د. محي الدين غازي
New member
الاعتكاف سنة مؤكدة ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المواظبة عليها، وقد شاع في الناس أنه سنة كفاية، أي إذا اعتكف شخص أو بعض أفراد حي أو قرية فقد حصلت سنة الاعتكاف.
ولكن هذا لا يعني أن يُدفع من ليس له دارة في الحي ولا دور في الحياة إلى المسجد فيحبس فيها عشرة أيام بلياليها، فإذا رؤي هلال العيد أطلق سراحه. فإن الاعتكاف ضرورة الأفراد الأحياء أكثر من أن يكون ضرورة الأحياء (السكنية).
إن الاعتكاف عبارة عن الخروج بإرادة قوية وقرار حاسم من زحام الأشغال إلى محراب الرحمان.
إنه شهادة زكية أن العبد حين اشتغل بأعمال الدنيا طوال عامه فإنما كان ذلك بسبب أن الله قد أذن له بذلك.
إنه تعبير عن شوق شديد ورغبة أكيدة أن العبد يريد أن ينقطع عن الدنيا ويتصل بربه الكريم على رغم ما في الدنيا من لهو ولعب وزينة ونعيم وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.
إنه حجاب يحجب العبد به نفسه عن الدنيا وأهلها لفترة محدودة ، ليبرهن بذلك أن علاقته الأصلية لاتزال موصولة بربه الكريم لم تبل ولم تضعف على رغم انشغاله في زخم الحياة الفانية.
إنه قمة الشوق والذي يبدأ يتزايد بمستهل الشهر الكريم إلى أن يدخل العبد في العشر الأخير فإذا بالشوق وقد بلغ ذروته يحدو به أن يعتكف في مسجد الرحمن الرحيم.
إنه الخلوة المشروعة لهذه الأمة ، فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله و ذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه و عكف بقلبه و قالبه على ربه و ما يقربه منه فما بقي له هم سوى الله و ما يرضي الله عنه.
والاعتكاف من أعظم أحوال الخير ، وبركات شهر رمضان تبلغ ذروتها في حالة الاعتكاف ، حيث إن الصائم المعتكف يتقيد بما لا يتقيد به الصائم العادي ، ويمنع من الممارسات الدنيوية ما لا يمنع منها غيره ، فإنه قد وقف نفسه لله ، فإذا تحرك فللّه وله الأجر وإذا سكن فللّه وله الأجر ، إنه مقام عظيم للعبودية يتنازل عنه الكثيرون تهاونا وتكاسلا.
ثم إن ثواب الاعتكاف له شأن غريب ، فقد روي أن المعتكف يجرى له من الحسنات كعامل الحسنات كلها.
وإن الاعتكاف ورشة تربوية فريدة ، فإن التوجه والجد والرغبة التي يوفرها الاعتكاف من حيث إن الكيان البشري بأكمله يكون راضيا بل مشتاقا لقبول الهداية الربانية والتعليمات النبوية ، لا يمكن أن يهيأ مثل ذلك ولو اجتمع خبراء التربية جميعهم.
ثم إنه مدرسة دينية لمن منعته كثرة الأشغال من حفظ الأدعية والأذكار ، والاطلاع على ما يتعلق بالفرائض والواجبات ، وأخص في ذلك طلبة المدارس التي لا تحتوي مناهجها المواد الدينية ، فيحرم الطالب المسلم من زاد العلم الديني ، فإذا التحق بمدرسة الاعتكاف بإرادة خالصة وتخطيط مسبق ، نال حظا وافرا.
والتخطيط يجب أن يسبق الاعتكاف، حيث يقرر الإنسان أهدافه ، فيصحب معه المصحف والكتب الدينية ومجموعات الأدعية والأذكار ، فإن من جدّ في أيام اعتكافه وجد حلاوته طوال عامه.
ثم إن الاعتكاف لما كان من أعظم ما وفق العبد به من موسم الخير وكان القصد منه العبادة والتزكية ، وجب الابتعاد عن كل ما ينافيه ويشغل عنه ، فيقلل من نومه ، ويمتنع عن لهو الحديث ولغوه ، كما ينصح بتجنب السكوت الطويل بل يشتغل بالصلاة والذكر والتلاوة والقراءة ، وينصح باختيار مسجد يبعد عن مكان الشغب والزحام.
وفي الاعتكاف يبتلى العبد في إخلاصه ، حيث إن المعتكف يكون موضع إعجاب الناس ، فلا بد أن يخلص لله نيته ويراقب الله في سره وعلانيته.
ومما يشهد له الواقع ، أن الروتينات اليومية بأنواعها وأشكالها تحول غالبا دون إرادة المسلم وتمنعه من الاعتكاف ، ولكن النظر في السيرة النبوية لا يترك للعذر مجالا ، فإن الهموم والمسؤوليات التي كانت على عاتق النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يتصوره أحد مسؤولا كان أو موظفا ، تاجرا كان أو صاحب صنعة.
ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحمل هم أهله أكثر مما نحمله مع ما كان يحمل من هموم الدعوة والرسالة. وعلى ذلك فقد كان يعتكف كل عام، فسافر عاما فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين يوما.(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا).
