كلمة للشيخ محمد الددو - سدده الله - حول أقسام الناس في الفتن كما في سورة الأحزاب

إنضم
15/08/2010
المشاركات
39
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
تحدث د. فهد السنيدي - وفقه الله- في برنامج نفيس عن دور العلماء والنظرة الشرعية لأحداث مصر في قناة المجد
وكان من ضمن المتصلين هاتفيا
الشيخ محمد ولد الحسن الددو -سدده الله- فسأله عن موقف العلماء كيف يكون وفقا للمنهج الشرعي

فأجاب فضيلته بإجابة شافية وافية لموقف العلماء وأقسام الناس في الأزمات بقوله :

 
جزاك الله خيراً أختي حفيدة البخاري على هذا النقل الرائع .
ليتكم تفرغون هذا المقطع فهو مفيد وفيه علم وحسن استدلال وجودة استحضار للآيات ، أسأل الله أن يوفق الشيخ محمد الددو وأن ينفع بعلمه فطالما استفدنا منه .
 
بارك الله فيكم وعدتني إحدى الأخوات بالتفريغ إذا انتهت منه بإذن الله سأنزله ..
 
تحدث د. فهد السنيدي - وفقه الله- في برنامج نفيس عن دور العلماء والنظرة الشرعية لأحداث مصر في قناة المجد
وكان من ضمن المتصلين هاتفيا
الشيخ محمد ولد الحسن الددو -سدده الله- فسأله عن موقف العلماء كيف يكون وفقا للمنهج الشرعي

فأجاب فضيلته بإجابة وافية شافية لموقف العلماء وأقسام الناس في الأزمات بقوله :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد..
فإن العلماء هم ورثة الأنبياء وهذه الأمة يسوسها العلماء كما أن بني إسرائيل كان يسوسهم الأنبياء ولذلك لابد أن يقوموا لله بالحق كما قام به الأنبياء وأن لا يخافوا في الله لومة لائم وأسوتهم في ذلك أنبياء الله ورسله ، فنوح عليه السلام قال لقومه: ( فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ).
وهود عليه السلام قال : (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ).
ويقول إبراهيم عليه السلام، قال :حسبي الله ونعم الوكيل حين رماه قومه في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما قال لهم نُعيم بن مسعود : (إِنَّالنَّاسَقَدْجَمَعُوالَكُمْفَاخْشَوْهُمْفَزَادَهُمْإِيمَانًاوَقَالُواحَسْبُنَااللَّهُوَنِعْمَالْوَكِيلُ)
فدورهم في الأزمات الاتصال بالله تعالى والقيام له بالحق وأن لايخافوا في الله لومة لائم (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ) وهم أندى الناس بهذا لعلمهم بما عند الله وبما أعد لمن اتبع منهجه وابتغى رضاه ،ولعلمهم كذلك بما على من خالف ذلك وما أعد الله للمُخالف لهذا المنهج الصحيح .
ولذلك فإن الأزمات أياً كانت يختلف فيها مواقف الناس على أربعة أقسام :
الموقف الأول: موقف الصُرحاء من المنافقين ، فإنهم يصرحون بما يكنونه في أوقات الأزمات وينتهزونها فرصة لتلصريح بعقائدهم وما تكن صدورهم ،وقد بين الله ذلك في قصة الأحزاب فإن الصُرحاء من المنافقين قالوا : يعدكم محمد ٍأنه ستفتح عليكم كنوز كسرى وقيصر وها أنتم اليوم لا يستطيع أحد منكم أن يخرج لقضاء حاجته!
وفيهم يقول الله تعالى : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً(
والموقف الثاني : موقف المُخَذِّلين الذين يصدون الناس عن التصدي في الأزمات لللأعداء والوقوف في وجوههم ونحورهم . وهؤلاء المُخَذّلون بيّن الله موقفهم في قضية الأحزاب فقال تعالى : (وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا) .وفي القراءة الأخرى : (لا مَقامَ لكم )
لا مُقام لكم : أي لامُستقر لكم في وجوه العدو ،فارجعوا هربا .
وفي القراءة الأُخرى : (لا مَقامَ لكم ) لا نفع فيكم ولادفعَ فارجعوا !
وقد شرح الله تعالى موقف المخذلين هؤلاء في قوله : (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا )
الموقف الثالث : موقف ضعفة الإيمان من المؤمنين الذين يؤثرون أمورهم الخاصة على أمر العامة وعندما تجيء الأزمات ينكفؤون على مصالحهم ويكفون عن الشأن العام والتصدي له. وقد بيّن الله موقف هؤلاء في موقعة الأحزاب فقال : (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً* وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَأتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً)، وفي القراءة السبعية :( لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً). ومعنى ذلك أنهم يقولوا أن بيوتنا عورة أي أنها خارج الحصن وماهي بعورة !
ولكنهم بدأوا مسلس التنازلات ، من بداية تاريخهم ولن يتوقفوا إلى عند نهايته .ولذلك قال : ( وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم – أي البيوت - منْ أَقْطَارِهَا – أي أطرافها - ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ – أي الردة عن الإسلام- لَآتَوْهَا – لأعطوها من سألهم –أو لَأتَوْهَا- إذا دخلوا فيها- وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً).(وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً) .
والموقف الرابع :موقف أهل الإيمان والتقوى ،وقد بينه الله في موقعة الأحزاب بقوله : (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً*مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً*لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ).

