كيف كان قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة؟

إنضم
05/07/2014
المشاركات
305
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
57
الإقامة
مصر
كان الحديث موصولا مع بعض الأعزاء في بعض المنتديات حول قيام الليل.
كم (تحفظ/تحفظي) من القرآن الكريم؟ وكيف (تقوم/تقومي) به؟
(تدبر القرآن 1)

وكانت المقارنة معقودة بين حالنا اليوم وبين حال السلف الصالح بالأمس القريب والبعيد على حد سواء.

اليوم نتعجل الحفظ ولا نقوم الليل به، وإذا قمنا فإننا نقوم لنحافظ على الحروف، وأما التأثر والخشوع فلا محل له، وإن خشع البعض منا فإنه لا يتخلق بخلق القرآن ولا يعمل به، وكثير من آياته يفهمها فهما خاطئا.

نسمع اليوم عن دورة لحفظ كتاب الله كاملا في شهور وربما في شهر واحد، ونسمع عن دورة في الفقة في ثلاثة أيام، وأصبح حالنا وإنا لله وإنا إليه راجعون كما قال الله تعالى: (... كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ...) (الجمعة : 5).

بالأمس القريب سمعنا أن أحد مشايخنا جلس يتتلمذ على شيخه أربعين سنة، والآخر قرأ بلوغ المرام في الفقة على شيخه في خمس وعشرين سنة.

كيف كان قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة؟

في البداية أحب أن أؤكد على أن قيام الليل واجب على حملة القرآن لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا أَهلَ القرآنِ أوتِروا».

من هم حملة القرآن؟
في اعتقادي أن من يحفظ عددا قليلا من الصفحات فهو من أهل القرآن، تدبر قوله تعالى: (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) (المزّمِّل : 2)، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام معه الصحابة الأول.

بماذا قاموا؟
قاموا بجزء من سورة العلق، وجزء من سورة القلم، وجزء من سورة المزمل، في حدود أربع صفحات، يكررون هذه الصفحات المعدودة الليل إلا قليلا منه أو نصفه تقريبا.

اليوم ترانا إذا قمنا إلى الليل نقرأ الجزء (عشرون صفحة) في نصف ساعة ونختم، وندعي أننا نقوم الليل.

ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابة الأُول على هذه الحال، كل سنة يزيد وردهم في الليل بضع صفحات. وبعد خمسة عشر عاما نزل من القرآن خمسة عشر جزءا تقريبا.

واليوم، لم العجلة؟ لماذا لا نبدأ من جديد أنا وأنت وأنتِ، يا من تحفظ كتاب الله يا من تحفظ سورة الأعلى وسورة الفجر وسورة الشرح ... من لقيام الليل؟

تناسى أنك تحفظ كتاب الله، وابدأ من جديد قسِّم القرآن إلى حزب الليل وليكن من سبح إلى الناس، والباقي اجعله حزب النهار على أربعين يوما أو شهر أو حسب الحال.

لتهتم بأدعية الاستفتاح كثيرا وكذلك أدعية الركوع والسجود وقبل السلام ، والاستغفار في السحر ...

قف عند قوله: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) (الأعلى : 16).
قم بها ليلة كاملة حتى تتخلق بأخلاقها وتقف عند حدودها وتحبها.

قف عند قوله: (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى) (الفجر : 23).
كرر معي: يومئذ يتذكر الإنسان، عش مع هذه الآية أياما كثيرة، تذكر في الدنيا قبل أن تتذكر غدا.

قف عند قوله: (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) (الفجر : 24).
اجعلها أمام عينيك، وفي لسانك، وفي سرك وعلانيتك في خلقك في علمك في عملك حتى تكون من أهلها.

عش سنة كاملة مع هذا الحزب حتى تحبة وتحب كل آياته لا تعجل، لا تعجل، لا تعجل، فإن هذه هي القاعدة التي تربى عليها صحابة رسول الله . ودائما القاعدة مخفية وكبيرة وحملها ثقيل، بخلاف ما يأتي بعدها فإنه أهون.

ولنا تتمة بإذن الله تعالى
 
لفت أحد الأخوة الأحباء نظري على قضية أنه قد تعود على أن يقرأ خمس أجزاء في اليوم حدر (أي بسرعة)، وأنه لو بدأ يعتني بالتدبر فسيتفلت القرآن منه، ويخشى عندئذ من الوقوع في الإثم،

ما وقع فيه هذا الأخ الحبيب، وقعنا جميعا فيه إلا من رحم ربي،

وكل منا له مسلك يسلكه،

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سدِّدوا وقارِبوا، واعلموا أنَّه لن يُدخِلَ أحدُكم عملُه الجنَّةَ، وأنَّ أحبَّ الأعمالِ أدوَمُها إلى اللهِ وإن قلَّ))، رواه البخاري.

