كلام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في مسألة سماع الأموات

إنضم
12/01/2006
المشاركات
372
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المدينة النبوية
كلام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في مسألة سماع الأموات ،

كلام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في مسألة سماع الأموات ،
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : " عند قوله تعالى : ( أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا ) أي كافرًا فأحييناه أي بالإيمان والهدى وهذا لا نزاع فيه وفيه إطلاق الموت وإرادة الكفر بلا خلاف وكقوله لّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ وكقوله تعالى وَمَا يستوي الأحياء وَلاَ الأموات أي لا يستوي المؤمنون والكافرون ومن أوضح الأدلّة على هذا المعنى أن قوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى الآية وما في معناها من الآيات كلّها تسلية له صلى الله عليه وسلم لأنه يحزنه عدم إيمانهم كما بيّنه تعالى في آيات كثيرة كقوله تعالى قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِى يَقُولُونَ وقوله تعالى وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ وقوله وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وقوله تعالى فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ وكقوله تعالى فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ وقوله تعالى فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى ءاثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الْحَدِيثِ أَسَفاً وقوله تعالى لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ إلى غير ذلك من الآيات كما تقدّم إيضاحه ولما كان يحزنه كفرهم وعدم إيمانهم أنزل اللَّه آيات كثيرة تسلية له صلى الله عليه وسلم بيّن له فيها أنه لا قدرة له صلى الله عليه وسلم على هدي من أضلّه اللَّه فإن الهدى والإضلال بيده جلَّ وعلا وحده وأوضح له أنه نذير وقد أتى بما عليه فأنذرهم على أَكمل الوجوه وأبلغها وأن هداهم وإضلالهم بيد من خلقهم ومن الآيات النازلة تسلية له صلى الله عليه وسلم قوله هنا إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى أي لا تسمع من أضلّه اللَّه إسماع هدى وقبول وَمَا أَنتَ بهادي الْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ يعني ما تسمع إسماع هدى وقبول إلاّ من هديناهم للإيمان بآياتنا فَهُم مُّسْلِمُونَ ، والآيات الدالَّة على هذا المعنى كثيرة كقوله تعالى إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ وقوله تعالى وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ وقوله تعالى إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاء وقوله تعالى أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ إلى غير ذلك من الآيات ولو كان معنى الآية وما شابهها إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى أي الذين فارقت أرواحهم أبدانهم لما كان في ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم كما ترى واعلم أن آية النمل هذه جاءت آيتان أُخريان بمعناها الأولى منهما قوله تعالى في سورة الروم فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ وَمَا أَنتَ بهادي الْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِئَايَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ولفظ آية الروم هذه كلفظ آية النمل التي نحن بصددها فيكفي في بيان آية الروم ما ذكرنا في آية النمل والثانية منهما قوله تعالى في سورة فاطر إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ وآية فاطر هذه كآية النمل والروم المتقدمتين لأن المراد بقوله فيها مَن فِى الْقُبُورِ الموتى فلا فرق بي قوله إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وبين قوله وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ لأن المراد بالموتى ومن في القبور واحد كقوله تعالى وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى الْقُبُورِ أي يبعث جميع الموتى من قُبِر منهم ومن لم يقبر وقد دلَّت قرائن قرءانيّة أيضًا على أن معنى آية فاطر هذه كمعنى آية الروم منها قوله تعالى قبلها وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ لأن معناها لا ينفع إنذارك إلا من هداه اللَّه ووفّقه فصار ممن يخشى ربّه بالغيب ويقيم الصلاة وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ أي الموتى أي الكفار الذين سبق لهم الشقاء كما تقدّم ومنها قوله تعالى أيضًا وَمَا يستوي الأعمى وَالْبَصِيرُ أي المؤمن والكافر وقوله تعالى بعدها وَمَا يستوي الأحياء وَلاَ الأموات أي المؤمنون والكفار ومنها قوله تعالى بعده إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ أي ليس الإضلال والهدى بيدك ما أنت إلا نذير أي وقد بلّغت التفسير الثاني هو أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل ولكن المراد بالسماع المنفي في قوله إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى خصوص السماع المعتاد الذي ينتفع صاحبه به وأن هذا مثل ضرب للكفار والكفار يسمعون الصوت لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتّباع كما قال تعالى وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع كما لم ينف ذلك عن الكفار بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذين ينتفعون به وأمّا سماع آخر فلا وهذا التفسير الثاني جزم به واقتصر عليه أبو العباس ابن تيمية كما سيأتي إيضاحه إن شاء اللَّه في هذا المبحث وهذا التفسير الأخير دلَّت عليه أيضًا آيات من كتاب اللَّه جاء فيها التصريح بالبكم والصمم والعمى مسندًا إلى قوم يتكلّمون ويسمعون ويبصرون والمراد بصممهم صممهم عن سماع ما ينفعهم دون غيره فهم يسمعون غيره وكذلك في البصر والكلام وذلك كقوله تعالى في المنافقين صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ فقد قال فيهم صُمٌّ بُكْمٌ مع شدّة فصاحتهم وحلاوة ألسنتهم كما صرّح به في قوله تعالى فيهم وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ أي لفصاحتهم وقوله تعالى فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ فهؤلاء الذين إن يقولوا تسمع لقولهم وإذا ذهب الخوف سلقوا المسلمين بألسنة حداد هم الذين قال اللَّه فيهم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ وما ذلك إلاَّ أن صممهم وبكمهم وعماهم بالنسبة إلى شيء خاص وهو ما ينتفع به من الحقّ فهذا وحده هو الذي صمّوا عنه فلم يسمعوه وبكموا عنه فلم ينطقوا به وعموا عنه فلم يروه مع أنهم يسمعون غيره ويبصرونه وينطقون به كما قال تعالى وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مّن شيء وهذا واضح كما ترى ، وقد أوضحنا هذا غاية الإيضاح مع شواهده العربية في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في سورة البقرة في الكلام على وجه الجمع بين قوله في المنافقين صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ مع قوله فيهم وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وقوله فيهم سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ وقوله فيهم أيضًا وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ وقد أوضحنا هناك أن العرب تطلق الصمم وعدم السماع على السماع الذي لا فائدة فيه وذكرنا بعض الشواهد العربية على ذلك مسألة تتعلق بهذه الآية الكريمة اعلم أن الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلّمهم وأن قول عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها إنهم لا يسمعون استدلالاً بقوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وما جاء بمعناها من الآيات غلط منها رضي اللَّه عنها وممن تبعها وإيضاح كون الدليل يقتضي رجحان ذلك مبني على مقدّمتين الأولى منهما أن سماع الموتى ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعدّدة ثبوتًا لا مطعن فيه ولم يذكر صلى الله عليه وسلم أن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت والمقدمة الثانية هي أن النصوص الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم في سماع الموتى لم يثبت في الكتاب ولا في السنة شيء يخالفها وتأويل عائشة رضي اللَّه عنها بعض الآيات على معنى يخالف الأحاديث المذكورة لا يجب الرجوع إليه لأن غيره في معنى الآيات أولى بالصواب منه فلا ترد النصوص الصحيحة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بتأوّل بعض الصحابة بعض الآيات وسنوضح هنا إن شاء اللَّه صحة المقدمتين المذكورتين وإذا ثبت بذلك أن سماع الموتى ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من غير معارض صريح علم بذلك رجحان ما ذكرنا أن الدليل يقتضي رجحانه أمّا المقدمة الأولى وهي ثبوت سماع الموتى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فقد قال البخاري في صحيحه حدّثني عبد اللَّه بن محمد سمع روح بن عبادة حدّثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلمّا كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها رحلها ثم مشى واتّبعه أصحابه وقالوا ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان أيسرّكم أنكم أطعتم اللَّه ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا قال فقال عمر يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما تكلم من أجساد لا أرواح لها فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمّد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قال قتادة أحياهم اللَّه له حتى أسمعهم توبيخًا وتصغيرًا ونقمة وحسرة وندمًا فهذا الحديث الصحيح أقسم فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم أن الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع لما يقول صلى الله عليه وسلم من أولئك الموتى بعد ثلاث وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى ولم يذكر صلى الله عليه وسلم في ذلك تخصيصًا وكلام قتادة الذي ذكره عنه البخاري اجتهاد منه فيما يظهر وقال البخاري في صحيحه أيضًا حدثني عثمان حدّثني عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال وقف النبيّ صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول فذكر لعائشة فقالت إنما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى حتى قرأت الآية انتهى من صحيح البخاري وقد رأيته أخرج عن صحابيين جليلين هما ابن عمر وأبو طلحة تصريح النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن أُولئك الموتى يسمعون ما يقول لهم وردّ عائشة لرواية ابن عمر بما فهمت من القرءان مردود كم سترى إيضاحه إن شاء اللَّه تعالى وقد أوضحنا في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى أن ردّها على ابن عمر أيضًا روايته عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن الميّت يعذّب ببكاء أهله بما فهمت من الآية مردود أيضًا وأوضحنا أن الحقّ مع ابن عمر في روايته لا معها فيما فهمت من القرءان وقال البخاري في صحيحه أيضًا حدّثنا عياش حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد قال وقال لي خليفة حدثنا ابن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي اللَّه عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال إن العبد إذ وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل محمّد صلى الله عليه وسلم فيقول أشهد أنه عبد اللَّه ورسوله فيقال أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك اللَّه به مقعدًا في الجنّة الحديث وقد رأيت في هذا الحديث الصحيح تصريح النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن الميّت في قبره يسمع قرع نعال من دفنوه إذا رجعوا وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى ولم يذكر صلى الله عليه وسلم فيه تخصيصًا وقال مسلم بن الحجاج رحمه اللَّه في صحيحه حدّثني إسحاق بن عمر بن سليط الهذلي حدّثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال : قال أنس كنت مع عمر ح وحدثنا شيبان بن فروخ واللفظ له حدّثنا سليمان بن المغيرة بن ثابت عن أنس بن مالك قال كنّا مع عمر بين مكّة والمدينة فتراءينا الهلال الحديث وفيه فقال إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس يقول هذا مصرع فلان غدًا إن شاء اللَّه قال فقال عمر فوالذي بعثه بالحقّ ما أخطأوا الحدود التي حدّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فجعلوا في بئر بعضهم على بعض فانطلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليهم فقال يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان هل وجدتم ما وعدكم اللَّه ورسوله حقًّا فإني قد وجدت ما وعدني اللَّه حقًّا قال عمر يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كيف تكلّم أجسادًا لا أرواح فيها قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا عليّ شيئًا حدّثنا هداب بن خالد حدّثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ترك قلتى بدر ثلاثًا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أُميّة بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعدكم اللَّه حقًّا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا فسمع عمر قول النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللَّها كيف يسمعوا وأنّى يجيبوا وقد جيفوا قال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر ثم ذكر مسلم بعد هذا رواية أنس عن أبي طلحة التي ذكرناها عن البخاري فترى هذه الأحاديث الثابتة في الصحيح عن عمر وابنه وأنس وأبي طلحة رضي اللَّه عنهم فيها التصريح من النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع من أولئك الموتى لما يقوله صلى الله عليه وسلم وقد أقسم صلى الله عليه وسلم على ذلك ولم يذكر تخصيصًا وقال مسلم رحمه اللَّه في صحيحه أيضًا حدّثنا عبد بن حميد حدّثنا يونس بن محمد حدّثنا شيبان بن عبد الرحمان عن قتادة حدّثنا أنس بن مالك قال قال نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم إن العبد إذا وُضع في قبره وتولّى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم قال يأتيه ملكان فيعقدانه الحديث وفيه تصريح النبيّ صلى الله عليه وسلم بسماع الميّت في قبره قرع النعال وهو نصّ صحيح صريح في سماع الموتى وظاهره العموم في كل من دفن وتولّى عنه قومه كما ترى ومن الأحاديث الدالَّة على عموم سماع الموتى ما رواه مسلم في صحيحه حدّثنا يحيى بن يحيى التميمي ويحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخران حدّثنا إسماعيل بن جعفر عن شريك وهو ابن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن عائشة رضي اللَّه عنها أنّها قالت كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كلّما كان ليلتها من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدًا مؤجلون وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون اللَّهمّ اغفر لأهل بقيع الفرقد ولم يقم قتيبة قوله وأتاكم ما توعدون وفي رواية في صحيح مسلم عنها قالت كيف أقول لهم يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم اللَّه المستقدمين منّا والمستأخرين وإنّا إن شاء اللَّه بكم للاحقون ثم قال مسلم رحمه اللَّه حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدّثنا محمد بن عبد اللَّه الأسدي عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعلّمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول في رواية أبي بكر السلام على أهل الديار وفي رواية زهير السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء اللَّه بكم للاحقون نسأل اللَّه لنا ولكم العافية انتهى من صحيح مسلم وخطابه صلى الله عليه وسلم لأهل القبور بقوله السلام عليكم وقوله وإنا إن شاء اللَّه بكم ونحو ذلك يدلّ دلالة واضحة على أنهم يسمعون سلامه لأنهم لو كانوا لا يسمعون سلامه وكلامه لكان خطابه لهم من جنس خطاب المعدوم ولا شكّ أن ذلك ليس من شأن العقلاء فمن البعيد جدًّا صدوره منه صلى الله عليه وسلم وسيأتي إن شاء اللَّه ذكر حديث عمرو بن العاص الدالّ على أن الميّت في قبره يستأنس بوجود الحيّ عنده ، وإذا رأيت هذه الأدلّة الصحيحة الدالَّة على سماع الموتى فاعلم أن الآيات القرءانية كقوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وقوله وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ لا تخالفها وقد أوضحنا الصحيح من أوجه تفسيرها وذكرنا دلالة القرائن القرءانية عليه وأن استقراء القرءان يدلّ عليه ، وممّن جزم بأن الآيات المذكورة لا تنافي الأحاديث الصحيحة التي ذكرنا أبو العباس ابن تيمية فقد قال في الجزء الرابع من مجموع الفتاوي من صحيفة خمس وتسعين ومائتين إلى صحيفة تسع وتسعين ومائتين ما نصّه وقد تعاد الروح إلى البدن في غير وقت المسألة كما في الحديث الذي صححه ابن عبد البرّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال ما من رجل يمرّ بقبر الرجل الذي كان يعرفه في الدنيا فيسلّم عليه إلاّ ردّ اللَّه عليه روحه حتى يردّ عليه السّلام وفي سنن أبي داود وغيره عن أوس بن أبي أوس الثقفي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال إن خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة عليّ قالوا يا رسول اللَّها كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت فقال إن اللَّه حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وهذا الباب فيه من الأحاديث والآثار ما يضيق هذا الوقت عن استقصائه مما يبيّن أن الأبدان التي في القبور تنعم وتعذّب إذا شاء اللَّه ذلك كما يشاء وأن الأرواح باقية بعد مفارقة البدن ومنعمة أو معذّبة ولذا أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بالسّلام على الموتى كما ثبت في الصحيح والسنن أنه كان يعلّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا السّلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنّا إن شاء اللَّه بكم لاحقون يرحم اللَّه المستقدمين منّا ومنكم والمستأخرين نسأل اللَّه لنا ولكم العافية اللَّهمّ لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم وقد انكشف لكثير من الناس ذلك حتى سمعوا صوت المعذّبين في قبورهم ورأوهم بعيونهم يعذّبون في قبورهم في آثار كثيرة معروفة ولكن لا يجب أن يكون دائمًا على البدن في كل وقت بل يجوز أن يكون في حال وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثًا ثمّ أتاهم فقام عليهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أُميّة بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة ا أليس قد وجدتم ما وعدكم ربّكم حقًّا فإني وجدت ما وعدني ربي حقًّا فسمع عمر رضي اللَّه عنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللَّها كيف يسمعون وقد جيفوا فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر وقد أخرجاه في الصحيحين عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا وقال إنهم ليسمعون الآن ما أقول فذكر ذلك لعائشة فقالت وَهِم ابن عمر إنما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنهم ليعلمون الآن أن الذي قلت لهم هو الحق ثم قرأت قوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى حتى قرأت الآية ، وأهل العلم بالحديث اتّفقوا على صحة ما رواه أنس وابن عمر وإن كانا لم يشهدا بدرًا فإن أنسًا روى ذلك عن أبي طلحة وأبو طلحة شهد بدرًا كما روى أبو حاتم في صحيحه عن أنس عن أبي طلحة رضي اللَّه عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر وكان إذا ظهر على قوم أحبّ أن يقيم في عرصتهم ثلاث ليال فلمّا كان اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها فحركها ثم مشى وتبعه أصحابه وقالوا ما نراه ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفاء الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان أيسرّكم أنكم أطعتم اللَّه ورسوله فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًّا فهل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقًّا قال عمر بن الخطاب يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما تكلم من أجساد ولا أرواح فيها فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قال قتادة أحياهم اللَّه حتى أسمعهم توبيخًا وتصغيرًا ونقمة وحسرة وتنديمًا وعائشة قالت فيما ذكرته كما تأوّلت ، والنص