علي المالكي
Member
كثيرًا ما يسألني الطلاب: كيف نخرّج الأبيات الشعرية؟
هناك طريقة رسمتُها لنفسي في هذا الباب، استفدتها من القراءة في كتب مناهج البحث وتحقيق التراث، وكتب تاريخ الأدب العربي، وغيرها من الكتب المتعلقة بهذا الباب، أذكرها لكم لعلها تنفعكم.
تقوم الطريقة على ترتيب مصادر التخريج بناء على صحتها ودقتها، ومنزلتها الأدبية، وعلاقتها بالرواية بوصفها غرضًا أساسيًّا أو غير أساسي.
الخطوة الأولى:
لو كان للشاعر ديوان محقق تحقيقا علميا، فإننا نبدأ التوثيق من هذا الديوان.
مع بيان مقدار التطابق أو الاختلاف يين الرواية التي نخرّجها ورواية الديوان.
وكثير من الشعراء لهم دواوين مطبوعة طبعات علمية على أيدي علماء وباحثين مختصين، وبخاصة الدواوين التي أخرجتها دار المعارف بمصر، والمجامع اللغوية، والدواوين التي حُققت في رسائل علمية.
الخطوة الثانية:
إن لم يوجد للشاعر ديوان مطبوع، نوثّق من المجاميع الشعرية العالية وبعض كتب الأدب والنقد المحررة: كالمفضّليات، والأصمعيات، والكامل للمبرد، وجمهرة أشعار العرب للقرشي، وطبقات فحول الشعراء لابن سلام، ونحوها؛ فهذه الكتب اعتنت بنقل ما صح من الروايات الشعرية، مع التدقيق في ألفاظها ورواياتها، وتمحيصها..
ولا ننسى بيان مقدار التطابق والاختلاف بين الأبيات المخرجة وبين روايات هذه الكتب.
الخطوة الثالثة:
إن لم يتيسر ما سبق، نعتمد على الكتب التي اعتنت بالرواية ولكنها أقل صحة من المجاميع السابقة، مثل: الشعر والشعراء لابن قتيبة، والحماسة لأبي تمام، وأمالي القالي، والعقد الفريد لابن عبد ربه، والأغاني للأصفهاني، فهذه الكتب اعتنت بالرواية لكنها لم تدقق فيها أو لم تعتن بالتمييز بين الصحيح والمنحول، أو غير ذلك، وتتفاوت في هذا الأمر قلة وكثرة.
الخطوة الرابعة:
إن لم نجد البيت في الكتب السابقة، ننتقل إلى التوثيق من الكتب التي تورِد الأبيات للاستشهاد اللغوي أو البلاغي، لا للرواية.
من أمثلة هذه الكتب:
كتب النحو والصرف، وفي مقدمتها كتاب سيبويه.
كتب معاني القرآن: ككتاب الفراء، وكتاب الزجاج وغيرها.
المعاجم: كتهذيب اللغة، والصحاح، والمخصص، ولسان العرب، وغيرها.
كتب البلاغة: كالبيان والتبيين، ودلائل الإعجاز، وغيرها.
كتب النقد الأدبي: كالموازنة، وغيرها.
كتب السير والتاريخ: كسيرة ابن هشام، والروض الأُنُف، ونحوها.
كتب شروح الشواهد الشعرية: كخزانة الأدب، وشرح شواهد المغني، شرح شواهد الألفية، ونحوها.
تنبيهات مهمة:
1- الإكثار من ذكر مصادر التوثيق ليس محمودًا، بل يُكتفى بذكر مصدر أو اثنين، أو ثلاثة على الأكثر، تكون مركزة وقيمتها الأدبية عالية.
2- لا يُوثّق من الكتب حديثة، أو المواقع الإلكترونية.
3- اختلاف الرواية لا يُبطل التوثيق، ويجب التنبيه عليه.
4- كلما كان المصدر أقدم وأقرب إلى الشاعر، كان أوْلى، بشرط الصحة.
5- مراعاة سياق البيت في المصدر دليل على صحة النقل.
------------------------------
علّق فضيلة الدكتور محمد بن سليمان الصقيل أستاذ الأدب والنقد المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود - علّق على هذه المنهجية قائلا ما نصُّه: «طريقة موثوقة أخذت بنصيب وافر من المنهجية والمصدرية والخبرة».
وقد أذن لي بنشر هذا التعليق -جزاه الله خيرا-.
