و قال العلامة صالح الفوزان غفر الله له: "وأما قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ}، فلا تعارض بين هذه الأدلة لأن الدخول في الإسلام لا يمكن الإكراه عليه، الدخول في الإسلام هذا شيء في القلب، وهذا اقتناع في القلب، ولا يمكن أن نتصرف في القلوب، وأن نجعلها مؤمنة، هذا بيد الله عز وجل، هو مقلب القلوب، وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، لكن واجبنا الدعوة إلى الله -عز وجل- والبيان والجهاد في سبيل الله لمن عاند وعرف الحق وعاند بعد معرفته، فهذا يجب علينا أن نجاهده، وأما أننا نكرهه على الدخول في الإسلام ونجعل الإيمان في قلبه قسرًا هذا ليس إلينا، وإنما هو راجع إلى الله سبحانه وتعالى، لكن نحن ندعو إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة، ونبين للناس هذا الدين، ونجاهد أهل العناد، وأهل الكفر، والجحود، حتى يكون الدين لله وحده - عز وجل - وحتى لا تكون فتنة... على أن الآية وهي قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} فيها أقوال للمفسرين، منهم من يقول: إنها خاصة لأهل الكتاب، وإن أهل الكتاب لا يكرهون، وإنما يطلب منهم الإيمان أو دفع الجزية، فيقرون على دينهم إذا دفعوا الجزية وخضعوا لحكم الإسلام، وليست عامة في كل كافر، ومن العلماء من يرى أنها منسوخة، لقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] ، فهي منسوخة بآية السيف.ولكن الصحيح أنها ليست منسوخة، وأنها ليست خاصة بأهل الكتاب، وإنما معناها: أن هذا الدين بين واضح تقبله الفطر والعقول، وأن أحدًا لا يدخله عن كراهية، وإنما يدخله عن اقتناع وعن محبة ورغبة، هذا هو الصحيح في معنى الآية" اهـ . ("مجموع فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان" 1|209-210).
و بالله التوفيق.