الصحيح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مقدّم على تأويل من تأوّل من أصحابه وغيره وليس في القرءان ما ينفى ذلك فإن قوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى إنما أراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه فإن هذا مثل ضربه اللَّه للكفار والكفار تسمع الصوت لكن لا تسمع سماع قبول بفقه واتّباع كما قال تعالى وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع بل السماع المعتاد كما لم ينف ذلك عن الكفّار بل انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به وأمّا سماع آخر فلا ينفى عنهم وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الميّت يسمع خفق نعالهم إذا ولّوا مدبرين فهذا موافق لهذا فكيف يرفع ذلك انتهى محل الغرض من كلام أبي العباس ابن تيمية وقد تراه صرّح فيه بأن تأوّل عائشة لا يردّ به النصّ الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم وأنه ليس في القرءان ما ينفي السماع الثابت للموتى في الأحاديث الصحيحة ، وإذا علمت به أن القرءان ليس فيه ما ينفي السماع المذكور علمت أنه ثابت بالنصّ الصحيح من غير معارض ، والحاصل أن تأوّل عائشة رضي اللَّه عنها بعض آيات القرءان لا تردّ به روايات الصحابة العدول الصحيحة الصريحة عنه صلى الله عليه وسلم ويتأكّد ذلك بثلاثة أمور ، الأول هو ما ذكرناه الآن من أن رواية العدل لا تردّ بالتأويل الثاني أن عائشة رضي اللَّه عنها لما أنكرت رواية ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنهم ليسمعون الآن ما أقول قالت إن الذي قاله صلى الله عليه وسلم إنهم ليعلمون الآن أن الذي كنت أقول لهم هو الحق فأنكرت السماع ونفته عنهم وأثبتت لهم العلم ومعلوم أن من ثبت له العلم صحّ منه السماع كما نبّه عليه بعضهم الثالث هو ما جاء عنها مما يقتضي رجوعها عن تأويلها إلى الروايات الصحيحة قال ابن حجر في فتح الباري ومن الغريب أن في المغازي لابن إسحاق رواية يونس بن بكير بإسناد جيّد عن عائشة مثل حديث أبي طلحة وفيه ما أنتم بأسمع لما أقول منهم وأخرجه أحمد بإسناد حسن فإن كان محفوظًا فكأنها رجعت عن الإنكار لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة لكونها لم تشهد القصّة انتهى منه واحتمال رجوعها لما ذكر قوي لأن ما يقتضي رجوعها ثبت بإسنادين ، قال ابن حجر إن أحدهما جيّد والآخر حسن ثم قال ابن حجر قال الإسماعيلي : كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم ما لا مزيد عليه لكن لا سبيل إلى ردّ رواية الثقة إلا بنصّ مثله يدلّ على نسخه أو تخصيصه أو استحالته انتهى محل الغرض من كلام ابن حجر ، وقال ابن القيّم في أوّل كتاب الروح المسألة الأولى وهي هل تعرف الأموات زيارة الأحياء وسلامهم أم لا قال ابن عبد البرّ ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال ما من مسلم يمرّ على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلّم عليه إلاّ ردّ اللَّه عليه روحه حتى يردّ عليه السّلام فهذا نصّ في أنه يعرفه بعينه ويردّ عليه السلام ، وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم من وجوه متعدّدة أنه أمر بقتلى بدر فألقوا في قليب ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا فإني وجدت ما وعدني ربّي حقًّا فقال له عمر يا رسول اللَّه أتخاطب من أقوام قد جيفوا ؟ فقال والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنّهم لا يستطيعون جوابًا وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الميّت يسمع قرع نعال المشيّعين له إذا انصرفوا عنه وقد شرّع النبيّ صلى الله عليه وسلم لأُمّته إذا سلّموا على أهل القبور أن يسلّموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم أن الميّت يعرف زيارة الحي له ويستبشر له قال أبو بكر عبد اللَّه بن محمّد بن عبيد بن أبي الدنيا في كتاب القبور باب في معرفة الموتى بزيارة الأحياء حدّثنا محمّد بن عون حدّثنا يحيى بن يمان عن عبد اللَّه بن سمعان عن زيد بن أسلم عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلاّ استأنس به وردّ عليه حتى يقوم حدّثنا محمّد بن قدامة الجوهري حدّثنا معن بن عيسى القزاز أخبرنا هشام بن سعد حدّثنا زيد بن أسلم عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال إذا مرّ الرجل بقبر أخيه يعرفه فسلّم عليه ردّ عليه السلام وعرفه وإذا مرّ بقبر لا يعرفه فسلّم عليه ردّ عليه السلام ، وذكر ابن القيّم في كلام أبي الدنيا وغيره آثارًا تقتضي سماع الموتى ومعرفتهم لمن يزورهم وذكر في ذلك مرائي كثيرًا جدًا ثم قال وهذه المرائي وإن لم تصلح بمجرّدها لإثبات مثل ذلك فهي على كثرتها وأنها لا يحصيها إلا اللَّه قد تواطأت على هذا المعنى وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر يعني ليلة القدر فإذا تواطأت رؤيا المؤمنين على شيء كان كتواطئ روايتهم له ومما قاله ابن القيّم في كلامه الطويل المذكور وقد ثبت في الصحيح أن الميّت يستأنس بالمشيعين لجنازته بعد دفنه فروى مسلم في صحيحه من حديث عبد الرحمان بن شماسة المهري قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت فبكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار الحديث وفيه فإذا أنا متّ فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فسنّوا عليّ التراب سنًّا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربّي فدلَّ على أن الميّت يستأنس بالحاضرين عند قبره ويسرّ بهم . ومعلوم أن هذا الحديث له حكم الرفع لأن استئناس المقبور بوجود الأحياء عند قبره لا مجال للرأي فيه ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل المذكور ويكفي في هذا تسمية المسلم عليهم زائرًا ولولا أنهم يشعرون به لما صحّ تسميته زائرًا فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال زاره وهذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأُمم وكذلك السلام عليهم أيضًا فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال وقد علّم النبيّ صلى الله عليه وسلم أُمته إذا زاروا القبور أن يقولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنّا إن شاء اللَّه بكم لاحقون يرحم اللَّه المستقدمين منّا ومنكم والمستأخرين نسأل اللَّه لنا ولكم العافية وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويردّ وإن لم يسمع المسلم الردّ ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل قوله وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحقّ الأشبيلي على هذا فقال ذكر ما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ثم قال ذكر أبو عمر بن عبد البرّ من حديث ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ما من رجل يمرّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلاّ عرفه وردّ عليه السّلام ، ويروى من حديث أبي هريرة مرفوعًا قال فإن لم يعرفه وسلّم عليه ردّ عليه السلام قال ويروى من حديث عائشة رضي اللَّه عنها أنّها قالت قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلاّ استأنس به حتى يقوم واحتجّ الحافظ أبو محمد في هذا الباب بما رواه أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما من أحد يسلّم عليّ إلاّ ردّ اللَّه عليّ روحي حتى أردّ عليه السّلام ثم ذكر ابن القيّم عن عبد الحق وغيره مرائي وآثارًا في الموضوع ثم قال في كلامه الطويل ويدلّ على هذا أيضًا ما جرى عليه عمل الناس قديمًا وإلى الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثًا وقد سئل عنه الإمام أحمد رحمه اللَّه فاستحسنه واحتجّ عليه بالعمل ، ويروى فيه حديث ضعيف ذكر الطبراني في معجمه من حديث أبي أُمامة قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا مات أحدكم فسوّيتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره فيقول يا فلان ابن فلانة الحديث وفيه اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمّدًا رسول اللَّه وأنك رضيت باللَّه ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمّد نبيًّا وبالقرءان إمامًا الحديث ، ثم قال ابن القيّم فهذا الحديث وإن لم يثبت فاتّصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كاف في العمل به وما أجرى اللَّه سبحانه العادة قطّ بأن أُمة طبقت مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأُمم عقولاً وأوفرها معارف تطبق على مخاطبة من لا يسمع وتستحسن ذلك لا ينكره منها منكر بل سنه الأول للآخر ويقتدي فيه الآخر بالأوّل فلولا أن الخطاب يسمع لكان ذلك بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم وهذا وإن استحسنه واحد فالعلماء قاطبة على استقباحه واستهجانه ، وقد روى أبو داود في سننه بإسناد لا بأس به أن النبيّ صلى الله عليه وسلم حضر جنازة رجل فلمّا دفن قال سلوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسأل فأخبر أنه يسأل حينئذ وإذا كان يسأل فإنه يسمع التلقين وقد صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن الميّت يسمع قرع نعالهم إذا ولّوا مدبرين ثم ذكر ابن القيّم قصة الصعب بن جثامة وعوف بن مالك وتنفيذ عوف لوصية الصعب له في المنام بعد موته وأثنى على عوف بن مالك بالفقه في تنفيذه وصية الصعب بعد موته لما علم صحة ذلك بالقرائن وكان في الوصية التي نفذها عوف إعطاء عشرة دنانير ليهودي من تركة الصعب كانت دينًا له عليه ومات قبل قضائها ، قال ابن القيّم وهذا من فقه عوف بن مالك رضي اللَّه عنه وكان من الصحابة حيث نفذ وصية الصعب بن جثامة بعد موته وعلم صحة قوله بالقرائن التي أخبره بها من أن الدنانير عشرة وهي في القرن ثم سأل اليهودي فطابق قوله ما في الرؤيا فجزم عوف بصحة الأمر فأعطى اليهودي الدنانير وهذا فقه إنما يليق بأفقه الناس وأعلمهم وهم أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولعلّ أكثر المتأخرين ينكر ذلك ويقول كيف جاز لعوف أن ينقل الدنانير من تركة صعبة وهي لأيتامه وورثته إلى يهودي بمنام ثم ذكر ابن القيم تنفيذ خالد وأبي بكر الصديق رضي اللَّه عنهما وصية ثابت بن قيس بن شماس رضي اللَّه عنه بعد موته وفي وصيّته المذكورة قضاء دين عينه لرجل في المنام وعتق بعض رقيقه وقد وصف للرجل الذي رآه في منامه الموضع الذي جعل فيه درعه الرجل الذي سرقها فوجدوا الأمر كما قال وقصّته مشهورة ، وإذا كانت وصية الميّت بعد موته قد نفذها في بعض الصور أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإن ذلك يدلّ على أنه يدرك ويعقل ويسمع ثم قال ابن القيم في خاتمه كلامه الطويل والمقصود جواب السائل وأن الميّت إذا عرف مثل هذه الجزئيات وتفاصيلها فمعرفته بزيارة الحي له وسلامه عليه ودعائه له أولى وأحرى . فكلام ابن القيم هذا الطويل الذي ذكرنا بعضه جملة وبعضه تفصيلاً فيه من الأدلّة المقنعة ما يكفي في الدلالة على سماع الأموات وكذلك الكلام الذي نقلنا عن شيخه أبي العباس بن تيمية وفي كلامهما الذي نقلنا عنهما أحاديث صحيحة وآثار كثيرة ومرائي متواترة وغير ذلك ومعلوم أن ما ذكرنا في كلام ابن القيّم من تلقين الميّت بعد الدفن أنكره بعض أهل العلم وقال إنه بدعة وأنه لا دليل عليه ونقل ذلك عن الإمام أحمد وأنه لم يعمل به إلاّ أهل الشام وقد رأيت ابن القيم استدلّ له بأدلّة منها أن الإمام أحمد رحمه اللَّه سئل عنه فاستحسنه واحتجّ عليه بالعمل ومنها أن عمل المسلمين اتّصل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار ومنها أن الميّت يسمع قرع نعال الدافنين إذا ولّوا مدبرين واستدلاله بهذا الحديث الصحيح استدلال قوي جدًّا لأنه إذا كان في ذلك الوقت يسمع قرع النعال فلأن يسمع الكلام الواضح بالتلقين من أصحاب النعال أولى وأحرى واستدلاله لذلك بحديث أبي داود سلوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسأل له وجه من النظر لأنه إذا كان يسمع سؤال السائل فإنه يسمع تلقين الملقن واللَّه أعلم ، والفرق بين سماعه سؤال الملك وسماعه التلقين من الدافنين محتمل احتمالاً قويًّا وما ذكره بعضهم من أن التلقين بعد الموت لم يفعله إلا أهل الشام يقال فيه إنهم هم أول من فعله ولكن الناس تبعوهم في ذلك كما هو معلوم عند المالكية والشافعية قال الشيخ الحطاب في كلامه على قول خليل بن إسحاق المالكي في مختصره وتلقينه الشهادة وجزم النووي باستحباب التلقين بعد الدفن وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة والإرشاد وقد سئل عنه أبو بكر بن الطلاع من المالكية فقال هو الذي نختاره ونعمل به وقد روينا فيه حديثًا عن أبي أُمامة ليس بالقوي ولكنه اعتضد بالشواهد وعمل أهل الشام قديمًا إلى أن قال وقال في المدخل ينبغي أن يتفقده بعد انصراف الناس عنه من كان من أهل الفضل والدين ويقف عند قبره تلقاء وجهه ويلقنه لأن الملكين عليهما السلام إذ ذاك يسألانه وهو يسمع قرع نعال المنصرفين ، وقد روى أبو داود في سننه عن عثمان رضي اللَّه عنه قال كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميّت وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل إلى أن قال وقد كان سيّدي أبو حامد بن البقال وكان من كبار العلماء والصلحاء إذا حضر جنازة عزى وليّها بعد الدفن وانصرف مع من ينصرف فيتوارى هنيهة حتى ينصرف الناس ثم يأتي إلى القبر فيذكرّ الميّت بما يجاوب به الملكين عليهما السلام انتهى محل الغرض من كلام الحطاب وما ذكره من كلام أبي بكر بن الطلاع المالكي له وجه قوي من النظر كما سترى إيضاحه إن شاء اللَّه تعالى ثم قال الحطاب واستحب التلقين بعد الدفن أيضًا القرطبي والثعالبي وغيرهما ويظهر من كلام الأبي في أوّل كتاب الجنائز يعني من صحيح مسلم وفي حديث عمرو بن العاص في كتاب الإيمان ميل إليه انتهى من الحطاب وحديث عمرو بن العاص المشار إليه هو الذي ذكرنا محل الغرض منه في كلام ابن القيم الطويل المتقدّم ، قال مسلم في صحيحه حدّثنا محمّد بن المثنى العنزي وأبو معن الرقاشي وإسحاق بن منصور كلّهم عن أبي عاصم واللفظ لابن المثنى حدّثنا الضحاك يعني أبا عاصم قال أخبرنا حيوة بن شريح قال حدّثني يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة المهري قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلاً وحوّل وجهه إلى الجدار الحديث وقد قدّمنا محل الغرض منه بلفظه في كلام ابن القيّم المذكور وقدّمنا أن حديث عمرو هذا له حكم الرفع وأنه دليل صحيح على استئناس الميّت بوجود الأحياء عند قبره ، وقال النووي في روضة الطالبين ما نصّه ويستحبّ أن يلقن الميّت بعد الدفن فيقال يا عبد اللَّه ابن أمة اللَّه اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ألا إلاه إلاّ اللَّه وأنّ محمّدًا رسول اللَّه وأنَّ الجنّة حقّ وأن النار حقّ وأن البعث حقّ وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن اللَّه يبعث من في القبور وأنت رضيت باللَّه ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا وبالقرءان إمامًا وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانًا وردّ به الخبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قلت هذا التلقين استحبّه جماعات من أصحابنا منهم القاضي حسين وصاحب التتمة والشيخ نصر المقدسي في كتابه التهذيب وغيرهم ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقًا والحديث الوارد فيه ضعيف لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم وقد اعتضد هذا الحديث بشواهد من الأحاديث الصحيحة كحديث اسألوا له التثبيت ووصية عمرو بن العاص أقيموا عند قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأعلم ماذا أراجع به رسل ربّي رواه مسلم في صحيحه ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا التلقين من العصر الأول وفي زمن من يقتدى به انتهى محل الغرض من كلام النووي ، وبما ذكر ابن القيّم وابن الطلاع وصاحب المدخل من المالكية والنووي من الشافعية كما أوضحنا كلامهم تعلم أن التلقين بعد الدفن له وجه قوي من النظر لأنه جاء فيه حديث ضعيف واعتضد بشواهد صحيحة وبعمل أهل الشام قديمًا ومتابعة غيرهم لهم وبما علم في علم الحديث من التساهل في العمل بالضعيف في أحاديث الفضائل ولا سيّما المعتضد منها بصحيح وإيضاح شهادة الشواهد له أن حقيقة التلقين بعد الدفن مركبة من شيئين : أحدهما سماع الميّت كلام ملقنه بعد دفنه والثاني انتفاعه بذلك التلقين وكلاهما ثابت في الجملة أما سماعه لكلام الملقن فيشهد له سماعه لقرع نعل الملقن الثابت في الصحيحين وليس سماع كلامه بأبعد من سماع قرع نعله كما ترى وأمّا انتفاعه بكلام الملقن فيشهد له انتفاعه بدعاء الحي وقت السؤال في حديث سلوا لأخيكم التثبيت فإنه يسأل الآن واحتمال الفرق بين الدعاء والتلقين قوى جدًا كما ترى فإذا كان وقت السؤال ينتفع بكلام الحي الذي هو دعاؤه له فإن ذلك يشهد لانتفاعه بكلام الحي الذي هو تلقينه إياه وإرشاده إلى جواب الملكين فالجميع في الأول سماع من الميت لكلام الحي وفي الثاني انتفاع من الميت بكلام الحي وقت السؤال وقد علمت قوة احتمال الفرق بين الدعاء والتلقين وفي ذلك كله دليل على سماع الميّت كلام الحي ومن أوضح الشواهد للتلقين بعد الدفن السّلام عليه وخطابه خطاب من يسمع ويعلم عند زيارته كما تقدّم إيضاحه لأن كلاًّ منهما خطاب له في قبره وقد انتصر ابن كثير رحمه اللَّه في تفسير سورة الروم في كلامه على قوله تعالى فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إلى قوله فَهُم مُّسْلِمُونَ لسماع الموتى وأورد في ذلك كثيرًا من الأدلّة التي قدمنا في كلام ابن القيّم وابن أبي الدنيا وغيرهما وكثيرًا من المرائي الدالَّة على ذلك وقد قدّمنا الحديث الدالّ على أن المرائي إذا تواترت أفادت الحجّة ومما قال في كلامه المذكور وقد استدلّت أُمّ المؤمنين عائشة رضي اللَّه عنها بهذه الآية فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى على توهيم عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما في روايته مخاطبة النبيّ صلى الله عليه وسلم القتلى الذين ألقوا في قليب بدر بعد ثلاثة أيام إلى أن قال والصحيح عند العلماء رواية عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما لما لها من الشواهد على صحتها من أشهر ذلك ما رواه ابن عبد البرّ مصحّحًا له عن ابن عباس مرفوعًا ما من أحد يمرّ بقبر أخيه المسلم كان يعرفه الحديث ، وقد قدّمناه في هذا المبحث مرارًا وبجميع ما ذكرنا في هذا المبحث في الكلام على آية النمل هذه تعلم أن الذي يرجّحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن اللَّه يردّ عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردّوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضًا تسمع وتردّ بعد فناء الأجسام لأنا قد قدّمنا أن هذا ينبني على مقدّمتين ثبوت سماع الموتى بالسنة الصحيحة وأن القرءان لا يعارضها على التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرءانيّة واستقراء القرءان وإذا ثبت ذلك بالسنة الصحيحة من غير معارض من كتاب ولا سنّة ظهر بذلك رجحانه على تأوّل عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها بعض آيات القرءان كما تقدّم إيضاحه وفي الأدلّة التي ذكرها ابن القيّم في كتاب الروح على ذلك مقنع للمنصف وقد زدنا عليها ما رأيت والعلم عند اللَّه تعالى.
أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي 6 / 126- 142 . قلت : ومما يدل على أن الميت يسمع السلام من الحي ومخاطبته ما ثبت في غير ما حديث في السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، منها : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه قال : " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " .أخرجه أبو داوود في كتاب المناسك ، باب زيارة القبور رقم ( 2041 ) 2 / 534 ، وأحمد 2 / 527 ، والطبراني في الأوسط رقـم ( 3092 ) 3 / 262 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5 / 245 ، وشعب الإيمان رقم ( 1581 ) 2 / 217 ، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داوود رقم ( 2041 ) 1 / 570 ، وفي مشكاة المصابيح رقم ( 925 ) 1 / 291 ، ومنها : عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " أخرجه البزار في مسنده رقم ( 1425 ) 4 / 254 – 255 ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10 / 162 ، وقال : نعيم بن ضمضم ضعفه بعضهم وبقية رجاله رجال الصحيح ، وذكره الألباني شاهداً في السلسلة الصحيحة 4 / 44 – 45 ، ومنها : عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك : يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة " . أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم ( 1530 ) 4 / 43 – 45 وصححه .
 
