كسل القساوسة .. الأب قزي نموذجًا

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع محب
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

محب

New member
إنضم
22/09/2003
المشاركات
69
مستوى التفاعل
2
النقاط
8
[align=center]كسل القساوسة .. الأب قزي نموذجًا[/align]

قال القس النصراني: كانت الدعوة إلى محمد أن يوحد بين أحزاب النصارى ... وكان هاجسه ألا يقال عنه أنه فرق بينهم: «إنى خشيت أن تقول فرقت بين بنى إسرائيل» (طه 94). اهـ.

بالطبع يضحك المسلم - وإن قل علمه - عند قراءة هذا الهراء، فالقول القرآني المذكور ليس على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بل قاله هارون عليه السلام. وعليه، فدليل القس لم يدل على صحة دعواه، لكن دل على مبلغ علمه وهمته من الدناءة والتسفل، إذ كسل عن مجرد فتح المصحف لمراجعة النص الذي سيستشهد به.

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

والقس هو الأب (جوزيف قزي) مؤلف كتاب (قس ونبي). قال د/ عبد الرحيم الشريف - وهو الشامى - : مؤلف كتاب (قس ونبى) هو الأب ج. قزي، مدرس جامعى معروف فى إحدى أشهر الجامعات التبشيرية فى أحد بلاد الشام. وما زال على قيد الحياة إلى الآن. اهـ.
http://www.rudood.com/modules.php?name=News&file=article&sid=236

قلت: والقس الشجاع يكتب تحت أسماء مستعارة، أشهرها (أبو موسى الحريري)، ومنها (محمد حسان التنير). ويحاول إيهام القارئ بأنه ملحد أو علماني. وله كتبه الكنسية تحت اسمه الحقيقي. لكن خرج الفأر من جحره مؤخرًا، فظهر له كتاب في نقد الإسلام تحت اسمه الحقيقي.

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

الذي يعنينا من ذلك كله، هو ضرب المثال لكسل القساوسة بحال (قزي) أفندي في كتابه (قس ونبي). والحق أن الكلام يطول على كسل القساوسة في البحث، يكفيك أنهم ينقلون عن بعضهم بعضًا دون أن يكلفوا أنفسهم مشقة التثبت أو عناء المراجعة، ولذلك إذا كذب أولهم الكذبة تناقلها الباقون ضرورة لازمة، وقل مثل ذلك في رواج الأخطاء والجهالات والتخبطات. ولا يفكر واحد منهم في تصحيح النقل الذي سرده أولهم.

هذا غرضي الأول. وغرضي الثاني إبطال وهم باطل ينقدح في ذهن من لا علم له ولا بصيرة إذا طالع الأعداد الكثيرة من الكتابات النصرانية في تثبيت دينها أو نقد الإسلام أو غيره، فيحسب أن لدى علماء القوم همة أو بعضها. فإن كان المقصود همة النسخ واللصق .. همة النقل دون العزو .. همة التشدق بالمسروقات .. فنعم، للقوم في ذلك همة. لكن إن كان المقصود همة البحث والتحري والتدقيق والتثبت، فالقوم بمنأى عن ذلك.

وبالمثال يتضح المقال .. ومثالنا: (قزي) أفندي في كتابه (قس ونبي).

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

وطريقة القس الهمام في تأليف الكتب ونقد الإسلام سهلة يسيرة. لكن قبل الكلام عليها يجب التعريف بكتاب (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) ..

كتاب جليل ألفه العلامة (محمد فؤاد عبد الباقي) رحمه الله، يسرد اللفظة القرآنية تاليًا تحتها كل الآيات التي وردت بها على مدار القرآن كله، والألفاظ القرآنية مرتبة هجائيًا ثم حسب الجذر اللغوي، ونصوص الآيات - انتبه - ليست كاملة، بل هي مقاطع صالحة فقط من الآيات.

نعود إلى القس الهمام ..

يريد القس الهمام البحث - مثلاً - عن موضوع (بني إسرائيل) في القرآن الكريم. فيعمد إلى كتاب (المعجم المفهرس) باحثًا عن مادة (إسرائيل) ليطالع نصوص الآيات التى سُردت تحتها.

إلى هنا والعيب لا يكتنف القس ..

والمفترض به بعد هذا أن يمسك بالمصحف الشريف ليطالع النصوص التامة للآيات في سياقاتها القرآنية الكاملة، ليتعرف على المحتوى القرآني كما ينبغي. وحبذا لو استعان ببعض التفاسير التي تعينه على حصول مقصوده.

لكن الهمام كلت همته عن ذلك المفترض، فاكتفى بأبعاض الآيات الواردة في المعجم المفهرس، ولم يحاول مراجعة النصوص الكاملة للآيات. فهل بعد هذا الكسل من كسل !

فالقس الهمام وجد تحت مادة (إسرائيل) قوله تعالى: {إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل}، والقرآن عنده من تأليف محمد (صلوات ربي وسلامه عليه)، فاستدل بها على زعمه المضحك الخاص بخوف النبي عليه الصلاة والسلام من التفرقة بين بني إسرائيل.

هكذا مباحث القسيسين المجتهدين، وإلا فلا !

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

وعندما قرأت الكتاب أول مرة أثارتني كثرة الاستدلالات المضحكة، لكن بعد قليل ساورني الشك في أن سبب هذه المضحكات يخرج عن باب الجهل والكذب المعروفين عن القساوسة، كما لاحظت أنه يورد المقطع من الآية لا يغيره قط، فلا يخطئ مرة فيذكر لفظًا قبله أو بعده، ومع قرائن أخرى ترجح لديّ أنه لا يرجع للمصحف أبدًا، وأنه يكتفي بكتاب آخر لا يذكر إلا أبعاض الآيات، فهداني الله لهذا، ثم راجعت كل نصوصه على (المعجم المفهرس) فوجدته مطابقًا لما ترجح لديّ بفضل الله. وبقيت في عجب من شدة كسل القساوسة !

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

والقس من طائفة الكاثوليك، وهم الطائفة الأكثر أموالاً وإمكانيات بين طوائف النصرانية. فلا أشك لحظة أنه امتلك الوقت والمال والإمكانيات اللازمة لإتمام كتابه.

