كلمة عن تعلم القراءات

إنضم
20/09/2008
المشاركات
376
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الموقع الالكتروني
www.alukah.net
الحمدُ للَّه، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله صلّّى الله عليه وسلَّم، وبعد:
فإنَّ القراءات الصحيحة المتواترة - وهي العشْر على المشهور[1]، أو السَّبع عند بعضهم[2] - كُلٌّ منها صحيحٌ شافٍ كافٍ، يُقرأ به في صلاةٍ وغيرِها - فيُجزئ - ويُؤْجر التَّالي بأيِّها.
ومع هذا تَجِدُ الناس زاهدينَ في هذه القِراءات والرِّوايات الصَّحيحة، هاجرين لها، حتَّى صارت غريبةً على الأسماع، نافرةً منها الطباع، اللهمَّ إلاَّ من بعض التسجيلات التي قلَّما تَجد المنصتين لها، وإذا استمعوا إليها فللطرافة لا لسماع القرآن المنزَّل من عند أحكمِ الحاكمين.
وصار مِمَّا يُحزن القلب أنَّ الناس يفزَعون إذا قرأ الإمام بغير رواية حفصٍ المشهورة في كثيرٍ من البلدان، حتى الإمام الذي عهِد النَّاس عليه العلم والصِّدق، ولا يشكّون في أنَّه لم يغشّهم ولم يحرِّف الكلم عن مواضعِه، وحتى أولئك المأمومون من العامَّة الذين لا يُحسِنون القراءة برواية حفص، ولا يحفظون القرآن .. ماذا يَضيرهم إذا قرأ القارئ أو الإمام بغير رواية حفص؟!
ويَستفتون الفقهاءَ في ذلك، فيرى الفقهاء درءَ المفسدة مقدَّمًا، ولا يستحبُّون للإمام أن يقرأ بغير الرواية المشهورة!
ما زلتُ لا أفهم بعدُ ... كيف يسأل إنسانٌ على قدرٍ من العلم: هل يجوز للإمام أن يقرأ برواية ورش في قومٍ المشهورُ فيهم رواية حفص؟
ينبغي أن يكون الجواب: نعم يجوز إذا كان الإمامُ ممَّن عهِد النَّاسُ عليه العلم، والنصح للناس وعدم غشِّهم، وعدم الجرأة على تحريف كلام الله - عزَّ وجلَّ.
أو إذا كان فيمَن وراءه من يُحسن أن يردَّه إذا أخطأ، أو يفتح عليه إذا توقَّف وانقطع.
تمامًا كما يجوز للإمام - بغير نكيرٍ - أن يقرأ بسورة من الطوال مثلاً ليس فيمَن وراءه من يُحسن قراءتها، أو من يحفظها.
لم نسمع بمن يسأل: هل يجوز للإمام أن يقرأ بسورة الأعراف في قومٍ ليس فيهم من يحفظها؟
وماذا يَضير مَن ليس يحفظُ إذا قرأ القارئ برواية قالون مثلاً: ((حقيقٌ عليَّ أن لا أقول على الله إلا الحق)) .. أو أن يقرأ ((وهْو العزيز الحكيم)) ... أي تشويش عليه في ذلك وهو يثق في إمامه ويعلَم أنه مُتقِن مُجيد؟!
أتُرى لو صلَّى إنسانٌ خلف شيخ المقارئ مثلاً فقرأ الشيخ برواية ورشٍ أو شعبةَ أو خلفٍ أو غيرهم ... أكان يُداخل ذلك المأموم شيءٌ من التشويش؟!
أتُرى يحقُّ لأحدٍ من العلماء أن يوصي شيخَ المقارئ إذا صلَّى بالنَّاس أن يدعَ القراءات والرِّوايات جانبًا ويتلو بالرواية المشهورة ... حتى لا يحدث تشويش.
أيها الأفاضل
انهضوا بتعليم القراءات وتخريج من يُتقِنها، وأشيعوا في الناس ذِكرَها، تقضوا على التشويش بإذن الله.
من كان يظنُّ قبل ثلاثين عامًا من الآن أنَّ طلبة العلم سيتَّجهون إلى دراسة الحديث، ويُكثرون من ذكر الصَّحيح والضَّعيف، ويتكلَّمون على العِلل، وعلى رجال الإسناد ... قد كان الشيخ الجليل ذو المنزلة يردِّد الأحاديث في خُطبه ودروسه وهو لا يعرف تخريجَها، ولا إسنادها، ولا درجتها .... ليس شيءٌ على الله بعزيز.
لعلَّ طلبة العلم يتَّجهون إلى الشَّاطبية فيحفظونَها، وإلى القراءات فيتعلَّمونَها، ولله في خلقه شؤون.