جزاك الله خيراً ،ولو أعطيتنا الخلاصة لكان أولى - عندى - من نقل هذه الأوراق الكثيرة خاصة وأن الكتاب متوفر ،وقد طبع أخيرأ طباعة فاخرة مصححة 0
 
درس في البلاغة من المحدث الألباني....

درس في البلاغة من المحدث الألباني....

بسم الله الرحمن الرحيم....
ناقش الشيخ العلامة ناصر الدين الألباني -رحمه الله- من جوز سماع الموتى مطلقا-ومنهم الشيخ العلامة الشنقيطي-في مقدمته المنيفة لكتاب:
الآيات البينات
في عدم سماع الأموات
على مذهب الحنفية السادات
للعلامة الألوسي.

لكن الأمر الذي استوقفني في المقدمة هو الحس البلاغي للشيخ الألباني وفهمه العميق لباب التشبيه......حتى أن الإمام استغل مقتضيات التشبيه ليخدم بها وجهة نظره في إنكار سماع الموتى مطلقا.....ويرد على أخيه الشنقيطي -الذي ربما غابت عنه النكتة البلاغية هنا....-والشنقيطي هو الشنقيطي في اللغة والبلاغة.....لكن الله يؤتي الحكمة وفصل الخطاب لمن يشاء.


اقرأ-رحمك الله-هذا المقتطف من مقدمة الآيات البينات وانتبه إلى أن المتكلم ليس هو الجرجاني بل هو الألباني:
استدل الأولون بقوله تعالى : { وما أنت بمسمع من في القبور } ( فاطر : 22 ) وقوله : { إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين } ( النمل : 80 والروم 52 ) وأجاب الآخرون بأن الآيتين مجاز وأنه ليس المقصود ب ( الموتى ) وب ( من في القبور ) الموتى حقيقة في قبورهم وإنما المراد بهم الكفار الأحياء شبهوا بالموتى " والمعنى من هم في حال الموتى أو في حال من سكن القبر " كما قال الحافظ ابن حجر على ما يأتي في الرسالة ( ص 72 )
فأقول : لا شك عند كل من تدبر الآيتين وسياقهما أن المعنى هو ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى وعلى ذلك جرى علماء التفسير لا خلاف بينهم في ذلك فيما علمت ولكن ذلك لا يمنع الاستدلال بهما على ما سبق لأن الموتى لما كانوا لا يسمعون حقيقة وكان ذلك معروفا عند المخاطبين شبه الله تعالى بهم الكفار الأحياء في عدم السماع فدل هذا التشبيه على أن المشبه بهم - وهم الموتى في قبورهم - لا يسمعون كما يدل مثلا تشبيه زيد في الشجاعة بالأسد على أن الأسد شجاع بل هو في ذلك أقوى من زيد ولذلك شبه به وإن كان الكلام لم يسق للتحدث عن شجاعة الأسد نفسه وإنما عن زيد وكذلك الآيتان السابقتان وإن كانتا تحدثتا عن الكفار الأحياء وشبهوا بموتى القبور فذلك لا ينفي أن موتى القبور لا يسمعون بل إن كل عربي سليم السليقة لا يفهم من تشبيه موتى الأحياء بهؤلاء إلا أن هؤلاء أقوى في عدم السماع منهم كما في المثال السابق وإذا الأمر كذلك فموتى القبور لا يسمعون . ولما لاحظ هذا بعض المخالفين لم يسعه إلا أن يسلم بالنفي المذكور ولكنه قيده بقوله : " سماع انتفاع " يعني أنهم يسمعون ولكن سماعا لا انتفاع فيه وهذا في نقدي قلب للتشبيه المذكور في الآيتين حيث جعل المشبه به مشبها فإن القيد المذكور يصدق على موتى الأحياء من الكفار فإنهم يسمعون حقيقة ولكن لا ينتفعون من سماعهم كما هو مشاهد فكيف يجوز جعل المشبه بهم من موتى القبور مثلهم في أنهم يسمعون ولكنهم لا ينتفعون من سماعهم مع أن المشاهد أنهم لا يسمعون مطلقا ولذلك حسن التشبيه المذكور في الآيتين الكريمتين فبطل القيد المذكور.
رحم الله العلامة القرآني والعلامة المحدث وإن الزمان بمثلهما لبخيل....
(إن شئتم نقلت لكم المقدمة الألبانية كلها.......)
 
جزاك الله خيراً هذه الفائدة البلاغية ممتازة ، ولكن الأحكام لا تؤخد من الفوائد البلاغية ونصوص السنة الصحيحة صريحة في لإثبات سماع الأموات كما تقدم ذلك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه قال : " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " .أخرجه أبو داوود في كتاب المناسك ، باب زيارة القبور رقم ( 2041 ) 2 / 534 ، وأحمد 2 / 527 ، والطبراني في الأوسط رقـم ( 3092 ) 3 / 262 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5 / 245 ، وشعب الإيمان رقم ( 1581 ) 2 / 217 ، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داوود رقم ( 2041 ) 1 / 570 ، وفي مشكاة المصابيح رقم ( 925 ) 1 / 291 ، ومن حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " أخرجه البزار في مسنده رقم ( 1425 ) 4 / 254 – 255 ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10 / 162 ، وقال : نعيم بن ضمضم ضعفه بعضهم وبقية رجاله رجال الصحيح ، وذكره الألباني شاهداً في السلسلة الصحيحة 4 / 44 – 45 ، ومن حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك : يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة " . أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم ( 1530 ) 4 / 43 – 45 وصححه ، وحديث سماع قرع النعال ، وحديث ما أنت بأسمع منهم وحديث وصية عمرو بن العاص بالمقام عند قبره مقدار ما تنحر الجزور وفيه لأستأنس بكم وأعرف ما أراجع به رسل ربي إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي سبقت فيما كتبه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله وقال بعد مناقشة تلك النصوص من الكتاب والسنة : إن الذي يرجّحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن اللَّه يردّ عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردّوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضًا تسمع وتردّ بعد فناء الأجسام لأنا قد قدّمنا أن هذا ينبني على مقدّمتين ثبوت سماع الموتى بالسنة الصحيحة وأن القرءان لا يعارضها على التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرءانيّة واستقراء القرءان وإذا ثبت ذلك بالسنة الصحيحة من غير معارض من كتاب ولا سنّة ظهر بذلك رجحانه على تأوّل عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها بعض آيات القرءان كما تقدّم إيضاحه وفي الأدلّة التي ذكرها ابن القيّم في كتاب الروح على ذلك مقنع للمنصف وقد زدنا عليها ما رأيت والعلم عند اللَّه تعالى.
أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي 6 / 126- 142 .
 
إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80)

لو كان الموتى يسمعون لما صح تشبيه الكفار بهم ، وإذا كان حال الموتى لا يدرك إلا بالخبر ، فإن حال الصم يدرك بالحس ، ومن خلالها ندرك المعنى الحقيقي للآية ، فإن الأصم إذا أعطاك ظهره ثم حاولت أن تناديه فإنه لن يسمعك ولو استخدمت كل ما في الدنيا من مكبرات الصوت ، ولو قدر أنك فجرت خلفه قنبلة ذرية لم يسمعها.
وانظروا إلى دقة القرآن حيث قيد نفي سماعهم بقوله" إذا ولوا مدبرين" لأن الأصم إذا كان ينظر إليك فإنك لو تكلمت ولو همسا فإنه ربما يستطيع أن يقرأ شفتيك.
إذن السمع المنفي عن الموتى وعن الصم هو السماع الحقيقي.

وعليه يكون معنى الآية :
إن الكفار الذين لم يرد الله أن يهديهم وجعل قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقر وعلى أبصارهم غشاوة فتعطلت لديهم حواس الإدراك لا يمكن أن تسمعهم الهدى كما أنك لا تستطيع أن تسمع الموتى الذين تعطلت عندهم هذه الحواس ، ولا تستطيع أن تسمع الصم الذي تعطلت عندهم حاسة السمع .

وإذا كان العلم الحديث قد توصل إلى بعض الطرق لإسماع بعض الصم عن طريق زرع أجهزة تمكنهم من السماع فلا يعني هذا أن الصم يسمعون.
وعليه نقول إذا ثبت في السنة أن الميت قد يسمع فنقول هذه حالات خاصة واستثناء من القاعدة والحقيقة أن الأموات لا يسمعون.

وتعالوا ننظر في الأحاديث الواردة في هذا الباب:
الحديث الأول: روى البخاري بسنده :
"عَنْ أَبِي طَلْحَةَ :أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلَّا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ وَيَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالَ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ.


وهذا حالة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم والدليل:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل لعمر إن الأموات يسمعون وإنما قال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم.

الحديث الثاني: روى البخاري بسنده:
"عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ"


وهذه أيضاً حالة خاصة بهذا الوقت وقت الدفن وإلا لقلنا إن الأموات يسمعون كل شيء ، كما أن الثقلين لا يسمعون صيحة المنافق لأنها خارجة عن قوانين السمع في هذه الحياة.

الحديث الثالث:
روى مسلم بسنده:
"عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا مُؤَجَّلُونَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ.

هذا الحديث ليس فيه دلالة أن الموتى يسمعون. ، وإنما هو الدعاء وأدب الزيارة والإقرار بالحقائق .

وأما قول الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى :
" ونحو ذلك يدل دلالة واضحة على أنهم يسمعون سلامه لأنهم لو كانوا لا يسمعون سلامه وكلامه لكان خطابه لهم من جنس خطاب المعدوم ولا شك أن ذلك ليس من شأن العقلاء فمن البعيد جداً صدوره منه صلى الله عليه وسلم."


وهذا الكلام مردود لأن الغرض من الزيارة ليس هو مخاطبة أهل القبور ، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يطبق ما أمر به المؤمنين حيث قال " إني قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة".

ثم ها نحن نقول في صلاتنا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهل هذا من خطاب المعدوم؟

الحديث الرابع:
روى أبو داود بسنده:
"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ".


وهذا الحديث واضح في معناه :"إلا رد الله علي روحي" والكلام عن الأموات .
وبهذا نعلم أن السنة لا تعارض ما في القرآن ولا تدعو إلى صرف القرآن عن ظاهره.
وتبقى الآية لا إشكال فيها وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يهدي أحد من الخلق إلا أن يشاء الله تعالى هدايته ، ولا يمكن أن يُسمع أحد من الموتى إلا أن يشاء الله أن يسمعه.

وأما قول الشيخ رحمه الله تعالى:

" وما يستوى الأعمى والبصير" أي المؤمن والكفار.

نقول كلامك حق أن المؤمن بمثابة البصير والكافر بمثابة الأعمى ، وتبقى الحقيقة التي أشار إليها القرآن حقيقة وهي أن الأعمى فاقد البصر لا يستوى مع البصير.

وكذلك قوله :
" وما يستوى الأحياء ولا الأموات" أي المؤمن والكافر .

نقول كلامك صحيح المؤمنون بمثابة الأحياء والكفار بمثابة الأموات ، وتبقى الحقيقة القرآنية حقيقة أن الحي ليس كالميت.


وكذلك قوله رحمه الله تعالى:
"وإذا علمت أن هذه القرينة القرآنية دلت على أن المراد بالموتى هنا الأشقياء الذين لا يسمعون الحق سماع هدى وقبول .
فاعلم أن استقراء القرآن العظيم يدل على هذا المعنى كقوله تعالى : { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ والموتى يَبْعَثُهُمُ الله ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } [ الأنعام : 36 ] ، وقد أجمع من يعتد به من أهل العلم أن المراد بالموتى في قوله : والموتى يبعثهم الله : الكفار."


أقول:
وإذا كان معنى الموتى في الآية : الكفار . فهذا لا ينفي الحقيقىة أن الموتى الذين فارقت أرواحهم أجسادهم يبعثهم الله.
ثم لماذا شبههم بالموتى ؟ لأنهم لا يستجيبون . لماذا لا يستجيبون؟ لأنهم عطلوا أدوات السمع عندهم فأصبحوا بمثابة الموتى الذين تعطلت عندهم هذه الأدوات.

والله أعلم .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
 
الأصل في النصوص العموم فلا تخصيص إلا بنص ، قولك في بعض النصوص هذه حالة خاصة هذا لا يخصص فأين المخصص الشرعي ، وكما تعلم أمور الحياة البرزخية وراء العقل لا مدخل فيها للرأي ولا الاجتهاد ، وإنما مرجعها للنص فقط ، ومن ناحية أخرى فلما ذا لا يوجد نص من السنة لا صحيح ولا ضعيف ينفي السماع بل عامة نصوص السنة الصحيحة الصريحة تثبت السماع كما تقدم ذلك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه قال : " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " .أخرجه أبو داوود في كتاب المناسك ، باب زيارة القبور رقم ( 2041 ) 2 / 534 ، وأحمد 2 / 527 ، والطبراني في الأوسط رقـم ( 3092 ) 3 / 262 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5 / 245 ، وشعب الإيمان رقم ( 1581 ) 2 / 217 ، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داوود رقم ( 2041 ) 1 / 570 ، وفي مشكاة المصابيح رقم ( 925 ) 1 / 291 ، ومن حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " أخرجه البزار في مسنده رقم ( 1425 ) 4 / 254 – 255 ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10 / 162 ، وقال : نعيم بن ضمضم ضعفه بعضهم وبقية رجاله رجال الصحيح ، وذكره الألباني شاهداً في السلسلة الصحيحة 4 / 44 – 45 ، ومن حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك : يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة " . أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم ( 1530 ) 4 / 43 – 45 وصححه ، وحديث سماع قرع النعال ، وحديث ما أنت بأسمع منهم وحديث وصية عمرو بن العاص بالمقام عند قبره مقدار ما تنحر الجزور وفيه لأستأنس بكم وأعرف ما أراجع به رسل ربي إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي سبقت فيما كتبه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله وقال بعد مناقشة تلك النصوص من الكتاب والسنة : إن الذي يرجّحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن اللَّه يردّ عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردّوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضًا تسمع وتردّ بعد فناء الأجسام لأنا قد قدّمنا أن هذا ينبني على مقدّمتين ثبوت سماع الموتى بالسنة الصحيحة وأن القرءان لا يعارضها على التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرءانيّة واستقراء القرءان وإذا ثبت ذلك بالسنة الصحيحة من غير معارض من كتاب ولا سنّة ظهر بذلك رجحانه على تأوّل عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها بعض آيات القرءان كما تقدّم إيضاحه وفي الأدلّة التي ذكرها ابن القيّم في كتاب الروح على ذلك مقنع للمنصف وقد زدنا عليها ما رأيت والعلم عند اللَّه تعالى .
 
