الإمام مسلم, حيث رواه في صحيحه وعنون عليه: باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تناله شفاعة ولا تنفعه قرابة المقربين.
2- داود صاحب السنن, حيث روى حديث أنس مع أحاديث أخرى وعنون عليها: باب في ذراري- أي أبناء- المشركين.
3- ابن حبان, حيث رواه في ((صحيحه)).
4- النسائي, حيث روى حديث الاستئذان(2032) - وهو:عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله ، فقال: ((استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت)) – وهو كما ترى بمعنى حديث أنس في أنه قد ثبت أن من أهل الجاهلية من هم ليسوا من أهل الفترة, وعنون عليه: باب زيارة قبر المشرك. أقول: وهذا الحديث صريح في عدم إيمانها ؛ لأن اللَّه عز وجل قال : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }, والآية عامة.. فتأمل. ويؤكد ذلك حديث بريدة رضي الله عنه قال:( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم [ في سفر، وفي رواية : في غزوة الفتح ] . فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب ، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان ، فقام إليه عمر بن الخطاب، ففداه بالأب والأم، يقول :يا رسول لله مالك ؟ قال: إني سألت ربي عز وجل في الاستغفار لأمي، فلم يأذن لي، فدمعت عيناي رحمة لها من النار، [ واستأذنت ربي في زيارتها فأذن لي ] ، وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولتزدكم زيارتها خيرا ) . أخرجه أحمد (5/355،357،359) وابن أبي شيبة (4/139) والرواية الاخرى لهما وإسنادها عند ابن أبي شيبة صحيح ، والحاكم (1/376) وكذا ابن حبان (791) والبيهقي (4/76) والزيادة الاولى لها : والرواية الاخرى فيها لمن سبق ذكره ، والزيادة الاخرى للحاكم وقال : ( صحيح على شرط الشيخين ) وصححه الألباني[أحكام الجنائز238], وهو كما قال.
5- ابن ماجة: حيث روى هو أيضا حديث الاستئذان(1572), وعنون عليه: باب ما جاء في زيارة قبور المشركين.
6- البيهقي: إذ قال في كتابه دلائل النبوة (1/192، 193) بعد تخريجه لهذا الحديث: (وكيف لا يكون أبواه وجدُّه بهذه الصفة في الآخرة ، وكانوا يعبدون الوثن حتى ماتوا ، ولم يدينوا دين عيسى ابن مريم عليه السلام). وقال أيضا في سننه(7: 190): " وأبواه كانا مشركين, بدليل ما أخبرنا.." ثم ساق حديث أنس.
7- ابن الجوزي إذ قال في الموضوعات(1: 284) بعد أن ذكر حديثا باطلا موضوعا فيه أن الله أحيا أبوي النبي(ص) ليؤمنا به, قال: [هذا حديث موضوع لا يشك فيه, والذي وضعه قليل الفهم, عديم العلم, إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة, لا بل لو آمن بعد المعاينة, ويكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى" فيمت وهو كافر", وقوله(ص).. وذكر ابن الجوزي حديث الاستئذان..].
8- ابن كثير, حيث نقل كلام البيهقي المتقدم من الدلائل تأييدا له وإقرارا, ثم قال ابن كثير في (سيرة الرسول وذكر أيامه..): "وإخباره (ص) عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لا ينافي الحديث الوارد من طرق متعددة أن أهل الفترة ..., فلا منافاة ولله الحمد والمنة ".
9- النووي, حيث قال في [شرح مسلم (3/79)] في شرحه لحديث أنس: " فيه أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة المقربين ، وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العربُ من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة, فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء".
وقال قي شرحه لحديث الاستئذان(7/45) : "فيه جواز زيارة المشركين في الحياة وقبورهم بعد الوفاة وفيه النهي عن الاستغفار للكفار".
10- الألباني, انظر كلامه في الصحيحة(2592) وصحيح السيرة(24: 27).
11- ابن باز, في فتواه [مصير أهل الفترة] من فتاوى نور على الدرب.

شبهات مثارة لرد الحديث

الشبهة الأولى: يقول فضيلة الشيخ محمد الغزالي- عفا الله عن زلاته, وجازاه خيرا عن صالح أعماله, فإنا لا ننكر فضله - في كتابه هموم داعية (21: 22) - وقال ما شابه ذلك في دستور الوحدة الإسلامية(25)- :
" رأيت نفرا يغشون المجامعَ مذكّرين بحديث أنّ أبا الرسولِ صلى الله عليه وسلم في النار! وشعرت بالاشمئزازِ من استطالتِهِم وسوء خلقِهِم! قالوا لي: كأنك تعترض ما نقول؟ قلتُ ساخرا: هناك حديث آخر يقول: { وما كنّا مُعَذّبِينَ حتّى نَبْعثَ رَسُولاً } فاختاروا أحدَ الحديثيْنِ ... قال أذكاهم بعد هنيهةٍ: هذه آية لا حديث! قلت: نعم جعلتها حديثا لتهتمّوا بها فأنتم قلّما تفقهونَ الكتابَ !!
قال: كانت هناك رسالات قبل البعثةِ والعربُ من قوم إبراهيم وهم متعبّدون بدينِهِ. قلتُ: العرب لا من قومِ نوح ولا من قومِ إبراهيم، وقد قال الله تعالى في الذين بُـعِـثَ فيهم سيد المرسلين: [ ومَا آتَينَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسونَهَا وَ مَا أَرْسَلْنَا إلَيهِمْ قَبْلَك منْ نَذيرٍ] وقالَ لنبيّهِ الخاتم:[وما كُنتَ بِجَانبِ الطّورِ إذْ نَادَينَا ولكِنْ رَّحمةً منْ ربّكَ لِتُنذِرَ قَومَاً ما أتَاهُم منْ نَذيرٍ من قبلِكَ لعَلّهُم يتذكّرونَ]. كلّ الرسالاتِ السابقةِ محلّية مؤقتة، وإبراهيم وموسى وعيسى كانوا لأقوامٍ خاصّة !! وللفقهاءِ كلام في أنّ أبوي الرسول ليسا في النارِ يردّونَ بِهِ ما تروونَ، لقد أحرجتُم الضميرَ الإسلاميّ حتى جعلتموهُ ليستريحَ يروي أنّ الله أحيى الأبوينِ الكريمينِ فآمنا بابنِهِما وهي روايةٌ ينقصُها السندُ؛ كما أنّ روايَتَكم ينقصها الفقهُ ، ولا أدري ما تعشّقُكُم لتعذيبِ أبوينِ كريمينِ لأشرفِ الخلقِ؟ ولم تنطلقونَ بهذه الطبيعةِ المسعورةِ تسوءون الناسَ؟ " انتهى.
قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله , لا يصدر هذا الكلام ممن شم رائحة الفقه أبدا, فاللهم غفرانك وعفوك ...
ملخص كلامه أن الحديث مخالف لقوله تعالى:
1- "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" [الإسراء15]
2- "لتنذر قوما ما آتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون" [السجدة3]
"لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون" [يس6]
"ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون" [القصص46]
3- "قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير...." [المائدة19]

أقول- والعون من الله - ردا على ذلك:
هذه الآيات عامة, تتحدث عن مطلق الناس ومطلق القوم, والأحاديث خاصة بأفراد وأناس وأشخاص معينين, فوجب التخصيص لكل من تأمل وكان له قلب, أو ألقى السمع وهو شهيد.
1- بالنسبة لآية الإسراء, الرسول المقصود فيها, أرجح أنه ما جاء في هذا الحديث: "أربعة يوم القيامة يدلون بحجة... وذكر النبي(ص) منهم من مات على الفترة ... فيأخذ-أي الله- مواثيقهم ليطعنه, فيرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار-أي يأمرهم ذلك الرسول بذلك ليختبرهم ويرى مدى طاعتهم لله ومدى استجابتهم لأوامره-, وأكمل الرسول(ص) فقال: فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما-أي لطاعته لأمر الله- , ومن لم يدخلها يسحب إليها ".رواه أحمد, وابن أبي عاصم(السنة355) وهو حديث صحيح صحيح, بأسانيد صحيحة عن أبي هريرة عن النبي(ص). وكذا صححه الألباني في الصحيحة(1432و 2468). ويرد عليهم أيضا بما سيأتي في الفقرات التالية.
2- احتج بآيات القصص والسجدة و يس, ونسي أو تناسى بقية سياق آية القصص, إذ في الآية48 " أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل..", فهذا دليل قاطع دامغ على أن الكثير منهم قد بلغتهم الحجة والرسالة ودعوة التوحيد وشرائع بعض الرسل, فكفروا بكل ذلك. ويؤكد ذلك ايضا إنكار الله عليهم, إذ يقول تعالى: " ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم, أتتهم رسلهم بالبينات.." [التوبة70], فأهل الجاهلية-في مجملهم-كانوا على علم بذلك إذا, ولكنه الكبر الذي في قلوبهم, فإنه لا تعمى الأبصار, ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
3- أما احتجاجه بآية المائدة, فيرد عليه بما جاء في الفقرة السابقة, إضافة إلى الاية104 من المائدة نفسها.." قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا, أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا( وهؤلاء هم المقصودون بأهل الفترة, لأنهم لا يعلمون شيئا, ولم يفكروا أصلا في من هو الخالق, وهل لهذا الكون-أصلا- صانع أو مبدع أم لا, أي أنهم لم يدر بخلدهم أو تفكيرهم مثل هذه الأسئلة والأفكار على الإطلاق. هب أنك قد انقطعت بك السبل في صحراء واسعة شاسعة لا تجد فيها أثرا لحياة أو طعام أو شراب, ومرت عليك الأيام والليالي, وذات مرة غلبك النوم فنمت, وعندما استيقظت فوجئت بمائدة منصوبة لك عليها أطايب الطعام والشراب.., فكنا من يفكر-قبل أن تمتد يدك إليها- في أمرها وأصلها وفصلها,ومن أين جاءت إلى هنا, ومنا من لا يلتفت إلى شيء من ذلك على الإطلاق, فيهجم عليها هجمة الأسد, يفترسها عن آخرها. فمثل الأول مثل من اهتدى بفطرته إلى وجود الله, ومثل الثاني مثل من لم يهتد إلى شيء على الإطلاق, لأن الأمر لا يشغل باله بتاتا..., فتأمل) ولا يهتدون( وهؤلاء كفار كفرا بينا, لأنهم قد بلغتهم الحجة ودعوة التوحيد, أو تفكروا واهتدوا بفطرتهم إلى أن هناك (الله), ولكنهم جحدوه بعد اهتدائهم له تعالى اتباعا لأهوائهم أو آبائهم... بدليل قوله تعالى " لا يهتدون", فهذا معناه أنهم قد وقفوا على شيء يدعوهم إلى الهداية, ولكنهم لم يهتدوا ...فتأمل) ".
ويرد عليه أيضا قوله تعالى " وجعلوا لله .. نصيبا, فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا .. ساء ما يحكمون " [الأنعام13] , فهم يعرفون أن هناك (الله), ولكنهم يجحدونه. وكذلك قوله تعالى " ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله(فهاهم يقرون به تعالى من دون أن يقول لهم النبي(ص) شيئا على الإطلاق), قل الحمد لله, بل أكثرهم لا يعلمون(أي: لا يعلمون أنهم بإقرارهم هذا قد هدموا عقيدتهم الشركية الفاسدة) " [لقمان25]
وهناك ملحظ آخر أحب إضافته(وهو يحتاج لمناقشة), فإن كان صحيحا فلله الحمد, وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان. الملحظ هو أن المقصود بأنهم "ما آتاهم من نذير من قبلك", المقصود أنهم لم يبعث فيهم خاصة رسول من قبل الله , فالكثير والكثير من الأقوام على مر العصور بعث الله فيهم نبيا أو رسولا خاصة لهم من دون الآخرين, ولم يحدث ذلك لقريش أو عرب الجزيرة العربية. فامتن الله عليهم بأن بعث فيهم رسولا منهم, لهم خاصة وللناس والعالمين عامة. فأصبحوا يفضلون كل من سبقهم من الأقوام, فرسولهم للبشرية كلها, ورسالته خالدة خلود الدهر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..., فتأمل, أفيتركهم الله طيلة الزمان والدهر بدون شيء ينبههم أو دعوة للتوحيد والحنيفية تصل إليهم..!!