وفي رواية عند البخاري أيضا: ((سددوا وقاربوا وأبشروا))، فأبشر بالخير تجده.

إذن ليست العبرة بكم العمل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العبرة بالتعرض لرحمة الله، وهذه الرحمة نلتمسها في الأعمال الدائمة التي نستطيع أن نعملها في نشاطنا وفي فتورنا في شبابنا وفي شيخوختنا، وإن قلَّت.

يقول ابن عمر رضي الله عنهما: (أنكَحَني أبي امرأةً ذاتَ حسَبٍ، فكان يتعاهَدُ كَنَّتَه فيَسألهُا عن بعلِها، فتقولُ: نِعمَ الرجلُ من رجلٍ، لم يَطَأْ لنا فِراشًا، ولم يَفتِشْ لنا كنَفًا مُذ أتَيناه، فلما طال ذلك عليه، ذكَر للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((القَني به)). فلَقِيتُه بعدُ، فقال: ((كيف تصومُ)). قلتُ: كلَّ يومٍ، قال: ((وكيف تَختِمُ)). قلتُ: كلَّ ليلةٍ، قال: ((صُمْ في كلِّ شهرٍ ثلاثةً، واقرَأِ القرآنَ في كلِّ شهرٍ)). قال: قلتُ: أُطيقُ أكثرَ من ذلك، قال: ((صُمْ ثلاثةَ أيامٍ في الجمُعةِ)). قلتُ: أُطيقُ أكثرَ من ذلك، قال: ((أفطِرْ يومينِ وصُمْ يومًا)). قال: قلتُ: أُطيقُ أكثرَ من ذلك، قال: ((صُمْ أفضلَ الصومِ، صومَ داودَ، صيامَ يومٍ وإفطارَ يومٍ، واقرَأْ في كلِّ سبعِ ليالٍ مرةً)). فلَيتَني قَبِلتُ رُخصَةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذاك أني كَبِرتُ وضَعُفتُ، فكان يَقرَأُ على بعضِ أهلِه السُّبعَ منَ القرآنِ بالنهارِ، والذي يَقرَؤه يَعرِضُه منَ النهارِ، ليكونَ أخَفَّ عليه بالليلِ، وإذا أراد أن يتقَوَّى أفطَر أيامًا، وأحصى وصام أيامًا مثلَهن، كراهيةَ أن يَترُكَ شيئًا فارَق النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليه).

هذا الحديث وقفت أمامه كثيرا، بعد أن عذبت نفسي كثيرا، ابن عمر رضي الله عنه رفض أن يأخذ برخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان حماسه كبيرا، كحال كثير من طلبة العلم لا يجد له مربيا، ولكن نحن في سعة من أمرنا بخلاف ابن عمر رضي الله عنه كره أن يأخذ بالرخصة بعد أن فارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يلقاه على الحوض ويكون ممن غير بعده.

فالحمد لله نحن في سعة.

أخى تدبر أمرك، فقد من الله علي وحفظت القرآن كله منذ زمن بعيد، وكانت تنتابني نوبات نشاط كبير ثم فتور يصل لدرجة هجر القرآن والعياذ بالله، ثم نشاط ثم فتور.

حتى عزمت أمري منذ عدة سنوات، وأخذت برخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صُمْ في كلِّ شهرٍ ثلاثةً، واقرَأِ القرآنَ في كلِّ شهرٍ)، وأسأل الله أن يعينني على القليل ويبارك لي فيه.

لكن اعلم أن الوتر واجب ولو باليسير فلا تفرط فيه أبدا، واجعله ورد تدبر مربوط بوقت وغير مربوط بحزب، وما فاتك فإن لك في النهار متسع كبير، ثم كلف نفسك ما تطيق وداوم عليها سنة مثلا وانظر هل داومت على القليل، هل انتفعت به أم أنك أقمت الحروف والطقوس وقلبك هو هو كما هو، إن وجدت خيرا فلا بأس أن تزيد أورادك القليل، وعينك على شيخوختك، فلا تكلف نفسك أكثر من طاقتك فيختم لك في شيخوختك بما تكره،،،

بارك الله لي ولك وللمتابعين في القرآن العظيم،،،
 
عودة
أعلى