فإذا كان مع كل هذا بهذه الهمة المتدنية، فالعزاء واجب لمتبرعي النصرانية في أموالهم الطائلة التي ينفقونها على هذه الهمم السافلة.

قال تعالى في سورة الأنفال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37)}.

وفيما يلي أقدم بعض النماذج التي تدلنا على الهمة العالية للقس الهمام ..

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

1 - لا أحزاب إلا أحزاب النصارى !

قال القس: عُرِف عن النصارى من بنى إسرائيل الضاربين فى مكة والحجاز انقسامهم فيما بينهم إلى " شيع " و"فرق" و"أحزاب ". وأشار القرآن العربى بوضوح إلى هذه الخلافات ... ولا يعجب أتباع النبى من كثرة الأحزاب هذه لأنهم حُذروا منها مسبقًا وأُعلموا بوجودها: "ولما رأى المؤمنون (من أتباع محمد) الأحزاب (عند النصارى) قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله" (الأحزاب 22). ويخشى النبى فيما يخشى أن يكون انتمى إلى حزب منها، أو يكون ساهم فى توسيع رقعة الخلاف بينها، فيقول: "إنى خشيت أن تقول فرقت بين بنى إسرائيل" (طه 94). كما يرفض أن يفرق بين الأحزاب، بل يريد لها السلم، ويبغى توحيدها: "لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون" (البقرة 136). اهـ.

أ - قال: ولا يعجب أتباع النبى من كثرة الأحزاب هذه لأنهم حُذروا منها مسبقًا وأُعلموا بوجودها: "ولما رأى المؤمنون (من أتباع محمد) الأحزاب (عند النصارى) قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله" (الأحزاب 22). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن الأحزاب المقصودة في الآية التي استشهد بها، هي أحزاب العرب التي تألفت من قبائل متفرقة لتحارب الإسلام، وليست هي أحزابًا نصرانية كما تسفه القس، ويعلم ما جهل القس كثير من طلاب المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم، حتى الفاشلون منهم.

قال تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)}. وفي (التفسير الميسر): "ولمَّا شاهد المؤمنون الأحزاب الذين تحزَّبوا حول "المدينة" وأحاطوا بها، تذكروا أن موعد النصر قد قرب، فقالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله، من الابتلاء والمحنة والنصر، فأنجز الله وعده، وصدق رسوله فيما بشَّر به، وما زادهم النظر إلى الأحزاب إلا إيمانًا بالله وتسليمًا لقضائه وانقيادًا لأمره.

قال تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25)}[الأحزاب/25]. وفي (التفسير الميسر): "وردَّ الله أحزاب الكفر عن "المدينة" خائبين خاسرين مغتاظين، لم ينالوا خيرًا في الدنيا ولا في الآخرة، وكفى الله المؤمنين القتال بما أيدهم به من الأسباب. وكان الله قويًا لا يُغالَب ولا يُقْهَر، عزيزًا في ملكه وسلطانه".

ب - قال: ويخشى النبى فيما يخشى أن يكون انتمى إلى حزب منها، أو يكون ساهم فى توسيع رقعة الخلاف بينها، فيقول: "إنى خشيت أن تقول فرقت بين بنى إسرائيل" (طه 94). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن الكلام جاء على لسان هارون عليه السلام لا كما زعم: {قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)} [طه/92-94]

جـ - قال: كما يرفض أن يفرق بين الأحزاب، بل يريد لها السلم، ويبغى توحيدها: "لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون" (البقرة 136). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن الضمير في الآية يعود على رسل الله لا على الأحزاب النصرانية المزعومة: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)} [البقرة/136]

وبعد .. فأنت تقرأ قوله: "ويخشى النبى فيما يخشى أن يكون انتمى إلى حزب منها" فيتملكك العجب: كيف لا يدري إنسان من نفسه: هل انتمى إلى الحزب الفلاني بعد أم لا؟ .. فلا أدري هل نصنف قوله تحت باب الجهل أم الغباء أم "الاستعباط"؟

قال (إسكندر شديد): ((أبونا قزي مصنع للفرح المتواصل)) !

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

2 - "سواء" تعني القرآن .. هذا واضح !

قال (قزي) عن (القس والنبي): فجعلا القرآن العربى "كلمة سواء" يكون الناس فيه سواء بسواء. قال: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء" (آل عمران 64)، "الذي جعلناه للناس سواء" (الحج/25)، فأصبحوا "هم فيه سواء" (النحل/71) أو "أنتم فيه سواء" (الروم/28) اهـ.

أ - قال: فجعلا القرآن العربى "كلمة سواء" يكون الناس فيه سواء بسواء. قال: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء" (آل عمران 64). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن "الكلمة السواء" مفسرة في نفس الآية الكريمة: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران/64]. فليست هي القرآن كما توهم، وإن كانت الدعوة إلى التوحيد هي دعوة القرآن بلا شك.

ثم أصابت القس لوثة "سواء"، فكلما طالع في (المعجم المفهرس) لفظة "سواء" لم يتخيل إلا أنها تعني القرآن.

ب - قال: فجعلا القرآن العربى "كلمة سواء" ... "الذي جعلناه للناس سواء" (الحج/25). اهـ.

ولو رجع إلى المصحف لعلم أن آية (الحج) لا تتحدث عن القرآن أصلاً بل عن المسجد الحرام: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج/25]. فلو رجع لعلم أن "سواء" لا تعني القرآن، بل كما جاء في (التفسير الميسر): "الذي جعلناه لجميع المؤمنين سواء المقيم فيه والقادم إليه".

جـ - قال: فجعلا القرآن العربى "كلمة سواء" يكون الناس فيه سواء ... فأصبحوا "هم فيه سواء" (النحل/71) أو "أنتم فيه سواء" (الروم/28) اهـ.

أكتفي بسرد الآيتين ليقيني أن مجرد قراءتهما تبين الحق بإذن الله:

{وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [النحل/71]

{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم/28]

قال (إسكندر شديد): ((أبونا قزي مصنع للفرح المتواصل)) !

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

3 - أصحاب الأعراف آلهة .. وهراءات أخرى !

