عبد الحميد البطاوي
New member
ذكر الكوثري-مقالات الكوثري صـ586- نقلا عن ابن قتيبة أنّ أبا جعفر المنصور لما ولي الخلافة وحج بلغه عن ابن أبي ذئب، ومالك، وابن سمعان ما كدّر خاطره، فطلبهم بغتة إلى سرادق الخلافة بالليل، فكان آخر من حضر هو مالك- رحمه الله- فوجد ابن أبي ذئب وابن سمعان جالسين، فأمره أبو جعفر بالجلوس فجلس، ثم التفت الخليفة إليهم، فكان مما قال: "أي الرجال أنا عندكم، أمن أئمة العدل أم من أئمة الجور؟ فقال مالك: أناشدك أن تعفيني من الكلام في هذا. قال: قد أعفاك أمير المؤمنين.ثم التفت إلى ابن سمعان فقال له: أي الرجال أنا عندك؟ فقال ابن سمعان: أنت خير الرجال، تحج بيت الله الحرام وتجاهد العدو، وتؤمّن السبل، ويأمن الضعيف بك أن يأكله القوي، وبك قوام الدين، فأنت خير الرجال وأعدل الأئمة.ثم التفت إلى ابن أبي ذئب فسأله: أي الرجال أنا عندك؟ قال: أنت والله عندي شر الرجال! استأثرت بمال الله ورسوله وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين؛ وأهلكت الضعيف وأتعبت القوي وأمسكت أموالهم، فما حجتك غداً بين يدي الله؟! فقال له أبو جعفر: ويحك ما تقول، أتعقل؟ انظر ما أمامك! فقال: نعم، قد رأيت أسيافاً، وإنما هو الموت ولا بدّ منه؛ عاجله خير من آجله، ثم خرجا. قال مالك: وجلست، فقال أبو جعفر: إني لأجد رائحة الحنوط عليك. قلت: لما جاءني رسولك بالليل ظننته القتل، فاغتسلت وتحنطت ولبست ثياب كفني، فقال: سبحان الله! ماكنت لأثلم الإسلام وأسعى في نقضه، عائذ بالله مما قلت! فانصرف إلى مصرك راشداً مهدياً.فانصرف مالك صباح غد، وبعث الخليفة ورائهم بصرر فيها دنانير جمة مع شرطي أوصاه بقطع رأس ابن أبي ذئب إن قبلها، وبقطع رأس ابن سمعان إن لم يقبلها، وترك مالك حراً في الأخذ والرفض، فأخذ ابن سمعان فسلم، ورفض ابن أبي ذئب فسلم، وأخذها مالك لحاجته إليها.
وهذا مع ما كان لأبي جعفر المنصور من المناقب والفضائل في العلم والعمل، ولكنّ الإمامة العظمى لها في الإسلام مقام عظيم لا يجوز معها الجور في ناحية من النواحي.
قلت وفي كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ت 276هـ. قصص و أخبار تبين فضل أهل التقى الذين لا يخافون في الله لومة لائم.
وهذا مع ما كان لأبي جعفر المنصور من المناقب والفضائل في العلم والعمل، ولكنّ الإمامة العظمى لها في الإسلام مقام عظيم لا يجوز معها الجور في ناحية من النواحي.
قلت وفي كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ت 276هـ. قصص و أخبار تبين فضل أهل التقى الذين لا يخافون في الله لومة لائم.