الأخ الفاضل أبو عبد الله

التخصيص يكون بالنص ويكون بالعقل أيضا وارجع إلى أصول الفقه.

والعقل إذا تأمل النصوص تأملا دقيقا أدرك أن ما ورد من سماع الموتى إنما هو حالات خاصة ويكفي الحديث الذي ذكرته:
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
فلوكان الموتى يسمعون وأن هذا قد تقرر من النصوص لما احتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يقول : إلا رد الله علي روحي.
وهذا يعني أن الميت بدون الروح لايسمع، والأموات لأشك أن أرواحهم قد فارقت أجسادهم ، وبناء عليه نقول إن كل حديث فهم منه أن الميت يسمع إنما هو حالة خاصة ترد خلالها روح الميت إلى جسده كما هو عند السؤال في القبر ، وكما في حال قتلى بدر من المشركين.

فالأصل في الموتى عدم السماع كالصم تماما.

والله أعلى وأعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي عبد المعز إن تفضلتم برفع ( المقدمة الألبانية كلها.......) وجزاكم الله خيرا
 
[align=center]الآيات البينات في عدم سماع الأموات على مذهب الحنفية السادات
تحقيق العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
تحقيق أن الموتى لا يسمعون [/align]

هذا واعلم أن كون الموتى يسمعون أو لا يسمعون إنما هو أمر غيبي من أمور البرزخ التي لا يعلمها إلا الله عز وجل فلا يجوز الخوض فيه بالأقيسة والآراء وإنما يوقف فيه مع النص إثباتا ونفيا وسترى المؤلف رحمه الله تعالى ذكر في الفصل الأول كلام الحنفية في أنهم لا يسمعون وفي الفصل الثاني نقل عن غيرهم مثله وحكى عن غير هؤلاء أنهم يسمعون وليس يهمني أن هؤلاء قلة وأولئك الكثرة فالحق لا يعرف بالكثرة ولا بالقلة وإنما بدليله الثابت في الكتاب والسنة مع التفقه فيهما وهذا ما أنا بصدده إن شاء الله تعالى فأقول :

استدل الأولون بقوله تعالى : { وما أنت بمسمع من في القبور } ( فاطر : 22 ) وقوله : { إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين } ( النمل : 80 والروم 52 ) وأجاب الآخرون بأن الآيتين مجاز وأنه ليس المقصود ب ( الموتى ) وب ( من في القبور ) الموتى حقيقة في قبورهم وإنما المراد بهم الكفار الأحياء شبهوا بالموتى " والمعنى من هم في حال الموتى أو في حال من سكن القبر " كما قال الحافظ ابن حجر على ما يأتي في الرسالة ( ص 72 ) .

فأقول : لا شك عند كل من تدبر الآيتين وسياقهما أن المعنى هو ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى وعلى ذلك جرى علماء التفسير لا خلاف ينهم في ذلك فيما علمت ولكن ذلك لا يمنع الاستدلال بهما على ما سبق لأن الموتى لما كانوا لا يسمعون حقيقة وكان ذلك معروفا عند المخاطبين شبه الله تعالى بهم الكفار الأحياء في عدم السماع فدل هذا التشبيه على أن المشبه بهم - وهم الموتى في قبورهم - لا يسمعون كما يدل مثلا تشبيه زيد في الشجاعة بالأسد على أن الأسد شجاع بل هو في ذلك أقوى من زيد ولذلك شبه به وإن كان الكلام لم يسق للتحدث عن شجاعة الأسد نفسه وإنما عن زيد.

وكذلك الآيتان السابقتان وإن كانتا تحدثتا عن الكفار الأحياء وشبهوا بموتى القبور فذلك لا ينفي أن موتى القبور لا يسمعون بل إن كل عربي سليم السليقة لا يفهم من تشبيه موتى الأحياء بهؤلاء إلا أن هؤلاء أقوى في عدم السماع منهم كما في المثال السابق وإذا الأمر كذلك فموتى القبور لا يسمعون . ولما لاحظ هذا بعض المخالفين لم يسعه إلا أن يسلم بالنفي المذكور ولكنه قيده بقوله : " سماع انتفاع " يعني أنهم يسمعون ولكن سماعا لا انتفاع فيه وهذا في نقدي قلب للتشبيه المذكور في الآيتين حيث جعل المشبه به مشبها فإن القيد المذكور يصدق على موتى الأحياء من الكفار فإنهم يسمعون حقيقة ولكن لا ينتفعون من سماعهم كما هو مشاهد فكيف يجوز جعل المشبه بهم من موتى القبور مثلهم في أنهم يسمعون ولكنهم لا ينتفعون من سماعهم مع أن المشاهد أنهم لا يسمعون مطلقا ولذلك حسن التشبيه المذكور في الآيتين الكريمتين فبطل القيد المذكور .
ولقد كان من الممكن القول بنحو القيد المذكور في موتى القبور لو كان هناك نص قاطع على أن الموتى يسمعون مطلقا إذن لوجب الإيمان به والتوفيق بينه وبين ما قد يعارضه من النصوص كالآيتين مثلا ولكن مثل هذا النص مما لا وجود له بل الأدلة قائمة على خلافه وإليك البيان :

الدليل الأول : قوله تعالى في تمام الآية الثانية : { ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين } فقد شبههم الله تعالى - أعني موتى الأحياء من الكفار بالصم أيضا فهل هذا يقتضي في المشبه بهم ( الصم ) أنهم يسمعون أيضا ولكن سماعا لا انتفاع فيه أيضا أم أنه يقتضي أنهم لا يسمعون مطلقا كما هو الحق الظاهر الذي لا خفاء فيه . وفي التفسير المأثور ما يؤيد هذا الذي نقول فقال ابن جرير في " تفسيره " ( 21/36 ) لهذه الآية :

" هذا مثل معناه : فإنك لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين الذين قد ختم الله على أسماعهم فسلبهم فهم ما يتلى عليهم من مواعظ تنزيله كما لا تقدر أن تفهم الموتى الذين سلبهم الله أسماعهم بأن تجعل لهم أسماعا .

وقوله : { ولا تسمع الصم الدعاء } يقول : كما لا تقدر أن تسمع الصم الذين قد سلبوا السمع إذا ولوا عنك مدبرين كذلك لا تقدر أن توفق هؤلاء الذين قد سلبهم الله فهم آيات كتابه لسماع ذلك وفهمه " .
ثم روى بإسناد الصحيح عن قتادة قال :
" هذا مثل ضربه الله للكافر فكما لا يسمع الميت الدعاء كذلك لا يسمع الكافر { ولا تسمع الصم الدعاء . . } يقول : لو أن أصم ولى مدبرا ثم ناديته لم يسمع كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما سمع " . وعزاه في " الدرر " ( 5/114 ) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم دون ابن جرير
وقد فسر القرطبي ( 13/232 ) هذه الآية بنحو ما سبق عن ابن جرير وكأنه اختصره منه .
فثبت من هذه النقول عن كتب التفسير المعتمدة أن الموتى في قبورهم لا يسمعون كالصم إذا ولوا مدبرين .
وهذا هو الذي فهمته السيدة عائشة رضي الله عنها واشتهر ذلك عنها في كتب السنة وغيرها ونقله المؤلف عنها في عدة مواضع من رسالته فانظر ( ص 54 56 58 68 69 71 ) وفاته هو وغيره أنه هو الذي فهمه عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة لما نادى النبي صلى الله عليه وسلم أهل القليب على ما يأتي بيانه قريبا إن شاء الله تعالى .

الدليل الثاني : قوله تعالى : { ذلك الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير . إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبك مثل خبير } . ( فاطر 13 و14 ) .

قلت : فهذه الآية صريحة في نفي السمع عن أولئك الذي كان المشركون يدعونهم من دون الله تعالى وهم موتى الأولياء والصالحين الذين كان المشركون يمثلونهم في تماثيل وأصنام لهم يعبدونهم فيها وليس لذاتها كما يدل على ذلك آية سورة ( نوح ) عن قومه : { وقالوا : لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ولا يعوق ونسرا } ففي التفسير المأثور عن ابن عباس وغيره من السلف : أن هؤلاء الخمسة أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم ( أي علم تلك الصور بخصوصها ) عبدت . رواه البخاري وغيره . ونحوه قوله تعالى : { والذين اتخذوا من دونه أوليائه ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } ( الزمر/3 ) فإنها صريحة في أن المشركين كانوا يعبدون الصالحين ولذلك اتخذوهم وسائط بينهم وبين الله تعالى قائلين : ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) ولاعتقادهم بصلاحهم كانوا ينادونهم ويعبدونهم من دون الله توهما منهم أنهم يسمعون ويضرون وينفعون ومثل هذا الوهم لا يمكن أن يقع فيه أي مشرك مهما كان سخيف العقل لو كان لا يعتقد فيمن يناديه الصلاح والنفع والضر كالحجر العادي مثلا وقد بين هذا العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فقال في كتابه " إغاثة اللفهان " ( 2/222 - 223 ) .
" وتلاعب الشيطان بالمشركين في عبادة الأصنام له أسباب عديدة تلاعب بكل قوم على قدر عقولهم .

فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الأصنام على صورهم كما تقدم عن قوم نوح عليه السلام ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتخذين على القبور المساجد ونهى عن الصلاة إلى القبور ( 1 ) . . فأبى المشركون إلا خلافه في ذلك كله إما جهلا وإما عنادا لأهل التوحيد ولم يضرهم ذلك شيئا . وهذا السبب هو الغالب على عوام المشركين .

وأما خواصهم فإنهم اتخذوها - بزعمهم - على صور الكواكب المؤثرة في العالم عندهم وجعلوا لها بيوتا وسدنة وحجابا وحجبا وقربانا ولم يزل هذا في الدنيا قديما وحديثا ( ثم بين مواطن بيوت هذه الأصنام وذكر عباد الشمس والقمر وأصنامهم وما اتخذوه من الشرائع حولها ثم قال 2/224 ) :

" فوضع الصنم إنما كان في الأصل على شكل معبود غائب فجعلوا الصنم على شكله وهيأته وصورته ليكون نائبا منابه وقائما مقامه وإلا فمن المعلوم أن عاقلا لا ينحت خشبة أو حجرا بيده ثم يعتقد أنه إلهه ومعبوده " .

قلت : ومما يؤيد أن المقصود بقوله في الآية المتقدمة ( لا يسمعوا دعاءكم } إنما هم المعبودون من دون الله أنفسهم وليست ذوات الأصنام تمام الآية : { ويوم القيامة يكفرون بشرككم } والأصنام لا تبعث لأنها جمادات غير مكلفة كما هو معلوم بخلاف العابدين والمعبودين فإنهم جميعا محشورون قال تعالى : { ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول : ءأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا } . ( الفرقان/17 - 18 ) وقال : { يوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا : سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون } ( سبأ /40 - 41 )

وهذا كقوله تعالى : { وإذا قال الله : يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؟ قال : سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق } الآية ( المائدة/116 ) وخير ما فسر به القرآن إنما هو القرآن والسنة وليس فيهما - فيما أعلم - ما يدل على أن الله يحشر الجمادات أيضا فوجب الوقوف عند هذه الآية الصريحة فيما ذكرنا .

وقد يقول قائل : إن هذا الذي بينته قوي متين ولكنه يخالف ما جرى عليه كثير من المفسرين في تفسير آية سورة ( فاطر ) وما في معناها من الآيات الأخرى فقالوا : إن المراد بها الأصنام نفسها وبناء على ذلك عللوا قوله تعالى فيها : { لا يسمعوا دعاءكم } بقولهم : " لأنها جمادات لا تضر ولا تنفع " .
فأقول : لا شك أن هذا بظاهره ينافي ما بينت ولكنه لا ينفي أن يكون لهم قول آخر يتماشى مع ما حققته فقال القرطبي ( 14/336 ) عقب التعليل المذكور آنفا وتبعه الشوكاني ( 4/333 ) وغيره ما معناه :

" ويجوز أن يرجع { والذين تدعون من دونه . . . } وما بعده إلى من يعقل ممن عبدهم الكفار كالملائكة والجن والأنبياء والشياطين والمعنى أنهم يجحدون أن يكون ما فعلتموه حقا وينكرون أنهم أمروكم بعبادتهم كما أخبر عن عيسى عليه السلام بقوله : { ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق } " . وقد ذكرا نحوه في تفسير آية ( الزمر ) المتقدمة .

قلت : وهو أولى من تفسيرهما السابق لأنه مدعم بالآيات المتقدمة بخلاف تفسيرهما المشار إليه فإنه يستلزم القول بحشر الأصنام ذاتها وهذا مع أنه لا دليل عليه فإنه يخالف الآيات المشار إليها ولهذا قال الشيخ عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - في كتابه " قرة عيون الموحدين " ( ص 107 - 108 ) في تفسير آيتي ( فاطر ) ما نصه :

" ابتدأ تعالى هذه الآيات بقوله : { ذلكم الله ربكم له الملك } يخبر الخبير أن الملك له وحده والملوك وجميع الخلق تحت تصرفه وتدبيره ولهذا قال : { والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير } فإن من كانت هذه صفته فلا يجوز أن يرغب في طلب نفع أو دفع ضر إلى أحد سوى الله تعالى وتقدس بل يجب إخلاص الدعاء - الذي هو أعظم أنواع العبادة - له وأخبر تعالى أن ما يدعوه أهل الشرك لا يملك شيئا وأنهم لا يسمعون دعاء من دعاهم ولو فرض أنهم يسمعون فلا يستجيبون لداعيهم وأنهم يوم القيامة يفكرون بشركهم أي ينكرونه ويتبرؤون ممن فعله معهم . فهذا الذي أخبر به الخبير الذي { لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء } وأخبر أن ذلك الدعاء شرك به وأنه لا يغفره لمن لقيه فأهل الشرك ما صدقوا الخبير ولا أطاعوه فيما حكم به وشرع بل قالوا : إن الميت يسمع ومع سماعه ينفع فتركوا الإسلام والإيمان رأسا كما ترى عليه الأكثرين من جهلة هذه الأمة " .

فتبين مما تقدم وجه الاستدلال بقوله تعالى : { إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم } على أن الصالحين لا يسمعون بعد موتهم وغيرهم مثلهم بداهة بل ذلك من باب أولى كما لا يخفى فالموتى كلهم إذن لا يسمعون . والله الموفق .

الدليل الثالث : حديث قليب بدر وله روايات مختصرة ومطولة أجتزئ هنا على روايتين منها :

الأولى : حديث ابن عمر قال :
" وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ ثم قال : " إنهم الآن يسمعون ما أقول " فذكر لعائشة فقالت : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنهم الآن يعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت : { إنك لا تسمع الموتى } حتى قرأت الآية .
أخرجه البخاري ( 7/242 - فتح الباري ) والنسائي ( 1/693 ) وأحمد ( 2/31 ) من طريق أخرى عن ابن عمر وسيأتي بعضه في الكتاب ( ص 68 71 ) .

والأخرى : حديث أبي طلحة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا : ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم : يا فلان ابن فلان : ويا فلان ابن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ قال : فقال عمر : يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " . قال قتادة : أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما .
أخرجه الشيخان وغيرهما وقد خرجته في التعليق الآتي ( ص 54 ) من الكتاب .
ووجه الاستدلال بهذا الحديث يتضح بملاحظة أمرين :

الأول : ما في الرواية الأولى منه من تقييده صلى الله عليه وسلم سماع موتى القليب بقوله : " الآن " فإن مفهومه أنهم لا يسمعون في غير هذا الوقت . وهو المطلوب . وهذه فائدة هامة نبه عليها العلامة الآلوسي - والد المؤلف رحمهما الله - في كتابه " روح المعاني " ( 6/455 ) ففيه تنبيه قوي على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون ولكن أهل القليب في ذلك الوقت قد سمعوا نداء النبي صلى الله عليه وسلم وبإسماع الله تعالى إياهم خرقا للعادة ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الكتاب ( ص 56 59 ) عن بعض العلماء الحنفية وغيرهم من المحدثين . وفي " تفسير القرطبي " ( 13/232 ) :
" قال ابن عطية : فيشبه أن قصة بدر خرق عادة لمحمد صلى الله عليه وسلم في أن
رد الله إليهم إدراكا سمعوا به مقاله ولولا إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين " .
قلت : ولذلك أورده الخطيب التبريزي في " باب المعجزات " من " المشكاة " ( ج 3 رقم 5938 - بتخريجي ) .