[1] وهو الذي استقر القول عليه بعد الإمام ابن الجزري، تبعًا له؛ فإنه إمام الفن في عصره وبعده.

[2]كما عند الإمام النووي وغيره.
 
شكر الله لكم، وفي الحقيقة ينبغي تظافر الجهود للنهوض بهذا العلم، وتعريف الناس بقيمته وفضله.
لكني أرى أن جمع الناس على رواية واحدة في الصلاة أمر لا مناص منه، ذلك لما فيه من المصالح الكثيرة التي لا تخفى، ومنها:
1 ـ ما أشرتم إليه من التشويش على العامة، ولا يعزب عن شريف علمكم ما يقبع فيه العالم الإسلامي من جهل مطبق بضروريات الدين، فما بالكم بعلم القراءات.
2 ـ أن الصلاة مطلوب فيها الخشوع والتدبر، وهذا ــ في نظري ــ يعسر مع القراءة بغير الرواية المألوفة، لأن العامي ستستوقفه هذه الاختلافات القرائية، فتشغله عن المقصود، ومن له إلمام بالقراءات ستستوقفه كذلك، وتراه يقلب صفحات الشاطبية أو الدرة باحثا لها عن دليل...
3 ـ أنه يستبعد أن يكون كل الأئمة متقنين للقراءات، فإذا فتح الباب سيتخذ الناس ذلك (موضة) يركبها المتقن وغير المتقن، وتعالوا وقتها لتروا ما سيقع، خصوصا في هذه الأزمان التي غاض فيها الورع، وفاض فيها الجشع والطمع.
ولا ينبغي أن يفهم من كلامي أنني ضد انتشار القراءات، كلا، إنما أرى أن تكون القراءة بالروايات المتعددة في حلق العلم ومجالس الذكر والمناسبات، بحيث ينبه الحضور على أن هذه قراءة فلان، وهذي رواية ابن فلان...
ولي ملاحظة على قولكم:
فإنَّ القراءات الصحيحة المتواترة - وهي العشْر على المشهور، أو السَّبع عند بعضهم
بما أن الأمر استقر على صحة القراءات العشر، فلا أرى أن يذكر هذا الخلاف القديم في مكان عام كهذا، أو على الأقل يذكر في الهامش على عكس ما فعلتم، وذلك حتى نرسخ في أذهان الناس هذا المفهوم، ونطوي هذه الصفحة من الخلاف.
شكرا لكم.
 
بارك الله فيك شيخنا الكريم: القارئ المليجي - وفقك الله - مقال مبارك ، أحسن الله إليك ، وأبقاك للملتقى ناصحاً ومرشداً وموجِّهاً وكاتباً مميزاً محقِّقاً مدقِّقاً
قبل سنوات في أوّّل قدومي للبلاد صلَّيتُ بالناس في قيام الليل أربع ركعات بقراءة أبي جعفر ، ولم يُنكر عليَّ ذلك مع كثرة المصلين بالمسجد لأنَّ إمام المسجد الأصلي ( الراتب ) من أهل العلم الموثوق عند الناس ، وكان خلفي مأموماً، وقد كان يصلي بهم في التراويح برواية قالون ، ومن ينوبه يقرأ بقراءة الكسائي ، وأحياناً في بعض السنوات برواية البزي ، وأحياناً قنبل ، وقد اعتاد النَّاس عليه في التراويح والقيام .
ثم أصبحت عادة لي أن أصلي بالناس في بلادنا في قيام الليل في بعض المساجد بقراءة أبي جعفر ، وتارة قراءة يعقوب ، وأحياناً قالون ، وأحياناً الكسائي ، ونادراً أصلي القيام برواية حفص أو شعبة ، ومع هذا فلا إنكاراً عليَّ من عامة النَّاس بل هم الذين يريدون أن أصلِّي بهم ، ولكن بعض إخواننا طلبة العلم يقولون: أنت تشوش على النَّاس .
فالقضية راجعةٌ إلى اعتياد الناس ، وكثير من الأئمة يخطئ في الصلاة أخطاء قد تصل إلى إبطال الصلاة ، ولا نكير عليه من هؤلاء ، وأنت تقرأ بالمتواتر وعليك الإنكار ، وأمَّا عامة النَّاس فقد لا يفرقون في القراءة لاسيما إن كانت متقاربة وفي غير سورة الفاتحة
 
