كيف يمكن الجمع بين الحديثين؟

إنضم
08/09/2016
المشاركات
6
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
مصر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف يمكن القول بأن زيد رضي الله عنه لم يجد آية الأحزاب مكتوبة إلا عند خزيمة بن ثابت الأنصاري مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو كتاب الوحي لتدوين ما ينزل عليه من القرآن؟! روى البخاري في صحيحه أنَّ زيدَ بنَ ثابتٍ قال : لمَّا نَسَخْنَا المصحَفَ في المصاحفِ فقدتُ آيةً من سورةِ الأحزابِ كنتُ أسمعُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقرؤها لم أجدها مع أحدٍ إلا مع خزيمةَ بنِ ثابتٍ الذي جعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شهادتَهُ شهادَةَ رجليْنِ "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوْا مَا عَاهَدُوْا اللهَ عَلَيْهِ".

قال ابن عباس: قلتُ لعُثمانَ ما حملَكُم علَى أن عمِدتُمْ إلى الأنفالِ وَهيَ منَ المثاني وإلى براءةَ وَهيَ منَ المِئينَ فقَرنتُمْ بينَهُما ولم تَكْتُبوا بينَهُما سطرَ بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ووضعتُموها في السَّبعِ الطُّوالِ ما حملَكُم علَى ذلِكَ فقالَ عُثمانُ كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ مِمَّا يأتي علَيهِ الزَّمانُ وَهوَ تنزلُ علَيهِ السُّوَرُ ذواتُ العددِ فَكانَ إذا نزلَ علَيهِ الشَّيءُ دعا بعضَ مَن كانَ يَكْتبُ فيقولُ ضعوا هذِهِ الآيةَ الَّتي يُذكَرُ فيها كذا وَكَذا"
 
لا حاجة للجمع بين الروايتين إذ لا يوجد إختلاف بينها .
يشرح شيخ الاسلام ابن حجر ( لم أجدها مع أحد غيره ) : أي مكتوبة ، لما تقدم من أنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة . ولا يلزم من عدم وجدانه إياها حينئذ أن لا تكون تواترت عند من لم يتلقها من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان زيد يطلب التثبت عمن تلقاها بغير واسطة ، ولعلهم لما وجدها زيد عند أبي خزيمة تذكروها كما تذكرها زيد . وفائدة التتبع المبالغة في الاستظهار ، والوقوف عند ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=9113&idto=9116&bk_no=52&ID=2773

والكتابة في هذه الرواية أي المكتوب بلا واسطة، وهو المكتوب الذي يؤكد ما وافق العرضة الأخيرة ، وإلا فالآية كانت محفوظة في السطور وفي الصدور ؛ وزيد رضي الله عنه كان يشترط التتبع الذي هو المبالغة في الإستظهار. إن الأصل هنا هو أن المحفوظ في السطور والصدور عند أعضاء اللجنة رضي الله عنهم موافق للعرضة الأخيرة ، وموافق لما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم أي موافق للمحفوظ في الصدور وفي السطور بغير واسطة، إلا أن منطق التتبع (المبالغة في التدقيق والتثبت والتحقيق) يقتضي شهادة خارجية أي :
1) من خارج اللجنة، و
2) خارج المحفوظ بواسطة، و
3) بالتالي: خارج المنطلق المبدئي.

ما معنى المنطلق المبدئي ؟ الأصل أن المحفوظ في السطور وفي الصدور عند أعضاء اللجنة رضي الله عنهم :
[أ] موافق للعرضة الأخيرة، و
[ب] موافق لما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، و
[ج] موافق للمحفوظ في السطور وفي الصدور بواسطة.

وموافقة العرضة الأخيرة في هذا السياق تعني أن الآية تلك في الموضع ذاك من تلك السورة ، ولم تُنسَخ أي لم تنتقل الآية من حيث ترتيبها داخل السورة كما أن السورة ذاتها إستقرت على وضع نهائي ؛ والظاهر من عدد من الروايات أن سورة الأحزاب منسوخة قبل العرضة الأخيرة أي كانت أطول مما عليه في العرضة الأخيرة فيجوز أن تكون السورة في أول الأمر سورة واحدة مع سورة أخرى ويجوز نسخ آيات كثيرة منها إلى سورة ( أو سور ) أخرى ، وهكذا ، وهذه الحكمة من عدم وقوع الجمع البكري في العهد النبوي لجواز التحديث حتى العرضة الأخيرة . وقيل النسخ بالمعنى الإصطلاحي الذي هو الرفع ، إلا أن هذه الدعوى في نفسي منها شيء رهيب وقد تتبعت الروايات والشروحات لعلي أحصل على ما يفيد اليقين ولم يحصل . وكذلك بالنسبة لترتيب السور أخالف كل من قال أنه حصل بالإجتهاد.

الجمع البكري = الجمع النبوي + التتبع .

والله أعلم .

وأخيرا أطرح السؤال : لماذا إفتراض الحاجة للجمع ؟
 
لفتت نظرى العبارة الآتية باللون الأحمر :

روى البخاري في صحيحه أنَّ زيدَ بنَ ثابتٍ قال : لمَّا نَسَخْنَا المصحَفَ في المصاحفِ فقدتُ آيةً من سورةِ الأحزابِ كنتُ أسمعُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقرؤها لم أجدها مع أحدٍ إلا مع خزيمةَ بنِ ثابتٍ الذي جعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شهادتَهُ شهادَةَ رجليْنِ "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوْا مَا عَاهَدُوْا اللهَ عَلَيْهِ".