قال القس: وللعلم فى القرآن، كما لأهله، مكان مرموق ... وما أصحاب الأعراف إلا رجال يعرفون الناس بوجوههم ويدركون عنهم كل خفى مكنون: «وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم» (الأعراف 46). هؤلاء العالمون يرفعهم الله إليه ... وهم يفرحون بما لديهم من العلم: «فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم» (غافر 83) ... وهم يلبثون فى كتاب الله متأملين فيه دون سواه من الكتب: «وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم فى كتاب الله» (الروم 56) ... أهل العلم هم فى القرآن النصارى المسلمون قبل المسلمين: «وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين» (النمل 42). اهـ.

أ - قال القس: وللعلم فى القرآن، كما لأهله، مكان مرموق ... وما أصحاب الأعراف إلا رجال يعرفون الناس بوجوههم ويدركون عنهم كل خفى مكنون: «وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم» (الأعراف 46). اهـ.

لازمت القس هنا لوثة تأليه البشر لأتفه الأسباب، فحسب أن «أصحاب الأعراف» آلهة يعرفون عن الناس «كل خفي مكنون». ولو رجع إلى المصحف لعلم لعلم أنهم مجرد بشر، وأن تسميتهم بذلك لم تكن لأنهم "أصحاب معارف" كما فهمها بجهله، ولكن لأنهم على حاجز عظيم بين الجنة والنار اسمه "الأعراف". قال تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)} [الأعراف/46، 47] وفي (التفسير الميسر): «وبين أصحاب الجنة وأصحاب النار حاجز عظيم يقال له الأعراف، وعلى هذا الحاجز رجال يعرفون أهل الجنة وأهل النار بعلاماتهم، كبياض وجوه أهل الجنة، وسواد وجوه أهل النار، وهؤلاء الرجال قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم يرجون رحمة الله تعالى».

ب - قال القس: وللعلم فى القرآن، كما لأهله، مكان مرموق ... وهم يفرحون بما لديهم من العلم: «فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم» (غافر 83). اهـ.

لو رجع القس إلى المصحف لعلم أن الآية الكريمة لا تتكلم عن «مكان مرموق» لأهل العلم، بل عن الجهل المذموم لأهل الكفر ! .. قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)} [غافر/82-85]. وفي (التفسير الميسر): «فلما جاءت هؤلاء الأمم المكذبة رسلُها بالدلائل الواضحات، فرحوا جهلا منهم بما عندهم من العلم المناقض لما جاءت به الرسل».

جـ - قال القس: وللعلم فى القرآن، كما لأهله، مكان مرموق ... وهم يلبثون فى كتاب الله متأملين فيه دون سواه من الكتب: «وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم فى كتاب الله» (الروم 56). اهـ.

سبحان الله قارئي الكريم ! .. لن ننصح القس هنا بالرجوع إلى المصحف، فهل هذا المقطع من الآية يفيد أن أهل العلم هم الذين يتأملون في كتاب الله ؟ .. إن المقطع واضح تمام الوضوح في أن القائلين هم أهل العلم، وأنهم يقررون أن مخاطبيهم لبثوا في كتاب الله، فكيف يصر عاقل بعد ذلك بأن الذين لبثوا هم أهل العلم ؟! .. ولكن على قلوب أقفالها !

قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56)} [الروم/55، 56].

وفي (التفسير الميسر): «ويوم تجيء القيامة ويبعث الله الخلق من قبورهم يقسم المشركون ما مكثوا في الدنيا غير فترة قصيرة من الزمن، كذبوا في قسمهم، كما كانوا يكذبون في الدنيا، وينكرون الحق الذي جاءت به الرسل. وقال الذين أوتوا العلم والإيمان بالله من الملائكة والأنبياء والمؤمنين: لقد مكثتم فيما كتب الله مما سبق في علمه من يوم خُلقتم إلى أن بُعثتم، فهذا يوم البعث، ولكنكم كنتم لا تعلمون، فأنكرتموه في الدنيا، وكذَّبتم به».

د - قال القس: أهل العلم هم فى القرآن النصارى المسلمون قبل المسلمين: «وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين» (النمل 42). اهـ.

لو رجع كسول أفندي إلى المصحف لعلم أن القائل ليس من النصارى، وأنه مات قبل المسيح ربما بقرون، لأنه - ببساطة - سليمان عليه السلام في قصته مع ملكة سبأ التى {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) ... قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) ... قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42)} [النمل/29-42]

قال (إسكندر شديد): «أبونا قزي مصنع للفرح المتواصل» !

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

4 - أحزاب النصارى .. مرة ثانية !

قال القس: والنصارى بدورهم عندما يشتد الخلاف فيما بينهم، وتتصارع "أحزابهم" يلجأون إلى محمد ليحكم بينهم ويفض مشاكلهم ... وبكونه المسئول الأول يُتِم دورَه فيحكم: "إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون" (آل عمران 55). وبالفعل، تدخل النبى فى شئون بنى إسرائيل قصد الحد من الصراع الدائر بين أحزابهم وشيعهم وفرقهم، وراح يبين بعض ما فيه يختلفون: "قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه" (الزخرف 63). اهـ.

قلت: هاجس الأحزاب النصرانية المتصارعة كابوس مسيطر على القس في يقظته ومنامه !

أ - قال القس: والنصارى بدورهم عندما يشتد الخلاف فيما بينهم، وتتصارع "أحزابهم" يلجأون إلى محمد ليحكم بينهم ويفض مشاكلهم ... وبكونه المسئول الأول يُتِم دورَه فيحكم: "إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون" (آل عمران 55). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن القائل ليس محمدًا صلى الله عليه وسلم، بل ربه ورب الخلق أجمعين: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)} [آل عمران/55].

ب - قال القس: تدخل النبى فى شئون بنى إسرائيل قصد الحد من الصراع الدائر بين أحزابهم وشيعهم وفرقهم، وراح يبين بعض ما فيه يختلفون: "قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه" (الزخرف 63). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن القائل ليس محمدًا بل عيسي عليهما الصلاة والسلام، وأنه قالها لبني إسرائيل في زمانه لا لأحزاب النصارى في عصر النبوة: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) ... إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) ... وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63)} [الزخرف/57-63].