وبهذا يتضح لكل ذي عينين أنه ليس كل أهل الجاهلية من أهل الفترة, فهل يقول المخالف أيضا أن نصوص القران الكريم " ينقصها الفقه"..!!
وبما سبق يتضح بطلان دعوى الغزالي, وكذلك بطلان قول فضيلة الشيخ القرضاوي الذي قال في كتابه كيف نتعامل مع السنة(117) " ما ذنب عبد الله بن عبد المطلب حتى يكون في النار وهو من أهل الفترة و الصحيح أنهم ناجون؟ ".
قال الإمام النووي-كما نقلنا سابقا- " من مات في الفترة على ما كانت عليه العربُ من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة, فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء ".
أما قول الغزالي " كلّ الرسالاتِ السابقةِ محلّية مؤقتة، وإبراهيم وموسى وعيسى كانوا لأقوامٍ خاصة ", فهو قول عجيب, ألدعوة للتوحيد وإفراد العبودية لله رسالة محلية مؤقتة أيضا..!!, فإننا نتكلم في دعوة التوحيد والحنيفية التي تركها أهل الجاهلية-عمدا- وعبدوا الأصنام, فلسنا نتكلم في تفاصيل الأحكام والشرائع حتى تقول أن رسالات إبراهيم وموسى وعيسى رسالات محلية مؤقتة .. فتأمل ولا تشطط.
إليك هذه الأمثلة, وتأملها جيدا وعض عليها بالنواجذ :
1- عن سالم بن عبد الله أنه سمع ابن عمر يحدث عن رسول الله(ص) أنه " لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل (بلدح)، وذلك قبل أن ينزل على رسول الله(ص) الوحي، فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منه وقال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم ، ولا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه ". رواه أحمد (2/89)، قال الألباني(صحيح السيرة34): إسناده صحيح, وهو كما قال. وحاشا النبي(ص) أن يذبح على النصب, فلقد كان على الحنيفية السمحة كما هو ثابت معلوم بالضرورة, ولكن عمرا لم يكن يعرف أن محمدا بن عبد الله موحد حنيفي.
2- عن اسماء بنت أبي بكر قالت: "رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش, والله ما منكم على دين إبراهيم عليه السلام غيري. وكان-أي زيد- يحيي الموءودة, يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: أنا أكفيك مؤنتها, فيأخذها, فأذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك, وإن شئت كفيتك مؤنتها ". رواه البخاري معلقا(7: 114_ 115), ووصله الحاكم في المستدرك(3: 440) وصححه على شرط الشيخين, وصححه الألباني(تخريج فقه السيرة للغزالي 66).
3- " ورقة بن نوفل كان امرءا تنصر في الجاهلية, وكان يكتب الكتاب العبراني... فأخبره الرسول(ص) خبر ما رأى, فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى..., وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا....". حديث صحيح جدا رواه البخاري(18:1_ 23) ومسلم(1: 97_ 98).
4- قال(ص) "رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار, كان أول من سيب السوائب(وفي رواية: كان أول من غير دين إسماعيل) ". رواه الشيخان, وانظر الصحيحة(1677).
5- سألوه(ص) عن عبد الله بن جدعان, فقالوا: كان يقري الضيف, ويعتق, ويتصدق, فهل ينفعه ذلك يوم القيامة؟ فقال(ص):" لا, إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ". رواه مسلم, وانظر الصحيحة تحت الحديث رقم(2927).
6- " مر النبي(ص) بنخل لبني النجار, فسمع صوتا, فقال:ما هذا, فقالوا قبر رجل دفن في الجاهلية. فقال(ص): لولا أن تدافنوا, لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمعني". حديث صحيح جدا, رواه أحمد(3: 201) وابن حبان(786) بأسانيد صحيحة عن أنس.
وله شاهد رواه مسلم( 8 : 160) بسند صحيح عن زيد بن ثابت: بينما النبي(ص) في حائط لبني النجار.., فقال (ص) من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا.قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك, فقال(ص) " لولا أن تدافنوا, لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمعني".
7- " رؤيته(ص) في صلاة الكسوف صاحب المحجن يجر قصبه في النار, لأنه كان يسرق الحاج بمحجنه ". رواه مسلم, وانظر الإرواء(656).

كل هذه الأحاديث, وغيرها الكثير, تدل على أن أهل الجاهلية الذين ماتوا قبل البعثة –الكثير منهم- معذبون بشركهم وكفرهم, وأن معظمهم ليسوا من أهل الفترة, إذ لو كانوا من أهلها لم يستحقوا العذاب.

