كيف وقع الاستثناء من إبليس في قوله:"لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين"؟

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم1

كيف وقع الاستثناء من إبليس في قوله:"لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين"؟


قال الله تعالى حكاية عن إبليس:{فَبِعِزَّتِكَ لاغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}، فاستثنى من كيده وإغوائه وإضلاله عباد الله المخلصين، مع أنه قد تمكن من إغواء آدام عليه السلام وهو أبو البشر الذي اصطفاه الله واجتباه وفضله وأكرمه بأن اختصه بخلقه بيده وأسجد له ملائكته وعلمه الأسماء كلها وجعله أول نبي وكلمه...
فكيف وقع هذا الاستثناء من عدو الله إبليس مع أنه تمكن من إغواء إمام من الأئمة المخلصين المصطفين كما قال رب العالمين:
" إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابرهيم على العالمين"-آل عمران:33-؟

وقد ظهرت لي أجوبة:

- أن هذا الاستثناء وقع لمّا أخبره الله تعالى بأنه لا قدرة له ولا يد على بعض عباد الله الذين سيعصمهم الله ويحفظهم من كيده وإغوائه وإضلاله، قال الله جل جلاه:" إن عبادي ليس لك عليهم سلطان"-الحجر:42-.
- أنه اطلع على اللوح المحفوظ فوجد أن من عباد الله سبحانه من سيكون في مأمن من إضلاله وإغوائه.
- أنه رأى الجنة والنار فعلم أن لكل أهل، وأن من عباد الله من سينجو من إضلاله وإغوائه ليفوز برضوان الله ودار كرامته.
- أنه كان من المخاطبين بقول الله تعالى:"قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى"، فعلم أن من عباد الله من سيوفقه الله للهداية ويأمنه من الضلالة والشقاوة، وينجو من مكايده والغواية.
- أنه علم أن إغواءه لآدم عليه السلام وتمكنه من ذلك كان بقدر الله لحكمة عظيمة وأن ذلك سيكون سببا للهبوط إلى الأرض لتكون محط صراع بين الحق والباطل، وأن لكل منهما حزب وأصحاب...
- أنه لو تمكن من إغواء ذرية آدم بكاملها لما كان لخلق الجنة معنى ولما كان لبعثة الرسل وإنزال الكتب مغزى، ولما كان الناس منقسمين إلى أبرار وفجار وإلى أصحاب يمين وشمال.
- علم عدو الله أن قدرة الله تعالى فوق قدرته وأنه إن أمكنه قدرا وكونا من إغواء بعض عباده فلن يمكن من إغواء الكل.

وبعد اطلاعي على أقوال المفسرين وجدت أقوالا أخر:
- يقول العلامة السعدي رحمه الله تعالى:"وهذا ظن من إبليس، لا يقين، لأنه لا يعلم الغيب، ولم يأته خبر من اللّه، أنه سيغويهم أجمعين، إلا من استثنى" –تيسير الرحمن:677-.
- وفي تفسير الإمام الرازي رحمه الله تعالى:"قيل في قوله تعالى حكاية عن إبليس : {فَبِعِزَّتِكَ لاغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (ص : 82 ، 83) إن إبليس إنما ذكر هذا الاستثناء ، لأنه لو لم يذكره لصار كاذباً في ادعاء إغواء الكل ، فكأنه استنكف عن الكذب فذكر هذا الاستثناء.".
- و"عن قتادة ( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) قال: هذه ثَنِيَّة الله تعالى ذكره."-جامع البيان:17/103-.
- وفي تفسير الخازن:" وقيل إن إبليس لما لم ينل من آدم ما أراد ورأى الجنة والنار وعلم أن لهذه أهلاً ولهذه أهلاً قال : لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً يعني الذين هم أهل النار".-تفسير الخازن-، وهذا المعنى ذكرته آنفا ولله الحمد والمنة.

والله تعالى أعلا وأحكم.
 
بسم1​
وقدْ يكونُ إبليسُ لعنهُ اللهُ رأى خلقًا سابقًا وحسابًا وعقابًا وثوابًا سابقينَ، أوْ عَلمهُ وحده أو مع قبيله من الجنِّ، أو مع الملائكةِ كذلكَ.
واستفهامُ الملائكةِ ربَّهمْ كيفَ يجعلُ في الأرضِ منْ يسفك الدماءَ ويفسدُ قرينُ استثناءِ إبليسَ عبادَ الله المخْلصينَ.
والمشتركُ بين الاثنينِ عدمُ يقيننَا بكون قول الملائكة عليهم السلام وقوْلِ إبليسَ عليه لعنة الله عنْ شهادةٍ لوقائع، أوْ أثارةٍ من علمٍ، أوْ ظَنٍّ اجتهاديّ.
وغيرُ بعيدٍ أنْ يكونَ مَن علِمَ الملائكةُ بهمُ المثلَ من المفسدينَ جنًّا وكانَ منهم مُخْلَصونَ ظُنَّ إبليسُ منهمْ فَنُجِّي إلى حين.
والله أعلم.
 
جزاك الله خيرا أخي محمد يزيد.
وقد أحسنت بربطك بين قول الملائكة لربهم مستفهمين لا معترضين -حاشاهم من ذلك-:" أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" وبين قول اللعين إبليس:" لأغونيهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين"، وما يوضح الربط هو قوله تعالى:" إني أعلم ما لا تعلمون"، فلعل إبليس فهم من هذا الخطاب الرباني ردا على قول الملائكة:" أتجعل فيها من يفسد فيها..." أنّ من بني آدم من سيكون بخلاف ما ذكرته الملائكة وأنهم سيكونون على الصراط القويم الذي يرتضيه رب العالمين.
فلما سأل النظرة وأجابه الله لذلك وأمهله لم يعمم الإغواء بل استثنى لعلمه بقول الله تعالى:"إني أعلم ما لا تعلمون.".
 
وأيضا الآية بسورة الأعراف

بسم الله الرحمن الرحيم

قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)

صدق الله العظيم
 
أحسنت أختي الزيوتنة وإن كنت لا زلت مصرة على التدليل بقول "صدق الله العظيم" مع أني سبق أن نقلت لك كثيرا من أقوال العلم المعتبرين سواء الماضين منهم أو المعاصرين واتفاقهم على أن هذه الكلمة من البدع التي لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وللفائدة فقد سبق لي أن نشرت منشورا يتعلق بالآية التي ذكرت من سورة الأعراف:
(قال إبليس:" ولا تجد أكثرهم شاكرين"، كيف علم ذلك؟)
هذا رابطه:
https://vb.tafsir.net/tafsir36869/#.W561otiEy1s

 
عودة
أعلى