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

5 - الفاشلون أيضًا يستحقون ملخصًا !

قال القس: القرآن العربى هو ملخص سهل أو خلاصة كافية للتذكير بالتوراة والإنجيل. وقد أعطيت هذه الخلاصة للعرب - دون سواهم من أهل العلم - قصْدَ التخفيف عليهم: «ذلك تخفيف من ربكم ورحمة» (البقرة 178). والمقصود هو هذا التخفيف: «يريد الله أن يخفف عنكم» (النساء 28)، «الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا» (الأنفال 66)، لأن العلم الكثير لمن لا يتمكن منه يؤدى إلى القنوط. اهـ.

قلت: شريعة القرآن تخفيف من الله بلا شك، لكن هذا تخفيف أحكام، والقس لا يقصده، بل يقصد تخفيف طريقة عرض الأحكام مع ثبوت الأحكام ذاتها.

أ - بعدما قرر القس أن القرآن خلاصة سهلة للتوراة والإنجيل قال: وقد أعطيت هذه الخلاصة للعرب ... قَصْدَ التخفيف عليهم: «ذلك تخفيف من ربكم ورحمة» (البقرة 178). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن {ذلك} لا تعود على القرآن، بل على الجواز المذكور قبلها في نفس الآية، وهو جواز أخذ الدية بدلاً من القصاص : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} [البقرة/178]

ب - قال القس: وقد أعطيت هذه الخلاصة [القرآن] للعرب - دون سواهم من أهل العلم - قصْدَ التخفيف عليهم ... والمقصود هو هذا التخفيف: «يريد الله أن يخفف عنكم» (النساء 28) ... لأن العلم الكثير لمن لا يتمكن منه يؤدى إلى القنوط. اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن الآية لا تدل على ما ادعاه بل هى تناقضه صراحة، فإن إرادة التخفيف المذكورة ليست في طريقة عرض أحكام التوراة والإنجيل بالتلخيص كما زعم الجاهل، بل هى في نفس أحكام وتشريعات الملك الجبار عز وجل، لا سيما التشريعات المذكورة في نفس السياق، وعلى الخصوص: التشريع الخاص بإباحة نكاح الفتيات المؤمنات المملوكات للعاجزين عن نكاح الحرائر، قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ... (25) ... يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) [النساء/25-28].

والآية تناقض مقصوده من وجه آخر، فإنه لمز العرب بأنهم دون غيرهم لا يطيقون «العلم الكثير» الموجود في التوراة والإنجيل، فكان لا بد من التخفيف عليهم بالتلخيص، يريد المتهوك دعوى آبائه القدماء الجهلاء بأن محمدًا - صلوات ربي وسلامه عليه - نبي للعرب فقط، فالآية تناقض ذلك صراحة، لأنها تعلل إرادة التخفيف في الأحكام بأن الإنسان - كل الإنسان - خلق ضعيفًا، فهذه «إنسانية» رسالة القرآن وعالميته منصوص عليها صراحة، الأمر الذي ينقض ما تهوك به القس من أساسه.

جـ - قال القس: وقد أعطيت هذه الخلاصة [القرآن] للعرب ... قصْدَ التخفيف عليهم: ... والمقصود هو هذا التخفيف: ... «الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا» (الأنفال 66). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن التخفيف المذكور هو في الأحكام ذاتها لا في تلخيصها كما زعم، ثم لعلم أن التخفيف المذكور هو بالنسبة إلى حكم قرآني سابق لا بالنسبة إلى أحكام التوراة والإنجيل. وكأن القس لم يسمع عن شيء اسمه النسخ ! .. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)} [الأنفال/65-67].

الحق الحق أقول لكم: قد قال (إسكندر شديد): «أبونا قزي مصنع للفرح المتواصل» !

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

6 - الملأ الأعلى هم مترفو مكة طبعًا !

هذه من أطرف طرائف القس في كسله !

والقصة أن القرآن أطلق على معارضي دعوات الرسل اسم «الملأ»، وهم السادات والكبراء، وهم مترفون بلا شك. والقس - لشدة جهله بالقرآن - لا يعلم أن به قصص الأولين والآخرين، فحسب ألا «ملأ» إلا ملأ قريش المعارضين لمحمد صلى الله عليه وسلم.

ثم وجد القس في (المعجم المفهرس) مصطلح «الملأ الأعلى»، فلم يحاول الرجوع للمصحف لفهم معناه، وظن بجهله أنه مصطلح لملأ قريش، ذلك الملأ الذي لا يعلم القس ملأً غيره.

فصار القس بوهميه السابقين يسقط كل آية بها «ملأ» أو «ملأ أعلى» على مترفي مكة لا غير.

فتأمل كيف قاده كسله إلى الجهل، وقاده جهله إلى الخزي. والله لا يصلح عمل المفسدين.

ولو رجع القس إلى المصحف لعلم أن «الملأ الأعلى» في القرآن - ولم ترد إلا مرتين - لا يراد بها إلا ملائكة السماء، قال تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) [الصافات/6-8]، وقل عز شأنه: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71)} [ص/67-71].

قال القس عن نبينا عليه الصلاة والسلام: كما لا يخفى هجومه العنيف على مترفى مكة وأثريائها و«الملأ الأعلى» من قبيلة قريش، ومنهم بعض أعمامه كأبى لهب «وامرأته حمالة الحطب».

وقال في موضع آخر: واستضافه النجاشى ملك الحبشة بعدما قاومه "الملأ الأعلى".

فتأمل كيف يضع القس مصطلح (الملأ الأعلى) بين قوسين لتمييزه، ليوهم قارئه السطحي المقلد أنه قد خبر القرآن وقنص مصطلحاته عارفًا بمعانيها، وجهله في ذلك كما علمت.

وقال القس في موضع آخر: جميع الذين اتبعوه واستجابوا لرسالته هم من فقراء مكة ومن طبقة «الأرذلين» «المستضعفين» (الشعراء/111)، ومن «الأذلة» (... المائدة/54 ، النمل/34) والصعاليك، فى حين أن طبقة الأثرياء «المترفين» (سبأ/34)، المسمين بـ «الملأ» (البقرة/246 ، الأعراف/90 ، هود/27) الأعلى وبـ «الأعزة» (المائدة/54 ، النمل/34 ، المنافقون/8) اضطهدوه وشنوا عليه حربًا بل اتهموه وسخروا منه واحتقروا كلامه وأعرضوا عن تعاليمه بحجة أن الذين دخلوا فى دعوته هم «أذلة» معدومون وفقراء ضعفاء. قالوا له: «أنؤمن بك واتبعك الأرذلون ؟» (الشعراء/111)، أو «وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا» (هود/27). اهـ.

