كشف الغطاء عما في كتاب:" أسماء حسنى غير الأسماء الحسنى" من الأخطاء2/2

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
53
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم1
كشف الغطاء عما في كتاب:" أسماء حسنى غير الأسماء الحسنى" من الأخطاء
أو البيان لما في كتاب "أسماء حسنى غير الأسماء الحسنى" من الأوهام:2/2

مر معنا في الجزء الأول من هذا البيان أن من الأخطاء التي وقع فيها صاحب الكتاب اشتقاقه لبعض الأسماء من أفعاله سبحانه، و قد وقفت من بعد على كلام للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى يبين فيه بطلان هذا المسلك من عدة وجوه.
يقول رحمه الله تعالى في طريق الهجرتين:" ومن هنا يعلم غلط بعض المتأخرين وزلقه الفاحش في إشتقاقه له سبحانه من كل فعل أخبر به عن نفسه اسما مطلقا فأدخله في أسمائه الحسنى فاشتق له اسم الماكر والخادع والفاتن والمضل والكاتب ونحوها من قوله "ويمكر الله" ومن قوله "وهو خادعهم" ومن قوله " لنفتنهم فيه" ومن قوله يضل من يشاء وقوله تعالى "كتب الله لأغلبن"، وهذا خطأ من وجوه:
- أحدها: أنه سبحانه لم يطلق على نفسه هذه الأسماء فإطلاقها عليه لا يجوز.
- الثاني: أنه سبحانه أخبر عن نفسه بأفعال مختصة مقيدة فلا يجوز أن ينسب إليه مسمى الاسم عند الإطلاق.
- الثالث: أن مسمى هذه الأسماء منقسم إلى ما يمدح عليه المسمى به وإلى ما يذم فيحسن في موضع ويقبح في موضع فيمتنع إطلاقه عليه سبحانه من غير تفصيل.
- الرابع: أن هذه ليست من الأسماء الحسنى الذي يسمى بها سبحانه كما قال تعالى ولله الأسماء الحسنى وهي التي يحب سبحانه أن يثني عليه ويحمد بها دون غيرها.
- الخامس: أن هذا القائل لو سمي بهذه الأسماء وقيل له هذه مدحتك وثناء عليك فأنت الماكر الفاتن المخادع المضل اللاعن الفاعل الصانع ونحوها لما كان يرضى بإطلاق هذه الأسماء عليه ويعدها مدحة ولله المثل الأعلى سبحانه وتعالى عما يقول الجاهلون به علوا كبيرا.
- السادس: أن هذا القائل يلزمه أن يجعل من أسمائه اللاعن والجائي والآتي والذاهب والتارك والمقاتل والصادق والمنزل والنازل والمدمدم والمدمر وأضعاف ذلك فيشتق له اسما من فعل أخبر به عن نفسه و إلا تناقض تناقضا بينا ولا أحد من العقلاء طرد ذلك فعلم بطلان قوله والحمد لله رب العالمين."– طريق الهجرتين:486-487/1-.