والحمد لله على توفيقه أولا وآخرا.
بعد ذكر طريقة توثيق الأبيات الشعرية في المنشور السابق، نذكر في ما يأتي كيفية توثيق القراءات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار لغير المختصين؛ إتماما للفائدة.
أولًا- توثيق القراءات القرآنية:
القراءات المتواترة يمكن أن تعتمد في توثيقها على كتاب (النشر) لابن الجزري، أو كتاب (إتحاف فضلاء البشر) لابن البنا الدمياطي؛ فهذان الكتابان من أجود الكتب في هذا الباب وأشملِها وأكثرِها تحريرا.
القراءات الأربع الزائدة على العشر (قراءة ابن محيصن، وقراءة اليزيدي، وقراءة الحسن البصري، وقراءة الأعمش)، يمكن توثيقها من كتاب ابن البنا المذكور آنفًا.
القراءات الشاذة غير الأربع المذكورة: يمكن توثيقها من الكتب المعنية بالقراءت الشاذة، مثل: المحتسب، والبحر المحيط، والكامل في القراءات الخمسين، وغيرها.
ثانيًا- توثق الأحاديث النبوية الشريفة:
كثير من المختصين في الحديث النبوي يعتمدون الطريقة الآتية:
إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما، نكتفي بالعزو إليهما، ونكتفي برقم الحديث؛ لأن ترقيم الصحيحين معروف ومشهور، ومعتمد في غالب الطبعات، فيمكن الوصول إلى الأحاديث عن طريقه مهما اختلفت الطبعات، من دون الحاجة إلى ذكر الجزء والصفحة.
إذا لم يكن الحديث في الصحيحين أو أحدهما، نخرّجه من السنن الأربعة (سنن أبي داود، سنن النَّسائي، سنن الترمذي، سنن ابن ماجه)، ونكتفي بها، ويمكن أن تكتفي كذلك بذكر رقم الحديث، من دون ذكر الجزء والصفحة؛ لأن ترقيمات السنن الأربعة أصبحت مشهورة ومعروفة.
وهي:
ترقيم محمد محي الدين عبد الحميد لسنن أبي داود.
ترقيم أحمد شاكر لسنن الترمذي.
ترقيم أبي غدة لسنن النسائي.
ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي لسنن سنن ابن ماجه.
إذا لم يكن الحديث في الكتب الستة، نخرجه من الموطأ، والمسند، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم، ومصنف ابن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق، وسنن البيهقي، وغيرها.
وفي هذه الحال تذكر الجزء والصفحة، والترقيم إن كان الكتاب مرقّما؛ لأن ترقيماتها تختلف، وغير مشتهرة.
ثالثًا- توثيق آثار الصحابة ومن بعدهم:
نبحث عنها في الكتب المذكورة آنفًا، فإن وجدناها خرجنا منها، وإلا بحثنا عنها في الكتب المعنية بالآثار، مثل:
مصنف ابن أبي شيبة
مصنف عبد الرزاق
الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني
وغيرها.
تنبيهات:
- بعد توثيق الحديث أو الأثر اذكر أحكام علماء الحديث عليه من التصحيح والتضعيف.
- عند الاستشهاد بالحديث في النحو أشِر إلى المصادر التي ورد فيها الحديث باللفظ المستشهد به.
- عند الاستشهاد بلفظ الحديث احرص على تتبع طرقه ورواياته لمعرفة مدى ثبوت لفظها ولا سيما محل الشاهد.
هناك طريقة رسمتُها لنفسي في هذا الباب، استفدتها من القراءة في كتب مناهج البحث وتحقيق التراث، وكتب تاريخ الأدب العربي، وغيرها من الكتب المتعلقة بهذا الباب، أذكرها لكم لعلها تنفعكم.
تقوم الطريقة على ترتيب مصادر التخريج بناء على صحتها ودقتها، ومنزلتها الأدبية، وعلاقتها بالرواية بوصفها غرضًا أساسيًّا أو غير أساسي.

