كيف يكون في نزول المطر إزالة لوسوسة الشيطان ؟

إنضم
18/05/2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
التطهير المادي بنزول الماء واضح بين ، فما هو التطهير المعنوي هنا ؟
أي كيف يكون في نزول الماء إزالة لوسوسة الشيطان من نفوس المؤمنين ؟
في قوله تعالى :
( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ).
 
حمل بعض المفسرين معنى الرجز على الوسوسة حيث أن المؤمن لا ينجس .
فانطلقت في سؤالي من هذا الوجه .
 
(مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ ) من الجنابه ، قاله المفسرون
 
نعم هذا في التطهير المادي
أي ينزل ماء طهورا تتطهرون به طهارة مادية
لكن ما معنى ويذهب عنكم رجز الشيطان ؟
 
أخي محمد، من سؤالك فهمت أنك تقرأ (وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ) فتؤولها "وَيُذْهِبَ به عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ". تأويل صحيح؟ ثم بالمطر أم بنزول المطر؟
بعد النظر في التفاسير نجد أنهم فسروها كذلك (يذهب به). القراءة التاريخية، يعني باعتبار ملابسات النزول، التي يقدمها إبن كثير قد تجيب على سؤالك.
وقوله : ( وينزل عليكم من السماء ماء ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني : حين سار إلى بدر - والمسلمون بينهم وبين الماء رملة دعصة وأصاب المسلمين ضعف شديد ، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ ، يوسوس بينهم : تزعمون أنكم أولياء الله تعالى وفيكم رسوله ، وقد غلبكم المشركون على الماء ، وأنتم تصلون مجنبين ! فأمطر الله عليهم مطرا شديدا ، فشرب المسلمون وتطهروا ، وأذهب الله عنهم رجز الشيطان ، وانشف الرمل حين أصابه المطر ومشى الناس عليه والدواب ، فساروا إلى القوم وأمد الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بألف من الملائكة ، فكان جبريل في خمسمائة مجنبة ، وميكائيل في خمسمائة مجنبة .

وكذا قال العوفي عن ابن عباس : إن المشركين من قريش لما خرجوا لينصروا العير وليقاتلوا عنها ، نزلوا على الماء يوم بدر ، فغلبوا المؤمنين عليه . فأصاب المؤمنين الظمأ ، فجعلوا يصلون مجنبين محدثين ، حتى تعاظموا ذلك في صدورهم ، فأنزل الله من السماء ماء حتى سال الوادي ، فشرب المؤمنون ، وملئوا الأسقية ، وسقوا الركاب واغتسلوا من الجنابة ، فجعل الله في ذلك طهورا ، وثبت الأقدام . وذلك أنه كانت بينهم وبين القوم رملة ، فبعث الله المطر عليها ، فضربها حتى اشتدت ، وثبتت عليها الأقدام .
إبن كثير رحمه الله جمع بين التطهير المادي والمعنوي، كما يشير:
وقوله : ( ليطهركم به ) أي : من حدث أصغر أو أكبر ، وهو تطهير الظاهر ( ويذهب عنكم رجز الشيطان ) أي : من وسوسة أو خاطر سيئ ، وهو تطهير الباطن
.

نعم: أو خاطر سيء. ثم نقرأ معه:
( وليربط على قلوبكم ) أي : بالصبر والإقدام على مجالدة الأعداء ، وهو شجاعة الباطن ، ( ويثبت به الأقدام ) وهو شجاعة الظاهر ، والله أعلم .

الغيظ، الوسوسة، الشبهة، و أي خاطر سيء، كلها من الرجز الذي هو كل ما لا خير فيه كما قيل نقلا عن مجاهد.


والإختلاف الذي نجده عند أهل التفسير هو في نظري اختلاف في التمثيل كما يسميه ابن جزي في كتابه التسهيل: لكثرة الأمثلة الداخلة تحت معنى واحد، وليس مثال منها على خصوصه هو المراد، وإنما المراد المعنى العام التي تنتدرج تلك الامثلة تحت عمومه؛ وهذا عده ايضا كثير من المؤلفين خلافا وليس في الحقيقة بخلاف، لأن كل قول منها مثال للمراد وليس بكل المراد، ولم نعده نحن خلافا، بل عبرنا عنه بعبارة عامة تدخل تلك الاقوال تحتها، وربما ذكرنا بعض تلك الاقوال على وجه التمثيل، مع التنبيه على عموم هو المقصود. - إنتهى كلامه رحمه الله.

أظن لهذا السبب عبّر بن كثير رحمه الله عن الرجز بالعموم المقصود (أو خاطر سيئ).

من هذا المنطلق يمكن لنا إقحام بعض الأبحاث من الحقول المعرفية الأخرى لنضمها كقول على وجه التشبيه: تأثير حالة الطقس على المزاج مثلا إن سلبا وإن إيجابا حسب الإستعداد النفسي والظرف الزماني المكاني وشروطه الحينية.
 