والآمر الآخر : أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عمر وغيره من الصحابة على ما كان مستقرا في نفوسهم واعتقادهم أن الموتى لا يسمعون بعضهم أومأ إلى ذلك إيماء وبعضهم ذكر صراحة لكن الأمر بحاجة إلى توضيح فأقول :
أما الإيماء فهو في مبادرة الصحابة لما سمعوا نداءه صلى الله عليه وسلم لموتى القليب بقولهم : " ما تكلم أجسادا لا أرواح فيها ؟ " فإن في رواية أخرى عن أنس نحوه بلفظ " قالوا " بدل : ( قال عمر " كما سيأتي في الكتاب ( ص 71 - 73 ) فلولا أنهم كانوا على علم بذلك سابق تلقوه منه صلى الله عليه وسلم ما كان لهم أن يبادروه بذلك . وهب أنهم تسرعوا وأنكروا بغير علم سابق فواجب التبليغ حينئذ يوجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم أن اعتقادهم هذا خطأ وأنه لا أصل له في الشرع ولم نر في شيء من روايات الحديث مثل هذا البيان وغاية ما قال لهم : " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " .

وهذا - كما ترى - ليس فيه تأسيس قاعدة عامة بالنسبة للموتى جميعا تخالف اعتقادهم السابق وإنما هو إخبار عن أهل القليب خاصة على أنه ليس ذلك على إطلاقه بالنسبة إليهم أيضا إذا تذكرت رواية ابن عمر التي فيها " إنهم الآن يسمعون " كما تقدم شرحه فسماعهم إذن خاص بذلك الوقت وبما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقط فهي واقعة عين لا عموم لها فلا تدل على أنهم يسمعون دائما وأبدا وكل ما يقال لهم كما لا تشمل غيرهم من الموتى مطلقا وهذا واضح إن شاء الله تعالى . ويزيده ووضوحا ما يأتي .

وأما الصراحة فهي فيما رواه أحمد ( 3/287 ) من حديث أنس رضي الله عنه قال : " . . . . فسمع عمر صوته فقال : يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث ؟ وهل يسمعون ؟ يقول الله عز وجل : { إنك لا تسمع الموتى } فقال : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع [ لما أقول ] منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا " . وسنده صحيح على شرط مسلم .
فقد صرح عمر رضي الله عنه أن الآية المذكورة هي العمدة في تلك المبادرة وأنهم فهموا من عمومها دخول أهل القليب فيه ولذلك أشكل عليهم الأمر فصارحوا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ليزيل إشكالهم ؟ وكان ذلك ببيانه المتقدم .

ومنه يتضح أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الصحابة - وفي مقدمتهم عمر - على فهمهم للآية على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم ولا قال لهم : أخطأتم فالآية لا تنفي مطلقا سماع الموتى بل إنه أقرهم على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم ولا قال لهم : أخطأتم فالآية لا تنفي مطلقا سماع الموتى بل إنه أقرهم على ذلك ولكن بين لهم ما كان خافيا من شأن القليب وأنهم سمعوا كلامه حقا وأن ذلك أمر مستثنى من الآية معجزة له صلى الله عليه وسلم كما سبق .
هذا وإن مما يحسن التنبيه عليه وإرشاد الأريب إليه أن استدلال عائشة المتقدم بالآية يشبه تماما استدلال عمر بها فلا وجه لتخطئتها اليوم بعد تبين إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعمر عليه اللهم إلا في ردها على ابن عمر في روايته لقصة القليب بلفظ السماع وتوهيمها إياه فقد تبين من اتفاق جماعة من الصحابة على روايتها كروايته هو أنها هي الواهمة وإن كان من الممكن الجمع بين روايتهم وروايتها كما سيأتي بيانه في التعليق على " الرسالة " ( ص 7 - 8 ) فخطؤها ليس في الاستدلال بالآية وإنما في خفاء القصة عليها على حقيقتها ولولا ذلك لكان موقفها موقف سائر الصحابة منها ألا وهو الموقف الجازم بها على ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم واعتبارها مستثناة من الآية .

فتنبه لهذا واعلم أن من الفقه الدقيق الاعتناء بتتبع ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور والاحتجاج به لأن إقراره صلى الله عليه وسلم حق كما هو معلوم وإلا فبدون ذلك قد يضل الفهم عن الصواب في كثير من النصوص . ولا نذهب بك بعيدا فهذا هو الشاهد بين يديك فقد اعتاد كثير من المؤلفين وغيرهم أن يستدلوا بهذا الحديث - حديث القليب - على أن الموتى يسمعون متمسكين بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " غير منتبهين لإقراره صلى الله عليه وسلم الصحابة على اعتقادهم بأن الموتى لا يسمعون وأنه لم يرده عليهم إلا باستثناء أهل القليب منه معجزة له صلى الله عليه وسلم فعاد الحديث بالتنبه لما ذكرنا حجة على أن الموتى لا يسمعون وأن هذا هو الأصل فلا يجوز الخروج عنه إلا بنص كما هو الشأن في كل نص عام . والله تعالى الموفق .

وقد يجد الباحث من هذا النوع أمثلة كثيرة ولعله من المفيد أن أذكر هنا ما يحضرني الآن من ذلك وهما مثالان :

الأول : حديث جابر عن أم مبشر رضي الله عنهما أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عنه حفصة : " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحتها " . قالت : بلى يا رسول الله فانتهرها . فقالت حفصة : { وإن منكم إلا واردها } فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قد قال الله عز وجل : { ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } " .
رواه مسلم وغيره وهو مخرج في " الصحيحة " ( 2160 ) و" تخريج السنة " ( 860 - طبع المكتب الإسلامي ) .

أقول : ففي استدلال السيدة حفصة رضي الله عنها بآية الورود دليل على أنها فهمت ( الورود ) بمعنى الدخول وأنه عام لجميع الناس الصالح والطالح منهم ولذلك أشكل عليها نفي النبي صلى الله عليه وسلم دخول النار في حق أصحاب الشجرة فأزال صلى الله عليه وسلم إشكالها بأن ذكرها بتمام الآية : { ثم ننجي الذين اتقوا } ففيه أنه صلى الله عليه وسلم أقرها على فهمها المذكور وأنه على ذلك أجابها بما خلاصته أن الدخول المنفي في الحديث هو غير الدخول المثبت في الآية وأن الأول خاص بالصالحين ومنهم أهل الشجرة والمراد به نفي العذاب أي أنهم يدخلونها مرورا إلى الجنة دون أن تمسهم بعذاب . والدخول الآخر عام لجميع الناس ثم هم فريقان : منهم من تمسه بعذاب ومنهم على خلاف ذلك وهذا ما وضحته الآية نفسها في تمامها وراجع لهذا " مبارق لأزهار " ( 1/250 ) و" مرقاة المفاتيح " ( 5/621 - 632 ) .

قلت : فاستفدنا من الإقرار المذكور حكما لولاه لم نهتد إلى وجه الصواب في الآية وهو أن الورود فيها بمعنى الدخول وأنه لجميع الناس ولكنها بالنسبة للصالحين لا تضرهم بل تكون عليهم بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم وقد روي هذا صراحة مرفوعا في حديث آخر لجابر لكن استغربه الحافظ ابن كثير وبينت علته في " الأحاديث الضعيفة " ( 4761 ) . لكن حديثه هذا عن أم مبشر يدل على صحة معناه وقد مال إليه العلامة الشوكاني في تفسيره للآية ( 3/333 ) واستظهره من قبله القرطبي ( 11/138 - 139 ) وهو المعتمد .

والآخر : حديث " الصحيحين " والسياق للبخاري نقلا من " مختصر البخاري " بقلمي لأنه أتم جمعت فيه فوائده وزوائده من مختلف مواضعه قالت عائشة :
" دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان [ من جواري الأنصار 3/3 ] ( وفي رواية : قينتان 4/266 ] [ في أيام منى تدففان وتضربان 4/161 ] تغنيان بغناء ( وفي رواية : بما تقاولت ( وفي أخرى تقاذفت ) الأنصار يوم ) بعاث ( 1 ) . [ وليستا بمغنيتين ] فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر [ والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه 2/11 ] فانتهرني ) وفي رواية : فانتهرهما ) وقال : مزمارة ( وفي رواية : مزمار ) الشيطان عند ( وفي رواية : أمزامير الشيطان في بيت ) رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ( مرتين ) ] ؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وفي رواية : فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه ) فقال : " دعهما [ يا أبا بكر [ ف ] إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا ] " . فلما غفل غمزتهما فخرجتا " . ( رقم 508 من المختصر " ) .

قلت : فنجد في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر قول أبي بكر الصديق في الغناء بالدف أنه " مزمار الشيطان " ولا نهره لابنته أو للجاريتين بل أقره على ذلك فدل إقراره إياه على أن ذلك معروف وليس بمنكر فمن أين جاء أبو بكر بذلك ؟ الجواب : جاء به من تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه الكثيرة في تحريم الغناء وآلات الطرب وقد ذكر طائفة منها العلامة ابن قيم الجوزية في كتابه " إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " ( 1/258 - 267 ) وخرجت بعضها في " الصحيحة " ( 91 ) و" المشكاة " ( 3652 ) ولولا علم أبي بكر بذلك وكونه على بينة من الأمر ما كان له أن يتقدم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وفي بيته بمثل هذا الإنكار الشديد غير أنه كان خافيا عليه أن هذا الذي أنكره يجوز في يوم عيد فبينه له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " فبقي إنكار أبي بكر العام مسلما به لإقراره صلى الله عليه وسلم إياه ولكنه استثنى منه الغناء في العيد فهو مباح بالمواصفات الواردة في هذا الحديث .

فتبين أنه صلى الله عليه وسلم كما أقر عمر على استنكاره سماع الموتى كذلك أقر أبا بكر على استنكاره مزمار الشيطان وكما أنه أدخل على الأول تخصيصا كذلك أدخل على قول أبي بكر هذا تخصيصا اقتضى إباحة الغناء المذكور في يوم العيد ومن غفل عن ملاحظة الإقرار الذي بينا أخذ من الحديث الإباحة في كل الأيام كما يحلو ذلك لبعض الكتاب المعاصرين وسلفهم فيه ابن حزم فإنه استدل به على الإباحة مطلقا جمودا منه على الظاهر فإنه قال في رسالته في الملاهي ( ص 98 - 99 ) :

" وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أبي بكر : " مزمار الشيطان " فأنكر عليه ولم ينكر على الجاريتين غناءهما " .

والواقع أنه ليس في كل روايات الحديث الإنكار المذكور وإنما فيه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : " دعهما . . . " وفرق كبير بين الأمرين فإن الإنكار الأول لو وقع لشمل الآخر ولا عكس كما هو ظاهر بل نقول زيادة على ذلك : إن النبي صلى الله عليه وسلم أقر قول أبي بكر المذكور كما سبق بيانه وقد قال ابن القيم في " إغاثة اللهفان " بعد أن ذكر الحديث ( 1/257 ) :
" فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر تسميته الغناء مزمار الشيطان وأقرهما لأنهما جاريتان غير مكلفتين تغنيان بغناء الأعراب الذي قيل في يوم حرب بعاث من الشجاعة والحرب وكان اليوم يوم عيد " .

وأما أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الجاريتين فحق ولكن كان ذلك في يوم عيد فلا يشمل غيره أولا . وثانيا : لما أمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر بأن لا ينكر عليهما بقوله : " دعهما " أتبع ذلك بقوله : " فإن لكل قوم عبدا . . . " فهذه جملة تعليلية تدل على أن علة الإباحة هي العيدية إذا صح التعبير ومن المعلوم أن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما فإذا انتفت هذه العلة بأن لم يكن يوم عيد لم يبح الغناء فيه كما هو ظاهر ولكن ابن حزم لعله لا يقول بدليل العلة كما عرف عنه أنه لا يقول بدليل الخطاب وقد رد عليه العلماء ولا سيما شيخ الإسلام ابن تيمية في غير ما موضع من " مجموع الفتاوى " فراجع المجلد الثاني من " فهرسه " .

لقد طال الكلام على حديث عائشة في سماع الغناء ولا بأس من ذلك إن شاء الله تعالى فإن الشاهد منه واضح ومهم وهو أن ملاحظة طالب العلم إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لأمر ما يفتح عليه بابا من الفقه والفهم ما كان ليصل إليه بدونها . وهكذا كان الأمر في حديث القليب فقد تبين بما سبق أنه دليل صريح على أن الموتى لا يسمعون وذلك من ملاحظتنا إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لاستنكار عمر سماعهم واستدلاله عليه بالآية { إنك لا تسمع الموتى } فلا يجوز لأحد بعد هذا أن يلتفت إلى أقوال المخالفين القائلين بأن الموتى يسمعون فإنه خلاف القرآن الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم .

الدليل الرابع :
قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام "

أقول : ووجه الاستدلال به أنه صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمع سلام المسلمين عليه إذ لو كان يسمعه بنفسه لما كان بحاجة إلى من يبلغه إليه كما هو ظاهر لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى . وإذا كان الأمر كذلك فبالأولى أنه صلى الله عليه وسلم لا يسمع غير السلام من الكلام وإذا كان كذلك فلأن لا يسمع السلام غيره من الموتى أولى وأحرى .

ثم إن الحديث مطلق يشمل حتى من سلم عليه صلى الله عليه وسلم عند قبره ولا دليل يصرح بالتفريق بينه وبين من صلى عليه بعيدا عنه والحديث المروي في ذلك موضوع كما سيأتي بيانه في التعليق ( ص 80 ) .

وهذا الاستدلال لم أره لأحد قبلي فإذا كان صوابا - كما أرجو - فهو فضل من الله ونعمة وإن كان خطأ فهو من نفسي والله تعالى أسأل أن يغفره لي وسائر ذنوبي .
أدلة المخالفين :
فإن قيل : يظهر من النقول التي ستأتي في الرسالة عن العلماء أن المسألة خلافية فلا بد أن المخالفين فيها أدلة استندوا إليها .

فأقول : لم أر فيها من صرح بأن الميت يسمع سماعا مطلقا عاما كما كان شأنه في حياته ولا أظن عالما يقول به وإنما رأيت بعضهم يستدل بأدلة يثبت بها سماعا لهم في الجملة وأقوى ما استدلوا به سندا حديثان :

الأول : حديث قليب بدر المتقدم وقد عرفت مما سبق بيانه أنه خاص بأهل القليب من جهة وأنه دليل على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون من جهة أخرى وأن سماعهم كان خرقا للعادة فلا داعي للإعادة .

والآخر : حديث : " إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا " . وفي رواية " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان . . . " الحديث ( انظر ص 55 56 57 82 ) من " الآيات " .

وهذا كما ترى خاص بوقت وضعه في قبره ومجيء الملكين إليه لسؤاله " فلا عموم فيه وعلى ذلك حمله العلماء كابن الهمام وغيره كما سيأتي في " الآيات " ( ص 56 59 73 ) .
ولهم من هذا النوع أدلة أخرى ولكن لا تصح أسانيدها وفي أحدها التصريح بأن الموتى يسمعون السلام عليهم من الزائر وسائرها ليس في السماع وبعضها خاص بشهداء أحد وكلها ضعيفة وبعضها أشد ضعفا من بعض كما ستراه في التعليق ( ص 69 ) .

وأغرب ما رأيت لهم من الأدلة قول ابن القيم رحمه الله في " الروح " ( ص 8 ) تحت المسألة الأولى : هل تعرف الأموات زيارة الأحياء وسلامهم أم لا ؟ فأجاب بكلام طويل جاء فيه ما نصه :
" ويكفي في هذا تسمية المسلم عليهم زائرا ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائرا فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال : زاره هذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم وكذلك السلام عليهم أيضا فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا : سلام عليكم أهل الديار . . . . " وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويرد وإن لم يسمع المسلم الرد " .

أقول وبالله تعالى التوفيق :
رحم الله ابن القيم فما كان أغناه من الدخول في مثل هذا الاستدلال العقلي الذي لا مجال له في أمر غيبي كهذا فوالله لو أن ناقلا نقل هذا

الكلام عنه ولم أقف أنا بنفسي عليه لما صدقته لغرابته وبعده عن الأصول العلمية والقواعد السلفية التي تعلمناها منه ومن شيخه الإمام ابن تيمية فهو أشبه شيء بكلام الآرائيين والقياسيين الذين يقيسون الغائب على الشاهد والخالق على المخلوق وهو قياس باطل فاسد طالما رد ابن القيم أمثاله على أهل الكلام والبدع ولهذا وغيره فإني في شك كبير من صحة نسبة " الروح " إليه أو لعله ألفه في أول طلبه للعلم . والله أعلم .

