كيف توفق بين ... وبين ... سؤال وجيه للسادة العلماء

إنضم
05/04/2007
المشاركات
39
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
عمان / الأردن
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثير ) والصلاة والسلام على رسوله الكريم الذي بلغنا هذا الدين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .
فقد سألني بعض الفضلاء من العلماء عن سؤال وجهه إليه بعض المغرضين والمشككين في الدين مفاده أن الله سبحانه وتعالى قال في كتبه الكريم (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وهذه الآية تفيد أن الجن مكلفون ، ولكن يعارضها قوله تعالى في سورة الأحزاب (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) فظاهرها يفيد أن الإنسان وحده المكلف لأنه قد إلتزم بأداء الأمانة والإستعداد لها دون السموات والأرض وغير ذلك كالجن مثلا بل الجن لا يوجد لهم ذكر في الآية . ومع هذا كان الإنسان ظلوما جهولا .
فلماذا اقتصر على ذكر الإنسان ؟
أريد إجابات علمية مقنعة وجزاكم الله خيرا .
 
الاخ الفاضل أعرض عليك ما جاء في التحرير والتنوير في أية الاحزاب وأية الذاريات ثم أترك لأهل العلم الاضافة والتعليق


أولا : قال الطاهر بن عاشور : في أية الاحزاب وقد عدت هذه الآية من مشكلات القرآن وتردد المفسرون في تأويلها ترددا دل على الحيرة في تقويم معناها.ومرجع ذلك إلى تقويم معنى العرض على السماوات والأرض والجبال، وإلى معرفة معنى الأمانة، ومعرفة معنى الإباء والإشفاق.
 
ثانيا : وموقع هذه الآية عقب ما قبلها وفي آخر هذه السورة يقتضي أن لمضمونها ارتباطا بمضمون ما قبلها،ويصلح عونا لاكتشاف دقيق معناها وإزالة ستور الرمز عن المراد منها،ولو بتقليل الاحتمال،والمصير إلى المآل.
والافتتاح بحرف التوكيد للاهتمام بالخبر أو تنزيله لغرابة شأنه منزلة ما قد ينكره السامع.
وافتتاح الآية بمادة العرض، وصوغها في صيغة المضي، وجعل متعلقها السماوات والأرض والجبال والإنسان يومئ إلى أن متعلق هذا العرض كان في صعيد واحد فيقتضي أنه عرض أزلي في مبدأ التكوين عند تعلق القدرة الربانية بإيجاد الموجودات الأرضية وإيداعها فصولها المقومة لمواهبها وخصائصها ومميزاتها الملائمة لوفائها بما خلقت لأجله كما حمل قوله )وإذ أخذ ربك من بين آدم من ظهور ذرياتهم( الآية. واختتام الآية بالعلة من قوله )ليعذب الله المنافقين والمنافقات( إلى نهاية السورة يقتضي أن للأمانة المذكورة في هذه الآية مزيد اختصاص بالعبرة في أحوال المنافقين والمشركين من بين نوع الإنسان في رعي الأمانة وإضاعتها.
 
ثالثا : ثم يقول : فحقيق بنا أن نقول: إن هذا العرض كان في مبدأ تكوين العالم ونوع الإنسان لأنه لما ذكرت فيه السماوات والأرض والجبال مع الإنسان علم أن المراد بالإنسان نوعه لأنه لو أريد بعض أفراده ولو في أول النشأة لما كان في تحمل ذلك الفرد الأمانة،بتعذيب المنافقين والمشركين،ولما كان في تحمل بعض أفراده دون بعض الأمانة حكمة مناسبة لتصرفات الله تعالى.
فتعريف الإنسان تعريف الجنس،أي نوع الإنسان.
والعرض: حقيقته إحضار شيء لآخر ليختاره أو يقبله ومنه عرض الحوض على الناقة، أي عرضه عليها أن تشرب منه، وعرض المجندين على الأمير لقبول من تأهل منهم. وفي حديث ابن عمر : عرضت على رسول الله وأنا ابن أربع عشرة فردني وعرضت عليه وأنا ابن خمس عشرة فأجازني . وتقدم عند قوله تعالى )أولئك يعرضون على ربهم( في سورة هود، وقوله )وعرضوا على ربك صفا( في سورة الكهف.
فقوله )عرضنا( هنا استعارة تمثيلية لوضع شيء في شيء لأنه أهل له دون بقية الأشياء،وعدم وضعه في بقية الأشياء لعدم تأهلها لذلك الشيء، فشبهت حالة صرف تحميل الأمانة عن السماوات والأرض والجبال ووضعها في الإنسان بحالة من يعرض شيئا على أناس فيرفضه بعضهم ويقبله واحد منهم على طريقة التمثيلية، أو تمثيل لتعلق علم الله تعالى بعدم صلاحية السماوات والأرض والجبال لإناطة ما عبر عنه بالأمانة بها وصلاحية الإنسان لذلك، فشهبت حالة تعلق علم الله بمخالفة قابلية السماوات والأرض والجبال بحمل الأمانة لقابلية الإنسان ذلك بعرض شيء على أشياء لاستظهار مقدار صلاحية أحد تلك الأشياء للتلبس بالشيء المعروض عليها.
وفائدة هذا التمثيل تعظيم أمر هذه الأمانة إذ بلغت أن لا يطيق تحملها ما هو أعظم ما يبصره الناس من أجناس الموجودات. فتخصيص )السماوات والأرض( بالذكر من بين الموجودات لأنهما أعظم المعروف للناس من الموجودات، وعطف )الجبال( على )الأرض( وهي منها لأن الجبال أعظم الأجزاء المعروفة من ظاهر الأرض وهي التي تشاهد الأبصار عظمتها إذ الأبصار لا ترى الكرة الأرضية كما قال تعالى)لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله(.
 