جزيت خيرا أخي شايب وبوركت
إذا ( رجز الشيطان ) بمعنى وسوسة الشيطان
فإن كان هذا هو المعنى
فهل وقع المعنى هنا مثالا أم هو المراد - والله أعلم بمراده - حيث أن إنزال المطر كان فيه طرد لوسوسة الشيطان التي عرضت لنفوس المؤمنين ، أنهم لا ماء عندهم وهم أهل الحق والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام معهم ، والمشركون عندهم الماء وهم أهل الباطل ؟
يبدو لي أن الخلل أو النقص في التعبئة اللوجستية ( كما يطلق عليها اليوم ) مدخل عظيم للشيطان في النفوذ إلى نفوس المسلمين لتضعيفهم وتوهينهم عن القتال .
 
ماء المطر ماء مبارك حديث عهدٍ بربه،
والمسلم يتفاءل به، والدعاء وقت نزوله مظنة الإجابة.

وهذا التفاؤل يشحذ الهمم ويزيل وسوسة الشيطان وتثبيط المثبطين باحتمال الهزيمة (تطهير معنوي).

كما يزيل النجاسة التي أصابت بعضهم وهي من مداخل الشيطان، إذ أن من المحرج وضيق الوقت يمنع أن يخرج أحد من الصف لإزالة الجنابة، فينزل الماء للـ(التطهير الحسي).
 
أفهم من كلام الدكتور عبدالرحيم جزاه الله خيرا
أن الضيق في صدورهم والحرج كان في أنهم كيف ينصرون وهم لم يؤدوا أعظم ركن في الإسلام بعد الشهادتين وهو الصلاة ، فكان للشيطان مدخلا للوسوسة على المؤمنين.
فإن كان فهمي لكلام فضيلته صحيحا فيرد عليه عندي أن الطهارة ممكنة في حال فقد الماء إلا أن يكون نزول هذه الآية قبل نزول التشريع بالتيمم ، فهل من دليل على ترتيب النزول ؟
 
بصراحة..
لم تخطر الصلاة ببالي في هذا المقام
(ابتسامة)
والتيمم شرع في غزوة المريسيع (بني المصطلق) بعد بدر بسنوات، ببركة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
 
يقولون: " لا مطلق في الدنيا "
فالأمور في الغالب نسبية
لا ينجس المؤمن (بالكلية)، ولكن قد تصيبه نجاسة -حقيقية وحكمية - (نسبياً) في ظروف خاصة.

الذين تحدثوا عن إصابة بعض الصحابة بالجنابة ذكروه في سياق أن الأمر يعني الاستغراق في النوم؛ لأن الجنابة لا تحصل إلا بنوم عميق، مع أن الواقع (تقابل الصفين) لا يوحي بذلك، ولكن ولأن النعاس الذي نزل بهم نعاس إلهي (ليس كنعاس أسباب الدنيا) فهو أكمل النعاس وأجمله.
ولعل في نزول الجنابة لبعض المقاتلين نوعاً من الأخذ بالأسباب في راحة الجسم؛ فنزول جنابة بعض الشباب يسهم في راحتهم النفسية.

لنعد إلى الطهارة..
الجهاد عبادة، والمسلم حين يتقرب إلى الله بالعبادة يحرص على أن يكون على أحسن حال، فالطهارة من الحدث الأكبر ليست شرطاً في صحة الزكاة مثلاً، لكن ولأن المسلم (عالي الحساسية) الذي يريد أن يجعل من عبادته جسراً يتصل به مع خالقه، فإنه يحرص وهو متلبس بالعبادة على أن يعبر هذا الجسر وهو بأحسن حال في المظهر الخارجي والخشوع الباطني.
الجهاد ذروة سنام العبادات، نعم ليس من شروط القتال الطهارة من الحدث الأكبر، لكن الحرص على الأكمل دأب الصالحين من السابقين السابقين.
 
الإشكال عندي ياشيخ هو أن المسلم لا ينجس فكيف يحمل المعنى هنا على الجنابة ؟

اسمح لى أخي / محمد .. بهذا القول ..
أهنئك على مجموع أسئلتك السابقة الذكيه ، لماذا لانها تدفع أحدنا، لمزيد من الدراسه والتأمل ، فجزاك الله خيرا .

الايه التي ذكرتها في بداية المشاركه وقوله تعالى { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)} (سورة الأَنْفال)

الايه أخي محمد فيها (لف ونشر غير مرتب من علم البديع )

1- (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ ) المتعلق بالنعاس (رجز الشيطان والربط على القلوب )
2- (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً) المتعلق بماء المطر( الطهاره وتثبيت الاقدام )

متعلقات اللف والنشر بشكل توضيحي

( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ
وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ).