(قد تم نشرهذا المقال في موقع الألوكة)
ولكن هذا لا يعني أن يُدفع من ليس له دارة في الحي ولا دور في الحياة إلى المسجد فيحبس فيها عشرة أيام بلياليها، فإذا رؤي هلال العيد أطلق سراحه. فإن الاعتكاف ضرورة الأفراد الأحياء أكثر من أن يكون ضرورة الأحياء (السكنية).
إن الاعتكاف عبارة عن الخروج بإرادة قوية وقرار حاسم من زحام الأشغال إلى محراب الرحمان.
إنه شهادة زكية أن العبد حين اشتغل بأعمال الدنيا طوال عامه فإنما كان ذلك بسبب أن الله قد أذن له بذلك.
إنه تعبير عن شوق شديد ورغبة أكيدة أن العبد يريد أن ينقطع عن الدنيا ويتصل بربه الكريم على رغم ما في الدنيا من لهو ولعب وزينة ونعيم وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.
إنه حجاب يحجب العبد به نفسه عن الدنيا وأهلها لفترة محدودة ، ليبرهن بذلك أن علاقته الأصلية لاتزال موصولة بربه الكريم لم تبل ولم تضعف على رغم انشغاله في زخم الحياة الفانية.
إنه قمة الشوق والذي يبدأ يتزايد بمستهل الشهر الكريم إلى أن يدخل العبد في العشر الأخير فإذا بالشوق وقد بلغ ذروته يحدو به أن يعتكف في مسجد الرحمن الرحيم.
إنه الخلوة المشروعة لهذه الأمة ، فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله و ذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه و عكف بقلبه و قالبه على ربه و ما يقربه منه فما بقي له هم سوى الله و ما يرضي الله عنه.
والاعتكاف من أعظم أحوال الخير ، وبركات شهر رمضان تبلغ ذروتها في حالة الاعتكاف ، حيث إن الصائم المعتكف يتقيد بما لا يتقيد به الصائم العادي ، ويمنع من الممارسات الدنيوية ما لا يمنع منها غيره ، فإنه قد وقف نفسه لله ، فإذا تحرك فللّه وله الأجر وإذا سكن فللّه وله الأجر ، إنه مقام عظيم للعبودية يتنازل عنه الكثيرون تهاونا وتكاسلا.
ثم إن ثواب الاعتكاف له شأن غريب ، فقد روي أن المعتكف يجرى له من الحسنات كعامل الحسنات كلها.
وإن الاعتكاف ورشة تربوية فريدة ، فإن التوجه والجد والرغبة التي يوفرها الاعتكاف من حيث إن الكيان البشري بأكمله يكون راضيا بل مشتاقا لقبول الهداية الربانية والتعليمات النبوية ، لا يمكن أن يهيأ مثل ذلك ولو اجتمع خبراء التربية جميعهم.
ثم إنه مدرسة دينية لمن منعته كثرة الأشغال من حفظ الأدعية والأذكار ، والاطلاع على ما يتعلق بالفرائض والواجبات ، وأخص في ذلك طلبة المدارس التي لا تحتوي مناهجها المواد الدينية ، فيحرم الطالب المسلم من زاد العلم الديني ، فإذا التحق بمدرسة الاعتكاف بإرادة خالصة وتخطيط مسبق ، نال حظا وافرا.
والتخطيط يجب أن يسبق الاعتكاف، حيث يقرر الإنسان أهدافه ، فيصحب معه المصحف والكتب الدينية ومجموعات الأدعية والأذكار ، فإن من جدّ في أيام اعتكافه وجد حلاوته طوال عامه.
ثم إن الاعتكاف لما كان من أعظم ما وفق العبد به من موسم الخير وكان القصد منه العبادة والتزكية ، وجب الابتعاد عن كل ما ينافيه ويشغل عنه ، فيقلل من نومه ، ويمتنع عن لهو الحديث ولغوه ، كما ينصح بتجنب السكوت الطويل بل يشتغل بالصلاة والذكر والتلاوة والقراءة ، وينصح باختيار مسجد يبعد عن مكان الشغب والزحام.
وفي الاعتكاف يبتلى العبد في إخلاصه ، حيث إن المعتكف يكون موضع إعجاب الناس ، فلا بد أن يخلص لله نيته ويراقب الله في سره وعلانيته.
ومما يشهد له الواقع ، أن الروتينات اليومية بأنواعها وأشكالها تحول غالبا دون إرادة المسلم وتمنعه من الاعتكاف ، ولكن النظر في السيرة النبوية لا يترك للعذر مجالا ، فإن الهموم والمسؤوليات التي كانت على عاتق النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يتصوره أحد مسؤولا كان أو موظفا ، تاجرا كان أو صاحب صنعة.
ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحمل هم أهله أكثر مما نحمله مع ما كان يحمل من هموم الدعوة والرسالة. وعلى ذلك فقد كان يعتكف كل عام، فسافر عاما فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين يوما.(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا).
(قد تم نشرهذا المقال في موقع الألوكة)