رابعا : في تعريف الامانة قال : وأما الأمانة فهي ما يؤتمن عليه ويطالب بحفظه والوفاء دون إضاعة ولا إجحاف، وقد اختلف فيها المفسرون على عشرين قولا وبعضها متداخل في بعض ولنبتدئ بالإلمام بها ثم نعطف إلى تمحيصها وبيانها.
فقيل: الأمانة الطاعة، وقيل: الصلاة، وقيل: مجموع الصلاة والصوم والاغتسال، وقيل: جميع الفرائض، وقيل الانقياد إلى الدين، وقيل: حفظ الفرج، وقيل: الأمانة التوحيد، أو دلائل الوحدانية، أو تجليات الله بأسمائه، وقيل: ما يؤتمن عليه ومنه الوفاء بالعهد، ومنه انتفاء الغش بالعمل، وقيل: الأمانة العقل، وقيل: الخلافة، أي خلافة الله في الأرض التي أودعها الإنسان كما قال تعالى )وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة( الآية.
وهذه الأقوال ترجع إلى أصناف: صنف الطاعات والشرائع، وصنف العقائد، وصنف ضد الخيانة، وصنف العقل، وصنف خلافة الأرض.
ويجب أن يطرح منها صنف الشرائع لأنها ليست لازمة لفطرة الإنسان فطالما خلت أمم عن التكليف بالشرائع وهم أهل الفتر فتسقط ستة أقوال وهي ما في الصنف الأول.
ويبقى سائر الأصناف لأنها مرتكزة في طبع الإنسان وفطرته؛ فيجوز أن تكون الأمانة أمانة الإيمان، أي توحيد الله، وهي العهد الذي أخذه الله على جنس بني آدم وهو الذي في قوله تعالى )وإذ أخذ ربك من بني أدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا( وتقدم في سورة الأعراف. فالمعنى: أن الله أودع في نفوس الناس دلائل الوحدانية فهي ملازمة للفكر البشري فكأنها عهد الله لهم به وكأنه أمانة ائتمنهم عليها لأنه أودعها في الجبلة ملازمة لها، وهذه الأمانة لم تودع في السماوات والأرض والجبال لأن هذه الأمانة من قبيل المعارف والمعارف من العلم الذي لا يتصف به إلا من قامت به صفة الحياة لأنها مصححة الإدراك لمن قامت به، ويناسب هذا المحمل قوله )ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات(، فإن هذين الفريقين خالون من الإيمان بوحدانية الله.
ويجوز أن تكون الأمانة هي العقل وتسميته أمانة تعظيم لشأنه ولأن الأشياء النفسية تودع عند من يحتفظ بها.
والمعنى: أن الحكمة اقتضت أن يكون الإنسان مستودع العقل من بين الموجودات العظيمة لأن خلقته ملائمة لأن يكون عاقلا فإن العقل يبعث على التغير والانتقال من حال إلى حال ومن مكان إلى غيره، فلو جعل ذلك في سماء من السماوات أو في الأرض أو في جبل من الجبال أو جميعها لكان سببا في اضطراب العوالم واندكاكها. وأقرب الموجودات التي تحمل العقل أنواع الحيوان ما عدا الإنسان فلو أودع فيها العقل لما سمحت هيئات أجسامها بمطاوعة ما يأمرها العقل به.فلنفرض أن العقل يسول للفرس أن لا ينتظر علفه أو سومه وأن يخرج إلى حناط يشتري منه علفا، فإنه لا يستطيع في الإفهام ثم لا يتمكن من تسليم العوض بيده إلى فرس غيره. وكذلك إذا كانت معاملته مع أحد من نوع الإنسان.
 
