كلمة "أكاديمي"في المؤسسات التعليمية(الدكتور عبد الوهاب المسيري بتصرف)

سهاد قنبر

New member
إنضم
01/06/2011
المشاركات
388
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
إن كلمة (أكاديمي)فقدت معناها وأصبحت تشير إلى أي شخص عديم الخيال ،يلحق ببحثه قائمة طويلة بالمراجع ،ويشرح بحثه بطريقة مملة خالية من الروح ،تبدو للقارئ كأصوات معرفية جوفاء لا تستقر على رأي ،وحتى لا أتهم بالتعميم فهناك القلة القليلة نجوا من مستنقع "الدراسات الأكاديمية" بالمعنى السلبي للكلمة والدراسة الأكاديمية بالمعنى السلبي هي:"الدراسة التي يكتبها الأكاديميون دون سبب واضح ،ولا تتسم بأي شيء سوى أنها صالحة للنشرلأن صاحبها اتبع مجموعة من الأعراف والآليات البحثية (من توثيق ومراجع وعنعنات علمية موضوعية )تم استيرادها من أرضها واتفق عليها بين مجموعة من المتخصصين والعلماء الذين لم يكلفوا أنفسهم إعادة انتاج هذه الأعراف والآليات البحثية لتتناسب مع التغيير الذي تتطلبه طبيعة كل بحث وكل مؤسسة تعليمية .
والهدف عادة من هذه الكتابات (التي يقال لها أبحاث مع أنها لاتنبع من أي معاناة حقيقية ولا تشكل"بحثاً "عن أي شيء)هو زيادة عدد الدراسات التي تضمها السيرة العلمية للأكاديمي صاحب الدراسة ،فيتم ترقيته ،فالصالح للنشر عادة هو ما يؤهل للترقية ،ومن المفارقات العجيبة أن الدنيا قد تقوم وتقعد،وتشتعل الثورات ،وقد يقتل الأبرياء وينتصر الظلم ،وتحاك المؤامرات في الظلام لتضيع مكاسب الشعوب التي حققتها بدماء أبنائها ،وصاحب "البحث"لا يزال يكتب ويوثق ويعنعن وينشر ،ثم يكتب ويوثق ويعنعن وينشر،وتدور المطابع وتسيل الأحبار ويخرج المزيد من الكتب ،ثم يذهب "الأكاديمي"إلى المؤتمرات التي تقرأ فيها أبحاث أكاديمية لا تبحث عن شيء ليزداد لمعاناً وتألقاً ،إلى أن يعين رئيس المجلس الأعلى لشؤون اللاشيء الأكاديمي ،أو عميداً لكلية أو رئيساً لقسم اللا شيء الأكاديمي ،يقوم ويقعد ويتحرك في عالم وهمي خال من أية هموم إنسانية حقيقية ،عالم خال من نبض الحياة ،رمادية كالحة هي هذه المعرفة الأكاديمية وذهبية خضراء هي شجرة المعرفة الحية المورقة ،ويبقى السؤال الأزلي هل سيتجاوز أكاديميو الدراسات الشرعية المعنى السلبي للكلمة ليلجوا إلى عالم المعرفة الحية.
 
هذا كلام خالٍ من القيمة العلمية ، ومليئ بالسخط والتشفي ، وإن كان الذي كتبه الدكتور المسيري رحمه الله فقد يكون كتبه في لحظة غضب من بعض القضايا النظامية الأكاديمية وهو الذي عاش حياةً مليئةً بالمعاناة لعدم وجود من يتبنى مشروعه رحمه الله.
لكن الأبحاث الأكاديمة فيها كغيرها الغث والسمين ، وقد غيرت البحوث الأكاديمية المميزة في السنوات المتأخرة مسار التخصصات وتقدمت بها كثيراً ، ولكن لكلٍ وجهةٌ هو موليها في هذه الحياة ، والإنصاف عزيزٌ .
 
من المشــكلات الكبيرة عندنا التعميم في النقد؛ حيث يؤخذ العامة بجريرة الفرد أو الأفراد.
وجود دُخلاء غير مؤهلين في مؤسسة أو جامعة أو مهنة أو جماعة لا يعني الحكم على الجميع من خلالهم.
قبل فترة قرأت انتقاداً لأحد الكتاب[ رمز لاسمه بحرف الدال ] لمراكز البحوث الجامعية، وتشكيكاً في بحوثها ودراساتها، ثم اكتشفت أن هذه الدكتوراه التي تلمَّع بها غير حقيقية !
 
على ما يبدو أنني أثرت حفيظة الأكاديميين مع أني حاولت التخفيف من تعميم الدكتور المسيري بالتصرف قدر الإمكان في كلامه ويبدو لي ان الخطأ الذي وقعت فيه هو اجتزاء كلام الدكتور المسيري ،الذي قصده الدكتور رحمه اللهأن الباحث ينبغي أن يعيش واقعه بكل أبعاده ،ويعيش أحداث أمته ،وأن تخدم أبحاثه مشروعاً حضارياً مستقلاً،وأن ترصد الأبحاث الواقع وتحاول تغييره وأن هناك دراسات أكاديمية بالمعنى الإيجابي (وهي برأيه قليلة جداً)ودراسات أكاديمية بالمعنى السلبي ، وبقطع النظر عن النسبة العددية بينهما يعتقد الدكتور المسيري أن معظم ابحاثنا لا تنبع من حاجة حقيقية مما أصابنا بالترف الفكري ،وأنا أرى أن كلامه لم يجانب الصواب في واقع البحث العلمي ؛وهذا لا ينفي مطلقاً وجود أبحاث مبدعة غيرت مسارات بعض التخصصات.
 
أنا أوافق أ. سهاد، وأرى أن ما كتبه المسيري هو وصف فيه شيء من القسوة لواقع قد عايشه _ وقد يكون هناك بعض المؤثرات لحكمه _ والواقع يشير لكثير مما ذَكَر _ نسأل الله العافية _ والحديث حول نقطتين :
- بُعْد بعض الأكاديمين عن واقعهم والانكفاء على بحوثهم
- هزالة همومهم العلمية والبحثية
إن أعداد الأكاديمين في جامعات العالم الإسلامية هي كفيلة بالتغيير الإيجابي والقوي للواقع الاجتماعي والثقافي وغيره، متى ما قاموا بالواجب كما ينبغي، والجميع يعرف أن هَمَّ بعض الأكاديمين هي حظوظ سطحية وسريعة الزوال وقد نكون نحن منهم، ولكن البحث عن الحقيقة وتوصيفها بدقة هو مطلب أصيل يساعد في النهوض والرقي بالأمة الإسلامية .
كما أن الجانب المشرق للأكاديمين له حضوره القوي والبارز والمؤثر، ولكن موازنة بالأعداد الكبيرة للأكاديمين يجعل واقعنا دون المأمول.
 
عودة
أعلى