الشبهة الثانية: أورد السيوطي في (( مسالك الحنفا في والدي المصطفى )) (2/432- 435) سؤالاً في مسألة إيمان والدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال :{{{ فإن قلت : بقيت عقدةٌ واحدةٌ وهي ما رواه مسلمٌ عن أنسٍ أن رجلاً قال : يا رسول اللَّه ، أين أبي ؟ قال : (( في النار )) ، فلما قفَّى دعاه ، فقال : (( إن أبي وأباك في النار )) . وحديث (( مسلم )) و(( أبي داود )) عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم استأذن في الاستغفار لأمه فلم يُؤذن له . فاحلل هذه العقدة . قُلْتُ : على الرأس والعين ، والجواب : أن هذه اللفظة ، وهي قوله : (( إن أبي وأباك في النار )) لم يتفق على ذكرها الرواة ، وإنما ذكرها حماد بن سلمة عن ثابت ، عن أنسٍ ، وهي الطريق التي رواه مسلمٌ منها ، وقد خالفه معمر عن ثابت ، فلم يذكر : (( إن أبي وأباك في النار )) ، ولكن قال : (( إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار )) ، وهذا اللفظ لا دلالة فيه على والده صلى الله عليه وسلم بأمرٍ البتة ، وهو أثبت من حيث الرواية ، فإن معمرًا أثبت من حمادٍ ، فإن حمادًا تكلِّم في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه دسَّها في كتبه ، وكان حمادٌ لا يحفظ فحدَّث بها فوهم ، ومن ثمَّ لم يخرج له البخاري شيئًا ، ولا خرَّج له مسلم في الأصول إلاَّ من حديثه عن ثابتٍ .. وأمَّا معمر فلم يتكلَّم في حفظه ، ولا استنكر شيءٌ من حديثه ، واتفق الشيخـــان على التخريـــج له ، فكان لفظه أثبت ... ثم ذكر السيوطي شاهدًا لحديث معمر من حديث سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه }}}انتهى كلام السيوطي-عفا الله عن زلته-.
أقول ردا على ذلك:
1- بنى السيوطي تضعيفه على أن معمرا بن راشد قد خالف حماد بن سلمة عن ثابت عن أنسٍ في لفظه "إن أبي وأباك في النار" فقد قال معمر عن ثابت- كما يدعي السيوطي- " إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار".
أقول: هذا هو الكذب بعينه, هذا هو الكذب بعينه, فلقد أعمى التعصب السيوطي, فوقع في الكذب على رسول الله(ص) , فليس هناك إسناد لهذا الحديث في الدنيا كلها- ولو في الأحلام, إلا أحلام السيوطي بالطبع- فيه معمر عن ثابت عن أنس بلفظ " إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار". فمعمر لم يرو هذا الحديث أصلا عن ثابت, ولا بواسطة أخرى عن أنس. وإنما الحديث الذي فيه " إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار", فقد رواه معمر عن الزهري مرسلا, أخرجه عبد الرزاق في المصنف (19687) عن معمر بن راشد ، عن الزهري قال : جاء أعرابي لرسول الله(ص) فقال: أين أبي ؟ قال : (( في النار )) . قال : فأين أبوك ؟ قال : (( حيثما مررت بقبر كافرٍ فبشره بالنار )) ". فالحديث مرسل ضعيف كما ترى, فانظر كيف يضرب السيوطي الصحيح بالضعيف الواهي الذي هو أشبه بالريح- كما قال الأئمة في مراسيل الزهري- . وإياك أن تقول أن الزهري المرسل صحيح, لأن إبراهيم بن سعد رواه موصولا عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه فذكر الحديث- أخرجه الطبراني في ( المعجم الكبير ) (1/191/1) وابن السني في (عمل اليوم والليلة) رقم (588) بسند صحيح- لأن أبا حاتم قال " إنما يرونه عن الزهري ، قال : جاء أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ... والمرسل أشبه ) . ذكره ولده في (( العلل )) (ج2/ رقم 2263). وما ذكره أبو حاتم هو الحق والصحيح والصواب لأنه قد اختلف إبراهيمُ بن سعد ومعمر بن راشد ، ولا شك عندنا في تقديم رواية معمر المرسلة ؛ لأن معمرًا ثبتًا في الزهري ، وأما إبراهيم بن سعد فقال قال صالح بن محمد الحافظ : ( سماعه من الزهري ليس بذاك ؛ لأنه كان صغيرًا حين سمع من الزهري ) . وقال ابن معين وسئل : إبراهيم بن سعد أحب إليك في الزهري أو ليث بن سعد ؟ قال : كلاهما ثقتان . فإذا تدبرت قول يعقوب بن شيبة في الليث : ( ثقة وهو دونهم في الزهري - يعني : دون مالك ومعمر وابن عيينة - وفي حديثه عن الزهري بعض الاضطراب ) . عملت أن قول ابن معين لا يفيد أنه ثبت في الزهري مثل معمر .
فالذي يتحرر من هذا البحث أن الرواية المرسلة هي المحفوظة ، وهي التي رجحها أبو حاتم الرازي, وكذلك الدارقطني في العلل(4/334)... فتأمل منصفا.
ولنفترض جدلا أن معمرا قد رواه عن ثابت باللفظ الذي ذكره السيوطي- وقد علمت أن هذا كذب صراح بواح- فالرد: الأمر لا يخفى على أحدٍ من المشتغلين بالحديث أن أهل العلم بالحديث قالوا : أثبت الناس في ثابت البناني هو حمادُ بن سلمة ، ومهما خالفه من أحدٍ فالقولُ قولُ حمادٍ . فقال أبو حاتم الرازي - كما في (( العلل )) (2185) -: ( حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابتٍ وفي علي بن زيد ) . وقال أحمد بن حنبل : ( حماد بن سلمة أثبت في ثابتٍ من معمر ) . وقال يحيى بن معينٍ : ( من خالف حماد بن سلمة فالقول قول حمادٍ . قيل : فسليمانُ بن المغيرة عن ثابت ؟ قال : سليمانُ ثبتٌ ، وحماد أعلم الناس بثابت ). وقال ابنُ معينٍ مرة : ( أثبت الناس في ثابت : حماد بن سلمة ) . وقال العقيلي في (( الضعفاء )) (2/291) : ( أصح الناس حديثًا عن ثابت : حماد بن سلمة ).
وقد أكثر مسلمٌ من التخريج لحماد بن سلمة عن ثابت في الأصول ، أما معمر بن راشد فإنه وإن كان ثقةً في نفسه إلاَّ أن أهل العلم بالحديث كانوا يضعفون روايته عن ثابت البناني ولم يخرج له مسلمٌ شيئًا في (( صحيحه )) عن ثابت إلا حديثًا واحدًا في المتابعات ، ومقرونًا بعاصم الأحول ، وهذا يدلك على مدى ضعف رواية معمر عن ثابت . ولذلك قال ابنُ معين : ( معمر عن ثابت : ضعيفٌ ) . وقال مرَّةً : ( وحديث معمر عن ثابت ، وعاصم بن أبي النجود ، وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطربٌ كثيرُ الأوهام ) . وقال العقلي في (( الضعفاء )) (2/291) : ( أنكرُ الناس حديثًا عن ثابت : معمر بن راشد ).
ولا تقل أن حمادا قد تغير حفظه بأخرة كما قال ابن حجر في التقريب, لأن أمير المؤمنين في الحديث وفي الجرح والتعديل يحيى بن معين قد نفى ذلك بقوله: حديث حماد بن سلمة أوله وآخره واحد (انظره في تهذيب الكمال للمزي في ترجمة ابن سلمة), ومما يؤكد ذلك..قول أمير المؤمنين في الحديث عبد الرحمن بن مهدي: " صحيح السماع.., لم يتهم بلون من الألوان.. فسلم حتى مات".. فلم يذكر أي تغير, وقال أيضا الإمام الكبير العظيم أبو حاتم الرازي " أضبط الناس وأعلمهم بحديثيهما-يقصد ثابتا وحميد الطويل اللذين أكثر عنهما حماد ابن سلمة-, بين خطأ الناس ".. فهل يقال ذلك فيمن تغير حفظه, اللهم غفرا. وسئل يحيى بن الضريس: حماد أم الثوري, فقال: حماد أحسن حديثا. وهذا قول منه عن سبر, لأن ابن الضريس عنده عن كل واحد منهما عشرة آلاف حديث(انظر كل هذه الأقوال في المصدر السابق). أقول: لقد كان حماد واسع الرولية.. روى بضعة عشر ألف حديث, فإذا أخطأ في شيء منها.. كان ماذا ؟!! وكذلك كل من ترجم له من الأئمة يوثقونه مطلقا.
2- زعم السيوطي أن حماد قد وقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه دسَّها في كتبه. وهذا هو الباطل بعينه مجسدا مجسما, يرد عليه أقوال الأئمة التي ذكرناها في الفقرة السابقة. وإليك ما قاله فضيلة الشيخ الحويني في رد ذلك( مقال له بمجلة التوحيد) وهو رد نفيس غال, عض عليه بالنواجذ :
" قولُ السيوطي : إن ربيب حماد بن سلمة دسَّ في كتبه أحاديث مناكير وانطلى أمرها على حمادٍ لسوء حفظه . وهذه تهمة فاجرةٌ ، كما قال الشيخ المعلمي رحمه اللَّه في (( التنكيل )) (1/243) ، ومستند كل من تكلَّم بهذه التهمة ما ذكره الذهبي في (( ميزان الاعتدال )) (1/593) من طريق الدولابي قال : حدثنا محمد بن شجاع بن الثلجي ، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي ، قال : كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث - يعني أحاديث الصفات - حتى خرج مرة إلى عبادان ، فجاء وهو يرويها ، فلا أحسب إلا شيطانًا خرج إليه من البحر فألقاها إليه . قال ابن الثلجي : فسمعتُ عباد بن صهيب يقول : إن حمادًا كان لا يحفظ ، وكانوا يقولون إنها دُسَّت في كتبه . وقد قيل : إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه ، وعلَّق الذهبي على هذه الحكاية بقوله : ( ابن الثلجي ليس بمصدق على حمادٍ وأمثاله ، وقد اتُهم . نسأل اللَّه السلامة ) . انتهى .
وابن الثلجي هذا كان جهميًا عدوًا للسنة ، وقد اتهمه ابنُ عدي بوضع الأحاديث وينسبها لأهل الحديث يثلبهم بذلك ، فالحكاية كلُّها كذب ، فكيف يُثلب حماد بن سلمة بمثل هذا ، ولو جاز لنا أن نرد على السيوطي بمثل صنيعه لذكرنا ما روى عن أبي حامد بن الشرقي - كما في (( تاريخ بغداد )) (4/42) - أنه سئل عن حديث أبي الأزهر ، عن عبد الرزاق ، عن معمر في فضائل علي بن أبي طالب ، فقال أبو حامد : هذا حديثٌ باطل ، والسببُ فيه أن معمرًا كان له ابنُ أخٍ رافضيٌّ ، وكان معمر يمكنه من كتبه ، فأدخل عليه هذا الحديث ، وكان معمر رجلاً مهيبًا لا يقدرُ أحدٌ عليه في السؤال والمراجعة ، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخى معمر ) . فعلَّق الذهبي في (( السير )) (9/576) قائلاً : ( هذه حكاية منقطعةٌ ، وما كان معمرُ شيخًا مغفلاً يروج عليه هذا ، كان حافظًا بصيرًا بحديث الزهري ) . ولكننا لا نستجيز أن نطعن على الثقات بمثل هذه الحكاية ". انهى كلام الحويني.

الشبهة الثالثة: إن القول بكفر والدي النبي(ص) يقدح في نسبة رسول الله(ص).
ويجيب عن ذلك الإمام البيهقي بقوله في الدلائل (1/192, 193) : " وكفرُهم لا يقدح في نسب رسول اللَّه(ص), لأن أنكحة الكفار صحيحة، ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم، فلا يلزمهم تجديد العقد، ولا مفارقتهن؛ إذ كان مثلُه يجوز في الإسلام . وباللَّه التوفيق ". كما لا يقدح في إبراهيم أن ينتهي نسبه إلى أبيه المشرك بنص القران, والدليل على ذلك من قول الصحابة- فمنهم تؤخذ اللغة- : عن علي رضى الله عنه قال: " سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان ، فقلت :تستغفر لأبويك وهما مشركان !؟ فقال: أليس قد استغفر إبراهيم وهو مشرك ؟ قال : فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم !؟ فنزلت: { ما كان لله والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم } أخرجه النسائي (11/28) والترمذي (4/120) وحسنه, وابن جرير (11/28)، والحاكم (2/335) وقال صحيح الإسناد, وأحمد (771, 1085) والسياق له. قال الألباني إسناده حسن, وهو كما قال, لأن في إسناده أبو الخليل الكوفي- عبد الله بن خليل الحضرمي-, وقد روى عنه الشعبي, وهو لا يروي إلا عن ثقة يحتج بحديثه كما قال ابن معين في ترجمة الشعبي من تهذيب الكمال.(انظر هنا لزاما الهامش رقم(1و 2) ص16 فهو في غاية الأهمية).


الشبهة الرابعة: هذا قول لا يتفق مع منزلة الرسول(ص) وقدره, ولا يتفق مع محبتنا له.
الرد: هذا من غلوهم في تعظيم وحب النبي(ص), فينكرون أن يكون أبواه(ص) كما أخبر هو نفسه عنهما, كأنهم أشفق عليهما منه(ص). ومن التجني أن يوصف من يتمسك بالأحاديث الصحيحة بسوء الأدب ، وواللَّه لو صحت الأحاديث في إسلام والدي النبي صلى الله عليه وسلم لكنا أسعد الناس بها, كيف وهم أقربُ الناس لرسول اللَّه(ص) الذي هو أحبُّ إليَّ من نفسي، واللَّه على ما أقول شهيد . ولكننا لا نتبنى قولاً ليس عليه دليلٌ صحيح, ولكن كثيرًا من الناس من يتخطى المحبة الشرعية, ويخالف الحجة ويحاربها.

الشبهة الخامسة: أن حديث أنس منسوخ بحديث أن الله أحيا أبوي النبي(ص) ليؤمنا به.
الرد: قال ابن الجوزي في الموضوعات(1: 284): [هذا حديث موضوع لا يشك فيه, والذي وضعه قليل الفهم, عديم العلم, إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة, لا بل لو آمن بعد المعاينة, ويكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى" فيمت وهو كافر", وقوله(ص).. وذكر ابن الجوزي حديث الاستئذان..]. وهو حديث موضوع باطل كما قال الدارقطني والجوزجاني وابن عساكر والذهبي والعسقلاني كما قال الألباني في الصحيحة(2592). وهكذا عارض السيوطي هذه الأحاديث الصحيحة بأحاديث منكرة وباطلة.
والسيوطي يعلم –كما يعلم كل من شم رائحة الأصول- أن النسخ لا يقع في الأخبار, وإنما في الأحكام. فلا يعقل أن يخبر النبي(ص) عن شخص أنه في النار, ثم ينسخ ذلك بقوله إنه في الجنة ..!! هذا كلام لا يقول به عاقل.