أ - قال القس: جميع الذين اتبعوه واستجابوا لرسالته هم من فقراء مكة ومن طبقة «الأرذلين» «المستضعفين» (الشعراء/111). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن الآية الكريمة لا تتحدث عن مكة ولا فقرائها: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) ... قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111)} [الشعراء/105-111].

ب - قال القس: جميع الذين اتبعوه واستجابوا لرسالته هم من فقراء مكة ... ومن «الأذلة» (... المائدة/54، النمل/34). اهـ.

لو رجع إلى آية المائدة في المصحف الشريف لعلم أن «أذلة» الواردة فيها لا تعني (الفقراء) كما وهم بجهله، ولكنها تعني (الرحماء). ثم لعلم أنها لا تتحدث عن الذين اتبعوا النبي عليه الصلاة والسلام، بل هي تخاطب المسلمين جميعًا وتصف الذين يحبهم الله ويحبونه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة/54]. وفي (التفسير الميسر): «رحماء بالمؤمنين أشدَّاء على الكافرين».

ولو رجع إلى آية النمل لعلم أنها لا تصف الذين اتبعوا النبي عليه الصلاة والسلام، بل لا تتحدث عن فقراء مكة أصلاً، وإنما عن قصة ملكة سبأ مع سليمان عليه السلام التي جرت قبل أن يولد فقراء مكة بقرون عديدة: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) ... قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) [النمل/29-34].

جـ - قال القس: جميع الذين اتبعوه واستجابوا لرسالته هم من فقراء مكة ... فى حين أن طبقة الأثرياء «المترفين» (سبأ/34)، المسمين بـ «الملأ» (البقرة/246 ، الأعراف/90 ، هود/27) الأعلى وبـ «الأعزة» (المائدة/54 ، النمل/34 ، المنافقون/8) اضطهدوه. اهـ.

أما «المترفون» فآية سبأ فلا تتحدث عن مترفي مكة خاصة، بل عن معارضي الرسل عامة: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [سبأ/34].

وأما «الملأ» الأعلى الذي عزاه إلى (البقرة/246 ، الأعراف/90 ، هود/27) ..

فآية البقرة لا تسمي معارضي النبي عليه الصلاة والسلام بالملأ، ولا تتحدث عن عصره أصلاً: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة/246].

وكذلك آية الأعراف: {وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} [الأعراف/90].

وكذلك آية هود: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) ... فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا} [هود/25-27].

وواضح أن الآيات الثلاث لا تذكر (الأعلى) كوصف للملأ أبدًا، وإلحاق القس للوصف من هوساته لا أكثر.

وأما «الأعزة» الذي عزاه إلى (المائدة/54 ، النمل/34 ، المنافقون/8) ..

فآية المائدة - ومرت بك - لا تصف مضطهدي دعوة النبي عليه الصلاة والسلام بالأعزة على سبيل الذم، بل تصف بذلك قوم يحبهم الله ويحبونه على سبيل المدح،

والأعزة هنا لا تعني المترفين كما وهم القس بجهله، ولكنها تعني الأشداء المعتزين بإيمانهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة/54].

وكذلك آية النمل - ومرت بك أيضًا - لا تصف مضطهدي دعوة النبي عليه الصلاة والسلام بالأعزة، لأنها لا تتحدث عن عصره أصلاً، بل عن قصة ملكة سبأ مع سليمان عليه السلام: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) ... قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) [النمل/29-34].

وكذلك آية المنافقون لا تصف مضطهدي دعوة النبي عليه الصلاة والسلام بالأعزة، بل لا تتحدث عن الفترة المكية أصلاً، وإنما الوصف وارد على لسان المنافقين يمدحون أنفسهم به، ولا علاقة له بمعنى الترف هنا: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) ... يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)} [المنافقون/1-8].

كل هذه جهالات فاحشة من القس أوقعه فيها كسله وسفالة همته عن مراجعة المصحف الشريف.

د - قال القس: فى حين أن طبقة الأثرياء «المترفين» ... المسمين بـ «الملأ» ... الأعلى وبـ «الأعزة» ... اضطهدوه ... قالوا له: «أنؤمن بك واتبعك الأرذلون ؟» (الشعراء/111)، أو «وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا» (هود/27). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن آية الشعراء - ومرت بك - لا تذكر قول أهل مكة، بل لا تتحدث عن عصر النبوة أصلاً: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) ... قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111)} [الشعراء/105-111].

وكذلك آية هود - ومرت بك - لا تذكر قول أهل مكة لنبينا عليه الصلاة والسلام، ولا تتحدث عن ذلك العصر أصلاً: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) ... فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود/25-27].

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

ومن طريف هذا المقام، أن بعضهم تعقب القس في كتابه، فرد عليه القس في كتاب آخر (المسيحية في ميزان المسلمين)، وكان من كلام القس له موبخًا ومقرعًا: "لكأن صاحبنا نسي أن النبي لم يقم في بدء رسالته إلا بثورة عارمة على الملأ الأعلى ...". فتفهم من ذلك أن القس ما زال مصرًا على أن الملأ الأعلى هم مترفو قريش لا غيرهم.

فكم بالحري يحق لـ (إسكندر شديد) أن يقول: «أبونا قزي مصنع للفرح المتواصل» !

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

7 - كل أمة لها نسختها المتميزة من البايبل

قال القس: ومن المعروف أنه كان فى زمن القس والنبى كتب عديدة، وكان لكل شيعة من شيع بنى إسرائيل كتاب، ولكل قرية أو أمة كتاب، وكل يدعو إلى كتابه. ويشهد القرآن العربى على تعدد الكتب وتوزعها بين أيدى أصحابها بقوله: "وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب" (الحجر 4)، و"كل أمة تدعى إلى كتابها" (الجاثية 28) ... وشهد كل من القس والنبى على كتابهما بأنه يجمع ما فى الكتب السابقة، بل يستنسخانها: "وهذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون" (الجاثية 29). اهـ.