الدليل ..

١- قوله تعالى ({ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) } (سورة الناس )
٢- غزوة أحد ، ذكر النعاس مع الذلة التي أصابت البعض من الشيطان وقوله تعالى { ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) } (سورة آل عمران )
٣-تفسير الصنعاني قال : عبد الرزاق عن الثوري في قوله تعالى : { إذ يغشيكم النعاس أمنة منه } عن عاصم عن أبي رزين قال : قال عبد الله بن مسعود : النعاس في الصلاة من الشيطان ، والنعاس في القتال أمنة من الله تعالى .



وختاما ..أرجو أن يكون في ماذكر إجابه تسر خاطرك
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته

والله أعلم​
 
إجاباتك وبقية الاخوة والمشايخ على ما أطرحه في هذا الموقع المبارك أفادتني كثيرا أخي عمر .
جزاكم الله جميعا عني خيرا.
 
إذا استبعدنا معنى الجنابة فالمعنى الذي أوردته في المشاركة 8 وحمل الرجز على معنى وسوسة الشيطان بفقدهم الوضوء وكيف ينصرهم الله وهم لم يؤدوا الصلاة وكان التيمم شرع بعد بدر بسنوات في غزوة بني المصطلق - كما بين الدكتور عبدالرحيم - ساغ المعنى ولم يرد عليه معارض .
والله أعلم بمراده
 
نصيحة ما فتئ شيخنا الدكتور مساعد الطيار حفظه الله على التذكير بها:
وهي أنّ التوقف عند الأثر (وأعني به المرفوع والموقوف قطعي الثبوت والدلالة) يريح العقل والنظر في التفكر بالآيات التي نريد الكشف عن المراد من كلام الله فيها.

وسنجد في الآيات الأخرى التي لم يرد في تفسيرها ذاك الأثر فسحةً للاجتهاد والنظر.

وعلى هذا فليس من الحكمة التوقف ملياً لتأويل آيات حسم تفسيرها الأثر، بل الأصوب تجاوزها للآيات التي لم يرد فيها شيء من ذلك.
 
أنا أوافقك فيما ذكرت تماما رعاك الله
لكن ماهو الأثر قطعي الثبوت والدلالة على المعنى هنا يادكتور ؟
 
لست في مكتبتي لكني رجعت إلى موقع الدرر السنية :
1 - عن ابنِ عباسٍ قال إن المشركين غلبوا المسلمين في أولِ أمرِهم على الماءِ فضَحَى المسلمون وصلوا مُجنِبينمُحْدِثين فألقى الشيطانُ في قلوبِهم الحزنَ وقال أتزعمون أن فيكم نبيًّا وأنكم أولياءُ اللهِ وتُصلُّون مُجنِبين محدِثينفأنزل اللهُ من السماءِ ماءً فسال عليهم الوادي ماءً فشرب المسلمون وتطهَّروا وثَبَتت أقدامُهم وذهبت وسوستُه
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الشوكاني - المصدر: فتح القدير - الصفحة أو الرقم: 2/411
خلاصة حكم المحدث: في إسناده العوفي وهو ضعيف جدا
 
وهذا الأثر لا يحمل معنى الرجز على الجنابة فيما أفهم يادكتور وإنما على الحزن والوسوسة
فهو لا يتعارض مع ما ذكرته من معنى وإنما أضاف إلى الحدث الجنابة للحاجة إلى الماء ، وهذا لا يشكل على المعنى ، والله أعلم .
 
(الأثر) هو الذي أخبرنا بأن المقصود بالإيمان في آية " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ " هو الصلاة.

وترك لنا مساحة تدبر في مَواضع أخرى من الآية الكريمة.

لنترك معنى كلمة " إِيمَانَكُمْ " للأثر، ولنخض فيما قبلها وما بعدها بما يفتح الله علينا من إبداعات وإشراقات ولفتات.
 
جزى الله الدكتور عبدالرحيم والأخوين شايب وعمر خيرا على توجيهاتهم والإضاءات المفيدة .
 
نعم ، أخي محمد
الشكر موصول للدكتور / عبد الرحيم ، بارك الله فيه على حسن المتابعة
واشيد بقول الاستاذ / شايب ، فقد اعجبني فيه الايجابيه والتفكير الاستنباطي (الاخذ بمقومات النصر والاسباب )
من هذا المنطلق يمكن لنا إقحام بعض الأبحاث من الحقول المعرفية الأخرى لنضمها كقول على وجه التشبيه: تأثير حالة الطقس على المزاج مثلا إن سلبا وإن إيجابا حسب الإستعداد النفسي والظرف الزماني المكاني وشروطه الحينية.
 
عودة
أعلى