الشبهة السادسة: تأويل الأب في حديث أنس على أنه العم, كما قال القرضاوي في كتابه كيف نتعامل مع السنة(117).
الرد: هذا ضعيف باطل, لأنه خلاف الظاهر والمتبادر-كما قال القرضاوي أيضا-, لأنك عندما تسأل جارك مثلا: هل رأيت أبي اليوم؟ يفهم منه الجار- قطعا وفي الحال- أن المقصود هو الوالد .., فتأمل. وإليك الدليل على ذلك من قول الصحابة- فمنهم تؤخذ اللغة- : عن علي رضى الله عنه قال: " سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان ، فقلت :تستغفر لأبويك وهما مشركان !؟ فقال: أليس قد استغفر إبراهيم وهو مشرك ؟ قال : فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم !؟ فنزلت: { ما كان لله والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم } أخرجه النسائي (11/28) والترمذي (4/120) وحسنه, وابن جرير (11/28)، والحاكم (2/335) وقال صحيح الإسناد , وأحمد (771, 1085) والسياق له. قال الألباني إسناده حسن, وهو كما قال, لأن في إسناده أبو الخليل الكوفي- عبد الله بن خليل الحضرمي-, وقد روى عنه الشعبي, وهو لا يروي إلا عن ثقة يحتج بحديثه كما قال ابن معين في ترجمة الشعبي من تهذيب الكمال.

الشبهة السابعة: أن حديث أنس خبر آحاد لا يعتد به لأنه مخالف للقران.
الرد: دعوى مخالفته للقران قد رددنا عليها أثناء ردنا على الغزالي.
أما دعوى أنه أخبار آحاد, فأقول: فهذا هو التكذيب بعينه وإن سمي بغير اسمه ، أو لبس بلباس من غير جنسه, وهو مسلك ممقوت دأب عليه المخالفون في الكتاب المختلفون في الكتاب ، حيث يحكمون أهواءهم وعقولهم القاصرة في نصوص السنة والكتاب فما وافقها قبلوه وجعلوه حجة قطعية ، وما خالفها ردوه وجعلوه دلالة ظنية, وبذلك المسلك الفج طعنوا في نصوص كثيرة محكمة بحجة أنها أخبار آحاد ، لا تفيد – بزعمهم – إلا الظن.
بل أقول: خبر الآحاد الصحيح يفيد العلم القطعي والعمل رغم أنف كل مكابر, والدليل قول الله تعالى: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" [النساء59]
فإذا رجعوا إلى سنة الرسول(ص) بعد وفاته - والآية مطلقة وعامة, تشمل حياته ووفاته(ص), وتشمل العقيدة والأحكام, وتشمل المتواتر والآحاد الذي وصل إلينا عنه(ص) – فماذا تفيدهم؟ فإن قالوا: ظنا, فهل يأمر الله المتنازعين أن يردوا النتنازع فيه إلى ما يفيدهم ظنا, فيستمر النزاع ؟!! لولا أن المردود إليه يفيد العلم القطعي والعمل, وينهي النزاع, لم يكن في الرد إليه أي فائدة, وهذا هو عين الباطل.. فثبت المراد والحمد لله, فتأمل منصفا.

الشبهة الثامنة: يقول الأبي في شرحه لصحيح مسلم(1: 363_ 373)- وأيده القرضاوي ص119- : " قصر التعذيب المذكور في هذه الأحاديث على من بدل وغير من أهل الفترة, بما لا يعذر به من الضلال " كأن يكون وأد ابنة أو نحو ذلك مما هو معلوم القبح لدى كل العقلاء.
الرد: سبحان الله العظيم, ما هذا البهتان الكبير ؟!! أيكون وأد البنات معلوم القبح لدى كل العقلاء, ولا تكون عبادة الأصنام والإشراك بالله غير معلوم القبح لدى كل العقلاء ..!!! لا حول ولا قوة إلا بالله, تأمل ماذا يفعل التعصب والهوى في أصحابه, واحمد الله أنك تعصبك وهواك هو للكتاب والسنة لا غير.

الشبهة التاسعة: أن هذا الحديث معارض للحديث الصحيح أن أهل الفترة والأطفال والمجانين والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة.
الرد: يقول ابن كثير في (سيرة الرسول وذكر أيامه..): "وإخباره (ص) عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لا ينافي الحديث الوارد من طرق متعددة أن أهل الفترة والأطفال والمجانين والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة. لأنه سيكون منهم من يجيب، ومنهم من لا يجيب، فيكون هؤلاء-أي الذين أخبر عنهم النبي- من جملة من لا يجيب، فلا منافاة، ولله الحمد والمنة ".

والحمد لله أولا وآخرا على توفيقه وتسديده.

ثم أضيف فأقول: قال القرافي في شرح تنقيح الفصول (ص297): «حكاية الخلاف في أنه عليه الصلاة والسلام كان متعبدا قبل نبوته بشرع من قبله يجب أن يكون مخصوصا بالفروع دون الأصول، فإن قواعد العقائد كان الناس في الجاهلية مكلفين بها إجماعا. ولذلك انعقد الإجماع على أن موتاهم في النار يعذبون على كفرهم ، ولولا التكليف لما عذبوا ، فهو عليه الصلاة والسلام متعبد بشرع من قبله -بفتح الباء -بمعنى مكلف لامرية فيه،إنما الخلاف في الفروع خاصة ، فعموم إطلاق العلماء مخصوص بالإجماع».
وقد بسط الكلام في عدم نجاة الوالدين العلامة إبراهيم الحلبي في رسالة مستقلة، وكذلك العلامة الحنفي الملاّ علي بن سلطان القارئ (ت1014هـ) في "شرح الفقه الأكبر"، وفي رسالة مستقلة أسماها: "أدلة معتقد أبي حنيفة الأعظم في أبوي الرسول عليه الصلاة والسلام". وقد أثبت بذلك الكتاب تواتر الأدلة والأحاديث على صِحّة معنى هذا الحديث وعدم نجاة والدي الرسول –عليه أتمّ الصلاة والتسليم–. وقد نقل الإجماع على تلك القضية فقال في ص84: «وأما الإجماع فقد اتفق السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وسائر المجتهدين على ذلك، من غير إظهار خلافٍ لما هُنالك. والخلاف من اللاحق لا يقدح في الإجماع السابق، سواء يكون من جنس المخالف أو صنف الموافق».
 
جزاك الله خيرا أخي أبا صلاح الدين على هذه المقالة التي فيها بيان للحق في هذه المسألة التي وضحها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه فلا كلام لأحد بعده

ويا حبذا لو أنك كملت كتابة كلمة صلى الله عليه وسلم ولم تكتف بكلمة ص فحقه عليه الصلاة والسلام علينا عظيم
 
جهد طيب لا يتنقص منه إلا جاحد، بارك الله في جهودكم أخي..

ولكنها خواطر.


يقول فضيلة الشيخ محمد الغزالي- عفا الله عن زلاته, وجازاه خيرا عن صالح أعماله, فإنا لا ننكر فضله –


حق
لكن


أقول: هذا هو الكذب بعينه, هذا هو الكذب بعينه, فلقد أعمى التعصب السيوطي, فوقع في الكذب على رسول الله(ص) ,

؟؟!!!


أما دعوى أنه أخبار آحاد, فأقول: فهذا هو التكذيب بعينه وإن سمي بغير اسمه ، أو لبس بلباس من غير جنسه, وهو مسلك ممقوت دأب عليه المخالفون في الكتاب المختلفون في الكتاب ، حيث يحكمون أهواءهم وعقولهم القاصرة في نصوص السنة والكتاب فما وافقها قبلوه وجعلوه حجة قطعية ، وما خالفها ردوه وجعلوه دلالة ظنية, وبذلك المسلك الفج طعنوا في نصوص كثيرة محكمة بحجة أنها أخبار آحاد ، لا تفيد – بزعمهم – إلا الظن.

ولكن قال بذلك كثير من أكابر العلماء

ولا يحق وصف هدفهم من ذلك تحكيم الأهواء، بل للقوم أدلتهم.

----------------------------------------

وهذا ذكرني أثناء حواري مع إخوتي في أحد المنتديات للرد على شبهات مثارة حول عصمة الأنبياء في القرآن الكريم، وحين بدأت بشائر الانتصار على الملاحدة والنصارى قاموا ـ بكل خبث ـ بوضع موضوع حول مصير والدَي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكاثرت حوله خلافات المسلمين، وفرح النصارى والملحدون..
وضاع أثر ذاك الانتصار فكان النداء أن هذا الأمر لا ينبني عليه عمل، وليس له ثمرة..

ونجح أخوكم مع إخوانه في إقناع المسلمين بإهمال البحث في ذلك الموضوع، وليقل المنصرون والملحدون فيه ما يشاؤون.. والعودة للانتصار للقرآن الكريم..

وهنا الثمرة التي أكرمنا خالقنا جل جلاله بها، في إسلام عدد من الإخوة المهتدين والأخوات.. الذين صار لهم مواقع إنترنت للدفاع عن الإسلام، ولله الفضل والمنة وحده سبحانه وتعالى.


صحيح أن هذا الموضوع مهم، لكن هناك ما أهم منه...

وما الذي نقوم به نحن الآن ؟!

نقوم فقط بنقل ما قال هذا الفريق أو ذاك.
وبعد مئة سنة ستثار المسألة عينها، ويكون لكل فريق أدلته التي لن تخرج عن هذه الأدلة.
وبعد مئة سنة أخرى، ستعود تلك المسألة، وما هي أدلة الفريقين ؟
إنها ذاتها قطعاً.... وهكذا.

المهم في الموضوع:
الوقت أثمن من أن يضيع في تجميع المجموع، وبسط المبسوط.. في أمر لا ينبني على زيادة العلم به عمل، ولا يُنتَقص العامي إن جهِلَه.

في مقابل فوات وضياع أثمن ما يملكه الإنسان في الدنيا: (الوقت).


هل قمنا (بالهمة ذاتها) ببيان طرق المرويات حول جمع القرآن الكريم، والتي تستخدم في إثارة الشبهات حوله؟
هل قمنا بتتبع روايات الروايات التي يفهم منها وقوع (النسخ تلاوة) وهي من أشد الطعون المثارة حول القرآن الكريم حالياً؟
هل تتبعنا ما يثار حول (رضاعة الكبير) بالنفس العلمي ذاته؟
هل تتبعنا روايات بدء الخلق، التي ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم؟
هل تتبعنا شبهة رواية (أم قرفة) التي تتخذ حجة على إرهاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟

انظر مثالَين على المنهجية التي نمر بها على أحاديث نبوية شريفة هي مثار شبهات غير المسلمين، لكننا ـ كالعادة ـ نترك خطاب غير المسلمين، ونركز على المسلمين.
متناسين أن هدف الداعية الأول دعوة غير المسلمين، فالأولى إنقاذ شخص مخلد في النار... وهذا من له حُمُر النَّعم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون!!