أ - قال القس: كان فى زمن القس والنبى كتب عديدة، وكان لكل شيعة من شيع بنى إسرائيل كتاب ... ويشهد القرآن العربى على تعدد الكتب وتوزعها بين أيدى أصحابها بقوله: "وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب" (الحجر 4). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم من باقي السياق أن الكتاب المقصود ليس كتابًا مسطورًا في الأوراق كما توهم، وإنما هو الأجل المعلوم المقدر سلفًا، قال تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)} [الحجر/4، 5]. وفي (التفسير الميسر): «لا نُهْلك قرية إلا ولإهلاكها أجل مقدَّر».

على أن العبارة التي استشهد بها كافية في نقض ما توهمه، فالعبارة تتحدث عن إهلاك قرى في الماضي، فكيف يسبق إلى وهم عاقل أنها تتحدث عن شيع بني إسرائيل المعاصرين للنبي عليه الصلاة والسلام ؟! .. وهذا النوع من الجهل أو الاستعباط عادة ملازمة للقس لا ينفك عنها.

ب - قال القس: كان فى زمن القس والنبى كتب عديدة، وكان لكل شيعة من شيع بنى إسرائيل كتاب، ... وكل يدعو إلى كتابه. ويشهد القرآن العربى على تعدد الكتب وتوزعها بين أيدى أصحابها بقوله: ... و"كل أمة تدعى إلى كتابها" (الجاثية 28). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن الآية الكريمة لا تخبر عن حال شيع بني إسرائيل المعاصرين للنبي عليه الصلاة والسلام، بل عن يوم القيامة، وأنها لا تخبر عن نسخ مختلفة من البايبل بأيدي هذه الشيع، بل عن صحيفة أعمالها التي كتبتها الحفظة من الملائكة، قال تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)} [الجاثية/27، 28]. وفي (التفسير الميسر): «كل أمة تُدْعى إلى كتاب أعمالها».

على أن القس لما قرأ قوله تعالى {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} فهم الآتي: «وكل يدعو إلى كتابه»، فإن (كل أمة) في الآية مفعولة، لكن القس جعلها هي الفاعلة الداعية، فهذا النوع المتردد بين الجهل والاستعباط عادة ملازمة للقس كما أسلفنا.

جـ - قال القس: وشهد كل من القس والنبى على كتابهما بأنه يجمع ما فى الكتب السابقة، بل يستنسخانها: "وهذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون" (الجاثية 29). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن العبارة ليست لقس ولا نبي، ولا هي في الحياة الدنيا أصلاً، قال تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)} [الجاثية/28، 29].

ولما قرأ القس قوله تعالى {نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} الذي يفيد صراحة استنساخ العمل فهم منها استنساخ الكتب السابقة، على عادة القس في التردد بين الجهل والاستعباط.

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

8 - اليهود يبرئون مريم .. هذا يعلمه الجميع !

قال القس: وتستفيض كتب النصارى فى الكلام على اضطراب يوسف عندما رأى مريم حاملاً بابنها، وعبثًا يحاول أن يبرئ نفسه ... وأوجزها القرآن بلومة عارفٍ ببراءة مريم فى قوله: « يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيًا » (مريم 28). اهـ.

ليست عبارة {يا أخت هارون} من تعليق القرآن المباشر، فلا القائل هو رب العالمين، ولا حتى محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما العبارة حكاها القرآن على لسان شرار الخلق يهود، ولم يقولوها «بلومة عارف ببراءة مريم» بل قالوها استهزاءً من المبرأة وتوبيخًا لها وتقريعًا، واتهامًا لها بالفاحشة. ولكن أنّى للقس أن يعلم شيئًا من ذلك وقد كسل عن مطالعة المصحف ! .. قال تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)} [مريم/27-29].

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

9 - النبي يقرأ القرآن المكتوب بنفسه .. لا جدال في هذا !

قال القس: والآيات التى تدل على معرفة محمد بالقراءة كثيرة، نذكر منها: ... «اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا» (الإسراء 14). اهـ. وقال القس الهمام في موضع آخر عن القرآن العظيم: أُعطى فى اللغة العربية ليتمكن محمد من قراءته وحده دون الاتكال على سواه: «اقرأ كتابك. كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا» (الإسراء 14). اهـ.

لو رجع الكسول إلى المصحف لعلم أن المأمور بالقراءة في الآية الكريمة ليس نبينا عليه الصلاة والسلام، وأن الكتاب المذكور ليس هو القرآن، فلا داعي لكل القصص والأفلام التي يعيش فيها ويغر بها نفسه. قال تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)} [الإسراء/13، 14].

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

10 - فرعون أو محمد .. لا يهم !

قال القس: فالوحى المحمدى إذن هو وحى لاحق لوحى سابق ... وإلهه هو إله بنى إسرائيل. قال: «لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل» (يونس 90). اهـ.

لو رجع الأفندي إلى المصحف لعلم أن القائل ليس خير البشر صلوات ربي وسلامه عليه، وإنما هو شر البشر فرعون ! .. قال تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)} [يونس/90، 91].

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

11 - من القائل ؟ .. هذا لا يعنينا !

قال القس: ولطالما صلى محمد إلى الله ليكون صادقًا أمينًا: ... «واجعل لى لسان صدق فى الآخرين» (الشعراء 84). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن العبارة ليست على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن القائل هو إبراهيم عليه السلام: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) ... قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84)} [الشعراء/69-84].

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

12 - القرآن يأمر بالغم عند ولادة الأنثى !

قال القس: وفيما يخص وضع المرأة وأحكام الزواج والطلاق، فالأمر شديد المشابهة فيما بين النصرانية والقرآن العربى، كما فى اليهودية سابقًا. جاء فى التلمود اليهودى أن "ولادة الأنثى سبب غم للأب"، وفى القرآن "وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به". اهـ.