وهذا موقف العلماء الصادقين ،وأهل الإيمان والتقوى بأنهم يقولون :هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ،ويزيدادون إيماناً وتسليماً ، ثم يُضَحّون ويبذلون ما يستطيعون : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) فهم سائرون على منهج الله ورسوله وقد باعوا أنفسهم لله وهو موقفهم دائم لا يتزحزحون عنه ولا يتراجعون عنه ، وهم أدرى بما يترتب عليه وعلى لزومه في الدنيا والآخرة ، وهذا وعد الله لمن نصره أن ينصره فقد قال الله تعالى : (يآأَيُّهَا الَّذِينَ ءآمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) ، وقال تعالى : (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ) ،وقال تعالى : (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهاد) ، وقال تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، وقال تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ )،وقال تعالى : (إِن ّالْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ).


د.السنيدي : فضيلة الشيخ / لاعطر بعد عروس ، وأظن يكفينا من القلادة ما أحاط بالعنق ! حتى الأخوة في الكنترول خلاص بعد الشيخ الله يجزاك خير . -


فضيلة الدكتور في أقل من دقيقة ، هل من توجيه لعلماء الأمة من أجل أن يكونوا في صف الناس ،في قلب الحدث في نُصرة المظلوم ، في التصدي لهذا الظلم والعبث بدين الـأمة ومُقَدّراتها في دقيقة نختم بها إذا تكرمت يا دكتور:


- الشيخ الددو : نعم بالنسبة للعلماء يُقال لهم ما قلته الآن من المثل العربي: ( لاعطر بعد عروس) ، ولا بد أن يُروا الله من أنفسهم خيرا ،وإذا جاءت الأزمات فهذا وقتهم الذي تُراهن عليهم الأمة فيه وليس لهم أن يُخيبوا آمال أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولا أن يخذلوا قضيتهم وقناعتهم وما يدعون إليه . وقد قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُون).


و مما يذكره كثير من الكاتبين عن المودودي رحمه الله أنه عندما أطلق عليه الرصاص وهو قائم يخطب بالقاعة، فقال له الناس: اجلس؛ قال: إذا جلست أنا فمن يقوم ؟


فلابد أن يتذكر الناس هذه الواقعة ،وأن يتذكرها العلماء .


وقد امتلأت أبواب السير أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- لما جاءه أن أهل الجزيرة قد ارتدوا عن دين الله ... ... قال: أيُنقص هذا الدين وأنا حيّ!


هذه صور حية للعلماء العاملين الصادقين ،ولابد أن يقتفي آثارهم ،وأن يقتدي بهم الذين يريدون أن يُحشروا معهم ،ويريدون أن يكونوا خير خلف لذلك السلف. والله أعلم .


د. فهد السنيدي : أشكرك فضيلة الشيخ الدكتور محمد الحسن الددو رئيس مركز تكوين العلماء بموريتانيا شكرا لك على هذه المداخلة الطيبة شكرا ياشيخنا ..


أ.هـ


جزى الله الأخت التي قامت بالتفريغ كل خير
 
لقد أحسن الشيخ ـ حفظه الله ـ الاستدلال ، وأبان عن الموقف الواجب على العلماء، لكن هل ياترى يراهم العامة في مثل هذا الموقف العصيب ليبصروا مراد الله في مثل هذه الفتن؟!
إن ما يجري في مصر أو في غيرها من دول الإسلام يعنينا ـ نحن المسلمين ـ جميعًا ، وقاتل الله (سايكس بيكو) التي فرقتنا، ورحم الله زمانك ياقطز.
 
كلمة رائعة شكر الله لمن أشار إليها وفرغها



بارك الله فيك



فعلا نحن بحاجة ماسة إلى الإلتفاف حول العلماء الربانيين الذين من الله عليهم بحكمة ونظرة واسعة للأمور

بارك الله فيك ياأخيتي
 
[FONT=&quot] قال الشيخ بن باديس رحمه الله: لن يصلح المسلمون حتى يصلح علماؤهم فإنّما العلماء من الأمّة بمثابة القلب إذا صلح صلح الجسد كلّه وإذا فسد فسد الجسد كلّه، وصلاح المسلمين إنّما هو بفقههم الإسلام وعملهم به وإنّما يصل إليهم هذا على يد علمائهم، فإذا كان علماؤهم أهل جمود في العلم وابتداع في العمل فكذلك المسلمون يكونون. فإذا أردنا إصلاح المسلمين فلنصلح علماءهم.[/FONT]