المثال الأول:

إليك هذه الأمثلة, وتأملها جيدا وعض عليها بالنواجذ :
1- عن سالم بن عبد الله أنه سمع ابن عمر يحدث عن رسول الله(ص) أنه " لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل (بلدح)، وذلك قبل أن ينزل على رسول الله(ص) الوحي، فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منه وقال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم ، ولا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه ". رواه أحمد (2/89)، قال الألباني(صحيح السيرة34): إسناده صحيح, وهو كما قال. وحاشا النبي(ص) أن يذبح على النصب, فلقد كان على الحنيفية السمحة كما هو ثابت معلوم بالضرورة, ولكن عمرا لم يكن يعرف أن محمدا بن عبد الله موحد حنيفي.

-----------

لكن للحديث رواية أخرى، استخدمها المنصرون للانتقاص من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:

أخرج الإمام أحمد (1/190 ) قال : حدثنا ‏ ‏يزيد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏المسعودي ‏ ‏عن ‏ ‏نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏جده ‏ ‏قال ‏
‏:" كان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بمكة ‏ ‏هو ‏ ‏وزيد بن حارثة ‏ ‏فمر بهما ‏ ‏زيد بن عمرو بن نفيل ‏ ‏فدعواه ‏ ‏إلى ‏ ‏سفرة ‏ ‏لهما فقال يا ابن أخي ‏ ‏إني لا آكل مما ذبح على ‏‏ النصب ‏ ‏قال فما رئي النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بعد ذلك أكل شيئا مما ‏‏ ذبح على ‏‏ النصب ‏ ‏قال قلت يا رسول الله إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك لآمن بك واتبعك فاستغفر له قال نعم فأستغفر له فإنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة " .

الشبهة :
زيد بن عمرو يرفض أكل ما ذبح على النصب بينما....
================


أنا هنا لا أطلب رد الشبهة، فالرد عليها يسير جداً ولله الحمد.
لكنني أقول إن الأولى بالبحث حالياً رد شبهات غير المسلمين، يلقون بها بين أيدي العوام ـ وأشباههم ـ لتنصيرهم، وكثيراً ما حصل ذلك وللأسف.
وألفت الانتباه إلى الأولويات هنا.


المثال الثاني:

- " ورقة بن نوفل كان امرءا تنصر في الجاهلية, وكان يكتب الكتاب العبراني... فأخبره الرسول(ص) خبر ما رأى, فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى..., وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا....". حديث صحيح جدا رواه البخاري(18:1_ 23) ومسلم(1: 97_ 98).

----------------------

- ما معنى تنصر؟
ففي تحديد حقيقة النصرانية التي كان عليها ورقة أثر كبير في نفي شبهة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نصرانياً، وأراد بالإسلام إعادة إحياء النصرانية.
- ما معنى: " يكتب الكتاب العبراني " ؟
- هل كان يملك العلم الذي يؤهله للترجمة ؟

==================

أين جهود العلماء في ذلك ؟!!


لماذا لا تتركز جهودنا على تتبع الروايات (رواية) وإغفال الأهم ـ والمقصد منها ـ (الدراية) ؟!!

تخيل بالله عليك شخصاً أراد تتبع روايات حديث: " إنما الأعمال بالنيات ".
ثم جاء بعده شخص آخر وخرج بالنتيجة ذاتها.
وبعده آخر.
وبعده آخر.
.
.
.
.
ماذا تحكمون على هذا ؟!!
ماذا ستقولون للمنشغل بذاك، في الوقت الذي يسابق فيه المنصرون الزمن، لإكمال مشروعهم الذي سبق بيانه : " مشروع تفنيد القرآن " ؟!!

فالوقت لا ينتظر أحداً، والفتق يتسع ويتسع، والراقعون أندر من الألماس..


نحن نتهيب كثيرا مِن البحث في أمور لم يبحثها السادة العلماء من السلف الصالح رحمهم الله تعالى، مع أن الأولى الإتيان بجديد، لا إعادة طباعة المطبوع، والبحث في المَبحوث، فسندور ـ ويدور أبناؤنا من ورائنا ـ حول ذات الحلقة المفرغة.

اللهم هل بلغت.
 
رأي صائب أخي الفاضل " عبد الرحيم " ، أكرمكم الله ،
و لا أدري ما الفائدة من تلك الكتابات - الآن - عن مصير والديّ رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
و ما الغرض من الاشتغال بها و الانشغال عما هو أولى و أجدى ؟ ،
و الذي أحسبه صوابا عدم ذكر ذلك إلا لحاجة حقة ، تدعو إلى بيان حقيقة ذلك الأمر أو لها تعلق به ،
أما في غير ذلك : ف{ تلك أمة قد خلت ، لها ما كسبت و لكم ما كسبتم ، و لا تسئلون عما كانوا يعملون } . [ البقرة : 134 ] .

****************

- أما تساؤلكم عن ورقة بن نوفل :
( - ما معنى تنصر؟
ففي تحديد حقيقة النصرانية التي كان عليها ورقة أثر كبير في نفي شبهة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نصرانياً، وأراد بالإسلام إعادة إحياء النصرانية.
- ما معنى: " يكتب الكتاب العبراني " ؟
- هل كان يملك العلم الذي يؤهله للترجمة ؟ ) .


* فجوابه - كما ذكر الإمام ابن حجر العسقلاني في " فتح الباري شرح صحيح البخاري " - :
[ قوله ( تنصر ) : أي صار نصرانيا [ ورقة بن نوفل ] ، و كان قد خرج هو و زيد بن عمرو بن نفيل لما كرها عبادة الأوثان إلى الشام و غيرها يسألون عن الدين ، فأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصر ،
و كان لقي من بقى من الرهبان على دين عيسى ، و لم يبدل ، و لهذا أخبر بشأن النبي صلى الله عليه و سلم ، إلى غير ذلك مما أفسده أهل التبديل ،
و أما زيد بن عمرو فسيأتي خبره في المناقب إن شاء الله تعالى .
قوله ( فكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ) ، و في رواية يونس و معمر : " و يكتب من الإنجيل بالعربية " . و لمسلم " فكان يكتب الكتاب العربي " [ و يكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله له أن يكتب ] . و الجميع صحيح ،
لأن ورقة تعلم اللسان العبراني و الكتابة العبرانية ، فكان يكتب الكتاب العبراني كما كان يكتب الكتاب العربي ، لتمكنه من الكتابين و اللسانين ] .

* و عن حقيقة نصرانية ورقة بن نوفل : قال ابن حجر :
( و أما ما تمحل له السهيلي [ أي : في شأن ما ورد من قول ورقة : " هذا الناموس الذي نزل على موسى " ] من أن ورقة كان على اعتقاد النصارى في عدم نبوة عيسى و دعواهم أنه أحد الأقانيم الثلاثة - فهو محال لا يعرَج عليه في حق ورقة و أشباهه ممن لم يدخل في التبديل و لم يأخذ عمن بدَل . ] .
- و عللَ ابن حجر ( قوله " على موسى " و لم يقل : على عيسى - مع كونه نصرانيا - لأن كتاب موسى عليه السلام مشتمل على أكثر الأحكام ، بخلاف عيسى ). انتهى كلام ابن حجر .

* و يكفي في دحض شبه النصارى هنا : قول ورقة بعدما سمع من رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر الملك الذي نزل عليه بالوحي : " هذا الناموس الذي نزَل الله على موسى " .
فأشار بقوله " هذا " إلى الملك الذي ذكره النبي صلى الله عليه و سلم في خبره ، و نزَله منزلة القريب لقرب ذكره .
و الناموس : صاحب السر .
و المراد بالناموس هنا : جبريل عليه السلام . قاله ابن حجر .

*** و ليس هناك أدل دليل و أوضح سبيل في نفي شبهة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نصرانياً، وأراد بالإسلام إعادة إحياء النصرانية - من أن القرآن الكريم الذي أنزل على الرسول عليه السلام جاءت آياته تكذيبا و تكفيرا للنصارى - فيما زعموه من بنوة عيسى عليه السلام لله تعالى ، سبحانه عما يقولون و مما ادعوه بثلاثية الآلهة - قال الله عزَ و جلَ مخاطبا رسوله و أمته :
{ قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد و لم يولد * و لم يكن له كفوا أحد * } . [ سورة الإخلاص ] .
ففيها إثبات الوحدانية لله تعالى ، و نفي الابن و الشريك و الشبيه له ، سبحانه و تعالى عن عباده علوا كبيرا ،
فهذا أول أصل من أصول الإسلام و الإيمان الحق ،
و هذا ناقض و نقيض ما يزعمونه " الإيمان المسيحي " القائم على التثليث و التشريك في الألوهية بادعائهم و إفكهم .

فأين هذا من ذاك ؟
 
أخي الكريم عبد الرحيم

شكرا لك, وجزاك الله خيرا .. وصدقت في كل كلمة قلتها .. لا فض فاك

ولكنني ما كتبت (أبو صلاح الدين = يحيى) هذا البحث إلا دفاعا عن السنة , حيث أنه يتم ترديده ((دائما)) كمثال على أنه يجب عرض حديث الاحاد على القران , ولولا ذلك والله ما ألفته.

وثانية .. شكري الجزيل والحار لكم.
 
أخي و صديقي العزيز يحيي ( أبو صلاح الدين )
سلام الله عليكم و رحمته و بركاته

* يكفينا في الدفاع عن السنة النبوية الشريفة ، و حجيتها في التشريع للأحكام و سائر الأمور قول الله عزَ و جلَ : { و ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى } . [ سورة النجم ] ،

- و في تفسيره " الجامع لاحكام القران " قال الإمام القرطبي :

( قوله تعالى: { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ }.

فيه مسألتان:

الأولى: قوله تعالى: { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } قال قتادة: وما ينطق بالقرآن عن هواه { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } إليه. وقيل: «عَنِ الْهَوَى» أي بالهوى؛ قاله أبو عبيدة؛ كقوله تعالى:
{ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً }
[الفرقان: 59] أي فٱسأل عنه. النحاس: قول قتادة أولى، وتكون «عن» على بابِها، أي ما يخرج نطقه عن رأيه، إنما هو بوحي من الله عز وجل؛ لأن بعده: { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ }.

الثانية: قد يحتج بهذه الآية من لا يجوّز لرسول الله صلى الله عليه وسلم الاجتهاد في الحوادث. وفيها أيضاً دلالة على أن السُّنة كالوحي المنزل في العمل. وقد تقدّم في مقدّمة الكتاب حديث المِقدام بن معدي كرب في ذلك والحمد لله ).

