القارئ المليجي
New member
الحمدُ للَّه، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله صلّّى الله عليه وسلَّم، وبعد:
فإنَّ القراءات الصحيحة المتواترة - وهي العشْر على المشهور[1]، أو السَّبع عند بعضهم[2] - كُلٌّ منها صحيحٌ شافٍ كافٍ، يُقرأ به في صلاةٍ وغيرِها - فيُجزئ - ويُؤْجر التَّالي بأيِّها.
ومع هذا تَجِدُ الناس زاهدينَ في هذه القِراءات والرِّوايات الصَّحيحة، هاجرين لها، حتَّى صارت غريبةً على الأسماع، نافرةً منها الطباع، اللهمَّ إلاَّ من بعض التسجيلات التي قلَّما تَجد المنصتين لها، وإذا استمعوا إليها فللطرافة لا لسماع القرآن المنزَّل من عند أحكمِ الحاكمين.
وصار مِمَّا يُحزن القلب أنَّ الناس يفزَعون إذا قرأ الإمام بغير رواية حفصٍ المشهورة في كثيرٍ من البلدان، حتى الإمام الذي عهِد النَّاس عليه العلم والصِّدق، ولا يشكّون في أنَّه لم يغشّهم ولم يحرِّف الكلم عن مواضعِه، وحتى أولئك المأمومون من العامَّة الذين لا يُحسِنون القراءة برواية حفص، ولا يحفظون القرآن .. ماذا يَضيرهم إذا قرأ القارئ أو الإمام بغير رواية حفص؟!
ويَستفتون الفقهاءَ في ذلك، فيرى الفقهاء درءَ المفسدة مقدَّمًا، ولا يستحبُّون للإمام أن يقرأ بغير الرواية المشهورة!
ما زلتُ لا أفهم بعدُ ... كيف يسأل إنسانٌ على قدرٍ من العلم: هل يجوز للإمام أن يقرأ برواية ورش في قومٍ المشهورُ فيهم رواية حفص؟
ينبغي أن يكون الجواب: نعم يجوز إذا كان الإمامُ ممَّن عهِد النَّاسُ عليه العلم، والنصح للناس وعدم غشِّهم، وعدم الجرأة على تحريف كلام الله - عزَّ وجلَّ.
أو إذا كان فيمَن وراءه من يُحسن أن يردَّه إذا أخطأ، أو يفتح عليه إذا توقَّف وانقطع.
تمامًا كما يجوز للإمام - بغير نكيرٍ - أن يقرأ بسورة من الطوال مثلاً ليس فيمَن وراءه من يُحسن قراءتها، أو من يحفظها.
لم نسمع بمن يسأل: هل يجوز للإمام أن يقرأ بسورة الأعراف في قومٍ ليس فيهم من يحفظها؟
وماذا يَضير مَن ليس يحفظُ إذا قرأ القارئ برواية قالون مثلاً: ((حقيقٌ عليَّ أن لا أقول على الله إلا الحق)) .. أو أن يقرأ ((وهْو العزيز الحكيم)) ... أي تشويش عليه في ذلك وهو يثق في إمامه ويعلَم أنه مُتقِن مُجيد؟!
أتُرى لو صلَّى إنسانٌ خلف شيخ المقارئ مثلاً فقرأ الشيخ برواية ورشٍ أو شعبةَ أو خلفٍ أو غيرهم ... أكان يُداخل ذلك المأموم شيءٌ من التشويش؟!
أتُرى يحقُّ لأحدٍ من العلماء أن يوصي شيخَ المقارئ إذا صلَّى بالنَّاس أن يدعَ القراءات والرِّوايات جانبًا ويتلو بالرواية المشهورة ... حتى لا يحدث تشويش.
أيها الأفاضل
انهضوا بتعليم القراءات وتخريج من يُتقِنها، وأشيعوا في الناس ذِكرَها، تقضوا على التشويش بإذن الله.
من كان يظنُّ قبل ثلاثين عامًا من الآن أنَّ طلبة العلم سيتَّجهون إلى دراسة الحديث، ويُكثرون من ذكر الصَّحيح والضَّعيف، ويتكلَّمون على العِلل، وعلى رجال الإسناد ... قد كان الشيخ الجليل ذو المنزلة يردِّد الأحاديث في خُطبه ودروسه وهو لا يعرف تخريجَها، ولا إسنادها، ولا درجتها .... ليس شيءٌ على الله بعزيز.
لعلَّ طلبة العلم يتَّجهون إلى الشَّاطبية فيحفظونَها، وإلى القراءات فيتعلَّمونَها، ولله في خلقه شؤون.
[1] وهو الذي استقر القول عليه بعد الإمام ابن الجزري، تبعًا له؛ فإنه إمام الفن في عصره وبعده.