طيب...
هل يلام الناس على ما ابتلوا به, وقد فرضت عليهم الرواية الواحدة منذ زمن حتى ما عادوا يعرفون غيرها؟
ثم يفاجئون اليوم بمن يقرأ عليهم بقراة غريبة على مسامعهم, وإذا كان أكثر العامة لايعرفون العشرة المبشرين بالجنة-رضوان الله عليهم-فأنى لهم أن يعرفوا العشرة القراء!
 
السلام علكم و رحمة الله و بركاته
إن الناس لم يقصروا في سماع القراءات بل قصر أهل القراءات في إسماعها للناس فعلي الرغم من كثرة الحاصلين علي أسانيد القراءات السبع و العشر صغري و كبري إلا أن المتقنين للقراءات قلة قليلة فلا تجد قارئ مستعدا للقراءة بأي رواية في أي وقت إلا من رحم الله و علي ذلك تجب مراجعة النية في تعلم القراءات إن كنت لا تعلّمها و لا تستنبط منها و لا تؤم الناس بها و لا حتي تقرأ بها لنفسك أمام الله قربة إليه سبحانه فلم تعلمتها؟
 
السلام عليكم
ولقد أجاد فضيلة الكتور إيهاب فكري في كتابه " أجوبة القراء الفضلاء " حين تعرض لهذا الأمر حيث قال وهو يتحدث عن غربة هذا العلم الآن :
(( لا يخفي علي أحد ما أصاب هذا العلم من غربة خاصة في زماننا هذا بل قبله بأزمنة فقد قال ابن الجزري في النشر (ج1ص54) : وإني لما رأيت الهمم قد قصرت ومعالم هذا العلم الشريف قد دثرت وخلت من أئمة الآفاق ...إلخ ))) .
فإن كان هذا الكلام قد قيل منذ ما يقرب من ست مائة سنة ، فما بالك بما آل إليه الحال الآن .
بل قد بلغت غربة هذا العلم أن صدرت الفتاوي لإخفائه عن عوام الناس ومنع بعض القراء وأئمة المساجد من القراءة به حتي لا يؤدي ذلك لحدوث اضطراب عند العوام فكأن هذا العلم أصبح من المتشابه الذي لا ينبغي ألا يعرض علي العوام مع أن الأولي أن يكون معروفا منتشرا لأن فيه كثيرا من أوجه إعجاز القرآن وعليه من سعي في إزالة غربة هذا العلم في زماننا بدراسته ونشره يكون قد أحيا جميع ما ذكرنا في هذا البحث من فوائده ومن المعلوم أن إحياء السنة فيه أجر عظيم فما بالك بإحياء كتاب الله ...))ص19
أخي الكريم إحياء هذا العلم لا يكون إلا بنشره ، وعندنا في مصر حدثت طفرة في هذا العلم بفضل الله ثم بفضل المصحف المرتل الذي يذاع في إذاعة القرآن الكريم بروايات مختلفة .
والقراءة في المحافل والمآتم والاجتماعات ـ بصرف النظر عن حكم القراءة في هذه الجلسات ـ أعلملت الكثيرين من العوام بهذا العلم .
هذه الفتاوي يفضل إعادة النظر فيها ، والنظر إلي المقصود الأفضل والثواب الأعظم من نشر هذا العلم .
ولو مكثنا عاما مثلا نقرأ القراءات في المساجد لا شك أنها ستكون مقبولة بعد ذلك . والله أعلم
والسلام عليكم
 
عودة
أعلى