[FONT=&quot]ولن يصلح العلماء إلاّ إذا صلح تعليمهم. فالتعليم هو الذي يطبع المتعلم بالطابع الذي يكون عليه في مستقبل حياته وما يستقبل من علمه لنفسه وغيره فإذا أردنا أن نصلح العلماء فلنصلح التعليم ونعني بالتعليم التعليم الذي يكون به المسلم عالماً من علماء الإسلام يأخذ عنه الناس دينهم ويقتدون به فيه.[/FONT]
[FONT=&quot]ولن يصلح هذا التعليم إلاّ إذا رجعنا به للتعليم النبوي في شكله وموضوعه في مادته وصورته فيما كان يعلم - صلى الله عليه وآله وسلم- وفي صورة تعليمه، فقد صح عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- فيما رواه مسلم أنّه قال: «إنّما بعثت معلما» ، فماذا كان يعلم وكيف كان يعلم.[/FONT]
[FONT=&quot]كان -صلى الله عليه وآله وسلم- يعلم الناس دينهم من الإيمان والإسلام والإحسان كما قال -صلى الله عليه وآله وسلم- في جبريل في الحديث المشهور: «هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم» وكان يعلمهم هذا الدين بتلاوة القرآن عليهم كما قال تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ}. وبما بيَّنه لهم من قوله وفعله وسيرته وسلوكه في مجالس تعليمه وفي جميع أحواله فكان الناس يتعلمون دينهم بما يسمعون من كلام ربهم وما يتلقون من بيان نبيهم، وتنفيذه لما أوحى الله إليه وذلك البيان هو سنته التي كان عليها أصحابه والخلفاء الراشدون من بعده وبقية القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية من التابعين وأتباع التابعين.[/FONT]
[FONT=&quot]وإذا رجعت إلى موطأ مالك سيد أتباع التابعين فإنّك تجده في بيان الدين قد بنى أمره على الآيات القرآنية وما صح عنده من قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وفعله، وما كان من عمل أصحابه الذي يأخذ منه ما استقر عليه الحال آخر حياته. لأنّهم كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمره. وكذلك إذا رجعت إلى كتاب الأمّ لتلميذ مالك الإمام الشافعي فإنّك تجده قد بنى فقهه على الكتاب وما ثبت عنده من السنة.[/FONT]
[FONT=&quot]وهكذا كان التعلم والتعليم في القرون الفضلى مبناها على التفقه في القرآن والسنة، روى ابن عبد البر في الجامع عن الضحاك في قوله تعالى: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}، قال الضحاك: "حق على كلّ من تعلم القرآن أن يكون فقيها". وروى عن عمر -رضي الله عنه- أنّه كتب إلى أبي موسى -رضي الله عنه-: "أمّا بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية". وقال الإمام ابن حزم في كتاب الإحكام، وهو يتحدث عن السلف الصالح كيف كانوا يتعلمون الدين: "كان أهل هذه القرون الفاضلة المحمودة -يعني القرون الثلاثة- يطلبون حديث النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- والفقه في القرآن، ويرحلون في ذلك إلى البلاد فإن وجدوا حديثا عنه عليه السلام عملوا به واعتقدوه". ومن راجع كتاب العلم من صحيح البخاري ووقف على كتاب جامع العلم للإمام ابن عبد البر عصري ابن حزم وبلديه وصديقه، عرف من الشواهد على سيرتهم تلك شيئا كثيرا.[/FONT]
[FONT=&quot]هذا هو التعليم الديني السني السلفي، فأين منه تعليمنا نحن اليوم وقبل اليوم، بل منذ قرون وقرون؟ فقد حصلنا على شهادة العالمية من جامع الزيتونة ونحن لم ندرس آية واحدة من كتاب الله، ولم يكن عندنا أي شوق أو أدنى رغبة في ذلك. ومن أين يكون لنا هذا ونحن لم نسمع من شيوخنا يوما منزلة القرآن من تعلم الدين والتفقه فيه، ولا منزلة السنة النبوية من ذلك. هذا في جامع الزيتونة فدع عنك الحديث عن غيره ممّا هو دونه بعديد المراحل.[/FONT]
[FONT=&quot]فالعلماء -إلاَّ قليل منهم- أجانب أو كالأجانب من الكتاب والسنة من العلم فهما والتفقه فيهما. ومن فطن منهم لهذا الفساد التعليمي الذي باعد بينهم وبين العلم بالدين وحملهم وزرهم ووزر من في رعايتهم لا يستطيع -إذا كانت له همة ورغبة- أن يتدارك ذلك إلا في نفسه. أمّا تعليمه لغيره فإنّه لا يستطيع أن يخرج فيه عن المعتاد، الذي توارثه عن الآباء والأجداد رغم ما يعلم فيه من فساد وإفساد.[/FONT]
[FONT=&quot]ونحن بعد أن بينَّا تعليم الدين من سنة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ومن عمل السلف الصالح من أهل القرون الفاضلة المحمودة، ومنهم إمامنا إمام دار الهجرة مالك، فإنّنا عقدنا العزم على إصلاح التعليم الديني في دروسنا حسب ما تبلغ إليه طاقتنا إن شاء الله تعالى. وسننشر ما يكون من ذلك في الجزء الآتي إن شاء الله عليه توكلنا وعليه فليتوكل المؤمنون.[/FONT]
[FONT=&quot]آثار بن باديس 3/217-220[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
عودة
أعلى