سامي القدومي
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنار حياتنا بعفة ستر العورات ، وأمرنا بغض الأبصار ، فجلّ في علاه ما أحكمه وأرحمه ، وأكرمه وأعدله ، والصلاة والسلام على رسول الله الداعي إلى أحسن الأخلاق ، وعلى آله وصحبه المؤمنين الثقات .أمر الله - سبحانه وتعالى - بحفظ العورات وغض الأبصار ، ولكن للضرورة أحكام ، وتقرير أحكام الضرورة يحتاج إلى نظر دقيق وفهم عميق ، ولكن يظن كثير من الناس أن الأمر هيّن يسير ، بل يظن بعضهم أن كشف العورة للعلاج مباح مطلقاً بلا قيد ولا شرط ، ولكن المسألة جد خطيرة ، ولها شروط وقيود ، وتحتاج إلى مزيد من التقوى والحرص.
والذي دفعني إلى كالكتابة في هذا الموضوع عدة أسباب :
السبب الأول : ما رأيت من مخالفات شرعية في المستشفيات والمراكز الطبية .
السبب الثاني : ما سمعت من الثقات العاملين في الحقل الطبي.
السبب الثالث : ما قرأت من كتابات الدعاة حول الواقع المؤلم لكشف العورات والتساهل في أمرها أيما تساهل .
ومن الكتب المفيدة في هذا المجال كتاب : " الاختلاط وكشف العورات في المستشفيات - الواقع والعلاج " أعده : د.يوسف بن عبدالله الأحمد .
وأنصح بقراءته ، وهو موجود على الشبكة الالكترونية ، وقوة الكتاب أن مؤلفه اختلط بواقع المستشفيات ، وقد قال في مقدمة كتابه :
" فهذه رسالة أتقدم بها إلى كل مسلم ؛ من العاملين في الميدان الطبي وغيرهم من العلماء و الدعاة وعموم الناس ، وهي تتضمن مشروعاً إصلاحياً لعدد من جوانب الانحراف الذي التصق بالقطاع الصحي . وكانت بداية اهتمامي بهذا الموضوع : رحلةٌ ميدانية قمت بها داخل المستشفيات الكبرى ، وهذه الرحلة كانت من متطلبات بحث رسالة الدكتوراه والتي كان عنوانها ( نقل أعضاء الإنسان في الفقه الإسلامي ) .
ودخلت خلال هذه الرحلة تسع عمليات : اثنتان في زراعة الكبد إحداهما من متبرع حي والأخرى من ميت دماغياً ، واثنتان في زراعة الكلى إحداهما من متبرع حي والأخرى من ميت دماغياً ، واثنتان في استئصال الأعضاء من ميت دماغياً ، واثنتان في جراحة القلب المفتوح ، وواحدة في جراحة باطنية بالمنظار .
والتقيت خلال هذه الرحلة بكثير من المرضى والأطباء وعشت واقع المستشفيات من الداخل " .
السبب الرابع : تكبُّر بعض الأطباء على الحق عندما يُعارَضون بأدنى أمر يُتوخى به الحفظ على العورات ، وهذا ما واجهته في حديثي مع مدير أحد المستشفيات ؛ لأنني ذهبت لأتفق مع طبيبة حتى تجري عملية قيصرية لزوجتي ، وحرصاً مني على حفظ العورات طلبت مقابلة مدير المستشفى ، ولما قابلته قال : إنهم يحافظون على الخصوصية . فلما استفصلت منه جيداً قلت له : وأين الخصوصية إذا كان كذا وكذا ... ؟! فكان في رده قليل الأدب متكبراً كأن كشف العورات حق لزمرة الأطباء وهم إذ يُطلب إليهم حفظ العورات كأنه يطلب إليهم التنازل عن حق من حقوقهم ..
السبب الخامس : جهل كثير من الناس بأحكام كشف العورات للعلاج الطبي ، وأذكر أن امرأة متحجبة لا تكشف وجهها ، تتجه عند العلاج إلى عيادة رجل جهلاً منها بالحكم .
وأذكر قصة أخرى حصلت معي إذ كنت أُبين الحكم الشرعي في ضوابط كشف العورة لأجل العلاج الطبي ، والذي فاجأني أن الناس بهتوا ووجموا وشخصت أبصارهم من بيان الحكم ، وكانت دهشتهم أن الأمر واضح ومقنع ولكنهم في غفلة عنه ؛ وذلك لما اعتادوه من العادات التي تجعل من الكشف عن العورة للعلاج الطبي أمراً مباحاً على الإطلاق ، وما أمعنوا النظر مدة دقائق حتى يعرفوا الحقيقة ، ولكنها العادة التي قد تعمى عنها العقول لأن الأبصار لا تتأملها لأنها مستورة بستار التكرار والمآلفة .
هذه الأسباب الخمسة دفعتني للكتابة في هذا الموضوع ، ولأجل إيصال المعلومة إلى كل مسلم سأكتب بأسلوب مفهوم سهل ، وسأبتعد – ما استطعت – عن التفريع والاستطراد والتطويل ، أي قل : كأن هذه الرسالة فتوى في بيان حدود كشف العورة للعلاج الطبي
لتحميل الرسالة
كتب ودراسات سامي القدومي
شاكراً لكم