- و هو ما جاء في " مُسْنَدُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ " ، مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ ، حَدِيثُ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَبِي كَرِيمَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
" أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ :

16915 حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا حريز ، عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي ، عن المقدام بن معدي كرب الكندي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ، ألا يوشك رجل ينثني شبعانا على أريكته يقول : عليكم بالقرآن ، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه ، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ، ولا كل ذي ناب من السباع ، ألا ولا لقطة من مال معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ، ومن نزل بقوم ، فعليهم أن يقروهم ، فإن لم يقروهم ، فلهم أن يعقبوهم بمثل قراهم " *

هذا فيمن زعم عدم الاحتجاج بالسنة النبوية ،
- و أما من ادعى وجوب عرض حديث الاحاد على القران : فيرده ما ترجم به الإمام البخاري بابا في " صحيحه " - و فقهه في تراجمه ، كما ذكر الحافظ ابن حجر - فقد بوَب في كتاب الأحكام من صحيحه ( باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام وقول الله تعالى : فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ، " ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى " : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ، " فلو اقتتل رجلان دخل في معنى الآية " ، وقوله تعالى : إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ، " وكيف بعث النبي صلى الله عليه وسلم أمراءه واحدا بعد واحد ، فإن سها أحد منهم رد إلى السنة ) .

- قال ابن حجر في " فتح الباري " :
و المراد " بالإجازة " جواز العمل به ، و القول بأنه حجة ، و " بالواحد " هنا حقيقة الوحدة ، و أما في اصطلاح الأصوليين فالمراد به ما لم يتواتر ،
و قصد الترجمة : الرد على من يقول : إن الخبر لا يحتج به إلا إذا رواه أكثر من شخص واحد كالشهادة ، و يلزم منه الرد على من شرط أربعة أو أكثر . انتهى كلام ابن حجر .
- و قد أورد الإمام البخاري رحمه الله في ذلك الباب من الأحاديث الصحاح بيان ما ترجم به و احتج ،
و هي حجة لازمة .

* أعلم أخي أنه لا يخفى ذلك عليكم ،
و لكني ذكرته تذكرة و تبصرة للقارئين .
 
جزاك الله خيرا .. وشكرا لكم
 
وفقنا الله و إياكم لما فيه الخير و النفع في كل أمر .
 
السلام عليكم
اخي الكريم راجع مقالتك ففيها امور تحتاج للتحرير منها ماهو طباعي ومنها ما هو علمي واتمنى لك التوفيق
ثم ان فقط مسالة دخول ابوي النبي صلى الله عليه وسلم النار او لا كافية لنصرة السنة؟
شكرا لمجهودك اثابك الله
 
[align=justify]الحق أنه لم يثبت في تعذيب الأبوين حديثٌ سالمٌ من المنازعة، إنْ في الدلالة، وإنْ في الثبوت؛ فيجب التوقف فيهما، وعدم القطع لهما بجنة أو نار.
أما حديث أبيه صلى الله عليه وسلم فقد اختلف الرواة في لفظه، فبعضهم يرويه بلفظ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: فِي النَّارِ. فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ»، وهذا لفظ مسلم، من طريق أنس، والبعض الآخر لا يذكر قوله: « إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ»، وإنما يرويه بلفظ: «حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ»، وهذا الاختلاف من الرواة يوجب التوقف في الحديث وعدم القطع بمضمونه.
وأما أحاديث أمّه صلى الله عليه وسلم فلم يأت منها حديث صحيح صريح بأنها من أهل النار، والثابت هو النهي عن الاستغفار لها، وهذا النهي لا يلزم منه أنْ تكون من أهل النار، والله تعالى أعلم.[/align]
 
قول الأستاذ أحمد: "أما حديث أبيه صلى الله عليه وسلم فقد اختلف الرواة في لفظه، فبعضهم يرويه بلفظ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: فِي النَّارِ. فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ»، وهذا لفظ مسلم، من طريق أنس، والبعض الآخر لا يذكر قوله: « إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ»، وإنما يرويه بلفظ: «حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ»، "

هذا غلط، وقد تقدم الرد عليه. فلفظ مسلم هو الصحيح الذي أجمع علماء الحديث على صحته، واللفظ الثاني هو الغلط كما تجده مفصلاً أعلاه.

ولو لم يكن في الباب غير الإجماع الصريح لكفى ذلك.
 
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد أما بعد : فكم كنت أتمنى عدم الخوض فى هذا الموضوع ،على الأقل تأدباً مع النبي صلى الله عليه وسلم ،ولكن على من يتكلم فى هذه المسألة الإلمام بعلم الأصول ،فأقول وبالله التوفيق:1-هذا الإجماع الذى ادعاه محمد الأمين منقوض بالروايات المختلفة الصحيحة 02/ماذا نقول فى قول الله تعالى (قالوا نعبد إلاهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق )فإسماعيل عمه قطعاً فهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ،فهذا النص قطعي المتن قطعي الدلالةلايحتمل غير مايدل عليه لفظه بالمطابقة،وهناك نص آخر فى القرآن الكريم لكنه قطعي المتن ظني الدلالة وهو قوله تعالى (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاً هدينا ونوحاًهدينا من قبل) إلى قوله (وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً )وهونص قرآني على أن إبراهيم يطلق عليه أنه أب للوط وهو عمه على ما وردت به الأخبار ، إلا أن هذا النص ظني الدلالة لأنه يحتمل أن يكون الضمير من قوله تعالى (ومن ذريته )يرجع إلى نوح،لأنه قال فى الآية قبل ذلك (ونوحاً هدينا من قبل )ولكنه احتمال مرجوح لأن الكلام عن إبراهيم عليه السلام 03/ماذا يقال فى قوله صلى الله عليه وسلم فى عمه العباس رضي الله عنه (ردوا عليَ أبي فإن عم الرجل صنو أبيه)والحديث من أحاديث الكشاف التى خرجها الحافظ ابن حجر بقوله:ابن أبى شيبة فى المغازى فى مصنفه ، وأيضاً ذكرقوله صلى الله عليه وسلم فى العباس (احفظونى فى العباس فإنه بقية آبائى)رواه الطبرانى فى الأوسط 0فهذه نصوص من كلام الله تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم على استعمال (الأب )مكان (العم)ولايلزم من ذلك تكذيب للقرآن ولا للنبي صلى الله عليه وسلم أو اتهام المسلمين برد الأحاديث النبوية ،بل الأمر لايتعدى إعمال النصوص فى معانيها الصحيحة المناسبة لئلا يفهم التكذيب عند من لايفهم الشريعة ولا العربية4/وأيضاًيقال لمن يقول :أليس بالإمكان حمل الخاص على العام لأن الخاص يقضى على العام عند جمهور الأصوليين ،فقوله تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)دليل عام والأحاديث الواردة فى أشخاص معينين دليل خاص خرج من العموم ومالم يخرجه بقي على عمومه داخلاً فيه :يقال له :إن هذا التخصيص لو قلنا به لأبطل ذلك حكمة العام لأن الله تعالى تمدح بكمال الإنصاف وأنه لايعذب أحداً حتى يقطع حجة المعذب بإنذار الرسل إليه فى دار الدنيا فلو عذب أحداً من غير إنذار لاختلت تلك الحكمة ولثبت لذلك المعذب الحجة على الله التى أرسل الرسل لقطعها كما بينه تعالى فى سورة النساء (رسلا ًمبشرين ومنذرين لئلايكون للناس على الله حجة بعد الرسل)ولقوله تعالى ( ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى )0هذا ماعندى فى هذه المسألة وأدين الله تعالى به ,لا أتهم من خالفنى فيها بعدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم ،حاشا وكلا فهو عنده نص مستمسك به يسأل عنه يوم القيامة،ولكن هل نعذر بعضنا بعضاً،هذا ما أتمناه وأرجوه وآخر دعواي أن الحمد لله وصلى الله على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد 0
 
ولو لم يكن في الباب غير الإجماع الصريح لكفى ذلك.[/quote]

أين الإجماع حفظك الله
وكيف تجيب عن الآيات القاطعة بعذر أهل الفترة عموماً وهي آيات وليست آية
ولم التشبث ببعض الروايات والقطع بمضمونها على الرغم من وجود روايات أخرى مخالفة لها؟
ولاحظ أني قلت يجب التوقف في أب النبي صلى الله عليه وسلم من أجل تعدد الروايات لحديث مسلم لا رداً للحديث
 
أحمد القصير قال:
أين الإجماع حفظك الله
وكيف تجيب عن الآيات القاطعة بعذر أهل الفترة عموماً وهي آيات وليست آية
ولم التشبث ببعض الروايات والقطع بمضمونها على الرغم من وجود روايات أخرى مخالفة لها؟
ولاحظ أني قلت يجب التوقف في أب النبي صلى الله عليه وسلم من أجل تعدد الروايات لحديث مسلم لا رداً للحديث

الإجماع نقله العلامة الحنفي الملاّ علي بن سلطان القارئ إذ قال: «وأما الإجماع فقد اتفق السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وسائر المجتهدين على ذلك، من غير إظهار خلافٍ لما هُنالك. والخلاف من اللاحق لا يقدح في الإجماع السابق، سواء يكون من جنس المخالف أو صنف الموافق».

والإجماع حجة شرعية، ومخالفه متبع لغير سبيل المؤمنين.

وقولك حفظك الله "وكيف تجيب عن الآيات القاطعة بعذر أهل الفترة عموماً وهي آيات وليست آية"، فعلك يا شيخ لم تقرأ الكلام السابق. قال الإمام النووي –رحمه الله– معلقاً على الحديث في شرحه لصحيح مسلم (3\79): «فيه أن من مات على الكفر فهو من أهل النار ولا تنفعه قرابة المقربين. وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار. وليس هذا مؤاخذه قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء –صلوات الله تعالى وسلامه عليهم–». وما ذهب إليه الإمام النووي هو ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة المستفيضة منها:

1. قوله r: «رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبة في النار. كان أول من سيب السوائب». أخرجه الشيخان.

2. سألته أمنا عائشة t: «يا رسول الله. ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحِم ويطعم المسكين. فهل ذاك نافعه؟». فقال: «لا ينفعه. إنه لم يقل يوماً: ربِّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين» أخرجه مسلم.

3. رؤيته r في صلاة الكسوف صاحب المحجن يجر قصبة في النار، لأنه «كان يسرق الحاج بمحجنه». أخرجه مسلم.

فأنت ترى كيف أن أهل الجاهلية في النار لأن دعوة إبراهيم وإسماعيل وصلتهم، والأحاديث في ذلك متواترة.

وقول فضيلتكم "ولاحظ أني قلت يجب التوقف في أب النبي صلى الله عليه وسلم من أجل تعدد الروايات لحديث مسلم لا رداً للحديث" أقول عند تعدد الروايات ننظر إلى أيهما الصحيح وأيهما الخطأ. فلا يجوز أن ترد الصحيح وبحجة مجئ روايات خاطئة للحديث. ولا يخفى عليكم منهج العلماء في تقديم روايات الصحيح على غيرها.
 