ثم إن كلامه مردود في شطريه بأمرين :
الأول : ما ثبت في " الصحيح " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت في الحج وأنه كان وهو في المدينة يزور قباء راكبا وماشيا ومن المعلوم تسمية طواف الإفاضة بطواف الزيارة . فهل من أحد يقول : بأن البيت وقباء يشعر كل منهما بزيارة الزائر أو أنه يعلم بزيارته ؟

وأما الآخر : فهو مخاطبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في تشهد الصلاة بقولهم : " السلام عليكم أيها النبي . . . . " وهم خلفه قريبا منه وبعيدا عنه في مسجده وفي غير مسجده أفيقال : إنه كان يسمعهم ويشعر بهم حين يخاطبونه به وإلا فالسلام عليه محال ؟ اللهم غفرا . وانظر التعليق الآتي على الصفحة ( 95 - 96 ) .
وإذا كان لا يسمع هذا الخطاب في قيد حياته أفيسمعه بعد وفاته وهو في الرفيق الأعلى لا سيما وقد ثبت أنه يبلغه ولا يسمعه كما سبق بيانه في الدليل الرابع ( ص 36 ) ؟
ويكفي في رد ذلك أن يقال : إنه استدلال مبني على الاستنباط والنظر فمثله قد يمكن الاعتداد به إذا لم يكن مخالفا للنص والأثر فكيف وهو مخالف لنصوص عدة واحد منها فقط فيه كفاية وغنية كما

سلف وبخاصة منها حديث قليب بدر وفيه إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعمر أن الموتى لا يسمعون فلا قيمة إذن للاستنباط المذكور فإن الأمر كما قيل : " إذا جاء الأثر بطل النظر وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل " .

وقد يتساءل القارئ - بعد هذا - عن وجه مخاطبة الموتى بالسلام وهم لا يسمعونه ؟ وفي الإجابة عنه أحيل القارئ إلى ما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما يأتي من الرسالة وما علقته عليها ( ص 95 - 96 ) فإن في ذلك كفاية وغنية عن الإعادة .

وخلاصة البحث والتحقيق : أن الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة الحنفية وغيرهم - كما ستراه في الكتاب مبسوطا - على أن الموتى لا يسمعون وأن هذا هو الأصل فإذا ثبت أنهم يسمعون في بعض الأحوال كما في حديث خفق النعال أو أن بعضهم سمع في وقت ما كما في حديث القليب فلا ينبغي أن يجعل ذلك أصلا فيقال إن الموتى يسمعون كما فعل بعضهم كلا فإنها قضايا جزئية لا تشكل قاعدة كلية يعارض بها الأصل المذكور بل الحق أنه يجب أن تستثني منه على قاعدة استثناء الأقل من الأثر أو الخاص من العام كما هو المقرر في علم أصول الفقه ولذلك قال العلامة الآلوسي في " روح المعاني " بعد بحث مستفيض في هذه المسألة ( 6/455 ) :
" والحق أن الموتى يسمعون في الجملة فيقتصر على القول بسماع ما ورد السمع بسماعه " .
وهذا مذهب طوائف من أهل العلم كما قال الحافظ ابن جرب الحنبلي على ما سيأتي في الرسالة ( ص 70 ) وما أحسن ما قاله ابن التين رحمه الله :

" إن الموتى لا يسمعون بلا شك لكن إذا أراد الله تعالى إسماع ما ليس من شأنه السماع لم يمتنع لقوله تعالى : { إنا عرضنا الأمانة } الآية وقوله : { فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها } الآية . كما نقله المؤلف فيما يأتي ( ص 72 ) .

فإذا علمت أيها القارئ الكريم أن الموتى لا يسمعون فقد تبين أنه لم يبق هناك مجال لمناداتهم من دون الله تعالى ولو بطلب ما كانوا قادرين عليه وهم أحياء كما تقدم بيانه في ( ص 16 - 21 ) بحكم كونهم لا يسمعون النداء وأن مناداة من كان كذلك والطلب منه سخافة في العقل وضلال في الدين وصدق الله العظيم القائل في كتابه الكريم : { ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون . وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين } . ( الأحقاف 5 - 6 ) .
هذا ولما كان الواقع يشهد أنه لا يزال في هؤلاء المبتلين بنداء الموتى والاستغاثة بهم من دون الله تعالى من يرجو الدار الآخرة ويحرص على معرفة الحق واتباعه إذا تبين له اقتطعت من وقتي الضيق ما مكنني من التعليق على هذه الرسالة النافعة إن شاء الله تعالى وتحقيقها وتخريج أحاديثها ووضع هذه المقدمة بين يديها راجيا من المولى سبحانه وتعالى أن ينفع بها المخلصين من المسلمين ويجعلنا وإياهم من { الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب } . ( الزمر 18 ) .

دمشق 15 جمادى الأولى سنة 1398 هـ .
وكتب
محمد ناصر الدين الألباني
 
سماع الموتى أمر غيبي من أمور الحياة البرزخية التي لا يعلمها إلا الله عز وجل فلا يجوز الخوض فيه بالأقيسة والآراء وإنما يوقف فيه مع النص إثباتا ونفيا وكلام العلماء يستدل له ولا يستدل به ، وعامة نصوص السنة الصحيحة الصريحة تثبت السماع ، وأنا أطالبك بحديث واحد صحيح أو ضعيف ينفي السماع ، والعقل لا يخصص النصوص والنص لا يخصص إلا بنص مثله ، ولهذا بعض علماء الأصول يسمي التخصيص نسخاً ، والحياة البرزخية من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل والعقل لا يدرك حقيقتها والحكم على الشيء فرع عن تصوره ، وتقديم العقل على النقل قدح في العقل وهو من المآخذ على المعتزلة ومن وافقهم .
 
سؤال لمن احتج بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لقتلى بدر

أليس الفعل لاعموم له؟حسب مايقول الأصوليون


ثانيا أليس العالم الغيبي لايقاس على عالم الشهادة


العلماء أعلم مني ولكن أريد ان اعرف الجواب عن هذا
 
الأصل في النصوص العموم سواء فعله أو تقريره أو قوله وأما خطابه لأهل بدر هل يطلق عليه أنه فعل ؟؟ لا بد أن نفرق بين الفعل والقول وخطابه لأهل بدر خطاب قولي ولا علاقة له بالفعل وحديث سماع قرع النعال ، وحديث السلام على أهل القبور وحديث وصية عمرو بن العاص بالمقام عند قبره مقدار ما تنحر الجزور وفيه لأستأنس بكم وأعرف ما أراجع به رسل ربي إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي سبقت ، وعامة النصوص المصرحة بالسماع كلها نصوص قولية صريحة في السماع ولا يمكن تخصيص شيء منها ، وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله بعد مناقشة تلك النصوص من الكتاب والسنة : إن الذي يرجّحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن اللَّه يردّ عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردّوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضًا تسمع وتردّ بعد فناء الأجسام لأنا قد قدّمنا أن هذا ينبني على مقدّمتين ثبوت سماع الموتى بالسنة الصحيحة وأن القرءان لا يعارضها على التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرءانيّة واستقراء القرءان وإذا ثبت ذلك بالسنة الصحيحة من غير معارض من كتاب ولا سنّة ظهر بذلك رجحانه .
 
يقول الأخ أبو عبد الله:
"سماع الموتى أمر غيبي من أمور الحياة البرزخية التي لا يعلمها إلا الله عز وجل فلا يجوز الخوض فيه بالأقيسة والآراء وإنما يوقف فيه مع النص إثباتا ونفيا"

ونقول هل وقفنا إلا مع النص ، فالله يقول:
(إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) سورة النمل (80)
(فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) سورة الروم (52)
(وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) سورة فاطر(22)
(إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) سورة فاطر (14)

ثم إن العقل كذلك يدل على ما دل عليه النص ، فالعقل الصحيح لا ينافي النص الصحيح .
إن الله تعالى قد جعل الحياة شرطا لانتفاع الإنسان بالحواس ، فإذا ذهبت الحياة تعطلت الحواس وإذا تعطلت الحواس ذهب نفعها حتى مع الحياة، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى:

(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195) سورة الأعراف

أما قولك:
"وكلام العلماء يستدل له ولا يستدل به".

فأقول كلام العلماء يستدل به على الفهم الصحيح للنصوص ، فهم أول الناس بالفهم الصحيح للنصوص ولهذا أمر الله بالرد إليهم عند الاشكال ، فقال:
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ) سورة النساء(83)

وأما قولك:
"وعامة نصوص السنة الصحيحة الصريحة تثبت السماع ، وأنا أطالبك بحديث واحد صحيح أو ضعيف ينفي السماع"

فأقول يقابل ذلك النصوص الصريحة من القرآن التي تنفي السماع ، وإذا تعارضت النصوص الصحيحة الصريحة في الظاهر وجب البحث عن ما يرفع الاشكال.

والشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى ذهب إلى المجاز وهو لا يسعفه لأنه لا يقول به في كتاب الله ، وحتى لو قال به فلا بد أن يكون هناك قدر مشترك بين المجاز والحقيقة.

وأما ما قال به الشيخ الألباني رحمه الله تعالى فهو الفهم الصحيح للنصوص.
وإذا كان الأموات يسمعون لماذا أحتاج الرسول صلى الله عليه وسلم أن ترد إليه روحه حتى يسمع؟

وأما قولك:
"والعقل لا يخصص النصوص والنص لا يخصص إلا بنص مثله "
فأقول لك هل قول الله تعالى:
(إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ) سورة النمل(23)
من العام المخصوص؟ وإذا كان كذلك فهل ممكن أن تأتينا بالنص الذي خصصه؟

وأما قولك :
"والحياة البرزخية من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل والعقل لا يدرك حقيقتها والحكم على الشيء فرع عن تصوره "

فأقول إن هذا أمر مفروغ منه ويعرفه كل أحد.

وأما قولك:
" وتقديم العقل على النقل قدح في العقل وهو من المآخذ على المعتزلة ومن وافقهم ."

فأقول : إن العقل هو مناط التكليف ، والله لا يخاطب إلا العقلاء ،والعقل هو الذي يفهم النص ، والمعتزلة ومن وافقهم ما وقعوا فيما وقعوا فيه لأنهم قدموا العقل على النص ، وإنما لأن عقولهم قصرت عن فهم النص الفهم الصحيح.

* ثم يبدوا إن في مشاركاتك فيروس ،لأني كلما أردت الاقتباس منها يتعطل الجهاز عندي.
 
لما ذا لا تأتي بنصوص السنة الدالة على نفي سماع الأموات ؟؟؟ ابحث عنها لعلك تجدها ولن تجدها لأنها لا توجد ، أما تخصيص النصوص بالعقل فهو في غاية الغرابة لأن معناه ترك نصوص الوحي الصادرة من المعصوص صلى الله عليه وسلم الذي ما ينطق عن الهوى وجعل مكانها كلام البشر غير معصوم ولا شك أن تقديم العقل على النقل قدح في العقل ، أما نصوص القرآن فالمراد بها موتى القلوب المعرضين عن الهداية المعاندين للرسالات السماوية ، وإليك الكلام عنها فلعلك لم تقرأه أو أنك تجاهلته قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي : قوله تعالى : إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى أي الذين فارقت أرواحهم أبدانهم لما كان في ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم كما ترى واعلم أن آية النمل هذه جاءت آيتان أُخريان بمعناها الأولى منهما قوله تعالى في سورة الروم فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ وَمَا أَنتَ بهادي الْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِئَايَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ولفظ آية الروم هذه كلفظ آية النمل التي نحن بصددها فيكفي في بيان آية الروم ما ذكرنا في آية النمل والثانية منهما قوله تعالى في سورة فاطر إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ وآية فاطر هذه كآية النمل والروم المتقدمتين لأن المراد بقوله فيها مَن فِى الْقُبُورِ الموتى فلا فرق بين قوله إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وبين قوله وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ لأن المراد بالموتى ومن في القبور واحد كقوله تعالى وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى الْقُبُورِ أي يبعث جميع الموتى من قُبِر منهم ومن لم يقبر وقد دلَّت قرائن قرءانيّة أيضًا على أن معنى آية فاطر هذه كمعنى آية الروم منها قوله تعالى قبلها وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ لأن معناها لا ينفع إنذارك إلا من هداه اللَّه ووفّقه فصار ممن يخشى ربّه بالغيب ويقيم الصلاة وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ أي الموتى أي الكفار الذين سبق لهم الشقاء كما تقدّم ومنها قوله تعالى أيضًا وَمَا يستوي الأعمى وَالْبَصِيرُ أي المؤمن والكافر وقوله تعالى بعدها وَمَا يستوي الأحياء وَلاَ الأموات أي المؤمنون والكفار ومنها قوله تعالى بعده إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ أي ليس الإضلال والهدى بيدك ما أنت إلا نذير أي وقد بلّغت التفسير الثاني هو أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل ولكن المراد بالسماع المنفي في قوله إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى خصوص السماع المعتاد الذي ينتفع صاحبه به وأن هذا مثل ضرب للكفار والكفار يسمعون الصوت لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتّباع كما قال تعالى وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع كما لم ينف ذلك عن الكفار بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذين ينتفعون به وأمّا سماع آخر فلا وهذا التفسير الثاني جزم به واقتصر عليه أبو العباس ابن تيمية كما سيأتي إيضاحه إن شاء اللَّه في هذا المبحث وهذا التفسير الأخير دلَّت عليه أيضًا آيات من كتاب اللَّه جاء فيها التصريح بالبكم والصمم والعمى مسندًا إلى قوم يتكلّمون ويسمعون ويبصرون والمراد بصممهم صممهم عن سماع ما ينفعهم دون غيره فهم يسمعون غيره وكذلك في البصر والكلام وذلك كقوله تعالى في المنافقين صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ فقد قال فيهم صُمٌّ بُكْمٌ مع شدّة فصاحتهم وحلاوة ألسنتهم كما صرّح به في قوله تعالى فيهم وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ أي لفصاحتهم وقوله تعالى فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ فهؤلاء الذين إن يقولوا تسمع لقولهم وإذا ذهب الخوف سلقوا المسلمين بألسنة حداد هم الذين قال اللَّه فيهم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ وما ذلك إلاَّ أن صممهم وبكمهم وعماهم بالنسبة إلى شيء خاص وهو ما ينتفع به من الحقّ فهذا وحده هو الذي صمّوا عنه فلم يسمعوه وبكموا عنه فلم ينطقوا به وعموا عنه فلم يروه مع أنهم يسمعون غيره ويبصرونه وينطقون به كما قال تعالى وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مّن شيء وهذا واضح كما ترى ، وقد أوضحنا هذا غاية الإيضاح مع شواهده العربية في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في سورة البقرة في الكلام على وجه الجمع بين قوله في المنافقين صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ مع قوله فيهم وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وقوله فيهم سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ وقوله فيهم أيضًا وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ وقد أوضحنا هناك أن العرب تطلق الصمم وعدم السماع على السماع الذي لا فائدة فيه وذكرنا بعض الشواهد العربية على ذلك مسألة تتعلق بهذه الآية الكريمة اعلم أن الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلّمهم وأن قول عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها إنهم لا يسمعون استدلالاً بقوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وما جاء بمعناها من الآيات غلط منها رضي اللَّه عنها وممن تبعها وإيضاح كون الدليل يقتضي رجحان ذلك مبني على مقدّمتين الأولى منهما أن سماع الموتى ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعدّدة ثبوتًا لا مطعن فيه ولم يذكر صلى الله عليه وسلم أن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت والمقدمة الثانية هي أن النصوص الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم في سماع الموتى لم يثبت في الكتاب ولا في السنة شيء يخالفها وتأويل عائشة رضي اللَّه عنها بعض الآيات على معنى يخالف الأحاديث المذكورة لا يجب الرجوع إليه لأن غيره في معنى الآيات أولى بالصواب منه فلا ترد النصوص الصحيحة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بتأوّل بعض الصحابة بعض الآيات وسنوضح هنا إن شاء اللَّه صحة المقدمتين المذكورتين وإذا ثبت بذلك أن سماع الموتى ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من غير معارض صريح علم بذلك رجحان ما ذكرنا أن الدليل يقتضي رجحانه أمّا المقدمة الأولى وهي ثبوت سماع الموتى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فقد قال البخاري في صحيحه حدّثني عبد اللَّه بن محمد سمع روح بن عبادة حدّثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلمّا كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها رحلها ثم مشى واتّبعه أصحابه وقالوا ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان أيسرّكم أنكم أطعتم اللَّه ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا قال فقال عمر يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما تكلم من أجساد لا أرواح لها فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمّد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قال قتادة أحياهم اللَّه له حتى أسمعهم توبيخًا وتصغيرًا ونقمة وحسرة وندمًا فهذا الحديث الصحيح أقسم فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم أن الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع لما يقول صلى الله عليه وسلم من أولئك الموتى بعد ثلاث وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى ولم يذكر صلى الله عليه وسلم في ذلك تخصيصًا وكلام قتادة الذي ذكره عنه البخاري اجتهاد منه فيما يظهر وقال البخاري في صحيحه أيضًا حدثني عثمان حدّثني عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال وقف النبيّ صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول فذكر لعائشة فقالت إنما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى حتى قرأت الآية انتهى من صحيح البخاري وقد رأيته أخرج عن صحابيين جليلين هما ابن عمر وأبو طلحة تصريح النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن أُولئك الموتى يسمعون ما يقول لهم.
 
الأخ الفاضل أبو عبد الله

لماذا تعيد ما سبق أن قرأناه وفهمناه؟

الله يقول : "إنك لاتسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء"
وقال :"وما أنت بمسمع من في القبور"

وأنت وأنا وكذلك الشيخ الشنقيطي رحمه الله وغيره من أهل العلم نقول : المراد الكفار الذين لم يرد الله أن يهديهم.

