كيف التوفيق بين قوله" إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ" والنصوص التي تثبت خوفهم؟

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مراكش-المغرب
كيف التوفيق بين قوله" إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ" والنصوص التي تثبت خوفهم؟

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف التوفيق بين قوله تعالى" إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ" والنصوص التي تثبت خوفهم؟

يقول الله تعالى:" إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ".
والظاهر أن هذا الخبر عام يشمل جميع الرسل كما يدل عليه لفظ (المرسلون)[SUP]([/SUP][1][SUP])[/SUP]، كما أنه خبر يتعلق بالدارين لأنه سبحانه لم يقيده بزمن دون زمن.
وقد روي عن الحسن رحمه الله تعالى أنه قال:" لا يخاف لدي المرسلون في الآخرة وفي الدنيا"[SUP]([SUP][2][/SUP])[/SUP].
إن كان ذلك كذلك فكيف التوفيق بين هذه الآية وغيرها من النصوص التي تخبر عن خوف الرسل والأنبياء يوم المعاد؟
كقوله تعالى:"يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ "-المائدة:109-.
فلشدة الهول وغلبة الخوف ينسون ماذا قال لهم المرسلون.
وفي حديث الشفاعة الطويل يمتنع أفضل الرسل وهم أولوا العزم من الشفاعة للناس للقضاء بينهم بين يدي رب العباد، وما ذلك إلا لعظم الموقف وشدة الهول يوم التناد.
فهذه النصوص وغيرها دلت على ما يلحق الرسل والأنبياء من الخوف في ذلك المقام مع أن الله تعالى نفى عنهم الخوف (إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ).

ومن وجوه الجمع:
1- أن الخوف المنفي في قوله تعالى:" إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ" إنما هو الخوف من غير الله جل في علاه، أما الخوف منه سبحانه فمن أسمى صفاتهم وأعلى نعوتهم، كما وصفهم البارئ سبحانه بقوله:" إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ"-الأنبياء:90-، ومن صفات المؤمنين وفي مقدمتهم الأنبياء والمرسلون ما ذكره الله تعالى:"وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ"-المؤمنون:60-.
وقال تعالى:" إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"، فحصر الخشية في أهل العلم وأئمة العلماء الأنبياء.
يقول الخازن رحمه الله تعالى في تفسيره:" إني لا يخاف لدي المرسلون ( يريد إذا أمنتهم لا يخافون أما الخوف الذي هو شرط الإيمان، فلا يفارقهم قال النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) ( أنا أخشاكم لله )"[SUP]([SUP][3][/SUP])[/SUP].
ويقول السمعاني رحمه الله تعالى:"فإن قيل : أليس أن جميع الأنبياء خافوا الله ، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يخشى الله ، وقد قال : ' أنا أخشاكم ' ؟ والجواب عنه : أن الخوف الذي هو شرط الإيمان لا يجوز أن يخلو أحد منه."[SUP]([SUP][4][/SUP])[/SUP].
ويقول العلامة السعدي رحمه الله تعالى:"لأن جميع المخاوف مندرجة في قضائه وقدره وتصريفه وأمره، فالذين اختصهم الله برسالته واصطفاهم لوحيه لا ينبغي لهم أن يخافوا غير الله خصوصا عند زيادة القرب منه والحظوة بتكليمه"[SUP]([SUP][5][/SUP])[/SUP].

2- ومن وجوه الجمع أن الخوف المنفي إنما هو الخوف المرتبط بسوء عاقبة، كما قال القاضي البيضاوي رحمه الله تعالى:" لا يكون لهم عندي سوء عاقبة فيخافون منه"[SUP]([SUP][6][/SUP])[/SUP].
ويقول أبو المظفر السمعاني رحمه الله تعالى:"فأما هذا الخوف من العقوبة على الكفر والكبائر ، والله تعالى قد عصم الأنبياء من الكفر والكبائر"[SUP]([SUP][7][/SUP])[/SUP].





([1] ) وهو لفظ جمع معرف بالألف واللام فيفيد العموم.

([2] ) تفسير ابن أبى زمنين.

([3] ) تفسير الخازن:5/134.

([4] ) تفسير السمعاني:4/79-80.

([5] ) تفسير البيضاوي:260.

([6] ) تفسير البيضاوي:260.

([7] ) تفسير السمعاني.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا وبارك بكم الاستاذ الكريم ناصر عبد الغفور ان النظر في سياق الآيات الكريمة يوضح المعنى
فإن المقصود هو الكلام والوقوف أمام رب العالمين فإن الرسل عليهم الصلاة والسلام يثبتوا عند التبليغ ...
والآيات هي :
( يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ ۚ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (11)) فكلمة
(
لَدَيَّ) تدل على أن الخوف المقصود هو عند الكلام مع رب العالمين سبحانه والله تعالى اعلم .
 
وجزاكم أخي الكريم البهيجي
لكن في جوابك نظر أخي، وذلك أنه لم يختص الله تعالى رسولا بالكلام مباشرة إلا الكليم موسى عليه السلام كما قال تعالى ممتنا عليه بذلك:"إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي" فكلمه سبحانه بلا واسطة وهذه فضيلة اختص بها دون غيره من الأنبياء والرسل عليهم السلام.
لذلك فالقول بأن نفي الخوف إنما يتعلق بالكلام مع الله سبحانه لا يصح والله تعالى أعلم، لأنه ليس هناك نبي اختص بالكلام مع الله تعالى مباشرة إلا موسى عليه السلام.
والآية واضحة في نفي الخوف عن كافة المرسلين..(نِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)..أي جميع المرسلين سواء من اختص بالكلام أو غيره.
لذلك فما ذكرته آنفا من وجوه يظهر أنها كافية في إزالة الإشكال وتحقيق التوفيق بين هذه الآية وغيرها من النصوص المثبتة لخوفهم عليهم السلام.
والله تعالى أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
 
عودة
أعلى