[2]كما عند الإمام النووي وغيره.
فإنَّ القراءات الصحيحة المتواترة - وهي العشْر على المشهور[1]، أو السَّبع عند بعضهم[2] - كُلٌّ منها صحيحٌ شافٍ كافٍ، يُقرأ به في صلاةٍ وغيرِها - فيُجزئ - ويُؤْجر التَّالي بأيِّها.
ومع هذا تَجِدُ الناس زاهدينَ في هذه القِراءات والرِّوايات الصَّحيحة، هاجرين لها، حتَّى صارت غريبةً على الأسماع، نافرةً منها الطباع، اللهمَّ إلاَّ من بعض التسجيلات التي قلَّما تَجد المنصتين لها، وإذا استمعوا إليها فللطرافة لا لسماع القرآن المنزَّل من عند أحكمِ الحاكمين.
وصار مِمَّا يُحزن القلب أنَّ الناس يفزَعون إذا قرأ الإمام بغير رواية حفصٍ المشهورة في كثيرٍ من البلدان، حتى الإمام الذي عهِد النَّاس عليه العلم والصِّدق، ولا يشكّون في أنَّه لم يغشّهم ولم يحرِّف الكلم عن مواضعِه، وحتى أولئك المأمومون من العامَّة الذين لا يُحسِنون القراءة برواية حفص، ولا يحفظون القرآن .. ماذا يَضيرهم إذا قرأ القارئ أو الإمام بغير رواية حفص؟!
ويَستفتون الفقهاءَ في ذلك، فيرى الفقهاء درءَ المفسدة مقدَّمًا، ولا يستحبُّون للإمام أن يقرأ بغير الرواية المشهورة!
ما زلتُ لا أفهم بعدُ ... كيف يسأل إنسانٌ على قدرٍ من العلم: هل يجوز للإمام أن يقرأ برواية ورش في قومٍ المشهورُ فيهم رواية حفص؟
ينبغي أن يكون الجواب: نعم يجوز إذا كان الإمامُ ممَّن عهِد النَّاسُ عليه العلم، والنصح للناس وعدم غشِّهم، وعدم الجرأة على تحريف كلام الله - عزَّ وجلَّ.
أو إذا كان فيمَن وراءه من يُحسن أن يردَّه إذا أخطأ، أو يفتح عليه إذا توقَّف وانقطع.
تمامًا كما يجوز للإمام - بغير نكيرٍ - أن يقرأ بسورة من الطوال مثلاً ليس فيمَن وراءه من يُحسن قراءتها، أو من يحفظها.
لم نسمع بمن يسأل: هل يجوز للإمام أن يقرأ بسورة الأعراف في قومٍ ليس فيهم من يحفظها؟
وماذا يَضير مَن ليس يحفظُ إذا قرأ القارئ برواية قالون مثلاً: ((حقيقٌ عليَّ أن لا أقول على الله إلا الحق)) .. أو أن يقرأ ((وهْو العزيز الحكيم)) ... أي تشويش عليه في ذلك وهو يثق في إمامه ويعلَم أنه مُتقِن مُجيد؟!
أتُرى لو صلَّى إنسانٌ خلف شيخ المقارئ مثلاً فقرأ الشيخ برواية ورشٍ أو شعبةَ أو خلفٍ أو غيرهم ... أكان يُداخل ذلك المأموم شيءٌ من التشويش؟!
أتُرى يحقُّ لأحدٍ من العلماء أن يوصي شيخَ المقارئ إذا صلَّى بالنَّاس أن يدعَ القراءات والرِّوايات جانبًا ويتلو بالرواية المشهورة ... حتى لا يحدث تشويش.
أيها الأفاضل
انهضوا بتعليم القراءات وتخريج من يُتقِنها، وأشيعوا في الناس ذِكرَها، تقضوا على التشويش بإذن الله.
من كان يظنُّ قبل ثلاثين عامًا من الآن أنَّ طلبة العلم سيتَّجهون إلى دراسة الحديث، ويُكثرون من ذكر الصَّحيح والضَّعيف، ويتكلَّمون على العِلل، وعلى رجال الإسناد ... قد كان الشيخ الجليل ذو المنزلة يردِّد الأحاديث في خُطبه ودروسه وهو لا يعرف تخريجَها، ولا إسنادها، ولا درجتها .... ليس شيءٌ على الله بعزيز.
لعلَّ طلبة العلم يتَّجهون إلى الشَّاطبية فيحفظونَها، وإلى القراءات فيتعلَّمونَها، ولله في خلقه شؤون.
[1] وهو الذي استقر القول عليه بعد الإمام ابن الجزري، تبعًا له؛ فإنه إمام الفن في عصره وبعده.
[2]كما عند الإمام النووي وغيره.