وأنا أسألك لماذا قال "الموتى" وهم أحياء؟ وقال "الصم " وهم لهم آذان؟ وقال " العمى" وهم لهم أعين؟
ولماذا قال " من في القبور" وهم على وجه الأرض؟

وأيضا سألتك سابقاً : إذا كان الموتى يسمعون السماع المعتاد فلماذ قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "

أرجو أن تجيبني بكلامك لا بكلام غيرك.

وفقنا الله وإياك لكل خير.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
 
قول النبي صلى الله عليه وسلم :
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
هذا الحديث ما ذا تفهم منه هل هو في نظرك يدل على نفي السماع أم ما ذا ؟؟
لاشك أن هذا الحديث من ضمن النصوص الكثيرة المصرحة بالسماع وسماع الأموات لا يقاس بالعقل ولا بالتخمين ولذا حديث سماع قرع النعال وحديث أستأنس بكم وأعرف ما ذا أراجع به رسل ربي وحديث ما أنتم بأسمع منهم وحديث السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين إلى آخره إلى غيرذلك من النصوص التي قالها المشرع ولم يصل إلينا نص واحد من السنة يخالفها أو يخصصها فالواجب علينا الإيمان بهذه النصوص وبما دلت عليه ، وأما حديث رد الله علي روحي فهو من باب الإخبار أنه يسمعهم ويرد عليهم بعد رد روحه عليه ولا تعارض بينه وبين غيره من النصوص ومثله حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " وحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك : يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة " وحديث إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغون عن أمتي السلام . إلى غير ذلك من النصوص فالواجب علينا الإيمان بهذه النصوص وبما دلت عليه والله أعلم .
 
السلام عليكم
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
قد تكون دلالة الحديث أن النبى سمع ولايرد إلا بعد أن يرد الله روحه عليه
ولكن بالجمع مع حديث الملك يتبين أن النبى لم يسمع بل الذى سمع الملك
حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " وحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك : يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة "
إذن لا سماع إلا بواسطة الملك ,والملك هو الذى يقول للنبى ؛ " قال لي ذلك الملك "
وقول الملك له قد يدل على أن روحه صلى الله عليه وسلم هى التى تسمع
حديث عمار يدل على أن الملك موكل بالقبر وأن مايرد عليه هو ما قيل عند القبر فقط فهل لا نسلم عليه إلا عند القبر ؟!
وحديث أبى بكر يفيد أن الملك موكل به صلى الله عليه وسلم ولكن لماذا عند القبر هل يعنى أن الروح فى القبر ؟
وأعود إلى الحديث الأول :
رد الروح أهو احياء !؛
ومعنى رد الروح إلى البدن أن رد السلام يكون من خلال القول باللسان ...! وإن لم يكن باللسان فلترد الروح السلام دون أن ترد إلى البدن , وهل يستحق رد السلام أن ترد الروح إلى البدن ؛
ولكثرة المسلمين عليه فالروح دائما فى البدن مما حدا ببعضهم أن يقول أن النبى حى فى قبره !!
المستفيد من التسليم على النبى هو المسلم وليس النبى ؛
ونحن نسلم عليه طاعة لأمر الله فهى عبادة نؤديها كما أمرنا ؛
ومن يقول أن السماع حاصل هو الذى يريد أن يتصور كيفية ويقحم العقل فى ما فائدة التسليم عليه وقد مات ؟
 
نصوص السنة الصحيحة مصرحة بالسماع وكيفية السماع لا يعلمها إلا الله عز وجل ولا مدخل للعقل في هذا الباب لأن أحوال الحياة البرزخية وراء العقل لا يعلم كيفيتها إلا اله عز وجل نحن جاءتنا نصوص صحيحة مصرحة بأن الأموات يسمعون فالواجب علينا الإيمان بها والوقوف عندها والعمل بمقتضاها حتى يأتينا ما يخصصها ولا وجود له أما كونه السماع الحاصل هو من تبليغ الملك أو من المسلم مباشرة هذا مغيب عنا جاءت النصوص بهذا وهذا ولا فرق بين ذلك ولا تعارض بين تلك النصوص البتة ، المهم السماع حاصل وثابت بالنصوص وليس بالعقل كما تقرره في قولك : ( ومن يقول أن السماع حاصل هو الذى يريد أن يتصور كيفية ويقحم العقل فى ما فائدة التسليم عليه وقد مات ) ما هذا الكلام ؟؟ وقد قرأت النصوص المصرحة بالسماع فسأعيدها إليك هنا :
حديث ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
هذا الحديث ما ذا تفهم منه هل هو في نظرك يدل على نفي السماع أم ما ذا ؟؟
لاشك أن هذا الحديث من ضمن النصوص الكثيرة المصرحة بالسماع وسماع الأموات لا يقاس بالعقل ولا بالتخمين ولذا حديث سماع قرع النعال وحديث أستأنس بكم وأعرف ما ذا أراجع به رسل ربي وحديث ما أنتم بأسمع منهم وحديث السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين إلى آخره إلى غيرذلك من النصوص التي قالها المشرع ولم يصل إلينا نص واحد من السنة يخالفها أو يخصصها فالواجب علينا الإيمان بهذه النصوص وبما دلت عليه ، وأما حديث رد الله علي روحي فهو من باب الإخبار أنه يسمعهم ويرد عليهم بعد رد روحه عليه ولا تعارض بينه وبين غيره من النصوص ومثله حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " وحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك : يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة " وحديث إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغون عن أمتي السلام . إلى غير ذلك من النصوص فالواجب علينا الإيمان بهذه النصوص وبما دلت عليه والله أعلم .
وإليك كلام العلماء على قوله صلى الله عليه وسلم " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
قال شمس الحق العظيم آبادي : قال في فتح الودود إلا رد الله علي روحي من قبيل حذف المعلول وإقامة العلة مقامه وهذا فن في الكلام شائع في الجزاء والخبر مثل قوله تعالى فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك أي فإن كذبوك فلا تحزن فقد كذب
الخ فحذف الجزاء وأقيم علته مقامه وقوله تعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أي إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلا نضيع عملهم لأنا لا نضيع أجر من أحسن عملا فكذا ها هنا يقدر الكلام أي ما من أحد يسلم علي إلا أرد عليه السلام لأني حي أقدر على رد السلام وقوله حتى أرد عليه أي فسبب ذلك حتى أرد عليه فحتى هنا حرف ابتداء تفيد السببية مثل مرض فلان حتى لا يرجونه لا بمعنى كي وبهذا اتضح معنى الحديث ولا يخالف ما ثبت حياة الأنبياء عليهم السلام انتهى كلامه
وقال السيوطي وقع السؤال عن الجمع بين هذا الحديث وبين حديث الأنبياء أحياء وفي قبورهم يصلون وسائر الأحاديث الدالة في حياة الأنبياء فإن ظاهر الأول مفارقة الروح في بعض الأوقات وألفت في الجواب عن ذلك تأليفا سميته انتباه الأذكياء بحياة الأنبياء
وحاصل ما ذكرته فيه خمسة عشر وجها أقواها أن قوله رد الله روحي جملة حالية وقاعدة العربية أن جملة الحال إذا صدرت بفعل ماض قدرت فيه كقوله تعالى أو جاؤوكم حصرت صدورهم أي قد حصرت وكذا ها هنا يقدر قد والجملة ماضية سابقة على السلام الواقع من كل أحد وحتى ليست للتعليل بل لمجرد العطف بمعنى الواو فصار تقدير الحديث ما من أحد يسلم علي إلا قد رد الله على روحي قبل ذلك وأرد عليه ، وإنما جاء الإشكال من أن جملة رد الله علي روحي بمعنى حال أو استقبال وظن أن حتى تعليلية ولا يصح كل ذلك ، وبهذا الذي قدرناه ارتفع الإشكال من أصله ، ويؤيده من حيث المعنى أن الرد لو أخذ بمعنى حال أو استقبال للزم تكرره عند تكرر المسلمين وتكرر الرد يستلزم تكرر المفارقة وتكرر المفارقة يلزم عليه محذورات منها تألم الجسد الشريف بتكرار خروج روحه وعوده أو نوع ما من مخالفة تكرير إن لم يتألم ومنها مخالفة سائر الناس من الشهداء وغيرهم إذا لم يثبت لأحدهم أنه يتكرر له مفارقة روحه وعوده بالبرزخ وهو صلى الله عليه وسلم أولى بالاستمرار الذي هو أعلى رتبة ، ومنها مخالفة القرآن إذ دل أنه ليس إلا موتتان وحياتان وهذا التكرار يستلزم موتات كثيرة وهو باطل ، ومنها مخالفة الأحاديث المتواترة الدالة على حياة الأنبياء وما خالف القرآن والسنة المتواترة وجب تأويله ، قال البيهقي في كتاب الاعتقاد الأنبياء بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء ، والحديث أخرجه البيهقي في كتاب حياة الأنبياء بلفظ إلا وقد رد الله علي روحي بزيادة لفظ قد وقال البيهقي في شعب الإيمان وقوله إلا رد الله علي روحي معناه والله أعلم إلا وقد رد الله علي روحي فأرد عليه السلام فأحدث الله عودا على بدء ، قال السيوطي ولفظ الرد قد لا يدل على المفارقة بل كنى به عن مطلق الصيرورة وحسنه هذا مراعاة المناسبة اللفظية بينه وبين قوله حتى أرد عليه السلام فجاء لفظ الرد في صدر الحديث لمناسبة ذكره بآخره ، وليس المراد بردها عودها بعد مفارقة بدنها وإنما النبي صلى الله عليه وسلم بالبرزخ مشغول بأحوال الملكوت مستغرق في مشاهدته تعالى كما هو في الدنيا بحالة الوحي فعبر عن إفاقته من تلك الحالة برد الروح انتهى
قال الشيخ تاج الدين الفاكهاني فإن قلت قوله إلا رد الله علي روحي لا يلتئم مع كونه حيا دائما بل يلزم منه أن تتعدد حياته ومماته فالجواب أن يقال معنى الروح هنا النطق مجازا فكأنه قال إلا رد الله علي نطقي وهو حي دائما لكن لا يلزم من حياته نطقه فيرد عليه نطقه عند سلام كل أحد وعلاقة المجاز أن النطق من لازمه وجود الروح كما أن الروح من لازمه وجود النطق بالفعل أو القوة فعبر صلى الله عليه وسلم بأحد المتلازمين عن الآخر
ومما يحقق ذلك أن عود الروح لا يكون إلا مرتين لقوله تعالى ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين انتهى كلامه
وقال العلامة السخاوي في كتاب البديع رد روحه يلزمه تعدد حياته ووفاته في أقل من ساعة إذ الكون لا يخلو من أن يسلم عليه بل قد يتعدد في آن واحد كثيرا ، وأجاب الفاكهاني وبعضهم بأن الروح هنا بمعنى النطق مجازا فكأنه قال يرد الله علي نطقي ، وقيل إنه على ظاهره بلا مشقة .
عون المعبود شرح سنن أبي داود للعظيم آبادي 6/19- 21
 
السلام عليكم
هل هناك شبهة تعارض بين الحديثين
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
" إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك"
أنت قلت أن الأول دليل على السماع
فهل الثانى فيه دليل على السماع أم على نفى السماع المباشر إذ الذى يسمع هو الملك ثم يبلغ النبى
ونحن لا نتكلم فى رد الروح
نحن نتكلم عن السماع فليس لما نقلت ها هنا يقدر الكلام أي ما من أحد يسلم علي إلا أرد عليه السلام لأني حي أقدر على رد السلام - علاقة بكلامنا
ولأن الحديث الثانى يدل على أن السلام أبلغ بواسطة الملك فإنه نفى للسماع
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : قولك بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم :
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
يدل على نفي السماع فهل سبقك أحد من العلماء لهذا الفهم أوالاستنباط ؟ أم أنه فهم واسنباط خاص بك ؟
لا شك أن السماع ثابت بالنصوص الصحيحة الصريحة ولا يوجد نص واحد من السنة يخصص تلك النصوص ، وسماع الأموات لا يقاس بالعقل ولا بالتخمين ولا مجال فيه للعقل وقد سبق ذكر النصوص المصرحة بالسماع مثل حديث سماع قرع النعال وحديث أستأنس بكم وأعرف ما ذا أراجع به رسل ربي وحديث مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ جَوَاباً ) ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَجُرُّوا بِأَرْجُلِهِمْ ، فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ ، وحديث ( السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ ، وحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( إِنَّ الْمَيِّتَ يَعْرِفُ مَنْ يَحْمِلُهُ ، وَمَنْ يُغَسِّلُهُ ، وَمَنْ يُدَلِّيهِ فِي قَبْرِهِ ) ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : وَهُوَ فِي الْمَجْلِسِ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا ؟ قَالَ : مِنْ أَبِي سَعِيدٍ ، فَانْطَلَقَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ ، فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ : مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا ، قَالَ : مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إلى غير ذلك من النصوص التي قالها المشرع ولم يصل إلينا نص واحد من السنة يخالفها أو يخصصها فالواجب علينا الإيمان بهذه النصوص وبما دلت عليه ، والوقوف عندها لأنها قالها المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
قال ابن تيمية رحمه الله : الميت يعرف من يزوره ، ولهذا كانت السنة أن يقال : السلام عليكم أهل دارِ قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لا حقون ، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم ، والمستأخرين ، والله أعلم .
وقال ابن القيم رحمه الله : وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور ، أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه ، فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد ، والسلف مجمعون على هذا ، وقد تواترت الآثار عنهم ، بأن الميت يعرف زيارة الحي له ، ويستبشر به ، وقال أيضاً : ويكفي في هذا تسمية المسلِّم عليهم زائراً ، ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائراً ، فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره ، لم يصح أن يقال زاره ، هذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم ، وكذلك السلام عليهم أيضاً ، فإن السلام على من لا يشعر ، ولا يعلم بالمسِّلِمِ محال ، وقد علم النبي أمته إذا زاروا القبور ، أن يقولوا : سلامٌ عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم ، والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، وهذا السلام والخطاب والنداء لِمَوجُود ، يسمع ، ويخاطب ، ويعقل ويرد ، وإن لم يسمعِ المسلِّم الرد ، وإذا صلى الرجل قريباً منهم شاهدوه ، وعلموا صلاتَهُ ، وغبطوه على ذلك.
 
السلام عليكم
ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
يدل على نفي السماع فهل سبقك أحد من العلماء لهذا الفهم أوالاستنباط ؟ أم أنه فهم واسنباط خاص بك ؟
لم أقل هذا
أنا قلت أن الحديث" إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك" يدل على أن السلام أبلغ بواسطة الملك فإنه نفى للسماع
وبجمعهما نفهم إذا سلم رجل على النبى يسمع الملك الموكل بالقبر فيبلغ النبى فيرد الله علي النبى روحه فيرد السلام ؛ وبهذا ليس فى الحديث الأول دليل على السماع المباشر
وأنا لم أتكلم فى أصل المسألة ولكن فى اتخاذك من هذا الحديث دليل للسماع ؛
 
لم أقل هذا
أنا قلت أن الحديث" إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك" يدل على أن السلام أبلغ بواسطة الملك فإنه نفى للسماع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا استدلال واستنباط في غاية الغرابة ، وهل السماع الذي أبلغ بواسطة الملك يدل على نفي السماع ولتعلم بأن كيفية السماع لا يعلمها إلا الله عز وجل ، وهل سماع قرع النعال بواسطة الملك أو واسطة ما ذا ؟؟ وهل السماع من الزائر الذي يخاطب القبور بقوله السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون بواسطة الملك أو واسطة ما ذا ؟؟ وهل السماع في قوله صلى الله عليه وسلم " ما أنتم بأسمع منهم " بواسطة الملك أو ما ذا ؟؟ إلى غير ذلك من النصوص المصرحة بالسماع ، لا شك أن كيفية هذا السماع مغيب عن الجميع لا يعلمه إلا الله عز وجل ، لأن أمور الحياة البرزخية وراء العقل ، والعقل لا يدركها لأنها من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل ، والذي يهمنا هنا هو إثبات السماع كما جاءت النصوص المصرحة بذلك فالواجب علينا الإيمان بها والعمل بمقتضاها ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
[align=center]هكذا تهدر الأوقات وتضيع الأعمار فيما لا طائل تحته

المسألة فيها قولان ولكل قول دليله والخلاف لن يرفع ما دامت الأدلة محتمله.

فلنشتغل بما هو أنفع.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد[/align]
 
[align=center]هكذا تهدر الأوقات وتضيع الأعمار فيما لا طائل تحته

المسألة فيها قولان ولكل قول دليله والخلاف لن يرفع ما دامت الأدلة محتمله.

فلنشتغل بما هو أنفع.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا لا يقال للعلم وليس في نصوص الكتاب والسنة شيء لا طائل تحته بل تقرير دلالة النصوص هو من العلم النافع والاشتغال به من العبادة وصاحبه مأجور إن شاء الله والخلاف يرفع بدلالة النصوص ، وليس كل خلاف معتبر إلا ما كان له حظ من النظر.
 
يقول الأخ الفاضل أبو عبد الله:

"هذا لا يقال للعلم وليس في نصوص الكتاب والسنة شيء لا طائل تحته بل تقرير دلالة النصوص هو من العلم النافع والاشتغال به من العبادة وصاحبه مأجور إن شاء الله والخلاف يرفع بدلالة النصوص ، وليس كل خلاف معتبر إلا ما كان له حظ من النظر."

