محمد بن جماعة
New member
- إنضم
- 23/01/2007
- المشاركات
- 1,211
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 38
- الإقامة
- كندا
- الموقع الالكتروني
- www.muslimdiversity.net
لأبي حيان التوحيدي كلام جميل في كتابه المقابسات، حول ولوع كل ذي علم بعلمه، أنقله هنا للفائدة:
المقابسة التاسعة: في ولوع كل ذي علم بعلمه ودعواه أن ليس في الدنيا أشرف من علمه
سأل أبو محمد الأندلسي النحوي عيسى بن علي بن عيسى الوزير وأنا عنده فقال: لم قال صاحب كل علم: ليس في الدنيا أشرف من علمي الذي أنظر فيه؟ هكذا تجد الطبيب، والمنجم، والنحوي، والفقيه، والمتكلم، والمهندس، والكاتب، والشاعر.. قال: وأنا لمكاني من النحو أقول هذا، وهكذا أجد جميع من سميت؟
قال الشيخ عيسى بن علي: هذا لأن صورة العلم في كل نفس واحدة، وكل أحد يجد تلك الصور بعينها، فيمدح العلم بها، ويظن أن تلك الصورة إنما هي لعلمه وحده، وكذلك صاحبه.
وتلك أطال الله بقاك صورة العلم الأول، فأما إذا قسمت العلم كما قسمه أبو زيد أحمد بن سهل البلخي الفيلسوف في كتابه أقسام العلوم وتتبعت مراتبه فإنك حينئذ تجد علما فوق علم، بالموضوع أو بالصورة، وعلماً دون علم، بالفائدة والثمرة.
وهذا المعنى الذي أشير إليه يصح لك. ولو فرضت نفسك عالمة كل شيء لكنت حينئذ لا يحضرك علم دون علم، بل كنت تطلع على جميعه بنوع الوحدة، مع اختلاف مراتبه من نواحي مواده وصوره، وفوائده وثمره، وكنت تجدها كلها واحدة، لأن حد العلم كان يسبق من كل فن منها على ما هو به من غير خلل عارض، ولا فساد واقع.
قال الأندلسي: قد كنا أيها السيد نترامى هذه المسألة تحقيراً لها وامتهاناً لقدرها، وفيها هذا الجواب الذي لو رحل إليه من قطر شامع، وغرم عليه مال كثير، لكان ذلك دون حقه.
وما أكثر ما يحقر الشيء فيصير صلة لشيء لا يحقر! لولا أن عمري يستهلكه النحو لكنت ألبس لهذا العلم صدار المنكمش، وأصبغ نفسي صبغة المتحققين!
المقابسة التاسعة: في ولوع كل ذي علم بعلمه ودعواه أن ليس في الدنيا أشرف من علمه
سأل أبو محمد الأندلسي النحوي عيسى بن علي بن عيسى الوزير وأنا عنده فقال: لم قال صاحب كل علم: ليس في الدنيا أشرف من علمي الذي أنظر فيه؟ هكذا تجد الطبيب، والمنجم، والنحوي، والفقيه، والمتكلم، والمهندس، والكاتب، والشاعر.. قال: وأنا لمكاني من النحو أقول هذا، وهكذا أجد جميع من سميت؟
قال الشيخ عيسى بن علي: هذا لأن صورة العلم في كل نفس واحدة، وكل أحد يجد تلك الصور بعينها، فيمدح العلم بها، ويظن أن تلك الصورة إنما هي لعلمه وحده، وكذلك صاحبه.
وتلك أطال الله بقاك صورة العلم الأول، فأما إذا قسمت العلم كما قسمه أبو زيد أحمد بن سهل البلخي الفيلسوف في كتابه أقسام العلوم وتتبعت مراتبه فإنك حينئذ تجد علما فوق علم، بالموضوع أو بالصورة، وعلماً دون علم، بالفائدة والثمرة.
وهذا المعنى الذي أشير إليه يصح لك. ولو فرضت نفسك عالمة كل شيء لكنت حينئذ لا يحضرك علم دون علم، بل كنت تطلع على جميعه بنوع الوحدة، مع اختلاف مراتبه من نواحي مواده وصوره، وفوائده وثمره، وكنت تجدها كلها واحدة، لأن حد العلم كان يسبق من كل فن منها على ما هو به من غير خلل عارض، ولا فساد واقع.
قال الأندلسي: قد كنا أيها السيد نترامى هذه المسألة تحقيراً لها وامتهاناً لقدرها، وفيها هذا الجواب الذي لو رحل إليه من قطر شامع، وغرم عليه مال كثير، لكان ذلك دون حقه.
وما أكثر ما يحقر الشيء فيصير صلة لشيء لا يحقر! لولا أن عمري يستهلكه النحو لكنت ألبس لهذا العلم صدار المنكمش، وأصبغ نفسي صبغة المتحققين!