لو كان للشاعر ديوان محقق تحقيقا علميا، فإننا نبدأ التوثيق من هذا الديوان.
مع بيان مقدار التطابق أو الاختلاف يين الرواية التي نخرّجها ورواية الديوان.
وكثير من الشعراء لهم دواوين مطبوعة طبعات علمية على أيدي علماء وباحثين مختصين، وبخاصة الدواوين التي أخرجتها دار المعارف بمصر، والمجامع اللغوية، والدواوين التي حُققت في رسائل علمية.

إن لم يوجد للشاعر ديوان مطبوع، نوثّق من المجاميع الشعرية العالية وبعض كتب الأدب والنقد المحررة: كالمفضّليات، والأصمعيات، والكامل للمبرد، وجمهرة أشعار العرب للقرشي، وطبقات فحول الشعراء لابن سلام، ونحوها؛ فهذه الكتب اعتنت بنقل ما صح من الروايات الشعرية، مع التدقيق في ألفاظها ورواياتها، وتمحيصها..
ولا ننسى بيان مقدار التطابق والاختلاف بين الأبيات المخرجة وبين روايات هذه الكتب.

إن لم يتيسر ما سبق، نعتمد على الكتب التي اعتنت بالرواية ولكنها أقل صحة من المجاميع السابقة، مثل: الشعر والشعراء لابن قتيبة، والحماسة لأبي تمام، وأمالي القالي، والعقد الفريد لابن عبد ربه، والأغاني للأصفهاني، فهذه الكتب اعتنت بالرواية لكنها لم تدقق فيها أو لم تعتن بالتمييز بين الصحيح والمنحول، أو غير ذلك، وتتفاوت في هذا الأمر قلة وكثرة.

إن لم نجد البيت في الكتب السابقة، ننتقل إلى التوثيق من الكتب التي تورِد الأبيات للاستشهاد اللغوي أو البلاغي، لا للرواية.
من أمثلة هذه الكتب:
كتب النحو والصرف، وفي مقدمتها كتاب سيبويه.
كتب معاني القرآن: ككتاب الفراء، وكتاب الزجاج وغيرها.
المعاجم: كتهذيب اللغة، والصحاح، والمخصص، ولسان العرب، وغيرها.
كتب البلاغة: كالبيان والتبيين، ودلائل الإعجاز، وغيرها.
كتب النقد الأدبي: كالموازنة، وغيرها.
كتب السير والتاريخ: كسيرة ابن هشام، والروض الأُنُف، ونحوها.
كتب شروح الشواهد الشعرية: كخزانة الأدب، وشرح شواهد المغني، شرح شواهد الألفية، ونحوها.

1- الإكثار من ذكر مصادر التوثيق ليس محمودًا، بل يُكتفى بذكر مصدر أو اثنين، أو ثلاثة على الأكثر، تكون مركزة وقيمتها الأدبية عالية.
2- لا يُوثّق من الكتب حديثة، أو المواقع الإلكترونية.
3- اختلاف الرواية لا يُبطل التوثيق، ويجب التنبيه عليه.
4- كلما كان المصدر أقدم وأقرب إلى الشاعر، كان أوْلى، بشرط الصحة.
5- مراعاة سياق البيت في المصدر دليل على صحة النقل.
------------------------------
علّق فضيلة الدكتور محمد بن سليمان الصقيل أستاذ الأدب والنقد المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود - علّق على هذه المنهجية قائلا ما نصُّه: «طريقة موثوقة أخذت بنصيب وافر من المنهجية والمصدرية والخبرة».
وقد أذن لي بنشر هذا التعليق -جزاه الله خيرا-.
والحمد لله على توفيقه أولا وآخرا.
بعد ذكر طريقة توثيق الأبيات الشعرية في المنشور السابق، نذكر في ما يأتي كيفية توثيق القراءات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار لغير المختصين؛ إتماما للفائدة.





كثير من المختصين في الحديث النبوي يعتمدون الطريقة الآتية:


وهي:
ترقيم محمد محي الدين عبد الحميد لسنن أبي داود.
ترقيم أحمد شاكر لسنن الترمذي.
ترقيم أبي غدة لسنن النسائي.
ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي لسنن سنن ابن ماجه.

وفي هذه الحال تذكر الجزء والصفحة، والترقيم إن كان الكتاب مرقّما؛ لأن ترقيماتها تختلف، وغير مشتهرة.


مصنف ابن أبي شيبة
مصنف عبد الرزاق
الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني
وغيرها.

- بعد توثيق الحديث أو الأثر اذكر أحكام علماء الحديث عليه من التصحيح والتضعيف.
- عند الاستشهاد بالحديث في النحو أشِر إلى المصادر التي ورد فيها الحديث باللفظ المستشهد به.
- عند الاستشهاد بلفظ الحديث احرص على تتبع طرقه ورواياته لمعرفة مدى ثبوت لفظها ولا سيما محل الشاهد.