أنا لم أقل إن في نصوص الكتاب والسنة ما لا طائل تحته.

وأما تقرير دلالة النصوص فقد اختلف العلماء على قولين لكل واحد منهما حظ من النظر.

وأما أن تحاول أن تلاقي بين أذني الجمل فهو من البعث الذي لا طائل تحته.
 
يقول الأخ الفاضل أبو عبد الله:



أنا لم أقل إن في نصوص الكتاب والسنة ما لا طائل تحته.

وأما تقرير دلالة النصوص فقد اختلف العلماء على قولين لكل واحد منهما حظ من النظر.

وأما أن تحاول أن تلاقي بين أذني الجمل فهو من البعث الذي لا طائل تحته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جزاك الله خيراً لا شك أنك اطلعت على النصوص التي تثبت السماع فابحث لنا عن النصوص التي تنفي السماع هذا صلب الموضوع وهو محل النقاش فلنتقيد به ولا نخرج عنه . وأما ما قيل وكتب في المداخلات فهو موجود ومسطر ولا يحتاج إلى نفي أو إثبات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
يقول الأخ الفاضل أبو عبد الله:



أنا لم أقل إن في نصوص الكتاب والسنة ما لا طائل تحته.

وأما تقرير دلالة النصوص فقد اختلف العلماء على قولين لكل واحد منهما حظ من النظر.

وأما أن تحاول أن تلاقي بين أذني الجمل فهو من البعث الذي لا طائل تحته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جزاك الله خيراً لا شك أنك اطلعت على النصوص التي تثبت السماع فابحث لنا عن النصوص التي تنفي السماع هذا صلب الموضوع وهو محل النقاش فلنتقيد به ولا نخرج عنه . وأما ما قيل وكتب في المداخلات فهو موجود ومسطر ولا يحتاج إلى نفي أو إثبات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
السلام عليك
هذا استدلال واستنباط في غاية الغرابة ، وهل السماع الذي أبلغ بواسطة الملك يدل على نفي السماع ولتعلم بأن كيفية السماع لا يعلمها إلا الله عز وجل ، وهل سماع قرع النعال بواسطة الملك أو واسطة ما ذا ؟؟
إن كان السماع بآلية غير الصوت فلا خلاف .
ولكن -من وجهة نظرى - الخلاف فى كونه سماع عادى بموجات صوتية ؛ فقرع النعال صوت ؛ ورد السلام بعد رد الروح للبدن صوت ؛ وإن لم يكن صوتا لما كان هناك داع لرد الروح للبدن لزوم الرد
هكذا أحرر الخلاف
والكلام عن المسألة ومدارستها ليس من العبث بل هو علم نافع بإذن الله علنا نصل فيها إلى جواب شاف ؛والله المستعان
 
إن كان السماع بآلية غير الصوت فلا خلاف .
ولكن -من وجهة نظرى - الخلاف فى كونه سماع عادى بموجات صوتية ؛ فقرع النعال صوت ؛ ورد السلام بعد رد الروح للبدن صوت ؛ وإن لم يكن صوتا لما كان هناك داع لرد الروح للبدن لزوم الرد
هكذا أحرر الخلاف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل سبقك أحد لهذا التفصيل وهل النصوص تدل عليه في نظرك ؟؟
وقولك : ( إن كان السماع بآلية غير الصوت فلا خلاف ) ما معنى هذه الجملة ومن قالها ؟؟ وهل أنت مستوعب لمعناها ؟؟ حتى تقرروتقول : فلا خلاف ) .
وكذلك الشأن في هذه الجملة أيضاً : ( الخلاف فى كونه سماع عادى بموجات صوتية ؛ فقرع النعال صوت ؛ ورد السلام بعد رد الروح للبدن صوت ) أرجو الإفادة !!
وأكرر القول : لا شك أنك اطلعت على النصوص التي تثبت السماع فابحث لنا عن النصوص التي تنفي السماع هذا هو صلب الموضوع وهو محل النقاش فلنتقيد به ولا نخرج عنه .
 
السلام عليكم
هل سبقك أحد لهذا التفصيل وهل النصوص تدل عليه في نظرك ؟؟
قول الشيخ الشنقيطى
، وقد قدّمناه في هذا المبحث مرارًا وبجميع ما ذكرنا في هذا المبحث في الكلام على آية النمل هذه تعلم أن الذي يرجّحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن اللَّه يردّ عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردّوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضًا تسمع وتردّ بعد فناء الأجسام
أقول : معنى رد الأرواح إلى الأبدان أن الذى يسمع هو الانسان المكون من بدن وروح ,وليس الروح ؛ ولو كان الحوار حول سماع الروح فلن نختلف لأننا لا نعلم كيف تسمع الروح ؛فإذا ما ثبت بالنص أنها تسمع فما علينا إلا الايمان والتصديق ؛ ولو كانت المسألة هل تسمع الروح بعد الخروج بالموت أو القتل لما سأل
فقال له عمر يا رسول اللَّه أتخاطب من أقوام قد جيفوا ؟ فقال والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنّهم لا يستطيعون جوابًا ؛سؤال عمر يدل على أنه فهم أن السماع من خلال الأذن بصوت ولم يدل النص على أنه بالروح بل دل غيره على أن السماع من خلال البدن الذى تُرد إليه .
فابحث لنا عن النصوص التي تنفي السماع
كما قلت أنت أن الأحكام لا تؤخذ من الفوائد البلاغية فلن نعتبر الكناية ولا المجاز ,النص يقول " وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ" هذا هو النص ؛ثم أسأل :ما حكم مخاطبة من فى القبور ولو بالسلام ؟
"وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ " فاطر 22
ولو قلت أن الموتى تعنى الكفار فى آية " إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ.. " فآية فاطر لاتعنى الموتى ولكن الأموات ؛ والخطاب للرسول أنه لايُسمع الأموات الذين فى القبور لا كلامه ولاسلامه فكيف يُسمعهم غيره ؛
هل أفادت الآية أن الله شاء أن يسمعهم ؛إن قوله تعالى "... إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ..." يدل على أنهم فى القبور لايسمعون لأن الله سبحانه شاء أن يسمع الأحياء ؛ فأنت تسمع من شاء الله أن يسمع وهم الأحياء أما الأموت فلا يستوون مع الأحياء ووجه عدم الاستواء أن الأموات لايسمعون ؛
وآية الروم " فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ وَمَا أَنتَ بهادي الْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِئَايَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ الروم 52 ,53
تتكلم عن الانسان فى طور الحياة الدنيا ؛ وإن قلت أن الموتى فيها قد يشملون أمواتا فى القبور لقلت لك إذن فخطابه صلى الله عليه وسلم لقتلى بدر غير المؤمنين لم يسمعوه لأنه ". إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِئَايَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ".
نص آخر "إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ ..." فاطر 14؛ لايسمع من فى القبر من يدعوه
إذن
الأموات فى القبور لايسمعون
الموتى هم أحياء كافرون يسمعون السماع المادى ولكنهم لايسمعون سماع انتفاع وهدى
السلام على المقبرة فيه فائدة للحى حيث يتعظ ويذكر الموت ويقرر ايمانه بما بعد الموت ؛ ولا علاقة بما فى القبر بهذا
 
هذه الآيات لا تنفي السماع وقد تقدم تفسيرها وبيان المراد منها بما لا مزيد عليه والسنة تبين مجمل القرآن وقد جاءت السنة الصحيحة الصريحة بالسماع ولم يوجد نص واحد من السنة يعارضها فالمطلوب هو إيجاد نص من السنة يخصص أو يعارض تلك النصوص الدالة على السماع .
 
السلام عليكم
الأصل أن السمع صفة حياة ؛ فلا يسمع إلا الحى ؛
كان الناس أمواتا قبل أن يحييهم الله بخلقهم نطفة فى قرار مكين "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "؛فإن كان أحدهم سمع فليخبرنا
أصحاب الكهف كانوا فى الموتى 309 سنة فهل كانوا يسمعون ؛ "فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً " ألا يكفى هذا دليلا لنفى السماع !
لم يرد نص يفيد أن أحداً يقول يوم القيامة أنه سمع بعد موته شيئا ؛
لايسمع الأموات إلا صيحة البعث يوم القيامة

ونصوص الأحاديث التى تحتج بها وضحنا أنها تحتمل أيضا نفى سماع الأموات
مثل حديث الملك الموكل بالقبر فالملك هو الذي يسمع
وتخصيص " ما أنت بأسمع لى منهم " تقول عنه ليس تخصيصا
كيف وكلمة لى فى النص تفيد أن هؤلاء خاصة يسمعون خطاب الرسول هذا خاصة
ولو كان الأمر عاما لماذا لم يكلم الرسول شهداء أحد أو غير أولئك النفر من صناديد قريش
 
أسئلة أرجو أن يجيب عليها بو عبد الله

"إنك لا تسمع الموتى"
"وما أنت بمسمع من في القبور"
هذه لا تنفي السماع ؟
هذه من المجمل؟
أين الإجمال فيها؟

وتقول : تقدم تفسيرها والمراد منها.

يعني اشرب والمطرق في ظهرك!

وإذا سمع الموتى هل يسمع الصم عندك أم لا؟

ويجوز عندك تأويل القرآن ولا يجوز تأويل الأحاديث؟

هل هو حب الانتصار للقول مهما كان؟

ثم سؤال آخر وأخير:
هل النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كل ما يحدث في مسجده ؟ هل يسمع الأذان والصلاة وخطب الجمعة؟

وهل يسمع أهل البقيع الأذان والصلاة والخطب وأصوات السيارات التي لا تتوقف عن الحركة حول البقيع إلا في أوقات قليلة من الليل؟
 
الأخ مصطفى سعيد قولك : الأصل أن السمع صفة حياة ؛ فلا يسمع إلا الحى

هذا كلام باطل ومردود لأنه كلام صادر من غير معصوم و يخالف نصوص الوحي التي قالها المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وقولك ( الأصل ) فمن أصل هذا الأصل ، ولتعلم بأن الأصل هو اتباع النصوص والتسليم لها قال الله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ) ، وقال ابن عباس أخشى عليكم صاعقة من السماء أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر ، وقال ابن شهاب الزهري من الله الرسالة ومن رسوله البلاغ وعلينا التسليم رواه البخاري وغيره .
فالذي يعترض على نصوص الوحي ويقدم عليها العقل على خطر عظيم .
وأما ما قاله الأخ محب القرآن : هل النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كل ما يحدث في مسجده ؟ هل يسمع الأذان والصلاة وخطب الجمعة؟

وهل يسمع أهل البقيع الأذان والصلاة والخطب وأصوات السيارات التي لا تتوقف عن الحركة حول البقيع إلا في أوقات قليلة من الليل؟
هذه الأسئلة
الجواب عنها أن الحياة البرزخية من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل ونحن نثبت ما أثبتته النصوص ، وننفي ما نفته النصوص ، وقد أثبتت النصوص سماع السلام وقرع النعال والاستئناس بالزوار ورد السلام وسماع من خاطبهم كما في قوله صلى الله عليه وسلم : " ما أنتم بأسمع منهم " إلى غير ذلك من النصوص الصحيحة ، وأكرر بأن صفة الحياة البرزخية لا يدركها العقل ولا التخمين بل مرجعها إلى النصوص والإيمان بها ، لأنها خارقة للعادة ، وفي حديث الإسراء أنه لما دخل المسجد الأقصى قام يصلي فالتفت فإذا النبيون أجمعون يصلون معه . ومثل ذلك قول النبي صلى اله عليه وسلم مررت ليلة أسري بي على موسى قائماً يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر رواه مسلم وغيره وكذلك رآه في المعراج في السماء السادسة ، ورأى إبراهيم في السماء السابعة مستند إلى بيت المعمور ، ثم تحاور معه موسى في عدد الصلوات المفروضة وقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فالعقل هنا يقف عند حده ولا داعي لقول من قال هل رآهم بأسجادهم أم بأرواحهم ، فتقول رآهم وصلى بهم وتحاور مع موسى كما جاءت النصوص بذلك ونؤمن بذلك لأن هذا من الغيب والله سبحانه وتعالى وصف المؤمنين بالإيمان بالغيب ، والغيب كلما غاب عنك فهو غيب ، فكذلك نقول أيضاً جاءت النصوص بأن الميت يسمع فنؤمن بتلك النصوص من غير اعتراض ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
يقول الأخ أبو عبد الله:

"الجواب عنها أن الحياة البرزخية من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل ونحن نثبت ما أثبتته النصوص ، وننفي ما نفته النصوص ، وقد أثبتت النصوص سماع السلام وقرع النعال والاستئناس بالزوار ورد السلام وسماع من خاطبهم ...."

إذن هو سماع خاص وحالات خاصة يا أبا عبد الله

ويبقى الأصل كما أخبر القرآن أن الأموات لا يسمعون.
 
أنت مصر على أن الآيات القرآنية تدل على نفي السماع وبنيت على ذلك قولك : ويبقى الأصل كما أخبر القرآن أن الأموات لا يسمعون.
وعلى افتراض صحة قولك هذا مع أنه بعيد كل البعد فالسنة تبين مجمل القرآن وبعد ما جاءت السنة الصحيحة الصريحة بإثبات السماع فبان بذلك المراد بالموتى موتى القلوب المعرضين عن الهداية ، وهذا مثل ضرب للكفار والكفار يسمعون الصوت لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتّباع ، والسنة بينت هذا الإجمال بأن الميت يسمع خطاب الحي له بصفة يعلمها الله عز وجل ، ولا داعي لإعادة الكلام فالحق واضح .
 
ما هو المجمل يا أبا عبد الله؟

هل ممكن أن تعرف لنا المجمل وتعطينا أمثلة عليه؟
 
المجمل كلما يفتقر إلى البيان والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي ، وفي اصطلاح الفقهاء كل لفظ لا يعلم المراد منه عند إطلاقه بل يتوقف على البيان .
ومن أمثلة ذلك : قوله تعالى ثلاثة قروء سورة البقرة 228 لأن القرء لفظ مجمل يحتمل الطهر و الحيض ، وما هو المراد من قوله تعالى إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور ؟ جاءت نصوص السنة وبينت بأن الميت يسمع من خاطبه من الأحياء فدل ذلك على أن المراد موتى القلوب فشبه قلوبهم الميت بمن في القبور .
قال ابن كثير : " قوله تعالى إن الله يسمع من يشاء أي يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والأنقياد لها وما أنت بمسمع من في القبور أي كما لا ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة إليها كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لاحيلة لك فيهم ولا تستطيع هدايتهم إن أنت إلا نذير أي إنما عليك البلاغ والإنذار والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء .
وقال السعدي : " وما أنت بمسمع من في القبور أي أموات القلوب ودعاءك لا يفيد المعرض المعاند شيئا ولكن وظيفتك النذارة والبلاغ .
 
كلام المفسرين قرأناه وفهمناه

أنا أسألك أنت أين الإجمال في قوله تعالى:

"إنك لا تسمع الموتى"؟
وفي قوله:
" وما أنت بمسمع من في القبور"؟

ما هو اللفظ الغامض أو المحتمل في الآيتين الذي يحتاج إلى تفسير وبيان؟

لا تأتني بكلام المفسرين أريد كلامك أنت.
 
زاك الله خيراً على علو الهمة على التعلم وأرجوا أن يكون ذلك من باب الحرص على الاستفادة لا من باب الجدل لأنك أنت محب القرآن ولست محباً للجدل !! قلت لك : بأن المجمل كلما يفتقر إلى البيان والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي ، وفي اصطلاح الفقهاء كل لفظ لا يعلم المراد منه عند إطلاقه بل يتوقف على البيان . ( والإجمال يكون في الألفاظ والأفعال وفي دلالتهما )
والإجمال هنا إجمال دلالة اللفظ في قوله تعالى "إنك لا تسمع الموتى" وفي قوله:" وما أنت بمسمع من في القبور" وفي معناهما فما هو المراد بالموتى ؟؟ وما هو المراد بالسماع المنفى ؟ هذا من أمثلة الإجمال في دلالة الألفاظ ، فجاءت السنة الصحيحة الصريحة بإثبات السماع فبان بذلك الإجمال المذكور بأن المراد بالموتى موتى القلوب المعرضين عن الهداية ، المعاندين للرسالات السماوية ، وهذا مثل ضرب للكفار والكفار يسمعون الصوت لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتّباع ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
السلام عليكم
وما مجمل " من فى القبور "؟!!
 
سألتك يا أبا عبد الله أين الإجمال فقلتَ:

"والإجمال هنا إجمال دلالة اللفظ في قوله تعالى "إنك لا تسمع الموتى" وفي قوله:" وما أنت بمسمع من في القبور" وفي معناهما فما هو المراد بالموتى ؟؟ وما هو المراد بالسماع المنفى ؟"

أين الإجمال ؟
 
الموضوع المراد منه الاستفادة وليس الفضول والجدل العقيم ، والوقت ثمين ولا يبذل إلا ما هو نافع ومفيد والحق واضح لمن أراده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
وفيما يخص تزاور أهل القبور فيما بينهم وقد يكون له علاقة بالموضوع وقد نزل بعض الإخوان هذا المقال تلاقي الأرواح في البرزخ ومعرفتهم لأحوال الأحياء فيرجى الرجوع إلى هذا الرابط : http://vb.tafsir.net/showthread.php?p=80356#post80356
 
عودة
أعلى