4- إثبات الكاتب لأسماء لم تثبت لا في الكتاب و لا في السنة، يعد من صور الإلحاد في أسماء الله جل جلاله:
يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى في معرض الكلام عن أنواع الإلحاد في أسماء الله تعالى:" الثالث : أن يسمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه،كتسمية النصارى له : ( الأب ) وتسمية الفلاسفة إياه : ( العلة الفاعلة ) وذلك لأن أسماء الله تعالى توقيفية فتسمية الله تعالى بما لم يسم به نفسه ميل بها عما يجب فيها" اهــ - االقواعد المثلى-.
و يقول الإمام البغوي في تفسيره : قال أهل المعاني الإلحاد في أسماء الله تسميته بما لم يتسم به ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم." اهــ -معالم التنزيل:307/3- .
و هذه لائحة بالأسماء الذي أثبتها في كتابه و التي لا دليل عليها من كتاب أو سنة و لعله لم يسبقه أحد إلى إثباتها كما صرح بذلك في مقدمته حيث قال:" لذلك كان اجتهادنا منصبا على الوقوف على أسماء حسنى هي موجودة لم يقف عليها أحد ، معتمدين الدليل النقلي الذي جاء به الشارع، و استنبطنا منه دليلا عقليا يدعم رأينا فيما ذهبنا إليه من الأسماء الحسنى التي لا تحصى" –ص:13-:
- الآمر - الناهي - الواعظ - المنزل - الراضي - المدرك - المطعم - الفالق - المتم - الشديد - المسيطر - الجاعل - الموفي - المدخل - المخرج - المرجع - المؤتي - المكيد.
و الملاحظ أنه لم يذكر من الأسماء الثابتة لله سبحانه إلا القليل كاسم الرب و الشافي و المنان و القريب و المقتدر.. و معظم الأسماء التي ذكرها لا دليل عليها و لم يعتمد لاستخراجها إلا العقل و الرأي و الاشتقاق من الأفعال، و هذا مذهب خاطئ كما سلف.

5- دعائه سبحانه بأسماء لم تثبت:
فتجده يختم كل اسم بدعاء يدعو الله تعالى فيه بهذا الاسم، من ذلك قوله في نهاية اسم "المكيد":" اللهم إنك المكيد الذي لا يكيده كيد فكد كيد من أراد بنا كيدا..."-ص:299-، و يقول في نهاية اسم "الواعظ":" اللهم الواعظ، عظ إيماننا بما وعظتنا به، و اجعلنا من المنتهين عما نهيت...اللهم الواعظ، إن إتباع مواعظك يوفي الكيل و الميزان و يضاعف الحسنات و يزيد النعم، فأنعم علينا بإتباع مواعظك التي أنزلتها في الكتب الحكيم..."-ص:55-.
و هذا مخالف لما أمرنا الله به، فإنه سبحانه ما أمرنا أن ندعوه إلا بأسمائه الحسنى الثابتة له، لا بأسماء اخترعنها من أنفسنا أو أعملنا فيها آرائنا و اجتهاداتنا، قال تعالى:" و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها".
يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:" ويفرق بين دعائه والإخبار عنه فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى؛ وأما الإخبار عنه: فلا يكون باسم سيئ؛ لكن قد يكون باسم حسن أو باسم ليس بسيئ وإن لم يحكم بحسنه" -مجموع الفتاوى:142/6-.
و قال في موضع آخر:" وقال تعالى: { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } فلا يدعى إلا بأسمائه الحسنى"-554/10-.
فهل من أسمائه سبحانه المكيد أو المدرك أو الراضي حتى ندعوه بها دعاء مسألة أو دعاء عبادة أو دعاء ثناء؟