تنبيه: طالت هنا العبارة القرآنية التي استشهد بها القس، حتى ظننتُ أنه لم يأخذها عن (المعجم المفهرس) وإنما عن مصنف آخر، لأن (المعجم المفهرس) يقتصر في الاستشهاد ولا يطيل، ثم وجدت فيه تحت مادة (ب ش ر) نفس العبارة التي استشهد بها القس على طولها، والسر أنها حوت لفظة (بُشِّر) مرتين، فجاءت متتالية كأنها عبارة واحدة، فعلمت أن القس هكذا وجد فنقل، وأنه لم يخالف عادته.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن الحال المذكورة ليست تشريعًا يشرعه القرآن أو يستحسنه، بل هي نقيض ذلك، هي حال جاهلية للكافرين يذمها القرآن، قال تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)} [النحل/57-61].

قد قالها من قبل (إسكندر شديد): «أبونا قزي مصنع للفرح المتواصل» !

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

وبعد ..

رأينا القس يسيطر عليه هاجس تحزب النصارى وتفرقهم، حتى أنه لا يعرف (أحزابًا) إلا أحزاب النصارى، كما رأينا كيف حول (أصحاب الأعراف) إلى آلهة تعرف كل غيب، وكيف حول فجأة مترفي مكة الكافرين إلى (الملأ الأعلى) السماويين، ورأينا كيف شهد القس بكثرة نسخ البايبل المختلفة حتى كان لكل أمة نسختها المتميزة عن الأخرى، ورأينا اليهود يبرئون مريم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقرأ القرآن المكتوب بنفسه، والقرآن يحث على الغم عند ولادة الأنثى ... الخ !

وضمن هذه الهراءات رأينا القس ينسب العبارات التي قالها هارون وعيسى وإبراهيم عليهم السلام وحتى فرعون إلى محمد صلوات ربي وسلامه عليه، وعبارات سليمان عليه السلام أصبحت على لسان النصارى، وكلام قوم نوح عليه السلام على لسان كفار قريش ... الخ !

وهذا طرف قصير أطلعنا القارئ عليه، وفي كتاب القس ما هو أكثر وأفدح.

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

وبخلاف الغرضين الذين نبهنا إليهما في المقدمة، استفدنا أمورًا أخرى في هذه العجالة:

منها: طريقة القسيسين في فهم النصوص، فالفاعل يصير مفعولاً، والمفعول فاعلاً، والماضي مستقبلاً، والمستقبل ماضيًا، والآمر مأمورًا، والمأمور آمرًا ... الخ. وهذا مفيد لمن يتعجب من عقول أقوام عبدوا البشر العاجز، فيستطيع الآن بسهولة أن يتصور كيف فهموا قول المسيح لهم (أنا إنسان) على أنه يقول (أنا إله) !

ومنها: ثقة القسيسين الشديدة في غفلة قرائهم المقلدين، فالقس في الفقرة الواحدة يأتي بطامات كثيرة يستطيع القارئ بسهولة كشف زيفها بمجرد مراجعة المصحف، وبالرغم من ذلك لم يرتدع القس، ليقينه بأن قارئه لن يزيد نشاطًا عنه قيد أنملة !

ومنها: جواز تحريف الكتب المقدسة عند النصارى، فإن علماءهم - بعد التدليس - هم بهذا الكسل الذي رأينا، وعوامهم يبزونهم فيه، ألا ترى أنهم يتناقلون كتاب القس بلا مشاحة، ويبرزونه في وجه المسلمين ناسخين لاصقين بلا أدنى غضاضة، ولم يفكر واحدهم في التثبت ولو مرة واحدة من نص واحد استشهد به القس الكسول ؟! .. فإذا كان هذا حال القوم وعلمائهم من الغفلة والخمول، جاز بشدة دخول التحريفات عليهم وهم نائمون ! .. وهذا مجرد إثبات للجواز والإمكان لتقريب تصوير ذلك من عقل من يستشكل القول بالتحريف، وإلا فإثبات وقوع التحريف بيقين له أدلته المتوافرة - بفضل الله - في مقام آخر.

ومنها: فهم وتصور ما ثبت إجماع الموافقين والمخالفين عليه، من تشويه رجال الدين في الغرب لصورة الإسلام ونبيه في العصور السالفة، حينما كانوا يخبرون عوام النصارى عن أصنام يعبدها المسلمون داخل الكعبة فاقت الثلاثمائة أكبرها صنم محمد (صلى الله عليه وسلم) ! .. فإذا استغرب البعض رواج هذه الخزعبلات على النصارى ودخولها عليهم، فله في مقالنا هذا عبرة تزيل عجبه، فإننا في عصر أُطلق عليه (ثورة الاتصالات)، ونسخ القرآن الإلكترونية على شبكة الإنترنت لا حصر لها، والبحث في ألفاظه سهل يستطيعه الذكي والغبي، وبالرغم من كل ذلك راج على النصارى جهالات القس وخزعبلاته، فمن باب أولى أن يروج عليهم كلام آبائه القساوسة في عصور أطلق عليها (عصور الظلام) !

[align=center]><><><><><><><><><><><><[/align]

وأنبه على أني لم أرصد إلا طرفًا قصيرًا من كسل القس، وأما كذبه وتدليسه فقد أعرضت عنه، فله مقامه الآخر، ومثاله السريع قول القس: والصلاة بحسب أوقاتها المحددة هى نفسها فى النصرانية والإسلام: ثلاث مرات فى اليوم ... وحدد القرآن بقوله: «يا أيها الذين آمنوا ... ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء ...» (النور 58). اهـ.

والحذف في الآية الكريمة من القس، لأن النص الكامل للآية يكشف تدليسه، إذ يبين أن الآية ليست في تحديد مواقيت الصلاة، بل في تحديد أوقات العورات التي يجب فيها أن يستأذن العبيد والإماء والأطفال غير البالغين إذا أرادوا الدخول، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)} [النور/58].

وكذلك لم أتعرض لجهالات القس المضحكة وما أكثرها، يكفي أن يعلم القارئ أن القس المحترم يقرر أن جبريل نزل بالوحي ستين سنة ونيفًا على النبي عليه الصلاة والسلام ! .. وأن هاروت وماروت ملاكان يحضران عن يمين الميت وشماله بعد قبض روحه ! .. وأن نبينا عليه الصلاة والسلام وعد الفقراء "بالقضاء التام على أصحاب الثروة والمال «كى لا يكون دولة بين الأغنياء» (الحشر 7)" ! .. إلى آخر جهالاته التي تضحك الحزين !