[align=justify]دعوى الإجماع على تعذيب أهل الفترة عموماً مُعارض بما ورد في القرآن الكريم من عُذرهم بالفترة، وهي نصوص قطعية لا تحتمل التأويل، ومُعارض بما جاء في السنة النبوية من أنَّ أهل الفترة يُمتحنون يوم القيامة، ودعوى الإجماع لابُدَّ وأن يكون لها مستند من كتاب أو سنة، وأنْ لا تخالف شيئاً من النصوص، وغالباً ما يُحكى الإجماع ولا تجد لـه أصلاً، أو يكون أصله مختلف في حجيته، وتحقق ثبوت الإجماع عزيز قَلَّ أنْ يثبت.
ولم يأتِ دليل قاطع بتعذيب أهل الفترة عموماً، والأحاديث الواردة في تعذيبهم إنما وردت بخصوص أشخاص بعينهم، ولم يأت فيها ما يُفيد تعذيب أهل الفترة مطلقاً، وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا يوجد مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يوجد مسألة يتفق الإجماع عليها إلا ولها مستند من كتاب أو سنة. انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية (19/195).
وأما دعوى الملا علي القاري الإجماع على أنَّ الأبوين ماتا على الكفر فهي دعوى عارية عن الصحة، فكيف يُحْكَى الإجماع في زمن متأخر جداً، فالقاري وفاته في سنة (1014 هـ) ولا أعرف أنَّ أحداً ادعى الإجماع قبله، على أنَّ دعوى الإجماع تحتاج إلى تحقيق كما قلتُ سابقاً، فليس كل ما يُحكى فيه الإجماع يجب التسليم لـه.
والمتأمل في كتابات الملا علي القاري حول حكم الأبوين يجد عنده تناقض وتردد في مصيرهما، فهو في كتابه «أدلة معتقد أبي حنيفة» يذكر لنا أنهما ماتا على الكفر ومصيرهما إلى النار، بينما نراه في كتابه «شرح الشفا، للقاضي عياض» يقول: «وأما إسلام أبويه ففيه أقوال: والأصح إسلامهما على ما اتفق عليه الأجلة من الأئمة، كما بينه السيوطي في رسائله الثلاث المؤلفة».اهـ
وقال في الكتاب نفسه: «وأما ما ذكروه من إحيائه عليه الصلاة والسلام أبويه فالأصح أنه وقع، على ما عليه الجمهور الثقات، كما قال السيوطي في رسائله الثلاث المؤلفة».اهـ
انظر: شرح الشفا، لعلي القاري (1/106)، (1/648) طبعة استانبول، 1316 هـ.
وفي كتابه «مرقاة المفاتيح» (4/216) يذكر لنا أنَّ مذهب الجمهور على أنَّ والديه صلى الله عليه وسلم ماتا على الكفر.
وهذا التناقض من القاري يؤكد لنا خطأ دعواه الإجماع؛ إذ لو كان ثَمَّةَ إجماع لما تردد في مصيرهما.[/align]
 
أحمد القصير قال:
[align=justify]وأما أحاديث أمّه صلى الله عليه وسلم فلم يأت منها حديث صحيح صريح بأنها من أهل النار، والثابت هو النهي عن الاستغفار لها، وهذا النهي لا يلزم منه أنْ تكون من أهل النار.[/align]

كلا الجملتين غلط.

مجمع الزوائد [ جزء 1 - صفحة 314 ]
457 - وعن بريدة قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنزل ونحن معه قريب من ألف راكب فصلى ركعتين ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان فقام إليه عمر بن الخطاب ففداه بالأم والأب يقول : يا رسول الله مالك ؟ قال :
إني سألت ربي عز وجل في الاستغفار لأمي فلم يأذن لي فدمعت عيناي رحمة لها من النار
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح "(قال شعيب : اسناده صحيح على شرط الشيخين )

مجمع الزوائد [ جزء 1 - صفحة 313 ]
456 - وعن أبي رزين العقيلي عن عمه قال : قلت : يا رسول الله أين أمي ؟ قال : " أمك في النار " قال : قلت : فأين من مضى من أهلك ؟ قال : " أما ترضى أن تكون أمك مع أمي "
رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات .

هل تريد يا شيخ أصرح من هذا؟!

والاستغفار جائز بل مستحب للمسلم -وإن كان عاصياً- ولا يمنع إلا عن الكافر، لأن الله لا يغفر أن يشرك به.
 
[align=justify]هذان الحديثان معلولان وسأبين ما فيهما من علل:
أولاً: حديث بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَهُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ رَاكِبٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَفَدَاهُ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ؟ قَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنْ النَّارِ».
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/355)، قال: حدثنا حسن بن موسى، وأحمد بن عبد الملك، قالا: حدثنا زهير، قال أحمد بن عبد الملك في حديثه: حدثنا زبيد بن الحارث اليامي، عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، به.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه (12/212)، وأبو عوانة في مسنده (5/83)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/76)، جميعهم من طريق عبد الرحمن بن عمرو البجلي، عن زهير بن معاوية، به.
والحديث عند أحمد رجاله رجال الصحيح، كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/116)؛ إلا أن قولـه في الحديث: «فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنْ النَّارِ» لم تأتِ إلا من هذه الطريق.
فقد رواه الإمام أحمد في مسنده (5/359)، قال: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا خلف ـ يعني ابن خليفة، عن أبي جناب، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا غَزْوَةَ الْفَتْحِ فَخَرَجَ يَمْشِي إِلَى الْقُبُورِ حَتَّى إِذَا أَتَى إِلَى أَدْنَاهَا جَلَسَ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ يُكَلِّمُ إِنْسَانًا جَالِسًا يَبْكِي قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَأْذَنَ لِي فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّ مُحَمَّدٍ فَأَذِنَ لِي، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَأْذَنَ لِي فَأَسْتَغْفِرُ لَهَا فَأَبَى....».
والحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ من أجل أبي جناب، وهو يحيى بن أبي حية الكلبي، ضعفه ابن سعد، ويحيى القطان، وابن معين، والدارمي، والعجلي، وكان كثير التدليس. انظر: تهذيب التهذيب، لابن حجر (11/177).
ورواه الإمام أحمد في مسنده (5/356)، قال: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا أيوب بن جابر، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: «خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَدَّانَ قَالَ: مَكَانَكُمْ حَتَّى آتِيَكُمْ، فَانْطَلَقَ ثُمَّ جَاءَنَا وَهُوَ سَقِيمٌ فَقَالَ: إِنِّي أَتَيْتُ قَبْرَ أُمِّ مُحَمَّدٍ فَسَأَلْتُ رَبِّي الشَّفَاعَةَ فَمَنَعَنِيهَا....».
والحديث بهذا الإسناد ضعيف أيضاً؛ من أجل أيوب بن جابر، فإنه ضعيف كما في التقريب (1/89).
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (3/29)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: «لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أتى حرم قبر فجلس إليه فجعل كهيئة المخاطب، وجلس الناس حوله، فقام وهو يبكي، فتلقاه عمر وكان من أجرأ الناس عليه فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما الذي أبكاك؟ قال: هذا قبر أمي، سألت ربي الزيارة فأذن لي، وسألته الاستغفار فلم يأذن لي، فذكرتها فذرفت نفسي فبكيت. قال: فلم يُرَ يوماً كان أكثر باكياً منه يومئذ».
قال الألباني في إرواء الغليل (3/225): «سنده صحيح على شرط مسلم، إلا الأسدي، وهو ثقة، كما قال ابن معين، وأبو داود وغيرهما».اهـ
قلت: قد توبع الأسدي؛ فرواه أبو زيد النميري في أخبار المدينة (1/78)، قال: حدثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، بمثله سواء.
وبهذا يتبين أن قولـه في الحديث: «فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنْ النَّارِ» زيادة شاذة لا تثبت في الحديث، ويقوي شذوذها حديث أبي هريرة المخرج في صحيح مسلم؛ فإن فيه ذكر القصة بتمامها دون ذكر هذه الزيادة.

ثانياً: حديث أَبِي رَزِينٍ رضي الله عنه قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيْنَ أُمِّي؟ قَالَ: أُمُّكَ فِي النَّارِ. قَالَ قُلْتُ: فَأَيْنَ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِكَ؟ قَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ مَعَ أُمِّي».
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/11)، قال: ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن عُدُس، عن أبي رزين، به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1/289)، والطبراني في الكبير (19/208)، كلاهما من طريق محمد بن جعفر، به.
وأخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (1/147)، عن شعبة، به.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/116): «رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجاله ثقات».اهـ
قلت: الحديث رجال إسناده ثقات، غير وكيع بن عُدُس، ويقال: حُدُس، بالحاء بدل العين، أبو مصعب العقيلي، الطائفي، وثقه ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار (1/124)، وذكره في الثقات لـه (5/496)، وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (2/338): «مقبول»، وأما الحافظ الذهبي فقد اختلفت عبارته فيه، فأشار إلى توثيقه في الكاشف (2/350)، وقال في الميزان (7/126): «لا يُعرف».
وقال ابن القطان في الوهم والإيهام (3/617) : «لا تُعرف له حال، ولا يُعرف روى عنه إلا يعلى بن عطاء».
قلت: وهذا الاختلاف في توثيقه يوجب التوقف في روايته إلا أن تأتي من طريق أخرى تقوي روايته.[/align]
 