6- ختمه لكتابه بخاتمة أسماها:" دعا الأسماء":
و مما ورد في هذا الدعاء قوله:" ربي أنت – جل جلالك- صفاتك تتعدد و أنت لا تتعدد، أعبدك في ذاتك يقينا راسخا، سواء خلقت حور العين أم لم تخلق، و سواء خلقت النار أم لم تخلقها، و سواء خلقت الجنة أم لم تخلقها، و سواء خلقت أنهارا من عسل مصفى أم لم تخلقها، يكفيني ربي أنك واحد لا شريك لك، بيدك الملك و إنك على كل شيء قدير." – ص:384-.
فهو يعبد الله لكونه سبحانه واحد لا شريك له، فلا يعبده طمعا في جنته أو خوفا من ناره، و هذا ضلال بين فإن الله تعالى يقول:" أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57) "- الإسراء-، و قال تعالى عن أصفيائه من رسله:" إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) –الأنبياء-.
قال الثوري: { رَغَبًا } فيما عندنا، { وَرَهَبًا } مما عندنا.
و أمر عباده بقوله جل في علاه:" وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)-الأعراف-، أي: خوفا من عقابه، وطمعا في ثوابه.
يقول سيخ الإسلام رحمه الله تعالى:" قال من قال من السلف : من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد"-العبودية:1/112-و مما جاء فيه دعائه كذلك:" ربي النار تخشاني باتقائك و الجنة تميل إلي بطاعتك...و في النار تتبدل الجلود و هي تقول: هل من مزيد، فأشهد أن النار رحمة للكافرين، و أن الجنة رحمة للمؤمنين."- ص:385-.
يقول تعالى:" و اتقوا النار التي أعدت للكافرين"، و مهما عظم إيمان العبد و تقواه، فإنه يخشى النار، بل كلما عظم إيمانه و تقواه عظم خوفه و خشيته من عذاب الله، فكيف يدعي أن النار هي التي تخشاه لتقواه؟
و كيف يزعم أن النار رحمة للكافرين، و الله تعالى يقول للنار:" إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي"– جزء من حديت متفق عليه-.
كيف تكون النار رحمة للكافرين و قد أعد الله لهم فيها ألوانا من العذاب الذي لا يطيقه أحد، يقول تعالى:" إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13)" –المزمل-، و يقول عز شأنه:" فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)"- النبأ-.
كيف تكون رحمة للكافرين و هم يصطرخون فيها و يسألون الخروج و الرجعة للدنيا لإصلاح ما فات، كما قال جل في علاه:" وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)" – فاطر-.
" إنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77)" – الزخرف-.
و المخالفات العقدية و المنهجية التي حواها هذا الكتاب يحتاج بيانها إلى صفحات عدة كما أسلفت، و لكن أكتفي بما ذكرت، و إن كان الأمر يحتاج إلى قراءة متأنية للكتاب بأكمله للوقوف على كل الأخطاء و المخالفات، و لعلي أختم، بمثال آخر لهذه المخالفات، و هو ما سطره عنده تفسيره لاسم " الراضي" الذي أثبته بلا دليل بين، يقول:" الراضي: من يرضى بالأعمال، سالبها بالعقاب و موجبها بالثواب" –ص:67-.
كيف يرضى الله بسالب الأعمال، بما فيها من المعاصي و الكفر، و الله تعالى يقول:" ِإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ.. (7)" - الزمر-
يقول العلامة السعدي رحمه الله تعالى:" { وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ } لكمال إحسانه بهم، وعلمه أن الكفر يشقيهم شقاوة لا يسعدون بعدها، ولأنه خلقهم لعبادته، فهي الغاية التي خلق لها الخلق، فلا يرضى أن يدعوا ما خلقهم لأجله." - تيسير الرحمن:719-.
و الله أعلم و أحكم.
 
أنصحك أخى باقتناء كتاب أسماء الله الحسنى للشيخ الدكتور محمود عبد الرازق الرضوانى
 
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
جزاك الله خيرا أخي، حقيقة هذا الكتاب لم أقتنه بعد، لكن أملك و لله الحمد مجموعة طيبة من الكتب التي تهتم بموضوع الأسماء ككتاب النهج الأسنى للشيخ النجدي و فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر و المعاني الإيمانية في شرح أسماء الله الحسنى الربانية للشيخ وحيد بن عبد السلام بالي و النور الأسنى للشيخ أمين الأنصاري و أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب و السنة للشيخ سعيد بن وهف القحطاني و تقسير أسماء الله الحسنى للعلامة السعدي و العلامة ابن عثيمين، وكتاب الأسماء و الصفات للإمام البيهقي و معتقد أهل السنة و اللجماعة في أسماء اله الحسنى للدكتر محمد بن خليفة التميمي..و غيرها، و قد قصدت ذكر أسماء بعض هذه الكتب إرشادا لمن يهمه الأمر ...فكلها كتب نافعة للغاية، و إن كان في كتاب الأسماء و الصفات للإمام البيهقي ما لا يسلم به في تأويل بعض الأسماء، و نفس الشء يقال في المقصد الأسنى للإمام الغزالي و الأسنى للإمام القرطبي.
نسأل الله الإخلاص و الثبات.
 
عودة
أعلى