ترى ماذا كان يقصد زيد بكلمة (نسخنا)؟!

 
جزاك الله خيرا أخي الكريم ونفع بك... ورداً على سؤالك

ما فهمتُه أن هذه الرواية حدثت في جمع عثمان وليس جمع الصديق رضي الله عنهما، كيف قال زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه لم يجدها مكتوبة إلا مع واحد فقط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟!! ألم تكن مكتوبة عند كتاب الوحي؟ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم عندما تنزل عليه الآية أو الآيات ليكتبوها كما ورد في رواية ابن عباس رضي الله عنه، ومن هنا سألت عن كيفية الجمع بين كونها مكتوبة عند أحد كتاب الوحي بناء على رواية ابن عباس وبين قول زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه لم يجدها مكتوبة إلا مع خزيمة!
أما بالنسبة لكونها مقروءة ومتواترة وأنها كانت في صدور الصحابة، فهذا لا لبس فيه، أنا أسأل فقط عن الكتابة.
 
- والثاني [ أي البند الثاني في دستورالجمع البكري] : ما كان محفوظا في صدور الرجال. وبلغ من مبالغته في الحيطة والحذر أنه لم يقبل شيئا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان أنه كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يدل على ذلك ما أخرجه ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: قدم عمر فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من القرآن فليأت به وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان.
- فالوارد في الحديث يتعلق فقط ب [ المكتوب ] الذي يثبت أنه كتب بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
وهذا هو الذي فهمه الإمام السخاوي رحمه الله , من حادثة الآية التي لم توجد إلا مع " أبي خزيمة الأنصاري" , أي أنها لم توجد مكتوبة [ بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ] بشهادة عدلين إلا عنده رضي الله عنه , وإلا فهي مكتوبة عند كثير من الأصحاب , ومحفوظة في صدورهم أيضا . فالكتابة في الآثار الواردة تدور على " التوثيق المكتوب" المشفوع بشهادة العدلين .
قال الإمام الزرقاني في " مناهل العرفان " 252/1 : " وقال السخاوي في جمال القراء ما يفيد أن المراد بهما رجلان عدلان إذ يقول ما نصه: المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يعتمد زيد على الحفظ وحده ولذلك قال في الحديث الذي رواه البخاري سابقا إنه لم يجد آخر سورة براءة إلا مع أبي خزيمة. أي لم يجدها مكتوبة إلا مع أبي خزيمة الأنصاري مع أن زيدا كان يحفظها وكان كثيرا من الصحابة يحفظونها. ولكنه أراد أن يجمع بين الحفظ والكتابة زيادة في التوثق ومبالغة في الاحتياط."
والله أعلم .
 
جزاك الله خيراً أستاذ مسعود، اتضح الجواب بارك الله فيك وبناء على ما تفضلتم به أعتقد أن الفجوة الزمنية أيضاً كانت عاملاَ في نقص أعداد الشهود على المكتوب، حيث استشهد كثير من الصحابة في الفترة التي سبقت خلافة عثمان رضي الله عنه، فربما استشهد بعض من شهدوا على أن هذه الآية كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم
 
بارك الله فيك أختي المكرمة , الأستاذة : سارة محمد بدر, وزادك علماو وفتحا, وفهما. صور إثبات كتابة الوثيقة القرآنية بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم :
1- أن يكون الصحابي هو نفسه أحد كتاب الوحي , معروفا , مشهورا بين الصحابة بذلك, مثل زيد بن ثابت , يكتب القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم بحضور الصحابة .
2- أن يكون الصحابي إي صلى الله عليه وسلم بعض القرآن فكتب له , بشرط أن يحصل ذلك بحضور غيره من الصحابة.
3- أن يكون عند الصحابي يمتلك شيئا من القرآن المكتوب , وهذا الصحابي له مزية " شرعية" هي أن شهادته تكفي عن شهادة رجلين عدلين, ولم تكن هذه " المنقبة " إلا في " أبي خزيمة الأنصاري" رضي الله عنه , منحها إياه المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم , في حادثة بيع مشهورة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأحد الأعراب [ يمكن مراجعتها في متون الحديث].
- يبقى أن نشير إلى أن العرب - حتى ذلك الزمن - مازالوا يعتمدون على ما حباهم الله من قوة الحافظة , ويعتبر إدراج إعتماد " الوثيقة " المكتوبة في " دستور الجمع البكري" هو إجراء " علمي" جديد , فرضه شدة حرص الصحابة على " حفظ " النص القرآني وسلامته بإعتماد أقصى درجات التحري , وتوسيع دائرة " الإجماع " في أول عمل " علمي" يتعلق بالكتاب الذي هو " دستور " الأمة , و" ميثاقها" المتين.
إن الجمع " البكري " في تقديري , هو تعبير قوي عن أبعاد حضارية, وعلمية , عالية , فهو رمز لطهارة مجتمع الصحابة , وقوته, وحريته, وإستقلالية قراره , وتشاركية المواقف المصيرية فيه.
- رحم الله أبا بكر وجزاه عنا , وعن الإسلام خيرا , ورحم الله عمرا على إقتراحه التاريخي بجمع القرآن الكريم , فقد كان رجلا ملهما و موفقا , ورضي الله عن الصحابة جميعا بما فيهم أهل بيت النبوة , وأقامنا الله على نهجهم, وحشرنا في زمرتهم.
والله أعلم.
- جزاك الله خيرا .
 
عودة
أعلى