ثم يضيف في موضوع الامانة فيقول : ويجوز أن تكون الأمانة ما يؤتمن عليه،وذلك أن الإنسان مدني بالطبع مخالط لبني جنسه فهو لا يخلو عن ائتمان أو أمانة فكان الإنسان متحملا لصفة الأمانة بفطرته والناس متفاوتون في الوفاء لما ائتمنوا عليه كما في الحديث إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة أي إذا انقرضت الأمانة كان انقراضها علامة على اختلال الفطرة،فكان في جملة الاختلالات المنذرة بدنو الساعة مثل تكوير الشمس وانكدار النجوم ودك الجبال.
والذي بين هذا المعنى قول حذيفة: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الأخر،حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة، وحدثنا عن رفعها فقال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شيء فيصبح الناس يتبايعون ولا يكاد أحد يؤدي الأمانة فيقال :إن في بني فلان رجلا أمينا ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان أي من أمانة لأن الإيمان من الأمانة لأنه عهد الله.
ومعنى عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال يندرج في معنى تفسير الأمانة بالعقل، لأن الأمانة بهذا المعنى من الأخلاق التي يجمعها العقل ويصرفها، وحينئذ فتخصيصها بالذكر للتنبيه على أهميتها في أخلاق العقل.
والقول في حمل معنى الأمانة على خلافة الله تعالى في الأرض مثل القول في العقل لأن تلك الخلافة ما هيأ الإنسان لها إلا العقل كما أشار إليه قوله تعالى )وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة( ثم قوله )وعلم آدم الأسماء كلها( فالخلافة في الأرض هي القيام بحفظ عمرانها ووضع الموجودات فيها في مواضعها، واستعمالها فيما استعدت إليه غرائزها.
وبقية الأمور التي فسر بها بعض المفسرون الأمانة يعتبر تفسيرها من قبيل ذكر الأمثلة الجزئية للمعاني الكلية.
 
خامسا : في أيات الذاريات يقول : وما ذكر الله الجن هنا إلا لتنبيه المشركين بأن الجن غير خارجين عن العبودية لله تعالى.
وقد حكى الله عن الجن في سورة الجن فقال قائلهم (وإنه كان يقول سفيهنا على الله شططا).
وتقديم الجن في الذكر في قوله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) للاهتمام بهذا الخبر الغريب عند المشركين الذين كانوا يعبدون الجن، ليعلموا أن الجن عباد الله تعالى، فهو نظير قوله (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون).
 
وعند قوله تعالى ( فليس بمعجز في الأرض ) يقول : ومعنى (فليس بمعجز في الأرض) أنه لا ينجو من عقاب الله على عدم إجابته داعيه، فمفعول (معجز) مقدر دل عليه المضاف إليه في قوله (داعي الله) أي فليس بمعجز الله، وقال في سورة الجن (أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا) وهو نفي لأن يكون يعجز طالبه، أي ناجيا من قدرة الله عليه. والكلام كناية عن المؤاخذة بالعقاب.
والمقصود من قوله (في الأرض) تعميم الجهات فجرى على أسلوب استعمال الكلام العربي وإلا فإن مكان الجن غير معين.
 
ويقول : واختلفوا في جزاء الجن على الإحسان فقال أبو حنيفة: ليس للجن ثواب إلا أن يجاروا من عذاب النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم، وقال مالك والشافعي وابن أبي ليلى والضحاك: كما يجازون على الإساءة يجازون على الإحسان فيدخلون الجنة. وحكى الفخر أن مناظرة جرت في هذه المسألة بين أبي حنيفة ومالك ولم أره لغيره.
وهذه مسألة لا جدوى لها ولا يجب على المسلم اعتقاد شيء منها سوى أن العالم إذا مرت بها الآيات يتعين عليه فهمها.
 
ويقول : وحكاية الله هذا عن الجن تقرير لما قالوه فيدل على أن للجن إدراكا للمعاني وعلى أن ما تدل عليه أدلة العقل من الإلهيات واجب على الجن اعتقاده لأن مناط التكليف بالإلهيات العقلية هو الإدراك، وأنه يجب اعتقاد المدركات إذا توجهت مداركهم إليها أو إذا نبهوا إليها كما دلت عليه قصة إبليس. وهؤلاء قد نبهوا إليها بصرفهم إلى استماع القرآن وهم قد نبهوا قومهم إليها بإبلاغ ما سمعوه من القرآن وعلى حسب هذا المعنى يترتب الجزاء بالعقاب كما قال تعالى )لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين(، وقال في خطاب الشيطان )لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين(، فأما فروع الشريعة فغير لائقة بجنس الجن. وظاهر الآية أن هؤلاء الذين بلغتهم دعوة القرآن مؤاخذون إذا لم يعملوا بها وأنهم يعذبون.
 