ولم أتعرض لغباواته الشديدة في فهم النصوص، وقد مر بك أمثلة لها في كلامي.

وكذلك لم أتعرض لمواطن (الاستعباط) في استدلالاته، وهي كثيرة بثيرة، ومنها تقريره بأنه لا ضحك في الجنة حسب القرآن لأن «كل صغير وكبير مستطر» ! .. كما يرى أن الأفضل للمسلمين عدم القول بنزول جبريل بوحي الله، لأن أكثر البشر تنكر الملائكة ! .. ويقرر أن العرب كانوا مؤمنين فعلاً قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام، وأن القرآن لم يأمرهم بالإيمان، لكن كل ما ينقصهم مجرد الانضواء تحت لواء الإسلام .. هذا كل ما هنالك ! .. إلى هنا والأمر لا يتعدى الجهل أو الغباء، أما الذي يجعلك تصنفه تحت نوع الاستعباط باستحقاق، فهو أن القس يستدل على هذه الهراءات بقوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات/14] !!

فلم أتعرض لشيء من كذبات القس ولا تدليساته ولا جهالاته ولا غباواته ولا مواطن (الاستعباط) ولا ما شاكل ذلك، وإنما عرضت فقط لشيء من كسله وسفالة همته، إلا ما اضطررت إليه أثناء ذلك عرضًا لا قصدًا.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
 
أخي محب جزاك الله خيراً على ما تكرمت به وجعلك الله من المحبوبين في الدنيا والآخرة

هذاالبحث قيّم وقد بذل فيه صاحبه من الجهد الشيء الكثير أسأل الله عز وجل أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم

أرجو توضيح من هو صاحب البحث ...

بالاسم الحقيقي الكامل والتخصص والبلد و الجامعة

وفقكم الله وحماكم
 
[align=center]الأخ محب جزاك الله خيراً على هذا الجهد المبارك

ولكن من هذا (إسكندر شديد) الذي قال : «أبونا قزي مصنع للفرح المتواصل» ؟

بارك الله فيك.
[/align]
 
جهد مبارك وبحث ممتع جعله الله مقبولاً ونفع به آمين.
ولكن لكي تعليق أرجو أن أكون صائباً فيه، وإني - وإن كنت أوافق من حيث المبدأ على فكرة الكسل عند القوم - لكن أر أن هؤلاء يجتهدون في اختلاق الافتراءات والتأويلات الفاسدة على طريقة (الحشاشة) - مع المعذرة في استخدام هذه الكلمة ولكني وجدتها أنسب مفهوم لهؤلاء - وعلى سبيل المثال في إحدى القنوات التنصيرية التي خصصت وقتاً كبير من برامجها للكلام على الإسلام ظهرت حلقات متتابعة وما تزال عن تأملات في القرآن، المتابع لهذه الحلقات أو لحلقة واحدة منها يجد أنها تركز على مبدأ التثليث أو الإشراك، وكأنهم يقولون: إن كنتم تعيبون علينا التثليث والإشراك فأنتم أيضاً تشركون والدليل من القرآن هذا باختصار، ومثال ذلك: كان التركيز في إحدى الحلقات على أن الله لا يستطيع - حاشا الله ولكن هكذا قالوا - لا يستطيع أن يقبل أي عمل إلا إذا وافق محمد صلى الله عليه وسلم عليه أو كان صاحبه يتعبد فيه محمداً صلى الله عليه وسلم، واستدلوا لذلك بآيات منها: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله..) الآية، والمنهج المتبع في هذه الحلقات وأمثالها في القناة التنصيرية هذه هو نفس الأسلوب المتبع في كلامك أخي الحبيب (المحب)، بل وزادت هذه القناة تمثيلية مضحكة بأن يجعلوا في الحلقة رجلاً بزي عربي خليجي (كما تعرضه أفلام هوليود بكوفية وعباءة ولحية فيها شيب غير مشذبة) على أساس أن هذا مسلم يوافقهم في الكلام، والعجيب أن هذا الممثل لا يقدر على الكلام بالعربية إلا بلكنة واضحة تذكرني بلكنة الناطق باسم وزارة خارجية بريطانيا، ولا يستطيع أن يقرأ آية من القرآن كما أخطأ في قراءة إنا أعطيناك الكوثر مع قصرها.
وهذا يجعلنا نستشف بوجود اتجاه مجند إعلامياً عند هؤلاء القوم وجهد جديد لإعادة عهدهم في بداية القرن العشرين في إعاقة الصحوة الإسلامية والتشويش والتشكيك لأن المتابع لمقالاتهم وافتراءاتهم يجدها تمشي كلها بنسق واحد وبإسلوب واحد وبإيراد للأدلة والحجج على طريقة واحدة، فهم كما قلت أكسل من أن يقرأوا في كتب التفسير والعلوم الإسلامية، نعم ولكنهم مجتهدون في الافتراء وبتر النصوص والتدجيل والتمثيل.
 
د/ الطعان .. طالع تكرمًا الرسائل الخاصة .. نفعنا الله بكم .


الأخ الكريم ( محمد كالو ) .. أكرمك الله ورعاك .

( إسكندر شديد ) - والله أعلم - هو ( إسكندر جديد ) .. وهو أحد العاملين المشهورين في مجال التبشير وانتقاد الإسلام .. وعبارته اقتبستها من مقال له ، كان يعرض فيه آخر كتاب لهذا ( الأب قزي ) ، أصدره هذا الأب باسمه الحقيقي ، وهو عن الإسلام .
 
بارك الله فيك يا أخي ( محب ) ، وأسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى ، وكم هو حسن أن ينبري فرقة من المسلمين لأمثال هذا الطاعن المسكين ، وشدما أعجبني وقوفكم على التقاطه أجزاء الآيات من كتاب محمد فوؤاد عبد الباقي ـ نور الله ضريحه ، وأسكنه جنانه الفسيحة ـ فلكم مني خالص الدعاء .
 
عودة
أعلى