كيف كثر العلم ؟

إنضم
31/07/2005
المشاركات
107
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم1

كيف كثر العلم ؟

حينما أستمع إلى تلك العبارة المشهورة : ( العلم نقطة كثرها الجهال ) ([1]) أتخيل صوراً أحب أن يشاركني القارئ الكريم في انتقاء الصالح منها :
أبدؤها بتلك الصورة المتبادرة إلى الذهن : عامي متخبط في عاميته لا يعرف من أمور الشرع شيئاً جالس والناس قد اجتمعوا عنده ينهلون من علمه.
لا لا .. لا أتوقع أن هذه الصورة واقعية لأن الناس يعرفون العالم من الجاهل بل ويذكرون إن ذكروا ما يقوله هذا الجاهل على سبيل التندر والسخرية وفي سياق الفكاهة.
صورة ثانية : قد يكون فيها الجاهل نفسه لكن ليس في لباس شيخ وإنما في هيئة ناقل للخبر ولم يبلغ فيه درجة الثقة حتى نقبل روايته بل هو كثير الأوهام .
ومن الطرائف في هذا أني سمعت من لا أراه إلا مخالفاً ينقل فائدة عن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-. فعجبت حينها من أمرين ؛ أولهما : النقلة النوعية التي حدثت لفلانٍ هذا فمن مخالف لشيخ الإسلام في آراء كثيرة إلى مستشهد بقوله داع إلى الرجوع لعلمه . والآخر : أن نقله هذا كان بعكس ما قاله شيخ الإسلام -رحمه الله-.
أعود إلى موضوعي فهل ترى أن هذه الصورة صالحة ؟
أظن ذلك .
صورة ثالثة : وهي شخص رأى شيخاً يوماً بالجلال والإجلال فأحب دعوى المساواة لما كانت ستحقق له هواه فنادى بها وتزعم عشيرتها فالدين كما يقول ليس حكراً ولا حجراً محجوراً والرهبنة التي قرأها في روايات التحرر يظنها موجودة في هذه الشريعة فيتخيل خيالاً لا يجد من يصدقه إلا ورقة أو شبكة .
أتعد هذه الصورة من الصالحات لقضيتنا ؟
أظنك لا تشك في ذلك .
رابعة الثلاث : هي صورة طالب علم قد قضى وقتاً من حياته في العلم وبين بطون الكتب لكنه نسي بعضاً أو سيطرت عليه شبهة أو نال درجة علمية استكبر بها عن السؤال لأي سبب كان = عرض في ذهنه عارض فلم يجد له مناقشاً فقد نفر من شيخه ولم يجد طريقاً للكتب وغاب عنه الصاحب الناصح فكيف يتفاعل مع صراع العوارض ؟ ليس له إلا الكتابة وإلا حكم على نفسه بالعامية المحضة التي لا يرجو بعدها اجتهاداً فتجده يهيم بين الحروف لا يلوي على شيء إلا امتصاص بقايا علم في ذهن وحصر حجج تهتز من الخواء .
أتجدون في هذا تكثيراً ؟
أظن أنه السابق في هذا المضمار .
خامس الخمسة : هو صاحبنا السابق لكنه بذل مجهوداً في التنقيب عن الأقوال والآراء والتفكير للعثور على استنتاجات عميقة لم يسبق لها ولم يرتفع تفكيره للعمومات الشرعية والقواعد المرعية التي تواترت على معانيها النصوص .
أهذا تعده وتر مكثري العلم ؟
أظنه البلاء المستطير فهلا تورعنا عن القول على الله بغير علم ..
{ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [الأعراف:33]
الجمعة 26 صفر 1433

________________
([1]) نسبها الصنعاني في السبل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- [سبل السلام (2/ 651)] .
 
ملمح مهم وصور واقعية ولا شك، والله المستعان.
ولعل من أقرب ما تنطبق عليه كلمة أبي السبطين رضي الله عنه آفتان هما: كثرة السؤال، وتشقيق الكلام، ولو سلم منهما طالب العلم وحظي بشيخ يدله على الطريق لخلص له كثير العلم بقليل من الوقت، والموفق من وفقه الله.
 
بارك الله فيكم على التذكير بهذه النصيحة في صورة جذابة وببراعة في العرض... ولكن مابلها الصورة الأولى قد استُبعدت من بين أخواتها؟؟!! فقط قلب عينا مدققة في قنواتنا الفضائية وخاصة في البرامج الدينية منها وحتما ستغير رأيك تماما بكل أسف!
نسأل الله أن يجعلنا من أهل العلم وأهل الورع.
وجزاكم الله خيرا.
 
جزاك الله خيراً أخي، ماذا تقصد بتشقيق الكلام ؟

كلمة (التشقيق) تدل على التقطيع والتفصيل، ويدخل فيه كل ما يدل على فضول الكلام، من التشدق فيه وتفصيل الواضحات وكثرة التقسيمات والتمحّل في التعاريف وما إلى ذلك مما لا يثمرة فائدة علمية أو عملية، ولو قارنا كلام السلف بكلام المتأخرين لفهمنا شيئا من معنى هذه الكلمة.
 
قال المحققون من أهل العلم:علم السلف قليل الكلام كثير البركة ،وعلم الخلف كثير الكلام قليل البركة.
فكثرة العلم منقبة لا مثلبة ،وإنما العيب في كثرة الكلام وقلة العلم.
يروى أن رجلاً تكلم عند معاوية رضي الله فأكثر الكلام ثم التفت إلى معاوية ،وقال :هل أسكت ؟فقال معاوية:وهل تكلمت؟!!
فالكلام وسيلة لا غاية، والبلاغة الإيجاز.
 
كلمة (التشقيق) تدل على التقطيع والتفصيل، ويدخل فيه كل ما يدل على فضول الكلام، من التشدق فيه وتفصيل الواضحات وكثرة التقسيمات والتمحّل في التعاريف وما إلى ذلك مما لا يثمرة فائدة علمية أو عملية، ولو قارنا كلام السلف بكلام المتأخرين لفهمنا شيئا من معنى هذه الكلمة.

الله أكبر والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
 
الكثرة ليست في ذاتها منقبة أو مثلبة بل تكون كذلك بحسب تعلقها وما يحتف بها من أحوال ..
وكثرة العلم من ذلك فقد تكون مثلبة إذا كانت من أمثال ما روى عطاء قال : كان فتى يختلف إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، فيسألها وتحدثه ، فجاءها ذات يوم يسألها فقالت : يا بني هل عملت بعد بما سمعت مني ؟ فقال : لا والله يا أمه ، فقالت : يا بني فبما تستكثر من حجج الله علينا وعليك .
ولا يمنع هذا من وجود أصل في باب أو غالب عليه أو ضابط له . ولذلك ورد الدعاء بالازدياد من العلم ، وسؤال العلم النافع ، والاستعاذة من علم لا ينفع .
 
عودة
أعلى