أشكر أخي الكريم أبا احمد على ما تكرم به من نقول من كتب التفسير ولكنه لم يجبني على سؤالي المحدد أرجو أن تكون الإجابة محددة في حل الإشكال فقط وأنا لا أريد تفسيرا للآية فكتب التفسير كثيرة والبحث فيها ميسور إن شاء الله . ولكن لم يمر علي كلاما من العلماء السابقين في التوفيق بين الآيتين ولعلنا نجد جوابا مقنعا عند أساتذتنا الكرام بجواب من السابقين أو بفتح من رب العالمين .
 
سمعت القول التالى من أحد العلماء " وحملها الانسان " تعنى أن الانسان ممن عرضت عليه الأمانة .وعلى ذلك ففى قوله " إنا عرضنا الأمانة على ...." محذوف مقدر هو -أهل - ويكون المقصود أهل السموات من الملائكة وأهل الأرض من الانس وأهل الجبال من الجن .و على اعتماد أن الأمانة هى السيادة على الأرض وعمارتها فقد صلح لها الانسان . والوجوه الأخرى لإحتمالات الأمانة لم يقطع بقوتها .
وسؤالك يا أخ أحمد فى محله تماما لو كانت الأمانة هى العقل أو الاختيار أو التكليف فلايمكن القول أن الجن ليس فيهم أى منها .وأقول يختلف الانس عن الجن فى أمرين الأول عمارة الأرض . والثانى كون الانس أعقد فى التكوين حيث يزيدون على الجن بكون فيهم تراب وماء .هذان هما الفرقان .أما كلاهما له قلب ويعقل ومكلف بالعبادة وسيحاسب ويدخل الجنة أو النار .فهل أحد هذين الفرقين يكون هو الأمانة فى الآية ؟!
وبالمناسبة ياأخ أبو أحمد القول بأن الانسان خليفة الله فى الأرض قول فيه كلام، لأن من يخلفه غيره فقد غاب والله لم يغب . بل يخلف بعضه بعضا توضحها " خلائف الارض " فخلف من بعدهم خلف ، والله أعلم
 
[align=center]الخلاصة[/align]

1- آيات الأحزاب من مشكلات القرآن وتردد المفسرون في تأويلها تردد دل على الحيرة في تقويم معناها .

2- هناك فرق بين كلمة "خلق" في قوله تعالى " وما خلقت الجن والأنس " وبين كلمة " عرضنا " في قوله تعالى " إن عرضنا الأمانة "

3- هناك فرق بين كلمة " الأمانة " في الأحزاب وبين كلمة "العبادة" في الذاريات فقد اختلف في تعريف الأمانة على عشرين قولا فقد قيل إنها " الطاعة – الصلاة " مجموع الصلاة والصوم والاغتسال – جميع الفرائض – الانقياد إلى الدين – التوحيد ، الوفاء بالعهد ، عدم الغش بالعمل – العقل والقول بِأنها العقل تعظيما لشأنه وهي بهذا المعنى من الأخلاق التي يجمعها العقل .

4- يجب أن يطرح من معنى الأمانة صنف الشرائع لأنها ليست لازمة لفطرة الإنسان فطالما خلت أمم عن التكليف بالشرائع وهم أهل الفترة ، فتكون الأمانة بمعنى توحيد الله . فالمعنى أن الله ائتمن الناس على التوحيد وهذه الأمانة من قبيل المعارف من العلم الذي لا يتصف به إلا من قامت به صفة الحياة .

5- قال القرطبي " ما ملخصه لما بين تعالى في هذه السورة ما بين أمر بالتزام أوامره والأمانة تعم جميع وظائف الدين على صحيح من الأقوال وهو الراجح من قول الجمهور .

6- وفي قوله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "
للعلماء في هذه الآية أقوال منها
1- إني ما أوجدت الجن والإنس إلا وهم مهيئون لعبادتي وطاعتي بسبب ما ركبت فيهم من عقول تعقل وبسبب ما أرسلت إليهم من رسل .
2- إني ما خلقت الجن والإنس إلا ليقروا لي بالعبودية طوعا أو كرها ، لأن المؤمن يطيع باختياره ، والكافر مذعن لقضاء ربه كما قال تعالى " ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها "
3- ومنهم من يرى معناها : إني ما خلقت الجن والإنس إلا ليعرفوني
قال القرطبي ما ملخصه " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " قيل إن هذا خاص فيمن سبق في علم الله أن يعبدوه . فجاء بلفظ العموم وأراد الخصوص
وقال الامام على رضي الله عنه أي : وما خلقت الجن والإنس إلا لآمرهم بعبادتي قال تعالى " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء

والله تعالى أعلم
 
عودة
أعلى