قال الإمام المفسر محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان في هذه المسألة التي لا يترتب على العلم بها نفع ولا على الجهل بها أي ضرر- في نظري- بعد أن أشبعها بحثا وأورد حجج الفريقين وأدلتهم وناقشها كما هي عادته رحمه الله وساق كلام علماء الأصول على القادح المعروف بالنقض:
(قال مقيده عفا الله عنه: الظاهر أن التحقيق في هذه المسألة التي هي:
هل يعذر المشركون بالفترة أو لا؟
هو أنهم معذورون بالفترة في الدنيا وأن الله يوم القيامة يمتحنهم بنار يأمرهم باقتحامها فمن اقتحمها دخل الجنة وهو الذي كان يصدق الرسل لو جاءته في الدنيا ومن امتنع دخل النار وعذب فيها وهو الذي كان يكذب الرسل لو جاءته في الدنيا لأن الله يعلم ما كانوا عاملين لو جاءتهم الرسل.
وإنما قلنا أن هذا هو التحقيق في المسألة لأمرين:
1-أن هذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبوته عنه نص في محل النزاع فلا وجه للنزاع ألبتة مع ذلك.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية التي نحن بصددها بعد أن ساق الحاديث الكثيرة الدالة على عذرهم بالفترة وامتحانهم يوم القيامة رادا على ابن عبد البر تضعيف أحاديث عذرهم وامتحانهم بأن الآخرة دار جزاء لا عمل وأن التكليف بدخول النار تكليف بما لا يطاق وهو لا يمكن- ما نصه :
والجواب عما قال أن أحاديث الباب منها ما هو صحيح كما نص على ذلك كثير من أئمة العلماء ومنها ما هو حسن ومنها ما هو ضعيف يتقوى بالصحيح والحسن.
وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متصلة متعاضدة على هذا النمط أفادت الحجة عند الناظر فيها.
وأما قوله: إن الآخرة دار جزاء فلا شك أنها دار جزاء ولا ينافي التكليف في عرصاتها قبل دخول الجنة أو الناركما حكاه الشيخ أبو الحسن الأشعري عن مذهب أهل السنة والجماعة من امتحان الأطفال وقد قال تعالى (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود) الآية.
وقد ثبت في الصحاح وغيرها :((أن المؤمنين يسجدون لله يوم القيامة وأن المنافق لا يستطيع ذلك ويعود ظهره كالصفيحة الواحدة طبقا واحدا كلما أراد السجود خر لقفاه))
وفي الصحيحين في الرجل الذي يكون آخر أهل النار خروجا منها((أن الله يأخذ عهوده ومواثيقه ألا يسأل غير ما هو فيه ويتكرر ذلك منه ويقول الله تعالى: يابن آدمما أعذرك ثم يأذن له في دخول الجنة)) وأما قوله فكيف يكلفهم الله دخول لناروليس ذلك في وسعهم؟
فليس هذا بمانع من صحة الحديث فإن الله يأمر العباد يوم القيامة بالجواز على الصراط وهو جسر على متن جهنم أدق من الشعر وأحد من السيف ويمر المؤمنون عليه بحسب أعمالهم كالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب ومنهم الساعي ومنهم الماشي ومنهم من يحبو حبوا ومنمهم المكردس على وجهه في الناروليس ما ورد في أولئك بأعظم من هذا بل هذا أطم وأعظم.
وأيضا فقد ثبت بالسنة بأن الدجال يكون معه جنة وناروقد أمر الشارع المؤمنين الذين يدركونه أن يشرب أحدهم من الذي يرى أنه نار فإنه يكون عليه بردا وسلاما وهذا نظير ذلك
وأيضا فإن الله تعالى أمر بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم فقتل بعضهم بعضا حتى قتلوا فينا قيل في غداة واحدة واحدا وسبعين ألفا,يقتل الرجل أباه وأخاه وهم في عماية غمامة أرسلها الله عليهم وذلك عقوبة لهم على عبادة العجل وهذا أيضا شاق على النفوس جدا ولا يتقاصرعما ورد في الحجيث المذكور والله أعلم) انتهى كلام الحافظ ابن كثير بلفظه...
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى أيضا قبل هذا بقليل ما نصه:
ومنهم من ذهب إلى أنهم يمتحنون يوم القيامة في عرصات المحشر فمن أطاع دخل الجنة وانكشف علم الله فيه بسابق السعادة, ومن عصى دخل النارداخرا, وانكشف علم الله فيه بسابق الشقاوة.
وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضها لبعض.
وهذا القول هو الذي حكاه أبو الحسن الأشعريُّ عن أهل السنة والجماعة وهو الذي نصره الحافظ أبو بكر البييهقي في كتاب الاعتقاد وكذلك غيره من محققي العلماء والحفاظ والنقاد.
انتهى محل الغرض من كلام ابن كثير وهو واضح جدا فيما ذكرنا.

2- أن الجمع بين الأدلة واجب متى ما أمكن بلا خلاف لأن إعمال الدليلين أولى من إالغاء أحدهما, ولا وجه للجمع بين الأدلة إلا هذا القول بالعذر والامتحان فمن دخل النار فهو الذي لم يمتثل ما أمربه عند ذلك الامتحان ويتفق بذلك جميع الأدلة والعلم عند الله تعالى)3/481-484
 
[align=justify]والمتأمل في كتابات الملا علي القاري حول حكم الأبوين يجد عنده تناقض وتردد في مصيرهما، فهو في كتابه «أدلة معتقد أبي حنيفة» يذكر لنا أنهما ماتا على الكفر ومصيرهما إلى النار، بينما نراه في كتابه «شرح الشفا، للقاضي عياض» يقول: «وأما إسلام أبويه ففيه أقوال: والأصح إسلامهما على ما اتفق عليه الأجلة من الأئمة، كما بينه السيوطي في رسائله الثلاث المؤلفة».اهـ
وقال في الكتاب نفسه: «وأما ما ذكروه من إحيائه عليه الصلاة والسلام أبويه فالأصح أنه وقع، على ما عليه الجمهور الثقات، كما قال السيوطي في رسائله الثلاث المؤلفة».اهـ
انظر: شرح الشفا، لعلي القاري (1/106)، (1/648) طبعة استانبول، 1316 هـ.
وفي كتابه «مرقاة المفاتيح» (4/216) يذكر لنا أنَّ مذهب الجمهور على أنَّ والديه صلى الله عليه وسلم ماتا على الكفر.
وهذا التناقض من القاري يؤكد لنا خطأ دعواه الإجماع؛ إذ لو كان ثَمَّةَ إجماع لما تردد في مصيرهما.[/align]
السلام عليك

1729alsh3er.php


http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1573155#post1573155
 
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد أما بعد : فكم كنت أتمنى عدم الخوض فى هذا الموضوع ،على الأقل تأدباً مع النبي صلى الله عليه وسلم ،ولكن على من يتكلم فى هذه المسألة الإلمام بعلم الأصول0
هذا ماعندى فى هذه المسألة وأدين الله تعالى به ,لا أتهم من خالفنى فيها بعدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم ،حاشا وكلا فهو عنده نص مستمسك به يسأل عنه يوم القيامة،ولكن هل نعذر بعضنا بعضاً، هذا ما أتمناه وأرجوه. وآخر دعواي أن الحمد لله وصلى الله على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد 0
لا أدري ما مشكلة كاتب المقال مع أبوي النّبيّ صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم؟
ألم يجد موضوعاً إلا ما يؤذي به رسول الله صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم؛ وقد بكى عند قبر السّيّدة الجليلة أمّه صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم؟ الّتي أسأل الله تعالى العظيم ربّ العرش العظيم أن يجعلهما من أهل الجنّة؛ لتقرّ بهما عيناه فدته النّفس والرّوح.
أولم يجد إلا هذا العنوان المتهافت الّذي ينمّ عن سوء أدب مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم!
ثمّ ألم يجد إلا هذه المقدّمة الهجوميّة على المخالف: [ لا تجريحا في النبي(ص) كما يدعي الضالون- حاشا لله- ولكن دفاعا عما نطق به (إن أبي وأباك في النار)]؟
ولا عجب في ذلك فقد وضع "موضوعه" هذا في ملتقى أهل الحديث، وأوقف هناك بعد تسع مشاركات له فقط!!!؛ لأنّه من لصوص العلم. وكُتِبَ تحت اسمه هذه العبارة: (موقوف يسرق مواضيع وينسبها لنفسه)
وليته إذ يسرق مواضيعه يضيف الصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم كتابة تأدّباً.
ولكن أنّى له الأدب! وهو من هو! كان اسمه "أبو صلاح"، وهنا أصبح اسمه "أبو صلاح الدّين".
حشف وسوء كيلة.
وتبعه صاحبه "محمّد الأمين" الّذي كنت أتمنّى أن يكون له من اسمه نصيب؛ ولكن تقرأ له فتجده يسيء الأدب مع العلماء المعاصرين مهما كان خطؤهم يسيراً إن أخطأوا. ولقد تعقّبته مرّة هناك يسيء الأدب مع عالم جليل آخر قعيد الفراش منذ سنوات لا يسمع إلا القرآن الكريم على قناة المجد؛ اتّهمه فيها بأنّه دجّال؛ كنت ليلتها اتّفاقاً في زيارته، وقد قرأت عليه آيات من القرآن الكريم؛ فما وجدت باكياً مثله؛ أطال الله عمره في صالح عمل وحسن خاتمة.
هذه مقتطفات من كتابته:
[ من كتاب الحوار الهادي مع الشيخ القرضاوي
قال فضيلة الشيخ القرضاوي في الكتاب المشؤوم نفسه (ص97): «ومثل ذلك الحديث الذي رواه مسلم عن أنس مرفوعاً: "إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ". قاله جواباً لمن سأله عن أبيه أين هو؟ وقلت (الكلام للشيخ القرضاوي): ما ذنب عبد الله بن عبد المطلب حتى يكون في النار، وهو من أهل الفترة؟ والصحيح أنهم ناجون!!! ومن ناحية أخرى: ما ذنب أبي الرجل السائل؟ والظاهر أن أباه مات قبل الإسلام. لهذا توقفت في الحديث حتى يظهر لي شيء يشفي الصدر. أما شيخنا الغزالي فقد رفض الحديث صراحة لأنه ينافي قوله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً. ولكني أوثر في الأحاديث الصحاح التوقف فيها دون ردها بإطلاق!» انتهى.
أقول: ما أجرأ القرضاوي على أحاديث النبي  –بأبي وأمي هو–. فكلمة والصحيح: تعني أن ما قاله النبي  ليس بصحيح. ثم استشهد بكلام شيخه العقلاني الغزالي بأنه رد الحديث صراحة. أقول: قاتل الله أهل الأهواء الذين يقدمون عقولهم الناقصة على أحاديث النبي . 1.

ومن الواضح أن الشيخ القرضاوي قد تأثر شديد التأثر بالغزالي في كثير من أقواله، حيث يقول الغزالي الهالك: «أما الذي أرفضه وقد حاربته بضراوة، فهو سفاهة بعض الأولاد الذين يتنقلون في العالم الإسلامي، وينشئون عقيدة جديدة (!!) أن أبا الرسول وأمه في النار».
ومن الملاحظ أن الشيخ القرضاوي قد فاق شيخه تدليساً وتلبيساً. فالغزالي كان يُصرِّح بردِّ السُّنة، ويُقِرُّ الضلال علانيةًً. ومن هنا وقف علماء السنة بوجه كتابه بقوةٍ وحزم، حتى تركه الناس وأفل نجمه. ولكن الشيخ القرضاوي يميل إلى المكر والمراوغة لإقرار وتثبيت باطله، نسأل الله السلامة والعافية. وقوله أنه لا يفضّل رد الحديث الصحيح بإطلاق، هو تلبيسٌ واضحٌ لأنه قد ردّ الحديث فعلاً! فرسول الله الصادق الأمين  –الذي لا ينطق عن هو إن هو إلا وحيٌ يوحى– يقول بصراحة للرجل: «إن أبي وأباك في النار». والقرضاوي ينكر ذلك ويقول: «والصحيح أنهم ناجون». فمن الصادق ومن الكذّاب؟]
اللهمّ أدّبنا، وفهّمنا، وعلّمنا، واغفر لنا، وتجاوز عنّا، وعافنا، واعف عنّا.​
 
عودة
أعلى